المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : القيادات الشيعية اللبنانية تشكل «خلية طوارئ» لمراقبة الأوضاع المتدهورة في العراق



مجاهدون
08-16-2004, 12:53 AM
تخوف من «قلة الخبرة وعدم النضج» لدى مقتدى الصدر من دون التشكيك في وطنيته

بيروت: ثائر عباس

تعيش القيادات الشيعية اللبنانية حال استنفار قصوى لمراقبة الاوضاع المتدهورة في العراق، خصوصاً في مراقد أئمة الشيعة في النجف وكربلاء المهددة بالحرب الدائرة بين قوات التحالف و«جيش المهدي» الذي يقوده الزعيم الشيعي «القليل الحنكة» مقتدى الصدر. وتجمع القيادات الشيعية اللبنانية على اختلاف مواقفها على ضرورة «تطويق الازمة واحتوائها وعدم السماح باستفحالها وخروج الاوضاع عن السيطرة». لكنها، في المقابل، تشدد على وجوب خروج الاحتلال الاميركي من العراق.

وعلمت «الشرق الأوسط» ان هذه القيادات شكلت لجنة متابعة لمراقبة الاوضاع في العراق ومحاولة تقديم الحلول البديلة عبر الاتصالات التي تجريها مع الاطراف العراقية المختلفة.
ويبدو ان رئيس مجلس النواب نبيه بري «ينسق» هذه الاتصالات. وهو ـ كما قال قريبون منه ـ على اتصال دائم بقيادات شيعية في لبنان وخارجه سعياً لاحتواء الازمة. وقد برز دور بري في هذا الاطار منذ قيامه بالدور الرئيسي في تنسيق مرور المرجع الشيعي آية الله علي السيستاني من العراق الى لندن عبر بيروت، وفوزه باللقاء الوحيد الذي اجراه الاخير في مطار العاصمة اللبنانية. اذ جالسه طوال الدقائق الـ 70 التي قضاها في صالون المطار واقتصر الحديث خلالها على الوضع في العراق والتطورات المتلاحقة هناك.

وقد حرص بري، الذي كان تبلغ قبل اكثر من اسبوع عن الوضع الصحي للمرجع الشيعي الكبير، على متابعة الملف بسرية بالغة. وقد اقترح في بادئ الامر ان يتلقى السيستاني العلاج في بيروت، غير ان الاتصالات التي اجراها لاحقاً اسفرت عن صرف النظر عن هذا الخيار، بعدما اكد الاطباء المعالجون ان وضعه الصحي لا يحتمل التوافد المتوقع لاركان الطائفة الشيعية، بالاضافة الى «اعتبارات اخرى» افضت الى ترجيح خيار نقله الى لندن، مع لحظ مروره ببيروت حيث كان بري ـ وهو رئيس «حركة امل» التي يقلد مؤيدوها السيستاني ـ الى جانبه طوال فترة الزيارة التي احيطت بالسرية المطلقة ولم يفضحها سوى «مصدر ملاحي» قال لاحدى الوكالات الاجنبية انه شاهد السيستاني يتكئ على احد مرافقيه في مطار بيروت.

وعلى رغم ان بري حرص على التكتم على اجواء اللقاء رافضاً الحديث عما دار خلاله، الا ان مصادر قريبة منه قالت ان الوضع العراقي كان «سيد اللقاء». فيما قال آخرون ان البحث تطرق الى شخصية الزعيم الشاب مقتدى الصدر الذي نقل عن السيستاني انه «حاول المستطاع لاستيعابه». فيما تصفه قيادات شيعية لبنانية بالـ«الشاب القليل الحنكة والخبرة» من دون ان تقلل من وطنيته، خصوصاً انه اتى من «منزل قدم الكثير للعراق». لكنهم، في المقابل، يخشون ان «تؤدي قلة التجربة والنضج السياسي لديه (الصدر) الى عدم قدرته على التصرف السليم».

وبعد مغادرة السيستاني لبنان بدأ بري حملة اتصالات شملت المسؤولين السوريين الذين وضعهم في اجواء قدوم المرجع الشيعي واجواء اللقاء لاحقاً، كما اتصل بالقيادات الشيعية.
ومع تزايد احتمالات «الحل العسكري» في النجف، كثف بري ـ كما قالت أوساطه لـ«الشرق الاوسط» ـ اتصالاته مع المسؤولين السوريين والامين العام لـ «حزب الله» الشيخ حسين نصر الله والمجلس الاسلامي الشيعي الاعلى والمرجع الشيعي اللبناني الشيخ محمد حسين فضل الله، في محاولة للوصول الى صيغة حل بحثها مع السيستاني وأوساطه الذين بقي على اتصال دائم معهم. وقالت اوساط قريبة من بري انه يتوقع صدور بيان باشارات معينة عن المرجع الشيعي يساهم في لجم الوضع المتفجر في النجف.

وكان بري التقى امس ممثل المجلس الاعلى للثورة الاسلامية في العراق في لبنان وسورية محمد سعيد والعلامة السيد نائل الموسوي. وتم البحث «في التطورات على الساحة العراقية». وقد وضع سعيد الرئيس بري في »صورة ما يحصل في العراق خصوصاً النجف والجهود التي تبذل لنزع فتيل الازمة والحفاظ على وحدة الشعب العراقي واعادة الاستقرار الى العراق». وعلمت «الشرق الاوسط» ان بري حمّل سعيد رسالة الى رئيس المجلس عبد العزيز الحكيم يأمل فيها منه السعي الى «ضبط الوضع والحفاظ على وحدة الصف الشيعي ووحدة الصف الوطني العراقي».

وزار سعيد ايضاً مفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ محمد رشيد قباني مشيراً عقب اللقاء الى «الاحداث المؤسفة والمؤلمة في العراق وخاصة في النجف الاشرف». وامل في «التوصل الى ايجاد مخرج»، مشيراً الى «مفاوضات جارية في هذا الاطار». وقال: «نحن في المجلس الاعلى بالتنسيق مع البيت الشيعي نقوم بهذه الوساطة من اجل تهدئة الاوضاع وابعاد ما يحصل من مآس وسقوط عدد كبير من الشهداء والضحايا، اضافة الى تدمير المرافق الاساسية لاخراج النجف الاشرف من هذا المأزق. ونحن نعتبر انفسنا طرفاً وسيطاً بين طرفي النزاع. وهناك استجابه من جميع الاطراف».

أما المرجع الشيعي الشيخ محمد حسين فضل الله فهو ايضاً من مؤيدي «القيام بأي شيء لضبط الوضع». وهو بقي على اتصال دائم بـ«ابناء خالته» في اشارة الى آل الحكيم الذين تربطه بهم صلة قربى وانصار «حزب الدعوة» الذين يقترب منهم سياسياً.
وقد سجل فضل الله امس على الحكومة العراقية المؤقتة انها «ولأول مرة في التاريخ تدخل قوات الاحتلال الى النجف الاشرف التي تمثل اهم المقدسات لدى كل مسلم ومسلمة في العالم بعد مكة والمدينة»، مشيراً الى «ان هذا الانتهاك للنجف من خلال هذه الحكومة هو الثاني بعد انتهاك نظام الطاغية صدام للعتبات المقدسة فيها» ومحذراً من انه «اذا انتهك النجف تحت اية حجة او عنوان فإن معنى ذلك ان ليس هناك اية حرمة لاي مقدس».

ودعا فضل الله «كل الفعاليات والمرجعيات الاسلامية ـ ولا سيما الشيعية ـ على جميع المستويات لان تتدخل بكل ما لديها من وسائل وضغوط في سبيل السعي لان تبقى النجف مدينة السلام الاسلامي والروحي والعربي داعياً لاخراج الاحتلال من كل العراق، ومشدداً على انه «ليس من حق اية جهة تملك موقعاً متقدماً ومسؤولية كبيرة ان تقف على الحياد او تسكت عن هذا الانتهاك للحرمات المقدسة».

واصدر «حزب الله» بياناً رأى فيه «ان اصرار الاحتلال الاميركي على اجتياح مدينة النجف يعكس نوايا عدوانية مبيتة، واخطرها انها تهدف الى اسقاط الرموز المقدسة لدى عامة المسلمين». ودعا الاطراف العراقية الى «التحرك بفعالية وجدية لمنع الاميركيين من الاستفادة من بعض الظروف والوقائع لتحقيق اهدافهم وبالتعاون مع الجهات المخلصة لايجاد حل سلمي للوضع في النجف وسائر المدن العراقية الاخرى». كما دعا الدول العربية والاسلامية الى«التحرك الفاعل لوقف المجازر البشعة التي يرتكبها هذا الاحتلال في العراق تحت عناوين ملفقة وذرائع واهية». واشار الى «ان ما يجري اليوم في العراق يؤكد ان الحل الوحيد في العراق يكمن في انهاء الاحتلال وانسحاب القوات المتعددة الجنسية منه وترك الشعب العراقي لتحديد مصيره وقراره».

وكانت قيادتا «حزب الله» و«حركة امل» في منطقة البقاع (شرق لبنان) عقدتا اجتماعاً امس دانتا في ختامه «ما ترتكبه قوات الاحتلال الاميركي وادواتها في العراق ضد الشعب العراقي الآمن والمقدسات الاسلامية، خاصة في النجف الاشرف». وناشدتا «الضمير العالمي والمجتمع الدولي وضع حد للعدوان السافر الذي يهدد بتفجير المنطقة كلها».

وحذرت «الاحزاب والقوى اللبنانية والفصائل الفلسطينية» عقب اجتماعها الدوري في مقر المكتب السياسي لـ«حركة امل» امس من «ان التعرض للمقامات المقدسة في النجف الاشرف يشكل تمدياً خطيراً في العدوان الاميركي المستمر على العراق وشعبه» ورأت «ان الولايات المتحدة تحفر قبرها في العراق من خلال المس بمقدسات الأمة، برفع وتيرة الكراهية لها ولسياستها في المنطقة». وأهابت بالعراقيين «الحفاظ على وحدتهم في مواجهة الاحتلال الاميركي وعدم السماح باستفرادهم كل على حدة». ودانت «الاصوات العراقية المؤيدة للاحتلال الاميركي والمستقوية به ضد مصالح شعبها وكرامته ومقدساته».

وتوجهت الامانة العامة للمؤتمر القومي العربي الى «كافة القوى الحية في الامة العربية والعالم الاسلامي وعلى المستوى العالمي بنداء من اجل التحرك العاجل والفاعل من اجل وقف العدوان الفوري على مدينة النجف الاشرف، وكافة المدن العراقية من اقصى الجنوب الى اقصى الشمال، وسحب القوات المحتلة من هذه المدن كمقدمة لسحبها من العراق».