قمبيز
01-25-2009, 09:31 PM
أيمن السميرى - ايلاف
قتلتنى هذه الكلمات ؛ ( ثوابت الأمة، رموز الأمة ... ) وغيرها من عبارات التسويغ التى ترد ضمن سياقات كتابات الحق الذى يراد به باطل، أينما رحت تطارد عينى الثوابت وتكمم فمى الرموز فأسكت إحتراما لثوابتى وتقديرا لرموزى . مثل المقبلات والسلطات والمخللات على المائدة ؛ يتداوال الأكادميون العبارات بشكل فضائحى تسويغى يجعل من الكلمات قميص عثمان يرتديه المنتفعون والمنافقون وقت اللزوم.
يتحدث السياسى الذى تربى فى حضن الفكر الشمولى وثوابت القائد المعلم عن ثوابت الأمة ورموزها، ويرعد أستاذ الجامعة المنافق منددا ببرامج الإصلاح المستوردة من الخارج ويذكر سامعية بثوابت الأمة ورموزها المقدسة، ويعلو صراخ الواعظ البطل ونحن نصلى الجمعة بمسجد بشارع مكرم عبيد بمدينة نصر القاهرية، بالدعاء على الديمقراطية وكل بدع الغرب الكافر وأيضا يذكر المصلين المساكين بثوابت الأمة وجيوشها التى كانت تغزو عاما وتحج عاما والخراج والجزية والخير العميم من السبايا والجوارى الذى كان يوزع كغنائم بقسمة العدل على الرموز، والنكسات التى حلت بنا بإبتعادنا عن تطبيق حدود الله .
فى عالم متغير، ويتغير كل ساعة، وتنطلق العقول فيه الى غير مدى، لانسمع شعبا فى العالم يتحدث بهذه الطريقة المتحفية إلا شعوبنا التى نبذت الأصنام منذ قرون وخلقت أصناما خاصة فى ذهنيتها تعبدها ولاتمل الطواف حول سيرتها. تعدل الشعوب والساسة كل يوم على الهواء مباشرة من مرجعياتها بما يتفق ومصالحها الأنية، ولايجد زعماء العالم الحر حرجا من التراجع عن موقف تبنوه بالأمس رأى فيه جيش المستشارين أنه قد يلحق ضررا بمصلحة يتوقعونها.
وسط كل هذة الحيوية التى يتمتع بها الحراك العالمى ؛ ينام العالم العربى ويصحو على ثوابته ورموزه المحنطة، يموت دونها، يرفض الإقتراب منها بالبحث والمراجعة الموضوعية الأمينة المنصفة، يلاحق كل من يقربها بلعنات التكفير والإقصاء، يهيم بها عشقا ويعيد ويزيد ويبالغ فى أدبياتها ويتمايل طربا على سيرتها التى أصبحت بالتقادم من مناطق العصمة والقداسة، أصبح الإقتراب منها خوضا فى حقول من الألغام يجلب المتاعب وأحيانا الموت، لسان حال الأمة يهتف بالحياة لبكر وخذاعة وتميم أكثر من توقه للمعرفة والتحضر ومشاركة العالم سباقه نحو الإبداع.
أفهم أن الأمم تحترم تاريخها وتوقره وتتناوله بالنقد والتحليل وتتجاوزه الى محطات أكثر رشدا وإستنارة، ولكنى لاأفهم كى تعبد الأمم تاريخها بكل مافيه من أسقام وعلل بل وتتماهى معه وتستدعيه فى شوق مع كل إنكسار يحل بها،إذا لاعلاج للعجز وقلة الحيلة إلا بالإستغراق فى أخبار الماضى بما يكتنفها من مبالغة وأحيانا تلفيق والإنفصال الواعى عن الحاضر بتحدياته التى بدلا من مواجهتها والتعاطى معها نتجاوزها الى شىء يشبة أحلام اليقظة وفق هذا المنطق تحولت كل إيماءة فى سالف الأزمان الى وثن يسكن العقول ولايبرحها.
عدوى الثوابت والرموز لم تكن ملمحا تاريخيا فقط ولكنها تجاوزت كونها موروثا عربيا لتصبح خلعة مجيدة نزين بها جيد الزعماء والرفاق والشيوخ ليتحولوا فى ذهنية الشعوب الى رموز فتشملهم دائرة العصمة والمنعة .
دفعنى الى تذكر موضوع الرموز والثوابت، حمى المؤتمرات الأكادمية المنصوبة عند كل منعطف عربى منددة بالإصلاح والديمقراطية على الطريقة الغربية، فقد إنبرى الأكادميون والساسة فى خطب ومطولات عن ثوابت الأمة ورفض الوصفات الإصلاحية الأمريكية، هرعت الى صديقى الصدوق جوجول بن لاثابت أبحث فى كل الدوريات والصحف عن كل ماكتب عن الإصلاح فى الشرق الأوسط عساى أعثر على وصفة بعينها ولم أجد، بل المدهش والصادم لى أننى عثرت على تصريح لجورج بوش - وبالمناسبة أنا لست من دراويشه - يقول فيه مامعناه :( أنه لايريد من العالم العربى أن يصبح مثل الولايات المتحدة الأمريكية ولكنه يرغب فى رؤية شرق أوسط ديمقراطى بالطريقة التى تتفق وثقافة شعوبة ...) أما وجه الصدمة فهو أن تصريح بوش يتجاوز إدعاءات دراويش الثوابت، بل ويلتقى معهم فى إدعائهم بأن التغيير ينبغى أن يتم وفق مرجعيات من ثقافة وتراث الأمة، ولكن لأن الشيطان يكمن فى الثوابت إنطلقت ميكروفونات التنديد بالإصلاح الأمريكى الذى يعلم المرتعدون منه انه سيجعل الأرض تميد تحت أقدام الكثيرين، فخرجت علينا مظاهرات الهتاف بحياة ( الوضع الراهن ) .
وعلى الجانب الأخر إنبرى شيوخ الفضائيات فى تذكير الناس بشورى السقيفة والبيعة وطاعة ولى الأمر وخطورة الإنحلال القادم من الغرب عندما والعياذ بالله ستقود المرأة السيارة وتقف أمام صناديق الأنتخاب ليرى الناس أصابعها فى القفاز الأسود.
لاأعرف ماهو الحال الذى كانت ستصل إليه اليابان لو وقف هيروهيتو خاطبا فى شعبه بعد الهزيمة فى الحرب العالمية الثانية، طالبا منهم الموت فى سبيل ثوابت الأمة اليابانية، أو لو بقى الألمان متمترسين فى قفص النازية ودسوا فى عقول صغارهم ثوابت الأمة ورموزها الهتلرية، ربما لم تكن لتتاح لى فرصة كتابة هذا المقال من خلال كومبيوتر محمول يابانى، وربما لم يستطع الزعماء الرموز الثوابت التحصن بسيارات مرسيدس المصفحة المضادة للرصاص التى تنتجها مصانع ألمانيا المهزومة .
aymanalsimery@yahoo.com
قاص وكاتب - عضو إتحاد الكتاب المصريين
قتلتنى هذه الكلمات ؛ ( ثوابت الأمة، رموز الأمة ... ) وغيرها من عبارات التسويغ التى ترد ضمن سياقات كتابات الحق الذى يراد به باطل، أينما رحت تطارد عينى الثوابت وتكمم فمى الرموز فأسكت إحتراما لثوابتى وتقديرا لرموزى . مثل المقبلات والسلطات والمخللات على المائدة ؛ يتداوال الأكادميون العبارات بشكل فضائحى تسويغى يجعل من الكلمات قميص عثمان يرتديه المنتفعون والمنافقون وقت اللزوم.
يتحدث السياسى الذى تربى فى حضن الفكر الشمولى وثوابت القائد المعلم عن ثوابت الأمة ورموزها، ويرعد أستاذ الجامعة المنافق منددا ببرامج الإصلاح المستوردة من الخارج ويذكر سامعية بثوابت الأمة ورموزها المقدسة، ويعلو صراخ الواعظ البطل ونحن نصلى الجمعة بمسجد بشارع مكرم عبيد بمدينة نصر القاهرية، بالدعاء على الديمقراطية وكل بدع الغرب الكافر وأيضا يذكر المصلين المساكين بثوابت الأمة وجيوشها التى كانت تغزو عاما وتحج عاما والخراج والجزية والخير العميم من السبايا والجوارى الذى كان يوزع كغنائم بقسمة العدل على الرموز، والنكسات التى حلت بنا بإبتعادنا عن تطبيق حدود الله .
فى عالم متغير، ويتغير كل ساعة، وتنطلق العقول فيه الى غير مدى، لانسمع شعبا فى العالم يتحدث بهذه الطريقة المتحفية إلا شعوبنا التى نبذت الأصنام منذ قرون وخلقت أصناما خاصة فى ذهنيتها تعبدها ولاتمل الطواف حول سيرتها. تعدل الشعوب والساسة كل يوم على الهواء مباشرة من مرجعياتها بما يتفق ومصالحها الأنية، ولايجد زعماء العالم الحر حرجا من التراجع عن موقف تبنوه بالأمس رأى فيه جيش المستشارين أنه قد يلحق ضررا بمصلحة يتوقعونها.
وسط كل هذة الحيوية التى يتمتع بها الحراك العالمى ؛ ينام العالم العربى ويصحو على ثوابته ورموزه المحنطة، يموت دونها، يرفض الإقتراب منها بالبحث والمراجعة الموضوعية الأمينة المنصفة، يلاحق كل من يقربها بلعنات التكفير والإقصاء، يهيم بها عشقا ويعيد ويزيد ويبالغ فى أدبياتها ويتمايل طربا على سيرتها التى أصبحت بالتقادم من مناطق العصمة والقداسة، أصبح الإقتراب منها خوضا فى حقول من الألغام يجلب المتاعب وأحيانا الموت، لسان حال الأمة يهتف بالحياة لبكر وخذاعة وتميم أكثر من توقه للمعرفة والتحضر ومشاركة العالم سباقه نحو الإبداع.
أفهم أن الأمم تحترم تاريخها وتوقره وتتناوله بالنقد والتحليل وتتجاوزه الى محطات أكثر رشدا وإستنارة، ولكنى لاأفهم كى تعبد الأمم تاريخها بكل مافيه من أسقام وعلل بل وتتماهى معه وتستدعيه فى شوق مع كل إنكسار يحل بها،إذا لاعلاج للعجز وقلة الحيلة إلا بالإستغراق فى أخبار الماضى بما يكتنفها من مبالغة وأحيانا تلفيق والإنفصال الواعى عن الحاضر بتحدياته التى بدلا من مواجهتها والتعاطى معها نتجاوزها الى شىء يشبة أحلام اليقظة وفق هذا المنطق تحولت كل إيماءة فى سالف الأزمان الى وثن يسكن العقول ولايبرحها.
عدوى الثوابت والرموز لم تكن ملمحا تاريخيا فقط ولكنها تجاوزت كونها موروثا عربيا لتصبح خلعة مجيدة نزين بها جيد الزعماء والرفاق والشيوخ ليتحولوا فى ذهنية الشعوب الى رموز فتشملهم دائرة العصمة والمنعة .
دفعنى الى تذكر موضوع الرموز والثوابت، حمى المؤتمرات الأكادمية المنصوبة عند كل منعطف عربى منددة بالإصلاح والديمقراطية على الطريقة الغربية، فقد إنبرى الأكادميون والساسة فى خطب ومطولات عن ثوابت الأمة ورفض الوصفات الإصلاحية الأمريكية، هرعت الى صديقى الصدوق جوجول بن لاثابت أبحث فى كل الدوريات والصحف عن كل ماكتب عن الإصلاح فى الشرق الأوسط عساى أعثر على وصفة بعينها ولم أجد، بل المدهش والصادم لى أننى عثرت على تصريح لجورج بوش - وبالمناسبة أنا لست من دراويشه - يقول فيه مامعناه :( أنه لايريد من العالم العربى أن يصبح مثل الولايات المتحدة الأمريكية ولكنه يرغب فى رؤية شرق أوسط ديمقراطى بالطريقة التى تتفق وثقافة شعوبة ...) أما وجه الصدمة فهو أن تصريح بوش يتجاوز إدعاءات دراويش الثوابت، بل ويلتقى معهم فى إدعائهم بأن التغيير ينبغى أن يتم وفق مرجعيات من ثقافة وتراث الأمة، ولكن لأن الشيطان يكمن فى الثوابت إنطلقت ميكروفونات التنديد بالإصلاح الأمريكى الذى يعلم المرتعدون منه انه سيجعل الأرض تميد تحت أقدام الكثيرين، فخرجت علينا مظاهرات الهتاف بحياة ( الوضع الراهن ) .
وعلى الجانب الأخر إنبرى شيوخ الفضائيات فى تذكير الناس بشورى السقيفة والبيعة وطاعة ولى الأمر وخطورة الإنحلال القادم من الغرب عندما والعياذ بالله ستقود المرأة السيارة وتقف أمام صناديق الأنتخاب ليرى الناس أصابعها فى القفاز الأسود.
لاأعرف ماهو الحال الذى كانت ستصل إليه اليابان لو وقف هيروهيتو خاطبا فى شعبه بعد الهزيمة فى الحرب العالمية الثانية، طالبا منهم الموت فى سبيل ثوابت الأمة اليابانية، أو لو بقى الألمان متمترسين فى قفص النازية ودسوا فى عقول صغارهم ثوابت الأمة ورموزها الهتلرية، ربما لم تكن لتتاح لى فرصة كتابة هذا المقال من خلال كومبيوتر محمول يابانى، وربما لم يستطع الزعماء الرموز الثوابت التحصن بسيارات مرسيدس المصفحة المضادة للرصاص التى تنتجها مصانع ألمانيا المهزومة .
aymanalsimery@yahoo.com
قاص وكاتب - عضو إتحاد الكتاب المصريين