جمال
02-07-2009, 11:04 PM
نائب رئيس شركة «غوغل» فينتون غراي سيرف تحدث الى «الحياة»: مشروع شبكة رقمية تربط كواكب المجموعة الشمسية ومليون محاضرة في مكتبة الاسكندرية لدعم المعلوماتية عربياً
الإسكندرية - أمينة خيري
الحياة - 06/02/09//
لم تر عيناه في الجدارية المعلقة في القاعة الكبيرة في «مكتبة الاسكندرية» صورة لقدماء المصريين وقد أمسكت أيديهم حبلاً سميكاً ضمن إحدى اللعب الجماعية التي كانوا يمارسونها، بل رأتها صورة لأيد من زمن الفراعنة، تتعاون لحمل كابل إنترنت بغرض تركيبه لنقل معلومات عن حضارتهم. وبدا التصور غريباً، لكن بعد دقائق من الحديث معه، بات واضحاً أن تلك «الرؤية» قريبة إلى عقله وتفكيره، إذ تتشابك في شخصيته خيوط خبراته الحياتية مع الألياف الضوئية للشبكة الرقمية العنكبوتية، تشابكاً يصعب حلحلته وتفكيكه.
وأما حيث يعمل في شركة «غوغل»، فقد نال لقب «مبشر» الإنترنت. ويعرف عالمياً باعتباره أحد «آباء الإنترنت» المؤسسين، إذ كان أحد الذين ساهموا في خروج هذا المارد العنكبوتي إلى الحياة.
وفي «مكتبة الإسكندرية» جاء فينتون غراي سيرف، نائب رئيس شركة «غوغل» ليساهم في مبادرة «المليون محاضرة» التي أطلقتها المكتبة أخيراً. وهناك، التقته «الحياة» فتحدث عن الإنترنت ورؤاه لمستقبلها، وتوقعاته عن تطوراتها في العالم العربي. ثم امتد الحديث ليشمل الكرة الأرضية ثم إنطلق منها ليصل الى «حلم» عن شبكة رقمية تربط الكواكب السيارة التي تؤلف المجموعة الشمسية.
التعريب طريقاً لزيادة المحتوى
ربما رنّت كلمات مثل «شبكة بين الكواكب» بوقع ملؤه الغرابة على كثير من الآذان العربية، لكن الحديث مع سيرف يظهر تلك الشبكة وكأنها شيء جدي تماماً. وإذا علمنا أن أطرافاً كثيرة، خصوصاً «الوكالة الأميركية للطيران والفضاء» (ناسا)، تهتم بذلك الأمر، يصبح لحديث الـ «مبشر» رنّة واقعية. وقبل التحليق في الفضاء، جرى الحديث عن مكانة الإنترنت وفحواها باللغة العربية والآثار المتولدة عنها. وشدّد سيرف على أن محرك البحث الشهير «غوغل»، يهتم بإتاحة ما ينتجه من أدوات وتطبيقات متطورة على المستويات المحلية. وعربياً، يترجم ذلك التوجّه نفسه من خلال تعريب تلك التطبيقات والأدوات، وكذلك الحال بالنسبة للخدمات المرتبطة بها. وبيّن أن زيادة المحتوى العربي على الشبكة هدف يضعه «غوغل» نصب عينيه باستمرار.
والمعلوم أن المنطقة العربية تضم40 مليون مستخدم للإنترنت، يستعملون محركات بحث متنوعة مثل «غوغل» و «ياهو» و «إم إس إن» و «مكتوب» و «أين» و «فيستا» وغيرها. ولذا، أوضح سيرف ان كلمة السر بالنسبة إلى «غوغل» للاحتفاظ بأكبر عدد ممكن من المستخدمين هو «التعريب»، إضافة إلى خدمة الترجمة الآلية. وقال سيرف: «اللغة العربية بالغة الأهمية بالنسبة إلى محرك «غوغل»، ونحن نعمل بكل جد لنتعامل معها... ويمكنني القول إننا نتعامل الآن مع اللغة العربية بشكل أفضل بكثير من السابق». وعلى رغم اعترافه بأن خدمة الترجمة المتاحة يشوبها الكثير من الثغرات، فإنها تنجح، في أحيان كثيرة، في شرح المعنى العام للمعلومات المراد ترجمتها.
من وإلى وحول الأرض
وإذا كانت الترجمة من لغات أخرى إلى العربية عبر «غوغل» ما زالت في أطوارها الأولى، فان الأنشطة «الغوغلية» العنكبوتية بصفة عامة سارت - أو بالأحرى طارت - بسرعة كبيرة في مجالات أخرى تنبئ بقفزة جديدة في عالم المعلوماتية. فقد أشار غراي إلى إن نشر شبكة الكترونية تشبه الإنترنت عبر الكواكب السيّارة في المجموعة الشمسية يسير على قدم وساق. وتوقع أن تشهد نهاية العام الجاري تجهيز بروتوكول لعمل الشبكة التي تربط بين الكواكب المختلفة. ويُطلق البعض على تلك الشبكة اسم «انترابلانيت نت» Intra Planet Net.
وبالعودة الى كوكب الأرض، أوضح سيرف أن ثمة مجموعات عمل في «غوغل» منشغلة حالياً بحل المعضلات التي يتوقع حدوثها في مجال مشروع «حوسبة الغمام» Cloud Computing، التي تُسمى أحياناً «السحابة الإلكترونية». ويتلخص هذا المشروع بحض المستخدمين على وضع ملفاتهم كافة في موقع «غوغل»، بحيث يتسنى لهم العودة إليها والعمل عليها، بصرف النظر عن موقعهم الجغرافي. وبديهي القول ان «حوسبة الغمام» أثارت أسئلة عدة حول سبل الحماية المتاحة للمعلومات في مواقعها داخل الفضاء الرقمي لشبكة الانترنت. ويعكف الاختصاصيون حالياً على استنباط طرق متطورة لحماية للمعلومات، خصوصاً عندما تحمل بعض تلك الملفات فيروسات تهدد بإتلاف كميات كبيرة من المعلومات، إضافة الى المخاطر المتأتية من هجمات «قراصنة الكومبيوتر» (هاكرز - Hackers) وغيرها.
وعلى رغم النبرة المستقبلية التي سادت في أحاديث سيرف عن الانترنت، تفيد الخبرة مع الشبكة العنكبوتية أن ما يبدو في لحظة ما وكأنه رهن بالمستقبل البعيد، قد يتحوّل بسرعة الى مبادرات واقعية تحمل الفوائد الكثيرة للجمهور.
الخليوي والشبكات الرقمية
وتحدث سيرف أيضاً عن غد قريب تكون فيه الأجهزة كافة بمختلف أنواعها لديها القدرة على العمل مع بعضها البعض، وقال: «سيكون هناك هاتف محمول قادر على التحدث ومرتبط بشبكة الإنترنت، سيارة مرتبطة بنظام ملاحي مرتبط بالأقمار الإصطناعية التي تمتلك عنواناً عنكبوتياً».
ورأى أن هذه الصورة مهمة لتفهم طبيعة اهتمام «غوغل» بظهور رقاقات الكترونية تتولى، ضمن مهماتها المتنوعة، تحديد التردّد الإذاعي. وقال: «يمكن ربط الأجهزة المختلفة التي تحتوي على رقاقات تستطيع التعامل مع مقاييس تحديد التردد الإذاعي، عبر شبكة الإنترنت بسهولة. وبذا، يصبح التردّد الإذاعي جزءاً أساسياً من عمل الانترنت وعناوينها ومكوّناتها. واستنتج سيرف أن الحاجة إلى مساحة عناوين أكبر في الفضاء الالكتروني تتصاعد بصورة مستمرة، خصوصاً العناوين التي تشمل أجهزة الإنترنت النقّالة بأنواعها.
ولفت الى الزيادة المطردة في انتشار الخليوي واستخداماته وخدماته وتطبيقاته. ورأى أن «تلك الأمور تنتظر من يدفعها الى الأمام تقنياً، بحيث يتزايد حجم الاستفادة بها على الصعيد المعلوماتي»، ملاحظاً أن الهواتف المحمولة تعاني من بعض المعوقات الأساسية مثل صغر حجم شاشاتها التي يفترض أن تظهر المعلومات عليها، وكذلك الحال بالنسبة للوحة التحكم. وعلّق على هذه العوائق قائلاً: «علينا أن نعي حقيقة أن البعض منا على كوكب الأرض قد يُجري الاتصال الأول (وربما الوحيد) مع الشبكة العنكبوتية من خلال الهاتف المحمول». واستطرد قائلاً: «ذلك يعني الحاجة أيضاً إلى تزويد هذه الأجهزة بسرعات أكبر باتت ماسة، كذلك ضرورة إيلاء اهتمام مناسب للتحديات الاقتصادية في مجال الهواتف المحمولة، نظراً الى توافر البنية الأساسية لاقتصاد الخليوي ووجود عدد كبير من المنافسين في الأسواق المزودة للخدمات التي ترتكز عليها التبادلات على الهواتف المحمولة في المدن... لنلاحظ أيضاً أن خدمات الخليوي تنخفض كلفتها باستمرار، ومن ثم تسهل إتاحتها في شكل أكبر من المناطق الريفية».
وفي سياق متصل، شدّد على اهتمام «غوغل» البالغ بإتاحة المعلومات «لكل البشر من دون عوائق سواء لأسباب اقتصادية أو تتعلق بسياسات أو أولويات أو حتى اهتمامات مزودي الخدمة الذين قد يتحكمون في المعلومات العنكبوتية». وأشار الى أن ذلك «يُترجم في عمل دائم ودؤوب في «غوغل» لتطوير التقنيات المناسبة التي تكفل إتاحة المعلومات ونشرها، خصوصاً في الدول النامية».
والمعلوم أن سيرف ألقى محاضرة في «مكتبة الإسكندرية»، أشار فيها إلى أن أكبر عدد من مستخدمي الشبكة حالياً هم في آسيا، تليها القارة الأميركية ثم أوروبا فشمال أفريقيا، ما يعني أن ثمة استخداماً متزيداً في دول العالم النامي لشبكة الانترنت واعتماداً متزايداً عليها.
مليون محاضرة للعرب
ورأى سيرف أن العالم «يشهد حالياً محاولات حثيثة لزيادة كمية المعلومات المتاحة على شبكة الإنترنت، تساهم فيها مجموعات كبيرة من العلماء، وكجزء من تلك الجهود، ثمة سعي لوضع محاضرات علمية تكون متاحة للجميع، لا سيما في الدول النامية التي قد يتعذر فيها الوصول إلى المكتبات والمرجعيات العلمية». وقال: «أنا سعيد جداً أن مثل هذا الجهد يحدث في مكتبة الإسكندرية التي تعتبر أحد أهم الرموز العلمية في عالمنا المعاصر». وفي هذا السياق، أشار إلى ان المشروع «يرمي الى جمع مئة ألف محاضرة لباحثين وعلماء خلال سنة، على أن يصل الرقم إلى مليون محاضرة خلال ثلاثة أعوام». وشدّد على ان «المحاضرات ستكون متاحة كلها أمام الباحثين من أساتذة وطلاب، ما يؤدي إلى تمكينهم من الاطلاع على أحدث الدراسات والمعلومات العلمية». ورأى أن المشروع الذي تنهض به «مكتبة الإسكندرية» (بالمشاركة مع مجموعة من الجهات الدولية) يلائم هوى «غوغل» تماماً. وقال: «في غوغل، يتمثل همنا الأكبر في تنظيم المعلومات وجمعها. ويخدم هذا الأمر مصالح مكتبة الإسكندرية وغوغل».
وأشار إلى أن اهتمامات «غوغل» لا تقف عند حدود المعلومات، بل تشمل أيضاً الاهتمام بالإعلانات. وقال: «تعلمنا أن الإعلان لا يندرج تحت بند اهتمامات الناس، لأنهم يهتمون أكثر بالمعلومات. وإذا احتوى الإعلان على معلومات، فهم لا يتعاملون معه باعتباره إعلاناً، بل معلومة. لذلك نحاول حالياً قدر الإمكان أن يكون الإعلان العنكبوتي متصلاً قدر الإمكان باهتمامات المستخدم. وقد تعلّم المُعلِن أيضاً أن من يدق بالفأرة الالكترونية على إعلان بعينه، يكون في الأغلب مهتماً في شكل جدي بهذا المنتج. ويعني ذلك أن زمن تصميم الإعلان في شكل يغري ويجذب المستهلك أو المستخدم انتهى لأن من يضرب بـ «الماوس» على إعلان ما، يفترض أن يكون شخصاً مهتماً بصورة فعلية، وبالتالي فإنه لا يحتاج إلى بذل جهد إضافي على هذا الصعيد».
هموم أمنية...
لا يُلغي حديث المال والأعمال، الكلام عن الحياد ومراعاة الأخلاقيات السياسية، أو مجافاتها. والمعلوم أن شركة «غوغل» وجدت نفسها ضالعة مراراً في جدالات طويلة على فضاء الإنترنت، انتقل بعضه إلى العالم الواقعي، بسبب صور منقولة من «غوغل إيرث» أو اتهامات بتسهيل ضرب مواقع عسكرية أو منع مقاطع بعينها من الصور والخرائط لأسباب تتعلق بالأمن القومي لدولة بعينها وغيرها. وحتى في مجزرة غزة، وجدت «غوغل» نفسها ضالعة في حرب شعواء لاستخدام وزارة «الدفاع» الإسرئيلية موقع «يوتيوب» لبث صور عن هجماتها لـ «التأكيد» أنها لا تستهدف المدنيين في شكل متعمد. مثل هذه الإشكاليات، رد عليها سيرف بقوله: «هذا مثير جداً! أوضح في البداية أن ما هو متاح لدينا من صور ومعلومات مصدرها عمومي ومتاح للجميع... ليس لدينا أي مصادر سرية للمعلومات أو الصور أو الخرائط. وأعلم أن البعض يتخيل أننا نغير صوراً ما، فيرى صورة ما قبل أسبوع ويفاجأ بأنها أصبحت أقل أو أكثر وضوحاً بعد أيام. قد يكون ذلك صحيحاً، ولكن السبب في ذلك هو تحديث الصور، ليس أكثر أو أقل».
وأضاف: «أحياناً تعترض جهات ما على صور أو معلومات بعينها باعتبارها تمثل خطراً داهماً على قضايا تتعلق بالأمن والسلامة، وفي مثل هذه الحالات نشجع الحكومة المعنية على أن تشرح لنا ماهية هذا الخطر، ثم نقوّم ما إذا كان علينا أن نتدخل أم لا. هناك مواقف أجريت فيها إزالة معلومات بناء على طلب حكومات، ولكن بعد أن تأكدنا من أن الطلب حقيقي ويرتكز على مسائل تتعلق بالأمن والسلامة». وضرب مثلاً على ذلك انفجارات بومباي الأخيرة، إذ أشاع بعضهم أن «غوغل إيرث» سهلت، في شكل ما، عملية الاستهداف. وقال: «لا أعلم إن كان هذا صحيحاً أم لا، ولكنه احتمال غير مستحيل. لكن هل يعني هذا أن نزيل هذه الخرائط من الإنترنت؟ وإن كان من نفذ التفجيرات لجأ إلى خرائط ورقية، هل كنا سنطالب بوقف استخدام الخرائط الورقية؟».
وبما أن الرئيس الأميركي المنتخب باراك أوباما يخطو أولى خطواته على طريق الرئاسة، لم يفت سيرف الإشارة إلى دور الشبكة العنكبوتية في الانتخابات الأميركية الأخيرة. فقد استغلت حملة أوباما الانترنت ورسائل الهواتف المحمولة أحسن استخدام. وعلّق سيرف على ذلك بالقول: «القدرة على إرسال المعلومات واستقبالها كانت سمة مميزة لحملة أوباما الانتخابية. لقد وعى القائمون على الحملة قدرة الإنترنت والطرق المعلوماتية الحديثة في أن تكون طريقاً مزدوجاً وليس أحادي الاتجاه للمعلومات».
الإسكندرية - أمينة خيري
الحياة - 06/02/09//
لم تر عيناه في الجدارية المعلقة في القاعة الكبيرة في «مكتبة الاسكندرية» صورة لقدماء المصريين وقد أمسكت أيديهم حبلاً سميكاً ضمن إحدى اللعب الجماعية التي كانوا يمارسونها، بل رأتها صورة لأيد من زمن الفراعنة، تتعاون لحمل كابل إنترنت بغرض تركيبه لنقل معلومات عن حضارتهم. وبدا التصور غريباً، لكن بعد دقائق من الحديث معه، بات واضحاً أن تلك «الرؤية» قريبة إلى عقله وتفكيره، إذ تتشابك في شخصيته خيوط خبراته الحياتية مع الألياف الضوئية للشبكة الرقمية العنكبوتية، تشابكاً يصعب حلحلته وتفكيكه.
وأما حيث يعمل في شركة «غوغل»، فقد نال لقب «مبشر» الإنترنت. ويعرف عالمياً باعتباره أحد «آباء الإنترنت» المؤسسين، إذ كان أحد الذين ساهموا في خروج هذا المارد العنكبوتي إلى الحياة.
وفي «مكتبة الإسكندرية» جاء فينتون غراي سيرف، نائب رئيس شركة «غوغل» ليساهم في مبادرة «المليون محاضرة» التي أطلقتها المكتبة أخيراً. وهناك، التقته «الحياة» فتحدث عن الإنترنت ورؤاه لمستقبلها، وتوقعاته عن تطوراتها في العالم العربي. ثم امتد الحديث ليشمل الكرة الأرضية ثم إنطلق منها ليصل الى «حلم» عن شبكة رقمية تربط الكواكب السيارة التي تؤلف المجموعة الشمسية.
التعريب طريقاً لزيادة المحتوى
ربما رنّت كلمات مثل «شبكة بين الكواكب» بوقع ملؤه الغرابة على كثير من الآذان العربية، لكن الحديث مع سيرف يظهر تلك الشبكة وكأنها شيء جدي تماماً. وإذا علمنا أن أطرافاً كثيرة، خصوصاً «الوكالة الأميركية للطيران والفضاء» (ناسا)، تهتم بذلك الأمر، يصبح لحديث الـ «مبشر» رنّة واقعية. وقبل التحليق في الفضاء، جرى الحديث عن مكانة الإنترنت وفحواها باللغة العربية والآثار المتولدة عنها. وشدّد سيرف على أن محرك البحث الشهير «غوغل»، يهتم بإتاحة ما ينتجه من أدوات وتطبيقات متطورة على المستويات المحلية. وعربياً، يترجم ذلك التوجّه نفسه من خلال تعريب تلك التطبيقات والأدوات، وكذلك الحال بالنسبة للخدمات المرتبطة بها. وبيّن أن زيادة المحتوى العربي على الشبكة هدف يضعه «غوغل» نصب عينيه باستمرار.
والمعلوم أن المنطقة العربية تضم40 مليون مستخدم للإنترنت، يستعملون محركات بحث متنوعة مثل «غوغل» و «ياهو» و «إم إس إن» و «مكتوب» و «أين» و «فيستا» وغيرها. ولذا، أوضح سيرف ان كلمة السر بالنسبة إلى «غوغل» للاحتفاظ بأكبر عدد ممكن من المستخدمين هو «التعريب»، إضافة إلى خدمة الترجمة الآلية. وقال سيرف: «اللغة العربية بالغة الأهمية بالنسبة إلى محرك «غوغل»، ونحن نعمل بكل جد لنتعامل معها... ويمكنني القول إننا نتعامل الآن مع اللغة العربية بشكل أفضل بكثير من السابق». وعلى رغم اعترافه بأن خدمة الترجمة المتاحة يشوبها الكثير من الثغرات، فإنها تنجح، في أحيان كثيرة، في شرح المعنى العام للمعلومات المراد ترجمتها.
من وإلى وحول الأرض
وإذا كانت الترجمة من لغات أخرى إلى العربية عبر «غوغل» ما زالت في أطوارها الأولى، فان الأنشطة «الغوغلية» العنكبوتية بصفة عامة سارت - أو بالأحرى طارت - بسرعة كبيرة في مجالات أخرى تنبئ بقفزة جديدة في عالم المعلوماتية. فقد أشار غراي إلى إن نشر شبكة الكترونية تشبه الإنترنت عبر الكواكب السيّارة في المجموعة الشمسية يسير على قدم وساق. وتوقع أن تشهد نهاية العام الجاري تجهيز بروتوكول لعمل الشبكة التي تربط بين الكواكب المختلفة. ويُطلق البعض على تلك الشبكة اسم «انترابلانيت نت» Intra Planet Net.
وبالعودة الى كوكب الأرض، أوضح سيرف أن ثمة مجموعات عمل في «غوغل» منشغلة حالياً بحل المعضلات التي يتوقع حدوثها في مجال مشروع «حوسبة الغمام» Cloud Computing، التي تُسمى أحياناً «السحابة الإلكترونية». ويتلخص هذا المشروع بحض المستخدمين على وضع ملفاتهم كافة في موقع «غوغل»، بحيث يتسنى لهم العودة إليها والعمل عليها، بصرف النظر عن موقعهم الجغرافي. وبديهي القول ان «حوسبة الغمام» أثارت أسئلة عدة حول سبل الحماية المتاحة للمعلومات في مواقعها داخل الفضاء الرقمي لشبكة الانترنت. ويعكف الاختصاصيون حالياً على استنباط طرق متطورة لحماية للمعلومات، خصوصاً عندما تحمل بعض تلك الملفات فيروسات تهدد بإتلاف كميات كبيرة من المعلومات، إضافة الى المخاطر المتأتية من هجمات «قراصنة الكومبيوتر» (هاكرز - Hackers) وغيرها.
وعلى رغم النبرة المستقبلية التي سادت في أحاديث سيرف عن الانترنت، تفيد الخبرة مع الشبكة العنكبوتية أن ما يبدو في لحظة ما وكأنه رهن بالمستقبل البعيد، قد يتحوّل بسرعة الى مبادرات واقعية تحمل الفوائد الكثيرة للجمهور.
الخليوي والشبكات الرقمية
وتحدث سيرف أيضاً عن غد قريب تكون فيه الأجهزة كافة بمختلف أنواعها لديها القدرة على العمل مع بعضها البعض، وقال: «سيكون هناك هاتف محمول قادر على التحدث ومرتبط بشبكة الإنترنت، سيارة مرتبطة بنظام ملاحي مرتبط بالأقمار الإصطناعية التي تمتلك عنواناً عنكبوتياً».
ورأى أن هذه الصورة مهمة لتفهم طبيعة اهتمام «غوغل» بظهور رقاقات الكترونية تتولى، ضمن مهماتها المتنوعة، تحديد التردّد الإذاعي. وقال: «يمكن ربط الأجهزة المختلفة التي تحتوي على رقاقات تستطيع التعامل مع مقاييس تحديد التردد الإذاعي، عبر شبكة الإنترنت بسهولة. وبذا، يصبح التردّد الإذاعي جزءاً أساسياً من عمل الانترنت وعناوينها ومكوّناتها. واستنتج سيرف أن الحاجة إلى مساحة عناوين أكبر في الفضاء الالكتروني تتصاعد بصورة مستمرة، خصوصاً العناوين التي تشمل أجهزة الإنترنت النقّالة بأنواعها.
ولفت الى الزيادة المطردة في انتشار الخليوي واستخداماته وخدماته وتطبيقاته. ورأى أن «تلك الأمور تنتظر من يدفعها الى الأمام تقنياً، بحيث يتزايد حجم الاستفادة بها على الصعيد المعلوماتي»، ملاحظاً أن الهواتف المحمولة تعاني من بعض المعوقات الأساسية مثل صغر حجم شاشاتها التي يفترض أن تظهر المعلومات عليها، وكذلك الحال بالنسبة للوحة التحكم. وعلّق على هذه العوائق قائلاً: «علينا أن نعي حقيقة أن البعض منا على كوكب الأرض قد يُجري الاتصال الأول (وربما الوحيد) مع الشبكة العنكبوتية من خلال الهاتف المحمول». واستطرد قائلاً: «ذلك يعني الحاجة أيضاً إلى تزويد هذه الأجهزة بسرعات أكبر باتت ماسة، كذلك ضرورة إيلاء اهتمام مناسب للتحديات الاقتصادية في مجال الهواتف المحمولة، نظراً الى توافر البنية الأساسية لاقتصاد الخليوي ووجود عدد كبير من المنافسين في الأسواق المزودة للخدمات التي ترتكز عليها التبادلات على الهواتف المحمولة في المدن... لنلاحظ أيضاً أن خدمات الخليوي تنخفض كلفتها باستمرار، ومن ثم تسهل إتاحتها في شكل أكبر من المناطق الريفية».
وفي سياق متصل، شدّد على اهتمام «غوغل» البالغ بإتاحة المعلومات «لكل البشر من دون عوائق سواء لأسباب اقتصادية أو تتعلق بسياسات أو أولويات أو حتى اهتمامات مزودي الخدمة الذين قد يتحكمون في المعلومات العنكبوتية». وأشار الى أن ذلك «يُترجم في عمل دائم ودؤوب في «غوغل» لتطوير التقنيات المناسبة التي تكفل إتاحة المعلومات ونشرها، خصوصاً في الدول النامية».
والمعلوم أن سيرف ألقى محاضرة في «مكتبة الإسكندرية»، أشار فيها إلى أن أكبر عدد من مستخدمي الشبكة حالياً هم في آسيا، تليها القارة الأميركية ثم أوروبا فشمال أفريقيا، ما يعني أن ثمة استخداماً متزيداً في دول العالم النامي لشبكة الانترنت واعتماداً متزايداً عليها.
مليون محاضرة للعرب
ورأى سيرف أن العالم «يشهد حالياً محاولات حثيثة لزيادة كمية المعلومات المتاحة على شبكة الإنترنت، تساهم فيها مجموعات كبيرة من العلماء، وكجزء من تلك الجهود، ثمة سعي لوضع محاضرات علمية تكون متاحة للجميع، لا سيما في الدول النامية التي قد يتعذر فيها الوصول إلى المكتبات والمرجعيات العلمية». وقال: «أنا سعيد جداً أن مثل هذا الجهد يحدث في مكتبة الإسكندرية التي تعتبر أحد أهم الرموز العلمية في عالمنا المعاصر». وفي هذا السياق، أشار إلى ان المشروع «يرمي الى جمع مئة ألف محاضرة لباحثين وعلماء خلال سنة، على أن يصل الرقم إلى مليون محاضرة خلال ثلاثة أعوام». وشدّد على ان «المحاضرات ستكون متاحة كلها أمام الباحثين من أساتذة وطلاب، ما يؤدي إلى تمكينهم من الاطلاع على أحدث الدراسات والمعلومات العلمية». ورأى أن المشروع الذي تنهض به «مكتبة الإسكندرية» (بالمشاركة مع مجموعة من الجهات الدولية) يلائم هوى «غوغل» تماماً. وقال: «في غوغل، يتمثل همنا الأكبر في تنظيم المعلومات وجمعها. ويخدم هذا الأمر مصالح مكتبة الإسكندرية وغوغل».
وأشار إلى أن اهتمامات «غوغل» لا تقف عند حدود المعلومات، بل تشمل أيضاً الاهتمام بالإعلانات. وقال: «تعلمنا أن الإعلان لا يندرج تحت بند اهتمامات الناس، لأنهم يهتمون أكثر بالمعلومات. وإذا احتوى الإعلان على معلومات، فهم لا يتعاملون معه باعتباره إعلاناً، بل معلومة. لذلك نحاول حالياً قدر الإمكان أن يكون الإعلان العنكبوتي متصلاً قدر الإمكان باهتمامات المستخدم. وقد تعلّم المُعلِن أيضاً أن من يدق بالفأرة الالكترونية على إعلان بعينه، يكون في الأغلب مهتماً في شكل جدي بهذا المنتج. ويعني ذلك أن زمن تصميم الإعلان في شكل يغري ويجذب المستهلك أو المستخدم انتهى لأن من يضرب بـ «الماوس» على إعلان ما، يفترض أن يكون شخصاً مهتماً بصورة فعلية، وبالتالي فإنه لا يحتاج إلى بذل جهد إضافي على هذا الصعيد».
هموم أمنية...
لا يُلغي حديث المال والأعمال، الكلام عن الحياد ومراعاة الأخلاقيات السياسية، أو مجافاتها. والمعلوم أن شركة «غوغل» وجدت نفسها ضالعة مراراً في جدالات طويلة على فضاء الإنترنت، انتقل بعضه إلى العالم الواقعي، بسبب صور منقولة من «غوغل إيرث» أو اتهامات بتسهيل ضرب مواقع عسكرية أو منع مقاطع بعينها من الصور والخرائط لأسباب تتعلق بالأمن القومي لدولة بعينها وغيرها. وحتى في مجزرة غزة، وجدت «غوغل» نفسها ضالعة في حرب شعواء لاستخدام وزارة «الدفاع» الإسرئيلية موقع «يوتيوب» لبث صور عن هجماتها لـ «التأكيد» أنها لا تستهدف المدنيين في شكل متعمد. مثل هذه الإشكاليات، رد عليها سيرف بقوله: «هذا مثير جداً! أوضح في البداية أن ما هو متاح لدينا من صور ومعلومات مصدرها عمومي ومتاح للجميع... ليس لدينا أي مصادر سرية للمعلومات أو الصور أو الخرائط. وأعلم أن البعض يتخيل أننا نغير صوراً ما، فيرى صورة ما قبل أسبوع ويفاجأ بأنها أصبحت أقل أو أكثر وضوحاً بعد أيام. قد يكون ذلك صحيحاً، ولكن السبب في ذلك هو تحديث الصور، ليس أكثر أو أقل».
وأضاف: «أحياناً تعترض جهات ما على صور أو معلومات بعينها باعتبارها تمثل خطراً داهماً على قضايا تتعلق بالأمن والسلامة، وفي مثل هذه الحالات نشجع الحكومة المعنية على أن تشرح لنا ماهية هذا الخطر، ثم نقوّم ما إذا كان علينا أن نتدخل أم لا. هناك مواقف أجريت فيها إزالة معلومات بناء على طلب حكومات، ولكن بعد أن تأكدنا من أن الطلب حقيقي ويرتكز على مسائل تتعلق بالأمن والسلامة». وضرب مثلاً على ذلك انفجارات بومباي الأخيرة، إذ أشاع بعضهم أن «غوغل إيرث» سهلت، في شكل ما، عملية الاستهداف. وقال: «لا أعلم إن كان هذا صحيحاً أم لا، ولكنه احتمال غير مستحيل. لكن هل يعني هذا أن نزيل هذه الخرائط من الإنترنت؟ وإن كان من نفذ التفجيرات لجأ إلى خرائط ورقية، هل كنا سنطالب بوقف استخدام الخرائط الورقية؟».
وبما أن الرئيس الأميركي المنتخب باراك أوباما يخطو أولى خطواته على طريق الرئاسة، لم يفت سيرف الإشارة إلى دور الشبكة العنكبوتية في الانتخابات الأميركية الأخيرة. فقد استغلت حملة أوباما الانترنت ورسائل الهواتف المحمولة أحسن استخدام. وعلّق سيرف على ذلك بالقول: «القدرة على إرسال المعلومات واستقبالها كانت سمة مميزة لحملة أوباما الانتخابية. لقد وعى القائمون على الحملة قدرة الإنترنت والطرق المعلوماتية الحديثة في أن تكون طريقاً مزدوجاً وليس أحادي الاتجاه للمعلومات».