سلسبيل
07-15-2008, 05:51 AM
لا حرب في المنطقة ... اطمئنوا!
http://www.alraimedia.com/AlRai.Web/UserFiles/17.3(19).jpg
غلوم والشايجي ومتابعة من الزميلة غادة عبدالسلام (تصوير علي السالم)
| كتبت غادة عبد السلام |
لا حرب في المنطقة على خلفية الملف النووي الإيراني وبالمنطق ... واطمئنوا.
تلك كانت خلاصة الحوار في ديوانية «الراي» وعلى ما يزيد عن الساعتين في ملف الساعة، الملف النووي الإيراني الذي ألهبت هباته الساخنة التهديدات المتبادلة بين طرفي النزاع، الولايات المتحدة وإسرائيل من جهة وإيران من جهة أخرى تطاولت إلى تصريحات بإغلاق مضيق هرمز وحرب ربما لا تبقي ولا تذر.
حوار «الراي» كان مع الخبيرين في الشؤون السياسية، أستاذ العلوم السياسية في جامعة الكويت الدكتور عبدالله الشايجي والباحث المختص في الشؤون الإيرانية المهندس مصطفى غلوم للحديث عن البرنامج النووي الإيراني.
الدكتور الشايجي رأى أن كثيرا من المؤشرات توحي بأن إيران تريد استخدام الملف النووي لأغراض تخدم مشروعها وانه امر منطقي أن تسعى إيران إلى امتلاك البرنامج النووي فهي لا تريد الطاقة النووية بل استخدامها في هذا الوقت لتزيد من أهميتها وثقلها كون السلاح النووي لا يمكن استخدامه.
وقال الشايجي ان إغلاق مضيق هرمز يشكل ضررا لإيران في المقام الاول كونها تستورد 40 في المئة من حاجتها إلى البنزين وأن التهديدات والإغراق فيها هو من قبيل الحرب النفسية فلا أميركا ولا إسرائيل ولا إيران تريد الحرب وجل ما هناك مناورات ومشاورات في ما يسمى «الصفقة الكبرى» لإعطاء طهران دورا في المنطقة على حساب العالم العربي ... نعم هناك صفقة تدور في الخفاء لكن هل ستتم في عهد إدارة الرئيس بوش؟ هذا هو السؤال، والسؤال الآخر: ماذا يريد بوش ليسجله للتاريخ في آخر سنة من سنوات عهده؟
من جهته يرى غلوم ان المفارقة هي أن من يقف اليوم ضد الملف النووي الإيراني هو نفسه من بدأ البرنامج النووي الإيراني منذ ما يزيد على 48 سنة، يقصد بذلك الولايات المتحدة.
وقال غلوم أنه لا يوجد مستند يثبت وجود برنامج نووي إيراني غير سلمي وان اميركا واوروبا في حاجة إلى إيران مستقرة ليستقر وضع المنطقة التي سيكون مستقبلها زاهرا ما لم يشنجه الغرب.
ووصف غلوم الطاقة النووية السلمية بانها طاقة المستقبل وإن علينا التفكير الجدي في بناء محطات نووية أن اردنا الحفاظ على النفط للأجيال القادمة.
وأشار غلوم إلى أن قرارات مجلس الامن لا تعبر غالبا عن إرادة دولية بل عن إرادة استعمارية ونحن ضحايا الدول العظمى التي تسيطر علينا.
وفي ما يلي تفاصيل الندوة:
البداية كانت مع الدكتور الشايجي.
• كيف نشأ الصراع الدولي - الإيراني بشأن البرنامج النووي؟
- اصبح الملف النووي الايراني منذ اربع سنوات موضوع تعامل ايران مع المجتمع الدولي، خصوصا بعد اكتشاف المعارضة الإيرانية لسرية الملف وتسريبها الخبر بوجود برنامج نووي سري يعود إلى اكثر من 18 عاما، وما اثار الكثير من التساؤلات خصوصا ان ايران ينظر اليها على انها محسوبة على «محور الشر».
فالرئيس الأميركي جورج بوش ألقى خطابا مهما العام 2002 في جلسة مشتركة تسمى «حالة الاتحاد» وهي مطلب دستوري في اميركا بأن يلقي الرئيس خطابا في شهر يناير من كل عام، يوضح خلاله الاستراتيجية والسياسة الاميركية في العالم.
وكان من اللافت في خطاب الرئيس بوش العام 2002 ذكره لدول اسماها «محور الشر» وهذا تطور فكري ايديولوجي من الإدارة الاميركية، وهذه الدول كانت ايران بسبب ملفها النووي ورعايتها للارهاب على حد وصف الرئيس بوش وكوريا الشمالية بسبب برنامجها النووي ايضا وسياسة التجويع للشعب اضافة إلى العراق مع مراوغة صدام حسين ومحاولة اخفائه لبرنامج اسلحة الدمار الشامل.
وسميت هذه الدول الثلاث بـ «مثلث محور الشر» وبدأت منذ ذلك الوقت الدول الغربية بقيادة الولايات المتحدة الاميركية وبريطانيا ودخلت فيها الوكالة الدولية للطاقة الذرية والاتحاد الاوروبي فيما بعد، تسليط الضوء على إيران وبرنامجها النووي وتطالبها بوقف تخصيب اليورانيوم والالتزام باتفاقية الـ npt التي تحظر انتشار الاسلحة النووية.
وتفاقمت الامور اكثر واكثر وبقيت ايران تصر منذ تسلم الدكتور محمود احمدي نجاد للرئاسة، على برنامجها النووي.
• وهل يخالف البرنامج النووي الايراني بنود الاتفاقيات الدولية؟
- لا بد من الإشارة إلى نقطتين فالقرارات الدولية والـ npt تعطي اي دولة في العالم حق تخصيب اليورانيوم بدرجات محددة لامتلاك الطاقة النووية لأغراض سلمية اضافة إلى حق كل دولة امتلاك البرنامج النووي لأغراض سلمية. وفي تطور آخر فإن الدول على النطاق العالمي والتي لديها اعتماد على الطاقة النووية للبرامج السلمية هي الدول التي ليس لديها نفط ولا غاز وهذا يثير تساؤلا لدى الاطراف التي لديها موقف من ايران لماذا تريد ايران برنامجا نوويا؟ وبالنظر إلى ماضي ايراني التي اخفت فيه برنامجها النووي والى اطماع ايران ودورها والمشروع الإيراني الكبير ووجودها في العراق ولعبها لدور قوي هناك اضافة إلى وجودها في لبنان وفلسطين من خلال دعمها «لحزب الله» و«حماس» وكذلك تواجدها في غرب افغانستان والخليج العربي كل هذه المؤشرات توحي بأن ايران تريد استخدام الملف النووي لخدمة اغراضها وبرنامجها ومشروعها.
وهذا شيء منطقي ان تسعى ايران لامتلاك البرنامج النووي، فطهران لا تريد الطاقة النووية، بل تريد استخدامها في هذا الوقت لتزيد من اهميتها وثقلها كون البرنامج النووي او السلاح النووي في نهاية الامر لا يمكن استخدامه.
• اذا كان السلاح النووي لا يمكن استخدامه فلماذا تسعى الدول لامتلاكه؟
- يوجد في العالم 9 دول نووية لا تستخدم السلاح النووي فهذا السلاح في العلم الاستراتيجي سلاح دفاعي وردعي ويعطي الدولة التي تمتلكه هيبة واحتراما ومظهرا لائقا ويعزز دورها في تحقيق اهدافها.
والسؤال الذي يطرح نفسه اذا كانت ايران تريد برنامجا نوويا لأغراض سلمية، لماذا لا توافق على الاقتراحات التي قدمت من روسيا والحزمة الاوروبية النشيطة والسخية، او تتوقف عند المقترح السعودي بإنشاء «كونسورتيوم» من شركات كبيرة في دولة محايدة لتسحب الذرائع من المشككين باستخدامها برنامجها النووي لأغراض سلمية لإخفاء برنامج كبير جدا لأغراض عسكرية، ولتوافق على الكونسورتيوم الذي سيعطيها مفاعلات نووية جاهزة او سيعطيها ماء ثقيلا او خفيفا تنتج فيه الطاقة النووية وحينها سيعلم الجميع من الأمم المتحدة والوكالة الدولية للطاقة الذرية والدول الكبرى ودول مجلس الامن والدول الخليجية بوجود رقابة صارمة على ايران وان طهران لن تقدم على تخصيب اليورانيوم بل سيأتيها جاهزا ومعروف مستوى التخصيب فيه وتستخدمه للأغراض السلمية، هذا اذا كانت تريد فعلا البرنامج النووي لأغراض سلمية.
اما اذا كان غير ذلك، فلتستعد للمواجهة والتحدي والحصار.
• من وجهة نظرك هل يؤثر اغلاق مضيق هرمز على ايران؟
- تعاني ايران الآن من ثلاث مشاكل حيث لديها قطع مبرمج للكهرباء ومشكلة في النفط فهي تستورد 40 في المئة من احتياجاتها من البنزين وهذه مشكلة كبيرة بالنسبة لها حيث اذا اغلق مضيق هرمز او حصلت اي مشاكل لن يتوافر البنزين لإيران، ورغم ان ايران غنية بالنفط لكن لا يخفى انها ترصد ما بين 5 و6 مليارات دولار لاستيراد البنزين لأنها ليس لديها مصاف كافية لتكرير النفط الذي تنتجه.
• وماذا ستكسب ايران لو استجابت للضغوط الدولية؟
- ايران ستكون أكثر قبولا في المنطقة والعالم اذا شاركت في «الكونسورتيوم» لأنها سترفع عنها الحصار المؤثر على المواطن الايراني العادي الذي يشعر بالكثير من التحديات.
كما ان الرئيس الايراني الدكتور محمود احمدي نجاد في وضع صعب جدا وقد لا يفوز في الانتخابات المقبلة كونه وعد الايرانيين بالكثير وبتحسين اوضاعهم، والآن نجد وضعهم اسوأ بكثير عما كان عليه العام 2005 فنجد البطالة والغلاء وامورا اساسية غير متوافرة.
ايران وضعت نفسها في مأزق كبير الآن وهناك موقف اوروبي - اميركي - اسرائيلي اعلامي دعائي وحرب نفسية من الطراز الاول تشن على ايران بهدف تسريع القبول الإيراني بوقف تخصيب اليورانيوم والحصول على الحوافز المقدمة لها من الدول الخمس الكبرى اضافة إلى المانيا.
والكرة الآن في ملعب ايران التي اعلنت مواقف عدة تارة بقبولها وقف التخصيب واخرى بعدم ذلك او النظر في سلة الحوافز المقدمة لها.
• وهل اميركا جادة في توجيه ضربة عسكرية ضد ايران؟
- اميركا لا تريد هذه الحرب ولا احد يريدها سواء ايران او اسرائيل او اي جهة اخرى، لأنها سيكون لها تداعيات كبيرة وخطيرة في هذا الوقت خصوصا ان الوضع في المنطقة لا يساعد اميركا ولا ايران ولا اي احد على خوض الحروب. فالولايات المتحدة لديها مشكلة كما ذكر قائد الاركان العامة الاميركية الادميرال مايكل مورال بعد زيارته لاسرائيل والمنطقة حيث أكد ان اي عملية عسكرية ضد ايران سيكون لها نتائج كارثية ستؤدي إلى اضعاف قدرات الجيش الأميركي من خلال فتح جبهة ثالثة موازية لجبهتين افغانستان والعراق، وطالب بالاستمرار في التفاوض واجراء تفاوض مباشر مع طهران وهذا يختلف عما قاله الرئيس بوش وتوجيه ضربة عسكرية لإيران غير وارد ابدا بسبب الاوضاع الامنية والجبهتين العراقية والافغانية وعدم شعبية الحرب لأن الشعب الاميركي لا يريد الحرب وكذلك الاوروبيون والروس كما ان دول الخليج معارضة بشدة لشن مثل هذه الحرب على جميع المستويات لأنه «لا ناقة لنا فيها ولا جمل» بل سنتأثر بها تأثيرا خطيرا جدا بسبب الانتقام الايراني والرد على القواعد الاميركية الموجودة من العراق إلى مسقط.
• هل تعتقد بوجود اتفاقيات سرية بين ايران والولايات المتحدة؟
- هناك مناورات ومشاورات تدور حول ملفات عدة بين الادارة الاميركية وايران وهذا ما يسمى «الصفقة الكبرى» لإعطاء طهران دورا في المنطقة على حساب العالم العربي ودول الخليج تحديدا.
فإيران تريد دورا في المنطقة وان تعامل باحترام كدولة مركزية قوية كبيرة لديها 70 مليون نسمة واكبر قوة عسكرية وتصنع اسلحة ولها وجود قوي في العراق والخليج ولبنان وفلسطين حيث ان ايران ممتدة من الخليج وحتى شاطئ البحر المتوسط ما يجعلها دولة محورية ومؤثرة.
كما ان ايران اجتمعت مع اميركا فوق انقاض العراق ثلاث مرات في جولات متتالية لبحث الوضع العراقي.
وواشنطن تصر على فتح حوار مع ايران حول العراق بينما تصر طهران على وضع جميع الملفات على الطاولة بما فيها الملف النووي والخليج وحماية النظام كنقطة رئيسية خصوصا بعد ان سلمت كوريا الشمالية لبرنامجها النووي، فانتهى مثلث «محور الشر» ولم يعد موجودا منه سوى الضلع الايراني بعد ان انتهى الضلع العراقي بسقوط نظام صدام حسين، وضلع كوريا الشمالية التي سلمت برنامجها وبقيت ايران وحدها ما يضع ضغطا عليها.
وفي المقابل لدى ايران رؤية بضرورة مقايضة البرنامج النووي الكوري الشمالي بسلة من الحوافز الكبيرة التي تعطيها دورا ونفوذا في المنطقة.
وايران استقت من كوريا الشمالية درسين بان امتلاك السلاح النووي يعزز من حماية النظام وهذا ما تريده طهران وثانيا اعطاء هيمنة وهيبة واحترام وتفاوض وتنازلات وهذا ما تريده ايران.
ولهذا السبب نعم هناك صفقة تدور في الخفاء ولكن السؤال هل ستتم في ظل ادارة الرئيس بوش ام انه يتم تحضيرها للإدارة المقبلة؟ مع ان الرئيس بوش يريد ان يحصل على شيء يسجله للتاريخ لأن الرئيس الاميركي في آخر سنة من حكمه ينظر إلى التاريخ ويريد ان يقال في كتب التاريخ ان هذا حدث في عهد الرئيس بوش لأن ما حدث حتى الآن كوارث وخسائر ومصائب لأميركا، وكوريا الشمالية اصبحت نووية وايران وصلت إلى طريق نووي، فهو يريد ان يسحب ورقة النووي من ايران مقابل ثمن معقول ولكن لا يبدو ان هذا الثمن مقنع لإيران في هذا الوقت.
نحن متخوفون من وقوع حرب ولكن مادامت ادارة الرئيس بوش في السلطة لا نعتبر ان الحرب قريبة وفرصة وجود صفقة بين الولايات المتحدة وايران لا تزال واردة من الآن حتى نهاية السنة.
• بم تنصح دول المنطقة للمحافظة على أمنها؟
- دول الخليج عموما ليس لها اي دور في الحرب، فقط ايران واميركا واسرائيل والاتحاد الاوروبي اضافة إلى مجلس الامن والوكالة الدولية للطاقة الذرية، فهؤلاء هم المحرضون والضاغطون واللاعبون في رفع المؤشر. فمثلا تصريح قائد الحرس الثوري الايراني محمد علي جعفري ادى إلى جنوب في اسعار النفط وتصريح من ايران بأنها مستعدة لتجميد تخصيب اليورانيوم لمدة ستة اسابيع مقابل وقف العقوبات ادى إلى نوع من بوادر حسن النية.
فنحن لا نملك شيئا ولا نؤثر على احد مع ان علاقتنا جيدة مع الايرانيين ومع الاميركيين، ولكن لسنا طرفا ولا نريد الحرب وهذا الكلام قيل للرئيس احمدي نجاد عندما دعي إلى قمة الدوحة كأول رئيس ايراني يدعى لقمة دول مجلس التعاون الخليجي واخبر اننا لا نريد الحرب ولن نشارك فيها ولن نسمح باستخدام الاراضي الخليجية منطلقا لشن اي حرب على ايران.
لن نستطيع ان نكون اكثر وضوحا لأننا سنكون عرضة لرد ايراني انتقامي بالخطأ او بالعمد وهذا سيعني اننا سنتأثر بكل منشآتنا النفطية ومحطات تحلية المياه والكهرباء فجميعها تقع ضمن المجال الصاروخي الايراني اذا ارادت ايران الانتقام ولو بالخطأ، فإذا ارادت قصف معسكر عريفجان يمكن بالخطأ ان تقصف الصبية او الصليبية او محطة تحلية مياه. ولهذا السبب لا نملك سوى التأكيد مرارا وتكرارا اننا لا نريد الحرب بل نطلب من الطرفين ضبط النفس واللجوء إلى الحل الديبلوماسي وحل هذه المشكلة عن طريق التفاوض والحوار.
• لكن أليس من حق اي دولة امتلاك الطاقة النووية؟
- لدى كل دولة الحق في امتلاك الطاقة النووية، ولكن الخلاف حول ايران الآن حيث ينظر اليها كدولة لديها اطماع وبرنامج ومشروع ولماذا كان برنامجها النووي سريا لمدة 18 عاما مع ان الغرب كان قد وقع مع الشاه الاتفاقيات وكان هناك سعي لجعل ايران الشاه المانيا الشرق.
والنقطة المهمة الآن هي ان ايران ليست حليفة للغرب بل خصم كبير له وهذه نقطة يجب ان تؤخذ بعين الاعتبار اضافة الى التشكيك في نوايا ايران حول سلمية برنامجها النووي.
وتقرير الوكالة الدولية للطاقة الذي صدر في ديسمبر الماضي مع انه اشار إلى عدم وجود ادلة على تخصيب اليورانيوم لتصنيع الاسلحة النووية، الا انه اضاف انه في حال استمرار ايران في تخصيب اليورانيوم فهذا سيعطيها قدرة لامتلاك الطاقة النووية لأغراض عسكرية خلال 5 سنوات.
وتقرير اجهزة الاستخبارات الاميركية الـ 16 أكد ايقاف ايران التخصيب العسكري، الا ان الرئيس الايراني يقول ان بلاده شغلت 3 آلاف جهاز طرد مركزي وانها تقترب اكثر واكثر من امتلاك الطاقة النووية.
• أين تكمن مشكلة ايران في برنامجها النووي تحديدا؟
- تحدثت الولايات المتحدة عن اجماع دولي ضد امتلاك ايران للطاقة النووية ويقصد بالاجماع مجلس الامن الذي اصدر 3 قرارات دولية ملزمة.
ومشكلة ايران ان قضيتها اصبحت في مجلس الامن ولم تعد تختص فقط بالوكالة الدولية للطاقة الذرية، وحسب الفصل السادس فقرارات مجلس الامن ملزمة على الدول التي تصدر ضدها القرارات.
ومنذ ديسمبر 2006 صدرت 3 قرارات ضد طهران تطالبها بوقف التخصيب والالتزام باتفاقيات مجلس الامن والـ npt وايران مستمرة في ذلك مع وجود تصاعد في العقوبات ضدها.
وهنا لا نشدد على نزاهة وحيادية مجلس الامن بل نلاحظ وجود استهداف واضح لإيران، إلا ان ايران في الوقت نفسه مطالبة بعد انتقال ملفها إلى مجلس الامن بالتعاون معه لأنها لا تستطيع الوقوف في وجه 15 دولة، بما فيها دول عربية واسلامية وعند الحديث مجددا عن الاجماع الدولي ضد الجمهورية الاسلامية فنحن نتكلم من مجلس الامن الذي هو اعلى سلطة تنفيذية على المستوى الدولي وفيه ممثلو الدول الكبرى.
• ومن الذي اصدر قرار الملف النووي الايراني تحديدا؟
- قرار الملف النووي الايراني بيد المرشد الاعلى للثورة الاسلامية السيد علي خامنئي وهو المرجعية الرئيسية الاولى في هذا القرار وفي ملف التصعيد النووي او التحقيق والمواجهة او عدمها.
فلا الرئيس الدكتور احمدي نجاد ولا غيره بيده صنع القرار النووي.
• وماذا عن التصريحات الإيرانية التي نسمعها بين الحين والآخر عن اغلاق مضيق هرمز والقصف والتدمير؟
- تصريحات مؤسفة وإيران تحاول ان تلعب دورا في الحرب النفسية التي تشن عليها وهي بدورها ترد بنفس اللغة. ومن الواضح ان من يريد توجيه ضربة لا يلجأ إلى التهديد بالضرب فمثلا تسريب مجلة «نيويورك تايمز» باجراء اسرائيل لمناورات فوق البحر المتوسط وقطع صواريخها نفس المسافة التي تحتاج لقطعها إلى ايران، الهدف من هذه التسريبات حرب نفسية ضد الجمهورية الاسلامية لإقناعها باحتمال توجيه ضربة عسكرية ضدها في حال عدم اتخاذ قرار سريع لإيقاف تخصيب اليورانيوم والرد على سلة الحوافز التي قدمها الممثل الاعلى للسياسة الاوروبية خافيير سولانا. والتصريحات بإغلاق مضيق هرمز تسيء إلى طهران اكثر من غيرها لأن مضيق هرمز ليس ملكا لا لإيران ولا لعمان الدولتين المطلتين عليه ولا لأميركا بل هو عبارة عن ممر مائي في العالم يمر منه يوميا 18 مليون برميل نفط.
وتهديد ايران بإغلاقه يجعل منها دولة مارقة تعادي العالم وهي المتضرر الاول من إغلاقه من خلال ايقاف تصدير النفط وجميع الدول ستقف في وجهها.
واغلاق مضيق هرمز في حال حصوله لا يهدد الكويت فقط بل جميع دول العالم وسيهدد الاستقرار العالمي كون اسعار النفط قاربت على الـ 150 دولارا للبرميل قبل توجيه ضربة لإيران او اغلاق المضيق فما بالنا اذا اغلقت ايران مضيق هرمز او اعاقت الملاحة فيه؟ ماذا سيحدث لأسعار النفط والغلاء والبطالة في ايران وخارجها، في القانون الدولي تعد ايران واقفة في وجه المجتمع الدولي الذي سيتخذ اجراءات ضدها.
• لكن ايران لا تبالي بهذه العواقب وتواصل التصعيد؟
- لا التصعيد الايراني يخدم المنطقة والعالم ولا التصعيد الاميركي - الاسرائيلي يخدم واعتقد ان هذه التصريحات والتصعيدات جميعها مناورات لن نرى منها شيئا بل ما سنراه هو نضوج طبخة يتم الاعداد لها الآن بشكل سري ويتم من خلالها التوصل إلى نوع من الحلول تعطي لإيران نوعا من الاحترام والتقدير ودورا في المنطقة مقابل ايقاف التخصيب.
الهدف لدى ايران ليس التخصيب لأنها لو فعلا كانت جادة في التخصيب السلمي فلماذا لا تقبل بالحصول على الطاقة جاهزة وتعمل بها، فلماذا لا ترضى طهران بالحصول على منشآت نووية تعمل بالماء الخفيف تحت اشراف الوكالة الدولية للطاقة والامم المتحدة والمجتمع الدولي؟ ولماذا لا تقبل بإنشاء كونسورتيوم يقام خارج المنطقة باشراف الوكالة الدولية للطاقة الذرية؟
تستطيع ايران اسكات جميع الافواه وتوقف جميع الاتهامات الموجهة ضدها اذا وافقت على سلة المقترحات الاوروبية 5 + 1 وتبدأ بشكل بناء علاقة جديدة مع المجتمع الدولي وجيرانها والمنطقة.
• وما تقييمك لاتخاذ ايران مضيق هرمز كورقة ضغط؟
- ايران هددت بضرب اسرائيل والقوات الاميركية واي دولة في المنطقة تخرج منها رصاصة ضدها، فإيران ارتكبت خطأ فادحا بوضع مضيق هرمز كورقة تخويف ما يجعلها دولة مارقة.
فالقانون الدولي يؤكد ان مضيق هرمز ممر مائي لا يحق لأي دولة اعاقة او ايقاف الملاحة فيه مع ان ايران حاولت اكثر من مرة خلال حربها مع العراق اعاقة الملاحة في المضيق ولم تنجح.
واستخدام مضيق هرمز لاخافة وردع الغرب عن شن حرب ضدها ينعكس ضد ايران كدولة لا تحترم القانون الدولي، لأنها ستضر نفسها ودول الخليج ودول العالم المستوردة للنفط.
• لكن هل تنتهي تلك التصعيدات إلى الحرب؟
- نحن لانتمنى الحرب ولا المواجهة، ونحن لسنا طرفا ولن نكون، ولكن ايران مستهدفة بشكل واضح من خلال العقوبات الدولية ضدها، وشخصيات ايرانية ممنوعة من دخول الاتحاد الاوربي واكبر مصارف ايران ممنوعة من التداول في اوروبا.
فإيران مستهدفة من المجتمع الدولي ممثلا بمجلس الامن والعقوبات الاميركية التي تندرج لتمنع مؤسسات نفطية اوروبية وماليزية وغيرها من الاستثمار في القطاع النفطي الايراني بأكثر من 20 مليون دولار.
وهي الان مستهدفة من قبل الاتحاد الاوروبي.
ايران مطالبة بتحكيم لغة العقل، واذا كانت تريد امتلاك الطاقة النووية السلمية وتخصيب اليورانيوم هذا من حقها وبالنظر للكلفة الكبيرة للشعب الايراني يئن من الوضع الاقتصادي الصعب والغلاء الذي يعم العالم.
كما ان ايران مطالبة بالتخلص من القيد الذي بدأ يثقل عليها وايقاف المزيد من العقوبات والتشدد عليها، وقد يشن الرئيس الاميركي قبل نهاية ولايته عملا عسكريا عليها مخالفا للقانون الدولي.
واسرائيل لاتستطيع شن حرب عسكرية ضد ايران وحدها، فمرور 100 طائرة اسرائيلية فوق العراق ليس سهلا واميركا ستدعم ذلك في حال حدوثه لوجستيا وعبر الاقمار الاصطناعية، لان قصف المنشآت الايرانية يحتاج إلى ايام كونها واسعة ومنتشرة وعميقة تحت الارض لان ايران استفادت من الخطأ العراقي ووسعت منشآتها في آراك وبوشهر وغيرها.
http://www.alraimedia.com/AlRai.Web/UserFiles/17.3(19).jpg
غلوم والشايجي ومتابعة من الزميلة غادة عبدالسلام (تصوير علي السالم)
| كتبت غادة عبد السلام |
لا حرب في المنطقة على خلفية الملف النووي الإيراني وبالمنطق ... واطمئنوا.
تلك كانت خلاصة الحوار في ديوانية «الراي» وعلى ما يزيد عن الساعتين في ملف الساعة، الملف النووي الإيراني الذي ألهبت هباته الساخنة التهديدات المتبادلة بين طرفي النزاع، الولايات المتحدة وإسرائيل من جهة وإيران من جهة أخرى تطاولت إلى تصريحات بإغلاق مضيق هرمز وحرب ربما لا تبقي ولا تذر.
حوار «الراي» كان مع الخبيرين في الشؤون السياسية، أستاذ العلوم السياسية في جامعة الكويت الدكتور عبدالله الشايجي والباحث المختص في الشؤون الإيرانية المهندس مصطفى غلوم للحديث عن البرنامج النووي الإيراني.
الدكتور الشايجي رأى أن كثيرا من المؤشرات توحي بأن إيران تريد استخدام الملف النووي لأغراض تخدم مشروعها وانه امر منطقي أن تسعى إيران إلى امتلاك البرنامج النووي فهي لا تريد الطاقة النووية بل استخدامها في هذا الوقت لتزيد من أهميتها وثقلها كون السلاح النووي لا يمكن استخدامه.
وقال الشايجي ان إغلاق مضيق هرمز يشكل ضررا لإيران في المقام الاول كونها تستورد 40 في المئة من حاجتها إلى البنزين وأن التهديدات والإغراق فيها هو من قبيل الحرب النفسية فلا أميركا ولا إسرائيل ولا إيران تريد الحرب وجل ما هناك مناورات ومشاورات في ما يسمى «الصفقة الكبرى» لإعطاء طهران دورا في المنطقة على حساب العالم العربي ... نعم هناك صفقة تدور في الخفاء لكن هل ستتم في عهد إدارة الرئيس بوش؟ هذا هو السؤال، والسؤال الآخر: ماذا يريد بوش ليسجله للتاريخ في آخر سنة من سنوات عهده؟
من جهته يرى غلوم ان المفارقة هي أن من يقف اليوم ضد الملف النووي الإيراني هو نفسه من بدأ البرنامج النووي الإيراني منذ ما يزيد على 48 سنة، يقصد بذلك الولايات المتحدة.
وقال غلوم أنه لا يوجد مستند يثبت وجود برنامج نووي إيراني غير سلمي وان اميركا واوروبا في حاجة إلى إيران مستقرة ليستقر وضع المنطقة التي سيكون مستقبلها زاهرا ما لم يشنجه الغرب.
ووصف غلوم الطاقة النووية السلمية بانها طاقة المستقبل وإن علينا التفكير الجدي في بناء محطات نووية أن اردنا الحفاظ على النفط للأجيال القادمة.
وأشار غلوم إلى أن قرارات مجلس الامن لا تعبر غالبا عن إرادة دولية بل عن إرادة استعمارية ونحن ضحايا الدول العظمى التي تسيطر علينا.
وفي ما يلي تفاصيل الندوة:
البداية كانت مع الدكتور الشايجي.
• كيف نشأ الصراع الدولي - الإيراني بشأن البرنامج النووي؟
- اصبح الملف النووي الايراني منذ اربع سنوات موضوع تعامل ايران مع المجتمع الدولي، خصوصا بعد اكتشاف المعارضة الإيرانية لسرية الملف وتسريبها الخبر بوجود برنامج نووي سري يعود إلى اكثر من 18 عاما، وما اثار الكثير من التساؤلات خصوصا ان ايران ينظر اليها على انها محسوبة على «محور الشر».
فالرئيس الأميركي جورج بوش ألقى خطابا مهما العام 2002 في جلسة مشتركة تسمى «حالة الاتحاد» وهي مطلب دستوري في اميركا بأن يلقي الرئيس خطابا في شهر يناير من كل عام، يوضح خلاله الاستراتيجية والسياسة الاميركية في العالم.
وكان من اللافت في خطاب الرئيس بوش العام 2002 ذكره لدول اسماها «محور الشر» وهذا تطور فكري ايديولوجي من الإدارة الاميركية، وهذه الدول كانت ايران بسبب ملفها النووي ورعايتها للارهاب على حد وصف الرئيس بوش وكوريا الشمالية بسبب برنامجها النووي ايضا وسياسة التجويع للشعب اضافة إلى العراق مع مراوغة صدام حسين ومحاولة اخفائه لبرنامج اسلحة الدمار الشامل.
وسميت هذه الدول الثلاث بـ «مثلث محور الشر» وبدأت منذ ذلك الوقت الدول الغربية بقيادة الولايات المتحدة الاميركية وبريطانيا ودخلت فيها الوكالة الدولية للطاقة الذرية والاتحاد الاوروبي فيما بعد، تسليط الضوء على إيران وبرنامجها النووي وتطالبها بوقف تخصيب اليورانيوم والالتزام باتفاقية الـ npt التي تحظر انتشار الاسلحة النووية.
وتفاقمت الامور اكثر واكثر وبقيت ايران تصر منذ تسلم الدكتور محمود احمدي نجاد للرئاسة، على برنامجها النووي.
• وهل يخالف البرنامج النووي الايراني بنود الاتفاقيات الدولية؟
- لا بد من الإشارة إلى نقطتين فالقرارات الدولية والـ npt تعطي اي دولة في العالم حق تخصيب اليورانيوم بدرجات محددة لامتلاك الطاقة النووية لأغراض سلمية اضافة إلى حق كل دولة امتلاك البرنامج النووي لأغراض سلمية. وفي تطور آخر فإن الدول على النطاق العالمي والتي لديها اعتماد على الطاقة النووية للبرامج السلمية هي الدول التي ليس لديها نفط ولا غاز وهذا يثير تساؤلا لدى الاطراف التي لديها موقف من ايران لماذا تريد ايران برنامجا نوويا؟ وبالنظر إلى ماضي ايراني التي اخفت فيه برنامجها النووي والى اطماع ايران ودورها والمشروع الإيراني الكبير ووجودها في العراق ولعبها لدور قوي هناك اضافة إلى وجودها في لبنان وفلسطين من خلال دعمها «لحزب الله» و«حماس» وكذلك تواجدها في غرب افغانستان والخليج العربي كل هذه المؤشرات توحي بأن ايران تريد استخدام الملف النووي لخدمة اغراضها وبرنامجها ومشروعها.
وهذا شيء منطقي ان تسعى ايران لامتلاك البرنامج النووي، فطهران لا تريد الطاقة النووية، بل تريد استخدامها في هذا الوقت لتزيد من اهميتها وثقلها كون البرنامج النووي او السلاح النووي في نهاية الامر لا يمكن استخدامه.
• اذا كان السلاح النووي لا يمكن استخدامه فلماذا تسعى الدول لامتلاكه؟
- يوجد في العالم 9 دول نووية لا تستخدم السلاح النووي فهذا السلاح في العلم الاستراتيجي سلاح دفاعي وردعي ويعطي الدولة التي تمتلكه هيبة واحتراما ومظهرا لائقا ويعزز دورها في تحقيق اهدافها.
والسؤال الذي يطرح نفسه اذا كانت ايران تريد برنامجا نوويا لأغراض سلمية، لماذا لا توافق على الاقتراحات التي قدمت من روسيا والحزمة الاوروبية النشيطة والسخية، او تتوقف عند المقترح السعودي بإنشاء «كونسورتيوم» من شركات كبيرة في دولة محايدة لتسحب الذرائع من المشككين باستخدامها برنامجها النووي لأغراض سلمية لإخفاء برنامج كبير جدا لأغراض عسكرية، ولتوافق على الكونسورتيوم الذي سيعطيها مفاعلات نووية جاهزة او سيعطيها ماء ثقيلا او خفيفا تنتج فيه الطاقة النووية وحينها سيعلم الجميع من الأمم المتحدة والوكالة الدولية للطاقة الذرية والدول الكبرى ودول مجلس الامن والدول الخليجية بوجود رقابة صارمة على ايران وان طهران لن تقدم على تخصيب اليورانيوم بل سيأتيها جاهزا ومعروف مستوى التخصيب فيه وتستخدمه للأغراض السلمية، هذا اذا كانت تريد فعلا البرنامج النووي لأغراض سلمية.
اما اذا كان غير ذلك، فلتستعد للمواجهة والتحدي والحصار.
• من وجهة نظرك هل يؤثر اغلاق مضيق هرمز على ايران؟
- تعاني ايران الآن من ثلاث مشاكل حيث لديها قطع مبرمج للكهرباء ومشكلة في النفط فهي تستورد 40 في المئة من احتياجاتها من البنزين وهذه مشكلة كبيرة بالنسبة لها حيث اذا اغلق مضيق هرمز او حصلت اي مشاكل لن يتوافر البنزين لإيران، ورغم ان ايران غنية بالنفط لكن لا يخفى انها ترصد ما بين 5 و6 مليارات دولار لاستيراد البنزين لأنها ليس لديها مصاف كافية لتكرير النفط الذي تنتجه.
• وماذا ستكسب ايران لو استجابت للضغوط الدولية؟
- ايران ستكون أكثر قبولا في المنطقة والعالم اذا شاركت في «الكونسورتيوم» لأنها سترفع عنها الحصار المؤثر على المواطن الايراني العادي الذي يشعر بالكثير من التحديات.
كما ان الرئيس الايراني الدكتور محمود احمدي نجاد في وضع صعب جدا وقد لا يفوز في الانتخابات المقبلة كونه وعد الايرانيين بالكثير وبتحسين اوضاعهم، والآن نجد وضعهم اسوأ بكثير عما كان عليه العام 2005 فنجد البطالة والغلاء وامورا اساسية غير متوافرة.
ايران وضعت نفسها في مأزق كبير الآن وهناك موقف اوروبي - اميركي - اسرائيلي اعلامي دعائي وحرب نفسية من الطراز الاول تشن على ايران بهدف تسريع القبول الإيراني بوقف تخصيب اليورانيوم والحصول على الحوافز المقدمة لها من الدول الخمس الكبرى اضافة إلى المانيا.
والكرة الآن في ملعب ايران التي اعلنت مواقف عدة تارة بقبولها وقف التخصيب واخرى بعدم ذلك او النظر في سلة الحوافز المقدمة لها.
• وهل اميركا جادة في توجيه ضربة عسكرية ضد ايران؟
- اميركا لا تريد هذه الحرب ولا احد يريدها سواء ايران او اسرائيل او اي جهة اخرى، لأنها سيكون لها تداعيات كبيرة وخطيرة في هذا الوقت خصوصا ان الوضع في المنطقة لا يساعد اميركا ولا ايران ولا اي احد على خوض الحروب. فالولايات المتحدة لديها مشكلة كما ذكر قائد الاركان العامة الاميركية الادميرال مايكل مورال بعد زيارته لاسرائيل والمنطقة حيث أكد ان اي عملية عسكرية ضد ايران سيكون لها نتائج كارثية ستؤدي إلى اضعاف قدرات الجيش الأميركي من خلال فتح جبهة ثالثة موازية لجبهتين افغانستان والعراق، وطالب بالاستمرار في التفاوض واجراء تفاوض مباشر مع طهران وهذا يختلف عما قاله الرئيس بوش وتوجيه ضربة عسكرية لإيران غير وارد ابدا بسبب الاوضاع الامنية والجبهتين العراقية والافغانية وعدم شعبية الحرب لأن الشعب الاميركي لا يريد الحرب وكذلك الاوروبيون والروس كما ان دول الخليج معارضة بشدة لشن مثل هذه الحرب على جميع المستويات لأنه «لا ناقة لنا فيها ولا جمل» بل سنتأثر بها تأثيرا خطيرا جدا بسبب الانتقام الايراني والرد على القواعد الاميركية الموجودة من العراق إلى مسقط.
• هل تعتقد بوجود اتفاقيات سرية بين ايران والولايات المتحدة؟
- هناك مناورات ومشاورات تدور حول ملفات عدة بين الادارة الاميركية وايران وهذا ما يسمى «الصفقة الكبرى» لإعطاء طهران دورا في المنطقة على حساب العالم العربي ودول الخليج تحديدا.
فإيران تريد دورا في المنطقة وان تعامل باحترام كدولة مركزية قوية كبيرة لديها 70 مليون نسمة واكبر قوة عسكرية وتصنع اسلحة ولها وجود قوي في العراق والخليج ولبنان وفلسطين حيث ان ايران ممتدة من الخليج وحتى شاطئ البحر المتوسط ما يجعلها دولة محورية ومؤثرة.
كما ان ايران اجتمعت مع اميركا فوق انقاض العراق ثلاث مرات في جولات متتالية لبحث الوضع العراقي.
وواشنطن تصر على فتح حوار مع ايران حول العراق بينما تصر طهران على وضع جميع الملفات على الطاولة بما فيها الملف النووي والخليج وحماية النظام كنقطة رئيسية خصوصا بعد ان سلمت كوريا الشمالية لبرنامجها النووي، فانتهى مثلث «محور الشر» ولم يعد موجودا منه سوى الضلع الايراني بعد ان انتهى الضلع العراقي بسقوط نظام صدام حسين، وضلع كوريا الشمالية التي سلمت برنامجها وبقيت ايران وحدها ما يضع ضغطا عليها.
وفي المقابل لدى ايران رؤية بضرورة مقايضة البرنامج النووي الكوري الشمالي بسلة من الحوافز الكبيرة التي تعطيها دورا ونفوذا في المنطقة.
وايران استقت من كوريا الشمالية درسين بان امتلاك السلاح النووي يعزز من حماية النظام وهذا ما تريده طهران وثانيا اعطاء هيمنة وهيبة واحترام وتفاوض وتنازلات وهذا ما تريده ايران.
ولهذا السبب نعم هناك صفقة تدور في الخفاء ولكن السؤال هل ستتم في ظل ادارة الرئيس بوش ام انه يتم تحضيرها للإدارة المقبلة؟ مع ان الرئيس بوش يريد ان يحصل على شيء يسجله للتاريخ لأن الرئيس الاميركي في آخر سنة من حكمه ينظر إلى التاريخ ويريد ان يقال في كتب التاريخ ان هذا حدث في عهد الرئيس بوش لأن ما حدث حتى الآن كوارث وخسائر ومصائب لأميركا، وكوريا الشمالية اصبحت نووية وايران وصلت إلى طريق نووي، فهو يريد ان يسحب ورقة النووي من ايران مقابل ثمن معقول ولكن لا يبدو ان هذا الثمن مقنع لإيران في هذا الوقت.
نحن متخوفون من وقوع حرب ولكن مادامت ادارة الرئيس بوش في السلطة لا نعتبر ان الحرب قريبة وفرصة وجود صفقة بين الولايات المتحدة وايران لا تزال واردة من الآن حتى نهاية السنة.
• بم تنصح دول المنطقة للمحافظة على أمنها؟
- دول الخليج عموما ليس لها اي دور في الحرب، فقط ايران واميركا واسرائيل والاتحاد الاوروبي اضافة إلى مجلس الامن والوكالة الدولية للطاقة الذرية، فهؤلاء هم المحرضون والضاغطون واللاعبون في رفع المؤشر. فمثلا تصريح قائد الحرس الثوري الايراني محمد علي جعفري ادى إلى جنوب في اسعار النفط وتصريح من ايران بأنها مستعدة لتجميد تخصيب اليورانيوم لمدة ستة اسابيع مقابل وقف العقوبات ادى إلى نوع من بوادر حسن النية.
فنحن لا نملك شيئا ولا نؤثر على احد مع ان علاقتنا جيدة مع الايرانيين ومع الاميركيين، ولكن لسنا طرفا ولا نريد الحرب وهذا الكلام قيل للرئيس احمدي نجاد عندما دعي إلى قمة الدوحة كأول رئيس ايراني يدعى لقمة دول مجلس التعاون الخليجي واخبر اننا لا نريد الحرب ولن نشارك فيها ولن نسمح باستخدام الاراضي الخليجية منطلقا لشن اي حرب على ايران.
لن نستطيع ان نكون اكثر وضوحا لأننا سنكون عرضة لرد ايراني انتقامي بالخطأ او بالعمد وهذا سيعني اننا سنتأثر بكل منشآتنا النفطية ومحطات تحلية المياه والكهرباء فجميعها تقع ضمن المجال الصاروخي الايراني اذا ارادت ايران الانتقام ولو بالخطأ، فإذا ارادت قصف معسكر عريفجان يمكن بالخطأ ان تقصف الصبية او الصليبية او محطة تحلية مياه. ولهذا السبب لا نملك سوى التأكيد مرارا وتكرارا اننا لا نريد الحرب بل نطلب من الطرفين ضبط النفس واللجوء إلى الحل الديبلوماسي وحل هذه المشكلة عن طريق التفاوض والحوار.
• لكن أليس من حق اي دولة امتلاك الطاقة النووية؟
- لدى كل دولة الحق في امتلاك الطاقة النووية، ولكن الخلاف حول ايران الآن حيث ينظر اليها كدولة لديها اطماع وبرنامج ومشروع ولماذا كان برنامجها النووي سريا لمدة 18 عاما مع ان الغرب كان قد وقع مع الشاه الاتفاقيات وكان هناك سعي لجعل ايران الشاه المانيا الشرق.
والنقطة المهمة الآن هي ان ايران ليست حليفة للغرب بل خصم كبير له وهذه نقطة يجب ان تؤخذ بعين الاعتبار اضافة الى التشكيك في نوايا ايران حول سلمية برنامجها النووي.
وتقرير الوكالة الدولية للطاقة الذي صدر في ديسمبر الماضي مع انه اشار إلى عدم وجود ادلة على تخصيب اليورانيوم لتصنيع الاسلحة النووية، الا انه اضاف انه في حال استمرار ايران في تخصيب اليورانيوم فهذا سيعطيها قدرة لامتلاك الطاقة النووية لأغراض عسكرية خلال 5 سنوات.
وتقرير اجهزة الاستخبارات الاميركية الـ 16 أكد ايقاف ايران التخصيب العسكري، الا ان الرئيس الايراني يقول ان بلاده شغلت 3 آلاف جهاز طرد مركزي وانها تقترب اكثر واكثر من امتلاك الطاقة النووية.
• أين تكمن مشكلة ايران في برنامجها النووي تحديدا؟
- تحدثت الولايات المتحدة عن اجماع دولي ضد امتلاك ايران للطاقة النووية ويقصد بالاجماع مجلس الامن الذي اصدر 3 قرارات دولية ملزمة.
ومشكلة ايران ان قضيتها اصبحت في مجلس الامن ولم تعد تختص فقط بالوكالة الدولية للطاقة الذرية، وحسب الفصل السادس فقرارات مجلس الامن ملزمة على الدول التي تصدر ضدها القرارات.
ومنذ ديسمبر 2006 صدرت 3 قرارات ضد طهران تطالبها بوقف التخصيب والالتزام باتفاقيات مجلس الامن والـ npt وايران مستمرة في ذلك مع وجود تصاعد في العقوبات ضدها.
وهنا لا نشدد على نزاهة وحيادية مجلس الامن بل نلاحظ وجود استهداف واضح لإيران، إلا ان ايران في الوقت نفسه مطالبة بعد انتقال ملفها إلى مجلس الامن بالتعاون معه لأنها لا تستطيع الوقوف في وجه 15 دولة، بما فيها دول عربية واسلامية وعند الحديث مجددا عن الاجماع الدولي ضد الجمهورية الاسلامية فنحن نتكلم من مجلس الامن الذي هو اعلى سلطة تنفيذية على المستوى الدولي وفيه ممثلو الدول الكبرى.
• ومن الذي اصدر قرار الملف النووي الايراني تحديدا؟
- قرار الملف النووي الايراني بيد المرشد الاعلى للثورة الاسلامية السيد علي خامنئي وهو المرجعية الرئيسية الاولى في هذا القرار وفي ملف التصعيد النووي او التحقيق والمواجهة او عدمها.
فلا الرئيس الدكتور احمدي نجاد ولا غيره بيده صنع القرار النووي.
• وماذا عن التصريحات الإيرانية التي نسمعها بين الحين والآخر عن اغلاق مضيق هرمز والقصف والتدمير؟
- تصريحات مؤسفة وإيران تحاول ان تلعب دورا في الحرب النفسية التي تشن عليها وهي بدورها ترد بنفس اللغة. ومن الواضح ان من يريد توجيه ضربة لا يلجأ إلى التهديد بالضرب فمثلا تسريب مجلة «نيويورك تايمز» باجراء اسرائيل لمناورات فوق البحر المتوسط وقطع صواريخها نفس المسافة التي تحتاج لقطعها إلى ايران، الهدف من هذه التسريبات حرب نفسية ضد الجمهورية الاسلامية لإقناعها باحتمال توجيه ضربة عسكرية ضدها في حال عدم اتخاذ قرار سريع لإيقاف تخصيب اليورانيوم والرد على سلة الحوافز التي قدمها الممثل الاعلى للسياسة الاوروبية خافيير سولانا. والتصريحات بإغلاق مضيق هرمز تسيء إلى طهران اكثر من غيرها لأن مضيق هرمز ليس ملكا لا لإيران ولا لعمان الدولتين المطلتين عليه ولا لأميركا بل هو عبارة عن ممر مائي في العالم يمر منه يوميا 18 مليون برميل نفط.
وتهديد ايران بإغلاقه يجعل منها دولة مارقة تعادي العالم وهي المتضرر الاول من إغلاقه من خلال ايقاف تصدير النفط وجميع الدول ستقف في وجهها.
واغلاق مضيق هرمز في حال حصوله لا يهدد الكويت فقط بل جميع دول العالم وسيهدد الاستقرار العالمي كون اسعار النفط قاربت على الـ 150 دولارا للبرميل قبل توجيه ضربة لإيران او اغلاق المضيق فما بالنا اذا اغلقت ايران مضيق هرمز او اعاقت الملاحة فيه؟ ماذا سيحدث لأسعار النفط والغلاء والبطالة في ايران وخارجها، في القانون الدولي تعد ايران واقفة في وجه المجتمع الدولي الذي سيتخذ اجراءات ضدها.
• لكن ايران لا تبالي بهذه العواقب وتواصل التصعيد؟
- لا التصعيد الايراني يخدم المنطقة والعالم ولا التصعيد الاميركي - الاسرائيلي يخدم واعتقد ان هذه التصريحات والتصعيدات جميعها مناورات لن نرى منها شيئا بل ما سنراه هو نضوج طبخة يتم الاعداد لها الآن بشكل سري ويتم من خلالها التوصل إلى نوع من الحلول تعطي لإيران نوعا من الاحترام والتقدير ودورا في المنطقة مقابل ايقاف التخصيب.
الهدف لدى ايران ليس التخصيب لأنها لو فعلا كانت جادة في التخصيب السلمي فلماذا لا تقبل بالحصول على الطاقة جاهزة وتعمل بها، فلماذا لا ترضى طهران بالحصول على منشآت نووية تعمل بالماء الخفيف تحت اشراف الوكالة الدولية للطاقة والامم المتحدة والمجتمع الدولي؟ ولماذا لا تقبل بإنشاء كونسورتيوم يقام خارج المنطقة باشراف الوكالة الدولية للطاقة الذرية؟
تستطيع ايران اسكات جميع الافواه وتوقف جميع الاتهامات الموجهة ضدها اذا وافقت على سلة المقترحات الاوروبية 5 + 1 وتبدأ بشكل بناء علاقة جديدة مع المجتمع الدولي وجيرانها والمنطقة.
• وما تقييمك لاتخاذ ايران مضيق هرمز كورقة ضغط؟
- ايران هددت بضرب اسرائيل والقوات الاميركية واي دولة في المنطقة تخرج منها رصاصة ضدها، فإيران ارتكبت خطأ فادحا بوضع مضيق هرمز كورقة تخويف ما يجعلها دولة مارقة.
فالقانون الدولي يؤكد ان مضيق هرمز ممر مائي لا يحق لأي دولة اعاقة او ايقاف الملاحة فيه مع ان ايران حاولت اكثر من مرة خلال حربها مع العراق اعاقة الملاحة في المضيق ولم تنجح.
واستخدام مضيق هرمز لاخافة وردع الغرب عن شن حرب ضدها ينعكس ضد ايران كدولة لا تحترم القانون الدولي، لأنها ستضر نفسها ودول الخليج ودول العالم المستوردة للنفط.
• لكن هل تنتهي تلك التصعيدات إلى الحرب؟
- نحن لانتمنى الحرب ولا المواجهة، ونحن لسنا طرفا ولن نكون، ولكن ايران مستهدفة بشكل واضح من خلال العقوبات الدولية ضدها، وشخصيات ايرانية ممنوعة من دخول الاتحاد الاوربي واكبر مصارف ايران ممنوعة من التداول في اوروبا.
فإيران مستهدفة من المجتمع الدولي ممثلا بمجلس الامن والعقوبات الاميركية التي تندرج لتمنع مؤسسات نفطية اوروبية وماليزية وغيرها من الاستثمار في القطاع النفطي الايراني بأكثر من 20 مليون دولار.
وهي الان مستهدفة من قبل الاتحاد الاوروبي.
ايران مطالبة بتحكيم لغة العقل، واذا كانت تريد امتلاك الطاقة النووية السلمية وتخصيب اليورانيوم هذا من حقها وبالنظر للكلفة الكبيرة للشعب الايراني يئن من الوضع الاقتصادي الصعب والغلاء الذي يعم العالم.
كما ان ايران مطالبة بالتخلص من القيد الذي بدأ يثقل عليها وايقاف المزيد من العقوبات والتشدد عليها، وقد يشن الرئيس الاميركي قبل نهاية ولايته عملا عسكريا عليها مخالفا للقانون الدولي.
واسرائيل لاتستطيع شن حرب عسكرية ضد ايران وحدها، فمرور 100 طائرة اسرائيلية فوق العراق ليس سهلا واميركا ستدعم ذلك في حال حدوثه لوجستيا وعبر الاقمار الاصطناعية، لان قصف المنشآت الايرانية يحتاج إلى ايام كونها واسعة ومنتشرة وعميقة تحت الارض لان ايران استفادت من الخطأ العراقي ووسعت منشآتها في آراك وبوشهر وغيرها.