سلسبيل
10-10-2008, 07:20 AM
مالك عسّاف - اوان
المزاج العام الذي ساد كابول مؤخراً طغى عليه التشاؤم، في ظل غياب شبه كامل لأية مؤشرات تدل على أن قوات الناتو تقترب من حسم الحرب ضد طالبان، علماً أن هذا لا يعني بأن الوضع أفضل حالاً بالنسبة لطالبان المتواجدة على الخطوط الأمامية في إقليم «هلمند». لكن المؤشرات التي برزت تدل على أن هذه الحركة بدأت تصبح أكثر مرونة في سعيها إلى توسيع قاعدتها الشعبية.
الجيش البريطاني، الذي يقود العمليات التي يشنها الناتو في هلمند، خسر 115جندياً منذ العام 2006، مقابل 5000 عنصر من طالبان. لكن المتحدث باسم الحركة قاري يوسف أحمدي، يبدو متفائلاً إلى أبعد الحدود إذ يقول: «نحن نجاهد في سبيل الله، ولذلك نحن واثقون من النصر».
ثناء بريطاني على المرونة
ويثني العميد البريطاني مارك كارلتون سميث على المرونة التكتيكية التي لاتزال حركة طالبان تتمتع بها، ما يجعلها، حسب وصفه، تشكل خطراً كبيراً. لكنه يضيف أن البريطانيين يعملون على الحد من الأضرار الموضوعية التي تستطيع هذه الحركة التسبب بها.
لكن اللافت للنظر هو أمر آخر. فخلال العام الماضي خسرت طالبان بعض المناطق التي كانت تحت سيطرتها، لاسيما بلدتي «غارمسر» و«موسى قلعة»، الوحيدتين في أفغانستان اللتين كانت طالبان تدافع فيهما عن مواقع ثابتة لها. لكن في الوقت الراهن يبدو أن استراتيجيتها لا تركز على السيطرة على الأراضي بقدر ما تركِّز على توسيع نفوذها.
ولذلك ومن أجل حشد المزيد من التأييد الشعبي لها بين سكان هلمند، بدأت طالبان إعادة النظر في بعض القوانين الاجتماعية التي كانت تولِّد شعوراً بالاشمئزاز تجاهها بين الناس، مثل قوانين حظر الموسيقى والتلفزيون وإطلاق الطائرات الورقية وصراع الكلاب وحتى حلق اللحى.
«عفو» عن الموظفين
وهناك تقارير أيضاً تقول إن طالبان بدأت تمنح عفواً للموظفين الحكوميين وعناصر الشرطة، سواء الذين يفرون أو يتم أسرهم ضمن المعركة، في حين جرت العادة في السابق أن يتم إعدامهم على الفور. يبدو أن هذا النهج الجديد نجح في استمالة بعض السكان المحليين، في حين رأى آخرون أنه لا يعدو كونه مجرد تكتيك. ويستبعد حاجي سليم خان، أحد شيوخ القبائل في موسى قلعة، أن تكون طالبان على هذه الدرجة من اللطافة، إذ يعتبر أنها إنما أقدمت على هذه الخطوة لكي تكتشف من هم أصدقاؤها الحقيقيون، ثم بعد ذلك ستقوم بإعادة فرض قانونها.
كما حصلت تسوية أخرى بين طالبان من جهة ومزارعي الأفيون ومهربي المخدرات من جهة أخرى. فخلال هذا الخريف وعد قادة طالبان بالدفاع عن حقول الأفيون في منطقتي ناد علي ومرجا المواليتين للحكومة؛ وهذه تُعتبر من المسائل الحساسة جداً، إذا ما أخذنا بعين الاعتبار تحريم القرآن لتعاطي المخدرات. يقول أحد قادة طالبان الملا مجاهد (23 عاماً)، «إنه لكذب وافتراء أن يُقال إن أموال المخدرات تأتي إلينا». لكنه يعترف بأن طالبان تقبل الزكاة من مزارعي الأفيون؛ حيث تتمكن بهذه الأموال من شراء الأسلحة والذخيرة من العناصر الفاسدة في الشرطة والجيش.
لكن هناك تغييرات حقيقية داخل طالبان تتخطى حدود المرونة التي أثبتت هذه الحركة أنها تتحلى بها. يقول الملا أحمد، أحد القادة القدماء في حركة طالبان، إن نصف العناصر في هذه الحركة هم أناس محترمون ويخشون الله، في حين أن النصف الآخر هم إما لصوص أو أناس يجلبون معهم أحقادهم الشخصية بهدف تصفيتها عن طريق الحركة.
قادة طالبان الجدد
منذ العام 2001 تمكنت قوات الناتو من قتل الكثير من كبار قادة طالبان؛ لكن البدلاء لم يكونوا بمستوى أسلافهم. فالملا مجاهد ترقى منذ فترة قصيرة إلى رتبة «ماهاز»، وهي تعادل رتبة «رائد» لدى الجيوش الغربية. ويقول إن متوسط عمر من يحصلون على مثل هذه الترقية حالياً لا يتجاوز 25 عاماً. ونظراً لخشية طالبان من تسرب الجواسيس إلى صفوفها وسعيها للحفاظ على روح الولاء بين أفرادها، فإنها تعمد إلى استبدال القادة الذين يُقتلون بأقارب لهم. لكن هذا يعزِّز الروح القبلية. وفي الحقيقة يرى بعض المراقبين حالياً أن طالبان أصبحت عبارة عن قوة قبلية، تمثِّل مجموعات معينة طُردت من السلطة في العام 2001.
تاريخياً كانت نقاط القوة لدى طالبان تتمثل في ثلاثة عناصر: صبغتها الإسلامية، وسمعتها في فرض القانون والنظام، ومحاربتها للروح العشائرية القبلية. لكن بعد الضعف الشديد الذي أصاب هذه العناصر، فقد أصبح من الصعب جداً تمييز طالبان عن ذلك العدد الهائل من المليشيات القبلية التي أرَّقت أفغانستان منذ زمنٍ طويل.
المزاج العام الذي ساد كابول مؤخراً طغى عليه التشاؤم، في ظل غياب شبه كامل لأية مؤشرات تدل على أن قوات الناتو تقترب من حسم الحرب ضد طالبان، علماً أن هذا لا يعني بأن الوضع أفضل حالاً بالنسبة لطالبان المتواجدة على الخطوط الأمامية في إقليم «هلمند». لكن المؤشرات التي برزت تدل على أن هذه الحركة بدأت تصبح أكثر مرونة في سعيها إلى توسيع قاعدتها الشعبية.
الجيش البريطاني، الذي يقود العمليات التي يشنها الناتو في هلمند، خسر 115جندياً منذ العام 2006، مقابل 5000 عنصر من طالبان. لكن المتحدث باسم الحركة قاري يوسف أحمدي، يبدو متفائلاً إلى أبعد الحدود إذ يقول: «نحن نجاهد في سبيل الله، ولذلك نحن واثقون من النصر».
ثناء بريطاني على المرونة
ويثني العميد البريطاني مارك كارلتون سميث على المرونة التكتيكية التي لاتزال حركة طالبان تتمتع بها، ما يجعلها، حسب وصفه، تشكل خطراً كبيراً. لكنه يضيف أن البريطانيين يعملون على الحد من الأضرار الموضوعية التي تستطيع هذه الحركة التسبب بها.
لكن اللافت للنظر هو أمر آخر. فخلال العام الماضي خسرت طالبان بعض المناطق التي كانت تحت سيطرتها، لاسيما بلدتي «غارمسر» و«موسى قلعة»، الوحيدتين في أفغانستان اللتين كانت طالبان تدافع فيهما عن مواقع ثابتة لها. لكن في الوقت الراهن يبدو أن استراتيجيتها لا تركز على السيطرة على الأراضي بقدر ما تركِّز على توسيع نفوذها.
ولذلك ومن أجل حشد المزيد من التأييد الشعبي لها بين سكان هلمند، بدأت طالبان إعادة النظر في بعض القوانين الاجتماعية التي كانت تولِّد شعوراً بالاشمئزاز تجاهها بين الناس، مثل قوانين حظر الموسيقى والتلفزيون وإطلاق الطائرات الورقية وصراع الكلاب وحتى حلق اللحى.
«عفو» عن الموظفين
وهناك تقارير أيضاً تقول إن طالبان بدأت تمنح عفواً للموظفين الحكوميين وعناصر الشرطة، سواء الذين يفرون أو يتم أسرهم ضمن المعركة، في حين جرت العادة في السابق أن يتم إعدامهم على الفور. يبدو أن هذا النهج الجديد نجح في استمالة بعض السكان المحليين، في حين رأى آخرون أنه لا يعدو كونه مجرد تكتيك. ويستبعد حاجي سليم خان، أحد شيوخ القبائل في موسى قلعة، أن تكون طالبان على هذه الدرجة من اللطافة، إذ يعتبر أنها إنما أقدمت على هذه الخطوة لكي تكتشف من هم أصدقاؤها الحقيقيون، ثم بعد ذلك ستقوم بإعادة فرض قانونها.
كما حصلت تسوية أخرى بين طالبان من جهة ومزارعي الأفيون ومهربي المخدرات من جهة أخرى. فخلال هذا الخريف وعد قادة طالبان بالدفاع عن حقول الأفيون في منطقتي ناد علي ومرجا المواليتين للحكومة؛ وهذه تُعتبر من المسائل الحساسة جداً، إذا ما أخذنا بعين الاعتبار تحريم القرآن لتعاطي المخدرات. يقول أحد قادة طالبان الملا مجاهد (23 عاماً)، «إنه لكذب وافتراء أن يُقال إن أموال المخدرات تأتي إلينا». لكنه يعترف بأن طالبان تقبل الزكاة من مزارعي الأفيون؛ حيث تتمكن بهذه الأموال من شراء الأسلحة والذخيرة من العناصر الفاسدة في الشرطة والجيش.
لكن هناك تغييرات حقيقية داخل طالبان تتخطى حدود المرونة التي أثبتت هذه الحركة أنها تتحلى بها. يقول الملا أحمد، أحد القادة القدماء في حركة طالبان، إن نصف العناصر في هذه الحركة هم أناس محترمون ويخشون الله، في حين أن النصف الآخر هم إما لصوص أو أناس يجلبون معهم أحقادهم الشخصية بهدف تصفيتها عن طريق الحركة.
قادة طالبان الجدد
منذ العام 2001 تمكنت قوات الناتو من قتل الكثير من كبار قادة طالبان؛ لكن البدلاء لم يكونوا بمستوى أسلافهم. فالملا مجاهد ترقى منذ فترة قصيرة إلى رتبة «ماهاز»، وهي تعادل رتبة «رائد» لدى الجيوش الغربية. ويقول إن متوسط عمر من يحصلون على مثل هذه الترقية حالياً لا يتجاوز 25 عاماً. ونظراً لخشية طالبان من تسرب الجواسيس إلى صفوفها وسعيها للحفاظ على روح الولاء بين أفرادها، فإنها تعمد إلى استبدال القادة الذين يُقتلون بأقارب لهم. لكن هذا يعزِّز الروح القبلية. وفي الحقيقة يرى بعض المراقبين حالياً أن طالبان أصبحت عبارة عن قوة قبلية، تمثِّل مجموعات معينة طُردت من السلطة في العام 2001.
تاريخياً كانت نقاط القوة لدى طالبان تتمثل في ثلاثة عناصر: صبغتها الإسلامية، وسمعتها في فرض القانون والنظام، ومحاربتها للروح العشائرية القبلية. لكن بعد الضعف الشديد الذي أصاب هذه العناصر، فقد أصبح من الصعب جداً تمييز طالبان عن ذلك العدد الهائل من المليشيات القبلية التي أرَّقت أفغانستان منذ زمنٍ طويل.