سمير
03-14-2009, 02:57 PM
قالت عائشة: سحر الرسول لبيد بن الأعصم حتي كان الرسول يخيل له أنه يفعل الشيء وما فعله
جريدة الدستور المصرية
انتشر بين المسلمين مفهوم أن النبي صلي الله عليه وسلم قد وقع ضحية للسحر، وذلك نتيجة لما ورد في صحيح البخاري ومسلم وغيرهما من كتب السيرة والتاريخ، ومؤداه أن اليهود في المدينة قد سحروا النبي بفعل لبيد بن الأعصم، حتي كان يحسب أنه يفعل الشيء وهو لا يفعله.. وقد أثار هذا الحديث جدلاً كبيراً بين العلماء سواء المتقدمين منهم أو المحدثين والمعاصرين وهذا هو نص الحديث كما جاء في البخاري ومسلم..
«فقد روي البخاري في صحيحه»10/192.ومسلم في «صحيحه» : 4/1719 عن عائشة رضي الله عنها قالت :سَـحَـرَ رسول الله صلي الله عليه وسلم يهودي من يهود بني زريق يقال له لبيد بن الأعصم.. قالت: حتي كان رسول الله صلي الله عليه وسلم يخيل إليه أنه يفعل الشيء وما يفعله.. حتي إذا كان ذات يوم -أو ذات ليلة - دعا رسول الله صلي الله عليه وسلم .. ثم دعا.. ثم دعا.. ثم قال يا عائشة.. أشعرت أن الله أفتاني فيما استفتيته فيه: جاءني رجلان.. فقعد أحدهما عند رأسي.. والآخر عند رجلي.. فقال الذي عند رأسي للذي عند رِجْـلـَيَّ.. أو الذي عند رِجْـلَـيَّ للذي عند رأسي :ما وجعُ الرجلِ؟ .. قال مطبوبُ.. قال:حور.. قال: مَـنْ طـبَّـهُ؟ قال: لبيد بن الأعصم. قال: في أي شيء؟ قال: في مُـشْـطِ ومُـشَـاطةٍ . وجُفَّ طلعة ذكر.. قال: فأين هُـو؟.. قال: في بئر ذي أروان.. قَـالَـتْ فَأَتَـاها رسول الله صلي الله عليه وسلم في أُنَاس من أصحابه .. ثم قال يا عائشة.. والله لكأن ماءها نُـقَـاعَةُ الحناء.. قالت:نخلها رءوس الشياطين.. قالت :فقلت يا رسول الله أفلا أحرقته؟
قال: لا.. أما أنا فقد عافاني الله، وكرهت أن أثير علي الناس شراً، فأمرتُ بها فدفنت» إلي هنا ينتهي الحديث الوارد في البخاري ومسلم، ولكن الجدل من حوله لم ولن ينتهي..
فهذا الحديث هو أحد أشهر الأحاديث التي كانت منذ القدم محل جدلٍ عند البعض لما أثير حوله من الشبهات والاعتراضات.. وهذه نقطة يجب التأكيد عليها، فما سنناقشه الآن حول هذا الحديث ليس جديداً في الواقع وإنما هي أمور وإشكاليات قديمة.. فقد ذكر الإمام ابن قتيبة في « تأويل مختلف الحديث» هذا الحديث ضمن مجموعة طعن فيها النظام وأقرانه من أئمة المعتزلة، كما أن الجصاص قد زعم أنه من وضع الملحدين، وأكد أبو بكر الأصم أنه متروك ومخالف لنص القرآن.
الأولي: نخوض في كثير من التفاصيل والتعقيدات، فإننا نفضل أن نلخص الشبه المثارة حول «حديث السحر هذا» في ثلاث:
الأولي: أن الحديث وإن رواه البخاري ومسلم فهو حديث آحاد لا يؤخذ به في العقائد، وعصمة النبي صلي الله عليه وسلم من تأثير السحر في عقله عقيدة من العقائد، فلا يؤخذ في إثبات ما يخالفها إلا باليقين كالحديث المتواتر ولا يكتفي في ذلك بالظن..
الثانية : أن الحديث يخالف القرآن الكريم الذي هو متواتر ويقيني في نفي السحر عن النبي صلي الله عليه وسلم.. فالقرآن نعي علي المشركين ووبخهم علي نسبهم إثبات السحر إلي النبي صلي الله عليه وسلم : «وقال الظالمون إن تتبعون إلا رجلاً مسحوراً انظر كيف ضربوا لك الأمثال فضلوا فلا يستطيعون سبيلا».
الثالثة: أنه لو جاز علي النبي صلي الله عليه وسلم أنه يتخيل أنه يفعل الشيء وما فعله لجاز عليه أنه بلغ شيئاً وهو لم يبلغه، أو أن شيئاً ينزل عليه ولم ينزل عليه.. وهو أمر مستحيل في حقه صلي الله عليه وسلم لأنه يتنافي مع عصمته في الرسالة والبلاغ..
وفي الرد علي هذه النقاط الثلاث، كانت هناك استماتة من كثير من علماء السلف وكان في مقدمتهم الإمام ابن القيم في محاولة رد كل ذلك وتفنيده، وكانت حجتهم في ذلك أن أحاديث الآحاد هي مما يؤخذ به في الأصول والعقائد كما هو متبع عند الشافعي وغيره من الأئمة الأعلام..
أما بالنسبة لعصمة النبي من وقوعه تحت طائلة السحر، فقد ذهبوا إلي أن السحر لم يؤثر فيه إلا فيما يتصل بحياته الخاصة مع نسائه وفي بيته.. دون أن يمتد ذلك إلي نفسه وعقله فيؤثر في مهمته كرسول ومبلغ..
ويمكن أن نجمل آراء هذا الفريق المؤيد «لحديث السحر» في تلك الفتوي التي صدرت عن الشيخ ابن باز والتي قال فيها ما نصه:
سحر الرسول صلي الله عليه وسلم ثبت في الحديث الصحيح أنه وقع في المدينة وعندما استقر الوحي واستقرت الرسالة.. وقامت دلائل النبوة وصدق الرسالة ونصر الله نبيه علي المشركين وأذلهم، تعرض له شخص من اليهود يدعي لبيد بن الأعصم، فعمل له سحراً في مشط ومشاطة وجف طلعة ذكر النخل فصار يخيل إليه أنه يفعل الشيء ولا يفعله، لكن لم يزل بحمد الله تعالي عقله وشعوره وتمييزه معه فيما يحدث به الناس، ويكلم الناس بالحق الذي أوحاه الله إليه، لكنه أحس بشيء أثر فيه بعض الأثر مع نسائه كما قالت عائشة رضي الله عنها:
إنه كان يخيل إليه أنه فعل بعض الشيء في البيت مع أهله وهو لم يفعله.. فجاءه الوحي من ربه عز وجل بواسطة جبريل عليه السلام فأخبره بما وقع فبعث من استخرج ذلك الشيء من بئر لأحد الأنصار فأتلفه وزال عنه بحمد الله تعالي ذلك الأثر وأنزل عليه سبحانه سورتي المعوذتين فقرأهما وزال عنه كل بلاء.
ويضيف ابن باز:
والله جل وعلا عصمه من الناس مما يمنع وصول الرسالة وتبليغها.. أما ما يصيب الرسل من أنواع البلاء فإنه لم يُعصم منه عليه الصلاة والسلام بل أصابه شيء من ذلك، فقد جرح يوم أحد وكسرت البيضة علي رأسه ودخلت في وجنتيه بعض حلقات المغفر وسقط في بعض الحفر التي كانت هناك وقد ضيقوا عليه في مكة تضييقاً شديداً، فقد أصابه شيء مما أصاب من قبله من الرسل، ومما كتبه الله عليه ورفع الله به درجاته وأعلي به مقامه وضاعف به حسناته، ولكن الله عصمه منهم فلم يستطيعوا قتله ولا منعه من تبليغ الرسالة، ولم يحولوا بينه وبين ما يجب عليه من البلاغ فقد بلغ الرسالة وأدي الأمانة.
إلي هنا تنتهي كلمات الشيخ ابن باز.. وكما هو واضح فيها فهي مؤيدة - بحسن النية - لحديث وقصة سحر الرسول صلي الله عليه وسلم وإن كانت -بنفس النية الحسنة ذاتها - متوقفة بحدود تأثير هذا السحر إلي ما يتصل بالنبي وأهل بيته فقط لا غير..
http://dostor.org/ar/index.php?option=com_content&task=view&id=17092&Itemid=72
جريدة الدستور المصرية
انتشر بين المسلمين مفهوم أن النبي صلي الله عليه وسلم قد وقع ضحية للسحر، وذلك نتيجة لما ورد في صحيح البخاري ومسلم وغيرهما من كتب السيرة والتاريخ، ومؤداه أن اليهود في المدينة قد سحروا النبي بفعل لبيد بن الأعصم، حتي كان يحسب أنه يفعل الشيء وهو لا يفعله.. وقد أثار هذا الحديث جدلاً كبيراً بين العلماء سواء المتقدمين منهم أو المحدثين والمعاصرين وهذا هو نص الحديث كما جاء في البخاري ومسلم..
«فقد روي البخاري في صحيحه»10/192.ومسلم في «صحيحه» : 4/1719 عن عائشة رضي الله عنها قالت :سَـحَـرَ رسول الله صلي الله عليه وسلم يهودي من يهود بني زريق يقال له لبيد بن الأعصم.. قالت: حتي كان رسول الله صلي الله عليه وسلم يخيل إليه أنه يفعل الشيء وما يفعله.. حتي إذا كان ذات يوم -أو ذات ليلة - دعا رسول الله صلي الله عليه وسلم .. ثم دعا.. ثم دعا.. ثم قال يا عائشة.. أشعرت أن الله أفتاني فيما استفتيته فيه: جاءني رجلان.. فقعد أحدهما عند رأسي.. والآخر عند رجلي.. فقال الذي عند رأسي للذي عند رِجْـلـَيَّ.. أو الذي عند رِجْـلَـيَّ للذي عند رأسي :ما وجعُ الرجلِ؟ .. قال مطبوبُ.. قال:حور.. قال: مَـنْ طـبَّـهُ؟ قال: لبيد بن الأعصم. قال: في أي شيء؟ قال: في مُـشْـطِ ومُـشَـاطةٍ . وجُفَّ طلعة ذكر.. قال: فأين هُـو؟.. قال: في بئر ذي أروان.. قَـالَـتْ فَأَتَـاها رسول الله صلي الله عليه وسلم في أُنَاس من أصحابه .. ثم قال يا عائشة.. والله لكأن ماءها نُـقَـاعَةُ الحناء.. قالت:نخلها رءوس الشياطين.. قالت :فقلت يا رسول الله أفلا أحرقته؟
قال: لا.. أما أنا فقد عافاني الله، وكرهت أن أثير علي الناس شراً، فأمرتُ بها فدفنت» إلي هنا ينتهي الحديث الوارد في البخاري ومسلم، ولكن الجدل من حوله لم ولن ينتهي..
فهذا الحديث هو أحد أشهر الأحاديث التي كانت منذ القدم محل جدلٍ عند البعض لما أثير حوله من الشبهات والاعتراضات.. وهذه نقطة يجب التأكيد عليها، فما سنناقشه الآن حول هذا الحديث ليس جديداً في الواقع وإنما هي أمور وإشكاليات قديمة.. فقد ذكر الإمام ابن قتيبة في « تأويل مختلف الحديث» هذا الحديث ضمن مجموعة طعن فيها النظام وأقرانه من أئمة المعتزلة، كما أن الجصاص قد زعم أنه من وضع الملحدين، وأكد أبو بكر الأصم أنه متروك ومخالف لنص القرآن.
الأولي: نخوض في كثير من التفاصيل والتعقيدات، فإننا نفضل أن نلخص الشبه المثارة حول «حديث السحر هذا» في ثلاث:
الأولي: أن الحديث وإن رواه البخاري ومسلم فهو حديث آحاد لا يؤخذ به في العقائد، وعصمة النبي صلي الله عليه وسلم من تأثير السحر في عقله عقيدة من العقائد، فلا يؤخذ في إثبات ما يخالفها إلا باليقين كالحديث المتواتر ولا يكتفي في ذلك بالظن..
الثانية : أن الحديث يخالف القرآن الكريم الذي هو متواتر ويقيني في نفي السحر عن النبي صلي الله عليه وسلم.. فالقرآن نعي علي المشركين ووبخهم علي نسبهم إثبات السحر إلي النبي صلي الله عليه وسلم : «وقال الظالمون إن تتبعون إلا رجلاً مسحوراً انظر كيف ضربوا لك الأمثال فضلوا فلا يستطيعون سبيلا».
الثالثة: أنه لو جاز علي النبي صلي الله عليه وسلم أنه يتخيل أنه يفعل الشيء وما فعله لجاز عليه أنه بلغ شيئاً وهو لم يبلغه، أو أن شيئاً ينزل عليه ولم ينزل عليه.. وهو أمر مستحيل في حقه صلي الله عليه وسلم لأنه يتنافي مع عصمته في الرسالة والبلاغ..
وفي الرد علي هذه النقاط الثلاث، كانت هناك استماتة من كثير من علماء السلف وكان في مقدمتهم الإمام ابن القيم في محاولة رد كل ذلك وتفنيده، وكانت حجتهم في ذلك أن أحاديث الآحاد هي مما يؤخذ به في الأصول والعقائد كما هو متبع عند الشافعي وغيره من الأئمة الأعلام..
أما بالنسبة لعصمة النبي من وقوعه تحت طائلة السحر، فقد ذهبوا إلي أن السحر لم يؤثر فيه إلا فيما يتصل بحياته الخاصة مع نسائه وفي بيته.. دون أن يمتد ذلك إلي نفسه وعقله فيؤثر في مهمته كرسول ومبلغ..
ويمكن أن نجمل آراء هذا الفريق المؤيد «لحديث السحر» في تلك الفتوي التي صدرت عن الشيخ ابن باز والتي قال فيها ما نصه:
سحر الرسول صلي الله عليه وسلم ثبت في الحديث الصحيح أنه وقع في المدينة وعندما استقر الوحي واستقرت الرسالة.. وقامت دلائل النبوة وصدق الرسالة ونصر الله نبيه علي المشركين وأذلهم، تعرض له شخص من اليهود يدعي لبيد بن الأعصم، فعمل له سحراً في مشط ومشاطة وجف طلعة ذكر النخل فصار يخيل إليه أنه يفعل الشيء ولا يفعله، لكن لم يزل بحمد الله تعالي عقله وشعوره وتمييزه معه فيما يحدث به الناس، ويكلم الناس بالحق الذي أوحاه الله إليه، لكنه أحس بشيء أثر فيه بعض الأثر مع نسائه كما قالت عائشة رضي الله عنها:
إنه كان يخيل إليه أنه فعل بعض الشيء في البيت مع أهله وهو لم يفعله.. فجاءه الوحي من ربه عز وجل بواسطة جبريل عليه السلام فأخبره بما وقع فبعث من استخرج ذلك الشيء من بئر لأحد الأنصار فأتلفه وزال عنه بحمد الله تعالي ذلك الأثر وأنزل عليه سبحانه سورتي المعوذتين فقرأهما وزال عنه كل بلاء.
ويضيف ابن باز:
والله جل وعلا عصمه من الناس مما يمنع وصول الرسالة وتبليغها.. أما ما يصيب الرسل من أنواع البلاء فإنه لم يُعصم منه عليه الصلاة والسلام بل أصابه شيء من ذلك، فقد جرح يوم أحد وكسرت البيضة علي رأسه ودخلت في وجنتيه بعض حلقات المغفر وسقط في بعض الحفر التي كانت هناك وقد ضيقوا عليه في مكة تضييقاً شديداً، فقد أصابه شيء مما أصاب من قبله من الرسل، ومما كتبه الله عليه ورفع الله به درجاته وأعلي به مقامه وضاعف به حسناته، ولكن الله عصمه منهم فلم يستطيعوا قتله ولا منعه من تبليغ الرسالة، ولم يحولوا بينه وبين ما يجب عليه من البلاغ فقد بلغ الرسالة وأدي الأمانة.
إلي هنا تنتهي كلمات الشيخ ابن باز.. وكما هو واضح فيها فهي مؤيدة - بحسن النية - لحديث وقصة سحر الرسول صلي الله عليه وسلم وإن كانت -بنفس النية الحسنة ذاتها - متوقفة بحدود تأثير هذا السحر إلي ما يتصل بالنبي وأهل بيته فقط لا غير..
http://dostor.org/ar/index.php?option=com_content&task=view&id=17092&Itemid=72