المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : اضبط شباب .. بعيون حارّة



jameela
01-18-2009, 05:54 AM
الأربعاء, 14 يناير 2009

علي الفضلي وفراس عرابي


تقول الرواية الشعبية «إن احدى القرى البعيدة، انعَدمت لدى أهلها كل الوسائل لرفع صخرة تقف سدا أمام مرور مياه لري الأراضي من آلات الحفر الصغيرة والآليات الكبيرة الى المتفجرات، قبل أن يدلهم شيخ كبير على أحد الذين يصيبون بالعين، والذي ما إن تلفظ معجباً بحجم الصخرة، الا وكان زلزال قد ازاحها من مكانها!» ..أية قوة يمكن أن تكون لعين الحاسد وهل ذلك حقيقة أم وهم? علماً أن موروثنا لايخلو من عبارات لعين الحسد، ومنها مقولة «العين تدخل الجمل القِدْر والرجل القبر»، وآخر يقول «للعين حق» ..وكم من نائبة ألمت بنا ألقينا فيها اللوم على عين أحدهم من صديق أو قريب أو زميل وبالطبع من خصم أو منافس.

ومفهوم الحسد ليس مجرداً أو قائماً بحد ذاته، بل هو بالضرورة مرتبط بعوامل مختلفة بدءاً بطبيعة العلاقة بين الناس وعلى وجه الخصوص منهم الشباب وتفاوت المستوى التعليمي والمادي وطبيعة الشخص نفسه، بمعنى النجاح والحضور والكاريزما والقبول لدى الاخرين، والحسد بين الشباب ظاهرة سلبية اخرى بدأ بعض الشباب يتحدث عنها علانية الى درجة انها خلقت نمطاً جديداً من التعامل فيما بينهم يرويها كل شاب حسب تجربته:

قال فرحان الظفيري «لقد بدا واضحاً في الآونة الاخيرة انتشار ظاهرة الحسد بين الشباب، بسبب تفاوت طبقات المجتمع، ولاسيما الشبان من أبناء الطبقة المخملية، والتي قد يسود علاقتهم مع بعضهم بعضاً، ومع الآخرين من شرائح المجتمع مفهوم الحسد انطلاقاً من الغيرة فمثلا لو كان لدى أحدهم سيارة (كشخة) فإن هذا يدعو آخر للتساؤل عما يمنع أن يكون لديه مثل تلك السيارة وقس على ذلك.

وروت أبرار حمد قصتها مع الحسد والتي بدأت الصيف الماضي وتحديداً في الامتحانات حين سألتها احدى زميلاتها متذمرة ..ألم تملي من الدراس؟ تدرسين ليلاً ونهاراً، وما إن انتهت من كلامها، حتى داهمتني الحمى، وكانت تجربة مريرة، وبت أعد الى المئة قبل أن أذكر شيئاً مهما من هذا القبيل أمام الآخرين، وشخصيا ارى ان الحسد يخلق هوة وفجوة كبيرة بين الشباب انطلاقاً من قاعدة (من شب على شيء شاب عليه).

التربية والتنشئة

من جهته قال ضاري الضويحي إن ظاهرة الحسد موجودة بسبب عدم وجود الاقتناع النفسي والرضى التام لدى الناس بشكل عام وليس لدى الشباب فقط، فضلا عن تربية الانسان ونشأته وبيئته تحديداً والتي تلعب دوراً أساسياً في هذا الجانب، ومن الأمور الواضحة التي تدل على الحسد وتجعله يطفو على السطح في علاقات الشباب فيما بينهم اننا نرى في بعض الشعب الدراسية احتداماً للمنافسة نحو التحصيل العلمي بين الطلبة وإن كانوا من مستوى مادي عادي الا أنهم يحسد بعضهم بعضاً، ما يولّد شوائب وسلبيات بينهم، مثلاً طالب في جامعة راقية أو لديه سيارة فارهة، وأعتقد ان ظاهرة الطفرة المالية أدت الى نمو مثل هذه الظواهر في مجتمعنا.

من جانبه قال بسام الشريف إن ظاهرة الحسد تزايد انتشارها بشكل لافت وكبير بين الفتيات وخصوصاً لناحية الملبس والسيارة وحتى (أي شيءآخر)، أما الشبان فببساطة يمكننا أن نرى الحسد ونتلمسه لدى اقتناء بعضهم أفخر السيارات، ونستطيع القول، إن المعيشة المرفهة، تساعد في اشعال نار الحسد بين الشباب، خصوصاً مع نزعة أي شاب ليكون المميز والأفضل.

ظاهرة شائعة

بدوره قال هشام العجوز إن شيوع الحسد بين الشباب، نجده في محيط الطلبة، أثناء الامتحانات، وخصوصاً وقت ظهور النتائج، حيث لا يستطيع البعض اخفاء ردة فعله من الاخرين ممن نال درجة أعلى في الامتحان، كما يزداد حسد الشباب فيما بينهم عندما يتعلق الأمر بعلاقة عاطفية مع فتاة وجميعنا يدرك هذا الموضوع المعقد حسب طبيعة الشاب ونفسيته.

ورأى حسين درويش أن ظاهرة الحسد بين الشباب منتشرة في المجتمع، وهي بين الشبان أقل منها بين الفتيات التي تأخذ صورا كبيرة وبارزة، وغالبا ما تتعلق بامور بسيطة ولا معنى لها من قبيل صبغة الشعر وطريقة اللبس، وبالنسبة لاتجاه الحسد لست مع القائل إن الفقراء هم أكثر حقداً وحسداً لأن الفقير هو فقير النفس.

الا أن سهاد سعيد نفت التهمة عن الفتيات بأنهن حسودات وقالت إن اهتمامات البنات عادة ما تكون بسيطة ولاتدعو الى الحسد، فيما الحقيقة هي أن الشباب هم اكثر حسداً لان غالبيتهم لايحبون الخير للآخر، كما أنهم يغير بعضهم من بعض إزاء أمور من قبيل وضع العطور أو ارتداء ملابس بماركات عالمية فخمة بل وهم يقلد بعضهم بعضاً وهو ما يعني بشكل من الاشكال الحسد.

من جهته قال محمد سعيد: لقد تلقيت عيناً من أحد الشباب أصابت سيارتي بمقتل اودت بها الى أحد الكراجات حيث تتلقى «الصيانة» وبعض الفنيين يقول اننا لن نستطيع اخراجها من الكراج قبل شهر من الآن لخطورة حالتها والعطل في المحرك، وقد نضطر لنقلها الى الخارج لعدم وجود قطع الغيار المناسبة لها، ولكن ما وضعني في حيرة ان سيارتي ليست كشخة باستثناء أن لونها أحمر أضف إليه انني فور ما افرغ من تصليح عطل فيها أو تزيينها أتعرض الى حادث فيها، ومن وجهة نظري ان حسد سيارتي من قبل أي كان قد يكون مرده عدم قدرته على شراء مثلها.

عادة سلبية

وقالت سارة محمد: كثيرة هي الظواهر السلبية لدى الشباب الا أن هذه الظاهرة تحديداً أصبحت عادة سلبية لا يستطيع الشاب أو الفتاة التخلي عنها، وقد تزايد اقبال الشباب في الآونة الأخيرة على الاشتراك بالنوادي الصحية وتناول البروتينات لجعل الجسم اكثر انتفاخاً، وقد يعبر هذا الاقبال الكبير من قبل الشباب على حدة في التنافس فيما بينهم لجعل الجسم أكثر كمالاً وذلك نوع من أنواع الحسد بين الشباب، أما بالنسبة للفتيات فان تنوع واختلاف صرعات الموضة وخصوصاً في هذه الأيام ومع وجود الارتفاع في الاسعار فقد يؤدي الى شعور سلبي لدى فتيات لا يستطعن شراء الأشهر والأرقى من الماركات مثل زميلاتها.

وأكد سعود السبيعي -20 عاماً طالب جامعي- أن الغيرة هي صفة موجودة بين الأصدقاء بصورة مخيفة وكبيرة، وأعتقد أن الشخص الذي يغار يملك قدرة عالية على أذية الشخص الذي يغار منه وقد يحسده لشيء يملكه هذا الشخص لايستطيع تملكه هو، وبالمقابل يكون الشخص الآخر لا يعرف شيئاً عن ذلك ولايملك تجاهه سوى كل محبة وتقدير، والمصيبة الأكبر في مثل هذه الحالة أن الغيرة تؤدي الى تدمير كل المشاعر الجميلة بين الاصدقاء.

غيرة الأصدقاء

وأضاف السبيعي أنه كان له صديق يغار بشكل كبير حيث إنه يغار عليه من كل أصدقائه ويحاول التخلص منهم بأي شكل كان حيث كان يلطخ سمعة الشخص الى أن وصل الى درجة انه تخلى عنه جميع اصدقائه.

وقال حسين البلوشي -20 عاماًَ طالب جامعي - إن الغيرة موجودة فينا وهي مثل الغريزة بداخل كل انسان لكنها من ناحية اخرى تختلف من شخص لآخر، فالغيرة بين الأصدقاء قد يكون لها فائدة اذا شكلت دافعاً للانسان للوصول الى ما يتطلع اليه، وشخصياً لا أغار من أي صديق وذلك لأني اثق في نفسي والحمد لله، لكن اذا حدث وشعرت بأن صديقي تفوق عليّ في شيء معين، أعمل جاهدا لتحقيق ما وصل اليه، وفي الوقت ذاته أكون سعيداً لما حققه صديقي من انجاز لأنني حينها سأعتز بأنه صديق لي.

معرفة سطحية

أما علي جمعة -19 عاماً طالب جامعي- فأكد أن لكل شخص صفات ومميزات تميزه عن غيره، وأرى أن العلاقة بين الأصدقاء إذا كانت قوية ومتينة فمن المستحيل أن يكون هناك غيرة أو حسد، واذا حدث فلا يمكن القول وقتها انها علاقة صداقة بل قد تكون زمالة أو معرفة سطحية وقد تتحول الغيرة في كثير من الأحيان الى حقد وحسد تترتب عليه أمور سلبية تؤثر في العلاقات الاجتماعية لهذا الشخص وتقلل من التواصل، ومن المعروف أن الغيرة نار تحرق صاحبها. علماً أن الشخص الذي يغار لا يمكنه التخلي عن هذه العادة السيئة. فالغيرة مطلوبة وموجودة بين الجميع ولكنها يجب ألا تتحول الى حقد أو حسد ويجب ألا تكون بين الأصدقاء.

من جهته اعتبر حمد الحمد -18 عاماً طالب جامعي- أن الغيرة ليست معدومة في مجتمعنا بل موجودة لكن بدرجات متفاوتة. وهي تعتبر مرضاً اجتماعياً اذا لم ينتبه اليها الناس وقد تتطور الى مرحلة أخطر منها وقد تؤدي بدورها الى تدمير هذا الشخص نفسياً واجتماعياً، وشخصياً اذا كان لدي صديق يتميز بصفة ما لا أملكها فلا أغير منه بشكل اعمى بل أحاول اكتشاف القصور لدي والذي حال دون حصولي على هذا الشيء.

وقال عطية العطية -25 عاماً موظف وطالب جامعي- إن الغيرة هي الوجه الآخر للحسد، واعتقد أن الشخص القنوع لا يمكن أن تصل الغيرة الى قلبه فيتصرف من دون وعي أو تفكير، واعتقد كذلك أن الغيرة مشكلة لا يمكن التخلص منها، علما ان كثيراً من الناس يعانون من هذه المشكلة، وعموما تقف وراءها دوافع متعددة عادة ما تؤدي الى فقدان الثقة بالنفس وحب امتلاك جميع الاشياء.

من جانبه قال أحمد عبدالله -27 عاماً موظف- إن الغيرة مرض نفسي ناتج عن القصور في تربية الأهل لأطفالهم، فمن السهل على الأهل ملاحظة سلوك طفلهم مع اقرانه وخصوصاً اخوانه، وعلى الغالب يشيع لدى الطفل في هذا العمر حب الامتلاك والانانية. وعلى الأهل أن يزرعوا لدى أطفالهم الصفات والقيم الجيدة وان يعلموهم محبة الآخرين، فيما قال تادي فادي -19عاما طالب جامعي- إنه قد يغار من شخص، الا انه يحاول السير على منواله وان يتميز ويتفوق عليه بطريقه صحيحة ومبدعة.