المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الرأي المخالف بين القبول والملول:



السيد مهدي
01-31-2009, 05:52 AM
الرأي المخالف بين القبول والملول:

الواعون من الناس، والمطلعون على الثقافة والمعرفة، عرفوا وآمنوا بإن الخلاف من طبيعة البشر.

بمعنى هم(الواعون) توصلوا إلى حقيقة كون المخالف لك، ليس عدوك. ومن حقه أن يختلف معك، وليس بالضرورة أن يكون مؤيدالك في كل ماتراه وتتصوره.

نعم هناك حالات خاصة معينة، يكون فيهاالفرد محقامائة في المائة في موقفه. لذلك يؤلمه أن يرى من يخالفه ويعانده.

ومن تلك الحالات مثلا، حب الوالدين لأبنائهم، وتمنى الخيروالسؤود لهم في الحياة.

يعني بصورة عامة لاتوجد أم على وجه البسيطة، من لاتريد الخيرلولدهاوبنتها.هذه هي فطرة الله في خلقه. فحتى الحيوان الأعجم، يحنوويعطف على وليده. ودافع غريزة حب الخلفة، بل وحتى التضحية حتى الموت، في سبيل الولد والتلد، حقيقة شاخصة أمام الملاحظ والدارس على السواء.

وهذه الهبة والنعمة الإلهية، هي التي حفظت للحياة ديمومتها وإستمراريتها.فلولاعاطفة الأمومة، لماأستمرت حياة، ولماتكونت أمم ومجتمعات.

وعندمايعي الإنسان هذه الحقيقة الثابتة في دنياالحياة. يعرف بإن حب الوالدة وميلهالوليدها. حق معترف به ولها. لذلك لايمكن مخالفة تلك الحقيقة، والأتيان بمايضاددهاويعاكسها. فحتى إن جارت علي والدتي، وتجاوزت على حقوقي الأساسية، لايمكن أن يحصل ذلك بدافع النقمة والكراهية، يل يمكن أن يكون لدوافع أخرى.

وبهذاالخصوص، تجاوبت شريعتناالخالدة، مع هذه الحقيقة والفطرة الإلهية. لتوصي بحق البر للوالدين، وخاصة الأم. ليقول الرسول الكريم(ص):

أمك ثم أمك ثم أمك ثم أباك.

والجنة تحت أقدام الأمهات.

وعندي بعض الأشعارعن المرأة بهذاالخصوص لأقول:

يالائمي في الحب إعرف:............. من حمت في النائبات؟
ومن التي هزت مهودا................لعزيزفي ليال ساغبات ؟
ومن التي وهبت حياة؟...............لتكن أما. فنعم الواهبات
ومن التي حنت وربت؟.............تستحق الرجل منهاالقبلات!!
...الخ.

وهناك حالات مشابهة أخرى، لحالة كون حب الوالدين للولد حق، يجب أن لايعارض ولايناقض.

وبسبب خصوصية هذه الحالة، دافع حب الوالدين لولدهم وخلفهم.لايجب مخالفة الوالدين، وبمايتصادم مع إظهارذلك الحب الأبوي، تحت أي ظرف. إلافي ظرف خاص يوجبه ويريده الله عزوجل. وكماتنص الآية الكريمة: سورة العنكبوت - سورة 29 - آية 8((ووصينا الانسان بوالديه حسنا وان جاهداك لتشرك بي ما ليس لك به علم فلا تطعهما الي مرجعكم فانبئكم بما كنتم تعملون))

ومن هذه الحقيقة التي تلامس الوجدان والشعورالأبوي، نستنتج بإن كل فرد، لايحب أن يرى من هوأعلى وأرفع منه منزلة وجاها، إلا ولده و خلفه. لأنه يرى فيهم إمتداده الطبيعي في عالم الحياة.

ونعود فنقول:إذا تجاوزنامثل تلك الحالات الخاصة، إلى الحالة العامة، نعرف بإن الخلاف حق طبيعي للفرد في رؤيته المغايرة لمايراه الأخرون.

إذن هنانكون قد ميزنا خلافامقبولا.

فحيهلا بمثل هكذا خلاف، لأنه متجاوب ومنسجم مع الطبيعة البشرية.

ويمكن لهذاالقبول، أن يتسع إلى مجالات أرحب وأوسع، ليصبح بحكم الضرورات.

فالنظم الديقراطية المتقدمة في العالم، والتي تدعولإشاعة العدالة والإنصاف للجميع، ليس فقط تقبل بمثل هكذا خلاف. بل تسعي جاهدة، لتناضل وتجادل من أجل إشاعته وضرورته في عالم اليوم.

وحتى الحكم الدكتاتوري المتفرد بحكم دولة ما، يعرف جيدا ضرورة وجود المستشارين والناصحين حول الدكتاتور، ليعرفوا بالمساعدين له في نشرأفكاره وتطلعاته.

وهكذا تتسع في النظم الديقراطية، فسحة الخلاف في الرأي، لتقبله كل الأمة كحق طبيعي لها. لكن تلك الفسحة تضيق حول الدكتاتور، لتنحصربه وبالمساعدين القلة من حوله.

وهكذا تكونت ونشأت المعارضة في النظم الديمقراطية، ليتم تداول السلطة، بعد الإحتكام للشعب في إختيارممثليه ومن يراهم الأمثل في العمل من أجل رفع مستواهم ورفاه عيشهم.

بعكس الحكم الديكتاتوري، الذي يفرض هيمنته وسيطرته على المحكومين!!ويقتصرفي إستشاراته ومناقشة قرارته في دائرة ضيقة من المحسوبين والمتملقين له.

الخلاف في ظل الحكم الديكتاتوري، لايكون مقبولا بل مملولا. بمعنى نعم المتحكم الفردي الطاغية، يستشير ويشير ضمن الدائرة الضيقة التي تحيط به. لكن وبسبب الأنانية المفرطة والطغيان المتفرعن في تصرفاته. يقبل بالخلاف على ملل، وبهدف الحصول على أفكارورؤى قد يفتقرلها.

وعادة الإنسان، أي إنسان، يود أن يسمع إطراءاومديحا، وبوده أن يرى من يستحسن عمله، ويربت على كتفه كتأييد له في عمله. وهذا مايستغله المتملقون المتحلقون حول الطاغية الدكتاتور، ليعطوه مايرغب به.

وعندماتأخذ المصلحة دورهاوتتحكم في العمل.يصبح الدكتاتورأسيرلمستشاريه ونزواته، وهم أسرى لديه ينفذون رغباته، طمعا في هباته!!

وهكذاأصبح الخلاف ضمن الدائرة الضيقة مملولاوغبرمقبولا.

حسنا وماذاعناكمسلمين؟؟ وماهوموقف إسلامنا من الخلاف وقبوله أوملوله؟؟؟

بداية (لاإكراه في الدين) هكذا تنص الآية. يعني الدين: قناعة، وليس فرض طاعة.

وهذه مهمة جدا. بل وغاية في الأهمية، وفيها تفصيل كثير.

لاأحد يأتيني ويحتج علي بالآية الكريمة: ومن يبتغي غيرالإسلام دينا فلن يقبل منه.

عمل الآية الكريمة المتقدمة، يبدأ بعد أن يكون الإنسان، قد قبل بفكرة الصانع الخالق المهيمن على الكون ومافيه، وقبل بدستوره الإلهي، المتمثل بالدين وضرورته في حياة البشر.

وكأن الباري يتحدى المؤمنين بالدين، أن يختارواديناأحسن من الإسلام، ليقول لهم، ومن يبتغي غيرالإسلام دينا فلن يقبل منه.

وبإعتبارنبيناالعظيم، مبلغ لرسالة رب العالمين. هكذا يخبره العليم الحكيم، في محكم كتابه الكريم.:(طه* ماأنزلنا عليك القرآن لتشقي* إنهاتذكرة لمن يخشى*...الخ) بمعنى هي تذكرة منك للبشر، بدون عناء وشقاء. فمن شاء فليؤمن، ومن شاء فليكفر. إذن الإيمان مقابل الكفر. وليس الأسلام مقابل الكفر.

فمن يتشهد الشهادين، ولوتورية وتغطية. خلاص عصم دمه وماله وعرضه. هكذا هي الرسالة، رحمة للعالمين. مجرد التشهد. حصل المسلم على حصانة لدمه وماله وعرضه.

الله أكبروالله كم هوالإسلام عظيم وعظيم في حياة البشرية؟؟؟

لذلك كل دعوة، لعدم قبول إسلام متشهد الشهادتين، باطلة ومتزمتة ولاعلاقة لهابرسالة رب العالمين. لذلك من الخطأ الفضيع أن يقسم الإسلام إلى إسلام صحيح وإسلام قبيح.

فمثل هذالتقسيم تعدي وتجاوزعلى رسالة رب العالمين.

نعم قديخطأالمسلم، حينمايخرج على أخلاقيات الإسلام،مثل ممارسة بعض المحرمات، أويأتي ببعض الأعمال التي لاتتماشى مع الفهم الإسلامي العام، يعني يدخل في باب إرتكاب المعاصي...الخ. ومثل هكذا شخص يحاسب أويعزر، ولايصح إخراجه من ربقة الإسلام.

وهناخلاف العاصي لأحكام الله، ونظم الشريعة الإسلامية، خلافا مملولا، وليس مقبولا.

نعم، لكن فهم الشريعة وفق المذهب والمدرسة ألإسلامية، ليس مملولابل مقبولا.

يعني هناك فهم للشريعة وهوفهم التشيع، وهناك فهم للشريعة وهوفهم التسنن. وكلا الفهمين مقبولين إسلاميا. إذن الخلاف بين المدارس الإسلامية أوالمذاهب الإسلامية، خلافا مقبولا وليس مملولا.

ومن العرض السابق نتبين ونميزخلافين متميزين، وهماالخلاف المقبول والخلاف المملول.

وآخردعواناأن الحمد لله رب العالمين.