أمير الدهاء
11-30-2008, 07:24 AM
صاحب مقالة ملتقطات .. يعشق مكبوس الدجاج
http://www.alamalyawm.com/uploads/6140/301020081.jpg
حوار: هالة عمران
عمل بالتدريس وبعد تحرير الكويت اقتحم مجال الكتابة الصحافية، والده احد رواد النهضة بالكويت، حيث كان قاضي القضاة، وأول من أسس المدرسة المباركية عام 1911 تعلم منه الصراحة والصدق، جدته لامه كانت هندية، اما والدته فهي ابنة عبداللطيف المطوع، ينتمي للتيار الليبرالي، فعائلته ليبرالية منفتحة، اصدقاءه د. احمد البغدادي د. فلاح المديرس د. عبدالله سهر، الدنيا اخذت منه الشباب واعطت له بلداً مستقراً، قدوته والده والشيخ سعد العبدالله، يحب الربيع والشتاء والموسيقى، يستقي افكاره من الاطلاع على الاحداث والاخبار اليومية، هو شخصية مرحة يحب النكت والسوالف وليس لديه كاتم اسرار، تزوج عن حب من امرأة اجنبية وعقد قرانهم ثلاث مرات، يموت غراماً في الفن بجميع انواعه، ملتقطات هو اسم زاويته التي اختارها لتحمل اكثر من معنى، يرى ان السلك الاكاديمي يعاني من مشكلات اهمها ان الاكاديميين يعيشون في عزلة عن المجتمع، والعلاقة بين ادارة الجامعة والاكاديميين فوقية تقدم الاوامر وتؤخر الزمالة والاحترام، يرى ان الوضع الخليجي في خطر، وسيدخل العرب في ازمات اقتصادية اكثر لاتباعهم تفكير الغزالي، فالدولة لا تعرف ماذا تريد بسبب ضعف السياسة في الدفاع عن الحريات، والنواب اساؤوا لانفسهم ولبلدهم، والشعب متخلف ومتأخر عن الركب الحضاري، الشيخ عبدالله السالم شخصية لن تتكرر والاحزاب ستؤدي لتدهور الاوضاع، استراحته بالشاليه، ويحب مكبوس الدجاج كل هذا كان من ضمن حوارنا مع د. شملان العيسى ولكن في الوجه الآخر.
< عرف نفسك في سطور؟
- انا د. شملان يوسف العيسى، متخصص في علوم السياسة فرع التنمية «تخلف التنمية»، عملت بالتدريس بالجامعة، وبعد التحرير اقتحمت مجال الكتابة الصحافية.
< ماذا تقول في الحريات الصحافية الحالية في ظل السماح بصدور هذا الكم الهائل من الصحف اليومية؟
- الحرية الصحافية في مكانة ممتازة، لكن اعيب على الزملاء وانا احدهم في بعض القضايا المطروحة مثل الطائفية والقبلية وإثارة الفرقة الوطنية، فالمفروض ان تقود الصحافة الرأي العام ولا تقود ونحن كنخبة عاملة بالصحافة علينا ان نكون قدوة ولا ننقاد.
< ما سر اسم مقالتك «ملتقطات» ولماذ هذا الاسم تحديداً؟
- ملتقطات اخترتها لان والدي الشيخ يوسف بن عيسى احد رواد النهضة في الكويت، ولديه كتاب بعنوان ملتقطات جمع فيه الفكر المستنير من جميع الكتاب العرب مثل محمد عبده، جمال الدين الافغاني فجاء اختياري لانه اسم سهل يحمل اكثر من فكر وليس محدداً.
< متى بدأت الكتابة الصحافية.. وهل حققت الهدف الذي كنت ترجوه من الكتابة؟
- بدأت الكتابة عندما كنت لاجئا لدى دولة الإمارات العربية المتحدة، وعملت بالتدريس هناك، وكان مطلوباً منا ان نكتب وجهات نظرنا في الصحف، في البداية كنت خائفاً من التجربة، وبدأت بكتابة مشاعري عن فترة الغزو ثم تطورت حتى اصبحت محترفاً، كان هدف الكتابة في البداية وطني، لطرح فكر مستنير وعن تحقيق هدفي فهذا سؤال صعب جداً واشكالية كبرى، ولا استطيع تحديد ذلك ولكن التأكيد على بعض الامور بدأ يجد بعض الآذان الصاغية في كل من الحكومة والمجلس.
< هل كل استاذ جامعي لديه امكانيات لكي يكون كاتباً صحافيا؟
- الكتابة الصحافية مقدرة ومهارة وموهبة وليس كل استاذ جامعي اكاديمي كاتب جيد ورغم ان هناك محاولات كثيرة منهم للكتابة الصحافية حتى أصبحت نسبتهم كبيرة مقارنة بالدول الاخرى، وبطبيعة الحال بعضهم نجح في مجال تخصصه والبعض الآخر فشل، اما انا فقد نجحت لان كتاباتي نابعة من مجال تخصصي وبساطة الفكر هي من تصل للجمهور البسيط الذي يحب السلاسة والسهولة.
< بصفتك استاذ علوم سياسية بجامعة الكويت.. هل للسياسة العربية جناح واحد؟
- مصيبة العرب كثرة الاجنحة فالانظمة التقليدية تعاني اختلافا وتفاوتا، وقد حققت الانظمة التقليدية نجاحات هامة كالاستقرار وارتفاع المستوى المعيشي اكثر من الانظمة الثورية التي وعدت الشعوب بتحقيق الاشتراكية والقومية والحرية والوحدة العربية، ولكن قد اتضح بعد ذلك بانها انظمة قمعية استبدادية.
< صف لنا معاناة السلك الإكاديمي من خلال تجربتك الخاصة؟
- السلك الأكاديمي يعاني من مشكلات جمة، أولها أن الأكاديميين يعيشون في عزلة تامة عن المجتمع، ويفترض أن يساهموا في تطوير المجتمع بفعالية، فلدينا المتخصصون بالاقتصاد والاجتماع وعلم النفس والعلوم والطب، والدولة للاسف تعمل على محو دورهم، يضاف إلى ذلك معاناة الجامعة من مشكلات الترقيات والكورسات والعلاقة بين الإدارة والأكاديميين فوقية تقدم نظام الأوامر والتعليمات وتؤخر الزمالة والاحترام.
< حدثنا عن دراستك... وزملائك خلال المراحل الدراسية؟
- المرحلة الابتدائية مرحلة جميلة في حياتي، حيث أنها اتسمت بالبساطة، وقد درست هذه المرحلة بمنطقة شرق بمدرسة النجاح ثم مدرسة الخالد بن الوليد بمنطقة الوسط «القبلة» ثم المدرسة الصناعية، وبعدها ثانوية الشويخ، وذهبت بعد ذلك إلى الولايات المتحدة تحديدا لأنني كنت قومياً بعثياً حيث انني خفت من الذهاب إلى مصر فيعتقلني عبدالناصر، زملاء الدراسة كثيرون منهم النائب والوزير مشاري العنجري ومحمد الحميضي وكيل وزارة التربية الاسبق.
فقد هيبته
< كيف كان التعليم في عهدكم؟ وما صفات المجتمع الكويتي وقتها؟
- التعليم في جيلي كان أكثر انفتاحا وجدية وتنوعاً وفكراً، فالمدارس كانت خليطاً من العرب والأجانب والكويتيين، فقد كان الفلسطينيون والمصريون والعراقيون متميزون في الدراسة وهذا أعطانا دفعة لصنع منافسة جميلة في المدارس، والعنصر الفلسطيني إضافة للمصري سبب رئيسي في جعل التعليم بالكويت أفضل، فقد كانوا يعطون أفضل الشقق ولكل منهم سيارة وسائق وبيت فيه أحدث الأثاث، فرغم أن والدي كان قاضي القضاة لم يكن لدينا ثلاجة، وهذا دليل على تقدير الدولة للمدرسين، وهذا الوضع اختلف اختلافاً جذرياً، واذكر ان كان يدرسني الرسم مدرسا مصريا عنيفا، وإذا شكونا لابائنا يكون الرد «زين اللي سوى فيكم»، الآن الدولة باتت لا تحترم المدرسين، فقد هيبته والسبب أن العرض أكثر من الطلب، بالإضافة إلى سوء التربية وضعف الدولة، والعجيب أننا نسمع بضرب التلميذ للمدرس.
< ما هي صفات د. شملان الخاصة والتي لا يعرفها سوى المقربين؟
- ليس لدي صفة مميزة سوى الصراحة، والتي كلفتني الكثير، ولو كنت غير ذلك لأصبحت وزيرا، ولست نادماً لانني عشت طبقا للبيئة التي تربيت فيها، عموما الكويت بحاجة إلى اناس صرحاء يعبرون عن وجهات نظرهم.
فن ومصلحة
< هل السياسي عادة منافق؟ ولماذا ليس للسياسة إطار ثابت سوى الغاية تبرر الوسيلة؟
- ليس شرطا أن يكون السياسي منافقا، إلا أن المتسلق هو من ينافق، لذا كل المتسلقين وصلوا مناصب عليا وباتوا وزراء لأنهم تملقوا للسلطة، أما من يقول الحق فلا يعجب السلطة، أما عن مقولة الغاية تبرر الوسيلة فهي مقولة ميكافيلي وليس للسياسة شيء ثابت، فالسياسة فن ومصلحة وكل سياسي يستخدم الاسلوب الذي يراه وصولاً للغرض أو الهدف الذي يود تحقيقه، ولذا فهي مقولة في قمة العقلانية وليس بالضرورة أن نكون فاسدين، والآن كل نائب يدعي النزاهة والنظافة وتمثيل المال العام وكأنهم أنبياء ولكنهم كذابون ومنافقون والدليل على ذلك تردي الأوضاع، حيث انهم يستخدمون الدين والعادات والتقاليد تبعاً للمصالح الشخصية.
ربعه وشلته
< أزمات الإدارة الجامعية ما هي وما أسبابها ومن المحق بكل صراحة؟
- للأسف الإدارة الجديدة حاولت التغيير تبعا لمفهوم خاص بهم عزز الشللية والطائفية واللجوء للأحزاب السياسية لضمان الاستقرار عندما كنت مسؤولاً عن مركز الدراسات الاستراتيجية بالجامعة وذهبت حتى أبارك للوزير فسألني د. فهد الثاقب عن مشكلات المركز، فأبلغته بان القرار الوزاري بإنشاء المركز يقول باستقلالية المركز ماليا وإداريا، وان هناك لوائح جامعية تتعارض مع هذا القرار الوزاري وطالبت منه تحديد صلاحيات مجلس الأمناء ومجلس المركز ونائب المدير والمدير ليعرف الكل صلاحياته، فقال لي بإن الإدارة القديمة وضعت علي مخالفات، فسألته إن كنت تجاوزت وخالفت فكيف جددوا لي عبر لجنتين فقال سنشكل لجنة ثالثة، وقتها أدركت أن الإدارة تغير اللوائح المنظمة من أجل وضع شلته، فادعوا بهتانا انني سارق، وذلك لان فكري ليبرالي، بالرغم من ان فكري شيء وعملي شيء آخر، فكل وزير يريد أن ينصب «ربعه وشلته» وان لم يكن الفرد تابعاً للحركة الدستورية أو السلفية أو حزب الله وكان مستقلاً وحراً فإنه لا يقبل.
< معنى ذلك أنك تنتمي للتيار الليبرالي؟
- نعم انتمي للتيار الليبرالي، فقد ربيت على الليبرالية فعائلتي ليبرالية منفتحة رغم أن عبدالله المطوع أحد مؤسسي حركة الإخوان المسلمين بالكويت تجمعني به علاقة قرابة من ناحية الأم، إضافة إلى أن عائلة العيسى هم مؤسسو السلف وهذا دليل على حيوية العائلة ويدل على التنوع.
بين الصحافة والبورصة
< هل ترى نفسك ناجحا؟ وما السر؟
- سؤال صعب، ففي مجال التدريس طلبتي هم من يقررون ذلك، فقد حققت بعض الأمور والبعض الآخر لم احققها، حيث انني أهملت صحتي وبيتي كثيرا من أجل العمل العام والكويت لكني اكتشفت بعد فترة انها كلام فاض واحزن كثيرا لانني قضيت كل عمري أبحث في الصالح العام وغيري هدفهم الصالح الخاص، فاستفحل الفساد، لذلك أنا لست راضيا عن نفسي ولا عن مسيرتي الاكاديمية، حيث انني شتت أفكاري بين الصحافة والبورصة، فقد كنت رئيس اتحاد كرة التنس وعضو اللجنة الاولمبية، ونائب رئيس مركز تقييم الطفل وغيرها من المناصب فشتت نفسي في العمل العام، واكتشفت ان هذا وقت ضائع وحاولت مع زملائي ان نحسن وضع الإنسان في الكويت بجعلها دولة حضارية تحترم حقوق الإنسان ولكن فشلنا.
< معنى كلامك أن المصلحة الخاصة تحكم تصرفات السياسة؟
- هذا أمر واقع في العالم كله وليس الكويت فقط، وعلينا أن نعمل جميعا من أجل الكويت، حيث ارى الجميع يبتز الكويت وكأنها حلوباً، فالجميع يقول بأنه كويتي ووطني ولا يداوم سوى 17 دقيقة من 8 ساعات، ولولا الاجانب لاصبحت الكويت متخلفة أمام العالم، للأسف المغتربين يحملون الكويت ونحن نظلمهم.
< من هم أصدقاؤك الحاليون؟
- د. أحمد البغدادي، د. فلاح المديرس، د. عبدالله سهر وكثيرون من زملائي بالجامعة وليس لدي كاتم أسرار فأنا أجهر بكل ما أعلم.
خلي قرعة ترعى
< ما الذي أخذته منك الحياة؟
- ضحك قائلا: أخذت شبابي واعطتني بلداً مستقراً آمناً وبيئة اجتماعية متوسطة، لكن ما يغضبني ان الكويت لم تعد هذا البلد المنفتح الذي عشنا فيه سابقا، بلد الحريات الاجتماعية المطلقة، للأسف مع وصول المد الديني الأصولي انغلقت البلد، وأصبحت السلطة منقادة من الشارع، فالحكام «المسؤولين» عملوا بالمثل الكويتي «خلي القرعة ترعي» وبات الجميع يتساءل: ماذا حدث للسلطة؟
< سأتركك تنتقي أسماء معينة أثرت في حياتك؟
- تأثرت بوالدي الشيخ يوسف بن عيسى فهو قدوتي، كذلك الشيخ عبدالله السالم وحكمته وادارته للامور، وايضا الامير الوالد الشيخ سعد العبدالله والامير الحالي، وكلهم أثروا فيّ.
سمو الامير لديه افكار مستنيرة، لكن لا يطبق برنامجه لعدة عوامل واسباب منها سوء الادارة الحكومية ومجلس الامة.
< هل اختلفت العلاقة بين استاذ الجامعة وتلميذه..؟
- لقد درست بالغرب، فوجدت ان علاقة الاستاذ بتلميذه ودية يغلفها طابع الزمالة والصداقة، وقد حرصت على ذلك مع طلابي الذين صاروا وزراء وسفراء.
< عندما تنظر إلى ماضيك ماذا ترى؟ وماذا تتجاهل؟ وماذا تود أن تفعل؟.. وهل يعجبك هذا الماضي؟
- الشباب، لان فترة الشباب تعني الانطلاق، ورغم الفقر والحرمان فقد تأقلمنا بسبب بساطة الزمان، كان معدل الاعمار انها قبل النفط 36 سنة والآن اصبح للمرأة 75 والرجل 74، وهو ما يعني تحسناً صحياً ومعيشياً، لذا رغم جمال فترة شبابنا، الا ان جيل اليوم أفضل لكن تيارات تقف لهم بالمرصاد وتحاول سحبهم للخلف فلم يبق من الجهل والتخلف سوى العرب وافريقيا.
< هل هناك لحظة أو وقت أو يوم أو شهر أو فصل معين تحبه؟.. ولماذا؟
- أحب فصل الربيع والشتاء، فجو الكويت حار، نهرب منه جميعا.
دولة طالبان
< ماذا تريد من الحريات الاضافية أم أن الحالي كاف..؟
- حرية التعبير والكتابة موجودة ومتوفرة، لكن الحرية الاجتماعية للفرد هي المطلوبة، فأنا أحب الموسيقى ويحق لي الذهاب الى المطعم واستمع لعازف العود، لكن مجلس الامة والحكومة يمنعاني من هذا الحق كما يمنع المسيحيون من الاحتفال برأس السنة الميلادية، فالحريات الحالية هي «لناس وناس» على عكس مرحلة الستينات حيث كانت الدولة قوية تفرض القوانين وتمنع الاعتداءات على حقوق الآخرين، واليوم نتقابل وكأننا دولة «طالبان» فقدنا الحريات الاجتماعية، وهذا عائد الى الاسلام السياسي وضعف الدولة وتراجع المجتمع الكويتي.
< هل تسمح لي بأسئلة صريحة.. من أفضل رئيس وزراء في تاريخ الكويت وحاضرها.. وما هي أزهى عصور الكويت؟
- سؤال صعب، لكن بشكل عام الشيخ جابر الأحمد الصباح، فقد كان شابا قويا وذكيا استعان بخبرات عربية لادارة البلد، وجلب افضل المستشارين العرب ذوي العقول الجبارة مثل السنهوري باشا لوضع الدستور الكويتي، وفترة رئاسة الشيخ جابر لمجلس الوزراء ثم الشيخ سعد أزهى العصور.
< من هي الشخصية التي لن تتكرر في الكويت؟
- الشيخ عبدالله السالم، لانه صاحب قرار ومنفتح بالنسبة لي شخصية مميزة.
تعيسة
< كيف تنظر لوسائل الإعلام؟
- الإعلام الرسمي «اذاعة، تلفزيون، مسرح» تعيس ومتخلف لقد تم صنع البرامج الحوارية والجريئة، للأسف تم نقل احداث خيطان عبر الجزيرة، وتلفزيون الكويت لم يستطع نقلها بسبب الخوف، أما الإعلام غير الرسمي، فإن الصحافة حرة، وحرية الرأي مكفولة.
الصحف المسيسة
< هل لك فترات إلهام.. ومن مصدر إلهامك.. وهل أنت متابع لـ15 صحيفة؟
- كثيرون يسألونني، كيف تولد الفكرة، وبشكل عام استقي أفكاري من الإطلاع على الأحداث المحيطة والاخبار اليومية، وانا مضطر لقراءة الصحف الكويتية كلها، وأرى ان هذه الزيادة مزعجة رغم انها ظاهرة ايجابية لن تطول ولن تستمر، وستستقر وتستمر الصحف المسيسة، كالصادرة عن الاخوان المسلمين والسلف الليبراليين والشيعة، وصحافة الافراد أتوقع توقفها.
< ما المنصب الذي تتمنى ان تكون فيه وماذا تنوي عمله.. وبصراحة هل عرضت عليك وزارة..؟
- اهمها ان اكون على رأس مركز الدراسات، للأسف من المحزن عدم وجود مراكز دراسات.
ولم يعرض علي حقيبة وزارية، لكن عرض علي عدة مناصب لكنني ترددت لأنها أتت بطريقة لا تعجبني، ففضلت ان اكون بعيداً.
< السياسة عمل جاد.. فهل هذه الجدية طاغية في حياتك الخاصة... وما سر الابتسامة التي لا تفارقك.
- انا شخصية مرحة ودائما ابتسم احب النكات والسوالف والشله والربع لكن الحياة العامة والاكاديمية فرضت علي نوعاً من الجدية.
< الأم أجنبية مسيحية والأب شرقي متحفظ كيف نشأ الأبناء... ومن الأقرب لك من الأولاد؟
- لدي ولدان وبنتان وهما إياد، يوسف، داليا، هديل، يوسف عكس اياد، ولد شاطر متميز بالتعليم، وكل ابن أخذ جزءاً من شخصيتي لكن يوسف أكثر ذكاء مني، فقد اصبح مدير بنك بحريني وتزوج هناك. داليا درست بأميركا، وتعمل بالقطاع الخاص اما هديل فتحاول ان تكون اكاديمية مثلي حيث تدرس علم النفس وكل ابنائي جمعوا من الطباع الشرقية والغربية، فقد تأقلمت زوجتي بالطباع الشرقية.
< حدثنا عن احفادك؟
- لدي ولدان من يوسف هما طارق وعيسى، ومن داليا راكان وعيسى، مشكلتي ان احفادي لا أراهم مثل الماضي، بسبب مدارسهم طوال الاسبوع.
< نريد منك كلمة حق؟
- الجامعة.. يفترض ان يكون حالها أفضل من واقعها.
الزوجة.. مخلصة، حبيبة غالية.
البيت.. مستور الحمد لله.
الابناء.. بخير وفي الطريق الصحيح.
الكويت.. أتمنى ان تعود لسابق عهدها.
البترول.. بعد الأزمة الحالية سيمر بركود عالمي، والنفط دمرنا وأصابنا بالخمول والإتكال على الغير.
الكتابة الصحافية.. ليست سهلة مثلما يتصور الجميع.
< ما سبب توجهك لدراسة العلوم السياسية؟
- جو الستينات كان مشحون عربياً واقليمياً ومحلياً بالروح الوطنية لتحرير الكويت، فأحببت السياسة، في البداية كان تخصصي علمي «جيولوجيا» بعدها اكتشفت ان ميولي ليست بالعلمية، فدرست السياسة.
< اذكر لنا موقفاً طفولياً مازال عالقا في ذهنك؟
- عام 1958 حدث تهديد عبدالكريم قاسم للكويت، فقمنا بتنظيم مظاهرات الى قصر السيف مطالبين المرحوم عبدالله السالم بأن يعطينا اسلحة لنذهب ونقاتل، فأعطوني بندقية كانت اطول مني تسلمتها وكان دوري حراسة على الشواطئ الكويتية، فكنت اذهب للبيت وأنام.
السامري
< ما تعريفك للفن.. وكيف تنظر إليه حالياً.. وماذا تحب في الفنون السبعة محلياً وعالميا..؟
- أموت غراماً في الفن بجميع انواعه وهذا ما حرمنا منه الان، عكس الماضي حيث كانت الاعراس مختلطة وكنا نعشق «السامري» العراقي. وأنا محب لجميع الفنون خصوصاً الموسيقى الكلاسيكية، ولا اعرف بالأوبرا.
< حدثنا عن توليك لمنصب مدير مركز الدراسات الاستراتيجية والمستقبلية بالجامعة... وماذا عن اعتزالك العمل فيه؟
- بدأت لدي الفكرة منذ الحرب العراقية الايرانية عام 1981، طرحت الفكرة على المرحوم الشيخ جابر الأحمد استحسنها، وظلت الفكرة تتنقل حتى وصلت لسمو رئيس مجلس الوزراء الراحل الشيخ سعد العبدالله الى ان رأت النور عام «2000» حيث تأخرت حوالي «20» عاماً مثل كل الامور بالكويت، استلمت المركز في عام «2003»، وأول شيء اصدمت به ميزانية المركز التي كانت حوالي «45» الف دينار، ولا اود الحديث عن عهدي، ولا على الانتقادات الشخصية التي حدثت، ومنذ ان تركته لم يفعلوا اي شيء.
< اعتبرت ان العمل الحكومي لا يناسب من يحترم نفسه... لماذا؟
- لانه إهانة للإنسان، فالمبدع ذو الافكار الخلاقة ليس له مكان في الحكومة، كذلك الترقيات معتمدة على المحسوبية والواسطة والانتماء الطائفي او الحزبي.
< التدوير.. التوزير.. التوريث... التدريس.. التسيس.. التدليس.. ما معنى كل منها الحقيقي وكيفية استخدامها؟
- التدوير موضة اتبعتها الكويت حتى يصطحب المسؤول جماعته.
التوزير للأسف لاغراض سياسية.. حتى اصبح التحالف الحكومي نفعياً مصالحياً بعيداً عن مصالح البلد.
التدريس مهمة المشقة والعناء في ظل غياب التقدير للمدرس.
التسيس مصيبة مصائب الكويت، فكل شيء مسيس حتى القضايا الفنية.
التدليس حاضر بقوة في الادارة الحكومية وجميع النواب يمارسونه.
< بم تفسر العجز السياسي العربي في كسب أي قضية من قضاياه..؟
- التخلف الحضاري العربي عن العالم بنحو «500» سنة فمشكلتنا ان النهضة لم تبدأ عندنا، ومازلنا نعيش طبقاً للعادات والتقاليد، ونحتاج نهضة بأفكار جديدة تعيد للانسان انسانيته وتمنع عنه الاضطهاد ومحو الشخصية.
http://www.alamalyawm.com/uploads/6140/301020081.jpg
حوار: هالة عمران
عمل بالتدريس وبعد تحرير الكويت اقتحم مجال الكتابة الصحافية، والده احد رواد النهضة بالكويت، حيث كان قاضي القضاة، وأول من أسس المدرسة المباركية عام 1911 تعلم منه الصراحة والصدق، جدته لامه كانت هندية، اما والدته فهي ابنة عبداللطيف المطوع، ينتمي للتيار الليبرالي، فعائلته ليبرالية منفتحة، اصدقاءه د. احمد البغدادي د. فلاح المديرس د. عبدالله سهر، الدنيا اخذت منه الشباب واعطت له بلداً مستقراً، قدوته والده والشيخ سعد العبدالله، يحب الربيع والشتاء والموسيقى، يستقي افكاره من الاطلاع على الاحداث والاخبار اليومية، هو شخصية مرحة يحب النكت والسوالف وليس لديه كاتم اسرار، تزوج عن حب من امرأة اجنبية وعقد قرانهم ثلاث مرات، يموت غراماً في الفن بجميع انواعه، ملتقطات هو اسم زاويته التي اختارها لتحمل اكثر من معنى، يرى ان السلك الاكاديمي يعاني من مشكلات اهمها ان الاكاديميين يعيشون في عزلة عن المجتمع، والعلاقة بين ادارة الجامعة والاكاديميين فوقية تقدم الاوامر وتؤخر الزمالة والاحترام، يرى ان الوضع الخليجي في خطر، وسيدخل العرب في ازمات اقتصادية اكثر لاتباعهم تفكير الغزالي، فالدولة لا تعرف ماذا تريد بسبب ضعف السياسة في الدفاع عن الحريات، والنواب اساؤوا لانفسهم ولبلدهم، والشعب متخلف ومتأخر عن الركب الحضاري، الشيخ عبدالله السالم شخصية لن تتكرر والاحزاب ستؤدي لتدهور الاوضاع، استراحته بالشاليه، ويحب مكبوس الدجاج كل هذا كان من ضمن حوارنا مع د. شملان العيسى ولكن في الوجه الآخر.
< عرف نفسك في سطور؟
- انا د. شملان يوسف العيسى، متخصص في علوم السياسة فرع التنمية «تخلف التنمية»، عملت بالتدريس بالجامعة، وبعد التحرير اقتحمت مجال الكتابة الصحافية.
< ماذا تقول في الحريات الصحافية الحالية في ظل السماح بصدور هذا الكم الهائل من الصحف اليومية؟
- الحرية الصحافية في مكانة ممتازة، لكن اعيب على الزملاء وانا احدهم في بعض القضايا المطروحة مثل الطائفية والقبلية وإثارة الفرقة الوطنية، فالمفروض ان تقود الصحافة الرأي العام ولا تقود ونحن كنخبة عاملة بالصحافة علينا ان نكون قدوة ولا ننقاد.
< ما سر اسم مقالتك «ملتقطات» ولماذ هذا الاسم تحديداً؟
- ملتقطات اخترتها لان والدي الشيخ يوسف بن عيسى احد رواد النهضة في الكويت، ولديه كتاب بعنوان ملتقطات جمع فيه الفكر المستنير من جميع الكتاب العرب مثل محمد عبده، جمال الدين الافغاني فجاء اختياري لانه اسم سهل يحمل اكثر من فكر وليس محدداً.
< متى بدأت الكتابة الصحافية.. وهل حققت الهدف الذي كنت ترجوه من الكتابة؟
- بدأت الكتابة عندما كنت لاجئا لدى دولة الإمارات العربية المتحدة، وعملت بالتدريس هناك، وكان مطلوباً منا ان نكتب وجهات نظرنا في الصحف، في البداية كنت خائفاً من التجربة، وبدأت بكتابة مشاعري عن فترة الغزو ثم تطورت حتى اصبحت محترفاً، كان هدف الكتابة في البداية وطني، لطرح فكر مستنير وعن تحقيق هدفي فهذا سؤال صعب جداً واشكالية كبرى، ولا استطيع تحديد ذلك ولكن التأكيد على بعض الامور بدأ يجد بعض الآذان الصاغية في كل من الحكومة والمجلس.
< هل كل استاذ جامعي لديه امكانيات لكي يكون كاتباً صحافيا؟
- الكتابة الصحافية مقدرة ومهارة وموهبة وليس كل استاذ جامعي اكاديمي كاتب جيد ورغم ان هناك محاولات كثيرة منهم للكتابة الصحافية حتى أصبحت نسبتهم كبيرة مقارنة بالدول الاخرى، وبطبيعة الحال بعضهم نجح في مجال تخصصه والبعض الآخر فشل، اما انا فقد نجحت لان كتاباتي نابعة من مجال تخصصي وبساطة الفكر هي من تصل للجمهور البسيط الذي يحب السلاسة والسهولة.
< بصفتك استاذ علوم سياسية بجامعة الكويت.. هل للسياسة العربية جناح واحد؟
- مصيبة العرب كثرة الاجنحة فالانظمة التقليدية تعاني اختلافا وتفاوتا، وقد حققت الانظمة التقليدية نجاحات هامة كالاستقرار وارتفاع المستوى المعيشي اكثر من الانظمة الثورية التي وعدت الشعوب بتحقيق الاشتراكية والقومية والحرية والوحدة العربية، ولكن قد اتضح بعد ذلك بانها انظمة قمعية استبدادية.
< صف لنا معاناة السلك الإكاديمي من خلال تجربتك الخاصة؟
- السلك الأكاديمي يعاني من مشكلات جمة، أولها أن الأكاديميين يعيشون في عزلة تامة عن المجتمع، ويفترض أن يساهموا في تطوير المجتمع بفعالية، فلدينا المتخصصون بالاقتصاد والاجتماع وعلم النفس والعلوم والطب، والدولة للاسف تعمل على محو دورهم، يضاف إلى ذلك معاناة الجامعة من مشكلات الترقيات والكورسات والعلاقة بين الإدارة والأكاديميين فوقية تقدم نظام الأوامر والتعليمات وتؤخر الزمالة والاحترام.
< حدثنا عن دراستك... وزملائك خلال المراحل الدراسية؟
- المرحلة الابتدائية مرحلة جميلة في حياتي، حيث أنها اتسمت بالبساطة، وقد درست هذه المرحلة بمنطقة شرق بمدرسة النجاح ثم مدرسة الخالد بن الوليد بمنطقة الوسط «القبلة» ثم المدرسة الصناعية، وبعدها ثانوية الشويخ، وذهبت بعد ذلك إلى الولايات المتحدة تحديدا لأنني كنت قومياً بعثياً حيث انني خفت من الذهاب إلى مصر فيعتقلني عبدالناصر، زملاء الدراسة كثيرون منهم النائب والوزير مشاري العنجري ومحمد الحميضي وكيل وزارة التربية الاسبق.
فقد هيبته
< كيف كان التعليم في عهدكم؟ وما صفات المجتمع الكويتي وقتها؟
- التعليم في جيلي كان أكثر انفتاحا وجدية وتنوعاً وفكراً، فالمدارس كانت خليطاً من العرب والأجانب والكويتيين، فقد كان الفلسطينيون والمصريون والعراقيون متميزون في الدراسة وهذا أعطانا دفعة لصنع منافسة جميلة في المدارس، والعنصر الفلسطيني إضافة للمصري سبب رئيسي في جعل التعليم بالكويت أفضل، فقد كانوا يعطون أفضل الشقق ولكل منهم سيارة وسائق وبيت فيه أحدث الأثاث، فرغم أن والدي كان قاضي القضاة لم يكن لدينا ثلاجة، وهذا دليل على تقدير الدولة للمدرسين، وهذا الوضع اختلف اختلافاً جذرياً، واذكر ان كان يدرسني الرسم مدرسا مصريا عنيفا، وإذا شكونا لابائنا يكون الرد «زين اللي سوى فيكم»، الآن الدولة باتت لا تحترم المدرسين، فقد هيبته والسبب أن العرض أكثر من الطلب، بالإضافة إلى سوء التربية وضعف الدولة، والعجيب أننا نسمع بضرب التلميذ للمدرس.
< ما هي صفات د. شملان الخاصة والتي لا يعرفها سوى المقربين؟
- ليس لدي صفة مميزة سوى الصراحة، والتي كلفتني الكثير، ولو كنت غير ذلك لأصبحت وزيرا، ولست نادماً لانني عشت طبقا للبيئة التي تربيت فيها، عموما الكويت بحاجة إلى اناس صرحاء يعبرون عن وجهات نظرهم.
فن ومصلحة
< هل السياسي عادة منافق؟ ولماذا ليس للسياسة إطار ثابت سوى الغاية تبرر الوسيلة؟
- ليس شرطا أن يكون السياسي منافقا، إلا أن المتسلق هو من ينافق، لذا كل المتسلقين وصلوا مناصب عليا وباتوا وزراء لأنهم تملقوا للسلطة، أما من يقول الحق فلا يعجب السلطة، أما عن مقولة الغاية تبرر الوسيلة فهي مقولة ميكافيلي وليس للسياسة شيء ثابت، فالسياسة فن ومصلحة وكل سياسي يستخدم الاسلوب الذي يراه وصولاً للغرض أو الهدف الذي يود تحقيقه، ولذا فهي مقولة في قمة العقلانية وليس بالضرورة أن نكون فاسدين، والآن كل نائب يدعي النزاهة والنظافة وتمثيل المال العام وكأنهم أنبياء ولكنهم كذابون ومنافقون والدليل على ذلك تردي الأوضاع، حيث انهم يستخدمون الدين والعادات والتقاليد تبعاً للمصالح الشخصية.
ربعه وشلته
< أزمات الإدارة الجامعية ما هي وما أسبابها ومن المحق بكل صراحة؟
- للأسف الإدارة الجديدة حاولت التغيير تبعا لمفهوم خاص بهم عزز الشللية والطائفية واللجوء للأحزاب السياسية لضمان الاستقرار عندما كنت مسؤولاً عن مركز الدراسات الاستراتيجية بالجامعة وذهبت حتى أبارك للوزير فسألني د. فهد الثاقب عن مشكلات المركز، فأبلغته بان القرار الوزاري بإنشاء المركز يقول باستقلالية المركز ماليا وإداريا، وان هناك لوائح جامعية تتعارض مع هذا القرار الوزاري وطالبت منه تحديد صلاحيات مجلس الأمناء ومجلس المركز ونائب المدير والمدير ليعرف الكل صلاحياته، فقال لي بإن الإدارة القديمة وضعت علي مخالفات، فسألته إن كنت تجاوزت وخالفت فكيف جددوا لي عبر لجنتين فقال سنشكل لجنة ثالثة، وقتها أدركت أن الإدارة تغير اللوائح المنظمة من أجل وضع شلته، فادعوا بهتانا انني سارق، وذلك لان فكري ليبرالي، بالرغم من ان فكري شيء وعملي شيء آخر، فكل وزير يريد أن ينصب «ربعه وشلته» وان لم يكن الفرد تابعاً للحركة الدستورية أو السلفية أو حزب الله وكان مستقلاً وحراً فإنه لا يقبل.
< معنى ذلك أنك تنتمي للتيار الليبرالي؟
- نعم انتمي للتيار الليبرالي، فقد ربيت على الليبرالية فعائلتي ليبرالية منفتحة رغم أن عبدالله المطوع أحد مؤسسي حركة الإخوان المسلمين بالكويت تجمعني به علاقة قرابة من ناحية الأم، إضافة إلى أن عائلة العيسى هم مؤسسو السلف وهذا دليل على حيوية العائلة ويدل على التنوع.
بين الصحافة والبورصة
< هل ترى نفسك ناجحا؟ وما السر؟
- سؤال صعب، ففي مجال التدريس طلبتي هم من يقررون ذلك، فقد حققت بعض الأمور والبعض الآخر لم احققها، حيث انني أهملت صحتي وبيتي كثيرا من أجل العمل العام والكويت لكني اكتشفت بعد فترة انها كلام فاض واحزن كثيرا لانني قضيت كل عمري أبحث في الصالح العام وغيري هدفهم الصالح الخاص، فاستفحل الفساد، لذلك أنا لست راضيا عن نفسي ولا عن مسيرتي الاكاديمية، حيث انني شتت أفكاري بين الصحافة والبورصة، فقد كنت رئيس اتحاد كرة التنس وعضو اللجنة الاولمبية، ونائب رئيس مركز تقييم الطفل وغيرها من المناصب فشتت نفسي في العمل العام، واكتشفت ان هذا وقت ضائع وحاولت مع زملائي ان نحسن وضع الإنسان في الكويت بجعلها دولة حضارية تحترم حقوق الإنسان ولكن فشلنا.
< معنى كلامك أن المصلحة الخاصة تحكم تصرفات السياسة؟
- هذا أمر واقع في العالم كله وليس الكويت فقط، وعلينا أن نعمل جميعا من أجل الكويت، حيث ارى الجميع يبتز الكويت وكأنها حلوباً، فالجميع يقول بأنه كويتي ووطني ولا يداوم سوى 17 دقيقة من 8 ساعات، ولولا الاجانب لاصبحت الكويت متخلفة أمام العالم، للأسف المغتربين يحملون الكويت ونحن نظلمهم.
< من هم أصدقاؤك الحاليون؟
- د. أحمد البغدادي، د. فلاح المديرس، د. عبدالله سهر وكثيرون من زملائي بالجامعة وليس لدي كاتم أسرار فأنا أجهر بكل ما أعلم.
خلي قرعة ترعى
< ما الذي أخذته منك الحياة؟
- ضحك قائلا: أخذت شبابي واعطتني بلداً مستقراً آمناً وبيئة اجتماعية متوسطة، لكن ما يغضبني ان الكويت لم تعد هذا البلد المنفتح الذي عشنا فيه سابقا، بلد الحريات الاجتماعية المطلقة، للأسف مع وصول المد الديني الأصولي انغلقت البلد، وأصبحت السلطة منقادة من الشارع، فالحكام «المسؤولين» عملوا بالمثل الكويتي «خلي القرعة ترعي» وبات الجميع يتساءل: ماذا حدث للسلطة؟
< سأتركك تنتقي أسماء معينة أثرت في حياتك؟
- تأثرت بوالدي الشيخ يوسف بن عيسى فهو قدوتي، كذلك الشيخ عبدالله السالم وحكمته وادارته للامور، وايضا الامير الوالد الشيخ سعد العبدالله والامير الحالي، وكلهم أثروا فيّ.
سمو الامير لديه افكار مستنيرة، لكن لا يطبق برنامجه لعدة عوامل واسباب منها سوء الادارة الحكومية ومجلس الامة.
< هل اختلفت العلاقة بين استاذ الجامعة وتلميذه..؟
- لقد درست بالغرب، فوجدت ان علاقة الاستاذ بتلميذه ودية يغلفها طابع الزمالة والصداقة، وقد حرصت على ذلك مع طلابي الذين صاروا وزراء وسفراء.
< عندما تنظر إلى ماضيك ماذا ترى؟ وماذا تتجاهل؟ وماذا تود أن تفعل؟.. وهل يعجبك هذا الماضي؟
- الشباب، لان فترة الشباب تعني الانطلاق، ورغم الفقر والحرمان فقد تأقلمنا بسبب بساطة الزمان، كان معدل الاعمار انها قبل النفط 36 سنة والآن اصبح للمرأة 75 والرجل 74، وهو ما يعني تحسناً صحياً ومعيشياً، لذا رغم جمال فترة شبابنا، الا ان جيل اليوم أفضل لكن تيارات تقف لهم بالمرصاد وتحاول سحبهم للخلف فلم يبق من الجهل والتخلف سوى العرب وافريقيا.
< هل هناك لحظة أو وقت أو يوم أو شهر أو فصل معين تحبه؟.. ولماذا؟
- أحب فصل الربيع والشتاء، فجو الكويت حار، نهرب منه جميعا.
دولة طالبان
< ماذا تريد من الحريات الاضافية أم أن الحالي كاف..؟
- حرية التعبير والكتابة موجودة ومتوفرة، لكن الحرية الاجتماعية للفرد هي المطلوبة، فأنا أحب الموسيقى ويحق لي الذهاب الى المطعم واستمع لعازف العود، لكن مجلس الامة والحكومة يمنعاني من هذا الحق كما يمنع المسيحيون من الاحتفال برأس السنة الميلادية، فالحريات الحالية هي «لناس وناس» على عكس مرحلة الستينات حيث كانت الدولة قوية تفرض القوانين وتمنع الاعتداءات على حقوق الآخرين، واليوم نتقابل وكأننا دولة «طالبان» فقدنا الحريات الاجتماعية، وهذا عائد الى الاسلام السياسي وضعف الدولة وتراجع المجتمع الكويتي.
< هل تسمح لي بأسئلة صريحة.. من أفضل رئيس وزراء في تاريخ الكويت وحاضرها.. وما هي أزهى عصور الكويت؟
- سؤال صعب، لكن بشكل عام الشيخ جابر الأحمد الصباح، فقد كان شابا قويا وذكيا استعان بخبرات عربية لادارة البلد، وجلب افضل المستشارين العرب ذوي العقول الجبارة مثل السنهوري باشا لوضع الدستور الكويتي، وفترة رئاسة الشيخ جابر لمجلس الوزراء ثم الشيخ سعد أزهى العصور.
< من هي الشخصية التي لن تتكرر في الكويت؟
- الشيخ عبدالله السالم، لانه صاحب قرار ومنفتح بالنسبة لي شخصية مميزة.
تعيسة
< كيف تنظر لوسائل الإعلام؟
- الإعلام الرسمي «اذاعة، تلفزيون، مسرح» تعيس ومتخلف لقد تم صنع البرامج الحوارية والجريئة، للأسف تم نقل احداث خيطان عبر الجزيرة، وتلفزيون الكويت لم يستطع نقلها بسبب الخوف، أما الإعلام غير الرسمي، فإن الصحافة حرة، وحرية الرأي مكفولة.
الصحف المسيسة
< هل لك فترات إلهام.. ومن مصدر إلهامك.. وهل أنت متابع لـ15 صحيفة؟
- كثيرون يسألونني، كيف تولد الفكرة، وبشكل عام استقي أفكاري من الإطلاع على الأحداث المحيطة والاخبار اليومية، وانا مضطر لقراءة الصحف الكويتية كلها، وأرى ان هذه الزيادة مزعجة رغم انها ظاهرة ايجابية لن تطول ولن تستمر، وستستقر وتستمر الصحف المسيسة، كالصادرة عن الاخوان المسلمين والسلف الليبراليين والشيعة، وصحافة الافراد أتوقع توقفها.
< ما المنصب الذي تتمنى ان تكون فيه وماذا تنوي عمله.. وبصراحة هل عرضت عليك وزارة..؟
- اهمها ان اكون على رأس مركز الدراسات، للأسف من المحزن عدم وجود مراكز دراسات.
ولم يعرض علي حقيبة وزارية، لكن عرض علي عدة مناصب لكنني ترددت لأنها أتت بطريقة لا تعجبني، ففضلت ان اكون بعيداً.
< السياسة عمل جاد.. فهل هذه الجدية طاغية في حياتك الخاصة... وما سر الابتسامة التي لا تفارقك.
- انا شخصية مرحة ودائما ابتسم احب النكات والسوالف والشله والربع لكن الحياة العامة والاكاديمية فرضت علي نوعاً من الجدية.
< الأم أجنبية مسيحية والأب شرقي متحفظ كيف نشأ الأبناء... ومن الأقرب لك من الأولاد؟
- لدي ولدان وبنتان وهما إياد، يوسف، داليا، هديل، يوسف عكس اياد، ولد شاطر متميز بالتعليم، وكل ابن أخذ جزءاً من شخصيتي لكن يوسف أكثر ذكاء مني، فقد اصبح مدير بنك بحريني وتزوج هناك. داليا درست بأميركا، وتعمل بالقطاع الخاص اما هديل فتحاول ان تكون اكاديمية مثلي حيث تدرس علم النفس وكل ابنائي جمعوا من الطباع الشرقية والغربية، فقد تأقلمت زوجتي بالطباع الشرقية.
< حدثنا عن احفادك؟
- لدي ولدان من يوسف هما طارق وعيسى، ومن داليا راكان وعيسى، مشكلتي ان احفادي لا أراهم مثل الماضي، بسبب مدارسهم طوال الاسبوع.
< نريد منك كلمة حق؟
- الجامعة.. يفترض ان يكون حالها أفضل من واقعها.
الزوجة.. مخلصة، حبيبة غالية.
البيت.. مستور الحمد لله.
الابناء.. بخير وفي الطريق الصحيح.
الكويت.. أتمنى ان تعود لسابق عهدها.
البترول.. بعد الأزمة الحالية سيمر بركود عالمي، والنفط دمرنا وأصابنا بالخمول والإتكال على الغير.
الكتابة الصحافية.. ليست سهلة مثلما يتصور الجميع.
< ما سبب توجهك لدراسة العلوم السياسية؟
- جو الستينات كان مشحون عربياً واقليمياً ومحلياً بالروح الوطنية لتحرير الكويت، فأحببت السياسة، في البداية كان تخصصي علمي «جيولوجيا» بعدها اكتشفت ان ميولي ليست بالعلمية، فدرست السياسة.
< اذكر لنا موقفاً طفولياً مازال عالقا في ذهنك؟
- عام 1958 حدث تهديد عبدالكريم قاسم للكويت، فقمنا بتنظيم مظاهرات الى قصر السيف مطالبين المرحوم عبدالله السالم بأن يعطينا اسلحة لنذهب ونقاتل، فأعطوني بندقية كانت اطول مني تسلمتها وكان دوري حراسة على الشواطئ الكويتية، فكنت اذهب للبيت وأنام.
السامري
< ما تعريفك للفن.. وكيف تنظر إليه حالياً.. وماذا تحب في الفنون السبعة محلياً وعالميا..؟
- أموت غراماً في الفن بجميع انواعه وهذا ما حرمنا منه الان، عكس الماضي حيث كانت الاعراس مختلطة وكنا نعشق «السامري» العراقي. وأنا محب لجميع الفنون خصوصاً الموسيقى الكلاسيكية، ولا اعرف بالأوبرا.
< حدثنا عن توليك لمنصب مدير مركز الدراسات الاستراتيجية والمستقبلية بالجامعة... وماذا عن اعتزالك العمل فيه؟
- بدأت لدي الفكرة منذ الحرب العراقية الايرانية عام 1981، طرحت الفكرة على المرحوم الشيخ جابر الأحمد استحسنها، وظلت الفكرة تتنقل حتى وصلت لسمو رئيس مجلس الوزراء الراحل الشيخ سعد العبدالله الى ان رأت النور عام «2000» حيث تأخرت حوالي «20» عاماً مثل كل الامور بالكويت، استلمت المركز في عام «2003»، وأول شيء اصدمت به ميزانية المركز التي كانت حوالي «45» الف دينار، ولا اود الحديث عن عهدي، ولا على الانتقادات الشخصية التي حدثت، ومنذ ان تركته لم يفعلوا اي شيء.
< اعتبرت ان العمل الحكومي لا يناسب من يحترم نفسه... لماذا؟
- لانه إهانة للإنسان، فالمبدع ذو الافكار الخلاقة ليس له مكان في الحكومة، كذلك الترقيات معتمدة على المحسوبية والواسطة والانتماء الطائفي او الحزبي.
< التدوير.. التوزير.. التوريث... التدريس.. التسيس.. التدليس.. ما معنى كل منها الحقيقي وكيفية استخدامها؟
- التدوير موضة اتبعتها الكويت حتى يصطحب المسؤول جماعته.
التوزير للأسف لاغراض سياسية.. حتى اصبح التحالف الحكومي نفعياً مصالحياً بعيداً عن مصالح البلد.
التدريس مهمة المشقة والعناء في ظل غياب التقدير للمدرس.
التسيس مصيبة مصائب الكويت، فكل شيء مسيس حتى القضايا الفنية.
التدليس حاضر بقوة في الادارة الحكومية وجميع النواب يمارسونه.
< بم تفسر العجز السياسي العربي في كسب أي قضية من قضاياه..؟
- التخلف الحضاري العربي عن العالم بنحو «500» سنة فمشكلتنا ان النهضة لم تبدأ عندنا، ومازلنا نعيش طبقاً للعادات والتقاليد، ونحتاج نهضة بأفكار جديدة تعيد للانسان انسانيته وتمنع عنه الاضطهاد ومحو الشخصية.