حوراء فريد
07-27-2008, 12:54 PM
رسالة لأمير المؤمنين (ع) إلى أبي بكر لما بلغه عنه كلام بعد منع الزهراء (ع) فدك.
شقوا متلاطمات أمواج الفتن بحيازيم سفن النجاة، وحطوا تيجان أهل الفخر بجميع أهل الغدر، واستضاؤا بنور الأنوار، واقتسموا مواريث الطاهرات الأبرار، واحتقبوا (1) ثقل الأوزار، بغصبهم نحلة النبي المختار، فكأني بكم تترددون في العمى، كما يتردد البعير في الطاحونة أما والله لو أذن لي بما ليس لكم به علم لحصدت رؤسكم عن أجسادكم كحب الحصيد، بقواضب من حديد، ولقلعت من جماجم شجعانكم ما اقرح به اماقكم، وأوحش به محالكم، فإني - مذ عرفت - مردي العساكر، ومفني الجحافل، ومبيد خضرائكم، ومخمل ضوضائكم، وجرار الدوارين إذ أنتم في بيوتكم معتكفون، وإني لصاحبكم بالأمس، لعمر أبي وأمي لن تحبوا أن يكون فينا الخلافة والنبوة، وأنتم تذكرون أحقاد بدر، وثارات أحد، أما والله لو قلت ما سبق الله فيكم، لتداخلت أضلاعكم في أجوافكم،
____________
(1) احتقبوا: حملوا على ظهورهم.
--------------------------------------------------------------------------------
الصفحة 128
--------------------------------------------------------------------------------
كتداخل أسنان دوارة الرحى، فإن نطقت يقولون حسدا، وإن سكت فيقال ابن أبي طالب جزع من الموت، هيهات هيهات! الساعة يقال لي هذا؟! وأنا المميت المائت، وخواض المنايا في جوف ليل حالك، حامل السيفين الثقيلين، والرمحين الطويلين، ومنكس الرايات في غطامط الغمرات (1)، ومفرج الكربات عن وجه خير البريات، ايهنوا فوالله لابن أبي طالب آنس بالموت من الطفل إلى محالب أمه هبلتكم الهوابل (2) لو بحت بما أنزل الله سبحانه في كتابه فيكم، لاضطربتم اضطراب الأرشية في الطوى البعيدة (3) ولخرجتم من بيوتكم هاربين، وعلى وجوهكم هائمين، ولكني أهون وجدي حتى ألقى ربي، بيد جذاء صفراء من لذاتكم، خلو من طحناتكم، فما مثل دنياكم عندي إلا كمثل غيم علا فاستعلا ثم استغلظ فاستوى، ثم تمزق فانجلا، رويدا فعن قليل ينجلي لكم القسطل (4) وتجنون ثمر فعلكم مرا، وتحصدون غرس أيديكم ذعافا ممقرا (5) وسما قاتلا وكفى بالله حكيما، وبرسول الله خصيما، وبالقيامة موقفا، فلا ابعد الله فيها سواكم، ولا اتعس فيها غيركم، والسلام على من اتبع الهدى.
فلما أن قرأ أبو بكر الكتاب رعب من ذلك رعبا شديدا، وقال: يا سبحان الله ما أجرأه علي وأنكله عن غيري.
معاشر المهاجرين والأنصار تعلمون أني شاورتكم في ضياع فدك بعد رسول الله صلى الله عليه وآله، فقلتم: إن الأنبياء لا يورثون، وإن هذه أموال يجب أن تضاف إلى
____________
(1) غطامط: عظيم الأمواج والغمرات جمع غمرة وهي: الشدة وغمرة الشئ شدته ومزدحمه
(2) هبلت فلانا أمه: ثكلته فهي هابل.
(3) الأرشية جمع رشاء: وهو حبل الدلو. والطوى السقاء الذي يجعلون فيها الماء.
(4) القسطل: الغبار الساطع في الحرب.
(5) الذعاف: السم الذي يقتل من ساعته - والممقر: المر.
شقوا متلاطمات أمواج الفتن بحيازيم سفن النجاة، وحطوا تيجان أهل الفخر بجميع أهل الغدر، واستضاؤا بنور الأنوار، واقتسموا مواريث الطاهرات الأبرار، واحتقبوا (1) ثقل الأوزار، بغصبهم نحلة النبي المختار، فكأني بكم تترددون في العمى، كما يتردد البعير في الطاحونة أما والله لو أذن لي بما ليس لكم به علم لحصدت رؤسكم عن أجسادكم كحب الحصيد، بقواضب من حديد، ولقلعت من جماجم شجعانكم ما اقرح به اماقكم، وأوحش به محالكم، فإني - مذ عرفت - مردي العساكر، ومفني الجحافل، ومبيد خضرائكم، ومخمل ضوضائكم، وجرار الدوارين إذ أنتم في بيوتكم معتكفون، وإني لصاحبكم بالأمس، لعمر أبي وأمي لن تحبوا أن يكون فينا الخلافة والنبوة، وأنتم تذكرون أحقاد بدر، وثارات أحد، أما والله لو قلت ما سبق الله فيكم، لتداخلت أضلاعكم في أجوافكم،
____________
(1) احتقبوا: حملوا على ظهورهم.
--------------------------------------------------------------------------------
الصفحة 128
--------------------------------------------------------------------------------
كتداخل أسنان دوارة الرحى، فإن نطقت يقولون حسدا، وإن سكت فيقال ابن أبي طالب جزع من الموت، هيهات هيهات! الساعة يقال لي هذا؟! وأنا المميت المائت، وخواض المنايا في جوف ليل حالك، حامل السيفين الثقيلين، والرمحين الطويلين، ومنكس الرايات في غطامط الغمرات (1)، ومفرج الكربات عن وجه خير البريات، ايهنوا فوالله لابن أبي طالب آنس بالموت من الطفل إلى محالب أمه هبلتكم الهوابل (2) لو بحت بما أنزل الله سبحانه في كتابه فيكم، لاضطربتم اضطراب الأرشية في الطوى البعيدة (3) ولخرجتم من بيوتكم هاربين، وعلى وجوهكم هائمين، ولكني أهون وجدي حتى ألقى ربي، بيد جذاء صفراء من لذاتكم، خلو من طحناتكم، فما مثل دنياكم عندي إلا كمثل غيم علا فاستعلا ثم استغلظ فاستوى، ثم تمزق فانجلا، رويدا فعن قليل ينجلي لكم القسطل (4) وتجنون ثمر فعلكم مرا، وتحصدون غرس أيديكم ذعافا ممقرا (5) وسما قاتلا وكفى بالله حكيما، وبرسول الله خصيما، وبالقيامة موقفا، فلا ابعد الله فيها سواكم، ولا اتعس فيها غيركم، والسلام على من اتبع الهدى.
فلما أن قرأ أبو بكر الكتاب رعب من ذلك رعبا شديدا، وقال: يا سبحان الله ما أجرأه علي وأنكله عن غيري.
معاشر المهاجرين والأنصار تعلمون أني شاورتكم في ضياع فدك بعد رسول الله صلى الله عليه وآله، فقلتم: إن الأنبياء لا يورثون، وإن هذه أموال يجب أن تضاف إلى
____________
(1) غطامط: عظيم الأمواج والغمرات جمع غمرة وهي: الشدة وغمرة الشئ شدته ومزدحمه
(2) هبلت فلانا أمه: ثكلته فهي هابل.
(3) الأرشية جمع رشاء: وهو حبل الدلو. والطوى السقاء الذي يجعلون فيها الماء.
(4) القسطل: الغبار الساطع في الحرب.
(5) الذعاف: السم الذي يقتل من ساعته - والممقر: المر.