فاطمي
01-05-2009, 08:09 AM
محمود تراوري - الوطن السعودية
تروي أمينة زيدان الروائية المصرية أنها فوجئت بنجيب محفوظ وهو مجتمع مع عدد من أصدقائه في نادي اليخت بالمعادي وكان منهم المهتم بالأدب ومنهم البعيد عنه، منهم الراديكالي والمعتدل، وأنهم كانوا يشكلون أنماطا مختلفة، مما يشير إلى براعة محفوظ والتي تكمن في استيعابه الشخصية مهما تباينت توجهاتها.
بينما يعترف الروائي إيليا ترويانوف الذي هاجر طفلا مع أبويه من بلده الأصلي بلغاريا إلى ألمانيا وبات اليوم واحدا من أهم وأشهر روائيي ألمانيا بأنه عندما ذهب إلى القدس قيل إنه مسلم وفي مكة قالوا إنه يهودي، ويشير إلى عبد اللطيف أحد قادة السند في باكستان لافتا إلى قوله إنه حينما سألوه إبان قتال بين الشيعة والسنة: هل أنت شيعي أم سني؟ فقال لهم: أنا الاثنان. قالوا له بفزع ولكن لا شيء يجمع بين الاثنين يا شيخ. فقال لهم:
وأنا أقف هناك بالضبط في اللاشيء. ثم يضيف ترويانوف الذي يتحدث أربع لغات هي البلغارية والإنجليزية والألمانية والعربية (الناس يحبون أن يضعوا كل شيء في الرف المخصص له بالبيت، بينما الثقافة هي شيء يتحرك بالحركة والحركة تتأتى عبر النظر إلى الآخر). ثم يستشهد بالملك الإسباني في الأندلس الفونس الذي احتل بلدا إسلاميا ثم شرع مع رجاله في الترجمة من العربية إلى اللاتينية، مما يعني أنه علينا حتى ونحن نحارب أن ننظر للآخر على أنه مصدر للثراء، الأشخاص الذين يؤمنون بالثقافة الموحدة هم خارج الثقافة وليسوا داخلها. ثم يختم بالقول: إن هذا ينطبق على بوش وبن لادن، يمكنك أن تضع بوش مكان بن لادن سيكون نفسه خلال ثلاثة أشهر، أنها معركة ثقافات، هي معركة قوى.
الأربعاء الماضي نشر ملحق الأربعاء الثقافي بصحيفة المدينة رسالة موجهة للدكتور سعد البازعي جاء فيها (تنظيراتُكم في عالم النقد الأدبي وقراءاتكم في الفكر الإنساني والعالمي تتميَّز بالجِدَّةِ في المضمون والقوَّة في الطرح، والكثير من القرَّاء والمتابعين لنتاجاتكم الكتابية تأخذهم العزَّة بالإعجاب؛ وتأسرهُم الدهشة بالاطلاع؛ ولكن أين قلمكم من تراثنا العربي والإسلامي؟
أليس هو الأولى بالبحث والتنقيب بدلاً من الإبحار في محيطات النظريات الغربية في النقد والأدب والفكر؟ ألا تعتقد أن الكثير من الرؤى النقدية الغربية والنظريات التي ظهروا بها منذ أواخر القرن التاسع عشر وحتى الآن لها أصول لدى العلماء والأدباء والمفكرين والفلاسفة المسلمين؟
أليس من حقنا أن نعطي لحضارتنا الإسلامية حقَّها وأن نكون من المنصفين لعباقرتنا عبر التاريخ؟). انتهت الرسالة، غير أسئلة كبرى تظل مفتوحة الآن، ولا يمكن أن تنتهي عن مفاهيم تبحث في الآخر، وعن حجم وفاعلية البعد الحضاري / الثقافي في التفاعل والتواصل معه بعيدا عن المؤثر والمكون السياسي مع عدم الاستهانة به، وعن فكرة أن المنتج الثقافي الإنساني - خلا التفاصيل الصغيرة - واحد بتراكماته التي أسهمت فيها البشرية كلها. الدكتور البازعي تخصص أكاديميا في الأدب الإنجليزي وكانت أطروحته عن (الاستشراق الأدبي في الأدب الأنجلو - أمريكي في القرن التاسع عشر: نشوؤه واستمراره " بالإنجليزية). وله (الاختلاف الثقافي وثقافة الاختلاف) و(مقاربة الآخر) مما يعني أنه قضى ردحا من الزمن يغوص في المكون والتاريخ الثقافي لهذا الأدب/ ما يمثل إضافة للثقافة العربية، فتفرغه للتخصص يجعل استيعابه ورؤيته ومن ثم إنتاجه أكثر عمقا، وهذا شيء أرى أنه يفترض أن يؤازر بالتشجيع انطلاقا من الرؤية الإيجابية لمفاهيم التواصل مع الآخر، وترك الغوص في تراثنا وثقافتنا المحلية لمتخصصين يتفرغون له أيضا، إذا ما رمنا الجودة والعمق والمنتج الذي يضيف، لا ذلك الهش (الهواووي) الذي لا يعدو أن يكون مجترا ومسطحا للتراث - بكسر الطاء - في أحايين كثيرة.
الثقافة الحقيقية تستوعب الكل، وتتحاور مع كل الثقافات بلا وجل ولا رهاب لا يليق إلا بثقافة هشة تخاف. هل تظن أن تراثنا هش؟
تروي أمينة زيدان الروائية المصرية أنها فوجئت بنجيب محفوظ وهو مجتمع مع عدد من أصدقائه في نادي اليخت بالمعادي وكان منهم المهتم بالأدب ومنهم البعيد عنه، منهم الراديكالي والمعتدل، وأنهم كانوا يشكلون أنماطا مختلفة، مما يشير إلى براعة محفوظ والتي تكمن في استيعابه الشخصية مهما تباينت توجهاتها.
بينما يعترف الروائي إيليا ترويانوف الذي هاجر طفلا مع أبويه من بلده الأصلي بلغاريا إلى ألمانيا وبات اليوم واحدا من أهم وأشهر روائيي ألمانيا بأنه عندما ذهب إلى القدس قيل إنه مسلم وفي مكة قالوا إنه يهودي، ويشير إلى عبد اللطيف أحد قادة السند في باكستان لافتا إلى قوله إنه حينما سألوه إبان قتال بين الشيعة والسنة: هل أنت شيعي أم سني؟ فقال لهم: أنا الاثنان. قالوا له بفزع ولكن لا شيء يجمع بين الاثنين يا شيخ. فقال لهم:
وأنا أقف هناك بالضبط في اللاشيء. ثم يضيف ترويانوف الذي يتحدث أربع لغات هي البلغارية والإنجليزية والألمانية والعربية (الناس يحبون أن يضعوا كل شيء في الرف المخصص له بالبيت، بينما الثقافة هي شيء يتحرك بالحركة والحركة تتأتى عبر النظر إلى الآخر). ثم يستشهد بالملك الإسباني في الأندلس الفونس الذي احتل بلدا إسلاميا ثم شرع مع رجاله في الترجمة من العربية إلى اللاتينية، مما يعني أنه علينا حتى ونحن نحارب أن ننظر للآخر على أنه مصدر للثراء، الأشخاص الذين يؤمنون بالثقافة الموحدة هم خارج الثقافة وليسوا داخلها. ثم يختم بالقول: إن هذا ينطبق على بوش وبن لادن، يمكنك أن تضع بوش مكان بن لادن سيكون نفسه خلال ثلاثة أشهر، أنها معركة ثقافات، هي معركة قوى.
الأربعاء الماضي نشر ملحق الأربعاء الثقافي بصحيفة المدينة رسالة موجهة للدكتور سعد البازعي جاء فيها (تنظيراتُكم في عالم النقد الأدبي وقراءاتكم في الفكر الإنساني والعالمي تتميَّز بالجِدَّةِ في المضمون والقوَّة في الطرح، والكثير من القرَّاء والمتابعين لنتاجاتكم الكتابية تأخذهم العزَّة بالإعجاب؛ وتأسرهُم الدهشة بالاطلاع؛ ولكن أين قلمكم من تراثنا العربي والإسلامي؟
أليس هو الأولى بالبحث والتنقيب بدلاً من الإبحار في محيطات النظريات الغربية في النقد والأدب والفكر؟ ألا تعتقد أن الكثير من الرؤى النقدية الغربية والنظريات التي ظهروا بها منذ أواخر القرن التاسع عشر وحتى الآن لها أصول لدى العلماء والأدباء والمفكرين والفلاسفة المسلمين؟
أليس من حقنا أن نعطي لحضارتنا الإسلامية حقَّها وأن نكون من المنصفين لعباقرتنا عبر التاريخ؟). انتهت الرسالة، غير أسئلة كبرى تظل مفتوحة الآن، ولا يمكن أن تنتهي عن مفاهيم تبحث في الآخر، وعن حجم وفاعلية البعد الحضاري / الثقافي في التفاعل والتواصل معه بعيدا عن المؤثر والمكون السياسي مع عدم الاستهانة به، وعن فكرة أن المنتج الثقافي الإنساني - خلا التفاصيل الصغيرة - واحد بتراكماته التي أسهمت فيها البشرية كلها. الدكتور البازعي تخصص أكاديميا في الأدب الإنجليزي وكانت أطروحته عن (الاستشراق الأدبي في الأدب الأنجلو - أمريكي في القرن التاسع عشر: نشوؤه واستمراره " بالإنجليزية). وله (الاختلاف الثقافي وثقافة الاختلاف) و(مقاربة الآخر) مما يعني أنه قضى ردحا من الزمن يغوص في المكون والتاريخ الثقافي لهذا الأدب/ ما يمثل إضافة للثقافة العربية، فتفرغه للتخصص يجعل استيعابه ورؤيته ومن ثم إنتاجه أكثر عمقا، وهذا شيء أرى أنه يفترض أن يؤازر بالتشجيع انطلاقا من الرؤية الإيجابية لمفاهيم التواصل مع الآخر، وترك الغوص في تراثنا وثقافتنا المحلية لمتخصصين يتفرغون له أيضا، إذا ما رمنا الجودة والعمق والمنتج الذي يضيف، لا ذلك الهش (الهواووي) الذي لا يعدو أن يكون مجترا ومسطحا للتراث - بكسر الطاء - في أحايين كثيرة.
الثقافة الحقيقية تستوعب الكل، وتتحاور مع كل الثقافات بلا وجل ولا رهاب لا يليق إلا بثقافة هشة تخاف. هل تظن أن تراثنا هش؟