المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : أعراس الجزائر تحت الرقابة بسبب فضائح اليوتيوب



jameela
08-13-2008, 02:43 PM
تعليمات تمنع استخدام الهواتف النقالة داخل قاعات الأفراح

الجزائر - نسيم لكحل:

فوجئت سهام وهي تهم بدخول قاعة أفراح استجابة لدعوة صديقتها التي تقيم بها حفلة زفافها، بقريبات العروس يطالبنها بترك هاتفها النقال قبل الدخول إلى وسط القاعة. حاولت الرفض، لكنها دهشت لإصرار احداهن في الاستقبال على أن هذا الأمر يستوي فيه الجميع. حاولت الاحتجاج وبدأت في رفع صوتها: هل أنا أدخل إلى قاعة أعراس أم إلى مؤسسة رسمية حساسة، ماذا تتوقعين مني أن أفعل بهذا الهاتف؟

ولأن المناسبة هي مناسبة للفرح انزوت بها إحداهن لتبلغها بان هذا القرار هو قرار والد العروس الذي أمر بمنع النساء من إدخال هواتفهن النقالة.. أخبروها بأن هناك تخوفا من أن تقوم إحداهن بتصوير مقاطع من الحفلة من طرف شبكات تقوم بنشرها على شبكة الانترنت، وخاصة على موقع اليوتيوب الشهير. اقتنعت سهام وارتضت بأن تغلق هاتفها بعد أن دوخها أمر هذه الشبكات التي تنتهك حرمات الكثير من العائلات الجزائرية وخاصة المحافظة.

نشرت الصحف وتداول الناس في الأسابيع الأخيرة أخبارا عن مقاطع فيديو لأعراس جزائرية على شبكة اليوتيوب تُظهر مفاتن نساء متزوجات وفتيات غير متزوجات جرت العادة أنهن يتزين بما استطعن من زينة حينما يكنّ على موعد مع حضور عرس لأحد الأقارب، فيتنافسن في الظهور بأبهى حلة ممكنة وبأفخر اللباس وأغلاها، لكنهن لا يبدين زينتهن إلا داخل قاعة العرس الممنوعة على الرجال وحتى الأطفال، ولو كانوا من أقرب مقربي أهل العريس أو العروس.
وقد أظهرت هذه المقاطع نساء في صور فاتنة وأخرى نساء وفتيات يرقصن على أنغام بعض الأغاني الشبابية، ومقاطع أخرى لفتيات يرقصن بطريقة مثيرة أمام العروسة التي كانت جالسة على كرسيها مستمتعة بـ«إبداعات» فتيات في رقصات كباريهات ونواد ليلية أقرب منها إلى رقصات أفراح عادية.
وقد نزلت هذه الأخبار على كثير من الجزائريين كالصاعقة، فسارعوا إلى أخذ احتياطاتهم خوفا من الوقوع في شراك بعض الفتيات اللواتي لم يمنعهن أي شيء من نقل مشاهد أجواء الفرح بكل ما يحيط بها من رقص وعري إلى الشبكة العنكبوتية حيث ستكون في متناول الملايين، وحسبما ما علمناه فإن أغلب هذه الوقائع تتم بدافع الانتقام والغيرة لا أكثر ولا أقل.

تدابير وقائية
في خضم هذه التطورات سارعت بعض العائلات وكذا أصحاب قاعات الأفراح إلى اتخاذ جملة من التدابير الوقائية، فقد لاحظ الكثيرون مثلا في الآونة الأخيرة أن بطاقات دعوات الحضور إلى الأعراس التي تصلهم يُكتب عليها بالبنط الكبير ملاحظة: «التصوير بالهواتف النقالة أو بأي جهاز آخر ممنوع منعا مطلقا»، كما أن بعض أصحاب قاعات الأفراح في العاصمة مثلا وضعوا تعليمات عند مدخل القاعة تشير إلى منع التصوير باستعمال الهواتف النقالة أو آلات التصوير إلا بإذن من أصحاب الحفلة أو العرس.
توجهنا إلى قاعة أفراح وسط العاصمة، وتأكدنا من وجود هذه التعليمات، التقينا صاحب القاعة وهو شاب في الثلاثينات من عمره، قال لنا إن الكثير من العائلات أبدت له تخوفها من أن تنتهك أعراضها وحرماتها، وقال إن أغلبهن في الأسابيع الأخيرة عندما يأتون لتحديد موعد الحجز والتفاوض حول ذلك يطلبون منا أن نتخذ إجراءات رقابة مشددة ضد مستعملي الهواتف النقالة، وأضاف: «إننا لا نملك إلا أن نضع عند مدخل القاعة تعليمات تنبه الحاضرين بمنع التصوير، أما تطبيق هذه التعليمات فيقع على عاتق أهل العريس أو العروس، لأن المشكلة ليست خارج القاعة بل داخلها حيث تقام الحفلات وتوجد النساء».

خطر كبير ووعي كبير أيضا
(مصطفى.ك) صاحب هذه القاعة كشف لنا أن هناك وعيا كبيرا انتشر بين العائلات الجزائرية وخاصة المحافظة منها في الآونة الأخيرة، من مخاطر استعمال كاميرات الهواتف النقالة داخل قاعات الأعراس والحفلات، خاصة من طرف الفتيات.. وأنه لمس هذا الأمر شخصيا من خلال التدخلات المتكررة من طرف أصحاب العرس عندما يلاحظون أي شخص يستعمل هاتفه النقال حتى خارج القاعة، فما بالك بداخلها.
وحسب المعلومات المتوافرة لدينا فإن العائلات الجزائرية أصبحت تكلف فريقا مكتملا من الفتيات يتوزعن في كل أرجاء قاعة الأفراح مهمتهن فقط مراقبة كل من تحاول أن تخترق الممنوع بتسجيل بعض مقاطع الفيديو، حتى لو كانوا من أقرب المقربين، ولم يعد أهل العريس أو العروس يفرحون مثل السابق عندما يجدون أن هناك عددا كبير من آلات التصوير أو كاميرا الفيديو التي تؤرخ لهذا الحدث العظيم، بل الأمر أصبح مدعاة للقلق خوفا من أن يقوم أحدهم لأي سبب من الأسباب بنشر بعض الصور على شبكة الانترنت، أو السماح لأشخاص غرباء بالاطلاع على الصور أو مشاهدة أشرطة الفيديو دون علم المعنيين به.

أعراضنا أهم من ضيوفنا
التقينا في القاعة نفسها شابا من أهل العريس، قال لنا بالحرف الواحد: «كلّفنا الفتيات بمراقبة الحاضرات داخل القاعة مراقبة شديدة، وطلبنا منهن طرد كل من تحاول أن تلتقط أي صورة أو مقطع فيديو عن طريق هاتفها النقال، بالنسبة لنا الحرمة أولى من أي شيء آخر، ومن تسول له نفسه تدنيس أعراضنا فسوف أقطعه إربا إربا»، وعندما سألناه هل سمع بفضيحة نشر بعض صور الأعراس على شبكة الانترنت، قال إنه علم بذلك عن طريق بعض الأصدقاء، وهذا هو الذي جعل أفراد العائلة يقررون عدم التسامح في هذا الأمر، حتى لو كلفهم الأمر إقامة العرس بدون ضيوف.

دعوة لمقاضاة اليوتيوب
شقيق العريس الذي تعرَّفنا عليه عن طريق صاحب قاعة الأفراح لم يبد حرجا في الحديث إلينا وقال إن نشر مثل هذه المواضيع في الصحافة سيساهم في نشر الوعي لدى العائلات الجزائرية من خطورة الظاهرة وخطورة ما يقوم به أشخاص لا يخافون الله ولا يحكمهم لا ضمير ولا أخلاق، واستغرب سكوت العائلات التي نشرت صورها على الانترنت، خاصة موقع اليوتيوب، مضيفا أنه لو كان مكان هؤلاء لرفع دعوى قضائية ضد هذا الموقع، حتى لو كلفه ذلك أموال الدنيا.

الانتقام.. من السحر إلى اليوتيوب!
اتصلنا بالأستاذة جميلة.ح، وهي أخصائية في علم الاجتماع وأستاذة بجامعة الجزائر، لنسألها عن الدوافع الحقيقية التي تدفع البشر إلى انتهاك أعراض العائلات ونشر صور الأعراس والأفراح على شبكة الانترنت، فأكدت لنا أن هناك عدة دوافع لذلك وان التحقيقات الأمنية هي الوحيدة الكفيلة بتحديد سبب كل حادثة.
وفي حديثها مع «القبس» غلبت الأستاذة جميلة.ح دافع الانتقام على عدة دوافع أخرى، وقالت في السابق عندما يكون للعريس أو للعروس أعداء يتم الانتقام منه عن طريق السحر أو عن طريق إثارة بعض المشاكل العائلية بينه وبين عائلته أو بينه وبين زوجه، أما الآن فالانتقام أصبح له معنى تكنولوجيا كذلك وهو أخطر بكثير من الانتقام التقليدي، وأضافت «الانتقام هنا له أسبابه كذلك منها من هو مرتبط بالحسد وبالغيرة ومنه ما هو مرتبط بسلوكات طائشة لبعض المراهقات، ومرتبط كذلك ببعض المشاكل الموجودة داخل الأسر الجزائرية».
وعن الحل الأمثل لمواجهة هذه الظاهرة الخطيرة ترى محدثتنا أن الرقابة ومنع استخدام الهواتف النقالة وآلات التصوير والكاميرات هو الحل المتاح ولكنه ليس الحل الوحيد، «إذا لم يقتنع الفاعلون بخطورة ما يقومون به وإذا لم تتدخل الدولة للضرب بيد من حديد من خلال سن قوانين مشددة في هذا الجانب، إذا لم يحدث هذا فمن الصعب القضاء على هذه الظاهرة وهي في بداياتها والخوف كل الخوف أن تأخذ هذا الظاهرة أبعادا جديدة يصبح معها من الصعب التحكم فيها أو السيطرة عليها»، هكذا ختمت الأخصائية حديثها معنا وهي توحي لنا بأن الأمر من الصعب التحكم فيه تماما مثلما عجزنا عن منع طقوس السحر في أعراسنا التي تستهدف عادة العريس أو العروسة من أقرب المقربين إليهما.