المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : وقفة مع الشيخ الكوراني/ الحلقة الاولى



رضا 313
07-06-2008, 01:04 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على محمد وآل محمد الطيبين الطاهرين الأئمة والمهديين وسلم تسليما.
من المعروف عند علماء الملل والنحل ان لكل فرقة من الفرق التي يذكرونها ويؤرخون لها انهم يذكرون لها اسماً ويذكرون سبب تسميتها بهذا الاسم ،ومن الملاحظ في اسماء الفرق انها لم تأتي للفرقة بلا سبب ،بل هناك علاقة بين الاسم والمسمى ووجه للتسمية ، فالفطحية وهم القائلون بإمامة عبد الله بن جعفر الصادق عليه السلام انما سموا بذلك لانه كان أفطح الرجلين ، والواقفية وهم القائلون بأن موسى بن جعفر الكاظم عليهما السلام لم يمت وأنه المهدي انما سموا بذلك لانهم وقفوا على امامة الامام الكاظم ولم يؤمنوا بالامام الرضا عليه السلام ، والزيدية سموا بهذا الاسم لانهم قالوا بأمامة زيد بن علي بن الحسين عليه السلام ، والاثني عشرية انما سموا بهذا الاسم لانهم يؤمنون بالأئمة الاثني عشر عليهم السلام .
وهذا المعنى لانريد الاطالة فيه لانه من الواضحات ، الا ان الذي يهمنا الان الوقوف على فرقة (البترية) فالى اي الفرق ترجع ، وما هو وجه تسميتها بذلك؟ ومن ثم نبين ما نريد بيانه.
اولاً: الى اي الفرق ترجع البترية؟
الذي صرح به علمائنا ان البترية لا تعد من فرق الشيعة ،ولذا قال الشيخ الطوسي رحمه الله في بحث الوقف من النهاية (وإذا وقف على الشيعة ، ولم يميز منهم قوما دون قوم ، كان ذلك ماضيا في الإمامية والجارودية ، دون البترية . ويدخل معهم سائر فرق الإمامية من الكيسانية والناووسية والفطحية والواقفة). (النهاية : 598).
وقال القاضي ابن البراج (فإن وقفه على الشيعة ، ولم يعين منهم فرقة دون أخرى ، ولا قوما دون قوم ، كان ذلك جاريا علي الشيعة الإمامية ، والجارودية وجميع فرق الشيعة ، من الكيسانية ، والناووسية ، والفطحية ، والواقفية ، والاثني عشرية ، إلا البترية ، فإنهم لا يدخلون معهم جملة ).( المهذب :2/89 ).
وقال ابن ادريس الحلي (وإذا وقف على الشيعة ، ولم يميز منهم قوما دون قوم ، كان ذلك ماضيا في الإمامية ، والجارودية من الزيدية ، دون البترية ). السرائر: 3 / 162). وقال ابن حمزة الطوسي(والشيعة : تعم جميع فرقها ما عدا البترية من الزيدية ) .(الوسيلة : 37).
وهكذا نجد تعابيرهم رحمهم الله كلها ترمي الى هذا المعنى .
وفي الحقيقة ان البترية هم طائفة ترجع الى الزيدية ،ولهذا تجد عباراتهم رحمهم الله يستثنونها من مسالة الوقف فيما لو وقف احدهم على الشيعة ،لان الزيدية من فرق الشيعة ، فلو كانت خارجة من حيث المبدء لما كان هناك حاجة الى الاستثناء في عباراتهم.
قال الدكتور عبد الهادي الفضلي
(وانقسمت الزيدية إلى :
1 - البترية .
2 - الجارودية .
3 - السليمانية .
4- الصالحية) . (أصول الحديث : 129).
فالبترية ترجع الى الزيدية. ولذا قال المحدث البحراني (والمغيرية أتباع المغيرة بن سعيد العجلي وقد تكاثرت الأخبار بذمه وأنه كان من الكاذبين على أبي جعفر عليه السلام ، وروي أنه كان يدعو إلى محمد بن عبد الله بن الحسن ولقبه الأبتر وهو زيدي وإليه تنسب البترية الذين هم أحد فرق الزيدية . (الحدائق الناضرة : 13 / 452). فنسب البترية الى الزيدية.
ثانياً: ما هو وجه تسميتهم بالبترية؟
قبل ان نذكر السبب في سبب تسميتها لابد من المرور بالمعنى الذي يذكرونه اهل اللغة لهذه الكلمة .
قال ابن منظور(والأبتر : المقطوع الذنب من أي موضع كان من جميع الدواب ،.... وخطبة بتراء إذا لم يذكر الله تعالى فيها ولا صلي على النبي ، صلى الله عليه وسلم ، وخطب زياد خطبته البتراء : قيل لها البتراء لأنه لم يحمد الله تعالى فيها ولم يصل على النبي ، صلى الله عليه وسلم،.... وفي الحديث : كل أمر ذي بال لا يبدأ فيه بحمد الله فهو أبتر ، أي أقطع . والبتر : القطع.... والأبتر : الذي لا عقب له ، وبه فسر قوله تعالى : إن شانئك هو الأبتر ، نزلت في العاص بن وائل وكان دخل على النبي ، صلى الله عليه وسلم ، وهو جالس فقال : هذا الأبتر أي هذا الذي لا عقب له ، فقال الله جل ثناؤه : إن شانئك يا محمد هو الأبتر أي المنقطع العقب ). (لسان العرب : 4 / 37 ).
هذا المعنى اللغوي لهذه الكلمة، اما المعنى الذي ذكروه في سبب تسمية هذه الفرقة بالبترية، فيوجد وجهان :
الوجه الاول: روى الشيخ الصدوق رحمه الله (البترية - بضم الباء الموحدة وسكون التاء المثناة الفوقية والراء المكسورة - والنسبة بتري وهم طائفة من الزيدية يجوزون تقديم المفضول على الفاضل ، يقولون أن أبا بكر وعمر إمامان وإن أخطأت الأمة في البيعة لهما مع وجود علي ( عليه السلام ) ولكنه خطأ لم ينته إلى درجة الفسق ، وتوقفوا في عثمان . ودعوا إلى ولاية أمير المؤمنين ( عليه السلام ) ، ويرون الخروج مع بطون ولد على ( عليه السلام ) ويذهبون في ذلك إلى الامر بالمعروف والنهي عن المنكر ويثبتون لكل من خرج من أولاد علي ( عليه السلام ) عند خروجه الإمامة ،..... عن سدير قال ( دخلت على أبي جعفر ( عليه السلام ) ومعي سلمة ابن كهيل وأبو المقدام ثابت الحداد وسالم بن أبي حفصة وكثير النواء وجماعة منهم ، وعند أبي جعفر ( عليه السلام ) أخوه زيد بن علي ( عليه السلام ) فقالوا لأبي جعفر ( عليه السلام ) نتولى عليا وحسنا وحسينا ونتبرأ من أعدائهم ، قال : نعم ، قالوا : فنتولى أبا بكر وعمر ونتبرأ من أعدائهم ، قال : فالتفت إليهم زيد بن علي ( عليه السلام ) وقال لهم : أتتبرؤون من فاطمة ( عليها السلام ) بترتم أمرنا بتركم الله ، فيومئذ سموا البترية .( من لا يحضره الفقيه : 4 /544 ،ولاحظ:عوائد الايام للمحقق النراقي:891، بحار الأنوار : 37 /31).
وعليه فسبب التسمية جاءت لهم من قول زيد بن علي (ع)( بترتم أمرنا بتركم الله). ومن هنا ورد الذم لهذه الفرقة التي انحرفت عن آل محمد عليهم السلام فروي عن ابن أبي عمير ، عن سعد الجلاب عن أبي عبد الله ( عليه السلام ) قال ( لو أن البترية صف واحد ما بين المشرق إلى المغرب ما أعز الله بهم دينا ). (من لا يحضره الفقيه : 4 / 545).
الوجه الثاني: قال الشيخ المفيد رحمه الله: قال نشوان الحميري : افترقت الزيدية ثلاث فرق : بتربة وحريرية وجارودية . فقالت البترية إن عليا عليه السلام كان أفضل الناس بعد رسول الله صلى الله عليه وآله وأولاهم بالإمامة ، وأن بيعة أبي بكر وعمر ليست بخطأ ، لأن عليا عليه السلام سلم لهما ذلك ، بمنزلة رجل كان له حق على رجل فتركه له ، ووقفت في أمر عثمان ، وشهدت بالكفر على من حارب عليا ، وسموا البترية ، لأنهم نسبوا إلى كثير النوى ، وكان المغيرة بن سعيد يلقب بالأبتر) .( المسائل الجارودية للشيخ المفيد : 10).
وقال الشهرستاني في كتاب الملل والنحل عند ذكره طوائف الزيدية ( الصالحية أصحاب الحسن بن صالح بن حي ، والبترية أصحاب كثير النواء الأبتر ) . أقول : قال الفيروزآبادي في ( ب ت ر ) من القاموس عند ذكره معاني ( الأبتر ) ( والأبتر لقب المغيرة بن سعد ، والبترية من الزيدية بالضم تنسب إليه ) . وقال الطريحي ( ره ) في مجمع البحرين في مادة ( ب ت ر ) : ( والبترية بضم الموحدة فالسكون فرق من الزيدية ، قيل : نسبوا إلى المغيرة بن سعد ولقبه الأبتر ، وقيل : البترية هم أصحاب كثير النواء [ و ] الحسن بن أبي صالح وسالم بن أبي حفصة والحكم ابن عيينة وسلمة بن كهيل وأبي المقدام ثابت بن ، الحداد ، وهم الذين دعوا إلى ولاية علي عليه السلام فخلطوها بولاية أبي بكر وعمر ، ويثبتون لهم الإمامة ويبغضون عثمان وطلحة والزبير وعائشة ، ويرون الخروج مع ولد علي عليه السلام ) .( لاحظ الغارات : لإبراهيم بن محمد الثقفي : 2 / 764).

وفي الصحاح والقاموس : البترية أصحاب المغيرة بن سعيد ولقبه الأبتر " وهو غلط منهما ، فأصحاب المغيرة يقال لهم : المغيرية كما اتفق عليه الخاصة والعامة . وأما البترية فأصحاب كثير النوا وابن حي وجمع آخر ، خلطوا ولاية أبي بكر وعمر بولاية علي ( عليه السلام ) يتبرؤون من أعداء أبي بكر وعمر ، فسماهم زيد بن علي البترية لكون لازم قولهم التبرؤ من فاطمة ( عليها السلام ) لأن كونها عدوة لهما وموتها غضبى عليهما اتفاقي .( قاموس الرجال للشيخ محمد تقي التستري : 10 / 193).
وعليه فتسميتهم بالبترية لأحد سببين :اما لقول زيد بن علي بن الحسين(ع) لهم ،واما بسبب انتسابهم لرئيس فرقتهم الذي كان يلقب بالابتر ،وعليه فسبب التسمية لا ياتي من فراغ بل توجد مناسبة بين الاسم وسببه.

رضا 313
07-06-2008, 01:28 PM
يتبع الحلقة الاولى
وبعد هذه الاطلالة السريعة لتاريخ هذه الكلمة ،اقف مع الشيخ علي الكوراني وقفة قصيرة ، فقد نقل في كتابه معجم احاديث الامام المهدي (ع) رواية تتكلم عن بترية اخر الزمان الا انه ابتدع لها مصداقا لا دليل عليه، وسماهم بإسم لايتناسب مع ما شرحه عنهم، ولكي يكون القارئ المنصف على اطلاع انقل نص ما نقله في المعجم:
عن ابي الجارود أنه سأل الامام الباقر(ع): متى يقوم قائمكم ؟ قال: يا أبا الجارود لا تدركون . فقلت : أهل زمانه ، فقال : ولن تدرك أهل زمانه ، يقوم قائمنا بالحق بعد إياس من الشيعة ، يدعو الناس ثلاثا فلا يجيبه أحد ،فإذا كان اليوم الرابع تعلق بأستار الكعبة ، فقال : يا رب انصرني ، ودعوته لا تسقط ، فيقول تبارك وتعالى للملائكة الذين نصروا رسول الله يوم بدر ولم يحطوا سروجهم ولم يضعوا أسلحتهم ، فيبايعونه ، ثم يبايعه من الناس ثلاثمائة وثلاثة عشر رجلا ، يسير إلى المدينة فيسير الناس.... ويسير إلى الكوفة فيخرج منها ستة عشر ألفا من البترية شاكين في السلاح ، قراء القرآن ، فقهاء في الدين ، قد قرحوا جباههم وسمروا ساماتهم وعمهم النفاق ، وكلهم يقولون : يا بن فاطمة ارجع لا حاجة لنا فيك فيضع السيف فيهم على ظهر النجف عشية الاثنين من العصر إلى العشاء فيقتلهم أسرع من جزر جزور ، فلا يفوت منهم رجل ، ولا يصاب من أصحابه أحد دماؤهم قربان إلى الله . ثم يدخل الكوفة فيقتل مقاتليها حتى يرضى الله . قال : فلم أعقل المعنى فمكثت قليلا ثم قلت : جعلت فداك وما يدريه جعلت فداك متى يرضى الله عز وجل ؟ قال : يا أبا الجارود إن الله أوحى إلى أم موسى وهو خير من أم موسى ، وأوحى الله إلى النحل وهو خير من النحل ، فعقلت المذهب ؟ فقال لي : أعقلت المذهب ؟ قلت : نعم ).( معجم أحاديث الإمام المهدي (ع) : 568 ) ونقل الرواية عن دلائل الإمامة للطبري:ص:455، الا اني اقتطعت من الرواية كما فعل هو في المعجم. ونقل نفس الرواية ايضاً في كتابه جواهر التأريخ:1/381 وقال عنها قبل ان يوردها الكتاب المذكور: أما أول خارجة على الإمام المهدي عليه السلام في العراق فهم البترية الذين يزعمون أنهم يتولون أهل البيت عليهم السلام وظالميهم ) ثم نقل نفس الرواية. وعلق عليها في المعجم بقوله( اقول:يبدو أن أكثر هؤلاء البترية أصلهم شيعة،وأنهم يخطئون الإمام (ع) لأنه أعلن موقفه من ابي بكر وعمر، فذلك برايهم يسبب للإمام (ع) خسارة شعبية في المخالفين.وقد تقدم بعض حديثهم).
تخطر ببال القارئ عدّة امور فيطالب الشيخ الكوراني بها:
الامر الاول: ان الذي ذكره مستفاد من الرواية السابقة التي ذكرناها والتي ذكر فيها سبب تسميتهم عن زيد بن علي بن الحسين(ع) بقرينة تعليل الشيخ الكوراني نفسه بأنهم يخطئون الإمام المهدي(ع) لأنه اعلن موقفه من ابي بكر وعمر، فنفس المعنى الذي كان سبب تسميتهم هناك جعله الشيخ هنا ،وهذا المعنى مجرد احتمال لا يصلح للدليلية، خصوصاً بعد تصريح بعض العلماء بقوله(لان معنى البترية مختلف فيه بين العلماء ، فبعد ما تقدم لا ينبغي لاحد أن يفسر البترية على خلاف ما يريده الشيخ الكشي) .( ثلاثيات الكليني للشيخ أمين ترمس العاملي : 11 ).
الامر الثاني: ان المعروف من لفظ البترية عند عدم وجود اصطلاح عليه انه يحمل على المعنى اللغوي الذي نص عليه اهل اللغة ،وهذا ما نصت عليه قواعدكم الاصولية الذي عبرت عنه تارة ب(أصالة عدم النقل في اللغة) وتارة ب(الاستصحاب القهقرائي)،وقد تقدم ان الابتر هو الذي لا عقب له ،فالمتعين ان نقول ان البترية :هم الذين يدعون ان الامام المهدي (ع) ليس له ذرية، كما اطلقة القران الكريم على العاص بن وائل في سورة الكوثر.
اليس هذا هو الانسب وهو مقتضى القواعد عندكم؟
الامر الثالث:ان العنوان الذي عنون الشيخ الكوراني به الموضوع هو (البتريون اول الخوارج على الامام (ع) .
الا انه من الملفت للنظر ان الروايات التي ذكرها في الموضوع تعبر ب(القائم) ولم تعبر بالامام المهدي (ع)،هذا مضافاً الى الروايات التي تجعل خروج القائم (ع) من العلامات الحتمية لظهور الامام المهدي صلوات الله عليه ، حيث روى الشيخ الطوسي في الغيبة، عن أبي حمزة الثمالي قال : قلت لأبي عبد الله عليه السلام : إن أبا جعفر عليه السلام كان يقول : خروج السفياني من المحتوم ، والنداء من المحتوم ، وطلوع الشمس من المغرب من المحتوم ، وأشياء كان يقولها من المحتوم . فقال أبو عبد الله عليه السلام : واختلاف بني فلان من المحتوم ، وقتل النفس الزكية من المحتوم وخروج القائم من المحتوم . قلت : وكيف يكون النداء ؟ . قال : ينادي مناد من السماء أول النهار يسمعه كل قوم بألسنتهم : ألا إن الحق في علي وشيعته . ثم ينادي إبليس في آخر النهار من الأرض : ألا إن الحق في عثمان وشيعته فعند ذلك يرتاب المبطلون .( الغيبة للشيخ الطوسي : 435).
وروى في موضع اخر ايضاً ، عن ابي عبدالله عليه السلام قال : خروج القائم من المحتوم . قلت : وكيف يكون النداء ؟ . قال : ينادي مناد من السماء أول النهار : ألا إن الحق في علي وشيعته . ثم ينادي إبليس لعنه الله في آخر النهار : ألا إن الحق في عثمان وشيعته ، فعند ذلك يرتاب المبطلون .( الغيبة للشيخ الطوسي : 454).
ونقل هذا المعنى الشيخ الكليني رحمه الله ، عن محمد بن علي الحلبي قال : سمعت أبا عبد الله ( عليه السلام ) يقول : اختلاف بني العباس من المحتوم والنداء من المحتوم وخروج القائم من المحتوم ، قلت : وكيف النداء ؟ قال : ينادي مناد من السماء أول النهار : ألا إن عليا وشيعته هم الفائزون ، قال : وينادي مناد [ في ] آخر النهار : ألا إن عثمان وشيعته هم الفائزون.( الكافي للشيخ الكليني : 8 / 310).
افلا يدل كل هذا عند الشيخ الكوراني ان المقصود بالقائم ليس هو الامام المهدي (ع) في هذه الروايات على الاقل؟ اذ الروايات بصدد بيان العلامات الحتمية لظهور الامام المهدي(ع) فلو كان المقصود من القائم هو الامام (ع) نفسه للزم ان يكون ظهوره يدل على ظهوره؟ وهذا لا يرتضيه أي احد ،لانه كما تقولون في علومكم يلزم توقف الشيء على نفسه،وهومحال.
ثم مضافا الى ذلك ايضاً عندنا روايات حذف منها لفظ القائم(ع) وحل محله اليماني(ع) ،ونقلها نفس الشيخ الكوراني في معجمه ،قال ( النداء من المحتوم ، والسفياني من المحتوم ، واليماني من المحتوم ، وقتل النفس الزكية من المحتوم ، وكف يطلع من السماء من المحتوم ، قال وفزعة في شهر رمضان توقظ النائم ، وتفزع اليقظان ، وتخرج الفتاة من خدرها ) . (معجم أحاديث الإمام المهدي (ع) 3 / 464).
ونقلها عن الشيخ النعماني في الغيبة ، عن أبي عبد الله ( عليه السلام ) أنه قال : النداء من المحتوم ، والسفياني من المحتوم ، واليماني من المحتوم ، وقتل النفس الزكية من المحتوم ، وكف يطلع من السماء من المحتوم ، قال : وفزعة في شهر رمضان توقظ النائم ، وتفزع اليقظان ، وتخرج الفتاة من خدرها .( الغيبة لمحمد بن إبراهيم النعماني : 262).
والنتيجة التي يصل اليها الانسان وبلا كلفة هي:ان البترية يخرجون على القائم الذي هو اليماني، لا انهم يخرجون على الامام المهدي (ع) ،وان كان الخروج على اليماني هو خروج عليه ايضاً ، لانه نائبه الخاص كما قال الشيخ نفسه في معجمه، حيث قال: والمرجح عندنا في الجواب: أن ثورة اليماني تحضى بشرف التوجيه المباشر من الامام المهدي(ع) فاليماني سفيره الخاص يتشرف بلقائه ويأخذ توجيهه منه .(ص: 619). وقال في كتابه عصر الظهور: ولكن المرجح ان يكون السبب الأساسي في أن ثورة اليماني أهدى أنها تحضى بشرف التوجيه المباشر من المهدي عليه السلام ، وأنها جزء مباشر من خطة حركته عليه السلام ، وأن اليماني يتشرف بلقائه ويأخذ توجيهه منه . ويؤيد ذلك أن أحاديث ثورة اليمانيين تركز على مدح شخص اليماني قائد الثورة وأنه " يهدي إلى الحق " ويدعو إلى صاحبكم " وانه " لا يحل لمسلم ان يلتوي عليه ، فمن فعل ذلك فهو إلى النار. (ص:147).
فيتعين من كل هذا ان القائم (ع) نفسه هو اليماني ، وخصوصاً اذا اخذنا بنظر الاعتبار الروايات التي تنص على ان كل راية ترفع قبل القائم هي راية ضلال وصاحبها طاغوت، فعن أبي بصير ، عن أبي عبد الله ( عليه السلام ) قال : كل راية ترفع قبل قيام القائم فصاحبها طاغوت يعبد من دون الله عز وجل .( الكافي :8/295 ، وسائل الشيعة (آل البيت) : 15 / 52، الفصول المهمة في أصول الأئمة : 1 / 451).
ومن الواضح عند كل انسان ان اليماني قبل يظهر الامام المهدي (ع) كما هو المستفاد من كلام الشيخ الكوراني المتقدم حيث قال : فاليماني سفيره الخاص يتشرف بلقائه ويأخذ توجيهه منه.وقال في معجمه ايضاً: اقول: يظهر من أحاديث اليماني أن دوره في ظهور الامام (ع) رئيسي.(ص:618).
افهل تكون راية اليماني التي هي اهدى الرايات عند آل محمد (ع) والتي تظهر قبل الامام المهدي (ع) راية ضلال؟؟
فان فسرالشيخ الكوراني القائم في هذه الروايات بالامام المهدي(ع) نفسه يتعين عليه الاجابة بأنها راية ضلال ،وبهذا يخالف نص كلام الامام الباقر(ع) الذي يقول في اليماني ( وليس في الرايات راية اهدى من راية اليماني ،هي راية هدى ،لأنه يدعو الى صاحبكم....).(الغيبة للنعماني:264).
وان فسر اليماني (ع)بنفس القائم فلا اشكال في البين،اذ تكون كل الرايات قبل راية اليماني- القائم - راية ضلال وصاحبها طاغوت يعبد من دون الله طبقاً لما ورد عن اهل البيت (ع).
الامر الرابع:كيف علم الشيخ ان اصل هؤلاء من الشيعة؟ فلماذا لم يكونوا هم شيعة بالفعل لا ان اصلهم من الشيعة وهم ليس من الشيعة في زمن الظهور فيخرجون على القائم (ع)؟ ثم افهل يوجد في الكوفة والنجف من ابناء العامة او من غيرهم؟ وخصوصاً انهم( فقهاء في الدين قد قرحوا جباههم وسمروا ساماتهم) كما تصفهم الرواية المتقدمة.
نعم من حق الشيخ ان يسميهم خوارج لاجل هذه الصفة التي عندهم وهم فقهاء عباد لكن الدين لم يبلغ تراقيهم كما كان الخوارج في زمن جده امير المؤمنين(ع) الذين خرجوا عليه ، ولذا قالت الرواية بعد ان اعطتهم صفة العلم والفقاهة بانهم (عمهم النفاق ،وكلهم يقولون:يا ابن فاطمة ارجع لا حاجة لنا فيك). فهؤلاء كأولئك. الا ان الخوارج الذين يخرجون على القائم(ع) هم علماء ويعرفونه ابن فاطمة(ع) الا انهم لا حاجة لهم فيه - كما ذكرت الرواية - لأن ظهوره يهدم اساس بناءهم الشيطاني ويسحب البساط من تحت اقدامهم الخبيثة،ويقطع الايدي العفنة ،فهم يعرفون كل هذا ،ولعمري صدق يماني آل محمد (ع) اذ يقول (يعرفوني كما يعرفون ابناءهم).