رضا 313
07-24-2008, 02:38 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على محمد و آل محمد الأئمة والمهديين وسلم تسليماً.
اود في هذه الكلمات القصيرة ان اقف مع العلامة المجلسي (ره)، ولكن قبل ذلك اذكر ما رواه الشيخ الطوسي (ره) ونقله عنه غير واحد من العلماء لكي يكون مدار البحث عليه.
قال الشيخ الطوسي في غيبته : أخبرنا جماعة ، عن أبي عبد الله الحسين بن علي بن سفيان البزوفري ، عن علي بن سنان الموصلي العدل ، عن علي بن الحسين ، عن أحمد بن محمد بن الخليل ، عن جعفر بن أحمد المصري ، عن عمه الحسن بن علي ، عن أبيه ، عن أبي عبد الله جعفر بن محمد ، عن أبيه الباقر ، عن أبيه ذي الثفنات سيد العابدين ، عن أبيه الحسين الزكي الشهيد ، عن أبيه أمير المؤمنين عليه السلام قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم - في الليلة التي كانت فيها وفاته - لعلي عليه السلام : يا أبا الحسن أحضر صحيفة ودواة . فأملا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وصيته حتى انتهى إلى هذا الموضع فقال : يا علي إنه سيكون بعدي اثنا عشر إماما ومن بعدهم إثنا عشر مهديا ، فأنت يا علي أول الاثني عشر إماما سماك الله تعالى في سمائه : عليا المرتضى ، وأمير المؤمنين ، والصديق الأكبر ، والفاروق الأعظم ، والمأمون ، والمهدي ، فلا تصح هذه الأسماء لاحد غيرك . يا علي أنت وصيي على أهل بيتي حيهم وميتهم ، وعلى نسائي : فمن ثبتها لقيتني غدا ، ومن طلقتها فأنا برئ منها ، لم ترني ولم أرها في عرصة القيامة ، وأنت خليفتي على أمتي من بعدي . فإذا حضرتك الوفاة فسلمها إلى ابني الحسن البر الوصول ، فإذا حضرته الوفاة فليسلمها إلى ابني الحسين الشهيد الزكي المقتول ، فإذا حضرته الوفاة فليسلمها إلى ابنه سيد العابدين ذي الثفنات علي ، فإذا حضرته الوفاة فليسلمها إلى ابنه محمد الباقر ، فإذا حضرته الوفاة فليسلمها إلى ابنه جعفر الصادق ، فإذا حضرته الوفاة فليسلمها إلى ابنه موسى الكاظم ، فإذا حضرته الوفاة فليسلمها إلى ابنه علي الرضا ، فإذا حضرته الوفاة فليسلمها إلى ابنه محمد الثقة التقي ، فإذا حضرته الوفاة فليسلمها إلى ابنه علي الناصح ، فإذا حضرته الوفاة فليسلمها إلى ابنه الحسن الفاضل ، فإذا حضرته الوفاة فليسلمها إلى ابنه محمد المستحفظ من آل محمد عليهم السلام . فذلك اثنا عشر إماما ، ثم يكون من بعده اثنا عشر مهديا ، ( فإذا حضرته الوفاة ) فليسلمها إلى ابنه أول المقربين له ثلاثة أسامي : اسم كإسمي واسم أبي وهو عبد الله وأحمد ، والاسم الثالث : المهدي ، هو أول المؤمنين . (الغيبة للشيخ الطوسي : 150، بحارالأنوار للعلامة المجلسي : 53 / 147 ، مختصر بصائر الدرجات للحسن بن سليمان الحلي : 39 ).
وهذه الوصية الشريفة ذكرت عدّة امور نشير الى بعضها :
الامر الاول: ذكرت ان بعد القائم اثنا عشر مهدياً، وهؤلاء يأتون بعده (ع) ، فعن أبي بصير قال : قلت للصادق جعفر بن محمد عليهما السلام يا ابن رسول الله إني سمعت من أبيك عليه السلام أنه قال : يكون بعد القائم اثنا عشر اماماً فقال : إنما قال : اثنا عشر مهديا ، ولم يقل : إثنا عشر إماما ، ولكنهم قوم من شيعتنا يدعون الناس إلى موالاتنا ومعرفة حقنا .( كمال الدين وتمام النعمة للشيخ الصدوق : 358).
وعن علي بن الحسين عليه السلام ، أنه قال : يقوم القائم منا ( يعني المهدي ) ثم يكون بعده اثنا عشر مهديا ( يعني من الأئمة من ذريته ) .( شرح الأخبار للقاضي النعمان المغربي : 3 / 40).
اقول: ان ما بين القوسين، اعني : ( يعني من الأئمة من ذريته ) من نفس الكتاب ،وليس شرحاً مني.
وعن الامام الصادق ( عليه السلام ) : إن منا بعد القائم ( عليه السلام ) إثنا عشر مهديا من ولد الحسين ( عليه السلام ). (مختصر بصائرالدرجات للحسن بن سليمان الحلي : 182).
وعن أبي جعفر وأبي عبد الله عليهما السلام قالا في ذكر الكوفة : وفيها مسجد سهيل الذي لم يبعث الله نبيا إلا وقد صلى فيه ، ومنها يظهر عدل الله ، وفيها يكون قائمه والقوام من بعده ، وهي منازل النبيين والأوصياء والصالحين .( كامل الزيارات: 76، تهذيب الأحكام : 6 / 31، روضة الواعظين للفتال النيسابوري : 410، وسائل الشيعة (آل البيت) : 5 / 255 و 14 / 361).
الامر الثاني:إن أول القوام يكون ابن الامام المهدي(ع) ،لذا قالت الوصية(فليسلمها إلى ابنه أول المقربين... هو أول المؤمنين). وهذا المعنى لم تتفرد به الوصية ايضاً،بل أورده المصنفين في كتبهم ، فكثير من الروايات والادعية تثبت للامام المهدي (ع) الذرية ،فقد نقل السيد ابن طاووس (ره) الصلاة المروية عن امامنا المهدي (ع)والتي ينقلها عنه الشيخ القمي رحمه الله في مفاتيحه في اعمال يوم الجمعة، قال :قال السيد هذه الصلاة مروية عن مولانا المهدي صلوات الله عليه ،وان تركت تعقيب العصر يوم الجمعة لعذر من الأعذار فلا تترك هذه الصلاة ابداً لأمر اطلعنا الله جل جلاله عليه...) قد ورد فيها هذا المقطع(اللهم اعطه في نفسه وذريته وشيعته.....) وهذا المقطع ايضاً (وصل على وليك وولاة عهدك ،والأئمة من ولده ..).قال صاحب مكيال المكارم (ج2/68) بعد ان ذكر كلام السيد ابن طاووس(ره): ويستفاد من قوله رضي الله عنه (فلا تترك هذه الصلاة ابداً لأمر اطلعنا الله جل جلاله عليه) صدور امر اليه من مولانا صاحب الزمان عجل الله تعالى فرجه في ذلك ، فهو دليل لصحة الرواية...).
ولهذا ذكر السيد محمد صادق الصدر في كتابه تاريخ ما بعد الظهور (حكم الأولياء الصالحين)، ثم اورد الروايات الدالة على ذلك وناقش العلامة المجلسي ،كما سنشير لا حقاً.
وهذا المعنى جاء في كثير من الروايات، فقد جاء عن أبي عبد الله ( عليه السلام ) في حديث طويل قال : يا أبا حمزة إن منا بعد القائم ( عليه السلام ) اثنا عشر مهديا من ولد الحسين ( عليه السلام ) .( مختصر بصائر الدرجات للحسن بن سليمان الحلي : 49، الإيقاظ من الهجعة بالبرهان على الرجعة للحر العاملي : 362 ، منتخب الأنوار المضيئة للسيد بهاء الدين النجفي : 354،
الامرالثالث: ان الرسول أعطى لوصيه الأول ،وهو علي بن ابي طالب (ع) أسمائاً وألقاباً تخصه وتميزه عن غيره وتختص به فقط ،فقال النبي (ص)( فأنت يا علي أول الاثني عشر إماما سماك الله تعالى في سمائه : عليا المرتضى ، وأمير المؤمنين ، والصديق الأكبر ، والفاروق الأعظم ، والمأمون ، والمهدي ، فلا تصح هذه الأسماء لاحد غيرك . يا علي أنت وصيي على أهل بيتي حيهم وميتهم ، وعلى نسائي : فمن ثبتها لقيتني غدا ، ومن طلقتها فأنا برئ منها ، لم ترني ولم أرها في عرصة القيامة ، وأنت خليفتي على أمتي من بعدي).
كل ذلك حرصاً منه (ص) على أمته لكي لاتقع في الضلال ،لانه يعلم انهم سيمتحنون في وصيه،فلكي يرفع الاشتباه عنهم فبين لهم وصيه ببيان كاف وشاف،ولنفس السبب ذكر الرسول (ص) أسمائاً وأوصافاً تختص به، فقال(أول المقربين له ثلاثة أسامي : اسم كإسمي واسم أبي وهو عبد الله وأحمد ، والاسم الثالث : المهدي ، هو أول المؤمنين).
فوصي الامام المهدي(ع) له أسماء ثلاثة ( أحمد ، عبد الله ، المهدي).
وهذا المعنى اورده الشيخ الطوسي ايضاً في غيبته ، فروى عن حذيفة بن اليمان ،قال (سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول- وذكر المهدي - إنه يبايع بين الركن والمقام، اسمه أحمد وعبدالله والمهدي،فهذه أسماؤه ثلاثتها).(454).
فلأن الوصي الاول للامام المهدي(ع) ستمتحن به الناس فأعطاه الرسول اسمائاً تميزه عن غيره،لكي يرفع الاشتباه حرصاً منه على امته .
فعلي بن ابي طالب (ع) فيصل بين النبوة والإمامة، وأحمد (ع) فيصل بين الأئمة والمهديين. فتمتحن الأمة بهما فلذلك اعطاهم الرسول مالم يعطي غيرهم من الأئمة عليهم الآف التحية والسلام.
الامر الرابع: ان الرسول (ص) قال: أول المقربين...هو أول المؤمنين).
فما المراد بكونه اول المؤمنين؟
إن كان المراد : هو الإيمان الاعتقادي ،بمعنى انه اول من يعتقد بامامة الامام المهدي(ع)،فهذا واضح البطلان،لان هناك من سبقه بالايمان به ، اذ الرسول وآل بيته(ع) من السابقين لذلك ،فهم كلهم مؤمنين بالامام المهدي (ع) وهم الذين وصفوه وتكلموا عنه بما يرفع اللبس عند أي منصف ،وهذا واضح لمن له ادنى اطلاع بأحاديث اهل البيت(ع).وكذا العلماء السابقين كالشيخ المفيد والطوسي وغيرهم ،بل كل الشيعة مؤمنون به اعتقاداً ويعلمون انه سيظهر الامام المهدي (ع) . اذن فهذا واضح البطلان ، فيتعين ان يكون المراد هو الإيمان العملي ،بمعنى انه اول العاملين بين يديه في حركته الالهية ،ومن الممهدين له في حركته.
وبعد هذا العرض اليسير نقف مع العلامة المجلسي (ره)، حيث انه بعد ان ذكر الوصية وبعض الاخبار المتقدمة قال:
بيان : هذه الأخبار مخالفة للمشهور ، وطريق التأويل أحد وجهين :
الأول: أن يكون المراد بالاثني عشر مهديا النبي صلى الله عليه وآله وسائر الأئمة سوى القائم عليه السلام بأن يكون ملكهم بعد القائم عليه السلام وقد سبق أن الحسن بن سليمان أولها بجميع الأئمة وقال برجعة القائم عليه السلام بعد موته وبه أيضا يمكن الجمع بين بعض الأخبار المختلفة التي وردت في مدة ملكه عليه السلام .
والثاني: أن يكون هؤلاء المهديون من أوصياء القائم هادين للخلق في زمن سائر الأئمة الذين رجعوا لئلا يخلو الزمان من حجة ، وإن كان أوصياء الأنبياء والأئمة أيضا حججا والله تعالى يعلم .(بحارالأنوار: 53 / 148 ).
ولقد أشار الى هذا المعنى الذي ذكره العلامة المجلسي السيد محمد صادق الصدر في كتابه تاريخ ما بعد الظهور، قال: وقد حاول المجلسي في البحار ان يرفع التنافي بين هذه الاخبار من حيث كونها دالة على ايكال الرئاسة العليا بعد المهدي (ع) إلى غير الأئمة المعصومين (ع)، وبين القول بالرجعة الذي يقول :بإيكال الرئاسة الى الأئمة المعصومين انفسهم ...الى اخره.(لاحظ:ص 413).
ثم ناقش المجلسي بقوله:
ونود ان نعلق اولاً على كلام المجلسي :انه اعترف سلفاً ان كلا الوجهين نحو من انحاء التأويل،والتأويل دائماً خلاف الظاهر ،فلا يصار اليه الا عند الضرورة ،ولا يكفي مجرد الامكان او الاحتمال لإثباته. وعلى اي حال ، فالوجه الاول :حاول فيه المجلسي على ان يقول : ان الأولياء الأثني عشر بعد المهدي (ع) هم الائمة المعصومون الاثنا عشر انفسهم،فترتفع المعارضة بين روايات الأولياء وروايات الرجعة ويكون المراد منهما معاً الأئمة المعصومين أنفسهم.
الا ان هذا الوجه قابل للمناقشة من وجوه ،نذكر منها اثنين:
الوجه الاول:إن عدداً من روايات الأولياء التي سمعناها،تنص على ان الأولياء الأثني من ولد الامام المهدي(ع)........مع ان الأئمة المعصومين السابقين هم آباء الإمام المهدي بكل وضوح.
الوجه الثاني:إننا لم نجد - كما عرفنا- دليلاً كافياً على عودة الأئمة الاثنا عشر كلهم،لا بشكل عكسي ولا بشكل مشوش ، وانما نص فقط –بعد النبي (ص)- على أمير المؤمنين (ع) وابنه الحسين (ع).واذا لم يثبت رجوع الأئمة الإثنا عشر جميعاً كيف يمكن حمل هذه الأخبار عليه.
وأما الوجة الثاني:الذي ذكره المجلسي، فيتلخص في الاعتراف بوجود الأئمة المعصومين (ع) والأولياء الصالحينفي مجتمع ما بعد المهدي (ع)متعاصرين ،ولكن الحكم العام سيكون للمعصومين(ع) .وإما الأولياء فسيكونون هداة عاملين في العالم من الدرجة الثانية.وبذلك يرتفع العارض بين الروايات.
واوضح ما يرد على هذا الوجه هو ان روايات الاولياء صريحة بمباشرتهم للحكم على اعلى مستوى ،بحيث يكون التنازل عن هذه الدلالة تأويلاً باطلاً.كقوله (ليملكن منا اهل البيت رجل )،وقوله ( فإذا حضرته الوفاة فليسلمها - يعني الامامة او الخلافة- الى ابنه اول المهديين)،وقوله (اللهم صل على ولاة عهده والأئمة من بعده) ونحوه في الدعاء الاخر....وبعد هذه المناقشات وقبل اعطاء الفهم الكامل لحكم الأولياء الصالحين ،لابد لنا ان نجيب على هذا السؤال الذي يخطر في ذهن القارئ .وهو اننا كيف استطعنا ان نعتبر روايات الاولياء كافية للاثبات التاريخي على حين لم نعتبر روايات الرجعة كافية للاثبات ،مع انها اكثر عدداً واغزر مادة .....
واما من زاوية كفاية روايات الاولياء للاثبات التاريخي فهو واضح طبقاً لمنهجنا في هذا التاريخ ؛لانها متكثرة ومتعاضدة وذات مدلول متشابه الى حد بعيد .
واما من زاوية معارضتها لاخبار الرجعة، فهو واضح بعد فشل الوجهين اللذين ذكرهما المجلسي للجمع بين الاخبار؛اذ يدور الامر عندئذ بين ان يكون الحكم بعد المهدي (ع) موكولا الى المعصومين (ع) او الى الاولياء الصالحين.ونحن حين نجد ان اخبار الرجعة غير قابلة للأثبات -كما عرفنا- ونجد ان اخبار الاولياء قابلة للاثبات - كما سمعنا- لا محيص لنا على الاخذ بمدلول اخبار الاولياء بطبيعة الحال.
وبالرغم من ان مجرد ذلك كاف في السير البرهاني،الا اننا نود ان نوضح ذلك بشكل اكثر تفصيلاً .
ان نقطة القوة الرئيسية في اخبار الاولياء المفقودة في اخبار الرجعة ،هي ان اخبار الاولياء ذات مضمون مشترك تتسالم عليه بخلاف اخبار الرجعة ،فانها ذات عشرة مداليل على الاقل ،ليس لكل مدلول الا عدد ضئيل من الاخبار قد لا يزيد احياناً على خبر واحد.ومن هنا نقول لمن يفضل اخبار الرجعة :هل انت تفضل اخباراً منها ذات مدلول معين ،كرجوع الامام الحسين(ع) مثلاً.او تفضل تقديم مجموع اخبار الرجعة.
فان رايت تفضيل قسم معين من اخبار الرجعة ،فهي لا شك اقل عدداً واضعف سنداً من اخبار الاولياء ،بل واقل شهرة ايضاً،وكل قسم معين منها يصدق عليه ذلك بكل تاكيد ،غير ما دل على رجوع الامام علي بن ابي ابي طالب (ع) الذي سوف نشير اليه.
وان رايت تفضيل مجموع اخبار الرجعة على اخبار الاولياء ،اذاً فستصبح اخبار الرجعة بهذا النظر متعارضة ومختلفة المدلول كما عرفنا،.....). انتهى كلامه رحمه الله.
ونكتفي بهذا العرض اليسير ولانطيل،وآخر دعوانا ان الحمد لله رب العالمين.
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على محمد و آل محمد الأئمة والمهديين وسلم تسليماً.
اود في هذه الكلمات القصيرة ان اقف مع العلامة المجلسي (ره)، ولكن قبل ذلك اذكر ما رواه الشيخ الطوسي (ره) ونقله عنه غير واحد من العلماء لكي يكون مدار البحث عليه.
قال الشيخ الطوسي في غيبته : أخبرنا جماعة ، عن أبي عبد الله الحسين بن علي بن سفيان البزوفري ، عن علي بن سنان الموصلي العدل ، عن علي بن الحسين ، عن أحمد بن محمد بن الخليل ، عن جعفر بن أحمد المصري ، عن عمه الحسن بن علي ، عن أبيه ، عن أبي عبد الله جعفر بن محمد ، عن أبيه الباقر ، عن أبيه ذي الثفنات سيد العابدين ، عن أبيه الحسين الزكي الشهيد ، عن أبيه أمير المؤمنين عليه السلام قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم - في الليلة التي كانت فيها وفاته - لعلي عليه السلام : يا أبا الحسن أحضر صحيفة ودواة . فأملا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وصيته حتى انتهى إلى هذا الموضع فقال : يا علي إنه سيكون بعدي اثنا عشر إماما ومن بعدهم إثنا عشر مهديا ، فأنت يا علي أول الاثني عشر إماما سماك الله تعالى في سمائه : عليا المرتضى ، وأمير المؤمنين ، والصديق الأكبر ، والفاروق الأعظم ، والمأمون ، والمهدي ، فلا تصح هذه الأسماء لاحد غيرك . يا علي أنت وصيي على أهل بيتي حيهم وميتهم ، وعلى نسائي : فمن ثبتها لقيتني غدا ، ومن طلقتها فأنا برئ منها ، لم ترني ولم أرها في عرصة القيامة ، وأنت خليفتي على أمتي من بعدي . فإذا حضرتك الوفاة فسلمها إلى ابني الحسن البر الوصول ، فإذا حضرته الوفاة فليسلمها إلى ابني الحسين الشهيد الزكي المقتول ، فإذا حضرته الوفاة فليسلمها إلى ابنه سيد العابدين ذي الثفنات علي ، فإذا حضرته الوفاة فليسلمها إلى ابنه محمد الباقر ، فإذا حضرته الوفاة فليسلمها إلى ابنه جعفر الصادق ، فإذا حضرته الوفاة فليسلمها إلى ابنه موسى الكاظم ، فإذا حضرته الوفاة فليسلمها إلى ابنه علي الرضا ، فإذا حضرته الوفاة فليسلمها إلى ابنه محمد الثقة التقي ، فإذا حضرته الوفاة فليسلمها إلى ابنه علي الناصح ، فإذا حضرته الوفاة فليسلمها إلى ابنه الحسن الفاضل ، فإذا حضرته الوفاة فليسلمها إلى ابنه محمد المستحفظ من آل محمد عليهم السلام . فذلك اثنا عشر إماما ، ثم يكون من بعده اثنا عشر مهديا ، ( فإذا حضرته الوفاة ) فليسلمها إلى ابنه أول المقربين له ثلاثة أسامي : اسم كإسمي واسم أبي وهو عبد الله وأحمد ، والاسم الثالث : المهدي ، هو أول المؤمنين . (الغيبة للشيخ الطوسي : 150، بحارالأنوار للعلامة المجلسي : 53 / 147 ، مختصر بصائر الدرجات للحسن بن سليمان الحلي : 39 ).
وهذه الوصية الشريفة ذكرت عدّة امور نشير الى بعضها :
الامر الاول: ذكرت ان بعد القائم اثنا عشر مهدياً، وهؤلاء يأتون بعده (ع) ، فعن أبي بصير قال : قلت للصادق جعفر بن محمد عليهما السلام يا ابن رسول الله إني سمعت من أبيك عليه السلام أنه قال : يكون بعد القائم اثنا عشر اماماً فقال : إنما قال : اثنا عشر مهديا ، ولم يقل : إثنا عشر إماما ، ولكنهم قوم من شيعتنا يدعون الناس إلى موالاتنا ومعرفة حقنا .( كمال الدين وتمام النعمة للشيخ الصدوق : 358).
وعن علي بن الحسين عليه السلام ، أنه قال : يقوم القائم منا ( يعني المهدي ) ثم يكون بعده اثنا عشر مهديا ( يعني من الأئمة من ذريته ) .( شرح الأخبار للقاضي النعمان المغربي : 3 / 40).
اقول: ان ما بين القوسين، اعني : ( يعني من الأئمة من ذريته ) من نفس الكتاب ،وليس شرحاً مني.
وعن الامام الصادق ( عليه السلام ) : إن منا بعد القائم ( عليه السلام ) إثنا عشر مهديا من ولد الحسين ( عليه السلام ). (مختصر بصائرالدرجات للحسن بن سليمان الحلي : 182).
وعن أبي جعفر وأبي عبد الله عليهما السلام قالا في ذكر الكوفة : وفيها مسجد سهيل الذي لم يبعث الله نبيا إلا وقد صلى فيه ، ومنها يظهر عدل الله ، وفيها يكون قائمه والقوام من بعده ، وهي منازل النبيين والأوصياء والصالحين .( كامل الزيارات: 76، تهذيب الأحكام : 6 / 31، روضة الواعظين للفتال النيسابوري : 410، وسائل الشيعة (آل البيت) : 5 / 255 و 14 / 361).
الامر الثاني:إن أول القوام يكون ابن الامام المهدي(ع) ،لذا قالت الوصية(فليسلمها إلى ابنه أول المقربين... هو أول المؤمنين). وهذا المعنى لم تتفرد به الوصية ايضاً،بل أورده المصنفين في كتبهم ، فكثير من الروايات والادعية تثبت للامام المهدي (ع) الذرية ،فقد نقل السيد ابن طاووس (ره) الصلاة المروية عن امامنا المهدي (ع)والتي ينقلها عنه الشيخ القمي رحمه الله في مفاتيحه في اعمال يوم الجمعة، قال :قال السيد هذه الصلاة مروية عن مولانا المهدي صلوات الله عليه ،وان تركت تعقيب العصر يوم الجمعة لعذر من الأعذار فلا تترك هذه الصلاة ابداً لأمر اطلعنا الله جل جلاله عليه...) قد ورد فيها هذا المقطع(اللهم اعطه في نفسه وذريته وشيعته.....) وهذا المقطع ايضاً (وصل على وليك وولاة عهدك ،والأئمة من ولده ..).قال صاحب مكيال المكارم (ج2/68) بعد ان ذكر كلام السيد ابن طاووس(ره): ويستفاد من قوله رضي الله عنه (فلا تترك هذه الصلاة ابداً لأمر اطلعنا الله جل جلاله عليه) صدور امر اليه من مولانا صاحب الزمان عجل الله تعالى فرجه في ذلك ، فهو دليل لصحة الرواية...).
ولهذا ذكر السيد محمد صادق الصدر في كتابه تاريخ ما بعد الظهور (حكم الأولياء الصالحين)، ثم اورد الروايات الدالة على ذلك وناقش العلامة المجلسي ،كما سنشير لا حقاً.
وهذا المعنى جاء في كثير من الروايات، فقد جاء عن أبي عبد الله ( عليه السلام ) في حديث طويل قال : يا أبا حمزة إن منا بعد القائم ( عليه السلام ) اثنا عشر مهديا من ولد الحسين ( عليه السلام ) .( مختصر بصائر الدرجات للحسن بن سليمان الحلي : 49، الإيقاظ من الهجعة بالبرهان على الرجعة للحر العاملي : 362 ، منتخب الأنوار المضيئة للسيد بهاء الدين النجفي : 354،
الامرالثالث: ان الرسول أعطى لوصيه الأول ،وهو علي بن ابي طالب (ع) أسمائاً وألقاباً تخصه وتميزه عن غيره وتختص به فقط ،فقال النبي (ص)( فأنت يا علي أول الاثني عشر إماما سماك الله تعالى في سمائه : عليا المرتضى ، وأمير المؤمنين ، والصديق الأكبر ، والفاروق الأعظم ، والمأمون ، والمهدي ، فلا تصح هذه الأسماء لاحد غيرك . يا علي أنت وصيي على أهل بيتي حيهم وميتهم ، وعلى نسائي : فمن ثبتها لقيتني غدا ، ومن طلقتها فأنا برئ منها ، لم ترني ولم أرها في عرصة القيامة ، وأنت خليفتي على أمتي من بعدي).
كل ذلك حرصاً منه (ص) على أمته لكي لاتقع في الضلال ،لانه يعلم انهم سيمتحنون في وصيه،فلكي يرفع الاشتباه عنهم فبين لهم وصيه ببيان كاف وشاف،ولنفس السبب ذكر الرسول (ص) أسمائاً وأوصافاً تختص به، فقال(أول المقربين له ثلاثة أسامي : اسم كإسمي واسم أبي وهو عبد الله وأحمد ، والاسم الثالث : المهدي ، هو أول المؤمنين).
فوصي الامام المهدي(ع) له أسماء ثلاثة ( أحمد ، عبد الله ، المهدي).
وهذا المعنى اورده الشيخ الطوسي ايضاً في غيبته ، فروى عن حذيفة بن اليمان ،قال (سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول- وذكر المهدي - إنه يبايع بين الركن والمقام، اسمه أحمد وعبدالله والمهدي،فهذه أسماؤه ثلاثتها).(454).
فلأن الوصي الاول للامام المهدي(ع) ستمتحن به الناس فأعطاه الرسول اسمائاً تميزه عن غيره،لكي يرفع الاشتباه حرصاً منه على امته .
فعلي بن ابي طالب (ع) فيصل بين النبوة والإمامة، وأحمد (ع) فيصل بين الأئمة والمهديين. فتمتحن الأمة بهما فلذلك اعطاهم الرسول مالم يعطي غيرهم من الأئمة عليهم الآف التحية والسلام.
الامر الرابع: ان الرسول (ص) قال: أول المقربين...هو أول المؤمنين).
فما المراد بكونه اول المؤمنين؟
إن كان المراد : هو الإيمان الاعتقادي ،بمعنى انه اول من يعتقد بامامة الامام المهدي(ع)،فهذا واضح البطلان،لان هناك من سبقه بالايمان به ، اذ الرسول وآل بيته(ع) من السابقين لذلك ،فهم كلهم مؤمنين بالامام المهدي (ع) وهم الذين وصفوه وتكلموا عنه بما يرفع اللبس عند أي منصف ،وهذا واضح لمن له ادنى اطلاع بأحاديث اهل البيت(ع).وكذا العلماء السابقين كالشيخ المفيد والطوسي وغيرهم ،بل كل الشيعة مؤمنون به اعتقاداً ويعلمون انه سيظهر الامام المهدي (ع) . اذن فهذا واضح البطلان ، فيتعين ان يكون المراد هو الإيمان العملي ،بمعنى انه اول العاملين بين يديه في حركته الالهية ،ومن الممهدين له في حركته.
وبعد هذا العرض اليسير نقف مع العلامة المجلسي (ره)، حيث انه بعد ان ذكر الوصية وبعض الاخبار المتقدمة قال:
بيان : هذه الأخبار مخالفة للمشهور ، وطريق التأويل أحد وجهين :
الأول: أن يكون المراد بالاثني عشر مهديا النبي صلى الله عليه وآله وسائر الأئمة سوى القائم عليه السلام بأن يكون ملكهم بعد القائم عليه السلام وقد سبق أن الحسن بن سليمان أولها بجميع الأئمة وقال برجعة القائم عليه السلام بعد موته وبه أيضا يمكن الجمع بين بعض الأخبار المختلفة التي وردت في مدة ملكه عليه السلام .
والثاني: أن يكون هؤلاء المهديون من أوصياء القائم هادين للخلق في زمن سائر الأئمة الذين رجعوا لئلا يخلو الزمان من حجة ، وإن كان أوصياء الأنبياء والأئمة أيضا حججا والله تعالى يعلم .(بحارالأنوار: 53 / 148 ).
ولقد أشار الى هذا المعنى الذي ذكره العلامة المجلسي السيد محمد صادق الصدر في كتابه تاريخ ما بعد الظهور، قال: وقد حاول المجلسي في البحار ان يرفع التنافي بين هذه الاخبار من حيث كونها دالة على ايكال الرئاسة العليا بعد المهدي (ع) إلى غير الأئمة المعصومين (ع)، وبين القول بالرجعة الذي يقول :بإيكال الرئاسة الى الأئمة المعصومين انفسهم ...الى اخره.(لاحظ:ص 413).
ثم ناقش المجلسي بقوله:
ونود ان نعلق اولاً على كلام المجلسي :انه اعترف سلفاً ان كلا الوجهين نحو من انحاء التأويل،والتأويل دائماً خلاف الظاهر ،فلا يصار اليه الا عند الضرورة ،ولا يكفي مجرد الامكان او الاحتمال لإثباته. وعلى اي حال ، فالوجه الاول :حاول فيه المجلسي على ان يقول : ان الأولياء الأثني عشر بعد المهدي (ع) هم الائمة المعصومون الاثنا عشر انفسهم،فترتفع المعارضة بين روايات الأولياء وروايات الرجعة ويكون المراد منهما معاً الأئمة المعصومين أنفسهم.
الا ان هذا الوجه قابل للمناقشة من وجوه ،نذكر منها اثنين:
الوجه الاول:إن عدداً من روايات الأولياء التي سمعناها،تنص على ان الأولياء الأثني من ولد الامام المهدي(ع)........مع ان الأئمة المعصومين السابقين هم آباء الإمام المهدي بكل وضوح.
الوجه الثاني:إننا لم نجد - كما عرفنا- دليلاً كافياً على عودة الأئمة الاثنا عشر كلهم،لا بشكل عكسي ولا بشكل مشوش ، وانما نص فقط –بعد النبي (ص)- على أمير المؤمنين (ع) وابنه الحسين (ع).واذا لم يثبت رجوع الأئمة الإثنا عشر جميعاً كيف يمكن حمل هذه الأخبار عليه.
وأما الوجة الثاني:الذي ذكره المجلسي، فيتلخص في الاعتراف بوجود الأئمة المعصومين (ع) والأولياء الصالحينفي مجتمع ما بعد المهدي (ع)متعاصرين ،ولكن الحكم العام سيكون للمعصومين(ع) .وإما الأولياء فسيكونون هداة عاملين في العالم من الدرجة الثانية.وبذلك يرتفع العارض بين الروايات.
واوضح ما يرد على هذا الوجه هو ان روايات الاولياء صريحة بمباشرتهم للحكم على اعلى مستوى ،بحيث يكون التنازل عن هذه الدلالة تأويلاً باطلاً.كقوله (ليملكن منا اهل البيت رجل )،وقوله ( فإذا حضرته الوفاة فليسلمها - يعني الامامة او الخلافة- الى ابنه اول المهديين)،وقوله (اللهم صل على ولاة عهده والأئمة من بعده) ونحوه في الدعاء الاخر....وبعد هذه المناقشات وقبل اعطاء الفهم الكامل لحكم الأولياء الصالحين ،لابد لنا ان نجيب على هذا السؤال الذي يخطر في ذهن القارئ .وهو اننا كيف استطعنا ان نعتبر روايات الاولياء كافية للاثبات التاريخي على حين لم نعتبر روايات الرجعة كافية للاثبات ،مع انها اكثر عدداً واغزر مادة .....
واما من زاوية كفاية روايات الاولياء للاثبات التاريخي فهو واضح طبقاً لمنهجنا في هذا التاريخ ؛لانها متكثرة ومتعاضدة وذات مدلول متشابه الى حد بعيد .
واما من زاوية معارضتها لاخبار الرجعة، فهو واضح بعد فشل الوجهين اللذين ذكرهما المجلسي للجمع بين الاخبار؛اذ يدور الامر عندئذ بين ان يكون الحكم بعد المهدي (ع) موكولا الى المعصومين (ع) او الى الاولياء الصالحين.ونحن حين نجد ان اخبار الرجعة غير قابلة للأثبات -كما عرفنا- ونجد ان اخبار الاولياء قابلة للاثبات - كما سمعنا- لا محيص لنا على الاخذ بمدلول اخبار الاولياء بطبيعة الحال.
وبالرغم من ان مجرد ذلك كاف في السير البرهاني،الا اننا نود ان نوضح ذلك بشكل اكثر تفصيلاً .
ان نقطة القوة الرئيسية في اخبار الاولياء المفقودة في اخبار الرجعة ،هي ان اخبار الاولياء ذات مضمون مشترك تتسالم عليه بخلاف اخبار الرجعة ،فانها ذات عشرة مداليل على الاقل ،ليس لكل مدلول الا عدد ضئيل من الاخبار قد لا يزيد احياناً على خبر واحد.ومن هنا نقول لمن يفضل اخبار الرجعة :هل انت تفضل اخباراً منها ذات مدلول معين ،كرجوع الامام الحسين(ع) مثلاً.او تفضل تقديم مجموع اخبار الرجعة.
فان رايت تفضيل قسم معين من اخبار الرجعة ،فهي لا شك اقل عدداً واضعف سنداً من اخبار الاولياء ،بل واقل شهرة ايضاً،وكل قسم معين منها يصدق عليه ذلك بكل تاكيد ،غير ما دل على رجوع الامام علي بن ابي ابي طالب (ع) الذي سوف نشير اليه.
وان رايت تفضيل مجموع اخبار الرجعة على اخبار الاولياء ،اذاً فستصبح اخبار الرجعة بهذا النظر متعارضة ومختلفة المدلول كما عرفنا،.....). انتهى كلامه رحمه الله.
ونكتفي بهذا العرض اليسير ولانطيل،وآخر دعوانا ان الحمد لله رب العالمين.