المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : كتاب جديد .... آل بوش وآل سعود ـ العلاقة الخفية



مجاهدون
08-16-2004, 12:35 AM
آل بوش وآل سعود ـ العلاقة الخفية»: أخطاء ومزاعم .. واتهامات بحق أموات لا يستطيعون الدفاع عن أنفسهم

كتاب أنغر الذي استوحاه كيري في خطاب قبوله الترشح يستخدم أسلوب تفنيد الاتهامات في الحواشي التي لا يلاحظها القراء

أمير طاهري


http://www.asharqalawsat.com/2004/08/15/images/books.250184.jpg


* في خطاب قبوله ترشيح الحزب الديمقراطي له في بوسطن الأسبوع الماضي، وعد السيناتور جون كيري، الذي سيواجه الرئيس جورج بوش في انتخابات الرئاسة في الخريف القادم بانهاء ما اسماه «اعتمادنا على العائلة المالكة السعودية». وكيري في تصريحه هذا استوحى ما قاله كريغ أنغر في كتابه «آل بوش وآل سعود: العلاقة الخفية بين أقوى عائلتين حاكمتين»، الذي كان مصدر إلهام لمايكل مور مخرج فيلم «11/9 فهرنهايت» الوثائقي الذي كان هدفه الرئيسي الهجوم على بوش.

ومن الصعب تلخيص رواية أنغر. لكن هذه محاولة متواضعة: لثلاثين عاما كانت عائلة بوش التي تعرف بـ«السلالة الحاكمة» مثلما يفضل أنغر تسميتها، ذات أواصر مع آل سعود لأسباب الربح الشخصي. وحسب وجهة نظره فإن آل سعود ساعدوا آل بوش للفوز بالرئاسة واستخدموهم لإنجاح أجندتها. والدين الذي في رقبة بوش الابن للسعوديين أكبر من دين الأب لهم، إذ يقول أنغر «إنه مدين بمكاسبه المالية والسياسية للسعوديين».

وسمى أنغر بوش الابن بـ«المرشح العربي»، ويصر على أنه جاء للسلطة من خلال انقلاب عسكري لعبت المحكمة العليا فيه دور الجيش في أحداث من هذا النوع. مع ذلك فإنه حالما تم انتخابه تحرك بوش الابن باتجاه المحافظين الجدد المؤيدين لإسرائيل الذين غيروا السياسة الاميركية في الشرق الأوسط، واغضب ذلك السعوديين.

* يقول أنغر «هبطت مكانة آل سعود لدى بوش بشكل سريع». وردا على ذلك انتقم السعوديون من خلال هجمات 11 سبتمبر التي شارك فيها 15 سعوديا من التسعة عشر انتحاريا. ومولت الأسرة المالكة السعودية منظمة القاعدة التي نفذت الهجوم، وكانت لديها اتصالات مع القاعدة من خلال ثلاثة أمراء على حد زعمه.
لم يذكر انغر كل هذه الاشياء بطريقة مباشرة. وبدلا من ذلك استخدم أسلوب مايكل مور الذي يوحي بالامور أكثر من التصريح بها. واستخدم بدلا من ذلك أسلوب «أنت تعرف ما أقصد»، ثم يغمز بعينه لك. فعلى سبيل المثال وظف عدة صفحات لإظهار أن بوش الأب وابنه كانا في مرحلة ما من عملهما يشتغلان في تجارة النفط. ثم وظف مساحة أكبر للتأكيد على أن هناك نفطا موجودا في تكساس أيضا. وأخيرا يذكرنا بأن السعوديين لهم ارتباطات قوية بالنفط، ثم يوجه سؤالا: هل تعرف ما أعني؟

هنا مثال آخر: يريدنا أنغر أن نقتنع بأن بوش كانت له علاقة بأسامة بن لادن زعيم القاعدة، وبغياب أي أدلة تحت يديه، بدا أنغر قلقا في ترك المزاعم بدون أن يكون لها صدى ما.
لذلك فقد توصل لهذا الاستنتاج: «في مايو ( ايار) 1984 كان نائب الرئيس وقتها بوش الأب في زيارة إلى ممر خيبر الواقع عند الحدود الباكستانية ـ الأفغانية حيث قدم صكا بـ 14 مليون دولار لأهداف انسانية للاجئين الأفغان. نحن لا نعرف بالضبط أي كان بن لادن في ذلك الوقت، لكن خلال تلك الفترة كان قريبا من تلك المنطقة داخل أفغانستان، وبدأ يعمل على بناء مكتب الخدمات (النواة المصغر للقاعدة). وفي تلك المناسبة كان بوش الأب وبن لادن في أقرب نقطة من بعضهما وكلاهما كانا يحاربان لنفس القضية».

(أنغر يعرف أن بن لادن لم يكن آنذاك داخل أفغانستان، فهو في مواقع أخرى من كتابه أظهر أن أول زيارة قام بها بن لادن لأفغانستان هي بعد عامين على ذلك التاريخ).
وليس أمرا مثيرا للاستغراب أن يعتبر انصار بوش كتاب أنغر هجوما سياسيا آخر على بوش في السنة الانتخابية.

ولا يخفي أنغر عدم حبه لبوش الأب وبوش الابن. لكن قراءة متأنية لكتابه تكشف عن أنه يمكن أن يكون عرضة لملاحقة قانونية بسبب نتائج غير مقصودة.
وفي ما يلي الاسباب: فمع قيامه بتجميع كل المزاعم الممكنة ضد بوش والسعوديين، انتهى أنغر بإظهار أن كل تلك المزاعم لا تقوم على أي أرضية قوية أو أنها موضع مبالغة. ومع إشارته المتكررة وقيامه أحيانا بزخرفة كل زعم يصبح أنغر واعيا لحقيقة أنه لا يمتلك أي دليل. وفي بعض الحالات كان عليه أن يقحم بعض الفقرات الداحضة للمزاعم ضمن نصه. وأدخِلت هذه الفقرات بشكل واضح بناء على وصايا محامين يمثلون الأفراد الموجهة ضدهم التهم، وهذا ما أنقذ أنغر وناشريه من الملاحقة القضائية.

فعلى سبيل المثال قضى انغر وقتا طويلا يشرح كيف حصل بوش وابنه على عقدين صغيرين للبحث عن النفط من دولتين عربيتين. ولكنه اضطر للاعتراف بأن العقدين ليسا لهما علاقة بالسعودية. فقد حصل بوش الأب على عقد من الكويت بينما حصل بوش الابن على عقد من البحرين.

وباع بوش الابن، المفروض انه يدين في «الجزء الاساسي من ثروته» للسعوديين، نصيبه في شركة النفط التي اسسها، بمبلغ 848560 دولارا الى مجموعة تضم كلية ادارة الاعمال في جامعة هارفارد، ورجل المال جورج سوروس والى رجلي اعمال سعوديين بنصيب متواضع. واظهر انغر ان بوش الابن، مني بخسارة في عملية البيع.

ويبدأ كتاب انغر برواية حول كيفية تم نقل مجموعة من السعوديين من بينهم ابناء اسرة بن لادن، من الولايات المتحدة جوا بطريقة غير قانونية بعد هجمات 11 سبتمبر.
وبدون قول ذلك، لمح الى ان الرحلات الجوية تمت بموافقة الرئيس بوش، لانه كان مدينا للسعوديين. ولكن ريتشارد كلارك، المسؤول آنذاك عن مكافحة الارهاب في ادارة بوش، وهو من معارضي الرئيس الآن، قال: «لقد اتخذت قرارا بتحليق تلك الرحلات ولكن فقط بعدما تمت اعادة السماح بالطيران، وتم استجواب مكتب المباحث الفيدرالي لكل السعوديين». وبكلمة اخرى لم يحدث شيء غير قانوني او غير عادي على الاطلاق».

ويظهر انغر ايضا ان بوش الأب والابن اختلفا مع السعوديين في عدد من القضايا. فهو يذكر انه في عام 1990 اختلف بوش الأب مع السعوديين بخصوص ما اذا كان يمكن تحرير الكويت من قبضة صدام حسين أم لا.
«ترجع علاقات بوش مع الكويت الى 30 سنة. وعندما كان رئيسا لشركة زاباتا اوفشور، شيد اول حقل نفط اوفشور كويتي بموافقة من اسرة الصباح الحاكمة. وكان الكويتيون داعموه وكان دائما مدينا لهم. وبالمقارنة فإن بندر (السفير السعودي في واشنطن) يزدري الكويتيين».
ونعلم انه تم تحرير الكويت ضد رغبة السعوديين! وطبقا لأنغر، فإن السعوديين عارضوا ايضا تدخل بوش الابن في افغانستان، وتحرير العراق. وفي الوقت ذاته فإن سياسة بوش الابن في الشرق الاوسط اغضبت السعوديين الى درجة ان الأمير عبد الله ولي العهد، كتب اليه رسالة فظة.
ماذا عن الاتهامات الى يوجهها انغر للسعوديين؟

هذا ما يقوله «يجب القول ان الاتهامات ضد نخبة التجار السعوديين والعديد من ابناء آل سعود هي بالضبط ذلك: اتهامات. الاتهامات التي تشير الى أن العديد منهم سهلوا ونقلوا اموالا للارهابيين، قد وصلت للقضاء ولم يتم اثباتها».
والسؤال المنطقي الذي يطرح نفسه في هذا المجال هو: لماذا تضع كتابا حول هذه الاتهامات؟
ولا يطرح انغر هذا السؤال. وبدلا من ذلك يشير الى ثلاثة امراء سعوديين يفترض انهم كانوا على اتصال بالقاعدة. والمشكلة هي انهم موتى، ولا يمكنهم الدفاع عن انفسهم، ولا حتى رفع قضية قذف وذم.

ومن الغريب ان انغر يظهر ان السعوديين لديهم اتصالات عمل مكثفة اكثر مع السياسيين الديموقراطيين اكثر من الجمهوريين، بمن فيهم بوش الأب والابن.
فمن بين الاسماء الديموقراطية يوجد اسم كلارك كليفورد، وهو وزير دفاع سابق، وبرت لانس مدير الميزانية في عهد الرئيس كارتر، ولويد بنتسن وزير الخزانة في ادارة كلينتون الاولى، ورالف ياربورو، وهو من اقطاب الجناح الليبرالي في الحزب الديموقراطي، وعضو الكونغرس تشارلي ويلسون وجاكسون ستيفن، وهو احد زملاء كارتر في مرحلة الدراسة وصديق لكلينتون، وجون كونولي حاكم تكساس.

وحتى مجموعة كارلايل التي يصفها انغر بأنها قاعدة «آل بوش» المالية، هي من تأسيس ديموقراطي هو ديفيد روبنشتاين، الذي خدم في ادارة كارتر.
وتخصص العديد من صفحات الكتاب الى كارثة انهيار بنك الاعتماد والتجارة الدولي، وهو مصرف باكستاني اشترته مجموع من المستثمرين من كل انحاء العالم قبل انهياره. ولم يذكر انغر على الاطلاق ان اغلبية اسهم البنك ترجع الى دولة الامارات العربية المتحدة، وان المستثمرين السعوديين كان يملكون نسبة صغيرة من اسهمه.

وبالنسبة «لأسرة بوش الحاكمة»، فإن انغر نفسه لا يشير على الاطلاق الى أي علاقة مع بنك الاعتماد والتجارة الدولي. وبدلا من ذلك يقدم عرضا الى كبار الشخصيات الديموقراطية الذين شاركوا في فضيحة المصرف. وبما ان دور السعوديين كان هامشيا في قضية البنك، وباعتبارهم يمثلون مجموعة صغيرة من بين عشرات الألوف من المستثمرين من 70 دولة مختلفة، وبما انه لا توجد علاقة لأسرة بوش بالموضوع، فلماذا يشير الى الموضوع؟ الاجابة مرة اخرى اكاذيب على طريقة مايكل مور: بنك الاعتماد والتجارة الدولي من تأسيس مسلمين. السعوديون مسلمون بالاضافة الي انهم اصدقاء لاسرة بوش، وهكذا.

ويستشهد أنغر بمثال واحد من مجموعة كارلايل في محاولة التأثير في الادارة. ويقوم فرانك كارلوتشي وزير الدفاع في ادارة بوش الأب بمحاولات لإقناع دونالد رامسفيلد وزير الدفاع في ادارة بوش الابن من أجل الحصول على الموافقة تصنيع الدبابة كروسادير. ولكن ما الذي حدث في الواقع؟ يخبرنا انغر، ليس في النص وانما في الهوامش، بأن رامسفيلد فتت ببساطة المشروع بأسره.

وفي معظم الحالات يستخدم أنغر أسلوب التفنيد في الملاحظات والهوامش التي يمكن ان يجري تجاهلها من جانب معظم القراء. وغالبا ما يضمن أجوبة على مزاعم مختلفة من جانب المسؤولين ورجال الأعمال الأميركيين والسعوديين أو محامييهم. والأسلوب بسيط: الناس يقولون ان فلانا وفلانا سارق، ولكنه او محاميه يقولون انه ليس كذلك! ويزعم أنغر ان بوش الابن فاز بالرئاسة بفضل أصوات المسلمين الأميركيين وخصوصا في فلوريدا. ويدعي ان هذه كانت نتيجة الجهود السعودية لصالحه. ولكنه يخبرنا في ما بعد ان رجل بوش بالنسبة للأميركيين العرب هو جورج سالم، وهو رجل أعمال من مشيتغان مسيحي وليس مسلما وليس عميلا للسعوديين.

وعلى أية حال فان أنغر لا يدرك انه إذا ما كان كثير من المسلمين قد صوتوا لصالح بوش عام 2000، فإن سبب ذلك يعود، جزئيا، الى انهم كانوا يرون السيناتور جو ليبرمان، المرشح لمنصب نائب آل غور، يدعم اسرائيل الى حد بعيد. واذا كان بوش قد فاز بمعظم أصوات المسلمين فقد انتهى بوش الى الحصول على كل اصوات اليهود تقريبا.
ويزعم أنغر ان الرئيس بوش، بعد دخوله البيت الأبيض عام 2001، بدأ «التفكير بالعراق». ولمح الى ان العراق لم يكن قضية رئيسية بالنسبة لبوش. ولكنه يذكر لاحقا بأن الكونغرس كان قد اقر قانونا تتعهد الولايات المتحدة بموجبه بتحرير العراق خلال فترة رئاسة كلينتون. وهكذا فان بوش ليس هو الذي اوجد قضية العراق: فكل ما فعله هو معالجتها بدرجة الاهتمام الجدي الذي تستحقه.

وظهر كتاب أنغر قبل أن تنشر لجنة الحادي عشر من سبتمبر تقريرها في واشنطن. ويشير التقرير الى أن حكومة المملكة العربية السعودية لم تكن متورطة بأي شكل كان بالهجمات الارهابية على نيويورك وواشنطن. وهكذا فان كتاب انغر يفقد أي مبرر ما عدا اقناع اولئك الذين وصلت كراهيتهم للسعوديين وآل بوش الى مستويات مرضية.
ومن المستحيل ان يوضح المرء في عرض مثل هذا الأخطاء الكثيرة في الحقائق والتحليل التي يرتكبها انغر في كتابه. انه لا يتمتع بمعرفة صحيحة بأسماء السعوديين ويخلط في ما بينهم.
ومن بين مزاعم أنغر ان هناك 10 آلاف أمير في المملكة العربية السعودية، وان كل واحد منهم يتلقى ما يزيد على ثلاثة ملايين دولار شهريا من الحكومة. ولا يدرك أن هذا يصل الى ما يزيد على نصف معدل الميزانية السنوية السعودية خلال العقدين الماضيين.

وخطأ أنغر الأكثر فداحة هو الادعاء بأن «العلاقة الخاصة» السعودية الأميركية هي من ابتداع آل بوش. ان هذه العلاقات تعود الى عام 1945 عندما التقى الرئيس فرانكلين روزفلت بالملك عبد العزيز على ظهر بارجة أميركية في قناة السويس. وكان التحالف الاستراتيجي مع المملكة العربية السعودية من جانب الولايات المتحدة مقابل الامدادات المستمرة للنفط الرخيص واحدا من القرارين الحاسمين اللذين اتخذهما روزفلت في السنوات الأخيرة من حياته (كان الثاني هو اتفاقيات يالطا الذي وفرت لستالين حرية القرار في أوروبا الوسطى والشرقية). وقد اقرت سياسة روزفلت بشأن السعودية عام 1947 عندما التقى الرئيس هاري ترومان بالملك عبد العزيز. ومنذ ذلك الوقت اقر جميع الرؤساء الأميركيين من الحزبين هذه السياسة من دون تدقيق في تأثيرها المتعدد الوجوه على جوانب اساسية في الاقتصاد الأميركي والحياة السياسية والدبلوماسية.

ولو أن أنغر استخدم مواهبه للتعمق في تلك السياسة لكان قدم اسهامة حقيقية في الجدل الدائر بشأن السياسة الخارجية الأميركية في عالم ما بعد الحادي عشر من سبتمبر. فبدلا من ذلك قرر ان يدخل سوق نظريات المؤامرة من النوع الذي يحبه العرب وكذلك، على ما يبدو، عدد متزايد من الأميركيين.

* آل بوش وآل سعود: العلاقة الخفية بين أقوى عائلتين حاكمتين
* المؤلف: كريغ أنغر