المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الشركة (الصهيو – أمريكية) لصناعة الفتن الطائفية



الدكتور عادل رضا
11-02-2008, 11:12 PM
الشركة (الصهيو – أمريكية) لصناعة الفتن الطائفية
راسم المرواني

قبل البدء بمقالنا ، وقبل أن يتهمنا بعض المتصيدين بالـ (الطائفية ، والشوفينية ، والراديكالية ، والبعثية ، والإنتهازية ، والعنصرية ، والزئبقية ، والإنبطاحية ، والزركشية ، والمجوسية والسنسكريتية) وغيرها من التهم الجاهزة المحلية الصنع ، أردنا أن نشير إلى أننا نؤمن بالله ، نؤمن بالحب ، نؤمن بالإنسانية ، يحدونا سائق من قول أمير المؤمنين عليه السلام حين يقول (الناس صنفان ، إما أخ لك في الدين ، أو نظير لكل في الخلق) ، ولأن قول أمير المؤمنين كامل ومن جوامع الكلم ، فإني أستأذنه – عليه السلام – في أن أضيف – ولا يضاف (من مثلي) على قول المعصوم شئ – عبارة (أو شريك لك في الوطن) ... رغم أننا نعرف بأن للوطن محدودية دون شمولية الإنسانية ، ونؤمن – أيضاً - بأن الوطنية والإنسانية لا تحدها حدود الانتماء لدين أو قومية أو مذهب معين ، ما لم يكن الإنسان – أصلاً – منتمياً للإنسانية .

ولقد أرانا التأريخ من المتمسحين بعباءة الإسلام من كانوا نقمة على المسلمين قبل غيرهم ، ومثلهم الكثير في بقية الأديان ، ورأينا نماذج من المنتمين لطائفة معينة ولكنهم كانوا نقمة على طائفتهم قبل بقية الطوائف ، ومثلهم الكثير في طوائف بقية الأديان ، ورأينا من المتمسحين بعباءة العروبة من هم أسرع الناس خلعاً لمبادئهم وملابسهم وكشف عوراتهم أمام إملاءات أعداء العروبة ، وعند الأكراد وبقية القوميات الكثير الكثير من هذه النماذج .

فغالباً ما تدفع الشعوب فاتورة رعونة الحكام الذين تدفعهم (الأجندات الخارجية) إلى تطبيق مفردات نظرية (الفوضى الخلاقة) داخل أوطانهم أو بلدانهم بوعي أو بغير وعي ، وغالباً ما يدفع البسطاء ثمن فتاوى (البيت الأبيض والبيت الأسود) التي تحاك داخل دهاليز إذكاء الفتن الطائفية في بلدان العرب والمسلمين ، وغالباً ما تنطلي خدعة (الدين) و (المذهب) على العامة والهمج الرعاع لكي يكونوا وقوداً لفتنة ، لو أنهم فكروا قليلاً بأبعادها ونتائجها لتغيرت خارطة الوطن العربي من المحيط إلى الخليج ، بل وربما من حدود أوربا إلى حدود الصين وما بعد الصين .

ففي كل بلدان الوطن العربي – وهو ما يعنيني لأنه وطني وإليه أنتمي - تأتي الفتن الطائفية بسبب سوء استخدام الحكام العرب لآلتهم القمعية ، واستخدامهم لسياسة الكيل بمكيالين ، ولن نذهب بعيداً في تشخيصنا ، فعلى سبيل المثال لا الحصر ، نجد أن قوى الصهيونية وغلمانها من الساسة الأمريكان ، قد بذلوا – لسنين طوال – أقصى غاية الجهد في دفع عجلة الفتنة الطائفية في العراق ، عبر السياسة الرعناء التي كانت الحكومة العراقية تستخدمها ، فبدأت بتهميش طائفة معينة ، وقمعها ، ومنعها من ممارسة طقوسها وشعائرها ، واختزال الوظائف والمناصب على طائفة أو دين أو قومية دون غيرها ، بل حتى (المتملقون للسلطة) من بقية الطوائف والأديان والقوميات ، كانوا لا يجدون متسعاً لبلوغ المناصب في نهاية الأمر ، وهو ما تفسره انتفاضات الشعب العراقي في مرات عديدة ، وربما أهمها انتفاضات عام1990، وعام 1999 ، والتي لا يستطيع أحد نكران كونها قد انطلقت من مناطق معروفة الطائفة ، تحت قاعدة أن (الضغط يولد الانفجار) .

لم يكن أحد ليقدر على أن يقول بأن العراقيين يعانون من ألم السياسة الطائفية تحت ضل الحكم الصدامي ، بسبب قوة آلة السلطة القمعية ، ورغم إيمان العراقيين – أغلبهم – بطائفية السلطة ، ولكن أحداً لم يستطع أن ينبس ببنت شفة ، لأنه يعرف نهاية الطريق الذي يمكن أن يؤدي له مثل هذا التصريح .

ورغم كل الاعتبارات ، ولكن الشعب العراقي كان منعزلاً عن طائفية السلطة ، وكان العراقيون أشبه ببيت واحد ، رغم محاولات الإثارة والاستثارة ، ويبدو أن السلطة قد فشلت في تحقيق غاياتها ، وهو ما يدل على وعي العراقيين وطيبتهم ، وأنهم بعافية ، لأنهم بعد زوال السلطة لم يبدروا إلى الفتنة الطائفية التي كان (يتوقعها أو يتمناها) لهم أصحاب المكاتب خارج الحدود ، بل على العكس ، لقد أثبتوا أنهم هم (الشعب المختار) الذي سينطلق منه تحقيق أطروحة العدل الإلهي العالمي الكامل وشيكاً ، وليس الشعب (المتصهين) الذي يبني أحلامه وترهاته على دماء الآخرين وأشلاء الأبرياء من بقية الشعوب .

إن من دلائل فشل السلطة السابقة في العراق على إرساء القواعد الكبرى للفتنة الطائفية ، هو إن الفتنة لم تنطلق في العراق بعد سقوط السلطة مباشرة ، رغم الإنفلات الأمني ، وعدم وجود الرادع السلطوي ، ذلك لأن – أغلب - الشعب العراقي كان يعي أن السلطة المقبورة لم تكن تمثل طائفة أو دين أو قومية ، وشعاراتها لم تكن تمثل وهج العراقيين الطيبين ، بيد أن الفتنة بدأت حين بدأت معها تدخلات أساطين وخبراء (الشركة الصهيو – أمريكية) لصناعة الفتن الطائفية ، بعد أن قاموا بتحريك أرتال (التكفيريين) الذين بدأوا يستثيرون ذكريات العراقيين للنهج الطائفي الصدامي ، واستقدموا معهم الحجافل (النيكروبونتية) المتخصصة بخلق الفتن ، في نفس الوقت الذي أسسوا فيه (مجلس الحكم الكافر) على أسس طائفية وعرقية ، وحركوا بيادقهم لنشر مستلزمات الموت بين العراقيين ، بدءاً من تفجيرات كربلاء وقتل الزائرين ، وانتهاءً – وليس نهاية – بتفجير قبتي الإمامين العسكريين ، في تزامن خطير مع نشر صراصيرهم لهتك حرمة مساجد أهل السنة في العراق .


كل ذلك جاء منطلقاً من ارتكازهم على الأسس الطائفية التي أسس لها أزلام السلطة المقبورة ، وهيئوها ليوم لا تنفع فيه صراخات الوطنيين الشرفاء من أبناء العراق .

إن ما نشاهده اليوم في (اليمن) من خطوات سياسية قمعية ضد طائفة الزيدية من الحوثيين وأنصارهم ، وضد الهواشم بالدقة ، يذكرنا بخطوات (المدرسة) الفكرية الصدامية ذاتها التي انتهشت لحوم العراقيين ، وزرعت فيهم بوادر بذارها الطائفي ، بانتظار جني الثمار على يد الصهاينة والأمريكان في موسم الحصاد المرتقب .

إن استخدام الحكومة اليمنية للسلفيين في تصفية الحوثيين ، من المؤكد أنه سيزرع بوادر الفتنة الطائفية في اليمن السعيد ، وإن مطاردة أبناء وأئمة وعلماء الطائفة الزيدية سيؤدي سلباً في خلق جذوة للفتنة الطائفية ، وسيخلق نوعاً من أنواع الحقد المكتنـز في الوعي الجمعي لدى اليمنيين ، وسيؤدي في النهاية إلى تقافز أشباح الضحايا أمام مخيلة وذاكرة المطالبين بالثأر ، وخصوصاً أن العرب في اليمن بعدنانييهم وقحطانييهم وغسانييهم هم من العرب الأقحاح ومن قبائلها التي لم تزل خاضعة للمفاهيم العشائرية الأصيلة في دية القتل والتعزير والقصاص ، شأنها شأن أغلب القبائل والعشائر العربية في الدول العربية ، وليس يعنينا الزيديون وحدهم ، ولكن يعنينا الشعب اليمني العربي كله ، بل والشعب العربي كله ، ويبعث في أنفسنا أن نوجس خيفة من مستقبل مبهم لليمن ، ولغير اليمن من البلدان العربية والإسلامية التي تنتهج نفس المنهج في سياسة القمع والتنكيل ، انطلاقاً من مقولة معروفة مفادها (لو تـُرك القطا ...لنام) ، لأننا نعرف بأن الطائفية ثورة ، وهي تشبه أي ثورة في العالم ، يخطط لها المفكرون (وربما الخبثاء المفكرون) ، ويقوم بها المنتفضون أو المندفعون ، ويجني ثمارها الانتهازيون .



إن من أحرى ما يمكن القيام به ، هو تنازل الأطراف عن بعض مزاياها الدنيوية ، والجلوس على طاولات الحوار والتفاهم ، وليس بوسع أي حوار أن ينتهي دون فائدة ، فمن أبسط فوائد الحوار هو أن تعرف – أخيراً – أن لا جدوى من الحوار .



أما إذا كان أحد طرفي الحوار خاضعاً لأجندات ومشاريع وإملاءات خارجية ، أو يقبض مرتبه الشهري من محاسب (الشركة الصهيو – أمريكية لصناعة الفتن الطائفية) ، فمن المؤكد – أخيراً - أن لا جدوى معه من الحوار ، بل قد يصبح الحوار – المطوّل – معه ، وسيلة من وسائل عرقلة قمع المشروع الطائفي .



راسم المرواني
المستشار الثقافي
لمكتب السيد الشهيد الصدر(قده)
العراق / عاصمة العالم المحتلة
marwanyauthor@yahoo.com