سيد مرحوم
08-08-2004, 12:57 AM
اللقاء تم بطلب من علاّوي واستعرض العناوين العراقية والإقليمية
والشيعية "كي يكون رئيساً ناجحاً لحكومة بلاده"
فضل الله يقدّم وصاياه إلى المسؤول العراقي و"يقيم عليه الحجة"
نصير الأسعد
http://www.bintjbeil.com/articles/2003/images/0712_fadlallah.jpg
منذ أن استقبل المرجع الإسلامي العلاّمة السيد محمد حسين فضل الله في منـزله في دمشق رئيس الوزراء العراقي أياد علاوي، لم تتوقف التكهنات والتفسيرات بشأن هذا اللقاء وما دار خلاله من نقاش، وقد أعطيت له أبعاد كثيرة جداً.
لكن، كيف تم اللقاء وماذا دار فيه بالتحديد بعد أن اقتنع السيد فضل الله بـ"الإفراج" عن مضمون هذا الاجتماع؟.
بداية، يوضح العلامة أن اللقاء تم بعد اتصال من المسؤول عن المراسم الرسمية السورية بمعاونيه للإبلاغ عن رغبة علاوي في الاجتماع به. ويقول إنه لم يرَ مشكلة في تحديد موعد، "بالرغم من أنني أملك الكثير من السلبيات تجاهه، تحدثت عن بعضها عندما تسلم رئاسة الحكومة". ويضيف: "لكن بحسب مسؤوليتي ورسالتي، أجد أنني ألتقي مع كل الناس ما عدا الإسرائيليين، لأقدم لهم النصيحة أو أقيم عليهم الحجة"، مشدداً على أن "دور المرجعية أن تبلغ أفكارها للناس، لا سيما إلى الذين يمارسون مسؤولية معيّنة".
كُن عراقياً
وبعد هذا التوضيح لـ"ظرف" انعقاد اللقاء، ينتقل السيد فضل الله إلى تحديد العناوين التي تم التطرق إليها، وذلك على النحو الآتي:
أولاً ـ كرر السيد فضل الله أمام علاوي ما يدعو إليه جميع من مارسوا المسؤولية في العراق الجديد ـ إذا صح التعبير ـ بمن فيهم مسؤولو الأحزاب الإسلامية ممن يقيم علاقات معهم، "كُن عراقياً ولا تكن أميركياً". ويشرح شعاره هذا بالقول إنه يقصد "الإخلاص للعراق في حركة المسؤولية، بالتأكيد على وحدة مسلمي العراق وعلى وحدته الوطنية، وبالعمل على أساس إعداد الشعب العراقي لأن يمسك مقدراته بيديه".
ثانياً ـ "كُن رئيساً لحكومة العراق وتحدث بلغة رئيس الحكومة الذي يتحسس مأساة هذا البلد ومأزقه، ولا سيما في هذه الساحة المتحركة، حيث أصبح العراق ساحة لجميع المخابرات الأميركية والإسرائيلية والأوروبية والعربية، ولكل الذين يريدون محاربة أميركا".
ثالثاً ـ "إن لغة القوة التي تستخدمها لا يجوز أن تذكِّر بلغة الطاغية صدام حسين، بل لا بد من مفردات تتناسب مع المناخ الجديد، ليتحسس العراقيون موقف الحكم الذي لا يمارس العنف عشوائياً بل يتحرك على أساس القانون، ولا تنفِّذ أي عقوبة خارج القانون".
"الحل الاضطراري" ودور الأمم المتحدة
رابعاً ـ وإذا كانت الوصايا الثلاث السابقة بمثابة نصائح في مجال "الأخلاقية السياسية" إلى علاوي "شخصياً"، فإن الوصية الرابعة سياسية مباشرة بامتياز. ففي قناعة المرجع السيد فضل الله أن العراق لن يهدأ ولن يستقر ولن يحصل على الأمن ما دامت قيادة القوات المتعددة الجنسية قيادة أميركية. وفي اعتقاده أن بقاء القيادة للولايات المتحدة، أي استمرار أميركا في الهيمنة الأمنية (على الأقل)، يجعل العراقيين ينظرون إلى القوات المتعددة الجنسية بوصفها قوة احتلال أيضاً، لا بل تغدو في نظرهم قوة دفاع عن الاحتلال.
هذا ما أبلغه فضل الله إلى علاوي مضيفاً أن الحل في العراق هو أن يمسك الجيش العراقي والشرطة والمخابرات العراقية بالأمن، وإذا لم يكن في استطاعة هذه الأجهزة الجديدة أن تقوم بهذه المهمة، فإن "الحل الاضطراري" عندئذٍ يكون عبر الأمم المتحدة، لكن شرط أن تقود الأمم المتحدة سائر الجيوش تحت سلطتها. ويرى السيد أن الأمم المتحدة يجب ألا تكون فقط مجرد موقع يرعى حصول الانتخابات وينظّمها، بل أن تكون "قوةً فاعلةً مسيطرةً قائدة"، لأن الناس داخل العراق وخارجه لا يحملون تجاه هذه المنظمة الدولية أي أفكار أو مشاعر سلبية، شرط ألا تخضع للسيطرة الأميركية ولا تبقى في قراراتها بين وقت وآخر خاضعة للضغظ الأميركي.
"ظاهرة" مقتدى الصدر
خامساً ـ وتطرق السيد في حديثه مع علاوي إلى كيفية التعامل مع "ظاهرة" السيد مقتدى الصدر، لافتاً المسؤول العراقي إلى خطأ اللجوء إلى العنف معها، لأنها "ظاهرة قد نجد فيها الكثير من الحالة الصحية، ولا سيما في عنوان مواجهة الاحتلال". وأضاف السيد فضل الله أنه "إذا كان ثمة أخطاء تقدم عليها هذه الظاهرة من وجهة نظر البعض، فإنه من الممكن احتواؤها وترشيدها وتحريكها نحو خطوط إيجابية ومفيدة".
سوريا وإيران
سادساً ـ وتمحور العنوان السادس حول "ضرورة التخطيط لعلاقة إيجابية مع الجوار، ولا سيما مع سوريا وإيران"، وذلك انطلاقاً من قناعة المرجع بأنه لا يمكن للعراق أن يحقق مصالحه الحيوية والمصيرية إلا بالتكامل معهما، ولا يمكن له أن يستقر سياسياً وأمنياً إلا من خلال العلاقات الحية بهما، ولا يمكنه أن ينفصل عن محيطه العربي والإسلامي بالرغم من بعض الكلام العراقي السلبي عن العرب. وفي السياق نفسه، تطرَّق فضل الله إلى العلاقة التاريخية التي تربط العراق بالمسألة الفلسطينية، وإلى النظرة إلى إسرائيل عربياً وإسلامياً.
هكذا يلخِّص السيد فضل الله حديثه مع علاوي، ويقول إن الوصية التي قدمها له تتكثف حول "إنك إذا أردت أن تكون مسؤولاً عراقياً ناجحاً، فعليك أن تعيش العراق بعقلك، وبكلِّ وسائلك وأساليبك". ووجه إليه "سؤالاً كبيراً" هو الآتي: هل تملك الوسائل التي تستطيع أن تحقق بها ما أوصيك به في ظل الضغوط الأميركية الهائلة، خصوصاً في وقت من المعروف أن أميركا دخلت إلى العراق لمصالحها فيه من ناحية، وباعتباره جسراً إلى المنطقة ككل من ناحية ثانية، وكل ذلك مما لا يتقاطع بشيء مع المصلحة الوطنية العراقية أو المصالح العربية؟.
ولا شكّ أن هذا الملخص الذي عرضه السيد فضل الله عن لقائه برئيس الوزراء العراقي، يعطي صورة واضحة عن مضمون ما جرى التطرق إليه. وإذا كان العرض يكشف عن وصايا بادرَ السيد إلى طرحها، فإنه يكشف في الوقت نفسه عما طلب علاوي مناقشته مع السيد، وعلى الأرجح، فإن بعض الوصايا جاء رداً على طرح ما لعلاوي أو نقاشاً معه. وعلى أي حال، فإن العناوين التي أثارها فضل الله تعكس ما يمكن تسميته "واقعية" يتمسك صاحبها في إطارها بـ"ثوابت" موقفه، لكنه "يطوّع" أساليب الوصول إلى تحقيق هذه "الثوابت" آخذاً في الاعتبار الوقائع والمعطيات.
الشيعة والإسلام والمرجعية والسيستاني
بيد أن ثمة سؤالاً لم يجب عنه المرجع الإسلامي حتى الآن، ويتعلَّق بما راج من تكهّنات حول أنه وعلاوي تناولا بالتحديد المسألة الشيعية العراقية من زاوية خلق محور "شيعي عربي" تباركه سوريا متعارض مع إيران أو بالضد منها.
هنا لا يتردد فضل الله في تقديم التوضيحات. ويقول إنه كان حديث عن المسألة الشيعية في "الإطار العراقي العام"، وإنه تناول مطوَّلاً "مسألة الخطاب الشيعي في العراق". ويوضح في هذا المجال أن "الشيعة بوصفهم الأكثرية لا يطالبون بحكم العراق ليضطهدوا الآخرين كما اضطهدهم الآخرون، ولا يريدون دولة شيعية، بل يريدون الحصول على حقوقهم غير منقوصة مقابل واجباتهم غير المنقوصة أيضاً، ويريدون حقوق المواطنة الكاملة التي لا تميِّزهم عن غيرهم ولا تميز غيرهم عنهم".
وينفي بشدة الحديث عن "تعريب" لشيعة المنطقة أو عن موقف له في هذا الاتجاه. ويقول السيد في هذا المجال: "بحسب رسالتي التي أحملها منذ أكثر من خمسين عاماً، أعمل إسلامياً، وأركِّز على أن يتحرك الشيعة داخل المنظومة الإسلامية، لأن القضية الشيعية هي قضية إسلامية، وإذا اختلف المسلمون في ما بينهم في مسألة هنا أو هناك، فإن الخلاف يُحلّ من داخل الوحدة". ولمزيد من تأكيد النفي المشار إليه، يلفت السيد فضل الله إلى أن "المرجعية الشيعية في تاريخها لم تعش هاجس الهوية القومية، بل كانت الكفاءة هي الأساس، فربما يبرز مرجع فارسي وآخر تركي وثالث عربي (كالسيد محسن الحكيم)". ويضيف أن "المراجع عندما يتحركون في الخط المرجعي لا يفكرون بهذا الجانب".
ويشير إلى المرجع السيد علي السيستاني، فيرى أنّه "لم يعطِ لنفسه الدور القيادي بالمعنى الحركي، وربما أراد لدوره أن يكون دور المرشد والناصح الذي يمسك ببعض المفاصل عندما تتجه الأمور إلى خطوط خطيرة أو منحرفة". وعن علاقته به يقول إن "العلاقة ليست سلبية، لكن ليس ثمة ارتباط عضوي".
ماذا في نتيجة اللقاء مع علاوي؟
هنا يغدو السيّد رجلاً سياسياً وديبلوماسياً: الرأي في بعض المواضيع، لا سيما في ما يتعلق بدور الأمم المتحدة والعلاقة مع الجوار والمسألة الشيعية العراقية، "كان متقارباً (مع رأي علاوي) إن لم يكن متطابقاً".
المستقبل - الأربعاء 4 آب 2004 - العدد 1662 - شؤون لبنانية - صفحة 2
والشيعية "كي يكون رئيساً ناجحاً لحكومة بلاده"
فضل الله يقدّم وصاياه إلى المسؤول العراقي و"يقيم عليه الحجة"
نصير الأسعد
http://www.bintjbeil.com/articles/2003/images/0712_fadlallah.jpg
منذ أن استقبل المرجع الإسلامي العلاّمة السيد محمد حسين فضل الله في منـزله في دمشق رئيس الوزراء العراقي أياد علاوي، لم تتوقف التكهنات والتفسيرات بشأن هذا اللقاء وما دار خلاله من نقاش، وقد أعطيت له أبعاد كثيرة جداً.
لكن، كيف تم اللقاء وماذا دار فيه بالتحديد بعد أن اقتنع السيد فضل الله بـ"الإفراج" عن مضمون هذا الاجتماع؟.
بداية، يوضح العلامة أن اللقاء تم بعد اتصال من المسؤول عن المراسم الرسمية السورية بمعاونيه للإبلاغ عن رغبة علاوي في الاجتماع به. ويقول إنه لم يرَ مشكلة في تحديد موعد، "بالرغم من أنني أملك الكثير من السلبيات تجاهه، تحدثت عن بعضها عندما تسلم رئاسة الحكومة". ويضيف: "لكن بحسب مسؤوليتي ورسالتي، أجد أنني ألتقي مع كل الناس ما عدا الإسرائيليين، لأقدم لهم النصيحة أو أقيم عليهم الحجة"، مشدداً على أن "دور المرجعية أن تبلغ أفكارها للناس، لا سيما إلى الذين يمارسون مسؤولية معيّنة".
كُن عراقياً
وبعد هذا التوضيح لـ"ظرف" انعقاد اللقاء، ينتقل السيد فضل الله إلى تحديد العناوين التي تم التطرق إليها، وذلك على النحو الآتي:
أولاً ـ كرر السيد فضل الله أمام علاوي ما يدعو إليه جميع من مارسوا المسؤولية في العراق الجديد ـ إذا صح التعبير ـ بمن فيهم مسؤولو الأحزاب الإسلامية ممن يقيم علاقات معهم، "كُن عراقياً ولا تكن أميركياً". ويشرح شعاره هذا بالقول إنه يقصد "الإخلاص للعراق في حركة المسؤولية، بالتأكيد على وحدة مسلمي العراق وعلى وحدته الوطنية، وبالعمل على أساس إعداد الشعب العراقي لأن يمسك مقدراته بيديه".
ثانياً ـ "كُن رئيساً لحكومة العراق وتحدث بلغة رئيس الحكومة الذي يتحسس مأساة هذا البلد ومأزقه، ولا سيما في هذه الساحة المتحركة، حيث أصبح العراق ساحة لجميع المخابرات الأميركية والإسرائيلية والأوروبية والعربية، ولكل الذين يريدون محاربة أميركا".
ثالثاً ـ "إن لغة القوة التي تستخدمها لا يجوز أن تذكِّر بلغة الطاغية صدام حسين، بل لا بد من مفردات تتناسب مع المناخ الجديد، ليتحسس العراقيون موقف الحكم الذي لا يمارس العنف عشوائياً بل يتحرك على أساس القانون، ولا تنفِّذ أي عقوبة خارج القانون".
"الحل الاضطراري" ودور الأمم المتحدة
رابعاً ـ وإذا كانت الوصايا الثلاث السابقة بمثابة نصائح في مجال "الأخلاقية السياسية" إلى علاوي "شخصياً"، فإن الوصية الرابعة سياسية مباشرة بامتياز. ففي قناعة المرجع السيد فضل الله أن العراق لن يهدأ ولن يستقر ولن يحصل على الأمن ما دامت قيادة القوات المتعددة الجنسية قيادة أميركية. وفي اعتقاده أن بقاء القيادة للولايات المتحدة، أي استمرار أميركا في الهيمنة الأمنية (على الأقل)، يجعل العراقيين ينظرون إلى القوات المتعددة الجنسية بوصفها قوة احتلال أيضاً، لا بل تغدو في نظرهم قوة دفاع عن الاحتلال.
هذا ما أبلغه فضل الله إلى علاوي مضيفاً أن الحل في العراق هو أن يمسك الجيش العراقي والشرطة والمخابرات العراقية بالأمن، وإذا لم يكن في استطاعة هذه الأجهزة الجديدة أن تقوم بهذه المهمة، فإن "الحل الاضطراري" عندئذٍ يكون عبر الأمم المتحدة، لكن شرط أن تقود الأمم المتحدة سائر الجيوش تحت سلطتها. ويرى السيد أن الأمم المتحدة يجب ألا تكون فقط مجرد موقع يرعى حصول الانتخابات وينظّمها، بل أن تكون "قوةً فاعلةً مسيطرةً قائدة"، لأن الناس داخل العراق وخارجه لا يحملون تجاه هذه المنظمة الدولية أي أفكار أو مشاعر سلبية، شرط ألا تخضع للسيطرة الأميركية ولا تبقى في قراراتها بين وقت وآخر خاضعة للضغظ الأميركي.
"ظاهرة" مقتدى الصدر
خامساً ـ وتطرق السيد في حديثه مع علاوي إلى كيفية التعامل مع "ظاهرة" السيد مقتدى الصدر، لافتاً المسؤول العراقي إلى خطأ اللجوء إلى العنف معها، لأنها "ظاهرة قد نجد فيها الكثير من الحالة الصحية، ولا سيما في عنوان مواجهة الاحتلال". وأضاف السيد فضل الله أنه "إذا كان ثمة أخطاء تقدم عليها هذه الظاهرة من وجهة نظر البعض، فإنه من الممكن احتواؤها وترشيدها وتحريكها نحو خطوط إيجابية ومفيدة".
سوريا وإيران
سادساً ـ وتمحور العنوان السادس حول "ضرورة التخطيط لعلاقة إيجابية مع الجوار، ولا سيما مع سوريا وإيران"، وذلك انطلاقاً من قناعة المرجع بأنه لا يمكن للعراق أن يحقق مصالحه الحيوية والمصيرية إلا بالتكامل معهما، ولا يمكن له أن يستقر سياسياً وأمنياً إلا من خلال العلاقات الحية بهما، ولا يمكنه أن ينفصل عن محيطه العربي والإسلامي بالرغم من بعض الكلام العراقي السلبي عن العرب. وفي السياق نفسه، تطرَّق فضل الله إلى العلاقة التاريخية التي تربط العراق بالمسألة الفلسطينية، وإلى النظرة إلى إسرائيل عربياً وإسلامياً.
هكذا يلخِّص السيد فضل الله حديثه مع علاوي، ويقول إن الوصية التي قدمها له تتكثف حول "إنك إذا أردت أن تكون مسؤولاً عراقياً ناجحاً، فعليك أن تعيش العراق بعقلك، وبكلِّ وسائلك وأساليبك". ووجه إليه "سؤالاً كبيراً" هو الآتي: هل تملك الوسائل التي تستطيع أن تحقق بها ما أوصيك به في ظل الضغوط الأميركية الهائلة، خصوصاً في وقت من المعروف أن أميركا دخلت إلى العراق لمصالحها فيه من ناحية، وباعتباره جسراً إلى المنطقة ككل من ناحية ثانية، وكل ذلك مما لا يتقاطع بشيء مع المصلحة الوطنية العراقية أو المصالح العربية؟.
ولا شكّ أن هذا الملخص الذي عرضه السيد فضل الله عن لقائه برئيس الوزراء العراقي، يعطي صورة واضحة عن مضمون ما جرى التطرق إليه. وإذا كان العرض يكشف عن وصايا بادرَ السيد إلى طرحها، فإنه يكشف في الوقت نفسه عما طلب علاوي مناقشته مع السيد، وعلى الأرجح، فإن بعض الوصايا جاء رداً على طرح ما لعلاوي أو نقاشاً معه. وعلى أي حال، فإن العناوين التي أثارها فضل الله تعكس ما يمكن تسميته "واقعية" يتمسك صاحبها في إطارها بـ"ثوابت" موقفه، لكنه "يطوّع" أساليب الوصول إلى تحقيق هذه "الثوابت" آخذاً في الاعتبار الوقائع والمعطيات.
الشيعة والإسلام والمرجعية والسيستاني
بيد أن ثمة سؤالاً لم يجب عنه المرجع الإسلامي حتى الآن، ويتعلَّق بما راج من تكهّنات حول أنه وعلاوي تناولا بالتحديد المسألة الشيعية العراقية من زاوية خلق محور "شيعي عربي" تباركه سوريا متعارض مع إيران أو بالضد منها.
هنا لا يتردد فضل الله في تقديم التوضيحات. ويقول إنه كان حديث عن المسألة الشيعية في "الإطار العراقي العام"، وإنه تناول مطوَّلاً "مسألة الخطاب الشيعي في العراق". ويوضح في هذا المجال أن "الشيعة بوصفهم الأكثرية لا يطالبون بحكم العراق ليضطهدوا الآخرين كما اضطهدهم الآخرون، ولا يريدون دولة شيعية، بل يريدون الحصول على حقوقهم غير منقوصة مقابل واجباتهم غير المنقوصة أيضاً، ويريدون حقوق المواطنة الكاملة التي لا تميِّزهم عن غيرهم ولا تميز غيرهم عنهم".
وينفي بشدة الحديث عن "تعريب" لشيعة المنطقة أو عن موقف له في هذا الاتجاه. ويقول السيد في هذا المجال: "بحسب رسالتي التي أحملها منذ أكثر من خمسين عاماً، أعمل إسلامياً، وأركِّز على أن يتحرك الشيعة داخل المنظومة الإسلامية، لأن القضية الشيعية هي قضية إسلامية، وإذا اختلف المسلمون في ما بينهم في مسألة هنا أو هناك، فإن الخلاف يُحلّ من داخل الوحدة". ولمزيد من تأكيد النفي المشار إليه، يلفت السيد فضل الله إلى أن "المرجعية الشيعية في تاريخها لم تعش هاجس الهوية القومية، بل كانت الكفاءة هي الأساس، فربما يبرز مرجع فارسي وآخر تركي وثالث عربي (كالسيد محسن الحكيم)". ويضيف أن "المراجع عندما يتحركون في الخط المرجعي لا يفكرون بهذا الجانب".
ويشير إلى المرجع السيد علي السيستاني، فيرى أنّه "لم يعطِ لنفسه الدور القيادي بالمعنى الحركي، وربما أراد لدوره أن يكون دور المرشد والناصح الذي يمسك ببعض المفاصل عندما تتجه الأمور إلى خطوط خطيرة أو منحرفة". وعن علاقته به يقول إن "العلاقة ليست سلبية، لكن ليس ثمة ارتباط عضوي".
ماذا في نتيجة اللقاء مع علاوي؟
هنا يغدو السيّد رجلاً سياسياً وديبلوماسياً: الرأي في بعض المواضيع، لا سيما في ما يتعلق بدور الأمم المتحدة والعلاقة مع الجوار والمسألة الشيعية العراقية، "كان متقارباً (مع رأي علاوي) إن لم يكن متطابقاً".
المستقبل - الأربعاء 4 آب 2004 - العدد 1662 - شؤون لبنانية - صفحة 2