المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : وفاة شاعر فلسطين محمود درويش في مدينة هيوستن



زوربا
08-10-2008, 06:00 AM
http://www.alseyassah.com/images/8_10_2008121928AM_808546994pic1.jpg

قال قبل العملية الجراحية: لا أريد العيش مع إعاقة في جسدي

"الموت الطائش ضل طريقه" إلى محمود درويش في هيوستن!


كتب - حسن أحمد عبدالله

كيف يعبر صاحب "ضباب كثيف على الجسر" الى فلسطين والقلب المثخن بالغربة خمدت ناره امس في البعيد? حيث يكون الصقيع اكبر من كل الاغتراب, وكأن محمود درويش الذي اخذه وجع القلب الى هيوستن ليسكن الآلم سيعود الى فلسطين هذه المرة في تابوت, ربما سيحمل في يده غيمة ليقول: "اسرجوا الخيل... لا يعرفون لماذا?" أولئك الذين سيسرجون الخيل لملاقاة العائد على صهوة فرس حرون ابت لنحو ثلاثين عاماً من المنافي ان تستكين, كانت تتقد جذوة جمرها في قصائد تعيد الى اللوز الفلسطيني رائحته, هذا الذي كان "لا ينام حتى لا يحلم" عندما سجل بطاقة هويته امام الاحتلال وكان في الخارج يرفض قراءة "هويته" لأنها "سجلت هناك في فلسطين".
عن 67 عاماً نصفها منفى اغمض محمود درويش اهداب قصائده امس, بعد ان تغلب الموت عليه في المنازلة الثالثة بينهما, اذ هو كتب بعد اجراء العملية الجراحية الثانية في القلب في التسعينات من القرن الماضي "هزمتك أيها الموت" الا انه كمن له على قارعة الشريان "الاورطي" تحت مبضع الجراح في هيوستن فغلبه.

ولد محمود درويش في قرية البروة الفلسطينية في العام 1942 وفي العام 1948 لجأ الى لبنان وكان في السابعة من عمره الا انه عاد الى فلسطين بعد عام واحد واستقر فيها حتى العام 1972 حين غادرها الى مصر ومنها سافر الى لبنان.

في المرحلة الثانوية انضم درويش الى الحزب الشيوعي الفلسطيني وكانت ملاحقات الشرطة الاسرائيلية والقصيدة خبزه اليومي في تلك المرحلة فهذا الذي "الآن في المنفى" كتب نصف عمره قصيدة والنصف الاخر كان اوراق اعترافات على ارصفة المنافي, "الآن... في المنفى... نعم في البيت... في الستين من عمر سريع يوقدون الشمع لك... لان موتاً طائشاً ضل الطريق اليك", هذا الموت الطائش الذي كتب عنه محمود درويش منذ اكثر من 15 عاماً ضل الطريق اليه فحرمه من الاحتفال مع اصدقائه بانكسار الكأس.

محمود درويش "قل للحياة كما يليق بشاعر متمرس... سيري ببطء كالاناث الواثقات بسحرهن" حتى تكون "عصافير بلا اجنحة" (العام 1960) وبعدها تنهمر الدواوين "اوراق الزيتون" و"عاشق من فلسطين" وليكتب "اخر الليل", "مطر ناعم في خريف بعيد" وبعدها "يوميات الحزن العادي" و"يوميات جرح فلسطيني", وتتوالى بعدها الدواوين, وكأن درويش كان يؤرخ لليوميات الفلسطينية شعراً, فمن "مديح الظل العالي" التي كتبت بحبر حرائق حصار بيروت في العام 1982 اطل ب¯"لا تعتذر عما فعلت" ليسأل بعدها "لماذا تركت الحصان وحيداً" وربما هو السؤال الذي ستطرحه القصيدة على هذا العاشق المشغول دائماً بالاسئلة الكبرى, لكن الجواب سيضيع في البرية لأن الصراخ على اعتاب محمود درويش ما عاد يفيد اذ هو اوقف القلب عن الخفقان بعد ان اعياه التعب.
نال درويش اكثر من ثماني جوائز في حياته كانت الأولى في العام 1960 "لوتس" ورغم ذلك لم تشغله الجوائز عن القصيدة, فبقي يكتب عن الحنين الى فلسطين حتى بعد ان عاد اليها بعد المنفى.

هذا المنفي الذي عاد الى فلسطين في تسعينات القرن الماضي عبر تصريح لزيارة أمه العجوز, يومذاك قال انه "يحاول ان يكتشف فلسطين مرة اخرى" واثناء وجوده فيها تقدم عدد من اعضاء الكنيست بطلب سماح له بالاقامة الدائمة في فلسطين, ورغم انه عمل في عدد من المؤسسات الفلسطينية اثناء وجوده في لبنان وشغله لمنصب رئيس رابطة الكتاب والصحافيين الفلسطينيين الا انه كان دائم الحنين الى امه الى خبزها "وقهوتها".

"هنالك عرس" ينتظر على حافة "البئر" ليكتب "لوصف زهر اللوز" "عن الصمود" الذي كابده درويش طوال 67 عاماً من الحياة, وكاتب "قصيدة الارض" ستكتب الارض قصيدته حين يعود الى حيث لن يفارق ابداً أرض بلاده.

وقال الطبيب عبدالعزيز الشيباني الذي اجرى العملية الجراحية لدرويش في تصريح ادلى به ليل امس لمحطة تلفزيون "العربية": "ان الشاعر الكبير توفي قبل دقائق" وكانت المحطة اجرت اتصالاً بشيباني للاطلاع على الحال الصحية لدرويش بعد تضارب الانباء عن وفاته يوم امس, واضاف: "قبل العملية الجراحية قال لي محمود درويش لا اريد العيش مع اعاقة جسدية جراء مضاعفات العملية الجراحية", واستطرد قائلاً: "بعد العملية لم يستيقظ درويش من التخدير, وبعد مشاورات مع اسرته في الاراضي الفلسطينية والطاقم الطبي في المستشفى تقرر رفع اجهزة الانعاش عنه, اذ كان قد توفي فعلاً".

زوربا
08-11-2008, 06:55 AM
والدة محمود درويش: قبّل رأسي وحضنني.. وحاولت منعه من السفر

والدة محمود درويش: رجوته ألا يجري تلك العملية.. وحسرتي انه رحل قبلي

الشرق الاوسط اللندنية

تل أبيب - نظير مجلي رام الله

«رجوته ألا يجري تلك العملية. هو أيضا لم يكن يريد هذه العملية. أنا أعرف. أحسست بذلك عندما أخبرني. لم أرتح من تصرفه يومها. فقلت له لا تجرها. رجوته وأمسكت به لمنعه من ترك البيت، لكنه قال انها ضرورية.. وراح.. يا ولدي عليك يا محمود.. راح قبلي.. راح وتركني..». هذه بعض كلمات أم أحمد، والدة الشاعر العربي الكبير محمود درويش، التي كان لها أقوى حضور في شعره وحياته، وبفضله تحولت الى إحدى أشهر الأمهات في العالم. وقالت أم أحمد لـ «الشرق الأوسط» عن لقائها الأخير مع محمود، الذي جرى قبل أسبوعين: «أجا كالعادة بسرعة وراح بسرعة. فات غرفتي وباس (قبّل) يدي ورأسي وحضنني بقوة، وقال انه راح يعمل عملية بيقول الأطباء انها صعبة.. قال انها أصعب من العمليتين اللي قبلها.

حسيت انه ما بدو اياها». وتروي شقيقته سهام، التي كانت قريبة منه بشكل خاص، ان محمود كان في حالة غير عادية في تلك الزيارة. هو كالعادة جاء بسرعة وبسرية، ولكنه لم يتصرف بشكل عادي: «في المعتاد يصافحنا جميعا يقبلنا ويحضننا فردا فردا، وينظر في عيوننا، ولكنه هذه المرة، وبعد أن عانق والدتي.. لم يصمد. هرب من عيوننا». وسادت الوسط الثقافي والشعبي العربي امس، حالة من الحداد والحزن وعدم التصديق. ونعى درويش المثقفون العرب واصدقاؤه وتلاميذه. ونعاه الشاعر المصري عبد الرحمن الابنودي قائلا: «أعطى نفسه للقصيدة في صورة المتصوف أو الناسك، إذ لم نعرف له أي نوع من المتع الحياتية سوى قصيدته، تزوج بها وعاش لها وأنجبها».