المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : بريطانيا: العقارات الفاخرة تعاني.. وتراجع الإسترليني يجذب المستثمرين الأجانب



جمال
02-20-2009, 12:00 AM
أسعار العقارات ترتفع لأول مرة منذ عشرة أشهر بنسبة 1.9%

http://www.asharqalawsat.com/2009/02/14/images/realestate1.506965.jpg
اسعار العقارات السكنية في بريطانيا ارتفعت بعد عشرة اشهر من التراجعات الحادة (« الشرق الأوسط»)

لندن: كمال قدورة

أكد التقرير الشهري الأخير لبنك هاليفاكس (Halifax) في لندن، أن أسعار العقارات السكنية قد ارتفعت بنسبة 1.9 في المائة في الشهر الأول من هذا العام أي في يناير (كانون الثاني) 2009.

ويأتي ذلك بعد عشرة أشهر من التراجعات الحادة في الأسعار في كل المناطق، خاصة العاصمة لندن. وكان الشهر قبل السابق، أي ديسمبر (كانون الأول) العام الماضي قد شهد تراجعا في الأسعار بنسبة 1.6 في المائة، مما خفض معدل سعر العقار العام في بريطانيا إلى 163.9 ألف جنيه (215 ألف دولار تقريبا).

إلا أن بنك هاليفاكس الذي يعتبر أكبر المقرضين العقاريين في البلاد، حذر من مغبة النظر إلى النسب الشهرية وتردداتها، على الرغم من أن هناك علامات تدعو إلى التفاؤل بشأن استقرار النشاط العقاري ولو بمستويات بسيطة وبطيئة.

وحسب تقرير هاليفاكس أيضا، فإن نسبة التضخم على أسعار العقارات السكنية تراجعت بشكل كبير لتصل إلى 17.2 في المائة هذا العام (نسبة التراجع السنوية حسب أرقام الشهر الأول). وكانت نسبة التراجع السنوية على أسعار العقارات قد وصلت بين عامي 2007 و2008 إلى 18.9 في المائة، وكانت قبل ذلك أي بين عامي 2006 و2007 حوالي 16.4 في المائة .

ويقول مارتن اليس عن هاليفاكس بهذا الشأن، «من الضروري جدا عدم التركيز على رقم شهر معين، إذ أن الأسعار تاريخيا، لم تتحرك بنفس الاتجاه شهرا بعد الآخر.. ومع هذا، فإن الضغوط على الأجور وارتفاع معدلات البطالة والمشكلات التي يعاني منها القطاع المالي وشح القروض، تعني أن أسواق العقار ستشهد عاما صعبا».

ويوضح اليس أن أسعار العقارات خلال الأشهر الثلاثة الماضية كانت أقل بنسبة 5.1 في المائة عما كانت عليه في نفس الفترة العام الماضي. وكانت الأسعار مثلا، قد تراجعت لسبعة أشهر متتالية عام 1989، قبل أن ترتفع خلال الأشهر الثلاثة الأولى بشكل ملحوظ عام 1990 . ويبدو، كما تشير كثير من التقارير، أن ارتفاع الأسعار، ولو بنسبة بسيطة، جاء نتيجة ازدياد النشاط في الأسواق بعد التخفيض المتواصل لمعدلات الفائدة وتراجع الأسعار بنسب معقولة، مما شجع الكثيرين على التحرك واقتناص الفرص بعد أكثر من عام من التطورات السلبية في الأسواق .

وتشير الأرقام الحكومية الأخيرة إلى أن عدد القروض العقارية الممنوحة في شهر ديسمبر الماضي ارتفع بنسبة 15 في المائة ليصل إلى 31 ألف قرض، بعدما لم يتعد العدد الـ27 ألفا في نوفمبر(تشرين الثاني) الماضي. ومع هذا بقي عدد القروض الممنوحة أقل من نصف ما كان عليه في ديسمبر العام السابق (2008). وتراجع عدد القروض الممنوحة في ديسمبر بنسبة 58 في المائة عما كان عليه في ديسمبر (كانون الأول) من عام 2007. وحول وضع الأسواق العقارية السكنية الفاخرة في العاصمة لندن، ذكرت التقارير الأخيرة، ومنها تقرير لمؤسسة «نايت فرانك»، أن الأسعار تراجعت الشهر الماضي (يناير (كانون الثاني) 2009) بنسبة 3.7 في المائة، وهي نسبة تسجلها العاصمة منذ سنوات.

وأن نسبة التراجع السنوية في هذا القطاع وصلت إلى 21.4 في المائة، خاصة في قطاع العقارات، التي يتراوح سعرها بين 1.5 مليون دولار و3.5 مليون دولار. وقد وصلت نسبة التراجع خلال الأشهر العشرة الماضية وحدها إلى أكثر من 25 في المائة.

وقد صمدت العقارات التي يتعدى سعرها الـ15 مليون دولار فما فوق، في وجه العاصفة حتى شهر أغسطس (آب) الماضي، إلا أن نسبة التراجع منذ ذلك الوقت حتى الآن وصلت إلى أكثر من 20 في المائة. وهي أيضا نسبة عالية جدا لم يشهدها القطاع منذ سنوات طويلة. وتتوقع «نايت فرانك» أن تواصل أسعار العقارات الفاخرة تراجعها بشكل ملحوظ في لندن حتى منتصف العام الحالي، حيث يتوقع أن تصل إلى الحضيض. إلا أن «نايت فرانك» تؤكد أن عدد المهتمين والباحثين عن العقارات الفاخرة في العاصمة قد ارتفع الشهر الماضي بنسبة 65 في المائة عما كان على عليه في نفس الفترة من العام الماضي.

وكان تقرير هاليفاكس بشأن أداء السوق العقارية السكنية العام الماضي 2008، قد أكد أن معدل الخسارة على سعر العقار الواحد وصل إلى 37 ألف جنيه إسترليني. وأن التراجع في الأسعار خلال الشهر الأخير، وهو شهر ديسمبر (كانون الأول) الماضي، والذي وصل إلى 2.2 في المائة، كان الأسوأ منذ عام 1983. فالعقار الذي كانت قيمته العام الماضي 200 ألف جنيه (295 ألف دولار) انتهى في ديسمبر (كانون الأول) بسعر 160 ألف جنيه (236 ألف دولار). وحسب التقرير فإن أسعار العقارات تراجعت لتقترب مما كانت عليه قبل خمس سنوات أي العام 2004، وأن الخسارة العام الماضي كانت أسوأ مما حصل خلال ركود التسعينات. ولم تتعد نسبة التراجع على الأسعار بين عام 1989 و1995 أكثر من 13.2 في المائة .

كما سبق أن ذكرنا، فقد أشارت أرقام هيئة المساحين الملكية (The Royal Institution of Chartered Surveyors ) مؤخرا إلى ارتفاع عدد الباحثين عن العقارات في الأسواق، كما أكدت مؤسسة «رايت موف» (Rightmove) العقارية المعروفة، على شبكة الإنترنت أن 66 في المائة من الناس - حسب استطلاعها الأخير - يعتقدون أن الوقت مناسب جدا للدخول في الأسواق العقارية.

على أية حال، فإن كثيرين من الخبراء يتجهون نحو التفاؤل بتعافي سوق العقار السكني في البلاد خلال السنة الحالية، والتحول من التراجع إلى النمو في الأسعار، على الرغم من التوقعات الكثيرة بتراجع الأسعار بنسب تصل إلى 20 في المائة أحيانا . ويركز هؤلاء على عدة أمور، أولا، الكثير من المؤسسات العقارية وشركات البناء التي أوقفت أعمالها في المشاريع الجديدة، ستضطر إلى تخفيض أسعار عقاراتها الجاهزة للتخلص منها وتأمين بعض السيولة، مما سيساعد على تحريك السوق وارتفاع نسب العقارات المباعة، إضافة إلى عدد المشترين والصفقات. ويتوقع أن تكون نسبة المبيعات نسبة ملحوظة وإيجابية، كما أنه من المتوقع ارتفاع عدد الصفقات التي تتعامل بالنقد خلال الأشهر القليلة الأولى من العام الحالي .

وعلى هذا الأساس، يمكن للأسعار أن تبدأ باستعادة عافيتها في أبريل (نيسان) المقبل، وما كانت عليه في نفس الفترة من العام الماضي، وربما الاستقرار والنمو أيضا، إذا ما ارتفع الطلب وتزايد عدد المشترين.

وعلى الرغم من أن عدد الصفقات لم يتراجع في الفترة الأخيرة كما تراجع في السابق، فإن كثيرا من المحللين والخبراء يوافقون مع هيئة المساحين الملكية (RICS) على أن عدد المهتمين والباحثين عن العقارات قد ارتفع بشكل لم يسبق له مثل منذ عام 2006 .

وعلى الرغم من شح القروض العقارية بشكل عام وتراجع عدد الصفقات نسبة إلى سنوات الطفرة وما سبق أزمة الائتمان الدولية، فإن هناك نقصا كبيرا في عدد المنازل والعقارات التي يتم بناؤها سنويا في البلاد. أي أن هناك شحا في العقارات الجديدة، نسبة إلى حجم الطلب على المستوى الوطني، خاصة العاصمة لندن، والمناطق الجنوبية الشرقية. وإلى أن تتمكن الشركات والمؤسسات العقارية والإنشائية من استعادة نشاطها وسد بعض النقص الحاصل، يتوقع أن ترتفع أسعار العقارات من جديد، فيما يعتبر تناغما مع حالة العرض والطلب التي تتجه إلى صالح الطلب.

وتعتبر مسألة النقص الحقيقي في عدد العقارات الجديدة في البلاد من النقاط الأساسية التي يعتمد عليها كثير من الخبراء والمحللين لتخفيف حدة المخاوف من انهيار تام لسوق العقار السكني، إذ أن الحكومة البريطانية، على الرغم من خطتها لبناء مليوني منزل قبل عام 2016، فإنها لم تبن منذ سنوات طويلة ما يذكر منها، مما ساهم في تضخم الأسعار أثناء طفرة التسعينات وبداية عام 2000.

وقد دخلت على خط القطاع العقاري مسألة أساسية في الأسابيع الأخيرة، وشهد السوق تطورا مهما فيما يتعلق بتدهور قيمة الجنيه الإسترليني في أسواق الصرف، وتراجع قيمته أمام اليورو بشكل خاص. ومن شأن هذا التراجع جذب كثير من المستثمرين والزبائن من دول الاتحاد الأوروبي لاقتناص الفرص في العاصمة لندن والمناطق الجنوبية الشرقية والمناطق الممتازة بشكل عام. ومع تراجع قيمة الجنيه، يمكن الحصول على عقارات بأسعار أرخص من العام الماضي، بما لا يقل عن 40 في المائة، وهي نسبة عالية في إحدى أهم العواصم الأوروبية . ومن شأن هذه المسألة تحريك الأسواق واستعادتها بعض نشاطها على قلته. لكن الفرص كثيرة، والمستثمرون المتربصون لاقتناص الفرص، هربا من الاستثمار في أسواق المال، يتزايدون يوما بعد يوم . وفي هذا الإطار بيعت إحدى العقارات الممتازة في ساحة كانوت في منطقة بيز ووتر بما لا يقل عن 4.3 ملايين جنيه (6 مليون دولار تقريبا) .

ولأن كثيرين من البريطانيين، بسبب تدنى قيمة الجنيه، سيعجزون عن ترك أو بيع منازلهم وعقاراتهم وشراء العقارات الرخيصة في الخارج، فإن ذلك سيؤدي ذلك إلى شح المعروض للبيع، وبالتالي ارتفاع الأسعار من جديد، خاصة في المناطق المهمة والساخنة كبعض مناطق لندن الرئيسية. لكن كثيرين من المحللين يحذرون من انتشار ظاهرة المستثمرين الأجانب، على شاكلة إسبانيا وغيرها من دول أوروبا الجنوبية، لأن من شأن ذلك رفع الأسعار إلى معدلات أعلى من معدلات الأجور في البلاد، أي أن أسعار العقارات تصبح غالية جدا على المواطنين، ورخيصة جدا للأجانب وشتى أنواع المستثمرين. كما يحذر هؤلاء المحللون، من أثر المستثمرين الأجانب الباحثين عن أسعار رخيصة في هذه الأيام، إذ من عادتهم تغيير وجهتم الاستثمارية أينما وجدوا قيمة أكبر لاستثماراتهم في الأسواق الأخرى.

ومن القضايا الإيجابية التي يمكن أن تحرك الأسواق العقارية هذا العام، التي يشير إليها الخبراء، هي الاستثمار بغاية الإيجار، إذ أن الظروف الموضوعية في هذا القطاع مثالية حاليا. فأسعار العقارات أرخص من العام الماضي بكثير، ومعدلات الفائدة متدنية إلى أدنى حد منذ سنوات طويلة، وهناك نقص كبير في عدد القروض العقارية المتوفرة والعقارات نفسها. وبإمكان المستثمرين استغلال معدلات الفائدة المتدنية لتصحيح معدلات الإيجار بشكل عام، وبالتالي تحريك السوق عبر شراء العقارات وتأجيرها بأسعار معقولة. لكن يتوقع أن يظل الطلب على العقارات الخاصة بالإيجار عاليا هذا العام، على الرغم من تدنى عوائده الربحية.

كما أن تراجع قيمة الجنيه الإسترليني ستعمل على تخفيض عدد السياح البريطانيين في الخارج هذا العام. ويتوقع، لهذا السبب بالذات، أن يتجه السائحون إلى المناطق الداخلية في بريطانيا، مما سيزيد الطلب على العقارات المخصصة للإيجار، خاصة في المناطق السياحية أو القريبة من هذه المناطق ككورنوول واكسفورد وشمال اسكوتلندا وبعض المناطق الساحلية في جنوب إنجلترا. وعلى الأرجح أن ينشط هذا القطاع السياحي الداخلي، ولأسباب اقتصادية بحتة خلال السنوات المقبلة.