علي علي
11-12-2008, 08:09 AM
بعض القوى يحاول تكريس المحاصصة السياسية والطائفية
إيمان حسين - الجريدة
http://www.aljareeda.com/AlJarida/Resources/ArticlesPictures/2008/11/12/85458_1226418194890565400.jpg
علّل رئيس الوزراء العراقي الأسبق إياد علاوي فوز السيناتور باراك أوباما الساحق في الانتخابات الرئاسية الأميركية، بالأخطاء الكبيرة التي ارتكبها الجمهوريون في الفترة السابقة، وتوقع أن تبرهن المرحلة المقبلة على ما قاله أوباما خلال حملته الانتخابية وما يريد أن يقوم به الديمقراطيون في الشرق الأوسط والعراق.
أشار علاوي خلال لقاء مع «الجريدة» إلى أنه يواصل حديثه مع «البعثيين» والعسكريين السابقين والخصوم الحاليين، من أجل وحدة العراق وإنقاذه من حمّام الدم، مؤكداً أنه لم يكُن الوحيد الذي يفتح حواراً مع البعثيين، لكنه «كان الأكثر جرأة وصراحة في ذلك»، رغم أنه «أكثر المتضررين من النظام البائد».
وفي ما يلي نص اللقاء:
• بماذا ستنعكس انتخابات الولايات المتحدة وفوز باراك أوباما على العراق؟
- يجب أن يكون مقياسنا الحقيقي لأي زعيم أميركي أو غيره، هو ما سيتحقق على صعيد المكاسب للشعب العراقي أولاً وللمنطقة والاستقرار العالمي ثانياً، وأنا أعتقد ان فوز أوباما بهذا الشكل يعود الى سوء إدارة الجمهوريين وأخطائهم الكثيرة، وهذا الأمر لعب دورا كبيرا، فقبل فترة بسيطة كنت في واشنطن وجلست إلى الديمقراطيين وكذلك الجمهوريين، ولمست من الديمقراطيين استعدادا أكبر لبحث مشكلات المنطقة والعراق بعمق، وعلى سبيل المثال رفضهم حربا إقليمية في المنطقة بل هم مع فتح باب الحوار بشكل شفاف وواضح، وفي حال عدم التجاوب من الطرف الآخر سيكون لكل حادث حديث، ومخطئ من ينظر إلى مشكلة العراق بمعزل عن المنطقة، وأعتقد أن غزو الكويت خير مثال على ذلك ولاحظنا ما ترتب على المنطقة من أثر سلبي، لذا أتمنى أن يلتزموا بذلك وأن يعملوا على استقرار العراق والمنطقة، والمرحلة المقبلة كفيلة بإثبات النوايا تجاه تلك القضايا.
• تمّ فتح حوار مع عدد من قيادات حزب «البعث» السابق، وأنت كنت الشخص المخوّل بذلك، أليس من باب أولى أن يقدموا أولا اعتذارا للشعب العراقي ومن ثم يطالبون بالعودة إلى أحضان الوطن؟
- هذا صحيح، وقد طلبت إليهم ذلك فهم أبناء العراق رضينا أم أبينا، وليس كل الشخصيات البعثية أيديها ملطخة بدماء العراقيين، فمنهم من أُجبر على الدخول في هذا الحزب بسبب العوز أو التهديد أو تأمين حياة وظيفية تعينهم على مشاكل الحياة، وهؤلاء بحاجة إلى عودتهم الى الوطن والانخراط في مناهل الحياة فيه، ومن هو متورط بقتل العراقيين أرى أن يأخذ طريقه إلى المحاكمة والقضاء يقول كلمته، فالتعايش مطلوب بين كل مكونات الشعب العراقي، هذا الشعب الذي عُرف عنه التسيّس منذ القِدم، بمعنى لا يوجد عراقي إلا ويكون منتميا إلى حزب ما أو مستقل، لكنه يتعاطى سياسة لذا يجب أن نتعامل بعضنا مع بعض من هذا المنطلق.
• لماذا أنت الوحيد الذي يتحدث عن البعثيين فقط؟... هناك من يقول لأنك كنت بعثيا؟
- لست الوحيد، وهناك أشخاص آخرون، لكن أنا أعرفهم وألتقيهم وأعلن ذلك لأنه اليوم يجب أن نكون صرحاء مع أنفسنا ومع الآخرين قبل أي شيء ومن ثم نبدأ الحديث، وعلى فكرة أنا أول المتضررين من نظام صدام حسين، وقد تركت البلد والحزب منذ عام 1970 وتعرضت لعدة محاولات اغتيال، وكذلك تعرضت أسرتي -حتى الأطفال منهم- للقتل على أيدي النظام السابق، لكن هذا لا يعني أن أحقد على جميع البعثيين لأن هناك من دخل إلى الحزب -كما ذكرت سابقا- تحت ضغط، لذا علينا أن نتفق من جديد.
• لكن أليس لديهم آمال بالعودة الى سدّة الحكم من جديد؟
- لقد تحدثت إليهم بصراحة مطلقة في هذا الموضوع، وشددت على أن عودتهم إلى حكم العراق باتت مستحيلة، إذ أن الشعب العراقي برمته من شماله الى جنوبه يرفضهم تماما، لتجربتهم المريرة، وأكّدت لهم أن يبدأوا صفحة جديدة مختلفة عن بعض معتقداتهم من حيث الديمقراطية والحرية في التعبير عن الرأي، لأن العراق اليوم يختلف عن عراق الأمس.
• هل لاتزال تتواصل معهم؟
- أنا أتواصل مع جميع العراقيين، ما عدا الإرهابيين والقتلة، وليس فقط مع البعثيين، من منطلق واحد هو مصلحة العراق، ونبذ المحاصصة الطائفية المقيتة والتوجه الى غرس مفاهيم حديثة ومتطورة وجديدة حتى تكون نبراسا للأجيال القادمة، وأتحاور معهم ليس من باب المزايدة بقدر ما هو من باب الحرص على المصلحة العامة للعراق، ومن أجل إيقاف حمّام الدم الذي أصبح مُخزيا ومُقرفا في بلدنا،
وأكرر هنا: على الإخوة البعثيين أن يعترفوا بتلك الأخطاء وأن يعتذروا للشعب العراقي، وأن يبدأوا بتصحيح بعض الأفكار البالية، والانطلاق نحو التقدم والتنمية والرخاء والاستقرار، ربما هناك الآن أزمة ثقة كبيرة بين من هم داخل العراق والقوى البعثية في الخارج، وستستمر هذه الأزمة الى أن يتنازل كل طرف عن بعض الأشياء من أجل العراق وشعب العراق ومن أجل التعايش في سلام ووئام، فنحن اليوم بحاجة الى الجرأة والصراحة والصدق، وأنا عندما كنت رئيس وزراء جلست إلى أقطاب المقاومة في منزلي في بغداد وتحاورت معهم، واليوم البعض منهم في مجلس النواب وهذا مكسب للعراق، فأنا أجري حواراً مع البعثيين والعسكريين السابقين والإعلاميين السابقين، ومع من كان منتسبا إلى الدولة العراقية في السابق، وكذلك مع الخصوم السياسيين الحاليين كالصدريين مثلا، فنحن جميعا عراقيون، ولندع الشعب العراقي يعرف كل شيء من أجل الوصول الى حل يرضي جميع الأطراف.
وأحب أن أقول بصراحة أن هناك قوى وأطرافا داخلية وخارجية تحاول أن تضايقني، فتخرج المسألة عن سياقاتها الطبيعية، مثلما وزعوا في الانتخابات السابقة صورتي وصورة صدام حسين مناصفة على أنها وجهان لعملة واحدة، في حين أنني تركت العراق منذ عام 1970 الى أن سقط ذلك النظام، فللأسف هذا ليس أسلوبا متحضرا يخدم البلد والإنسان العراقي الذي أنهكه الفقر والقتل والجوع والضياع، وهو أغنى إنسان في العالم.
• كيف تنظرون الى قانون الأقليات في حقوقهم الانتخابية الذي صُوِّت عليه أخيراً؟ وهل أنت مع تلك التقسيمة؟
- للأسف هناك توجهات أخذت تتزايد في المجتمع العراقي لفرض المحاصصة السياسية والطائفية، وتحاول بعض القوى تكريس هذه التوجهات، وجزء من ذلك التكريس هو حرمان مكونات أخرى من المجتمع العراقي من حقوقهم الانتخابية، وأنا شخصيا لا أحبذ حتى استخدام مفردة «الأقلية» لأنها تحمل بعضا من النظرة الضيقة لتلك المكونات والتقليص من شأنها، بينما نحن جميعا ننتمي الى وطن واحد وتراب واحد، وأنا أعتقد أنه يجب أن يتسع العراق لكل العراقيين، وأنا أساسا ضد التقسيمة بالشكل الذي وافق عليه المجلس بحيث يعطون للمسيحيين ثلاثة مقاعد وللأيزيديين مقعدا، فهولاء عراقيون ومن يجد في نفسه الكفاءة يتقدم ويأخذ موقعه، ويساهم في شتى المجالات السياسية وغيرها بغض النظر عن انتمائه العرقي أو الطائفي، وإذا أردنا أن نتحدث عن المسيحيين فهم من أقدم سكان العراق ولعبوا أدوارا مهمة جدا في مسيرة هذا البلد ولهم مواقف يُشهد لها، خصوصا في الجانب الثقافي والتعليمي، وكذلك التركمان.
• ماذا عن مشكلة خانقين وجلولاء وكركوك، المناطق المتنازع عليها؟
- بسبب الاستعجال في كتابة الدستور، حدثت ضبابية في أمور كثيرة منها مشكلة كركوك وخانقين وجلولاء وغيرها من القضايا، وأدت الفوضى الموجودة الى عدم إجراء إحصاء لكل محافظات العراق، كذلك طبيعة العلاقة بين بعض الأطراف وحكومة المركز لم تكن واضحة، والعلاقة اليوم بين إقليم كردستان العراق وبين الحكومة المركزية لا تقوم على التوازن، إنما تقوم على التجاذب والتشدد، وخير مثال على ذلك هو مسألة النفط. وقد خسر العراق إمكانات عالية جدا ومبالغ طائلة في هذا الجانب بسبب تلك التجاذبات، بحيث وصل سعر برميل النفط الى 140 دولارا والآن انخفض الى 60 دولارا، ونحن كشعب عراقي لم نستفِد من ذلك الارتفاع، ولا أريد أن أرسم صورة قاتمة للمستقبل ولكن إذا عُدلت مثل هذه الأمور كتعديل الدستور وإجراء إحصاء عام وإعادة العلاقة بشكل طبيعي بين الأطراف العراقية بأكملها وبين المركز، فستبقى هذه الأمور في دوامة بل ستزداد الفجوة بشكل أعمق من الوضع السابق، لذا يجب إعادة التوازن السياسي.
• ما تعليقكم على مطالبة النائب وائل عبداللطيف بـ«إقليم البصرة»؟
- أعتقد أن طرح موضوع مثل هذا في ظل وضع غير طبيعي فيه نوع من التعجل، فالبلد لا ينقصه مشاكل أخرى، ونحن نتفق الآن على أن الوضع في العراق غير طبيعي ومقلق ايضا، وعلى رأس ذلك، العملية السياسية لاتزال عرجاء، وما يحدث هو تضارب في الأطروحات هي الأقرب منها للمزايدات السياسية عن الواقع، فإطلاق تسميات بهذا الشكل العشوائي سيزيد من التأزم، أما في مسالة كردستان فهي تختلف تماما لأن هناك اتفاقا سابقا وهناك نضج في الموضوع عبر عقود من السنين، أما في مسألة الأجزاء الأخرى من العراق، فإن الوقت لايزال مبكرا على الفدرالية، وربما قد يكون من الأنسب طرح هذه المسألة بعد استقرار الوضع.
إيمان حسين - الجريدة
http://www.aljareeda.com/AlJarida/Resources/ArticlesPictures/2008/11/12/85458_1226418194890565400.jpg
علّل رئيس الوزراء العراقي الأسبق إياد علاوي فوز السيناتور باراك أوباما الساحق في الانتخابات الرئاسية الأميركية، بالأخطاء الكبيرة التي ارتكبها الجمهوريون في الفترة السابقة، وتوقع أن تبرهن المرحلة المقبلة على ما قاله أوباما خلال حملته الانتخابية وما يريد أن يقوم به الديمقراطيون في الشرق الأوسط والعراق.
أشار علاوي خلال لقاء مع «الجريدة» إلى أنه يواصل حديثه مع «البعثيين» والعسكريين السابقين والخصوم الحاليين، من أجل وحدة العراق وإنقاذه من حمّام الدم، مؤكداً أنه لم يكُن الوحيد الذي يفتح حواراً مع البعثيين، لكنه «كان الأكثر جرأة وصراحة في ذلك»، رغم أنه «أكثر المتضررين من النظام البائد».
وفي ما يلي نص اللقاء:
• بماذا ستنعكس انتخابات الولايات المتحدة وفوز باراك أوباما على العراق؟
- يجب أن يكون مقياسنا الحقيقي لأي زعيم أميركي أو غيره، هو ما سيتحقق على صعيد المكاسب للشعب العراقي أولاً وللمنطقة والاستقرار العالمي ثانياً، وأنا أعتقد ان فوز أوباما بهذا الشكل يعود الى سوء إدارة الجمهوريين وأخطائهم الكثيرة، وهذا الأمر لعب دورا كبيرا، فقبل فترة بسيطة كنت في واشنطن وجلست إلى الديمقراطيين وكذلك الجمهوريين، ولمست من الديمقراطيين استعدادا أكبر لبحث مشكلات المنطقة والعراق بعمق، وعلى سبيل المثال رفضهم حربا إقليمية في المنطقة بل هم مع فتح باب الحوار بشكل شفاف وواضح، وفي حال عدم التجاوب من الطرف الآخر سيكون لكل حادث حديث، ومخطئ من ينظر إلى مشكلة العراق بمعزل عن المنطقة، وأعتقد أن غزو الكويت خير مثال على ذلك ولاحظنا ما ترتب على المنطقة من أثر سلبي، لذا أتمنى أن يلتزموا بذلك وأن يعملوا على استقرار العراق والمنطقة، والمرحلة المقبلة كفيلة بإثبات النوايا تجاه تلك القضايا.
• تمّ فتح حوار مع عدد من قيادات حزب «البعث» السابق، وأنت كنت الشخص المخوّل بذلك، أليس من باب أولى أن يقدموا أولا اعتذارا للشعب العراقي ومن ثم يطالبون بالعودة إلى أحضان الوطن؟
- هذا صحيح، وقد طلبت إليهم ذلك فهم أبناء العراق رضينا أم أبينا، وليس كل الشخصيات البعثية أيديها ملطخة بدماء العراقيين، فمنهم من أُجبر على الدخول في هذا الحزب بسبب العوز أو التهديد أو تأمين حياة وظيفية تعينهم على مشاكل الحياة، وهؤلاء بحاجة إلى عودتهم الى الوطن والانخراط في مناهل الحياة فيه، ومن هو متورط بقتل العراقيين أرى أن يأخذ طريقه إلى المحاكمة والقضاء يقول كلمته، فالتعايش مطلوب بين كل مكونات الشعب العراقي، هذا الشعب الذي عُرف عنه التسيّس منذ القِدم، بمعنى لا يوجد عراقي إلا ويكون منتميا إلى حزب ما أو مستقل، لكنه يتعاطى سياسة لذا يجب أن نتعامل بعضنا مع بعض من هذا المنطلق.
• لماذا أنت الوحيد الذي يتحدث عن البعثيين فقط؟... هناك من يقول لأنك كنت بعثيا؟
- لست الوحيد، وهناك أشخاص آخرون، لكن أنا أعرفهم وألتقيهم وأعلن ذلك لأنه اليوم يجب أن نكون صرحاء مع أنفسنا ومع الآخرين قبل أي شيء ومن ثم نبدأ الحديث، وعلى فكرة أنا أول المتضررين من نظام صدام حسين، وقد تركت البلد والحزب منذ عام 1970 وتعرضت لعدة محاولات اغتيال، وكذلك تعرضت أسرتي -حتى الأطفال منهم- للقتل على أيدي النظام السابق، لكن هذا لا يعني أن أحقد على جميع البعثيين لأن هناك من دخل إلى الحزب -كما ذكرت سابقا- تحت ضغط، لذا علينا أن نتفق من جديد.
• لكن أليس لديهم آمال بالعودة الى سدّة الحكم من جديد؟
- لقد تحدثت إليهم بصراحة مطلقة في هذا الموضوع، وشددت على أن عودتهم إلى حكم العراق باتت مستحيلة، إذ أن الشعب العراقي برمته من شماله الى جنوبه يرفضهم تماما، لتجربتهم المريرة، وأكّدت لهم أن يبدأوا صفحة جديدة مختلفة عن بعض معتقداتهم من حيث الديمقراطية والحرية في التعبير عن الرأي، لأن العراق اليوم يختلف عن عراق الأمس.
• هل لاتزال تتواصل معهم؟
- أنا أتواصل مع جميع العراقيين، ما عدا الإرهابيين والقتلة، وليس فقط مع البعثيين، من منطلق واحد هو مصلحة العراق، ونبذ المحاصصة الطائفية المقيتة والتوجه الى غرس مفاهيم حديثة ومتطورة وجديدة حتى تكون نبراسا للأجيال القادمة، وأتحاور معهم ليس من باب المزايدة بقدر ما هو من باب الحرص على المصلحة العامة للعراق، ومن أجل إيقاف حمّام الدم الذي أصبح مُخزيا ومُقرفا في بلدنا،
وأكرر هنا: على الإخوة البعثيين أن يعترفوا بتلك الأخطاء وأن يعتذروا للشعب العراقي، وأن يبدأوا بتصحيح بعض الأفكار البالية، والانطلاق نحو التقدم والتنمية والرخاء والاستقرار، ربما هناك الآن أزمة ثقة كبيرة بين من هم داخل العراق والقوى البعثية في الخارج، وستستمر هذه الأزمة الى أن يتنازل كل طرف عن بعض الأشياء من أجل العراق وشعب العراق ومن أجل التعايش في سلام ووئام، فنحن اليوم بحاجة الى الجرأة والصراحة والصدق، وأنا عندما كنت رئيس وزراء جلست إلى أقطاب المقاومة في منزلي في بغداد وتحاورت معهم، واليوم البعض منهم في مجلس النواب وهذا مكسب للعراق، فأنا أجري حواراً مع البعثيين والعسكريين السابقين والإعلاميين السابقين، ومع من كان منتسبا إلى الدولة العراقية في السابق، وكذلك مع الخصوم السياسيين الحاليين كالصدريين مثلا، فنحن جميعا عراقيون، ولندع الشعب العراقي يعرف كل شيء من أجل الوصول الى حل يرضي جميع الأطراف.
وأحب أن أقول بصراحة أن هناك قوى وأطرافا داخلية وخارجية تحاول أن تضايقني، فتخرج المسألة عن سياقاتها الطبيعية، مثلما وزعوا في الانتخابات السابقة صورتي وصورة صدام حسين مناصفة على أنها وجهان لعملة واحدة، في حين أنني تركت العراق منذ عام 1970 الى أن سقط ذلك النظام، فللأسف هذا ليس أسلوبا متحضرا يخدم البلد والإنسان العراقي الذي أنهكه الفقر والقتل والجوع والضياع، وهو أغنى إنسان في العالم.
• كيف تنظرون الى قانون الأقليات في حقوقهم الانتخابية الذي صُوِّت عليه أخيراً؟ وهل أنت مع تلك التقسيمة؟
- للأسف هناك توجهات أخذت تتزايد في المجتمع العراقي لفرض المحاصصة السياسية والطائفية، وتحاول بعض القوى تكريس هذه التوجهات، وجزء من ذلك التكريس هو حرمان مكونات أخرى من المجتمع العراقي من حقوقهم الانتخابية، وأنا شخصيا لا أحبذ حتى استخدام مفردة «الأقلية» لأنها تحمل بعضا من النظرة الضيقة لتلك المكونات والتقليص من شأنها، بينما نحن جميعا ننتمي الى وطن واحد وتراب واحد، وأنا أعتقد أنه يجب أن يتسع العراق لكل العراقيين، وأنا أساسا ضد التقسيمة بالشكل الذي وافق عليه المجلس بحيث يعطون للمسيحيين ثلاثة مقاعد وللأيزيديين مقعدا، فهولاء عراقيون ومن يجد في نفسه الكفاءة يتقدم ويأخذ موقعه، ويساهم في شتى المجالات السياسية وغيرها بغض النظر عن انتمائه العرقي أو الطائفي، وإذا أردنا أن نتحدث عن المسيحيين فهم من أقدم سكان العراق ولعبوا أدوارا مهمة جدا في مسيرة هذا البلد ولهم مواقف يُشهد لها، خصوصا في الجانب الثقافي والتعليمي، وكذلك التركمان.
• ماذا عن مشكلة خانقين وجلولاء وكركوك، المناطق المتنازع عليها؟
- بسبب الاستعجال في كتابة الدستور، حدثت ضبابية في أمور كثيرة منها مشكلة كركوك وخانقين وجلولاء وغيرها من القضايا، وأدت الفوضى الموجودة الى عدم إجراء إحصاء لكل محافظات العراق، كذلك طبيعة العلاقة بين بعض الأطراف وحكومة المركز لم تكن واضحة، والعلاقة اليوم بين إقليم كردستان العراق وبين الحكومة المركزية لا تقوم على التوازن، إنما تقوم على التجاذب والتشدد، وخير مثال على ذلك هو مسألة النفط. وقد خسر العراق إمكانات عالية جدا ومبالغ طائلة في هذا الجانب بسبب تلك التجاذبات، بحيث وصل سعر برميل النفط الى 140 دولارا والآن انخفض الى 60 دولارا، ونحن كشعب عراقي لم نستفِد من ذلك الارتفاع، ولا أريد أن أرسم صورة قاتمة للمستقبل ولكن إذا عُدلت مثل هذه الأمور كتعديل الدستور وإجراء إحصاء عام وإعادة العلاقة بشكل طبيعي بين الأطراف العراقية بأكملها وبين المركز، فستبقى هذه الأمور في دوامة بل ستزداد الفجوة بشكل أعمق من الوضع السابق، لذا يجب إعادة التوازن السياسي.
• ما تعليقكم على مطالبة النائب وائل عبداللطيف بـ«إقليم البصرة»؟
- أعتقد أن طرح موضوع مثل هذا في ظل وضع غير طبيعي فيه نوع من التعجل، فالبلد لا ينقصه مشاكل أخرى، ونحن نتفق الآن على أن الوضع في العراق غير طبيعي ومقلق ايضا، وعلى رأس ذلك، العملية السياسية لاتزال عرجاء، وما يحدث هو تضارب في الأطروحات هي الأقرب منها للمزايدات السياسية عن الواقع، فإطلاق تسميات بهذا الشكل العشوائي سيزيد من التأزم، أما في مسالة كردستان فهي تختلف تماما لأن هناك اتفاقا سابقا وهناك نضج في الموضوع عبر عقود من السنين، أما في مسألة الأجزاء الأخرى من العراق، فإن الوقت لايزال مبكرا على الفدرالية، وربما قد يكون من الأنسب طرح هذه المسألة بعد استقرار الوضع.