سمير
10-17-2008, 08:33 AM
كتب حنان الهاجري - القبس
قبل سنوات طويلة خصوصا في الفترة التي سبقت الغزو العراقي، كانت هناك حملات اعلانية لجمع التبرعات للفقراء من الأطفال المسلمين - وكأن الجوع يعرف لونا أو دينا أو جنسا- تروج شعار «من ينقذ هذا المسكين؟». كما عرفنا في الفترة ذاتهاحملة تبرعات أخرى حملت شعار «ادفع دينارا تنقذ مسلما» وغيرها من حملات متخصصة بانقاذ الانسان المسلم من دون غيره. أما اليوم فقد اختفت هذه النوعية من الحملات وتم استبدالها بأخرى أكثر تماشيا مع روح العصر، وربما يعود السبب في ذلك الى اكتشاف الحاجة الملحة «داخليا» الى الدعاة العصريين، خصوصا مع الدعوة الى العودة الى طريق الصواب الذي يُتهم الكويتيون انهم حادوا عنه فعاقبهم الله بالغزو كما تؤمن بعض العقليات المريضة، أو ربما لأن شباب اليوم لن يتحملوا رؤية صورة طفل أفريقي عار يصارع الموت، فتم التحول الى التركيز على حملات حجابك وأخلاقك وصلاتك وثيابك ومسواكك. ولأننا في عالم متغير لا يثبت أبدا على حال، أعتقد ان الحاجة الان تستدعي ان نتبنى حملة جديدة لانقاذ المرأة المسلمة ممن صاروا ُيسّمون بشيوخ دين في هذا الزمن الرديء.
فقد أصبحت عادة هؤلاء الخروج علينا بين فترة وأخرى بفتوى «عمياء» ظاهرها صيانة مكانة المرأة المسلمة في المجتمع، وباطنها رغبة دفينة بشل قدرات هذه الانسانة وتحجيمها قبل أن تتجرأ وتبدأ بالمطالبة بالتعامل معها كفرد مستقل لا كامتداد مذموم ُخلق من ضلع أعوج. الفتاوى هذه أشكال وألوان، ومن يتتبع ظهورها سيجزم بأن من يصدرها من شيوخ زمن الغفلة هم الذين يحتاجون إلى فتوى تلجم جورهم وتعديهم على حرية المرأة واهدارهم لكرامتها، من أجل أن يحصدوا اعجاب من يتبعهم من المغرر بهم أو من اكتشفوا الدين حديثا، أو من أجل الشهرة التي أصبحت على بعد خطوة فضائية واحدة تفتح لهم بوابات القنوات والصفحات وحتى اليوتوب الذي يحاربونه ليلاً نهاراً.
فمن فتوى الأزهري عبدالله سمك التي تحرم ركوب المرأة التاكسي بمفردها، مرورا بفتوى عزت عطية رئيس قسم الحديث في جامعة الأزهر التي أباحت ارضاع المرأة زميلها في العمل منعا للخلوة المحرمة، الى فتوى أم أنس بخصوص تحريم جلوس المرأة على الكرسي لأنه مذكر! بالاضافة الى فتوى جواز زواج الرضيعة للمعبي، وأخيرا وليس آخرا فتوى الهبدان بخصوص النقاب الصحيح الذي يظهر عينا واحدة فقط، أي أن المرأة يجب أن «تعور» حتى ترضي شيوخ الفتاوى سريعة الاستهلاك عسرة الهضم هذه. المشكلة لا تكمن في اصدار الفتاوى فقط ولا تنتهي عندها، ولكن لأن عواقب هذا الامر شنيعة وخطيرة وقد تتطور بشكل كبير قد يعرض سلامة، بل وحياة بعض النساء إلى الخطر إن هن وقعن تحت رحمة رجل يملك الحل والربط فيطالبهن بتطبيق تلك الأوامر العوجاء، فيتعرضن للعقاب وربما الأذى اللفظي والجسدي ان هن رفضن الخضوع لفتاوى زمن الرويبضة هذا، ناهيك عن احتمالات نبذهن من قبل الوسط الاجتماعي الذي ينتمين اليه. لذا نحن بحاجة اليوم الى فتوى تحمينا من هذه الفتاوى، من التعدي على حرياتنا وخصوصياتنا وامتهان كراماتنا والاستخفاف بعقولنا بحجة اننا ناقصات عقل ودين وبحاجة الى فتاوى مكثفة تنير لنا ـــ من دون الرجال ـــ طريق الهداية لترشدنا الى الطريق القويم والوحيد لنعيش حياتنا ضمن أطره وحدوده.
نحن بانتظار فتوى تحمينا من فتاوى شيوخ الغفلة، فتوى تبيح «كي» الألسنة التي تصدر فتاوى مشوشة مبنية على التزمت والتشدد وترمي النساء بالتهم الباطلة وتصفهن بما يشين، كما فعل الهبدان عندما راح يشرح كيف أن غير المنقبات ( النقاب الأعور) أكثر عرضة للوقوع في الزنى، ساردا قصة خيالية عن اعتراف فتيات بارتكاب الفاحشة لأنهن كشفن عن عيونهن فتربصت بهن الوحوش البشرية في الأسواق العامة، متبادلة معهن أرقام الهواتف! ولأن اخر الدواء…الكي، يجب أن تكون هناك حملة جديدة تناسب وقتنا نحن، وقتنا الذي خنقنا فيه بحجة الوصاية الدينية التي تستخف وتهمش قدراتنا العقلية وحقنا في أن نعيش كما نشاء من دون أن تنبش وصايا من القبور ليتم التحكم بنا بواسطتها.
أعتقد أن الحملة الجديدة هذه ستصادف قبولا كبيرا، لأن عدد المخنوقين والمخنوقات وضحايا الفتاوى «التيك أواي» في ازدياد، واقترح أن يُتخذ لهذه الحملة شعار على وزن «من ينقذ هذا المسكين؟»
فنسميها «من يكوي هذا اللسان؟».
حنان الهاجري
alhanewyork@gmail.com
قبل سنوات طويلة خصوصا في الفترة التي سبقت الغزو العراقي، كانت هناك حملات اعلانية لجمع التبرعات للفقراء من الأطفال المسلمين - وكأن الجوع يعرف لونا أو دينا أو جنسا- تروج شعار «من ينقذ هذا المسكين؟». كما عرفنا في الفترة ذاتهاحملة تبرعات أخرى حملت شعار «ادفع دينارا تنقذ مسلما» وغيرها من حملات متخصصة بانقاذ الانسان المسلم من دون غيره. أما اليوم فقد اختفت هذه النوعية من الحملات وتم استبدالها بأخرى أكثر تماشيا مع روح العصر، وربما يعود السبب في ذلك الى اكتشاف الحاجة الملحة «داخليا» الى الدعاة العصريين، خصوصا مع الدعوة الى العودة الى طريق الصواب الذي يُتهم الكويتيون انهم حادوا عنه فعاقبهم الله بالغزو كما تؤمن بعض العقليات المريضة، أو ربما لأن شباب اليوم لن يتحملوا رؤية صورة طفل أفريقي عار يصارع الموت، فتم التحول الى التركيز على حملات حجابك وأخلاقك وصلاتك وثيابك ومسواكك. ولأننا في عالم متغير لا يثبت أبدا على حال، أعتقد ان الحاجة الان تستدعي ان نتبنى حملة جديدة لانقاذ المرأة المسلمة ممن صاروا ُيسّمون بشيوخ دين في هذا الزمن الرديء.
فقد أصبحت عادة هؤلاء الخروج علينا بين فترة وأخرى بفتوى «عمياء» ظاهرها صيانة مكانة المرأة المسلمة في المجتمع، وباطنها رغبة دفينة بشل قدرات هذه الانسانة وتحجيمها قبل أن تتجرأ وتبدأ بالمطالبة بالتعامل معها كفرد مستقل لا كامتداد مذموم ُخلق من ضلع أعوج. الفتاوى هذه أشكال وألوان، ومن يتتبع ظهورها سيجزم بأن من يصدرها من شيوخ زمن الغفلة هم الذين يحتاجون إلى فتوى تلجم جورهم وتعديهم على حرية المرأة واهدارهم لكرامتها، من أجل أن يحصدوا اعجاب من يتبعهم من المغرر بهم أو من اكتشفوا الدين حديثا، أو من أجل الشهرة التي أصبحت على بعد خطوة فضائية واحدة تفتح لهم بوابات القنوات والصفحات وحتى اليوتوب الذي يحاربونه ليلاً نهاراً.
فمن فتوى الأزهري عبدالله سمك التي تحرم ركوب المرأة التاكسي بمفردها، مرورا بفتوى عزت عطية رئيس قسم الحديث في جامعة الأزهر التي أباحت ارضاع المرأة زميلها في العمل منعا للخلوة المحرمة، الى فتوى أم أنس بخصوص تحريم جلوس المرأة على الكرسي لأنه مذكر! بالاضافة الى فتوى جواز زواج الرضيعة للمعبي، وأخيرا وليس آخرا فتوى الهبدان بخصوص النقاب الصحيح الذي يظهر عينا واحدة فقط، أي أن المرأة يجب أن «تعور» حتى ترضي شيوخ الفتاوى سريعة الاستهلاك عسرة الهضم هذه. المشكلة لا تكمن في اصدار الفتاوى فقط ولا تنتهي عندها، ولكن لأن عواقب هذا الامر شنيعة وخطيرة وقد تتطور بشكل كبير قد يعرض سلامة، بل وحياة بعض النساء إلى الخطر إن هن وقعن تحت رحمة رجل يملك الحل والربط فيطالبهن بتطبيق تلك الأوامر العوجاء، فيتعرضن للعقاب وربما الأذى اللفظي والجسدي ان هن رفضن الخضوع لفتاوى زمن الرويبضة هذا، ناهيك عن احتمالات نبذهن من قبل الوسط الاجتماعي الذي ينتمين اليه. لذا نحن بحاجة اليوم الى فتوى تحمينا من هذه الفتاوى، من التعدي على حرياتنا وخصوصياتنا وامتهان كراماتنا والاستخفاف بعقولنا بحجة اننا ناقصات عقل ودين وبحاجة الى فتاوى مكثفة تنير لنا ـــ من دون الرجال ـــ طريق الهداية لترشدنا الى الطريق القويم والوحيد لنعيش حياتنا ضمن أطره وحدوده.
نحن بانتظار فتوى تحمينا من فتاوى شيوخ الغفلة، فتوى تبيح «كي» الألسنة التي تصدر فتاوى مشوشة مبنية على التزمت والتشدد وترمي النساء بالتهم الباطلة وتصفهن بما يشين، كما فعل الهبدان عندما راح يشرح كيف أن غير المنقبات ( النقاب الأعور) أكثر عرضة للوقوع في الزنى، ساردا قصة خيالية عن اعتراف فتيات بارتكاب الفاحشة لأنهن كشفن عن عيونهن فتربصت بهن الوحوش البشرية في الأسواق العامة، متبادلة معهن أرقام الهواتف! ولأن اخر الدواء…الكي، يجب أن تكون هناك حملة جديدة تناسب وقتنا نحن، وقتنا الذي خنقنا فيه بحجة الوصاية الدينية التي تستخف وتهمش قدراتنا العقلية وحقنا في أن نعيش كما نشاء من دون أن تنبش وصايا من القبور ليتم التحكم بنا بواسطتها.
أعتقد أن الحملة الجديدة هذه ستصادف قبولا كبيرا، لأن عدد المخنوقين والمخنوقات وضحايا الفتاوى «التيك أواي» في ازدياد، واقترح أن يُتخذ لهذه الحملة شعار على وزن «من ينقذ هذا المسكين؟»
فنسميها «من يكوي هذا اللسان؟».
حنان الهاجري
alhanewyork@gmail.com