المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : أصابع قتلة عثمان أشعلت موقعة «الجمل»



لمياء
07-18-2008, 04:45 PM
الإمام علي بن أبي طالب «ع» وصراع الخلافة مع طلاب الملك (7)


علي عباس - النهار

annahar@annaharkw.com


في محاولة لاعادة قراءة أحداثه المؤسفة.. نطل معا من نافذة التاريخ. انها معادلة ثابتة على مر الزمن. أحداث الأمس تصنع اليوم، وأحداث اليوم تحدد ملامح الغد، فالحياة نهر متصل لا يتوقف عن التدفق. تتفاعل فيه رواسب الماضي مع الحاضر، فتنتج عن تفاعلها ملامح المستقبل.

كعرب.. نحن نعشق أمجاد الماضي، ونتغنى بها في كل الأحوال، لذلك فان المفارقة تظل كبيرة بين ما كنا وما أصبحنا، وعلامات التعجب تبقى قائمة بشأن هذه الأمجاد التي سجلها التاريخ، التي لم تتبق منها أي رواسب.

هل هناك خلل ما؟ هل أخطأنا في قراءة التاريخ؟ هل علينا اعادة قراءته؟ تساؤلات تتزاحم في خاطر كل من وقف ذات يوم ليطل على الدنيا من نافذة التاريخ.

تساؤلات حول حقيقة ما سجله الرواة عن هذه الفترة - فترة خير القرون - من روايات ترتبط بأحداث مؤكدة أو مختلقة، وشخصيات منها من هم سادة الدنيا وملوك الآخرة، ومنها من هم مجرد طلاب دنيا. وحتى نستطيع تفهم ما حدث من صراع طويل بين أهل الدنيا وأهل الآخرة، وما واجهه رابع الخلفاء الراشدين الامام علي بن أبي طالب - على نبينا وآله أفضل الصلاة والسلام - من أحداث وحروب افتعلها أصحاب شعار «قميص عثمان» كان لابد من التوقف عند الخليفة الثالث لتوضيح أن أيدي خفية بدأت في نهاية عصره اثارة فتنة حصاره وقتله حتى يخلو لها وجه الحكم لولا مبايعة أهل الحل والعقد للإمام التي سرعان ما اكتشف الكثيرون أنها تقف حائلا دونهم وما يبتغون من عرض الدنيا.

هل كان تمسك الخليفة الرابع بالخلافة عن رغبة شخصية في الأمر، أم أن مواجهته للمعسكر الآخر كان مبعثها اعادة الأمور الى نصابها حفاظاً على الاسلام والمسلمين؟

الإمام نفسه يجيب على ذلك في معرض رده على المطالبين بدم عثمان: «انها مقولة حق أريد بها باطل».

هذا الخط الفاصل الذي قسم المجتمع المسلم الى معسكرين لا تخطئهما العين لأول مرة، ازداد وضوحا بعد ذلك من خلال الملامح السلبية التي أضفاها رواة التاريخ على كل شخصية بارزة حاولت اعادة الأمور الى نصابها، والا فهل من الصحيح أن سيد شباب أهل الجنة الامام الحسن بن علي كان لا همة له في السياسة والحكم لما شغل به من كثرة الزواج والطلاق وتفضيله حياة الدعة واللين؟

وهل من الصحيح أن سيد الشهداء الامام الحسين بن علي ما خرج الا رغبة في الحكم؟ وهل صحيح أن الصوام القوام عبدالله بن الزبير الذي كبر عند مولده كل من كانوا في مدينة رسول الله من مهاجرين وأنصار كان طامعا في ملك بني أمية؟

في كل مرة وقفت فيها لأنظر من نافذة التاريخ كنت أصاب بالغثيان لما تحويه الروايات التاريخية من افتراءات لا تتناسب والملامح الشخصية المعروفة عن هذه الكواكب اللامعة في سماء البشرية، ولا تتفق وما ورد عن أصحابها من أحاديث شريفة أو روايات لا يرقى لقائليها شك.

ان استعراض ملامح الشخصية من واقع الأحاديث الشريفة والروايات الموثقة، واستقراء الأحداث بعيداً عن الميول والتوجهات بمثابة خط الأساس في تقديم قراءة ثانية لصفحات التاريخ يتم خلالها التخلص من شوائب الاجتهادات والآراء الشخصية والانتماءات السياسية التي سادت خلال القرن الأول، وما تناقله الرواة عن هذه الفترة بعد ذلك دون تمحيص، ودون تدخل من أي نوع اكتفاء بفلسفة شيخ المؤرخين محمد بن جرير الطبري أول من سجل وقائع التاريخ خلال العصر العباسي، بالاشارة الى أن الرواية منكرة أو أن الراوي مجهول أو ضعيف، موضحاً أن أمانة المؤرخ هي في حرصه على تقديم كل ما لديه من روايات وأن مسؤولية اكتشاف الحقائق ليست عمل كاتب التاريخ وانما مسؤولية الراوي وذلك بقوله: «أما ان وجدت خبراً تستشنعه فاعلم أنك لم تؤت من قبلنا، وانما قد أوتيت من قبل راوية»، وهو منطق له وجاهته وان كان لا يعفي المؤرخ تماما من مسؤوليته عن الروايات المخالفة للعقل التي لا تتفق مع طبيعة ما تتعلق به من شخصيات وأحداث خاصة في الحالات الوارد فيها أحاديث شريفة أو أقوال ثقات. وقفنا عند تعارض الروايات الواردة بشأن موقف الصحابي الجليل أبي موسى الأشعري، ففي حين أسند اليه بعض الرواة استعداده للقتال إلى جانب جيش الامام اذا كانت المعركة من أجل القضاء على قتلة الخليفة الثالث رضي الله عنه، أسند اليه آخرون أنه طلب من أتباعه اعتزال الأمر وانتظار ما تنجلي عنه الفتنة، ومن غير المنطقي أن يكون له أكثر من رأي في وقت واحد.

كان أمير المؤمنين قد بعث ابن عباس والأشتر الى أبي موسى قائلا للأشتر - كما أسلفنا - «انطلق فاصلح ما أفسدت»، فلما دعا أبو موسى الى اعتزال الأمر عادا الى أمير المؤمنين فأخبراه الخبر، فأرسل الحسن عليه السلام وعمار بن ياسر قائلا لعمار: «انطلق فاصلح ما أفسدت».

ملاحظة: عبارة «انطلق فاصلح ما أفسدت» هذه تكررت مع محمد بن أبي بكر، والأشتر، وعمار بن ياسر، وايرادها يعني ضمنا أن أمير المؤمنين كان يعلم أن الثلاثة قد تورطوا في دم عثمان رضي الله عنه، وأنه رغم علمه بتورطهم كان يعتبرهم رؤوس جنده ومستشاريه، وفساد مثل هذه الرواية واضح من وجهين: الأول: محاولتها الايهام أن الثلاثة قد تورطوا فعلا في دم الخليفة القتيل، والثاني: أن أمير المؤمنين كان يعلم بهذا التورط المزعوم، ويستخدم الثلاثة رغم ذلك كرسل ومفاوضين.

والهدف الواضح من هذا الافتراء تأكيد أن جيش أمير المؤمنين كان يضم قتلة عثمان.

يؤكد ذلك ما تسترسل فيه الرواية من أن الحسن وعمار حين دخلا مسجد الكوفة كان أول من سلم عليهما مسروق بن الأجدع الذي قال لعمار: علام قتلتم عثمان؟ فقال عمار: على شتم أعراضنا وضرب أبشارنا (جلودنا)»، فقال: والله ما عاقبتم بمثل ما عوقبتم به، ولو صبرتم لكان خيراً للصابرين. وهو في ذلك يتمثل بالآية الكريمة (فان عاقبتم فعاقبوا بمثل ما عوقبتم به، ولئن صبرتم لهو خير للصابرين)، والمهم في ذلك هو الاعتراف الصريح المنسوب الى عمار: قتلناه على كذا.. وكذا!

تسترسل الرواية: وخرج أبو موسى فلقي الحسن بن علي فضمه اليه، وقال لعمار: يا أبا اليقظان.. أعدوت على أمير المؤمنين عثمان قتلته؟ فقال: لم أفعل.. ولم يسؤني ذلك، فقطع عليهما الحسن فقال لأبي موسى: لم تثبط الناس عنا؟ فو الله ما أردنا الا الاصلاح، ولا مثل أمير المؤمنين يخاف على شيء، فقال: صدقت بأبي وأمي، ولكن المستشار مؤتمن سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «انها ستكون فتنة القاعد فيها خير من القائم، والقائم خير من الماشي، والماشي خير من الراكب»، وقد جعلنا الله اخوانا وحرم علينا دماءنا وأموالنا، فغضب عمار وسبه، وقال: يا أيها الناس انما قال له رسول الله صلى الله عليه وسلم وحده: «انت فيها قاعدا خير منك قائماً»، فغضب رجل من بني تميم لأبي موسى ونال من عمار، وثار آخرون وجعل أبو موسى يكفكف الناس وكثر اللغط، وارتفعت الأصوات، وقال أبوموسى: أيها الناس.. أطيعوني وكونوا خير قوم من خير أمم العرب، يأوي اليهم المظلوم، ويأمن فيهم الخائف، وان الفتنة اذا أقبلت شبهت، واذا أدبرت تبينت، ثم أمر الناس بكف أيديهم ولزوم بيوتهم.

قام زيد بن صوحان فقال: أيها الناس سيروا الى أمير المؤمنين، وسيد المسلمين، سيروا اليه أجمعين، فقام القعقاع بن عمرو فقال: ان الحق ما قاله الأمير، ولكن لابد للناس من أمير يردع الظالم وينصف المظلوم وينتظم به شمل الناس، وأمير المؤمنين علي «ع» ملي بما وليّ، وقد انصف بالدعاء، وانما يريد الاصلاح، فانفروا اليه.

وقام عبد خير فقال: الناس أربع فرق، علي بمن معه في ظاهر الكوفة، وطلحة والزبير في البصرة، ومعاوية في الشام، وفرقة في الحجاز لا تقاتل ولا عناء بها.

فقال أبوموسى: أولئك خير الفرق، وهذه فتنة، ثم قام عمار والحسن بن علي في الناس على المنبر يدعوان الناس الى النفير الى أمير المؤمنين، فانه انما يريد الاصلاح بين الناس.

وقام حجر بن عدي فقال: يا أيها الناس، سيروا الى أمير المؤمنين (انفروا خفافا وثقالا وجاهدوا بأموالكم وأنفسكم في سبيل الله ذلكم خير لكم ان كنتم تعلمون) (التوبة /41).

واستجاب الناس للنفير فخرج مع الحسن تسعة آلاف في البر وفي دجلة، ويقال سار معه اثنا عشر ألف رجل، تلقاهم أمير المؤمنين في ذي قار ومعه جماعة منهم ابن عباس فرحب بهم وقال: يا أهل الكوفة.. أنتم لقيتم ملوك العجم ففضضتم جموعهم، وقد دعوتكم لتشهدوا معنا اخواننا من أهل البصرة، فان يرجعوا فذاك الذي نريده، وان أبوا داويناهم بالرفق حتى يبدأوا بالظلم، ولم ندع أمراً فيه صلاح الا أثرناه على ما فيه الفساد ان شاء الله تعالى، فاجتمعوا عنده بذي قار وكان من المشهورين من رؤساء من انضاف الى أمير المؤمنين، القعقاع بن عمرو، وسعد بن مالك، وهند بن عمرو، والهيثم بن شهاب، وزيد بن صوحان، والأشتر، وعدي بن حاتم، والمسيب بن نجية، ويزيد بن قيس، وحجر بن عدي، وأمثالهم، وكانت عبدالقيس بكمالها بين أمير المؤمنين في ذي قار والبصرة وهم ألوف، فبعث القعقاع رسولا الى طلحة والزبير يدعوهما الى الألفة والجماعة، ويعظم عليهما الفرقة والاختلاف، فذهب القعقاع الى البصرة فبدأ بعائشة أم المؤمنين، فقال: أي أماه ما أقدمك هذا البلد؟ فقالت: أي بني الاصلاح بين الناس، فسألها أن تبعث الى طلحة والزبير ليحضرا عندها، فحضرا فقال القعقاع: اني سألت أم المؤمنين ما أقدمها؟ فقالت: انما جئت للاصلاح بين الناس، فقالا: ونحن كذلك، قال: فأخبراني ما وجه هذا الاصلاح؟ وعلى أي شيء يكون؟ فوالله لئن عرفناه لنصطلحن، ولئن أنكرنه لا نصطلحن، قالا: قتلة عثمان، فان هذا ان ترك كان تركا للقرآن، فقال: قتلتما قتلته من أهل البصرة، وأنتما قبل قتلهم أقرب منكم الى الاستقامة منكم اليوم، قتلتم ستمئة رجل، فغضب لهم ستة آلاف فاعتزلوكم، وخرجوا من بين أظهركم، وطلبتم حرقوص بن زهير فمنعه ستة آلاف، فإن تركتموهم وقعتم فيما تقولون،وان قاتلتموهم فأديلوا عليكم كان الذي حذرتم وفرقتم من هذا الأمر أعظم مما أراكم تدفعون وتجمعون منه - يعني أن الذي تريدونه من قتل عثمان مصلحة، ولكنه يترتب عليه مفسدة هي أربى منها - وكما أنكم عجزتم عن الأخذ بثأر عثمان من حرقوص بن زهير، لقيام ستة آلاف في منعه ممن يريد قتله، فعليّ أعذر في تركه الآن قتل قتلة عثمان، وانما أخر قتل قتلة عثمان الى أن يتمكن منهم، فان الكلمة في جميع الأمصار مختلفة، ثم أعلمهم ان خلقا من ربيعة ومضر قد اجتمعوا لحربهم بسبب هذا الأمر الذي وقع فقالت له عائشة أم المؤمنين: فماذا تقول أنت؟ قال: أقول ان هذا الأمر الذي وقع دواؤه التسكين، فاذا سكن اختلجوا فان أنتم بايعتمونا فعلامة خير وتباشير رحمة، وادراك الثأر، وان أنتم أبيتم الا مكابرة هذا الأمر وائتنافه كانت علامة شر وذهاب هذا الملك، فآثروا العافية ترزقوها، وكونوا مفاتيح خير كما كنتم أولا، ولا تعرضونا للبلاء فتتعرضوا له،فيصرعنا الله واياكم، وايم الله اني لأقول قولي هذا وأدعوكم اليه، واني لخائف ألا يتم حتى يأخذ الله حاجته من هذه الأمة التي قل متاعها، ونزل بها ما نزل، فإن هذا الأمر الذي قد حدث أمر عظيم، وليس كقتل الرجل الرجل، ولا النفر الرجل، ولا القبيلة القبيلة، فقالوا: قد أصبت وأحسنت فارجع، فان قدم علي وهو على مثل رأيك صلح الأمر، قال: فرجع الى علي فأخبره فأعجبه ذلك، وأشرف القوم على الصلح، كره ذلك من كرهه ورضيه من رضيه، وأرسلت عائشة الى علي تعلمه أنها انما جاءت للصلح، ففرح هؤلاء وهؤلاء، وقام علي في الناس خطيبا فذكر الجاهلية وشقاءها وأعمالها وذكر الاسلام وسعادة أهله بالألفة والجماعة، وأن الله جمعهم بعد نبيه «صلى الله عليه وسلم» على الخليفة أبي بكر الصديق، ثم بعده على عمر بن الخطاب، ثم على عثمان ثم حدث هذا الحدث الذي جرى على الامة، أقوام طلبوا الدنيا وحسدوا من أنعم الله عليه بها، وعلى الفضيلة التي من الله بها، وأرادوا رد الاسلام والاشياء على أدبارها، والله بالغ أمره، ثم قال: ألا اني مرتحل غداً فارتحلوا، ولا يرتحل معي أحد أعان على قتل عثمان بشيء من أمور الناس: فلما قال هذا اجتمع من رؤوسهم جماعة كالاشتر النخعي، وشريح بن أوفى، وعبدالله بن سبأ المعروف بابن السوداء، وسالم بن ثعلبة، وغلاب بن الهيثم، وغيرهم في الفين وخمسمئة، وليس فيهم صحابي ولله الحمد، فقالوا: ما هذا الرأي وعلي والله اعلم بكتاب الله ممن يطلب قتلة عثمان، وأقرب الى العمل بذلك، وقد قال ما سمعتم، غداً يجمع عليكم الناس، وانما يريد القوم كلهم انتم، فكيف بكم وعددكم قليل في كثرتهم، فقال الاشتر: قد عرفنا رأي طلحة والزبير فينا، وأما رأي علي فلم نعرفه الى اليوم، فإن كان قد اصطلح معهم فإنما اصطلحوا على دمائنا، فإن كان الامر هكذا الحقنا عليا بعثمان، فرضي القوم منا بالسكوت، فقال ابن السوداء: بئس ما رأيت، لو قتلناه قتلنا، فإنا يا معشر قتلة عثمان في الفين وخمسمئة وطلحة والزبير واصحابهما في خمسة آلاف، لا طاقة لكم بهم، وهم انما يريدونكم، فقال غلاب بن الهيثم: دعوهم وارجعوا بنا حتى نتعلق ببعض البلاد فنمتنع بها فقال ابن السوداء: بئس ما قلت، اذا والله كان يتخطفكم الناس ثم قال ابن السوداء قبحه الله: يا قوم ان عيركم في خلطة الناس فإذا التقى الناس فانشبوا الحرب والقتال بين الناس ولا تدعوهم يجتمعون فمن أنتم معه لا يجد بداً من ان يمتنع، ويشغل الله طلحة والزبير ومن معهما عما يحبون، ويأتيهم ما يكرهون، فأبصروا الرأي وتفرقوا عليه، وأصبح علي مرتحلاً ومر بعبد القيس فساروا مع من معه حتى نزلوا بالزاوية، وسار منها يريد البصرة، وسار طلحة والزبير ومن معهما للقائه، فاجتمعوا عند قصر عبيد الله بن زياد، ونزل الناس كل في ناحية، وقد سبق عليّ جيشه وهم يتلاحقون به، فمكثوا ثلاثة أيام والرسل بينهم، فكان ذلك للنصف من جمادى الاخرة سنة ست وثلاثين، فأشار بعض الناس على طلحة والزبير بانتهاز الفرصة، من قتلة عثمان فقالا: ان عليا أشار بتسكين هذا الامر، وقد بعثنا اليه بالمصالحة على ذلك، وقام علي في الناس خطيباً، فقام اليه الاعور بن نيار المنقري، فسأله عن اقدامه على أهل البصرة، فقال: الاصلاح، واطفاء الثائرة ليجتمع الناس على الخير، ويلتئم شمل هذه الامة، قال: فإن لم يجيبونا؟ قال: تركناهم ما تركونا، قال: فإن لم يتركونا؟ قال: دفعناهم عن أنفسنا، قال: فهل لهم في هذا الامر مثل الذي لنا، قال: نعم وقام اليه أبوسلام الدالاني فقال: هل لهؤلاء القوم حجة فيما طلبوا من هذا الدم، ان كانوا ارادوا الله في ذلك؟ قال: نعم فهل لك من حجة في تأخيرك ذلك؟ قال: نعم قال ما حالنا وحالهم ان ابتلينا غداً؟ قال: اني لارجو الا يقتل منا ومنهم احد نقى قلبه لله الا أدخله الله الجنة، وقال في خطبته: أيها الناس أمسكوا عن هؤلاء القوم أيديكم وألسنتكم، وإياكم ان يسبقونا غداً، فإن المخصوم غداً مخصوم اليوم وجاء في غضون ذلك الاحنف بن قيس في جماعة فانضاف الى علي - وكان قد منع حرقوص بن زهير من طلحة والزبير وكان قد بايع علياً في المدينة وذلك أن قدم المدينة وعثمان محصوراً فسأل عائشة وطلحة والزبير: ان قتل عثمان من أبايع؟ فقالوا بايع عليا فلما قتل عثمان بايع عليا قال ثم رجعت الى قومي فجاءني بعد ذلك ما هو أفظع حتى قال الناس: هذه عائشة جاءت لتأخذ بدم عثمان، فحرت في أمري من أتبع، فمنعني الله بحديث سمعته من أبي بكر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد بلغه ان الفرس قد ملكوا عليهم ابنة كسرى فقال: «لن يفلح قوم ولوا أمرهم امرأة» وأصل هذا الحديث في صحيح البخاري، والمقصود أن الاحنف لما انحاز الى عليّ ومعه ستة الاف قوس، فقال لعلي: إن شئت كففت عنك عشرة آلاف سيف، فقال: اكفف عنا عشرة الاف سيف، ثم بعث علي الى طلحة والزبير يقول: ان كنتم على ما فارقتم عليه القعقاع بن عمرو فكفوا حتى ننزل فننظر في هذا الامر، فارسلا اليه في جواب رسالته، إنا على ما فارقنا القعقاع بن عمرو من الصلح بين الناس، فأطمأنت النفوس وسكنت، واجتمع كل فريق بأصحابه من الجيشين، فلما أمسوا بعث علي عبدالله بن عباس اليهم، وبعثوا اليه محمد بن طليحة السجاد وبات الناس بخير ليلة، وبات قتلة عثمان بشر ليلة، وباتوا يتشاورون وأجمعوا على ان يثيروا الحرب من الغلس.

لمياء
07-18-2008, 04:48 PM
موقعة الجمل

فنهضوا من قبل طلوع الفجر وهم قريب من ألفي رجل فانصرف كل فريق الى قراباتهم فهجموا عليهم بالسيوف، فثارت كل طائفة الى قومهم ليمنعوهم، وقام الناس من منامهم الى السلاح، فقالوا طرقتنا أهل الكوفة ليلاً، وبيتونا وغدروا بنا، وظنوا أن هذا عن ملأ من أصحاب عليّ فبلغ الأمر علياً فقال: ما للناس؟ فقالوا: بيتنا أهل البصرة، فثار كل فريق إلى سلاحه ولبسوا اللامة وركبوا الخيول، ولا يشعر أحد منهم بما وقع الامر عليه في الامر نفسه، وكان أمر الله قدراً مقدوراً وقامت الحرب على ساق وقدم، وتبارز الفرسان، وجالت الشجعان فنشبت الحرب، وتواقف الفريقان وقد اجتمع مع علي عشرون الفا، والتف على عائشة ومن معها نحو ثلاثين الفا، فإنا لله وإنا إليه راجعون، والسابئة أصحاب ابن السوداء قبحه الله لا يفترون عن القتل، ومنادي علي ينادي: ألا كفوا، فلا يسمع أحد، وجاء كعب بن سوار قاضي البصرة فقال: يا أم المؤمنين أدركي الناس لعل الله ان يصلح بك بين الناس، فجلست في هودجها فوق بعيرها وستروا الهودج بالدروع، وجاءت فوقفت بحيث تنظر الى الناس عند حركاتهم، فتصاولوا وكان في جملة من تبارز الزبير، وعمار، فجعل عمار ينخره بالرمح والزبير كاف عنه، ويقول له، أتقتلني يا أبا اليقظان؟

فيقول : لا يا أبا عبدالله، وإنما تركه الزبير لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم «تقتلك الفئة الباغية» وإلا فالزبير أقدر عليه منه عليه، فلهذا كف عنه، وقد كان من سنتهم في هذا اليوم انه لا يذفف على جريح، ولا يتبع مدبر، وقد قتل مع هذا خلق كثير جداً، حتى جعل علي يقول لابنه الحسن: يا بني ليت أباك مات قبل هذا اليوم بعشرين عاماً فقال له: يا ابني قد كنت أنهاك عن هذا، قال سعيد بن أبي عجرة عن قتادة عن الحسن عن قيس ابن عبادة قال: قال علي يوم الجمل: يا حسن ليت أباك مات منذ عشرين سنة فقال له: يا ابه قد كنت أنهاك عن هذا، قال: يا بني أني لم أر أن الامر يبلغ هذا: وقال مبارك بن فضالة عن الحسن بن أبي بكرة: لما اشتد القتال يوم الجمل، ورأى علي الرؤوس تندر أخذ علي ابنه الحسن فضمه الى صدره، ثم قال: إنا لله يا حسن أي خير يرجى بعد هذا؟ فلما ركب الجيشان وتراءى الجمعان وطلب علي طلحة والزبير ليكلمهما، فاجتمعوا حتى التفت أعناق خيولهم، فيقال انه قال لهما: اني اراكما قد جمعتما خيلاً ورجالاً وعدداً، فهل أعددتما عذراً يوم القيامة؟ فاتقيا الله ولا تكونا كالتي نقضت غزلها من بعد قوة أنكاثاً، ألم اكن حاكماً في دمكما تحرمان دمي وأحرم دمكما، فهل من حديث أحل لكما دمي؟ فقال طلحة: ألبت على عثمان، فقال علي (يومئذ يوفيهم الله دينهم الحق) (النور: 25) ثم قال: لعن الله قتلة عثمان، ثم قال يا طلحة اجئت بعرس رسول الله صلى الله عليه وسلم تقاتل بها، وخبأت عرسك في البيت؟ أما بايعتني؟ فقال: بايعتك والسيف على عنقي.

وقال للزبير: ما أخرجك؟ قال: أنت، ولا أراك بهذا الامر أولى به مني: فقال له علي: أما تذكر يوم مررت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في بني غنم فنظر الي وضحك وضحكت اليه، فقلت: لا يدع ابن أبي طالب زهوه، فقال لك رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أنه ليس بمتمرد لتقاتلنه وانت ظالم له»؟ فقال الزبير: اللهم نعم ولو ذكرت ما سرت مسيري هذا، ووالله لا أقاتلك، وفي هذا السياق كله نظر والمحفوظ منه الحديث، فقد رواه الحافظ أبو يعلى الموصلي فقال: حدثنا أبو يوسف يعقوب بن إبراهيم الدوري حدثنا أبوعاصم عن عبدالله بن عبدالملك بن مسلم الرقاشي عن جده عبدالملك عن أبي حزم المازني، قال: شهدت عليا والزبير حين تواقفا، فقال له علي: يا زبير أنشدك الله أسمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم ويقول «انك تقاتلني وانت ظالم؟» قال: نعم لم اذكره الا في موقفي هذا، ثم انصرف.

وقد رواه البيهقي عن الحاكم عن ابي الوليد الفقيه عن الحسن بن سفيان عن قطن بن بشير عن جعفر بن سليمان عن عبدالله بن محمد بن عبدالملك بن مسلم الرقاشي عن جده عن ابي حزم المازني عن علي والزبير به، وقال عبدالرزاق: ان معمر عن قتادة قال: لما ولي الزبير يوم الجمل بلغ عليا فقال: لو كان ابن صفية يعلم انه على حق ما ولي، وذلك ان رسول الله صلى الله عليه وسلم لقيهما في سقيفة بني ساعدة فقال: «اتحبه يا زبير؟ فقال: وما يمنعني ان احبه؟ قال: فكيف بك اذا قاتلته وانت ظالم له»؟ قال: فيرون انه انما ولى لذلك، قال البيهقي: وهذا مرسل وقد روي موصولا من وجه اخر اخبرنا ابوبكر محمد بن الحسن القاضي انا ابو عامر بن مطر انا ابوالعباس عبدالله بن محمد بن سوار الهاشمي الكوفي انا منجاب بن الحارث، حدثنا عبدالله بن الاجلح، حديثنا ابي عن مرثد الفقيه عن ابيه، قال: وسمعت فضل بن فضالة يحدث عن حرب بن ابي الاسود الدؤلي، دخل حديث احدهما في حديث صاحبه-

قال: لما دنا علي واصحابه من طلحة والزبير، ودنت الصفوف بعضها من بعض، خرج علي وهو على بغلة رسول الله صلى الله عليه وسلم فنادى: ادعوا لي الزبير بن العوام فإني علي، فدعى له الزبير فأقبلا حتى اختلفت اعناق دوابهما، فقال علي ناشدتك الله اتذكر يوم مر بك رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن في مكان كذا وكذا فقال: «يا زبير الا تحب عليا؟» فقلت: الا احب ابن خالي وابن عمي وعلى ديني؟ فقال: «يا زبير اما والله لتقاتلنه وانت ظالم له»؟ فقال الزبير: بلى والله لقد نسيته منذ سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم ذكرته الان، والله لا اقاتلك، فرجع الزبير على دابته يشق الصفوف، فعرض له ابنه عبدالله بن الزبير، فقال: ما لك؟ فقال: ذكرني علي حديثا سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم سمعته يقول:

«لتقاتلنه وانت ظالم له» فقال: او للقتال جئت؟ انما جئت لتصلح بين الناس ويصلح الله بك هذا الامر، قال: قد حلفت الا اقاتله، قال: اعتق غلامك سرجس وقف حتى تصلح بين الناس، فأعتق غلامه ووقف، فلما اختلف امر الناس ذهب على فرسه «وروى البراء عن أحمد بن عبده عن الحسين بن الحسن عن رفاعة بن اياس بن ابي اياس عن ابيه عن جده قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «اللهم وال من والاه وعاد من عاداه»، قال بلى، وانصرف، وقد استغربه البزار، وهو جدير بذلك، قالوا: فرجع الزبير الى عائشة فذكر انه قد آلى ألا يقاتل عليا، فقال له ابنه عبدالله: انك جمعت الناس، فلما تراءى بعضهم لبعض خرجت من بينهم، كفر عن يمينك «واحضر» فاعتق غلاما، وقيل غلامه سرجس، وقد قيل: انه انما رجع عن القتال لما رأى عمار مع علي وقد سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لعمار: «تقتلك الفئة الباغية» فخشى ان يقتل عمار في هذا اليوم. وعندي ان الحديث الذي رويناه ان كان صحيحاً عنه فما رجعه سواه، ويبعد ان يكفر عن يمينه ثم يحضر بعد ذلك لقتال عليّ والله اعلم.

والمقصود ان الزبير لما خرج يوم الجمل سار فنزل وادياً يقال له وادي السباع، فاتبعه رجل يقال له: عمرو بن جرموز، فجاءه وهو نائم فقتله غيلة كما سنذكره مفصلاً، واما طلحة فجاءة في المعركة سهم غرب (طائش) يقال: رماه به مروان بن الحكم فالله اعلم، فانتظم رجله مع فرسه فجمحت به الفرس فجعل يقول: إليّ عباد الله، إليّ عباد الله فاتبعه مولى له فامسكها، فقال له: ويحك اعدل بي إلى البيوت، وامتلأ خفه دما فقال لغلامه: (انزعه) واردفني، وذلك انه نزفه الدم وضعف، فركب (الغلام) وراءه وجاء به الى بيت في البصرة فمات فيه، رضي الله عنه.

وتقدمت عائشة رضي الله عنها في هودجها، وناولت كعب بن سوار قاضي البصرة مصحفاً وقالت: دعهم اليه - وذلك (أنه) حين اشتدت الحرب وحمي القتال، ورجع الزبير، وقتل طلحة رضي الله عنهما - فلما تقدم كعب بن سوار بالمصحف يدعو اليه استقبله مقدم جيش الكوفيين، وهو عبد الله بن سبأ - وهو ابن السوداء - واتباعه بين يدي الجيش، يقتلون من قدروا عليه من اهل البصرة، ولا يتوقفون في احد، فلما رأوا كعب بن سوار رافعاً المصحف رشقوه بنبالهم رشقة رجل واحد فقتلوه، ووصلت النبال الى هودج ام المؤمنين عائشة رضي الله عنها، فجعلت تنادي: الله الله يا بني اذكروا يوم الحساب ورفعت يديها تدعو على اولئك النفر من قتلة عثمان، فضج الناس معها بالدعاء حتى وصلت الضجة الى علي فقال: ما هذا؟

فقالوا، ام المؤمنين تدعو على قتلة عثمان واشياعهم، فقال: اللهم العن قتلة عثمان، وجعل اولئك النفر لا يقلعون عن رشق هودجها بالنبال حتى بقي مثل القنفذ، وجعلت تحرض الناس على منعهم وكفهم، فحملت مضر حملة فطردوهم حتى وصلت الحملة الى الموضع الذي فيه علي بن ابي طالب، فقال لابنه محمد الحنفية، ويحك تقدم بالراية، فلم يستطع، فأخذها عليّ من يده فتقدم بها، وجعلت الحرب تأخذ وتعطي، فتارة لأهل البصرة، وتارة لاهل الكوفة، وقتل خلق كثير، ثم جاء رجل فضرب الجمل على قوائمه فعقره وسقط الى الارض فسمع له عجيج ما سمع اشد ولا انفذ منه، وآخر من كان الزمام بيده زفر بن الحارث فعقر الجمل وهو في يده، ويقال: انه اتفق هو وبجير بن دلجة على عقره، ويقول: ان الذي اشار بعقر الجمل علي، وقيل: القعقاع بن عمر ولئلا تصاب ام المؤمنين، فإنها بقيت غرضاً للرماة، ومن يمسك بالزمام برجاساً للرماح، ولينفصل هذا الموقف الذي قد تفانى فيه الناس ولما سقط البعير الى الارض انهزم من حوله من الناس، وحمل هودج عائشة وانه لكالقنفذ من كثرة النشاب، ونادى منادي عليّ في الناس: انه لا يتبع مدبر ولا يذفف على جريح، ولا يدخلوا الدور، وامر علي نفراً ان يحملوا الهودج من بين القتلى، وأمر محمد بن أبي بكر وعمار أن يضربا عليها قبة، وجاء إليها أخوها محمد فسألها هل وصل اليك شيء من الجراح؟ فقالت: لا وما أنت ذاك يا ابن الخثعمية؟ وسلم عليها عمار فقال: كيف انت يا أم؟ فقالت: لست لك بأم.

قال: بلى وان كرهت، وجاء اليها علي بن ابي طالب امير المؤمنين مسلماً فقال: كيف أنت يا أمه؟ قالت: بخير فقال: يغفر الله لك وجاء وجوه الناس من الأمراء والأعيان يسلمون على ام المؤمنين رضي الله عنها.

فلما كان الليل دخلت ام المؤمنين البصرة - ومعها أخوها محمد بن أبي بكر - فنزلت في دار عبدالله بن خلف الخزاعي - وهي أعظم دار بالبصرة - على صفية بنت الحارث بن أبي طلحة بن عبدالعزى بن عثمان بن عبدالدار، وهي ام طلحة الطلحات عبدالله بن خلف، وتسلل الجرحى من بين القتلى فدخلوا البصرة، (وأقام علي بظاهر البصرة ثلاثا) وقد طاف علي بين القتلى فجعل كلما مر برجل يعرفه ترحم عليه ويقول: يعز علي ان ارى قريشاً صرعى، وقد مر على ما ذكر على طلحة بن عبيد الله وهو مقتول فقال: لهفي عليك يا أبا محمد، انا لله وانا اليه راجعون.

فقال له رجل: يا أمير المؤمنين ان على الباب رجلين ينالان من عائشة، فأمر علي القعقاع بن عمرو ان يجلد كل واحد منهما مئة وان يخرجهما من ثيابهما، وقد سألت عائشة عمن قتل معها ومع علي من المسلمين، فجعلت كلما ذكر لها واحد منهم ترحمت عليه ودعت له، ولما أرادت أم المؤمنين عائشة الخروج من البصرة بعث إليها عليّ رضي الله عنه بكل ما ينبغي من مركب وزاد ومتاع وغير ذلك، واذن لمن سلم ممن جاء في جيشها أن يرجع الا ان يحب المقام، واختار لها اربعين امرأة من نساء اهل البصرة المعروفات، وسير معها اخاها محمد بن ابي بكر، فلما كان اليوم الذي ارتحلت فيه جاء عليّ فوقف على الباب وحضر الناس وخرجت من الدار في الهودج فودعت الناس ودعت لهم، وقالت:

يا بني لا يعتب بعضنا على بعض، انه والله ما كان بيني وبين علي في القدم الا ما يكون بين المرأة وأحمائها، وانه على معتبتي لمن الأخيار. فقال عليّ: صدقت والله ما كان بيني وبينها الا ذاك، وانها لزوجة نبيكم صلى الله عليه وسلم في الدنيا والآخرة وسار عليّ معها مودعاً ومشيعاً اميالاً، وسرح بينه معها بقية ذلك اليوم - وكان يوم السبت مستهل رجب سنة ست وثلاثين - وقصدت في مسيرها ذلك الى مكة فأقامت بها الى ان حجت عامها ذلك ثم رجعت الى المدينة رضي الله عنها. وأما مروان بن الحكم فإنه لما فر استجار بمالك بن مسمع فأجاره، ووفى له، ولهذا كان بنو مروان يكرمون مالكاً ويشرفونه، ويقال انه نزل دار بني خلف فلما خرجت عائشة خرج معها، فلما سارت الى مكة سار هو الى المدينة.


http://www.annaharkw.com/annahar/Article.aspx?id=83345