لماذا قرقيعان الأسماء في الجهراء يا تربية؟!

[جمال]

ترفة العنزي - الوطن

عادة عندما يختار الانسان اسما لمولوده فانه ينطلق من اعتبارات عدة. فقد يختار أحد الأسماء تيمنا بصاحب هذا الاسم أو كما هي عادة العرب في اختيار أسماء أبنائهم أو اطلاق الأسماء والألقاب على مناطقهم. فالعرب قديما وحتى في البادية كانت تختار الأسماء وفق معاييراجتماعية وثقافية فخُـذ مثلا اذا أحدهم لم يرزق بذرية فلهم أسماء محددة في ذلك، واذا كان الموت يرافق هذه الذرية أيضا يختارون اسما يتناسب مع هذا الوضع، وكانوا، وكما يقولون، نختار أسماء الأبناء لأعدائنا أي تكون هذه الأسماء عادة فيها صفة القوة والرهبة لادخال الرعب في قلوب الأعداء، ويقولون أيضا: نختار أسماء البنات لنا ففيها من الرقة والجمال والوداعة ومن عاداتهم أيضا اطلاق الأسماء على بعض المناطق التي ينتقلون ويرتحلون اليها بأسماء مناطقهم التي وفدوا منها لتذكرهم بها، وعلى عادة العرب درجت الكويت في السابق على تسمية أماكنها وشوارعها ومناطقها بأسماء لتذكرالأجيال بقيمة هذه الاسماء سواء المناطق الأثرية أو المواقع التاريخية أو بشخصيات نقشت أسماؤها في سجل التاريخ بأحرف من نور وكان لها دور كبير سواء على الصعيد الاسلامي أو القومي أو المحلي. وللقائمين على تسمية الشوارع والمناطق ان يسموامايسمونه وليغيروا ما يغيرون بشرط أن يكون هذا الاسم متوافقا والذوق العام والتراث، ومايهمنا هو أسماء المدارس الحكومية والتي من خلالها ينهل أطفال اليوم وشباب الغد وبناة المستقبل المواطنة والعلم والمعرفة، المواطنة فهذه الأماكن الأولى أن لا نطلق عليها الأسماء كيفما اتفق أوحسب أمزجةوأهواءالبعض، بل نختاربعض الشخصيات القيادية والريادية في مختلف مجالات النهضة والتربوية خاصة وقد يقول قائل ومامناسبة هذا الحديث وأغلب مدارس الكويت تحمل أسماء تاريخية وشخصيات قيادية وتربوية ومواقع أثرية؟! للجواب عليه نقول ليتفضل أحدكم بزيارة ضاحية سعد العبدالله الجديدة أو ماتسمى سابقا جنوب الجهراء ليتفاجأ بكوكتيل وخليط وقرقيعان من الأسماء، لا أعرف حقيقة لماذا أطلقت هذه التسميات فخذ مثلا اسم سرحة أو رحية أو رابطة أو شامان أو اللياح أو الأطراف أو المطلاع أو اسماء لنباتات وورد،وغير ذلك من الأسماء، وأعرف ان الرد سيكون أنها أسماء مناطق في الجهراء وما يحيط بها فاذا كان الوضع كذلك اذا فأين تسميات المطيليع وصيهد فضيحه والطفة ومزيريره ونقا بارود و نبصة وغيرها؟ ولا تحتاج هذه المناطق للتذكير فالزحف العمراني والتمدد الاسكاني سيصل حتما لها وحينها سيتم تغيير مسمياتها كما حدث مع بعض المناطق قبلها. ولماذا لا تسمى منطقة الفروانية مدارسها بأسماء خاصة بها كذلك مثل كبد ورجم خشمان وغيره وأيضا باقي المناطق التعليمية فهل هذه التسميات يقصد بها الحفاظ على هذه المسميات المحلية فقط أم أن القائمين على اختيار الأسماء يرون أن التاريخ الكويتي عقيم ولم ينجب من يستحق أن تحمل مدارسنا اسمه؟! وعلى الأقل هل سألوا أهل الذكر ان كانوا لا يعلمون من رجالات الكويت والجهراء؟ فالجهراء مثلا غنية برجالها منذ أن وجدت والى يومنا الحاضر فموقعة كموقعة القصر الأحمرعلى سبيل المثال لو نبشوا الملفات قليلا لوجدوا ما يكفيهم لمئة سنة قادمة، فلقد ذكر الاستاذ متعب السعيد في كتابه (قرية الجهراء) أن هناك مايقارب 400 شهيد من رجالات الكويت قد استشهدوا في هذه الموقعة وطوى النسيان ذكرهم أفلا يستحقون أن تسمى المدارس بأسمائهم، وتوضع لوحة تعريفية في كل مدرسة ناهيك عن باقي شهداء معارك الكويت كحمض و الصريف كذلك ألا يستحق شهداء الكويت من مدنيين وعسكريين من أهل الكويت عموما و من أهل الجهراء خاصة الذين كانوا خط الدفاع الأول للكويت على مر التاريخ واخرها الغزو الهمجي العراقي الصدامي؟ وهل موقعة الجسر التي أشاد بها الجميع لا يستحق شهداؤها مثل هذا التكريم وأن تحمل المدارس أسماءهم كما حملت أسماء بعض المدارس الكويتية الداخلية، وان دماء الشهداء زكية طاهرة مازالت تنبض بحب الكويت وتستنهض وتحافظ كل يوم على همم وروح المواطنة، وأصحاب هذه الدماء من شهداء الكويت الأكرم منا جميعا أولى بأن تحمل مدارسنا وشوارعنا ومناطقنا أسماءهم وأيضا فان اعلام الجهراء ورجالاتها أولى بالتسميات من هذا القرقيعان الذي أضاف تلوثا جديدا للجهراء اضافة لما تعانيه من تلوث بيئي وتردي خدمي. والأمل ان تلفتت وزيرة التربية الاستاذة نورية الصبيح واركان وزارتها فيعملون على تكريم تلك الدماء الزكية وتخليد ذكراهاباطلاق أسماء الشهداء على المدارس بدلا من هذا القرقيعان.



matalaby@hotmail.com.com


تاريخ النشر 16/10/2008