المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : قصص وأساطير واستعراض للقوة في رسم الباكستانيين على سياراتهم



مجاهدون
08-13-2004, 11:25 AM
لوحات فنية متحركة تجوب الشوارع تروي حكايات وتزين وجه المدن

http://www.asharqalawsat.com/2004/08/13/images/daynight.249842.jpg

ربما لن يتمكن عشرات الركاب في الشوارع الباكستانية الذين يحشرون أنفسهم داخل الحافلات ويتدلى بعضهم على جوانبها وهي تسير، لن يتمكنوا من إمتاع أنظارهم بالرسومات الفنية الزاهية التي أبدعها الرسامون الباكستانيون على جوانب حافلاتهم وشاحناتهم، فغدت لوحات فنية تتحرك في زحمة السير لتعطي المدن المكتضة بالحركة مسحة جمالية ساحرة.
والمشهد في العاصمة الباكستانية اسلام اباد وفي المدن الرئيسية لا يختلف عن اي مشهد آخر في شبه القارة الهندية، وهو ربما لا يلفت انتباه الناس بقدر ما يستوقف الزوار الذين يمعنون النظر في لوحات وكتابات رسمت بعناية وبالريشة لتروي بعضها ملاحم واساطير جلبت من عمق التراث الشعبي والوطني الباكستاني والهندي.

ثمة لوحات متقطعة ومنفصلة. أما الأغلب فهو تحويل الحافلة بجوانبها الاربعة الى لوحة واحدة تروي حكاية او قصة درامية صامتة، ويستعين الفنان الباكستاني بالألوان الزيتية الحارة كاللون الأحمر، كما يستعين باللون الأصفر والذهبي والأخضر، وتمضي الريشة بانسياب بين مفصلات الناقلات لتعبر في مسارات متعددة عن جوانب مختلفة من الصورة، وعن مراحل متقاطعة من الحكاية التي ترويها اللوحة. ولا ينفصل الرسم على اجزاء السيارة في باكستان عن الذائقة الفنية لهذا الشعب، أما نوعية هذه الرسومات وإسقاطاتها، فهي تشير إلى دلالات تتصل بالميثولوجيا لدى السكان، وارتباطها بشكل خاص بالاسطورة والخرافة الشعبية، ويعتبر هذا الفن المتحرك فناً شعبياً بامتياز، وهو يقدم الصورة الفنية للطبقات الشعبية بأزهى ألوانها، ومتذوقو هذا الفن ينحصرون غالباً في شرائح شعبية عادة ما تكون ملتصقة بالقاعدة الفقيرة.

تمتاز الذائقة الفنية لهذه الرسومات بأنها مزدحمة وفاقعة ومثيرة، ولكنها بعيدة عن الفنون الخطابية المباشرة التي نشاهدها في الصورة الفنية التي تحملها الرسومات على السيارات في دول الشام ومصر مثلاً، فالاخيرة تعتمد على مزاجية اسلوبية خطابية توجه الكلمة والصورة بشكل مباشر، حيث يعمد اصحاب السيارات العرب الى الكتابة دفعاً للحسد أو جلباً للحظ، أما بعضهم يلصق صوراً لفنانات ونجمات الغناء، وهو ما لا نشاهده في الموضوع الباكستاني والهندي، الذي يقتنص الحكاية الاسطورية ليرسمها أو يعمد إلى تحويل (المعوذات) والأماني الى لوحات ملونة تزين مركبته.

وتحمل الرسومات على الشاحنات والحافلات في شوارع اسلام اباد وكراتشي ولاهور رسومات لحيوانات وطيور، أما الحيوانات فالأسد يتصدر القائمة، وهو غالباً يصور شامخاً وأحياناً يتوج اللوحة بالسيف ايضاً كشعار للقوة والهيمنة، اما الطيور فيأتي الطاووس في مقدمة الرسومات التي تزين هذه المركبات، والطاووس كما الأسد، صورة رمزية لمعاني القوة والبطش والشموخ والاستعلاء، وغالباً ما تتقمص الطبقات الشعبية هذه الصور لاستعارة المضامين التي تلتصق بها.

وتحمل السيارات الباكستانية ايضاً كتابات تشير الى ايات قرآنية واشعار باللغة الأوردية ورسومات لعيون لإبعاد الحسد. كما ان اللوحة ـ السيارة مزدحمة بالفنون البصرية المختلفة، فمقدمة السيارة تحتمل العديد من الرسومات والاستعارات الفنية كالتزيين بالجلديات والحفر والتلوين وما أشبه.