تعدو الذئاب على من لا كلاب له..

[زوربا]

كتب:عبدالله خلف - الوطن


حكاية جاءت في كتاب الاغاني: وهي ان ابا الاسود الدؤلي واسمه ظالم بن عمرو، حج في سنة ومعه امرأته وكانت جميلة حسنة تسفر عن وجهها ويفتتن بها من يراها..
فبينما كانت تطوف بالبيت الحرام اذ عرض لها عمر بن أبي ربيعة شاعر قريش الكبير في العهد الاموي وحاول اجتذابها بكلام معسول.. فصدت عنه، فأتت زوجها أبا الاسود الدؤلي فأخبرته..
فأتاه ابو الاسود فعاتبه فقال عمر بن ابي ربيعة: ما فعلت شيئا ولم اكلمها.. وقد اكون عنيتُ غيرها في زحمة الناس.

فلما عادت الى المسجد الحرام عاد عمر فكلمها.. فأخبرت زوجها أبا الاسود، فأتاه في المسجد الحرام وهو جالس مع صحبه فقال له ابو الاسود:
واني ليثنيني عن الجهل والخنا
وعن شتم أقوام خلائق أربع
حياءي واسلام وبُقيا وأنني
كريم ومثلي قد يضرّ وينفع
فشتان ما بيني وبينك، إنني
على كل حالي استقيم وتظْلع
فقال عمر بن أبي ربيعة: لست اعود يا عم لكلامها..
ثم عاد فكلمها فأتت ابا الاسود فاخبرته فجاء اليه وقال له:
أنت الفتى وابن الفتى وأخو الفتى
وسيدنا لولا خلائق أربع
نكول عن الجُلَّى وقرب من الخنا
وبخلي عن الجدوى وانك تُبَّعُ

ثم خرجت الى البيت الحرام وخرج معها زوجها ابو الاسود مشتملا على سيفه، فلما رآهما عمر بن أبي ربيعة انصرف ولم يكلمها فتمثل أبو الأسود بقول الشاعر النابغة:
تعدو الذئاب على من لا كلاب له
وتتقي صولة المستأسد الحامي

***
هذه الحكاية جاءت في كتاب الاغاني ويبدو ان امرأة أبي الاسود كانت راغبة ان يقول فيها شعراً وهذا ما كانت تطمح اليه نساء بعض الخلفاء الامويين والنساء البارزات.. والا ما يدعوها ان تسير حيث يجلس عمر بن أبي ربيعة ثم لماذا لا تمضي بسيرها كما هن بقية النساء؟!.. لقد كانت نفسها تتوق الى ان يقول فيها عمر شعرا وتكون حديث الناس مع الشاعر.

***
جاءت امرأة أبي الاسود مجلس معاوية بن ابي سفيان تشكو زوجها وتطلب الطلاق منه، وقالت لمعاوية لقد الجأني اليك امري ضاق عليَّ فيه المنهج، وتفاقم عليَّ منه المخرج، ولأمر كرهت عاره، لما خشيت اظهاره، الامر الجلل الذي يشتد على الحرائر ذات البعول الاجائر.. أي تشكو عدم فحولته.. وبعد ان تحدث الدؤلي قال لمعاوية: انك مهيجها عليَّ بجواب عتيد ولسان شديد، انها كثيرة الصخب دائمة الذرب (حادة اللسان) مهينة للاهل، مؤذية للبعل، مسيئة للجار، مظهرة للعار، ان رأت خيرا كتمته وان رأت شرا اذاعته..

وهمَّ بانتزاع ابنه الصغير من فوق صدرها، فمنعه معاوية حتى يحكم القضاء..
وقال أبو الاسود إني احق بحمله منها..
قال معاوية دعها تقل.

قالت: حَملَه خفّاً وحملته ثقلا، ان بطني له وعاء وثديي له سقاء وحجري له فناء.
فقال معاوية لقد غلبتك في الكلام.. وقال ابو الاسود مدافعا عن نفسه شعرا:
أغلقتْ بابها عليَّ وقالت
إن خير النساء ذات البعول
شغلت نفسها عليَّ فراغا
هل سمعتم بالفارغ المشغول
فقالت:

ليس من قال بالصواب
وبالحق كمن جار على منار السبيل
لستُ أبغي بواحدي يا بن حرب
بدلاً ما علمته والخليل
فقضى لها معاوية واحتملت ابنها وانصرفت.. هذا هو أبو الاسود الدؤلي مع امرأته التي لاحقها عمر بن أبي ربيعة، وهي التي شكت زوجها عند الخليفة معاوية بن ابي سفيان.

تاريخ النشر: الجمعة 25/7/2008