المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : فضل الله : تصوير الأنبياء والأولياء الصالحين شرعي إذا توفرت الشروط



JABER
03-06-2009, 10:19 PM
نفى ما نقل عنه من أنها «مكروهة»


بيروت- «الدار»:


أكد آية الله السيد محمد حسين فضل الله أنه لا يعارض تصوير وتجسيد الانبياء والائمة والاولياء الصالحين في السينما والمسرح، لكنه اشترط في حديث لـ«الدار» أن يكون العمل مجسدا لكل العناصر الروحية والانسانية والحركية والجهادية التي يتمثل فيها هذا الشخص، بحيث لا يكون ابرازه في العمل الروائي أو في الصورة منافيا لطبيعة القداسة التي يمثلها. نافيا ما نقل عنه من «كراهة» في ذلك، ومؤكدا أنه في حال توفرت الشروط الموضوعية فإنه يجوز دفع الاموال الشرعية لذلك ،

و فيما يلي نص اللقاء:

• ما هي حدود تصوير وتجسيد الانبياء والاولياء الصالحين بحسب فتواكم الشرعية؟
- هناك مسألة مهمة في هذا العمل الذي يحاول تشخيص شخصية الانبياء والاولياء والائمة الذين يملكون قداسة روحية وامتدادا رساليا عند المؤمنين بهم بشكل عام، وهو أن طريقة العمل الفني سواء كان مسرحيا أو سينمائيا أو ما أشبه ذلك، لا يراعي العناصر الروحية والقدسية التي تقدم الشخصية المقدسة للناس بالمستوى الذي يعيشه الناس في نظرتهم اليها. ولذلك فقد تكون الحركة الفنية في ضروراتها التصويرية أو الحوارية تمثل نوعا من الاساءة الى هذه الشخصيات لأنها تسقط الهالة القدسية التي تعيشها الناس في نظرتهم اليها، خصوصا أن هناك مسألة مهمة في هذا المجال وهي ان القضايا التي تنطلق من خلال التاريخ قد تختلف الروايات التاريخية في نظرتها اليها في الروايات التي تنقل عنها، بحيث يمكن أن نجد رواية مشوهة تختلف عن الروايات الاخرى. مثلا نجد بعض الروايات التي تتحدث عن جلسة حوارية بين الامام الحسين وعمر بن سعد، وأن الامام الحسين قال له في بعض الطروحات التي طرحها «أذهب الى يزيد فأضع يدي في يده»، لكن في رواية أخرى موثوقة تقول أن الحسين لم يطرح هذه المسألة، لأنه ثار على يزيد لأنه لا يمتلك الشرعية، ومن جهة انقاذ الواقع الاسلامي من حكمه ومن طريقته في ادارة شؤون الدولة الاسلامية. وهناك أيضا بعض الجوانب التي تختلط فيها الحقيقة مع الاسطورة لا سيما في القضايا التي تتصل في حركة الدعوة الاسلامية التي انطلق بها الرسول صلى الله عليه وآله وسلم، وفي الاحداث التي اعقبت وفاة النبي في زمن الخلفاء . فالتاريخ يختلف في تقويمه لهذه المرحلة، سواء مرحلة النبي صلى الله عليه وآله وسلم، او في مرحلة الخلافة، لذلك فاننا نعتقد أن ادخال هذا الواقع التاريخي المرتبك المضطرب، والجانب القدسي الذي ينفتح على هذه الشخصيات لا ينسجم مع اخضاعه لمسرحة من هنا أو هناك. ولهذا في الوقت الذي نقول فيه بضرورة ادخال بعض القضايا كقضية كربلاء في الخطوط الفنية كالمسرح وغيره، لكن هذا يحتاج الى اشخاص مبدعين من الدرجة الاولى، والذين يمتلكون القدرة الفنية بحيث يستطيعون أن يجسدوا هذه الشخصية بغض النظر عما اذا كان العمل الفني يفرض تقديم الصورة أو لا يفرض ذلك. وربما كان تقديم الصورة بما نملكه من قدرات فنية في العالم العربي لا يتلاءم مع كل الهالة التي تمثل القداسة. بينما نجد في الغرب أن الفنانين والرسامين المبدعين عندما يصورون السيد المسيح عليه السلام يجعلونا نشعر بأننا نتمثل كل المعاني الروحية والوداعة والصفاء، وهذا الانفتاح الانساني في صورته، بينما نجد ان الذين يستهلكون الصور للنبي والامام علي والحسن الحسين والسيدة الزهراء عليهم السلام تشكل شكلا يسيء الى هؤلاء لأن الصورة قد تعطي تصورا مشوها لهذه الشخصية أو تلك .لذلك فان تحفظنا قد ينطلق من هذه الأمور،وعندما يصار إلى ترتيبها فإننا نقول انه لا مشكلة في التصوير والتجسيد عندها.
• نقل عنكم في الاونة الأخيرة أنكم ذكرتم أنها مكروهة؟
- لا أظن أني تحدثت بهذه الطريقة.
• اذا برأيكم التصوير ممكن ، لكن مع ضوابط مشددة تصل الى حد التحفظ!
- نعم، نحن نعتقد أن التصوير سواء كان تصويرا حيا كما يمثل في عاشوراء في (مدينة) النبطية (في جنوب لبنان) أو غيرها بما يمكن أن يسيء في طبيعة من يمثل هذه الشخصيات في ما يحمله الناس له من انطباعات قد لا تتفق مع صورة الامام الحسين. لأنهم عندما ينظرون الى هذا الشخص الذي يمثل الامام، فأنهم يستحضرون كل خلفياته الشخصية، فتختلط خلفيات هذا الشخص في الصورة الحسينية مما يترك صورة سلبية في هذا المجال. أن المسألة ليست في المبدأ، لكنها في التطبيق.
• وهل نحن مازلنا غير قادرين على التطبيق؟
- لأني أتصور أن ما نملكه من قدرات فنية لا تستطيع أن توفر تقديم هذه المسألة بالطريقة التي تحفظ فيها كل عناصرها الانسانية والروحية والدينية والحركية في هذا المجال، لأن هذه المسألة تحتاج الى ثقافة لدى الفنان الذي يقدم هذا العمل وأن يعيش في عناصر ثقافته وشخصيته من الداخل والخارج والاجواء التي تحيط بهذه الشخصية.
• هل هناك مشكلة مع الشخص الذي سيمثل الشخصية؟
- كلا، أنا عندي مشكلة في أصل الشخص المنتج والشخص الممثل. أنا اقول إن الذين يتكلمون بشكل سلبي ضد الذين يمثلون شخصيات الانبياء والصحابة الكبار لا ينطلقون من نص شرعي صريح. بل إنهم يستفيدون في أن هذا النوع من اظهار الصورة وتحريكها في عالم المسرح وفي العمل الروائي قد يسيء الى عناصر هذه الشخصية، باعتبار أن الذي ينتج الصورة لا يملك كل العناصر التي تختزنها الشخصية المقدسة أو الاجواء المتنوعة التي تحيط بحركة هذه الشخصية سواء كانت شخصية نبوية أو امامية أو صحابية.
• و لكن هناك تجربة سابقة في فيلم الرسالة ؟
- أن الشخص الذي انتج هذا الفيلم كان يملك قدرة ابداعية بحيث لا تشعر أن هناك الكثير من السلبيات في ما قدمه
• لكن ألا تعتقدون أن تقديم عاشوراء للشخص الاخر، والمقصود هنا الاجانب يقتضي مسرحتها ؟
- أنا أصدرت فتوى لمن استفتاني من الغرب، ومن هولندا تحديدا، فقلت إنه يجوز ذلك لكن بشروطها. وفي مقدمة هذه الشروط أن يكون العمل مجسدا لكل العناصر الروحية والانسانية والحركية والجهادية التي يتمثل فيها هذا الشخص، بحيث لا يكون ابرازه في العمل الروائي أو في الصورة منافيا لطبيعة القداسة التي يمثلها. إن الفرق بين الشخصيات الدينية والشخصيات غير الدينية هو أن مسألة القداسة في الشخصية الدينية اصيلة في التصور العام الذي ينفتح عليه ويختزنه اتباع هذه الشخصية والمؤمنون بها.
• تتحدث عن شروط موضوعية لتجسيد الشخصيات،فكيف يمكن والحال هذه تطبيق دعوتكم الى مسرحة عاشوراء؟
- قلت أن الجانب الابداعي الفني الذي يحاول أن يقتنص حتى اللمحة، والانفتاحات الابتهالية التي تتمثل في انفتاح الشخصية على الله وانفتاحها على الناس وعلى الجانب الحركي في شخصيته، وخصوصا في قضية كربلاء، فوضع الشخص الذي يمثل شخصية يزيد الى جانب من يمثل شخصية الحسين يمثل نوعا من انواع الاهانة للشخصية الحسينية باعتبار أن الذين يقومون بهذا العمل الروائي ويقدمون المسألة على اساس هذه المقارنة، قد يتحركون في تصوير المشهد من الخارج ولا يتصورونه من الداخل، لان ما كان يعيشه الامام الحسين في كل تاريخه وفي طفولته الاولى مع النبي ومع ابيه ومع امه السيدة الزهراء والقضايا التي عاشها مع أخيه الامام الحسن والتعقيدات التي عاشها في قضية الصلح مع معاوية وما واجهه من بعض المشاكل التي احاطت بالواقع الإسلامي آنذاك، قد لا يستطيع الشخص الذي لا يملك ثقافة موسوعية تحاول أن تستوحي الشخص من الداخل كما تستوحيه من الخارج. لذلك فان القضية تشتمل على الكثير من التعقيدات التي يصعب مواجهتها بالطريقة التي تكون أمينة على صدقية الصورة.

• في حال توفرت الشروط الموضوعية، هل تجيزون دفع الاموال الشرعية لذلك؟
- اذا كان هناك عمل يجسد حركة كربلاء في شخصياتها وفي المأساة التي تمثلت فيها وفي الظروف التي احاطت بها وفي المسيرة التي تحركت من أجل تحضيرها وفي تعميق المسألة في ما كان الامام الحسين يحضر له وما كان ينفتح عليه. وايضا أن ندرس شخصيات كل العناصر، سواء العناصر الشابة أو العناصر التي تتحرك في بدايات الطفولة وفي العناصر النسائية وفي مقدمها السيدة زينب، عندما تكون المسألة جامعة لكل العناصر، فاننا نرى أن صرف الاموال الشرعية في هذا مبرئ للذمة شرعا.





تاريخ النشر : 06 مارس 2009