سمير
07-23-2008, 11:31 PM
كتاب «أميركا باراك أوباما» (4 )
هل سيقوده إلى دخول البيت الأبيض؟
http://www.alqabas.com.kw/Temp/Pictures/2008/07/23/3518a99c-7886-4e9f-9202-8f2a25cb1abb_main.jpg
• أميركا باراك أوباما
كتاب "أميركا باراك اوباما"
تأليف: فرانسوا دوربار
واوليفيي ريشوم
ترجمة: سليمه لبال
لمع نجمه بسرعة في عالم السياسة الأميركية، ليصبح وهو محام شاب، السيناتور الأسود الخامس في تاريخ مجلس الشيوخ الأميركي، والسيناتور الوحيد في المجلس الحالي، ثم أول مرشح أسود للانتخابات الرئاسية في تاريخ الولايات المتحدة الأميركية.
نجح في ازاحة هيلاري كلينتون وهي السيناتورة البيضاء وزوجة رئيس سابق، من تصفيات الحزب الديموقراطي، وها هو يتقدم شيئا فشيئا نحو البيت الأبيض، في منافسة حامية الوطيس مع الجمهوري جون ماكين.
يصفه البعض بكيندي الجديد وبالحلم الأميركي، الذي سينقل أميركا من مجتمع أبيض وأسود الى مجتمع خلاسي، باختصار لقد أصبح رمزا للأقليات، التي تبحث عن الانتصار لعرقها في كل العالم.
انه باراك أوباما، هذا الأميركي ــ الأفريقي الأصل، الذي نجح في تصدر استطلاعات الرأي امام هيلاري، ونجح ايضا في اذابة الجليد بين البيض والسود، من أجل ان تنعم اميركا بالوحدة والتضامن.يتساءل الجميع كيف نجح هذا الأربعيني في سرقة الأضواء؟ وكيف تمكن من التعايش صبيا مع ثقافة أمه الأميركية وموروث والده الكيني وحياة زوج والدته الاندونيسي؟ ثم كيف رفع التحدي وانخرط في السياسة بفضل دعم زوجته ميشال، هذه المرأة التي وقفت الى جانبه، مثلما كانت والدته الى صفه دوماً؟
هي اسئلة تجدون الاجابات عنها في هذا الكتاب الذي تنشر «القبس» ترجمته، في انتظار ان تجيب الانتخابات الرئاسية الأميركية عن السؤال الأهم، والذي يشغل كل العالم: من سيكون على رأس الولايات المتحدة الأميركية؟
لقد حاول الشاب باراك اوباما الترشح على المستوى الوطني في عام 2000 ، ليكون عضوا في مجلس النواب غير انه خسر بعد أن حصد 30 في المائة من الأصوات فقط مقابل بوبي روش الذي حصد 61 في المائة من الأصوات.
سأل احد الصحافيين اوباما بعد الهزيمة إن كان قد توفي سياسيا بعد ما جرى له، فأجابه «لا احد كان سيصوت لفائدة مرشح يحمل اسم اوباما بعد أحداث 11 سبتمبر».
عاود اوباما الدخول إلى السباق بعد أن أعلن السيناتور الجمهوري بيتر فايتزجيرالد تقاعده في يناير 2003، وكان يبدو أن المرشحين الديموقراطيين أوفر حظا وكفاءة منه، فدان هينز يحوز على دعم الحزب الديموقراطي في الينوي وكذا النقابات المحلية، كما كان رجل الأعمال الثري بلير هول مستعدا لدفع 29 مليون دولار أميركي لتمويل حملته الانتخابية، فيما كان باراك اوباما معتمدا على أربعة موظفين فقط، يداومون في مكتب صغير.
حملة في المناطق الريفية
كان الخبراء السياسيون يرون بان نجاح اوباما في مقاطعته سيكون فقط في المناطق الريفية أو المدن الجنوبية التابعة للولاية، وبالفعل قاد حملته الانتخابية في المناطق الريفية في وسط وجنوب الولاية مستقطبا بذلك المزارعين.
اعتمد اوباما على الحظ من اجل النجاح أيضا، فشعبية الثري بلير هول الذي تصدر الاستطلاعات أسبوعا واحدا قبيل موعد الانتخابات، سرعان ما تلاشت بعد قضية تحرش جنسي، لتحل المفاجأة في 16 مارس 2004، بعد أن تصدر اوباما قائمة المرشحين الديموقراطيين بـ53 في المائة من الأصوات.
بدأت الحملة الانتخابية، ومعها بدأت تحركات الجمهوري جاك ريان، الذي طلب خدمات المستشار الإعلامي سكوت هويل وكلفه بمتابعة باراك اوباما عن طريق كاميرا.
انقلبت هذه الإستراتيجية العدائية ضد المرشح الجمهوري، بعد أن اكتشف باراك اوباما أن المصور سجل محادثات هاتفية خاصة بينه وبين زوجته وبناته، ليؤكد في ما بعد وخلال خطاباته بأنه ترشح من اجل مكافحة مثل هذه الممارسات، ما مكنه مرة أخرى من الاستفادة من الظروف الخارجية، ذلك أن ريان انسحب من السباق بتاريخ 25 أغسطس، خصوصا بعد أن كشفت الصحافة تفاصيل انفصاله عن الممثلة جيري ريان، التي اتهمت زوجها السابق بإرغامها على التردد على نوادٍ تتم فيها العملية الجنسية بصفة جماعية.
أُجبر الجمهوريون على اختيار بديل لريان بعد الفضيحة، ووقع الاختيار على آلان كيس، الذي لم يجد الوقت الكافي لتنظيم حملة انتخابية ولم يكن يفصل عن موعد الانتخابات سوى ثلاثة أشهر.
تصريحات آلان كيس هي الأخرى قللت من شعبيته في أوساط ناخبي الينوي خصوصا عندما قال بان ابنة نائب الرئيس ديك تشيني وآخرين من المثليين والسحاقيات هم من أنصار اللذة.
ميشال لم تصدق فوزه
لم يكتف اوباما بالاستفادة من هذه الظروف، وقاد حملته الانتخابية بكل ذكاء، حيث ندد بسياسة بوش، في الينوي التي فقدت 200 ألف منصب شغل وحدها، ليفوز في2 نوفمبر2004 بالانتخابات بعد أن حصد أكثر من 70 في المائة من الأصوات مقابل 27 في المائة من الأصوات عادت إلى غريمه.. انه الانتصار الساحق الأول من نوعه في تاريخ انتخابات الكونغرس الاميركي.
وصل باراك اوباما إلى واشنطن في يناير 2005، أي ساعات فقط قبيل أدائه اليمين الدستورية كسيناتور جديد للولايات المتحدة الأميركية.
في تلك اللحظات، ذكرت ميشال اوباما بالمخطط الذي رسمه قبيل دخوله معترك المنافسة ألا وهو الفوز بالانتخابات التمهيدية ثم الفوز بالانتخابات ثم تأليف كتاب وأثناء ذلك، حدقت في عينيه وقالت «لا استطيع أن اصدق بأنك وصلت حقا».
دروس النصر
استخلص باراك اوباما دروسا عدة من فوزه بالانتخابات، فالناس كانوا يظنون بان رجلا اسود مثله ليس في مقدوره الفوز بمقعد في مجلس الشيوخ، في امة منقسمة مثل الولايات المتحدة الاميركية.
كانوا يظنون بان شخصا اسمه باراك أوباما لا يمكنه إطلاقا أن يطمح إلى هذا المستوى، غير انه بلغه بعد أن استخلص دروسا أيضا من فشله خلال انتخابات مجلس النواب عام 2000.
الى جانب ذلك استغل اوباما أيضا حظه وأخطاء منافسيه.لقد اعترف وهو يبدأ حياته الجديدة كسيناتور بتأثير القدر عليه وذلك في قوله «لقد حالفني الحظ كثيرا خلال هذه الحملة الانتخابية ولا يوجد أدنى شك في ذلك».
أولى المهام
أدى اوباما اليمين الدستورية في 5 يناير 2005 ومنذ اليوم الأول انهالت عليه التهاني وسارع إليه المعجبون والمعجبات، مطالبينه بتوقيع اوتوغرافات.
أصبح بيت روس مديرا لمكتب اوباما، فيما تم تعيين الخبيرة الاقتصادية كارن كورنبلوه مستشارة سياسية له، بعد أن كانت المديرة المساعدة لمكتب وزير المالية السابق روبرت رابن.
لقد نشرت جريدة نيو ستيتسمان البريطانية في اكتوبر 2005، مقالا صنّف اوباما ضمن الشخصيات العشر التي بإمكانها تغيير العالم، وذلك بعد ثلاثة أشهر فقط من دخوله مجلس الشيوخ الاميركي، فيما وصفت مجلة التايم اوباما في عام 2007 بالرجل الأكثر تأثيرا في العالم.
قبل اوباما مرة واحدة بالعديد من المهام التي أوكلت إليه، فأصبح عضوا في لجنة الشؤون الخارجية وفي لجان الصحة والتربية والعمل والتقاعد والتأمينات الاجتماعية وقدامى المحاربين.
الجذور وإفريقيا
وفقا لاعترافه الشخصي، فان جذور اوباما الإفريقية هي السبب الرئيس الكامن وراء اهتمامه بالسياسة الخارجية وانشغاله بأوضاع القارة السمراء، ما دفعه في يوليو 2005 إلى التطرق إلى قضية دارفور في مقر جمعية الأمم المتحدة بنيويورك، والتحذير من مغبة تكرار سيناريو رواندا في السودان.
التقى اوباما السفير الصيني وونغ غوانغيا، على اعتبار أن الصين هي أول مستثمر في الصناعة البترولية في السودان والبلد الأكثر قدرة على تطبيق عقوبات على الخرطوم، حيث طلب من الحكومة الصينية الضغط على السودان حتى توقف هجوم ميليشيات الجنجويد على المدنيين، كما التقى أيضا ممثلي الدول الاعضاء في منظمة الاتحاد الأفريقي وهي كل من كينيا ورواندا والسنغال وكلها تملك قوات عسكرية في منطقة دارفور.
نالت زيارة اوباما لمقر الأمم المتحدة إعجاب السفير الاميركي لدى الأمم المتحدة ريتشارد ويليامسون الذي أكد أن قلة من أعضاء الكونغرس الاميركي، يهتمون بالشأن الافريقي.
مهدت هذه المبادرة لمرحلة جديدة في مسيرة اوباما، حيث قرر بعد 6اشهر قضاها في دراسة القضايا الإفريقية الداخلية داخل مقر مجلس الشيوخ، قرر تخصيص كل وقته لعضوية لجنة الشؤون الخارجية، ليتجه بتاريخ 24 أغسطس 2005 في أول رحلة رسمية له إلى روسيا ثم أذربيجان وأوكرانيا برفقة السيناتور ريتشارد لوغار رئيس اللجنة، وهدفت هذه الزيارات إلى دراسة استراتيجيات مراقبة الأسلحة في إطار الوقاية من التهديدات المرتبطة بالإرهاب.
قام اوباما ولوغار بتفتيش مقرات تدمير الرؤوس النووية في ساراتوف، جنوب غرب روسيا، وفي اوكرانيا وقعا اتفاقية ثنائية للوقاية من مخاطر انتشار العدوى، التي يسببها الإرهاب البيولوجي.
كانت وجهة اوباما الثانية في يناير 2006 هي الكويت والعراق حيث التقى برفقة وفد من الكونغرس بالقوات الأميركية المتمركزة هناك ثم زار الأردن فإسرائيل والأراضي الفلسطينية، حيث التقى الطلبة الفلسطينيين قبل أسبوعين فقط من موعد الانتخابات التشريعية الفلسطينية وأكد لهم أن بإمكان الولايات المتحدة عدم الاعتراف بمرشحي حماس الفائزين إلا إذا تراجعت حماس عن فكرة تدمير إسرائيل.
وأما رحلته الثالثة فكانت إلى كينيا وافريقيا الجنوبية مرورا بجيبوتي وتشاد وإثيوبيا خلال شهر أغسطس 2006.
«اوباما تعال الينا»
لقد استقبل السفير الاميركي في نيروبي باراك اوباما لدى وصوله برفقة زوجته وابنتيه إلى مطار كينياتا الدولي، ولم يكن السفير وحده، بل جموع كبيرة ارتدى أفرادها قمصانا كتب عليها اسمه، فيما كان البعض ينادون «اوباما تعال الينا».
وفيما ذهب اوباما لزيارة موقع سفارة الولايات المتحدة الاميركية الذي تعرض لهجوم إرهابي، اتجهت عائلته الصغيرة إلى ضاحية نيانزا في الغرب الريفي، حيث توجد ربى إفريقيا الخضراء التي عشقها هيمنغواي وكتب عنها.
كان أفراد قبيلة لو يعتبرون اوباما واحدا منهم حتى وان نشأ بعيدا عنهم وفي بيئة مختلفة تماما.اقترب اوباما من عامة الناس وزار جدته لوالده في بيته المغطى بالعشب وفق تقاليد قبيلة لو في قرية كوغيلو وهناك حاول إشعار الناس بخطر السيدا، حيث خضع هو وزوجته لفحص السيدا في عيادة كينيان.
دهش الجميع برد فعل الجماهير التي رحبت باوباما، على الرغم من زيارته مرتين فقط لكينيا، غير ان هذا لم يكن سوى صورة تعكس شعبيته في الولايات المتحدة الاميركية منذ بداية مشواره السياسي.
بعد أشهر من زيارته إلى مسقط رأس والده، أعلن باراك اوباما دعمه الكامل للمبادرة الكينية الهادفة إلى استرجاع مئات القطع الأثرية الكينية فكان أول رجل سياسي أميركي يؤكد على أهمية احترام التراث التاريخي والثروة الثقافية للبلاد التي استعمرتها الدول الغربية فترة طويلة.
لقد مكنت هذه الزيارات اوباما من تعزيز صورته وموقعه أيضا كرجل سياسة على الصعيد الدولي، كما مكنته من دحض كل الافتراءات والانتقادات التي طالته وحجتها ضآلة تجربته السياسية.
نجم الكونغرس
أصبحت صورة باراك اوباما خلال بضعة أشهر، تتصدر غالبية الصحف والمجلات وأصبح الصحافيون يقدمونه كواحد من أكثر الشخصيات كاريزمية في الولايات المتحدة الأميركية.
لقد عنونت تايم ماغازين صفحتها الأولى بتاريخ 23 أكتوبر 2006 وبحروف كبيرة «الرئيس القادم» و كتب أسفله «لماذا سيكون؟»، فيما قارن التقرير الذي نشر على الصفحات الداخلية بين اوباما وقوس قزح، انه حدث مفاجئ لكنه مثار إعجاب ونشوة.
أول الانتقادات
بدأت أولى الانتقادات توجه إلى باراك اوباما، حينما كتب كاتب افتتاحية شيكاغو سان تايمز مقالا تطرق فيه الى إمكانية لجوء اوباما الى تغيير عقليته وهي المقابل الذي سيقايض به استمرار نجاحه وتألقه، لقد كتب: «اسوأ ما يمكن ان يحصل هو ان يصبح اوباما أكثر حذرا وتحفظا حتى يستطيع الحفاظ على الشهرة التي وصل اليها»، فيما ذهب بول ستريت أكثر من ذلك، حيث نشر في مجلة الكترونية موجهة الى السود مقالا، جاء فيه ان اوباما يحاول تخفيف ادانة البيض، بينما لا يفعل البيض شيئا لمكافحة التمييز العنصري.
وأما في الصف الجمهوري فقد تركزت الانتقادات حول نقص تجربة اوباما السياسية. وأجاب فريق اوباما على هذه الانتقادات، بالقول ان الصفات الأساسية للقائد لا يمكن أن تكون التجربة وإنما الذكاء والرؤية الواضحة.طالت الانتقادات والهجومات كل شيء في اوباما حتى اسمه، ذلك ان مواقع الكترونية قدمت التشابه اللفظي بين اوباما واسامة –أي اسامة بن لادن – على انه اشكال كبير، فيما ركز العديد من الجمهوريين على اسمه الثاني «حسين» وهو الاسم نفسه الذي حمله الديكتاتور صدام حسين.
وكان رد روبرت جيبس مدير العلاقات العامة لاوباما بسيطا جدا حيث اكد استحالة تسوية وحل مشاكل العراق، باللجوء الى اقامة حملات تخص الاسماء الثانية للافراد.
لم يكن اوباما مجرد سيناتور في الولايات المتحدة الاميركية وان حاول في العديد من المرات تكذيب اشاعة ترشحه للانتخابات الرئاسية، الا ان عددا كبيرا من الصحافيين كانوا يؤكدون عدوله عن رأيه. توجد ثلاثة اسباب لذلك، بحسب صحافي نيويورك تايمز ديفيد بروكس وهي اولا: اهمية حزبه، فاوباما هو احسن من يمكن أن يبرز ويمثل طموحات الديموقراطيين وثانيا :عمره وشبابه المفعم بالحيوية والتجديد واخيرا رؤيته للسياسة، فهو الوحيد الذي بامكانه ان يقنع الرأي العام بفكرة العمل العام. لقد كانوا كثراً من تقدميين ومحافظين، من أملوا ترشح باراك اوباما للرئاسيات، لانهم يدركون تمام الادراك بانه قادر على الدفاع عن مصلحة الاميركيين وقادر ايضا على دفع عجلة النقاش الديموقراطي.
الحلقة الخامسة:
هل سيصوت الأميركيون لمسيحي ابن مسلم؟
هل سيقوده إلى دخول البيت الأبيض؟
http://www.alqabas.com.kw/Temp/Pictures/2008/07/23/3518a99c-7886-4e9f-9202-8f2a25cb1abb_main.jpg
• أميركا باراك أوباما
كتاب "أميركا باراك اوباما"
تأليف: فرانسوا دوربار
واوليفيي ريشوم
ترجمة: سليمه لبال
لمع نجمه بسرعة في عالم السياسة الأميركية، ليصبح وهو محام شاب، السيناتور الأسود الخامس في تاريخ مجلس الشيوخ الأميركي، والسيناتور الوحيد في المجلس الحالي، ثم أول مرشح أسود للانتخابات الرئاسية في تاريخ الولايات المتحدة الأميركية.
نجح في ازاحة هيلاري كلينتون وهي السيناتورة البيضاء وزوجة رئيس سابق، من تصفيات الحزب الديموقراطي، وها هو يتقدم شيئا فشيئا نحو البيت الأبيض، في منافسة حامية الوطيس مع الجمهوري جون ماكين.
يصفه البعض بكيندي الجديد وبالحلم الأميركي، الذي سينقل أميركا من مجتمع أبيض وأسود الى مجتمع خلاسي، باختصار لقد أصبح رمزا للأقليات، التي تبحث عن الانتصار لعرقها في كل العالم.
انه باراك أوباما، هذا الأميركي ــ الأفريقي الأصل، الذي نجح في تصدر استطلاعات الرأي امام هيلاري، ونجح ايضا في اذابة الجليد بين البيض والسود، من أجل ان تنعم اميركا بالوحدة والتضامن.يتساءل الجميع كيف نجح هذا الأربعيني في سرقة الأضواء؟ وكيف تمكن من التعايش صبيا مع ثقافة أمه الأميركية وموروث والده الكيني وحياة زوج والدته الاندونيسي؟ ثم كيف رفع التحدي وانخرط في السياسة بفضل دعم زوجته ميشال، هذه المرأة التي وقفت الى جانبه، مثلما كانت والدته الى صفه دوماً؟
هي اسئلة تجدون الاجابات عنها في هذا الكتاب الذي تنشر «القبس» ترجمته، في انتظار ان تجيب الانتخابات الرئاسية الأميركية عن السؤال الأهم، والذي يشغل كل العالم: من سيكون على رأس الولايات المتحدة الأميركية؟
لقد حاول الشاب باراك اوباما الترشح على المستوى الوطني في عام 2000 ، ليكون عضوا في مجلس النواب غير انه خسر بعد أن حصد 30 في المائة من الأصوات فقط مقابل بوبي روش الذي حصد 61 في المائة من الأصوات.
سأل احد الصحافيين اوباما بعد الهزيمة إن كان قد توفي سياسيا بعد ما جرى له، فأجابه «لا احد كان سيصوت لفائدة مرشح يحمل اسم اوباما بعد أحداث 11 سبتمبر».
عاود اوباما الدخول إلى السباق بعد أن أعلن السيناتور الجمهوري بيتر فايتزجيرالد تقاعده في يناير 2003، وكان يبدو أن المرشحين الديموقراطيين أوفر حظا وكفاءة منه، فدان هينز يحوز على دعم الحزب الديموقراطي في الينوي وكذا النقابات المحلية، كما كان رجل الأعمال الثري بلير هول مستعدا لدفع 29 مليون دولار أميركي لتمويل حملته الانتخابية، فيما كان باراك اوباما معتمدا على أربعة موظفين فقط، يداومون في مكتب صغير.
حملة في المناطق الريفية
كان الخبراء السياسيون يرون بان نجاح اوباما في مقاطعته سيكون فقط في المناطق الريفية أو المدن الجنوبية التابعة للولاية، وبالفعل قاد حملته الانتخابية في المناطق الريفية في وسط وجنوب الولاية مستقطبا بذلك المزارعين.
اعتمد اوباما على الحظ من اجل النجاح أيضا، فشعبية الثري بلير هول الذي تصدر الاستطلاعات أسبوعا واحدا قبيل موعد الانتخابات، سرعان ما تلاشت بعد قضية تحرش جنسي، لتحل المفاجأة في 16 مارس 2004، بعد أن تصدر اوباما قائمة المرشحين الديموقراطيين بـ53 في المائة من الأصوات.
بدأت الحملة الانتخابية، ومعها بدأت تحركات الجمهوري جاك ريان، الذي طلب خدمات المستشار الإعلامي سكوت هويل وكلفه بمتابعة باراك اوباما عن طريق كاميرا.
انقلبت هذه الإستراتيجية العدائية ضد المرشح الجمهوري، بعد أن اكتشف باراك اوباما أن المصور سجل محادثات هاتفية خاصة بينه وبين زوجته وبناته، ليؤكد في ما بعد وخلال خطاباته بأنه ترشح من اجل مكافحة مثل هذه الممارسات، ما مكنه مرة أخرى من الاستفادة من الظروف الخارجية، ذلك أن ريان انسحب من السباق بتاريخ 25 أغسطس، خصوصا بعد أن كشفت الصحافة تفاصيل انفصاله عن الممثلة جيري ريان، التي اتهمت زوجها السابق بإرغامها على التردد على نوادٍ تتم فيها العملية الجنسية بصفة جماعية.
أُجبر الجمهوريون على اختيار بديل لريان بعد الفضيحة، ووقع الاختيار على آلان كيس، الذي لم يجد الوقت الكافي لتنظيم حملة انتخابية ولم يكن يفصل عن موعد الانتخابات سوى ثلاثة أشهر.
تصريحات آلان كيس هي الأخرى قللت من شعبيته في أوساط ناخبي الينوي خصوصا عندما قال بان ابنة نائب الرئيس ديك تشيني وآخرين من المثليين والسحاقيات هم من أنصار اللذة.
ميشال لم تصدق فوزه
لم يكتف اوباما بالاستفادة من هذه الظروف، وقاد حملته الانتخابية بكل ذكاء، حيث ندد بسياسة بوش، في الينوي التي فقدت 200 ألف منصب شغل وحدها، ليفوز في2 نوفمبر2004 بالانتخابات بعد أن حصد أكثر من 70 في المائة من الأصوات مقابل 27 في المائة من الأصوات عادت إلى غريمه.. انه الانتصار الساحق الأول من نوعه في تاريخ انتخابات الكونغرس الاميركي.
وصل باراك اوباما إلى واشنطن في يناير 2005، أي ساعات فقط قبيل أدائه اليمين الدستورية كسيناتور جديد للولايات المتحدة الأميركية.
في تلك اللحظات، ذكرت ميشال اوباما بالمخطط الذي رسمه قبيل دخوله معترك المنافسة ألا وهو الفوز بالانتخابات التمهيدية ثم الفوز بالانتخابات ثم تأليف كتاب وأثناء ذلك، حدقت في عينيه وقالت «لا استطيع أن اصدق بأنك وصلت حقا».
دروس النصر
استخلص باراك اوباما دروسا عدة من فوزه بالانتخابات، فالناس كانوا يظنون بان رجلا اسود مثله ليس في مقدوره الفوز بمقعد في مجلس الشيوخ، في امة منقسمة مثل الولايات المتحدة الاميركية.
كانوا يظنون بان شخصا اسمه باراك أوباما لا يمكنه إطلاقا أن يطمح إلى هذا المستوى، غير انه بلغه بعد أن استخلص دروسا أيضا من فشله خلال انتخابات مجلس النواب عام 2000.
الى جانب ذلك استغل اوباما أيضا حظه وأخطاء منافسيه.لقد اعترف وهو يبدأ حياته الجديدة كسيناتور بتأثير القدر عليه وذلك في قوله «لقد حالفني الحظ كثيرا خلال هذه الحملة الانتخابية ولا يوجد أدنى شك في ذلك».
أولى المهام
أدى اوباما اليمين الدستورية في 5 يناير 2005 ومنذ اليوم الأول انهالت عليه التهاني وسارع إليه المعجبون والمعجبات، مطالبينه بتوقيع اوتوغرافات.
أصبح بيت روس مديرا لمكتب اوباما، فيما تم تعيين الخبيرة الاقتصادية كارن كورنبلوه مستشارة سياسية له، بعد أن كانت المديرة المساعدة لمكتب وزير المالية السابق روبرت رابن.
لقد نشرت جريدة نيو ستيتسمان البريطانية في اكتوبر 2005، مقالا صنّف اوباما ضمن الشخصيات العشر التي بإمكانها تغيير العالم، وذلك بعد ثلاثة أشهر فقط من دخوله مجلس الشيوخ الاميركي، فيما وصفت مجلة التايم اوباما في عام 2007 بالرجل الأكثر تأثيرا في العالم.
قبل اوباما مرة واحدة بالعديد من المهام التي أوكلت إليه، فأصبح عضوا في لجنة الشؤون الخارجية وفي لجان الصحة والتربية والعمل والتقاعد والتأمينات الاجتماعية وقدامى المحاربين.
الجذور وإفريقيا
وفقا لاعترافه الشخصي، فان جذور اوباما الإفريقية هي السبب الرئيس الكامن وراء اهتمامه بالسياسة الخارجية وانشغاله بأوضاع القارة السمراء، ما دفعه في يوليو 2005 إلى التطرق إلى قضية دارفور في مقر جمعية الأمم المتحدة بنيويورك، والتحذير من مغبة تكرار سيناريو رواندا في السودان.
التقى اوباما السفير الصيني وونغ غوانغيا، على اعتبار أن الصين هي أول مستثمر في الصناعة البترولية في السودان والبلد الأكثر قدرة على تطبيق عقوبات على الخرطوم، حيث طلب من الحكومة الصينية الضغط على السودان حتى توقف هجوم ميليشيات الجنجويد على المدنيين، كما التقى أيضا ممثلي الدول الاعضاء في منظمة الاتحاد الأفريقي وهي كل من كينيا ورواندا والسنغال وكلها تملك قوات عسكرية في منطقة دارفور.
نالت زيارة اوباما لمقر الأمم المتحدة إعجاب السفير الاميركي لدى الأمم المتحدة ريتشارد ويليامسون الذي أكد أن قلة من أعضاء الكونغرس الاميركي، يهتمون بالشأن الافريقي.
مهدت هذه المبادرة لمرحلة جديدة في مسيرة اوباما، حيث قرر بعد 6اشهر قضاها في دراسة القضايا الإفريقية الداخلية داخل مقر مجلس الشيوخ، قرر تخصيص كل وقته لعضوية لجنة الشؤون الخارجية، ليتجه بتاريخ 24 أغسطس 2005 في أول رحلة رسمية له إلى روسيا ثم أذربيجان وأوكرانيا برفقة السيناتور ريتشارد لوغار رئيس اللجنة، وهدفت هذه الزيارات إلى دراسة استراتيجيات مراقبة الأسلحة في إطار الوقاية من التهديدات المرتبطة بالإرهاب.
قام اوباما ولوغار بتفتيش مقرات تدمير الرؤوس النووية في ساراتوف، جنوب غرب روسيا، وفي اوكرانيا وقعا اتفاقية ثنائية للوقاية من مخاطر انتشار العدوى، التي يسببها الإرهاب البيولوجي.
كانت وجهة اوباما الثانية في يناير 2006 هي الكويت والعراق حيث التقى برفقة وفد من الكونغرس بالقوات الأميركية المتمركزة هناك ثم زار الأردن فإسرائيل والأراضي الفلسطينية، حيث التقى الطلبة الفلسطينيين قبل أسبوعين فقط من موعد الانتخابات التشريعية الفلسطينية وأكد لهم أن بإمكان الولايات المتحدة عدم الاعتراف بمرشحي حماس الفائزين إلا إذا تراجعت حماس عن فكرة تدمير إسرائيل.
وأما رحلته الثالثة فكانت إلى كينيا وافريقيا الجنوبية مرورا بجيبوتي وتشاد وإثيوبيا خلال شهر أغسطس 2006.
«اوباما تعال الينا»
لقد استقبل السفير الاميركي في نيروبي باراك اوباما لدى وصوله برفقة زوجته وابنتيه إلى مطار كينياتا الدولي، ولم يكن السفير وحده، بل جموع كبيرة ارتدى أفرادها قمصانا كتب عليها اسمه، فيما كان البعض ينادون «اوباما تعال الينا».
وفيما ذهب اوباما لزيارة موقع سفارة الولايات المتحدة الاميركية الذي تعرض لهجوم إرهابي، اتجهت عائلته الصغيرة إلى ضاحية نيانزا في الغرب الريفي، حيث توجد ربى إفريقيا الخضراء التي عشقها هيمنغواي وكتب عنها.
كان أفراد قبيلة لو يعتبرون اوباما واحدا منهم حتى وان نشأ بعيدا عنهم وفي بيئة مختلفة تماما.اقترب اوباما من عامة الناس وزار جدته لوالده في بيته المغطى بالعشب وفق تقاليد قبيلة لو في قرية كوغيلو وهناك حاول إشعار الناس بخطر السيدا، حيث خضع هو وزوجته لفحص السيدا في عيادة كينيان.
دهش الجميع برد فعل الجماهير التي رحبت باوباما، على الرغم من زيارته مرتين فقط لكينيا، غير ان هذا لم يكن سوى صورة تعكس شعبيته في الولايات المتحدة الاميركية منذ بداية مشواره السياسي.
بعد أشهر من زيارته إلى مسقط رأس والده، أعلن باراك اوباما دعمه الكامل للمبادرة الكينية الهادفة إلى استرجاع مئات القطع الأثرية الكينية فكان أول رجل سياسي أميركي يؤكد على أهمية احترام التراث التاريخي والثروة الثقافية للبلاد التي استعمرتها الدول الغربية فترة طويلة.
لقد مكنت هذه الزيارات اوباما من تعزيز صورته وموقعه أيضا كرجل سياسة على الصعيد الدولي، كما مكنته من دحض كل الافتراءات والانتقادات التي طالته وحجتها ضآلة تجربته السياسية.
نجم الكونغرس
أصبحت صورة باراك اوباما خلال بضعة أشهر، تتصدر غالبية الصحف والمجلات وأصبح الصحافيون يقدمونه كواحد من أكثر الشخصيات كاريزمية في الولايات المتحدة الأميركية.
لقد عنونت تايم ماغازين صفحتها الأولى بتاريخ 23 أكتوبر 2006 وبحروف كبيرة «الرئيس القادم» و كتب أسفله «لماذا سيكون؟»، فيما قارن التقرير الذي نشر على الصفحات الداخلية بين اوباما وقوس قزح، انه حدث مفاجئ لكنه مثار إعجاب ونشوة.
أول الانتقادات
بدأت أولى الانتقادات توجه إلى باراك اوباما، حينما كتب كاتب افتتاحية شيكاغو سان تايمز مقالا تطرق فيه الى إمكانية لجوء اوباما الى تغيير عقليته وهي المقابل الذي سيقايض به استمرار نجاحه وتألقه، لقد كتب: «اسوأ ما يمكن ان يحصل هو ان يصبح اوباما أكثر حذرا وتحفظا حتى يستطيع الحفاظ على الشهرة التي وصل اليها»، فيما ذهب بول ستريت أكثر من ذلك، حيث نشر في مجلة الكترونية موجهة الى السود مقالا، جاء فيه ان اوباما يحاول تخفيف ادانة البيض، بينما لا يفعل البيض شيئا لمكافحة التمييز العنصري.
وأما في الصف الجمهوري فقد تركزت الانتقادات حول نقص تجربة اوباما السياسية. وأجاب فريق اوباما على هذه الانتقادات، بالقول ان الصفات الأساسية للقائد لا يمكن أن تكون التجربة وإنما الذكاء والرؤية الواضحة.طالت الانتقادات والهجومات كل شيء في اوباما حتى اسمه، ذلك ان مواقع الكترونية قدمت التشابه اللفظي بين اوباما واسامة –أي اسامة بن لادن – على انه اشكال كبير، فيما ركز العديد من الجمهوريين على اسمه الثاني «حسين» وهو الاسم نفسه الذي حمله الديكتاتور صدام حسين.
وكان رد روبرت جيبس مدير العلاقات العامة لاوباما بسيطا جدا حيث اكد استحالة تسوية وحل مشاكل العراق، باللجوء الى اقامة حملات تخص الاسماء الثانية للافراد.
لم يكن اوباما مجرد سيناتور في الولايات المتحدة الاميركية وان حاول في العديد من المرات تكذيب اشاعة ترشحه للانتخابات الرئاسية، الا ان عددا كبيرا من الصحافيين كانوا يؤكدون عدوله عن رأيه. توجد ثلاثة اسباب لذلك، بحسب صحافي نيويورك تايمز ديفيد بروكس وهي اولا: اهمية حزبه، فاوباما هو احسن من يمكن أن يبرز ويمثل طموحات الديموقراطيين وثانيا :عمره وشبابه المفعم بالحيوية والتجديد واخيرا رؤيته للسياسة، فهو الوحيد الذي بامكانه ان يقنع الرأي العام بفكرة العمل العام. لقد كانوا كثراً من تقدميين ومحافظين، من أملوا ترشح باراك اوباما للرئاسيات، لانهم يدركون تمام الادراك بانه قادر على الدفاع عن مصلحة الاميركيين وقادر ايضا على دفع عجلة النقاش الديموقراطي.
الحلقة الخامسة:
هل سيصوت الأميركيون لمسيحي ابن مسلم؟