المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : شخصية المتديّن!‏



yasmeen
08-19-2008, 12:03 AM
الانباء الكويتية - صالح الشايجي

سألني فجأة: لماذا أنت لست متدينا؟!‏

فاجأني سؤاله فرددت عليه: وكيف عرفت ذلك؟!‏
قال: لم أرك تصلي ولا أظنك تصوم ولا تؤدي أيّا من الشعائر الدينية!‏

سألته: وهل أنت متدين؟!‏
رد بكل ثقة: الحمد لله.‏

قلت: وما هي دلائل تدينك؟!‏
قال: لا أنقطع عن صلاة، واحاول ان تكون كلها في المسجد، كذلك فأنا أصوم، واعتمر كل عام مرتين على الأقل، ‏وحججت خمس مرات، وأشارك في دفن الموتى والصلاة عليهم في المقابر. وهذا دليل تديني!‏

قلت له: خادمتك كم راتبها؟!‏
قال: أربعون دينارا.‏

سألته: وكيف رضاك عن عملها؟!‏
قال: تشتغل مثل الحمارة، وراح يعدد عليّ فضائلها وإتقانها عملها الذي يبدأ قبل «طلعة الشمس»، تعد الفطور ‏للأطفال وتشرف على غسلهم وملبسهم قبل ذهابهم للمدرسة، ثم تنظيف البيت وغسل الملابس ونشرها وكيّها، ثم ‏الطبخ - أردف - وهي على فكرة طباخة ممتازة، وهكذا دواليك تعمل مثل الساعة ولا تنام قبل الحادية عشرة ليلا!‏

قلت له: على علمي أنت موظف؟!‏
رد بشيء من السخرية والامتعاض: خلها على الله - مضيفا - الوظيفة للراتب فقط، وأنا مضبط نفسي مع المسؤول ولا ‏أداوم، «والمعاش ماشي»! ثم بشيء من عدم الرضا: «الله والمعاش عاد»؟ لو كنا نعتمد على المعاش كنا الان جياعا!‏

قلت له: إذن كيف تتدبر أمور معيشتك، وكما يبدو لي أحوالك المالية جيدة؟!‏
قال: عندي خمس رخص تجارية مشمولة بعشرين تصريح عمل، ومن كل واحد أكفله يطلع على الأقل ألف دينار ‏سنويا!‏

قلت: كيف تمكنت من هذا وأنت موظف والقانون يمنع الموظفين من استخراج رخص تجارية؟
رد سريعا: «ما يبي لها شيء، باسم العيال وأمهم»!‏

فرددت عليه ردا إجماليا: كل ما قلته يتنافى مع الدين، ابتداء من خادمتك وتسخيرها وعبوديتها، مرورا بقبضك راتبا ‏دون عمل، وانتهاء بالكفالات والمتاجرة بالعمالة! وأنا لا أعمل شيئا مما تعمل، فيا صديقي أنت أخذت جانب الوقاية ‏والمظهرية من الدين لتتستر وراءهما فتمارس كل الحرام، وأنا لا أعمل ما تعمل! أنا لا أكذب ولا أخلف موعدا ولا ‏أظلم ولا أستغل، وتلك هي مقومات الدين! فلا تغني المرء صلاته عن التزام الأخلاق والتعامل الحسن مع الناس! ‏اعمل ذلك تكن متدينا، أما صلاتك وصومك فكلها مستحقات إلهية ولكنها لا تعفي الإنسان من مهامه الأخلاقية ‏الحياتية!‏

قام صاحبي - فجأة - وأدبر دون سلام أو استئذان، مشوحا بيديه بالهواء، دلالة عدم رضاه عما سمع، وكأنه يلوم نفسه!‏