موالى
08-19-2008, 10:49 AM
الشيخ أحمد حسين
1 - المراقب للساحة السياسية الكويتية يلاحظ في الآونة الأخيرة تحول الخطاب السياسي الى خطاب عاطفي لا يحمل جدول أعمال أو برنامج عمل حقيقيا وواقعيا، بل لقد تحول من خطاب للإنجاز الفعال الى خطاب زاخر بالشعارات الأيديولوجية التي تضر بالقيم وتهدم المبادئ الديمقراطية التي شكلت أركان المجتمع الكويتي. وهذا أمر خطير للغاية لأنه يؤدي إلى آلام جديدة وإلى تكاسل اجتماعي ظاهره الرجاء وباطنه العذاب الذي يرسخ عدم الوعي بالإشكاليات والتحديات وسبل مواجهتها.
مازلنا نعيش إرهاصات معركة المناهج الدراسية المتهمة بنشر فكر متطرف ما، ولقد قلنا سواء أكان هناك منهجا متطرفا أم لم يكن، فإن الأمر يحتاج الى دراسة، ولا يحتاج الى صراع ومكابرة، ودعوى امتلاك الحقيقة المطلقة لا تجوز على أي حال من الأحوال.
وأقولها وللأسف الشديد فإن هناك ما يخيف حقا. فتصاعد النفس الطائفي في ممارساتنا السياسية والاجتماعية والدينية كبير للغاية، ولا يظن البعض أن الأمر يقتصر على المشاهد التي نراها يوميا من أعضاء مجلس الأمة، بل إن الأمر قد تجاوز الى حد كبير من التعسف والذي يجعل الانسان يشعر بالإهانة ولو بشكل غير مباشر، وليتها إهانة شخصية، بل إنها إهانة لشريحة كبيرة من شرائح الشعب الكويتي الأصيل، وهم الشيعة الكويتيون. ويعلم الله إنني لم أكن أحب التصريح بمثل هذه الأمور إلا أن الخوف على الوحدة الوطنية والمحبة المتبادلة والتسامح الديني والمذهبي والاجتماعي هو الذي يجعلني أكتب بوضوح وصراحة، فإن كثرة النكهة الطائفية في لغة بعض أعضاء مجلس الأمة دليل واضح على أن هناك تهديدا مباشرا للمجتمع ولقيمنا التي باتت تتعرض للخطر بسبب الخطاب الديني المتطرف لدى بعض من يصور إخوانه من المواطنين الشيعة أعداء للدين والأمة.
2 - يختل ميزان العدل عندما تعيش في ظل مجتمع عادل قائم على المساواة وتوفير الحقوق كافة والقيام بالمسؤوليات كافة، ثم يقوم البعض بحرمانك من أمور هي من صميم الحقوق التي تفرضها المواطنة الكاملة أو الانتقاص منها مدعيا أنك لست سوى أقلية لا تمثل إلا 30 % أو 20 %، وهل يصح وصف مثل هذا الفعل بالعدل والمساواة؟ قد يسألني البعض: هل يوجد في المجتمع الكويتي مشهد من هذه المشاهد؟
أقول: الحق أنني كمواطن لم أحس يوما بشيء من التمييز، أو الأذى بسبب مذهبي أو طائفي، وذلك لأن هذه الدولة بحكامها الحكماء من آل الصباح الكرام، بل وهذا المجتمع عامة قد قام بالفعل على احترام المذاهب الاسلامية وأتباعها وتوفير الحريات الدينية، ليس للمسلمين فقط، بل للمسيحيين وغيرهم أيضا. ولكن ما يحدث اليوم ينبئ بالخطر إذ زرع البعض ثقافة الكراهية في المجتمع وانتشر الفكر الأحادي الذي لا يؤمن بالتعددية ولا يحترمها البتة، بل يحاربها أشد الممارسة، ولنكن صرحاء واقعيين، فإن هناك العديد من الشخصيات ذات الصبغة الدينية تحارب التسامح المذهبي وتعادي التقارب الاسلامي-الاسلامي.. وكثيرا ما فوجئنا بأناس ينادون بالحوار فإن التقيت بهم لم يفشوا السلام، ثم يصرحون بأن الحوار يكون مع من يشاركهم ولا يخالفهم، بل لقد رأينا أحد هؤلاء في قناة من القنوات الإسلامية الفضائية يمتدح شخصا ما لأنه أخرج بعض المسلمين من بيوتهم وبلادهم واستخدم القسوة ضدهم لمجرد أنه يخالفهم في المذهب والرأي، واعتبر نصرة للسنة والعياذ بالله.
لقد غاب عن هؤلاء أن الخلاف في فروع العقائد والفقه لا يخرج أحدا من الأمة المرحومة، بل تعاموا عن التحديات الخطيرة والعظيمة التي يتعرض لها، وهي متعددة الأشكال ويجب صدها بسلاح العلم والمعرفة وبالعقل الذي هو زينة المسلم قبل أن يكون زينة الإنسان، لا بالكلام الواهي والخطب الفارغة.
3 - هناك تطور خطير في العلاقات المجتمعية الكويتية نشهده اليوم، إذ إن البعض يريد أن يمارس التعسف العملي على كل من يخالفه في المذهب أو الرأي عموما. وسوف أعرض هنا لأمرين أود أن أنبه عليهما:
نشرت جريدة «الرؤية» لقاء مع النائب السابق المهندس مبارك الدويلة، وقد التقيت بهذا الرجل مرارا في زيارات لإخواني من الحركة الدستورية الإسلامية، والذين أكنّ لهم التقدير والمحبة، وقد ورد فيه قول ما احببت ان يصدر منه، فإنه عندما يطالب الشيعة في الكويت بالتنبيه الى «خطورة أسلوبهم في مطالبتهم بحقوقهم التي يقولون انها مغتصبة لأن الأسلوب المتبع ينشئ في نفوس ابنائهم حقدا وضغينة على الطرف الآخر الذي اغتصب هذه الحقوق»، فإنه مطالب بالتوازن في الحكم على الاساليب المتبعة، وانا هنا لا أدعي عدم وجود أخطاء، إلا أنها متبادلة ويجب على حكماء الجميع إصلاحها.
وأود هنا أن أسأل أخي الحبيب أبا معاذ فأقول:
أ ) يا أخي الكريم لقد اتفقت معي أن هناك حقوقا لإخوانك المواطنين الشيعة، وهذا موقف شجاع أحمده لك، ولا تستغرب فإن هناك من يعتبرنا دخلاء ليس على هذا البلد فقط، بل على هذه الأمة وينشر بين الشباب أننا أضر على الاسلام من اليهود والنصارى، وأننا يجب أن نمحى من الوجود. ولعل إطلالة واحدة على مواقع الإخوة غفر الله لهم في الإنترنت كافية للدلالة على ذلك، وأرجو ألا يحاول البعض ادعاء غير ذلك، فإن الأمر أصبح مع الأسف واضحا جدا.
ب) يا أخي يا أبا معاذ.. مادمت مواطنا كامل المواطنة فإن من حقي مثلك تماما أن أحاول اتخاذ كافة السبل القانونية والاجتماعية والسياسية المتاحة لي للمطالبة بها، ولذلك فإنني لا أكاد أفهم من اين تأتي خطورة الأسلوب الذي نتبعه في المطالبة بالحقوق، هل تأتي من صفة «الاغتصاب»؟
إنني لا أعتقد أن أحد الناشطين الشيعة أو المواطنين عامة يقول بالاغتصاب، ونحن في دولة رائدة للحريات العامة، وهذا غير مفهوم من كلماتهم، بل هو تفسير محض من قبلك يا أخي الكريم، والأصح أن نقول ان هناك حقوقا منقوصة نحتاج ان نستمتع بها بشكل كامل، وهذا حق صريح لا جدال فيه، وسوف أضرب لك مثالا لما اقول:
فلقد قامت الدولة مشكورة بإنشاء مناطق جديدة لسكن المواطنين، وتعلم ان في كل قطعة في المنطقة هناك عدد من المساجد تبنى لأداء الصلوات في أوقاتها، وهذا فعل مبارك، إلا ان الدولة لا تبني مساجد ليستخدمها الشيعة من المواطنين، مع أنها مؤسسة حكومية يفترض فيها أن تقدم الخدمات الدينية لكل أبناء الشعب الكويتي، بمن فيهم الشيعة، ولكنها لأسباب عديدة لا تقوم بذلك الدور. والغريب حقا اننا اذا اردنا ان نطلب ارضا لمسجد، فلا بد ان نلتمسه من القيادة العليا في البلاد حفظها الله لنا جميعا. وهذا حديث ذو شجون لن أتحدث عنه الآن، لكنني أقول: هل يصح للمواطن الشيعي الكويتي أن يفاجأ عندما يعطى أرضا بعد (اللتيا والتي) لبناء مسجد وأن يقوم بعض الأشخاص بالتطوع لعرقلة بناء هذه المساجد، وهذا ليس ادعاء، بل هو حقيقة، ولقد تجلت هذه الحقيقة فيما نشرته الصحافة قبل أيام قليلة عن دعوى قضائية رفعها ثلاثة مواطنين غفر الله لهم ضد وزارة الأوقاف وبلدية الكويت ووزارة الاشغال ووزارة النفط مطالبين بإزالة مسجد للشيعة في منطقة ضاحية عبدالله المبارك، ووقف بنائه وإزالة ترخيصه، ولن أخوض في موضوع القضية ذات الخلفية الطائفية، فإن الأمر ينتظر الكلمة الفصل من القضاء الكويتي الذي نتمنى أن يكون نزيها واعيا بما يجري حوله، الا انني أعلم أن هناك عرقلة دائمة لكل مسجد يريد الشيعة بناءه في الكويت، ولا أدري بعد ذلك يا أخي أبا معاذ ألا تتفق معي أن هذه الاساليب هي التي تتسبب في نشر البغض والكراهية بين المواطنين.
أليس بعض دعاة المنابر والفضائيات هم الذين يثيرون الحقد وأسباب الضغينة في القلوب. انني لا أنكر وجود المتطرفين من بعض الشيعة، ولكن لا يصح لك أو لغيرك إنكاره لدى البعض الآخر ايضا.
لقد فضحت الميديا اليوم دعاة الأحادية والتطرف ومدعي النقاء العقدي المزعوم، ثم بعد ذلك تنبهنا الى خطورة اسلوبنا.. إن الاسلوب الخطير حقا عندما يوجه اللوم الى واحد دون الآخر ويتم انتقاء التهم وظلم الاخرين.
أخيرا أود أن أذكر بأننا مسلمون جميعا شاء المتطرفون أم أبوا، ثم إننا إخوة في الدين وشركاء في الوطن، وكلنا متساوون في الحقوق والواجبات، ووظيفة الدولة تجاه الجميع توفير احتياجاتهم الدينية دون أدنى تمييز وبمساواة كاملة، وهذا ما يجب أن نؤكد عليه جميعنا، لا أن نزايد على الولاء والانتماء للوطن والدين، فهذا مما يشين ويعيب وطننا الغالي.
انني لا أنقد الدولة، بل المجتمع بأسره برجاء إصلاحه، والأمر يتطلب مزيدا من الجرأة والشجاعة.. ألا هل بلغت؟ اللهم فاشهد.
همسة حرجة في أذن الوزير حسين الحريتي: الوسطية منبر عظيم من منابر الإسلام الذي يجمعنا ولا يفرقنا. والمركز العالمي للوسطية أمانة في عنقك، بل أعناقنا جميعا، فأرجو ألا يختل توازن المركز لأمور إدارية محضة من هنا وهناك. وأرجو أيضا أن تعتمد الهيكل التنظيمي له ليستأنف نشاطه المهم من جديد، فإن الحاجة ماسة إليه وفقك الله للخير.
أوان الكويتية
1 - المراقب للساحة السياسية الكويتية يلاحظ في الآونة الأخيرة تحول الخطاب السياسي الى خطاب عاطفي لا يحمل جدول أعمال أو برنامج عمل حقيقيا وواقعيا، بل لقد تحول من خطاب للإنجاز الفعال الى خطاب زاخر بالشعارات الأيديولوجية التي تضر بالقيم وتهدم المبادئ الديمقراطية التي شكلت أركان المجتمع الكويتي. وهذا أمر خطير للغاية لأنه يؤدي إلى آلام جديدة وإلى تكاسل اجتماعي ظاهره الرجاء وباطنه العذاب الذي يرسخ عدم الوعي بالإشكاليات والتحديات وسبل مواجهتها.
مازلنا نعيش إرهاصات معركة المناهج الدراسية المتهمة بنشر فكر متطرف ما، ولقد قلنا سواء أكان هناك منهجا متطرفا أم لم يكن، فإن الأمر يحتاج الى دراسة، ولا يحتاج الى صراع ومكابرة، ودعوى امتلاك الحقيقة المطلقة لا تجوز على أي حال من الأحوال.
وأقولها وللأسف الشديد فإن هناك ما يخيف حقا. فتصاعد النفس الطائفي في ممارساتنا السياسية والاجتماعية والدينية كبير للغاية، ولا يظن البعض أن الأمر يقتصر على المشاهد التي نراها يوميا من أعضاء مجلس الأمة، بل إن الأمر قد تجاوز الى حد كبير من التعسف والذي يجعل الانسان يشعر بالإهانة ولو بشكل غير مباشر، وليتها إهانة شخصية، بل إنها إهانة لشريحة كبيرة من شرائح الشعب الكويتي الأصيل، وهم الشيعة الكويتيون. ويعلم الله إنني لم أكن أحب التصريح بمثل هذه الأمور إلا أن الخوف على الوحدة الوطنية والمحبة المتبادلة والتسامح الديني والمذهبي والاجتماعي هو الذي يجعلني أكتب بوضوح وصراحة، فإن كثرة النكهة الطائفية في لغة بعض أعضاء مجلس الأمة دليل واضح على أن هناك تهديدا مباشرا للمجتمع ولقيمنا التي باتت تتعرض للخطر بسبب الخطاب الديني المتطرف لدى بعض من يصور إخوانه من المواطنين الشيعة أعداء للدين والأمة.
2 - يختل ميزان العدل عندما تعيش في ظل مجتمع عادل قائم على المساواة وتوفير الحقوق كافة والقيام بالمسؤوليات كافة، ثم يقوم البعض بحرمانك من أمور هي من صميم الحقوق التي تفرضها المواطنة الكاملة أو الانتقاص منها مدعيا أنك لست سوى أقلية لا تمثل إلا 30 % أو 20 %، وهل يصح وصف مثل هذا الفعل بالعدل والمساواة؟ قد يسألني البعض: هل يوجد في المجتمع الكويتي مشهد من هذه المشاهد؟
أقول: الحق أنني كمواطن لم أحس يوما بشيء من التمييز، أو الأذى بسبب مذهبي أو طائفي، وذلك لأن هذه الدولة بحكامها الحكماء من آل الصباح الكرام، بل وهذا المجتمع عامة قد قام بالفعل على احترام المذاهب الاسلامية وأتباعها وتوفير الحريات الدينية، ليس للمسلمين فقط، بل للمسيحيين وغيرهم أيضا. ولكن ما يحدث اليوم ينبئ بالخطر إذ زرع البعض ثقافة الكراهية في المجتمع وانتشر الفكر الأحادي الذي لا يؤمن بالتعددية ولا يحترمها البتة، بل يحاربها أشد الممارسة، ولنكن صرحاء واقعيين، فإن هناك العديد من الشخصيات ذات الصبغة الدينية تحارب التسامح المذهبي وتعادي التقارب الاسلامي-الاسلامي.. وكثيرا ما فوجئنا بأناس ينادون بالحوار فإن التقيت بهم لم يفشوا السلام، ثم يصرحون بأن الحوار يكون مع من يشاركهم ولا يخالفهم، بل لقد رأينا أحد هؤلاء في قناة من القنوات الإسلامية الفضائية يمتدح شخصا ما لأنه أخرج بعض المسلمين من بيوتهم وبلادهم واستخدم القسوة ضدهم لمجرد أنه يخالفهم في المذهب والرأي، واعتبر نصرة للسنة والعياذ بالله.
لقد غاب عن هؤلاء أن الخلاف في فروع العقائد والفقه لا يخرج أحدا من الأمة المرحومة، بل تعاموا عن التحديات الخطيرة والعظيمة التي يتعرض لها، وهي متعددة الأشكال ويجب صدها بسلاح العلم والمعرفة وبالعقل الذي هو زينة المسلم قبل أن يكون زينة الإنسان، لا بالكلام الواهي والخطب الفارغة.
3 - هناك تطور خطير في العلاقات المجتمعية الكويتية نشهده اليوم، إذ إن البعض يريد أن يمارس التعسف العملي على كل من يخالفه في المذهب أو الرأي عموما. وسوف أعرض هنا لأمرين أود أن أنبه عليهما:
نشرت جريدة «الرؤية» لقاء مع النائب السابق المهندس مبارك الدويلة، وقد التقيت بهذا الرجل مرارا في زيارات لإخواني من الحركة الدستورية الإسلامية، والذين أكنّ لهم التقدير والمحبة، وقد ورد فيه قول ما احببت ان يصدر منه، فإنه عندما يطالب الشيعة في الكويت بالتنبيه الى «خطورة أسلوبهم في مطالبتهم بحقوقهم التي يقولون انها مغتصبة لأن الأسلوب المتبع ينشئ في نفوس ابنائهم حقدا وضغينة على الطرف الآخر الذي اغتصب هذه الحقوق»، فإنه مطالب بالتوازن في الحكم على الاساليب المتبعة، وانا هنا لا أدعي عدم وجود أخطاء، إلا أنها متبادلة ويجب على حكماء الجميع إصلاحها.
وأود هنا أن أسأل أخي الحبيب أبا معاذ فأقول:
أ ) يا أخي الكريم لقد اتفقت معي أن هناك حقوقا لإخوانك المواطنين الشيعة، وهذا موقف شجاع أحمده لك، ولا تستغرب فإن هناك من يعتبرنا دخلاء ليس على هذا البلد فقط، بل على هذه الأمة وينشر بين الشباب أننا أضر على الاسلام من اليهود والنصارى، وأننا يجب أن نمحى من الوجود. ولعل إطلالة واحدة على مواقع الإخوة غفر الله لهم في الإنترنت كافية للدلالة على ذلك، وأرجو ألا يحاول البعض ادعاء غير ذلك، فإن الأمر أصبح مع الأسف واضحا جدا.
ب) يا أخي يا أبا معاذ.. مادمت مواطنا كامل المواطنة فإن من حقي مثلك تماما أن أحاول اتخاذ كافة السبل القانونية والاجتماعية والسياسية المتاحة لي للمطالبة بها، ولذلك فإنني لا أكاد أفهم من اين تأتي خطورة الأسلوب الذي نتبعه في المطالبة بالحقوق، هل تأتي من صفة «الاغتصاب»؟
إنني لا أعتقد أن أحد الناشطين الشيعة أو المواطنين عامة يقول بالاغتصاب، ونحن في دولة رائدة للحريات العامة، وهذا غير مفهوم من كلماتهم، بل هو تفسير محض من قبلك يا أخي الكريم، والأصح أن نقول ان هناك حقوقا منقوصة نحتاج ان نستمتع بها بشكل كامل، وهذا حق صريح لا جدال فيه، وسوف أضرب لك مثالا لما اقول:
فلقد قامت الدولة مشكورة بإنشاء مناطق جديدة لسكن المواطنين، وتعلم ان في كل قطعة في المنطقة هناك عدد من المساجد تبنى لأداء الصلوات في أوقاتها، وهذا فعل مبارك، إلا ان الدولة لا تبني مساجد ليستخدمها الشيعة من المواطنين، مع أنها مؤسسة حكومية يفترض فيها أن تقدم الخدمات الدينية لكل أبناء الشعب الكويتي، بمن فيهم الشيعة، ولكنها لأسباب عديدة لا تقوم بذلك الدور. والغريب حقا اننا اذا اردنا ان نطلب ارضا لمسجد، فلا بد ان نلتمسه من القيادة العليا في البلاد حفظها الله لنا جميعا. وهذا حديث ذو شجون لن أتحدث عنه الآن، لكنني أقول: هل يصح للمواطن الشيعي الكويتي أن يفاجأ عندما يعطى أرضا بعد (اللتيا والتي) لبناء مسجد وأن يقوم بعض الأشخاص بالتطوع لعرقلة بناء هذه المساجد، وهذا ليس ادعاء، بل هو حقيقة، ولقد تجلت هذه الحقيقة فيما نشرته الصحافة قبل أيام قليلة عن دعوى قضائية رفعها ثلاثة مواطنين غفر الله لهم ضد وزارة الأوقاف وبلدية الكويت ووزارة الاشغال ووزارة النفط مطالبين بإزالة مسجد للشيعة في منطقة ضاحية عبدالله المبارك، ووقف بنائه وإزالة ترخيصه، ولن أخوض في موضوع القضية ذات الخلفية الطائفية، فإن الأمر ينتظر الكلمة الفصل من القضاء الكويتي الذي نتمنى أن يكون نزيها واعيا بما يجري حوله، الا انني أعلم أن هناك عرقلة دائمة لكل مسجد يريد الشيعة بناءه في الكويت، ولا أدري بعد ذلك يا أخي أبا معاذ ألا تتفق معي أن هذه الاساليب هي التي تتسبب في نشر البغض والكراهية بين المواطنين.
أليس بعض دعاة المنابر والفضائيات هم الذين يثيرون الحقد وأسباب الضغينة في القلوب. انني لا أنكر وجود المتطرفين من بعض الشيعة، ولكن لا يصح لك أو لغيرك إنكاره لدى البعض الآخر ايضا.
لقد فضحت الميديا اليوم دعاة الأحادية والتطرف ومدعي النقاء العقدي المزعوم، ثم بعد ذلك تنبهنا الى خطورة اسلوبنا.. إن الاسلوب الخطير حقا عندما يوجه اللوم الى واحد دون الآخر ويتم انتقاء التهم وظلم الاخرين.
أخيرا أود أن أذكر بأننا مسلمون جميعا شاء المتطرفون أم أبوا، ثم إننا إخوة في الدين وشركاء في الوطن، وكلنا متساوون في الحقوق والواجبات، ووظيفة الدولة تجاه الجميع توفير احتياجاتهم الدينية دون أدنى تمييز وبمساواة كاملة، وهذا ما يجب أن نؤكد عليه جميعنا، لا أن نزايد على الولاء والانتماء للوطن والدين، فهذا مما يشين ويعيب وطننا الغالي.
انني لا أنقد الدولة، بل المجتمع بأسره برجاء إصلاحه، والأمر يتطلب مزيدا من الجرأة والشجاعة.. ألا هل بلغت؟ اللهم فاشهد.
همسة حرجة في أذن الوزير حسين الحريتي: الوسطية منبر عظيم من منابر الإسلام الذي يجمعنا ولا يفرقنا. والمركز العالمي للوسطية أمانة في عنقك، بل أعناقنا جميعا، فأرجو ألا يختل توازن المركز لأمور إدارية محضة من هنا وهناك. وأرجو أيضا أن تعتمد الهيكل التنظيمي له ليستأنف نشاطه المهم من جديد، فإن الحاجة ماسة إليه وفقك الله للخير.
أوان الكويتية