yasmeen
01-13-2009, 02:07 PM
كامل الشيرازي من الجزائر:
يغتنم السكان الأمازيغ في الجزائر، حلول "عيد ينّاير" (بتشديد الياء)، الموافق لـ12 يناير/كانون الثاني من كل عام، لإحياء ينابيع التراث الثقافي الأمازيغي، وعلى منوال الأعوام الماضية، برمجت عديد الأنشطة احتفالا بقدوم السنة البربرية الجديدة (2959) (بحسب تقويم الأمازيغ الأوائل)، وتصادف السنة أيضا بطولات البطل الأمازيغي "ششنق الأول"التي تعود إلى سنة 950 قبل الميلاد، استنادا إلى روايات تاريخية.
http://www.elaph.com/elaphweb/Resources/images/Reports/2009/1/thumbnails/T_6b5c89e8-35be-46a4-9f0a-7595ae06dd58.jpg
وقال يوسف مراحي الأمين العام للمحافظة السامية للأمازيغية، في مقابلة مع "إيلاف"، إنّ المناسبة تعتني رأسا بمنح جرعات متجددة للتراث الثقافي الروحي والمادي العريق محليا، وإبراز بعده الوطني وما ينطوي عليه من رمزيات، كما تساعد بحسبه على إبراز مآثر الأمازيغ الأوائل، وما تتفنن فيه أنامل أحفادهم من روائع حرفية في مجالات النحت على الفخار والخزف البربري وتقديم ألوان من الرسم على القماش واللوحات الزيتية، وكذا ما يتصل بالحياة الاجتماعية في المجتمع الأمازيغي كطقوس الزواج والطبخ وفسيفساء الأمثال والحكم الشعبية، إضافة إلى ما يتعلق بالموسيقى والغناء والشعر.
"عيد ينايّر الأمازيغي" الذي صارت السلطات الجزائرية تولي اهتماما خاصا به منذ الربيع البربري الأسود الذي هزّ منطقة القبائل في أبريل/نيسان 2001، يرى فيه عموم الأمازيغ فألا حسنا وعنوانا للخصوبة والعطاء، حيث يستبشر جمهور المزارعين بالموعد، ويرون في هذا العيد مناسبة زراعية يتيمنون من خلالها بمجيئ سنة جيدة خضراء تثمر حصادا وفيرا.
وإذا كان البعض يحاول قصر العيد على المناطق البربرية فحسب في صورة منطقة القبائل، فإنّ شواهد الميدان تذهب عكس ذلك، حيث رصدت "إيلاف" مظاهر الاحتفال بكل من مناطق الأوراس، والساحل البليدي وكذا الضاحية الغربية للعاصمة بمنطقة شنوة (70 كلم غرب العاصمة)، بشكل يؤكد أنّ الاحتفال بدء يتجرد من الطابع العرقي الأمازيغي الذي التصق به لسنوات، وصار يرتسم كعادة جزائرية مرتبطة بالأرض والزراعة سيما بذر القمح.
ويقول "جوليان داليه" في قاموسه الخاص باللهجة القبائلية في الجزائر، إنّ (عيد ينايّر) هو أول شهر من التقويم الزراعي الشمسي، يقوم فيه الناس بتناول شربة يناير على لحم قرابين الديوك أو الأرانب، بينما يدرج الباحث الجزائري "عثمان سعدي" هذا اليوم ضمن ما يسمى بـ"أيام العواشير"، التي تعتبر قبل كل شيء أياما دينية، علما إنّ تقاليد الأمازيغ المتداولة تستبشر بشهر ينايّر الذي يأتي بالماء من خلال ثلوجه وأمطاره، فينبت الزرع ويدر الضرع، فتأتي الغلال وفيرة ويعيش الناس في رخاء، وتردّد مقولة أمازيغية مأثورة أنّ "الماء الذي ينزل في ينايّر، ينغرز في وهج حرارة غشت أي أغسطس''.
وينفرد عيد ينايّر بطقوس خاصة، فهو ''يوم نفقة اللحم" إذ تُذبح رؤوس الماشية وتقام الولائم العامرة، تبعا للقول:"من يأكل في ينايّر رأس يبقى رأس، أي يبقى إنسانا عاليا"، ويتّم في هذا اليوم أيضا "جمع أوراق الأشجار الخضراء على أنواعها، ويتّم نشرها على أسطح المنازل حتى تأتي السنة خضراء"، كما توزّع فاكهة "الرمان" تبعا لعادات الفينيقيين القدماء" واعتبارهم الرمان رمزا للخصوبة الزراعية، بهذا الصدد، يقول المستشرق الفرنسي "روني باسيه" أنّ القرطاجيين هممن لقنّوا البربر أصول الزراعة، لذا فإنّ البربر يكسرون الرمان على مقبض المحراث، أو يدفنونها في أول خط للحرث، تفاؤلا بأن سنابل الحبة المبذورة ستأتي كثيرة بعدد حبات الرمان.
وتكتحل النساء عيونهن بالكحل، في حين تعدّ ربّات البيوت ما يعرف محليا بـ"الشرشم" وهو قمح مطبوخ ويأكلنه حتى تأتي السنة بمحصول قمح جيد، مع الإشارة أنّ الشرشم يتّم إنضاجه على وقع طقطوقات من قبيل:
كل الشرشم لا تتحشم ربي عالم ما دسينا شي
قم تسلف لا تتهور قاع الحله ما فيها شيد
كما تمتدّ الاحتفالية، إلى تشكيل الفتيان من طلبة الكتاتيب والمساجد، لحلقات شبيهة بالكورس الإغريقي، وهم يرددون:
هذا الدار دار الله والطلبة عبيد الله
عمروها وثمروها ابجاهك يا رسول الله
وفي حال أصيب شخص بمكروه ما في هذا اليوم، يردّد الجميع مواويل متوارثة على غرار:
يا سنينه يا بنينه، تخرج لوليدي سنينه
بجاه مكة ومدينه، ورجال الله كاملين''
يغتنم السكان الأمازيغ في الجزائر، حلول "عيد ينّاير" (بتشديد الياء)، الموافق لـ12 يناير/كانون الثاني من كل عام، لإحياء ينابيع التراث الثقافي الأمازيغي، وعلى منوال الأعوام الماضية، برمجت عديد الأنشطة احتفالا بقدوم السنة البربرية الجديدة (2959) (بحسب تقويم الأمازيغ الأوائل)، وتصادف السنة أيضا بطولات البطل الأمازيغي "ششنق الأول"التي تعود إلى سنة 950 قبل الميلاد، استنادا إلى روايات تاريخية.
http://www.elaph.com/elaphweb/Resources/images/Reports/2009/1/thumbnails/T_6b5c89e8-35be-46a4-9f0a-7595ae06dd58.jpg
وقال يوسف مراحي الأمين العام للمحافظة السامية للأمازيغية، في مقابلة مع "إيلاف"، إنّ المناسبة تعتني رأسا بمنح جرعات متجددة للتراث الثقافي الروحي والمادي العريق محليا، وإبراز بعده الوطني وما ينطوي عليه من رمزيات، كما تساعد بحسبه على إبراز مآثر الأمازيغ الأوائل، وما تتفنن فيه أنامل أحفادهم من روائع حرفية في مجالات النحت على الفخار والخزف البربري وتقديم ألوان من الرسم على القماش واللوحات الزيتية، وكذا ما يتصل بالحياة الاجتماعية في المجتمع الأمازيغي كطقوس الزواج والطبخ وفسيفساء الأمثال والحكم الشعبية، إضافة إلى ما يتعلق بالموسيقى والغناء والشعر.
"عيد ينايّر الأمازيغي" الذي صارت السلطات الجزائرية تولي اهتماما خاصا به منذ الربيع البربري الأسود الذي هزّ منطقة القبائل في أبريل/نيسان 2001، يرى فيه عموم الأمازيغ فألا حسنا وعنوانا للخصوبة والعطاء، حيث يستبشر جمهور المزارعين بالموعد، ويرون في هذا العيد مناسبة زراعية يتيمنون من خلالها بمجيئ سنة جيدة خضراء تثمر حصادا وفيرا.
وإذا كان البعض يحاول قصر العيد على المناطق البربرية فحسب في صورة منطقة القبائل، فإنّ شواهد الميدان تذهب عكس ذلك، حيث رصدت "إيلاف" مظاهر الاحتفال بكل من مناطق الأوراس، والساحل البليدي وكذا الضاحية الغربية للعاصمة بمنطقة شنوة (70 كلم غرب العاصمة)، بشكل يؤكد أنّ الاحتفال بدء يتجرد من الطابع العرقي الأمازيغي الذي التصق به لسنوات، وصار يرتسم كعادة جزائرية مرتبطة بالأرض والزراعة سيما بذر القمح.
ويقول "جوليان داليه" في قاموسه الخاص باللهجة القبائلية في الجزائر، إنّ (عيد ينايّر) هو أول شهر من التقويم الزراعي الشمسي، يقوم فيه الناس بتناول شربة يناير على لحم قرابين الديوك أو الأرانب، بينما يدرج الباحث الجزائري "عثمان سعدي" هذا اليوم ضمن ما يسمى بـ"أيام العواشير"، التي تعتبر قبل كل شيء أياما دينية، علما إنّ تقاليد الأمازيغ المتداولة تستبشر بشهر ينايّر الذي يأتي بالماء من خلال ثلوجه وأمطاره، فينبت الزرع ويدر الضرع، فتأتي الغلال وفيرة ويعيش الناس في رخاء، وتردّد مقولة أمازيغية مأثورة أنّ "الماء الذي ينزل في ينايّر، ينغرز في وهج حرارة غشت أي أغسطس''.
وينفرد عيد ينايّر بطقوس خاصة، فهو ''يوم نفقة اللحم" إذ تُذبح رؤوس الماشية وتقام الولائم العامرة، تبعا للقول:"من يأكل في ينايّر رأس يبقى رأس، أي يبقى إنسانا عاليا"، ويتّم في هذا اليوم أيضا "جمع أوراق الأشجار الخضراء على أنواعها، ويتّم نشرها على أسطح المنازل حتى تأتي السنة خضراء"، كما توزّع فاكهة "الرمان" تبعا لعادات الفينيقيين القدماء" واعتبارهم الرمان رمزا للخصوبة الزراعية، بهذا الصدد، يقول المستشرق الفرنسي "روني باسيه" أنّ القرطاجيين هممن لقنّوا البربر أصول الزراعة، لذا فإنّ البربر يكسرون الرمان على مقبض المحراث، أو يدفنونها في أول خط للحرث، تفاؤلا بأن سنابل الحبة المبذورة ستأتي كثيرة بعدد حبات الرمان.
وتكتحل النساء عيونهن بالكحل، في حين تعدّ ربّات البيوت ما يعرف محليا بـ"الشرشم" وهو قمح مطبوخ ويأكلنه حتى تأتي السنة بمحصول قمح جيد، مع الإشارة أنّ الشرشم يتّم إنضاجه على وقع طقطوقات من قبيل:
كل الشرشم لا تتحشم ربي عالم ما دسينا شي
قم تسلف لا تتهور قاع الحله ما فيها شيد
كما تمتدّ الاحتفالية، إلى تشكيل الفتيان من طلبة الكتاتيب والمساجد، لحلقات شبيهة بالكورس الإغريقي، وهم يرددون:
هذا الدار دار الله والطلبة عبيد الله
عمروها وثمروها ابجاهك يا رسول الله
وفي حال أصيب شخص بمكروه ما في هذا اليوم، يردّد الجميع مواويل متوارثة على غرار:
يا سنينه يا بنينه، تخرج لوليدي سنينه
بجاه مكة ومدينه، ورجال الله كاملين''