المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : أبناء تكريت في ذكرى غزو الكويت.. الذاكرة تتمنى نسيان الذكرى



سلسبيل
07-31-2008, 11:30 PM
نيوزماتيك/ تكريت

http://iraqalaan.com/bm/bm~pix/----206~s200x200.jpg

خلال تاريخ العلاقات العراقية الكويتية لم يحدث شرخ عميق كالذي سببه الغزو العراقي للكويت من قبل النظام السابق في الثاني من آب عام 1990. ولم يحدث أن تعرض الموقف العربي إلى انقسام كالذي أحدثه ذلك التاريخ.

ففي منتصف ليلة 1/2 آب زحفت الدبابات والمدرعات العراقية نحو الحدود الكويتية. وهي في طريق تقدمها إلى الكويت المدينة، واجهت مقاومة ضعيفة من جانب بعض قوات حرس الحدود الكويتية، وقوات الشرطة التي سرعان ما تراجعت تحت حمم نيران المدفعية والدبابات. وفي مواقع أخرى دارت عدة معارك غير متكافئة انتهت بحلول يوم الرابع من آب، فبسطت القوات العراقية سيطرتها الكاملة على الكويت. ولم تنفع وحدات المقاومة الكويتية في مواجهة الجيش العراقي الذي عمد إلى استخدام أسلوب الترهيب والترويع، وسرقة المنازل والمؤسسات وتدميرها بحسب الكثير من التقارير الدولية. وفي التاسع من آب أعلنت حكومة نظام الرئيس السابق صدام حسين إلغاء الكيان السياسي الكويتي عن الخارطة الدولية، عبر عدة إجراءات منها إلغاء جميع السفارات الدولية في الكويت، باعتبارها أرضا عراقية، وإعلان الكويت المحافظة التاسعة عشرة للعراق، وتغيير بعض أسماء الشوارع والمنشآت والمدن.

حرب ثم حصار وعزلة.. وقطيعة طويلة


http://iraqalaan.com/bm/bm~pix/------35~s200x200.jpg

وقد استمر احتلال العراق للكويت نحو سبعة شهور. ففي السادس والعشرين من فبراير من العام 1991 شن نحو ثلاثين دولة بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية هجوما على القوات العراقية التي انهارت وانكسرت فانسحبت إلى داخل الأراضي العراقية. وفي طريق عودتها قامت بإشعال النيران في آبار النفط الكويتية ما تسبب بكارثة اقتصادية وبيئية كبيرة.

في ذلك الهجوم الثلاثيني تم تدمير البنية التحتية للعراق وسحق جيشه وحرسه الجمهوري، وتم فرض عزلة شديدة على العراق، إثر قرار الأمم المتحدة بفرض عقوبات اقتصادية خانقة استمرت ثلاثة عشر عاما أفقرت الشعب، وسببت له الويلات والموت ونجت السلطة من تبعاته وأضراره.

وبعيدا عن العلاقات الدبلوماسية بين الدول وتأثرها بتلك الصدمة ظلت العلاقات بين المجتمعين الكويتي والعراقي يشوبها نوع من الحذر والتردد والخوف. ومع أن قرار الغزو اتخذه النظام السابق منفردا كما هو معروف، إلا أن البرود في العلاقات المجتمعية بين البلدين ظل السمة البارزة، حتى بعد سقوط النظام عام 20003 . ومع أن الذي حدث في الثاني من آب كان مؤلما، إلا أن الشعب العراقي ما يزال يتطلع إلى علاقات طبيعية بين الدولتين والشعبين.

فالمواطن العراقي في محافظة صلاح الدين، ومركزها تكريت، نحو 175 شمال بغداد، شأنه شأن جميع العراقيين الذين ترك الغزو آثارا بليغة على حياتهم وعلاقاتهم، يحلم اليوم بعودة العلاقات بين الشعبين إلى طبيعتها، فثمة أواصر متينة من الود والصداقة بين الشعبين الكويتي والعراقي يريد المواطن أن ينتشلها من بين أصداء القنابل والرصاص والفرقة والاحتراب، على جانبي الحدود المشتركة، خاصة بعد أن أعلنت دولة الكويت تسمية علي المؤمن سفيرا جديدا لها في العراق.

ضابط في الجيش السابق: لم اصدق قرار الغزو

الضابط في الجيش العراقي السابق، جمال علي، من سكنة مدينة سامراء، يقول في حديث لـ"نيوزماتيك" "كنت ضابطا في الجيش العراقي عام 1990 عندما صدرت لنا الأوامر بالتحرك نحو الكويت، ولم اصدق أن تلك الأوامر حقيقية. لكننا ضباط لا نستطيع مخالفة الأوامر، هكذا تعلمنا منذ أن دخلنا إلى الكلية العسكرية. الحق لم نكن راضين عما حصل، وعلى الأقل في قلوبنا. أنا وزملائي تعاملنا مع الكويتيين بكل ما نتسم به من أخلاق، ربما أساء غيرنا التصرف لكننا لم نفعل ذلك".

ويضيف جمال علي "اليوم علينا أن نمحو ثمانية عشر عاما من الخصام والبغضاء مرة والى الأبد، وأن نتطلع إلى المستقبل وعدم تحميل الشعب العراقي وزر أفعال لم يكن له يد فيها أو قرار. لنبدأ من جديد على أساس حسن النية وتوطيد العلاقات مع أهلنا في الكويت".

وبشأن خسائر الجيش العراقي في المعارك قال الضابط جمال علي إن "من الطبيعي، وبعد أمر الانسحاب من الكويت، أن تحدث فوضى عقب انكسار الجيش العراقي وقطعه مئات الكيلومترات في الصحراء، وأن يحدث جو من التذمر والانفلات بين القادة العسكريين والجنود. وبسبب القصف الجوي من قوات التحالف، خسر الجيش العراقي المئات من الجنود في حينه، إلا إن محافظة صلاح الدين لم تكن خسائرها بالشكل الكبير، لأن أكثر جنودها بقوا لحماية المدن داخل العراق".

http://iraqalaan.com/bm/bm~pix/---285~s200x200.jpg

المواطن فتاح لطيف، 35 سنة، موظف من سكان تكريت، تحدث لـ"نيوزماتيك" قائلا إن "من مصلحة العراق والكويت تجاوز الماضي وعبور الصعاب والتسامي فوق الجراح، صحيح أن ترميم العلاقات وإعادتها إلى ما كانت عليه قبل عام 1990 لا يمكن أن يتم بين ليلة وضحاها، خاصة في ظل الظروف الصعبة التي يمر بها العراق حالياً، لكن قضية إعادة الثقة بين الشعبين والدولتين هي المعيار الأهم".

ويضيف فتاح لطيف "أدعو إخوتنا في الكويت إلى طي صفحة الماضي، ونسيان ما جرى من ملابسات، وفتح صفحة جديدة من الود والوئام وحسن الجوار والعلاقات الطيبة بين الشعبين، وضرورة إعادة الثقة والتسامح من اجل علاقة أخوة، تجمع بينهم العروبة والقرابة والنسب".

في طريق عودتي من الحج زرت الكويت

http://iraqalaan.com/bm/bm~pix/--435~s200x200.jpg

الحاجة مريم، 75 سنة من سكنة بيجي تقول لـ"نيوزماتيك"، "عندما ذهبت لأداء فريضة الحج عام 1987 مررت مع زوجي بالكويت، فزرنا أقاربنا هناك وتعرفنا على عائلات كويتية. دعونا إلى منازلهم وكانوا طيبين جدا. لن أنساهم أبدا".

وتضيف الحاجة مريم معربة عن أملها "ليت المياه تعود إلى مجاريها، وازور الكويت والتقي أولئك الناس الطيبين الذين تعرفت عليهم في طريق عودتي من الحج".

http://iraqalaan.com/bm/bm~pix/----207~s200x200.jpg

إبراهيم الفرحان، 60 سنة شاعر وفنان من تكريت يقول "لي في الكويت أصدقاء وأخوان من عائلة آل سعيد، أكن لهم كل الاحترام. اتصل بهم دائما ويتصلون بي، لكني ارغب بزيارتهم، وربما يرغبون هم بزيارتي إذا ما تحسنت العلاقات".

أما المواطن خلف علي الزريج، 64 سنة من سكنة ناحية العلم، فيقول لـ"نيوزماتيك"، إن "بعض أبناء عمومتي من سكنة الكويت، ونحن مشتاقون لهم، يتصلون بنا أحيانا، لكن الشوق أتعبنا والحنين يهزنا لرؤيتهم".

لعل الاقتصاد يمسح آثار السياسة


http://iraqalaan.com/bm/bm~pix/-----160~s200x200.jpg

وحول المساعي التي قامت بها محافظة صلاح الدين لرأب الصدع بين الدولتين الجارتين قال عبدالله الجباره نائب محافظ صلاح الدين "زرت عددا من الدول الخليجية قبل ثلاثة أشهر، وتم التباحث مع شركات خليجية بخصوص الاستثمار في محافظة صلاح الدين، ولكنني لم التق ممثلا عن شركة كويتية، غير أننا نرحب بالشركات الكويتية للاستثمار في المحافظة".

وأضاف "نتطلع إلى إخواننا في الكويت على أساس المحبة والقرابة والتواصل، وعليهم أن لا يزجوا الشعب بما حدث لهم عام 1990، فما حدث كان سياسة خاطئة مارستها الحكومة العراقية السابقة. وإذا تقدمت الشركات الكويتية للاستثمار في محافظة صلاح الدين، فسوف نقدم لها كل التسهيلات التي تحتاجها".


http://iraqalaan.com/bm/bm~pix/----205~s200x200.jpg

من جهته قال مدير هيئة الاستثمار في صلاح الدين جوهر الجبوري إن "هناك شركات استثمارية كويتية في جنوب العراق، وهذا أمر مفرح لنا لكسر الحاجز النفسي بين شعبينا، ونتمنى قدوم المستثمرين إلى تكريت، وسنوفر لهم المناخ والمكان الملائم وسنرحب بهم ونستقبلهم كمسؤولين ومواطنين".

وأضاف الجبوري إن "رئيس الهيئة الوطنية للاستثمار العراقية الدكتور أحمد رضا ابلغنا في احد الاجتماعات، أن دول الخليج العربية مهتمة بشكل خاص بالاستثمار في العراق، وأن شركة العقيلة الكويتية للاستثمار تقدمت بمشروع في محافظة النجف يشمل إقامة 200 ألف وحدة سكنية جديدة ومدارس ومنشآت طبية وجزيرة صناعية في بحيرة النجف، وهذا شيء مفرح حقا".