2005ليلى
08-04-2008, 10:58 PM
قد يدفعون الثمن غاليا
تحقيـق: ثـائــرة محـمــد
سمعة الأهل مازالت في مقدمة الأولويات التي يسأل عنها المقبلون على الزواج من الطرفين، الرجل والمرأة، وليس صحيحاً كما يدعي البعض أنها باتت من الماضي، وأن الشخص نفسه اليوم هو الأهم وليس أهله، ان هذا الادعاء مردود عليه، لأن الرجل أو المرأة عندما يرتبطان بالزواج، فانهما يرتبطان بأسرة كلا الطرفين كلّها.. فيصبح كل ما يسيء إلى هذه الأسرة يسيء إلى الزوجين معاً. ولهذا فعندما يقبل الرجل على الزواج يسأل أول ما يسأل عن أهل الفتاة التي سيقترن بها قبل حتى الاقدام على الخطبة، ومن ثم تبدأ أسرة الفتاة في المقابل بالسؤال عن هذا الرجل وأسرته قبل الرد على طلبه بالايجاب أو الرفض.
ولهذا فإن سمعة الأهل إما ترفع أسهم الابناء وإما تخسف بها الأرض عند الزواج تحديداً.. فيدفعون ثمن سوء سمعة أهلهم بعزوف الآخرين عن الزواج بهم أو الاقتراب منهم.
وهذا الغبن أساسه الأهل أنفسهم الذين لم يفكروا يوماً في أن حسن السمعة والصيت من الثروات غير الملموسة التي يتوارثها الأبناء عن آبائهم.. وكما يقول المثل «على الأصل دوّر».. «والصيت ولا الغنى»، ولهذا نجد كثيراً من الفتيات يظلمن إذا كان حظهن ضمن أسرة ليست ذات سمعة طيبة، حتى ان حققت الفتاة لنفسها تقدماً علمياً وثقافياً ومادياً في وسط مجتمع أسري مهزوز وسيئ السمعة.. فهي كمن يبني في الهواء بناء لا أساس له، فتدفع ثمن سمعة أهلها السيئة، إما بحرمانها من الزواج أو بزواجها بمن هو أقل منها أو بمن لا يستحقها.. تحقيقنا التالي ينفي أو يؤكد افتراضنا فلنتابع: هل سمعة الأهل من الأولويات التي يسأل عنها عند الزواج؟
اشتكت لي احداهن من زوجها الاقل منها بكثير في المستويين العلمي والاجتماعي ومن كثرة خلافاتها الزوجية معه، وارجعت كل ما يحدث في حياتها من مشاكل الى والدها «السكير» الذي دفع بها الى الزواج من الرجل الاقل منها في المستويين العلمي والثقافي وحتى المادي، فهي جامعية وتعمل مسؤولة في القطاع الصحي، وبراتب ممتاز، وتتمتع بالجمال والتربية ايضا مما يجعل الآخرين يقتربون منها للاقتران بها، ولكنهم كانوا يهربون عندما يسألون عن والدها الذي كان «سكيراً» وغائباً عن الوعي في معظم الاحيان، مما دعاها الى الارتباط بشخص «امي» لا يتجاوز تعليمه المتوسطة.
فقد فشلت هي وامها واخواتها في اصلاح الاب رغم صلاحهن، ولم تجد حلاً للخلاص من هذا الاب الا بالرضا بمن هو اقل منها في المستوى للخروج من مأزقها كونها تعلم انه لن يتقدم لها صاحب المستوى اللائق بها لسوء سمعة والدها التي طغت على كل مميزاتها، فتزوجت هذا الرجل وهي تعلم انها ستدفع ثمناً باهظاً لذنب ليس ذنبها، وما توقعته حدث، او كما يقول المثل «رضينا بالهم والهم لم يرض بنا» حيث اصبح شبح والدها يلاحقها عند كل خلاف زوجي بينهما، ليعايرها زوجها دائما بانه رضي بها على الرغم من سوء اخلاق والدها، هذه القصة وغيرها تحدث كثيراً وتدفع الفتيات والشباب ايضا ثمن سوء سمعة الاهل، ولنتابع الآراء.
سوء سمعة الاهل هل تظلم الفتاة أم الشاب أكثر؟
يجيبنا عن سؤالنا عبدالمجيد عبدالمحسن الذي قال:
ـــ سمعة الاهل ما زالت مهمة جداً ومن الاوليات التي يسأل عنها المقبل على الزواج، والفتاة قد تظلم اكثر بكثير من الشاب، لان الرجل عادة ما يتقصى اكثر عن شريكة حياته لانها ستصبح ام اولاده، وذلك فان المجتمع ينظر الى الرجل على انه «شايل عيبه» وقد يجد من ترضى به، حتى ان كانت سمعة اهله سيئه، لان المواريث الاجتماعية تدين المرأة لاتفه الاسباب وتجد المبررات للرجل.
ولكنه استطرد قائلا:
ـــ سوء سمعة الاهل تسيء للابناء سواء أكانوا ذكوراً ام اناثاً، بعد الزواج حيث يعاير احد الطرفين الطرف الاضعف عند حدوث المشاكل والخلافات الزوجية، وعلى «ابوك عمل وامك سوت».
تربيتها من تربية أهلها
هل صحيح ان التطور في زمننا هذا شمل العادات الخاصة بموضوع تأثير سمعة الاهل على الابناء؟
رشا الشريف تجيب قائلة:
ـــ العادات والتقاليد لم تتغير في هذا الشأن وما زالت سمعة الاهل في مقدمة الاوليات التي يسأل عنها كلا الجنسين قبل الزواج، حيث من المتعارف عليه ان البنت تشبه امها في تربيتها واخلاقها، وان الشاب يشبه والده في طباعه واخلاقه.
زواج والدها بالخادمة
وايدتها ايمان العدل بانه لا يمكن ان تتغير العادات والتقاليد بهذا الشأن، واضافت:
ـــ سمعة الاهل احيانا ترفع من اسهم الفتاة عند الزواج حتى ان كانت محدودة الامكانيات، لاهمية الحسب والنسب عند الزواج، والعكس صحيح ايضا.
واعطت مثالا عن ذلك بان احدى صديقاتها ظلمت على رغم من تمتعها بمميزات عديدة بسبب زواج والدها من الخادمة فقد اساء الى نفسه بهذه الزيجة وعرقل زواج ابنته.
مستواها سيغير النظرة
وجهة نظر الناس عادة تجاه الشخص نفسه مختلفة.. فالى اي مدى يلعب ذلك دورا في التجاوز عن سمعة الاهل عند البعض؟
محمد البنى جاء رأيه مخالفا لمن سبقه، قال:
ـــ المستوى التعليمي للفتاة سيغير من نظرة الناس اليها، خصوصا اذا كانت صاحبة منصب ولها فكر ورأي وتتمتع بشخصية قوية، فان ذلك سيغطي على سمعة اهلها، حيث ان هناك من سيحترمها وينظر اليها نظرة تقدير، ويتوقف ذلك ايضا على الاشخاص الذين ينظرون اليها، وما اذا كانوا محدودي الثقافة والوعي، ومن الذين يقفون عند كل خطأ لتحطيم الآخر، ام كانوا من الناس الاكثر وعيا.
لا تؤثر
وجاء رأي هدى المطيري مؤيدا لرأي البنى:
ـــ سمعة الاهل اليوم ليست مقياسا للزواج، وخصوصا بعد تحرر المرأة وخروجها الى العمل وتحررنا من كثير من العادات والتقاليد البالية والظالمة، فالبعض لا تفرق معه سمعة الاهل ولا يهمه سوى من يرتبط بها.
ولكن حمد الحماد اعتبر ان سمعة الاهل ان ارتبطت بسوء الاخلاق والفساد، فان ذلك سيؤثر سلبيا على زواج البنت، لكن ان ارتبطت بمساوئ اقل مثل سوء التعامل مثلا، فان ذلك قد يتجاوز عنه البعض. وأضاف:
ـــ نحن في الكويت نقول «العرق دساس» والمجتمع هنا يهتم كثيرا بالسمعة.
الخوف على الأبناء
ضحى الشمري تعتبر ان سوء سمعة اهل الفتاة تجعل الشباب يعزفون عن الاقتران بها لماذا؟
ـــ لان الشاب عندما يقترن بالفتاة يهمه ان تكون زوجته اما صالحة لابنائه وهي ان كانت كذلك ولكن حظها ان اهلها سمعتهم سيئة، فان هذا الامر سيؤثر على سمعة ابنائه في المستقبل، لاننا ما زلنا في مجتمع يبحث عن السمعة والصيت لا اسم العائلة واول ما يسأل عنه من يرغب في الزواج في المجتمع الكويتي «ابنة منو هذه.. ومنو عائلتها» ثم يسأل عن اي امر آخر بعد ذلك.
اما مريم الشمري، فأكملت قائلة:
ـــ اننا في المجتمع الكويتي نسأل كثيرا عن اسم العائلة ومركزها ووضعها الاجتماعي، بل نسأل عن الام والاخوة ايضا، فان كان احدهم سيىء السمعة اساء الى الفتاة والى فرحها في الزواج، بل ان السؤال احيانا يمتد الى الخالة والعمة والاقرباء.
وكما يقول المثل «الزين يخص والشين يعم» واشارت الشمري في نهاية حديثها الى اهمية تحمل الاهل مسؤولية المحافظة على سمعتهم حفاظا على سمعة ابنائهم ومستقبلهم.
اقلب الجدر على فمها..
هناك مثل يقول «اقلب الجدر على فمها تطلع البنت لأمها» هل هذا المثل حقيقة؟ وهل نشبه بالفعل آبائنا وامهاتنا ؟
ليلى المطيري رأت ان ذلك به جانب كبير من الصحة:
ـــ لا يمكن ان نزرع قمحا ونحصد بطيخا، فالابناء يتشكلون كالعجين وما نزرعه فيهم من مفاهيم وقيم تشكل شخصياتهم ومعتقداتهم.
فالمسلم يولد مسلما من أب وام مسلمين ومن الصعب اقناعه بديانه اخرى بعد ذلك لانه تشبع بهذه الديانة واكتسب جميع عقائدها، وهذا المسلم لو ولد في بيت يهودي لاصبح كذلك. اذن من الطبيعي ان يشبه الانسان اهله في ديانتهم وعقائدهم واخلاقهم ايضا وسيئ السمعة او صاحب الاخلاق الفاسدة لن يربي ابناء صالحين. لان الانسان ابن بيئته ومن الطبيعي ان يؤثر عليه سمعة واخلاق اهله على الرغم من ان لكل قاعدة شواذ «ياما في السجن مظاليم»
ليس هناك قاعدة عامة
ورأت فاطمة الروضان انه ليس هناك قاعدة عامة تصلح لكافة البشر:
ـــ ليس صحيحا بالمطلق ان نعتبر سوء سمعة اهل الفتاة سببا في رفضها فهناك من يتجاوز ذلك ان كانت الفتاة ذاتها حسنة السمعة والاخلاق ومتعلمة وتتميز بمزايا اخرى تجعل الرجل يتغاضى عن مساوئ اهلها ويقترن بها لارتفاع اسهم مزاياها..
وهناك آخرون لا يرون في كوب الماء سوى نصفه الفارغ ويتعاملون مع هذا الامر بسلبية شديدة فيعزفون عن الارتباط بالفتاة، حتى ان كانت خالتها هي سيئة السمعة وليس اهلها، او كان هناك قريب من بعيد في العائلة سيىء السمعة.
وفي ذلك ظلم كبير واجحاف في حق الفتيات اللواتي ليس لهن ذنب في الامر.
خيار صعب
وتوافقها الرأي ليلى الشطي قائلة:
ــ نعم الابناء يدفعون ثمن سوء سمعة اهلهم وهم امام خيار صعب اما الاستسلام لمصير العزلة لما سببه الاهل من ضياع السمعة واما التعامل مع الواقع المرير وتحمل نظرة المجتمع اليهم.
وبالتالي يضطرون عند الزواج اما القبول بمن هو سيء السمعة او يعيشون من دون زواج لان الافضل لن يرضى بهم.
***
رأي علم الاجتماع . ليس صحيحا أن البنت تشبه أمها والولد يشبه أباه
أكدت الباحثة الاجتماعية هدى رشدي ان سمعة الأهل السيئة تلعب دورا في عزوف البعض عن الزواج بأحد أفراد هذه الأسرة.
واعتبرت رشدي ان الأهل عندما يبحثون لابنهم مثلا عن زوجة فإنهم اول ما يسألون عنه صفاتها وسمعة أهلها وصفاتهم، معتبرة ان من الخطأ الفادح الذي يقع به هؤلاء انهم يظنون أن البنت تشبه أمها والابن يشبه اباه فيتشددون بالسؤال عن الأم والأب لاعتقادهم بأمثال ليست صحيحة مثل «اقلب الجدر على فمها تطلع البنت لأمها» أو «من شابه أباه ما ظلم» وغيرها الكثير.
وهذه الامثال ليست صحيحة فلا البنت اليوم تشبه أمها ولا الولد يشبه أباه ولا الأخ يشبه أخاه لأن لكل منهم «بروفايل» خاصا به، والدليل على ذلك وجود أخوين في البيت نفسه من أبوين صالحين، أحدهما صالح والآخر طالح، بل هناك فجوة كبيرة اليوم بين الآباء والأبناء المختلفين معهم بالرأي دائما..
كذلك فإن ثقافة المجتمع وعاداته مازالت قاصرة وغير واعية، وكلها تعزز مفاهيم اجتماعية متوارثة من دون وعي.
اليوم الفتاة لا تشبه أهلها، فقد تكون اكثر وعيا وفكرا منهم نتيجة تعليمها واحتكاكها بالآخرين من خلال مجتمع الصديقات في المدرسة او مجتمع العمل.. او العكس.
ولهذا ليس من العدل ان نحكم على الفتاة او الشاب من خلال سمعة أهلهما التي ليس لهما ذنب فيها، فقد يكونان من أشد المعارضين لتصرفاتهما وغير راضين عنها، لكنهما لا يملكان تغييرها.. ولهذا يدفع الكثير من الأبناء ثمن سوء سمعة الأهل من خلال نظرة المجتمع الدونية لهما عند محاسبتهما على ذلك.
وأكدت رشدي في الوقت ذاته ان سمعة الأهل أمانة ومسؤولية يتحملها كلا الوالدين وهما محاسبان امام الله عليها، وكما يقول رسولنا الكريم «كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته فالأب راع وهو مسؤول عن رعيته والأم راع في بيتها وهي مسؤولة عن رعيتها إلى آخر الحديث».
فالسمعة مازالت أساسا في التقييم عند الزواج، وذلك عند معظم الأسر بمختلف مستوياتها لأن المجتمع مازال يهتم بالمظاهر اكثر من اهتمامه بالجوهر.
تحقيـق: ثـائــرة محـمــد
سمعة الأهل مازالت في مقدمة الأولويات التي يسأل عنها المقبلون على الزواج من الطرفين، الرجل والمرأة، وليس صحيحاً كما يدعي البعض أنها باتت من الماضي، وأن الشخص نفسه اليوم هو الأهم وليس أهله، ان هذا الادعاء مردود عليه، لأن الرجل أو المرأة عندما يرتبطان بالزواج، فانهما يرتبطان بأسرة كلا الطرفين كلّها.. فيصبح كل ما يسيء إلى هذه الأسرة يسيء إلى الزوجين معاً. ولهذا فعندما يقبل الرجل على الزواج يسأل أول ما يسأل عن أهل الفتاة التي سيقترن بها قبل حتى الاقدام على الخطبة، ومن ثم تبدأ أسرة الفتاة في المقابل بالسؤال عن هذا الرجل وأسرته قبل الرد على طلبه بالايجاب أو الرفض.
ولهذا فإن سمعة الأهل إما ترفع أسهم الابناء وإما تخسف بها الأرض عند الزواج تحديداً.. فيدفعون ثمن سوء سمعة أهلهم بعزوف الآخرين عن الزواج بهم أو الاقتراب منهم.
وهذا الغبن أساسه الأهل أنفسهم الذين لم يفكروا يوماً في أن حسن السمعة والصيت من الثروات غير الملموسة التي يتوارثها الأبناء عن آبائهم.. وكما يقول المثل «على الأصل دوّر».. «والصيت ولا الغنى»، ولهذا نجد كثيراً من الفتيات يظلمن إذا كان حظهن ضمن أسرة ليست ذات سمعة طيبة، حتى ان حققت الفتاة لنفسها تقدماً علمياً وثقافياً ومادياً في وسط مجتمع أسري مهزوز وسيئ السمعة.. فهي كمن يبني في الهواء بناء لا أساس له، فتدفع ثمن سمعة أهلها السيئة، إما بحرمانها من الزواج أو بزواجها بمن هو أقل منها أو بمن لا يستحقها.. تحقيقنا التالي ينفي أو يؤكد افتراضنا فلنتابع: هل سمعة الأهل من الأولويات التي يسأل عنها عند الزواج؟
اشتكت لي احداهن من زوجها الاقل منها بكثير في المستويين العلمي والاجتماعي ومن كثرة خلافاتها الزوجية معه، وارجعت كل ما يحدث في حياتها من مشاكل الى والدها «السكير» الذي دفع بها الى الزواج من الرجل الاقل منها في المستويين العلمي والثقافي وحتى المادي، فهي جامعية وتعمل مسؤولة في القطاع الصحي، وبراتب ممتاز، وتتمتع بالجمال والتربية ايضا مما يجعل الآخرين يقتربون منها للاقتران بها، ولكنهم كانوا يهربون عندما يسألون عن والدها الذي كان «سكيراً» وغائباً عن الوعي في معظم الاحيان، مما دعاها الى الارتباط بشخص «امي» لا يتجاوز تعليمه المتوسطة.
فقد فشلت هي وامها واخواتها في اصلاح الاب رغم صلاحهن، ولم تجد حلاً للخلاص من هذا الاب الا بالرضا بمن هو اقل منها في المستوى للخروج من مأزقها كونها تعلم انه لن يتقدم لها صاحب المستوى اللائق بها لسوء سمعة والدها التي طغت على كل مميزاتها، فتزوجت هذا الرجل وهي تعلم انها ستدفع ثمناً باهظاً لذنب ليس ذنبها، وما توقعته حدث، او كما يقول المثل «رضينا بالهم والهم لم يرض بنا» حيث اصبح شبح والدها يلاحقها عند كل خلاف زوجي بينهما، ليعايرها زوجها دائما بانه رضي بها على الرغم من سوء اخلاق والدها، هذه القصة وغيرها تحدث كثيراً وتدفع الفتيات والشباب ايضا ثمن سوء سمعة الاهل، ولنتابع الآراء.
سوء سمعة الاهل هل تظلم الفتاة أم الشاب أكثر؟
يجيبنا عن سؤالنا عبدالمجيد عبدالمحسن الذي قال:
ـــ سمعة الاهل ما زالت مهمة جداً ومن الاوليات التي يسأل عنها المقبل على الزواج، والفتاة قد تظلم اكثر بكثير من الشاب، لان الرجل عادة ما يتقصى اكثر عن شريكة حياته لانها ستصبح ام اولاده، وذلك فان المجتمع ينظر الى الرجل على انه «شايل عيبه» وقد يجد من ترضى به، حتى ان كانت سمعة اهله سيئه، لان المواريث الاجتماعية تدين المرأة لاتفه الاسباب وتجد المبررات للرجل.
ولكنه استطرد قائلا:
ـــ سوء سمعة الاهل تسيء للابناء سواء أكانوا ذكوراً ام اناثاً، بعد الزواج حيث يعاير احد الطرفين الطرف الاضعف عند حدوث المشاكل والخلافات الزوجية، وعلى «ابوك عمل وامك سوت».
تربيتها من تربية أهلها
هل صحيح ان التطور في زمننا هذا شمل العادات الخاصة بموضوع تأثير سمعة الاهل على الابناء؟
رشا الشريف تجيب قائلة:
ـــ العادات والتقاليد لم تتغير في هذا الشأن وما زالت سمعة الاهل في مقدمة الاوليات التي يسأل عنها كلا الجنسين قبل الزواج، حيث من المتعارف عليه ان البنت تشبه امها في تربيتها واخلاقها، وان الشاب يشبه والده في طباعه واخلاقه.
زواج والدها بالخادمة
وايدتها ايمان العدل بانه لا يمكن ان تتغير العادات والتقاليد بهذا الشأن، واضافت:
ـــ سمعة الاهل احيانا ترفع من اسهم الفتاة عند الزواج حتى ان كانت محدودة الامكانيات، لاهمية الحسب والنسب عند الزواج، والعكس صحيح ايضا.
واعطت مثالا عن ذلك بان احدى صديقاتها ظلمت على رغم من تمتعها بمميزات عديدة بسبب زواج والدها من الخادمة فقد اساء الى نفسه بهذه الزيجة وعرقل زواج ابنته.
مستواها سيغير النظرة
وجهة نظر الناس عادة تجاه الشخص نفسه مختلفة.. فالى اي مدى يلعب ذلك دورا في التجاوز عن سمعة الاهل عند البعض؟
محمد البنى جاء رأيه مخالفا لمن سبقه، قال:
ـــ المستوى التعليمي للفتاة سيغير من نظرة الناس اليها، خصوصا اذا كانت صاحبة منصب ولها فكر ورأي وتتمتع بشخصية قوية، فان ذلك سيغطي على سمعة اهلها، حيث ان هناك من سيحترمها وينظر اليها نظرة تقدير، ويتوقف ذلك ايضا على الاشخاص الذين ينظرون اليها، وما اذا كانوا محدودي الثقافة والوعي، ومن الذين يقفون عند كل خطأ لتحطيم الآخر، ام كانوا من الناس الاكثر وعيا.
لا تؤثر
وجاء رأي هدى المطيري مؤيدا لرأي البنى:
ـــ سمعة الاهل اليوم ليست مقياسا للزواج، وخصوصا بعد تحرر المرأة وخروجها الى العمل وتحررنا من كثير من العادات والتقاليد البالية والظالمة، فالبعض لا تفرق معه سمعة الاهل ولا يهمه سوى من يرتبط بها.
ولكن حمد الحماد اعتبر ان سمعة الاهل ان ارتبطت بسوء الاخلاق والفساد، فان ذلك سيؤثر سلبيا على زواج البنت، لكن ان ارتبطت بمساوئ اقل مثل سوء التعامل مثلا، فان ذلك قد يتجاوز عنه البعض. وأضاف:
ـــ نحن في الكويت نقول «العرق دساس» والمجتمع هنا يهتم كثيرا بالسمعة.
الخوف على الأبناء
ضحى الشمري تعتبر ان سوء سمعة اهل الفتاة تجعل الشباب يعزفون عن الاقتران بها لماذا؟
ـــ لان الشاب عندما يقترن بالفتاة يهمه ان تكون زوجته اما صالحة لابنائه وهي ان كانت كذلك ولكن حظها ان اهلها سمعتهم سيئة، فان هذا الامر سيؤثر على سمعة ابنائه في المستقبل، لاننا ما زلنا في مجتمع يبحث عن السمعة والصيت لا اسم العائلة واول ما يسأل عنه من يرغب في الزواج في المجتمع الكويتي «ابنة منو هذه.. ومنو عائلتها» ثم يسأل عن اي امر آخر بعد ذلك.
اما مريم الشمري، فأكملت قائلة:
ـــ اننا في المجتمع الكويتي نسأل كثيرا عن اسم العائلة ومركزها ووضعها الاجتماعي، بل نسأل عن الام والاخوة ايضا، فان كان احدهم سيىء السمعة اساء الى الفتاة والى فرحها في الزواج، بل ان السؤال احيانا يمتد الى الخالة والعمة والاقرباء.
وكما يقول المثل «الزين يخص والشين يعم» واشارت الشمري في نهاية حديثها الى اهمية تحمل الاهل مسؤولية المحافظة على سمعتهم حفاظا على سمعة ابنائهم ومستقبلهم.
اقلب الجدر على فمها..
هناك مثل يقول «اقلب الجدر على فمها تطلع البنت لأمها» هل هذا المثل حقيقة؟ وهل نشبه بالفعل آبائنا وامهاتنا ؟
ليلى المطيري رأت ان ذلك به جانب كبير من الصحة:
ـــ لا يمكن ان نزرع قمحا ونحصد بطيخا، فالابناء يتشكلون كالعجين وما نزرعه فيهم من مفاهيم وقيم تشكل شخصياتهم ومعتقداتهم.
فالمسلم يولد مسلما من أب وام مسلمين ومن الصعب اقناعه بديانه اخرى بعد ذلك لانه تشبع بهذه الديانة واكتسب جميع عقائدها، وهذا المسلم لو ولد في بيت يهودي لاصبح كذلك. اذن من الطبيعي ان يشبه الانسان اهله في ديانتهم وعقائدهم واخلاقهم ايضا وسيئ السمعة او صاحب الاخلاق الفاسدة لن يربي ابناء صالحين. لان الانسان ابن بيئته ومن الطبيعي ان يؤثر عليه سمعة واخلاق اهله على الرغم من ان لكل قاعدة شواذ «ياما في السجن مظاليم»
ليس هناك قاعدة عامة
ورأت فاطمة الروضان انه ليس هناك قاعدة عامة تصلح لكافة البشر:
ـــ ليس صحيحا بالمطلق ان نعتبر سوء سمعة اهل الفتاة سببا في رفضها فهناك من يتجاوز ذلك ان كانت الفتاة ذاتها حسنة السمعة والاخلاق ومتعلمة وتتميز بمزايا اخرى تجعل الرجل يتغاضى عن مساوئ اهلها ويقترن بها لارتفاع اسهم مزاياها..
وهناك آخرون لا يرون في كوب الماء سوى نصفه الفارغ ويتعاملون مع هذا الامر بسلبية شديدة فيعزفون عن الارتباط بالفتاة، حتى ان كانت خالتها هي سيئة السمعة وليس اهلها، او كان هناك قريب من بعيد في العائلة سيىء السمعة.
وفي ذلك ظلم كبير واجحاف في حق الفتيات اللواتي ليس لهن ذنب في الامر.
خيار صعب
وتوافقها الرأي ليلى الشطي قائلة:
ــ نعم الابناء يدفعون ثمن سوء سمعة اهلهم وهم امام خيار صعب اما الاستسلام لمصير العزلة لما سببه الاهل من ضياع السمعة واما التعامل مع الواقع المرير وتحمل نظرة المجتمع اليهم.
وبالتالي يضطرون عند الزواج اما القبول بمن هو سيء السمعة او يعيشون من دون زواج لان الافضل لن يرضى بهم.
***
رأي علم الاجتماع . ليس صحيحا أن البنت تشبه أمها والولد يشبه أباه
أكدت الباحثة الاجتماعية هدى رشدي ان سمعة الأهل السيئة تلعب دورا في عزوف البعض عن الزواج بأحد أفراد هذه الأسرة.
واعتبرت رشدي ان الأهل عندما يبحثون لابنهم مثلا عن زوجة فإنهم اول ما يسألون عنه صفاتها وسمعة أهلها وصفاتهم، معتبرة ان من الخطأ الفادح الذي يقع به هؤلاء انهم يظنون أن البنت تشبه أمها والابن يشبه اباه فيتشددون بالسؤال عن الأم والأب لاعتقادهم بأمثال ليست صحيحة مثل «اقلب الجدر على فمها تطلع البنت لأمها» أو «من شابه أباه ما ظلم» وغيرها الكثير.
وهذه الامثال ليست صحيحة فلا البنت اليوم تشبه أمها ولا الولد يشبه أباه ولا الأخ يشبه أخاه لأن لكل منهم «بروفايل» خاصا به، والدليل على ذلك وجود أخوين في البيت نفسه من أبوين صالحين، أحدهما صالح والآخر طالح، بل هناك فجوة كبيرة اليوم بين الآباء والأبناء المختلفين معهم بالرأي دائما..
كذلك فإن ثقافة المجتمع وعاداته مازالت قاصرة وغير واعية، وكلها تعزز مفاهيم اجتماعية متوارثة من دون وعي.
اليوم الفتاة لا تشبه أهلها، فقد تكون اكثر وعيا وفكرا منهم نتيجة تعليمها واحتكاكها بالآخرين من خلال مجتمع الصديقات في المدرسة او مجتمع العمل.. او العكس.
ولهذا ليس من العدل ان نحكم على الفتاة او الشاب من خلال سمعة أهلهما التي ليس لهما ذنب فيها، فقد يكونان من أشد المعارضين لتصرفاتهما وغير راضين عنها، لكنهما لا يملكان تغييرها.. ولهذا يدفع الكثير من الأبناء ثمن سوء سمعة الأهل من خلال نظرة المجتمع الدونية لهما عند محاسبتهما على ذلك.
وأكدت رشدي في الوقت ذاته ان سمعة الأهل أمانة ومسؤولية يتحملها كلا الوالدين وهما محاسبان امام الله عليها، وكما يقول رسولنا الكريم «كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته فالأب راع وهو مسؤول عن رعيته والأم راع في بيتها وهي مسؤولة عن رعيتها إلى آخر الحديث».
فالسمعة مازالت أساسا في التقييم عند الزواج، وذلك عند معظم الأسر بمختلف مستوياتها لأن المجتمع مازال يهتم بالمظاهر اكثر من اهتمامه بالجوهر.