جمال
01-06-2009, 07:15 AM
كامل الشيرازي من الجزائر
هنّ عشرات المواطنات الجزائريات كنّ مقيمات في قطاع غزة منذ العام 1994، عانين الأمرين هناك منذ بداية الحصار وما أعقبه من عدوان إسرائيلي على غزة، استطاعت بعضهنّ بعد طول معاناة أن يغادرن القطاع إلى مصر ومنها باتجاه الجزائر، واستنادا إلى إفادات توافرت لـ"إيلاف"، ننشر في هذه الوقفة فصولا عن الجحيم الذي تحياه جزائريات غزة ويتجرعنّ طعمه لليوم الحادي عشر من العدوان، وهو جحيم لا يقل هوانا وكارثية عما يتربص بفلسطينيي القطاع.
وتقول شهادات جزائريات غزة أنّ الحرمان من مواساة الأهل والبعد عن الوطن الأم زاد من معاناتهنّ على غرار باقي أهالي القطاع الذين يتحملون انعكاسات بطش ووحشية العدوان الإسرائيلي الذي أوقع حتى الآن مئات الشهداء وآلاف الجرحى، ولا يزال تحديد العدد الدقيق للجالية الجزائرية في قطاع غزة صعبا، لافتقاد الدبلوماسية الجزائرية لأي بيانات بهذا الشأن استنادا إلى إفادات عدد من مسؤولي القنصلية الجزائرية بالقاهرة، لكن هذا العائق لم يحل دون ربط اتصالات مستمرة مع الرعايا الجزائريين في القطاع للاطلاع على أوضاعهم والسعي لمساعدتهم خاصة بعد العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، وما يزيد من معاناة هذه الجالية كون غالبيتها نساء متزوجات من فلسطينيين قدمن إلى غزة بدءا من سنة 1994 عند استلام السلطة الفلسطينية إدارة القطاع.
السيدة "عائشة حملاوي" التي تقيم بغزة للعام الرابع عشر على التوالي، نموذج حي للعشرات من مواطناتها، تذكر إنّها تعيش ظروفا "جد صعبة" رفقة مواطناتها وكذا فلسطينيي غزة، وتحكي عائشة كيف صارت تواجه وأطفالها الستة أهوال العدوان الإسرائيلي، بعد استشهاد زوجها الشرطي "عماد أبو الحاج" في اليوم الأول من الغارات الإسرائيلية، ما دفعها لتحمل مسؤولية إعالة أبنائها الذين يدرس أكبرهم في الأولى إعدادي ولا يزال عمر أصغرهم في حدود 14 شهرا.
وبصوت ملؤه الحزن والأسى على ما آلت إليه حالتها بعد فقدان زوجها، تحدثت عائشة عن تلك المأساة اليومية التي تعيشها أسرتها وكل الأسر الفلسطينية في غزة جراء هذا العدوان الغاشم الذي سلط على شعب أعزل كان يعاني الجوع والحرمان بسبب الحصار الخانق منذ نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، وتضيف عائشة مكسورة الجناح:"كل الجزائريات في غزة يكابدن نفس معاناة سكان القطاع، لكن الغربة والبعد عن الأهل زادت من حدة آلامهن"، وحاولن مشاطرة آلامهنّ عبر التواصل فيما بينهن لمواساة بعضهن البعض و لو عن طريق الهاتف، وتثني عائشة على زوجها الراحل وما كان يبذله من جهود الخير وتقديمه يد العون.
وتأبى هذه السيدة أن تكون هي وأطفالها عبئا على أخ زوجها الذي تكفل بهم بعد وفاة أخيه، لذا سارعت للاتصال بالسفارة الجزائرية بالقاهرة سعيا لمساعدتها في العودة إلى بلدها، لكن يبقى مشكل الاحتلال عائقا دائما أمام تطلعها إلى العودة حيث لا يمكن الانتقال إلى رام الله لإحضار جواز سفرها، تماما مثل صعوبة الخروج عن طريق معبر رفح.
من جهتها، ترفض السيدة "نبيلة مصطفى" بغضب ما يردده الكيان من كون قصف الطيران الإسرائيلي هو محض "عمليات جراحية" كما تدعي إسرائيل، وتشير إلى أنّ العدوان دمّر بيتها المتواجد بـ"تل الهواء" بغزة عن آخره جراء سقوط صاروخ وضاع كل ما كانت تملكه من متاع ووثائق وأموال، وتتذكر السيدة نبيلة بحسرة كل التضحيات التي قدمتها وزوجها منذ العام 1998 تاريخ زواجهما من أجل امتلاك بيت يضمهما وأولادهما الثلاث، ولكن ضاع كل شيء في لحظات، علما أنّها نجت رفقة أسرتها الصغيرة بأعجوبة من الموت، حيث تحطم بيتها بعدما خرجت منه ببضع دقائق.
وتضيف نبيلة متسائلة:"أين هي الدقة في هذا القصف الهمجي عندما يُقتل الأطفال والنساء والشيوخ وتُهدم البيوت والمساجد، ورغم تجلّد السيدة نبيلة إلاّ أنّها أبدت رعبا من اقتحام الجنود الإسرائيليين البيت الذي آوت إليه رفقة أطفالها، وتتساءل بحزن وجزع عن مصير العوائل التي اقتحموا بيوتها، بينما تبدي السيدة "عونية عزايزي" المقيمة في غزة منذ أربعة عشر سنة، خوفا مما ينتظر القطاع من أيام سوداء، وتصف الوضع هناك بـ"الاستثنائي".
وتقول مراجع دبلوماسية جزائرية إنّ مساع يجري بذلها مع السلطات المصرية للسماح لعشرات الجزائريات المقيمات في غزة وأسرهن، بالدخول إلى الأراضي المصرية عبر معبر رفح، لكن الوضع يبدو معقدا أمام تمسك المصالح القنصلية الجزائرية بمصر بإحضار جزائريات غزة لأوراق إثبات جنسيتهم كجواز سفر قديم أو بطاقة هوية كشرط لاستخراج جوازات السفر لهنّ، وهو ما يبدو أمرا تعجيزيا، طالما أنّ مجملهنّ فقدن كل شيئ أثناء العدوان.
فعاليات جزائرية تدعو إلى صحوة عربية إنقاذا لغزة
في سياق آخر دعت قوى جزائرية، اليوم، إلى ما سمتها "صحوة" الضمير العربي إنقاذا لغزة الجريحة، وقالت زعامات سياسية ودينية ومجتمعية وشخصيات ثقافية تحدثت إلى "إيلاف" أنّ المحرقة المستمرة التي تطال قطاع غزة لليوم الحادي عشر مدعاة إلى "انتفاض عربي" يحبط المخططات الإسرائيلية لتصفية القضية ويرتقي بأشكال دعم القضية الأمّ بعد الهزال الذي ميّز تعاطي العرب مع مذبحة غزة رغم هولها وفجائعيتها.
ووسط اتساع رقعة الوقفات والمهرجانات الشعبية والطلابية التضامنية في الجزائر، طالبت أحزاب الائتلاف الحاكم الأنظمة العربية بـ"تفاعل أكبر قوة"، كما شدّدت قوى الموالاة على أهمية نبذ الفلسطينيين لخلافاتهم وتوحيد صفوفهم من أجل نصرة القضية، وقال "السعيد بوحجة" المتحدث باسم جبهة التحرير (حزب الغالبية) أنّه يتعين على العرب الضغط واستعمال كل المنابر التي من شأنها وقف العدوان الصهيوني على الشعب الفلسطيني، بينما دعا رئيس حركة "السلم" أبو جرة سلطاني الضمير العربي إلى أن يصحو من أجل وقف القصف الإسرائيلي الهمجي على غزة، وأيّد "ميلود شرفي" القيادي بـ"التجمع الديمقراطي" نظرة سلطاني في ضرورة مسارعة الأنظمة العربية ومجلس الأمن الأممي لإيقاف التقتيل الوحشي وفتح المعابر لوصول المساعدات الإنسانية بدون شرط إلى قطاع غزة.
وعلى المنوال ذاته، التقى كل من "فاتح ربيعي" الأمين العام لحركة النهضة، و"جهيد يونسي" رئيس حركة الإصلاح، في كون التضامن العربي مع سكان غزة، ينبغي أن يتطور إلى مستوى المساعدة الفعلية، والالتفاف حول المقاومة كـ"خيار استراتيجي يحفظ وجودها وكرامتها"، بجانب توحيد موقف الدول العربية لوقف العدوان الإسرائيلي ضد غزة وجعل القضية الفلسطينية ضمن أولى أولوياتها، واعتبر فاتح ربيعي وجهيد يونسي أنّ الوقت حان لدحض "المخطط الصهيوني في غزة المستمر بتآمر دولي وبتواطؤ بعض الأنظمة العربية، على حد تعبيرهما.
من جهته، ألّح سماحة الشيخ عبد الرحمان شيبان رئيس جمعية العلماء المسلمين الجزائريين، على حساسية تحقيق المجموعة العربية لوثبة تنهي محن الفلسطينيين، في حين حثّ مواطنيه على التبرع بسخاء لصالح مكلومي غزة، كما انتقد مواقف بعض الحكام العرب من العدوان الصهيوني.
وقال الأمين العام للاتحاد الطلابي الحر "سمير مجاهد" أنّ ما يحصل بقطاع غزة يجب أن يوحّد العرب ويدفعهم لمساندة الفلسطينيين في التشبث بحق الأرض وعدم الخضوع لعنجهية المحتلين، بينما أهاب كل من الفنانين "محمد عباس" و"جمال قرمي" و"العمري كعوان" بالقادة العرب إلى التغاضي عن خلافاتهم البينية والفكرية، والمسارعة للحد من بشاعة ما تقترفه أيادي الإثم بغزة.
أطباء الجزائر مستعدون للتكفل بجرحى غزة
من جهة ثانية أكد رئيس عمادة الأطباء الجزائريين الدكتور "محمد بقاط بركاني"، اليوم، استعداد مواطنيه الأطباء داخل وخارج الجزائر التطوع والتكفل التام بالجرحى والمصابين من قطاع غزة، وأضاف الدكتور بقاط بركاني في تصريح لـ"إيلاف" إنّ عمادة الأطباء الجزائريين تنوي القيام بسلسلة من التحركات في غضون الأيام القليلة القادمة لمدارسة سبل الإسهام في تقليص حدة الوضع الصحي المأزوم في غزة.
وقال بركاني أنّ الجزائر التي سبق لها أن تكفلت بأطفال فلسطينيين كانوا مصابين بتشوهات خلقية، تريد بذل جهد مضاعف في مجال استقبال الجرحى والمصابين من قطاع غزة، وذكر بركاني أنّ الأطباء الجزائريين لا يريدون البقاء ساكنين أمام هول ومأساوية الوضع الإنساني في القطاع المكلوم، لذا يراهنون على فتح المعابر لإغاثة الأهالي وإجلاء المصابين.
في غضون ذلك، أعلن متحدث باسم اتحاد الأطباء الجزائريين، أنّ بعثة طبية مختصة طارت إلى غزة، محمّلة بكم هائل من أدوات الجراحة، بينما باشرت السلطات الجزائرية تنسيقا حثيثا مع نظيرتها المصرية لتسهيل مرور البعثة وإيصال المساعدات عبر مطار العريش، حتى يتسنّ للجرّاحين الجزائريين المساهمة في جهود الإنقاذ والتخفيف من آثار المذبحة المتواصلة ضدّ الفلسطينيين.
وبين الاختصاصات التي يمكن للأطباء الجزائريين التكفل بها، تحدث الدكتور بركاني عن كل من: الجراحة العامة- جراحة العظام، وكذا الإصابات التي أدت إلى بتر أحد أعضاء الجسم والتي تتطلب وضع أجهزة اصطناعية إضافة إلى بعض الاختصاصات في طب الأطفال التي أبدى الأطباء الجزائريون كفاءة عالية فيها، وانتهى بركاني إلى التشديد على حتمية تفعيل عملية التكفل بالجرحى، وجعلها تسير بصورة منظمة وبالتنسيق مع الأطباء في قطاع غزة.
وجرى إرسال فريق طبي جزائري قبل ساعات، ضم ثمانية أطباء مختصين في جراحة العظام والعيون وكذا طب الأطفال، وسيشرف فور وصوله إلى الأراضي المصرية على إقامة مركز طبي ميداني يقدم خدماته لأهالي غزة، مستعينا بسيارتي إسعاف مجهزتين بأحدث الوسائل الطبية إضافة إلى محطة لتصفية المياه ومولدات كهربائية وعتاد لإزالة الركام والردوم.
بالتزامن، أرسلت الجزائر شحنة مساعدات ثانية إلى غزة، الاثنين، حيث جرى تعبئة طائرتين بـ40 طنا من المساعدات الإنسانية لسكان قطاع غزة، وتوجهتا إلى مطار العريش بمصر، وتضمنت هذه الشحنة الثانية 6200 كيلوجرام من التجهيزات الطبية والمواد الصيدلانية و30 طنا من المواد الغذائية سيما الدقيق والحليب، علما أنّ شحنة أولى أرسلت الأسبوع الماضي واشتملت على 61 طنا من الأدوية والأغذية والأغطية، لكنها لا تزال مجمّدة على مستوى معبر رفح.
هنّ عشرات المواطنات الجزائريات كنّ مقيمات في قطاع غزة منذ العام 1994، عانين الأمرين هناك منذ بداية الحصار وما أعقبه من عدوان إسرائيلي على غزة، استطاعت بعضهنّ بعد طول معاناة أن يغادرن القطاع إلى مصر ومنها باتجاه الجزائر، واستنادا إلى إفادات توافرت لـ"إيلاف"، ننشر في هذه الوقفة فصولا عن الجحيم الذي تحياه جزائريات غزة ويتجرعنّ طعمه لليوم الحادي عشر من العدوان، وهو جحيم لا يقل هوانا وكارثية عما يتربص بفلسطينيي القطاع.
وتقول شهادات جزائريات غزة أنّ الحرمان من مواساة الأهل والبعد عن الوطن الأم زاد من معاناتهنّ على غرار باقي أهالي القطاع الذين يتحملون انعكاسات بطش ووحشية العدوان الإسرائيلي الذي أوقع حتى الآن مئات الشهداء وآلاف الجرحى، ولا يزال تحديد العدد الدقيق للجالية الجزائرية في قطاع غزة صعبا، لافتقاد الدبلوماسية الجزائرية لأي بيانات بهذا الشأن استنادا إلى إفادات عدد من مسؤولي القنصلية الجزائرية بالقاهرة، لكن هذا العائق لم يحل دون ربط اتصالات مستمرة مع الرعايا الجزائريين في القطاع للاطلاع على أوضاعهم والسعي لمساعدتهم خاصة بعد العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، وما يزيد من معاناة هذه الجالية كون غالبيتها نساء متزوجات من فلسطينيين قدمن إلى غزة بدءا من سنة 1994 عند استلام السلطة الفلسطينية إدارة القطاع.
السيدة "عائشة حملاوي" التي تقيم بغزة للعام الرابع عشر على التوالي، نموذج حي للعشرات من مواطناتها، تذكر إنّها تعيش ظروفا "جد صعبة" رفقة مواطناتها وكذا فلسطينيي غزة، وتحكي عائشة كيف صارت تواجه وأطفالها الستة أهوال العدوان الإسرائيلي، بعد استشهاد زوجها الشرطي "عماد أبو الحاج" في اليوم الأول من الغارات الإسرائيلية، ما دفعها لتحمل مسؤولية إعالة أبنائها الذين يدرس أكبرهم في الأولى إعدادي ولا يزال عمر أصغرهم في حدود 14 شهرا.
وبصوت ملؤه الحزن والأسى على ما آلت إليه حالتها بعد فقدان زوجها، تحدثت عائشة عن تلك المأساة اليومية التي تعيشها أسرتها وكل الأسر الفلسطينية في غزة جراء هذا العدوان الغاشم الذي سلط على شعب أعزل كان يعاني الجوع والحرمان بسبب الحصار الخانق منذ نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، وتضيف عائشة مكسورة الجناح:"كل الجزائريات في غزة يكابدن نفس معاناة سكان القطاع، لكن الغربة والبعد عن الأهل زادت من حدة آلامهن"، وحاولن مشاطرة آلامهنّ عبر التواصل فيما بينهن لمواساة بعضهن البعض و لو عن طريق الهاتف، وتثني عائشة على زوجها الراحل وما كان يبذله من جهود الخير وتقديمه يد العون.
وتأبى هذه السيدة أن تكون هي وأطفالها عبئا على أخ زوجها الذي تكفل بهم بعد وفاة أخيه، لذا سارعت للاتصال بالسفارة الجزائرية بالقاهرة سعيا لمساعدتها في العودة إلى بلدها، لكن يبقى مشكل الاحتلال عائقا دائما أمام تطلعها إلى العودة حيث لا يمكن الانتقال إلى رام الله لإحضار جواز سفرها، تماما مثل صعوبة الخروج عن طريق معبر رفح.
من جهتها، ترفض السيدة "نبيلة مصطفى" بغضب ما يردده الكيان من كون قصف الطيران الإسرائيلي هو محض "عمليات جراحية" كما تدعي إسرائيل، وتشير إلى أنّ العدوان دمّر بيتها المتواجد بـ"تل الهواء" بغزة عن آخره جراء سقوط صاروخ وضاع كل ما كانت تملكه من متاع ووثائق وأموال، وتتذكر السيدة نبيلة بحسرة كل التضحيات التي قدمتها وزوجها منذ العام 1998 تاريخ زواجهما من أجل امتلاك بيت يضمهما وأولادهما الثلاث، ولكن ضاع كل شيء في لحظات، علما أنّها نجت رفقة أسرتها الصغيرة بأعجوبة من الموت، حيث تحطم بيتها بعدما خرجت منه ببضع دقائق.
وتضيف نبيلة متسائلة:"أين هي الدقة في هذا القصف الهمجي عندما يُقتل الأطفال والنساء والشيوخ وتُهدم البيوت والمساجد، ورغم تجلّد السيدة نبيلة إلاّ أنّها أبدت رعبا من اقتحام الجنود الإسرائيليين البيت الذي آوت إليه رفقة أطفالها، وتتساءل بحزن وجزع عن مصير العوائل التي اقتحموا بيوتها، بينما تبدي السيدة "عونية عزايزي" المقيمة في غزة منذ أربعة عشر سنة، خوفا مما ينتظر القطاع من أيام سوداء، وتصف الوضع هناك بـ"الاستثنائي".
وتقول مراجع دبلوماسية جزائرية إنّ مساع يجري بذلها مع السلطات المصرية للسماح لعشرات الجزائريات المقيمات في غزة وأسرهن، بالدخول إلى الأراضي المصرية عبر معبر رفح، لكن الوضع يبدو معقدا أمام تمسك المصالح القنصلية الجزائرية بمصر بإحضار جزائريات غزة لأوراق إثبات جنسيتهم كجواز سفر قديم أو بطاقة هوية كشرط لاستخراج جوازات السفر لهنّ، وهو ما يبدو أمرا تعجيزيا، طالما أنّ مجملهنّ فقدن كل شيئ أثناء العدوان.
فعاليات جزائرية تدعو إلى صحوة عربية إنقاذا لغزة
في سياق آخر دعت قوى جزائرية، اليوم، إلى ما سمتها "صحوة" الضمير العربي إنقاذا لغزة الجريحة، وقالت زعامات سياسية ودينية ومجتمعية وشخصيات ثقافية تحدثت إلى "إيلاف" أنّ المحرقة المستمرة التي تطال قطاع غزة لليوم الحادي عشر مدعاة إلى "انتفاض عربي" يحبط المخططات الإسرائيلية لتصفية القضية ويرتقي بأشكال دعم القضية الأمّ بعد الهزال الذي ميّز تعاطي العرب مع مذبحة غزة رغم هولها وفجائعيتها.
ووسط اتساع رقعة الوقفات والمهرجانات الشعبية والطلابية التضامنية في الجزائر، طالبت أحزاب الائتلاف الحاكم الأنظمة العربية بـ"تفاعل أكبر قوة"، كما شدّدت قوى الموالاة على أهمية نبذ الفلسطينيين لخلافاتهم وتوحيد صفوفهم من أجل نصرة القضية، وقال "السعيد بوحجة" المتحدث باسم جبهة التحرير (حزب الغالبية) أنّه يتعين على العرب الضغط واستعمال كل المنابر التي من شأنها وقف العدوان الصهيوني على الشعب الفلسطيني، بينما دعا رئيس حركة "السلم" أبو جرة سلطاني الضمير العربي إلى أن يصحو من أجل وقف القصف الإسرائيلي الهمجي على غزة، وأيّد "ميلود شرفي" القيادي بـ"التجمع الديمقراطي" نظرة سلطاني في ضرورة مسارعة الأنظمة العربية ومجلس الأمن الأممي لإيقاف التقتيل الوحشي وفتح المعابر لوصول المساعدات الإنسانية بدون شرط إلى قطاع غزة.
وعلى المنوال ذاته، التقى كل من "فاتح ربيعي" الأمين العام لحركة النهضة، و"جهيد يونسي" رئيس حركة الإصلاح، في كون التضامن العربي مع سكان غزة، ينبغي أن يتطور إلى مستوى المساعدة الفعلية، والالتفاف حول المقاومة كـ"خيار استراتيجي يحفظ وجودها وكرامتها"، بجانب توحيد موقف الدول العربية لوقف العدوان الإسرائيلي ضد غزة وجعل القضية الفلسطينية ضمن أولى أولوياتها، واعتبر فاتح ربيعي وجهيد يونسي أنّ الوقت حان لدحض "المخطط الصهيوني في غزة المستمر بتآمر دولي وبتواطؤ بعض الأنظمة العربية، على حد تعبيرهما.
من جهته، ألّح سماحة الشيخ عبد الرحمان شيبان رئيس جمعية العلماء المسلمين الجزائريين، على حساسية تحقيق المجموعة العربية لوثبة تنهي محن الفلسطينيين، في حين حثّ مواطنيه على التبرع بسخاء لصالح مكلومي غزة، كما انتقد مواقف بعض الحكام العرب من العدوان الصهيوني.
وقال الأمين العام للاتحاد الطلابي الحر "سمير مجاهد" أنّ ما يحصل بقطاع غزة يجب أن يوحّد العرب ويدفعهم لمساندة الفلسطينيين في التشبث بحق الأرض وعدم الخضوع لعنجهية المحتلين، بينما أهاب كل من الفنانين "محمد عباس" و"جمال قرمي" و"العمري كعوان" بالقادة العرب إلى التغاضي عن خلافاتهم البينية والفكرية، والمسارعة للحد من بشاعة ما تقترفه أيادي الإثم بغزة.
أطباء الجزائر مستعدون للتكفل بجرحى غزة
من جهة ثانية أكد رئيس عمادة الأطباء الجزائريين الدكتور "محمد بقاط بركاني"، اليوم، استعداد مواطنيه الأطباء داخل وخارج الجزائر التطوع والتكفل التام بالجرحى والمصابين من قطاع غزة، وأضاف الدكتور بقاط بركاني في تصريح لـ"إيلاف" إنّ عمادة الأطباء الجزائريين تنوي القيام بسلسلة من التحركات في غضون الأيام القليلة القادمة لمدارسة سبل الإسهام في تقليص حدة الوضع الصحي المأزوم في غزة.
وقال بركاني أنّ الجزائر التي سبق لها أن تكفلت بأطفال فلسطينيين كانوا مصابين بتشوهات خلقية، تريد بذل جهد مضاعف في مجال استقبال الجرحى والمصابين من قطاع غزة، وذكر بركاني أنّ الأطباء الجزائريين لا يريدون البقاء ساكنين أمام هول ومأساوية الوضع الإنساني في القطاع المكلوم، لذا يراهنون على فتح المعابر لإغاثة الأهالي وإجلاء المصابين.
في غضون ذلك، أعلن متحدث باسم اتحاد الأطباء الجزائريين، أنّ بعثة طبية مختصة طارت إلى غزة، محمّلة بكم هائل من أدوات الجراحة، بينما باشرت السلطات الجزائرية تنسيقا حثيثا مع نظيرتها المصرية لتسهيل مرور البعثة وإيصال المساعدات عبر مطار العريش، حتى يتسنّ للجرّاحين الجزائريين المساهمة في جهود الإنقاذ والتخفيف من آثار المذبحة المتواصلة ضدّ الفلسطينيين.
وبين الاختصاصات التي يمكن للأطباء الجزائريين التكفل بها، تحدث الدكتور بركاني عن كل من: الجراحة العامة- جراحة العظام، وكذا الإصابات التي أدت إلى بتر أحد أعضاء الجسم والتي تتطلب وضع أجهزة اصطناعية إضافة إلى بعض الاختصاصات في طب الأطفال التي أبدى الأطباء الجزائريون كفاءة عالية فيها، وانتهى بركاني إلى التشديد على حتمية تفعيل عملية التكفل بالجرحى، وجعلها تسير بصورة منظمة وبالتنسيق مع الأطباء في قطاع غزة.
وجرى إرسال فريق طبي جزائري قبل ساعات، ضم ثمانية أطباء مختصين في جراحة العظام والعيون وكذا طب الأطفال، وسيشرف فور وصوله إلى الأراضي المصرية على إقامة مركز طبي ميداني يقدم خدماته لأهالي غزة، مستعينا بسيارتي إسعاف مجهزتين بأحدث الوسائل الطبية إضافة إلى محطة لتصفية المياه ومولدات كهربائية وعتاد لإزالة الركام والردوم.
بالتزامن، أرسلت الجزائر شحنة مساعدات ثانية إلى غزة، الاثنين، حيث جرى تعبئة طائرتين بـ40 طنا من المساعدات الإنسانية لسكان قطاع غزة، وتوجهتا إلى مطار العريش بمصر، وتضمنت هذه الشحنة الثانية 6200 كيلوجرام من التجهيزات الطبية والمواد الصيدلانية و30 طنا من المواد الغذائية سيما الدقيق والحليب، علما أنّ شحنة أولى أرسلت الأسبوع الماضي واشتملت على 61 طنا من الأدوية والأغذية والأغطية، لكنها لا تزال مجمّدة على مستوى معبر رفح.