المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : أحياء الصفيح في جزائر 2008 .. رحلة البحث عن أفق



لمياء
07-06-2008, 12:40 PM
كامل الشيرازي من الجزائر

في جزائر 2008، كثير من الكلام ينتاب مساراتها الحياتية، فرغم أنّ البلاد تزخر باحتياطي ضخم من النقد الأجنبي زاد عن 130 مليار دولار، إلاّ أنّ مستويات الفقر في الجزائر تضاعفت على مدار السنوات الأخيرة، في بلد يبلغ معدل أعمار نصف سكانه -30 مليون نسمة-، أقل من 25 سنة، وصارت البطالة تشمل نسبة 40 في المائة تقريبا ممن هم في سن العمل، ما أدى إلى بروز فريق "فاقدي الامل"، بعدما صار النصف يعيشون تحت خط الفقر، بينما الإمكانيات هائلة، وهذا ما أنتج على هامش المجتمع، غيتوهات الفقر أو ما يطلق عليها محليا (أحياء الصفيح) وما أفرزته الأخيرة من حيرة شبابية ويأس اجتماعي مخلوط بالاحتقان المستبد.

على أحد أرصفة حي المقرية الفقير –ضواحي عاصمة الجزائر-، قابلنا شخصا كالح الملامح بدا في في خريف العمر، قال إنّه يعيش وضعا صعبا بسبب عدم مقدرته على إعالة أسرته براتب لا يتجاوز السبعة آلاف دينار، غير بعيد، اشتكى لنا شباب وكهول من كون (السلطات لم تفعل لهم شيئا)، فهم استغربوا سماعهم اليومي لمشاريع للتكفل بالعائلات الفقيرة، بيد أنّهم لم يروا شيئا في أرض الواقع، واستنادا إلى أقوالهم، فإنّ الإعانات يتحصل عليها "محظوظون" بالوساطة والمحسوبية وقد يأخذها أناس مقتدرون يزاحمون الفقراء في فقرهم !

ويعاني سكان هذه الغيتوهات من نقص فادح في الخدمات وتدني المستوى المعيشي رغم أنّ الدولة تعتبر من أهم مصدّري النفط والغاز في العالم، وتتفاقم حالة الفقر لدى مواطني الصفيح، على الرغم من المشاريع ومخصصات الدعم ووو، وباتت أعداد لا تحصى من المتسوِّلين من رجال ونساء وأطفال يسكنون في العاصمة هربًا من المناطق الريفية الفقيرة التي لم تمسها نعمة الدولارات على الإطلاق في مشاريع عمل وخدمات أو بنى تحتية، وكان الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة، واضحا عندما أوعز أنّ بلاده أصبحت اليوم لا تعاني من مشكلة إيجاد المال، بل من مشكلة تبذير الأموال واختلاسها، يقول زكريا (33 سنة):"أنت هنا بشكل دائم أمام مشكلة صعوبة الحياة وسوء ظرف اقتصادي واجتماعي وانغلاق أفق"، بينما يلاحظ الخبير في شؤون الجماعات المسلحة هيثم رباني:" معظم الذين انخرطوا فيما يسمى بتنظيمات الإرهابية هم من المهمشين اقتصادياً واجتماعياً،

في الأحياء الفقيرة المنتجة للبؤس، (ازدهرت) ثقافة العنف، أصبحت ليالي هذه الأحياء لا تطاق، وتنبثق الحالات الأكثر إنفجارا، في الأحياء التي يتضاعف عدد سكانها كل عشرة سنين، وتنفرد برداءة الخدمات فيها على صعيد توزيع المياه، ومصلحة الطرق، وجمع الوسخ، والتجهيزات الإجتماعية، والهاتف، وثيقة الإعفاء، ووسائل النقل وسائر الموجبات المدنية، وهي كلها أشياء نادرة الاكتمال.

وعلى هذا التراكم المفزع، استشرت آفة البطالة وتولّدت الحالات المتفجرة، إستغلتها جماعات التمرد، وحلت في محل عجز المرافق العامّة، كأسطول كبير من العُملة الإجتماعية إمتدت على مدار سنين الفتنة الدموية، وإمتزجت في مطالبات البروليتاريا، فكانت الفتن والمضاربات، ترى زينب (45 سنة):" هنا مزيج خطر للغاية، نعيش في منطقة براقي الفقيرة التي تسودها الجريمة وتغزوها الجرذان ويتسلل منها الشباب اليائس بالآلاف، وعلقت زميلتها بالقول (ربنا يستر)، من جانبه، أطلق رياض (28 سنة) العاطل عن العمل زفرة طويلة ويقول بأسى ظاهر:" إننا نتجرع مرارة الحياة الصعبة ونعاني ألم البطالة، والقبضة الأمنية الصارمة، والتمييز، والاسكان البائس"، ويضيف ياسين (29 سنة)، عامل لا يتجاوز أجره الثلاث دولارات يوميا:"على الحكومة أن تفعل أشياءا ملموسة وتحدث وثبة، حتى لا تأخذ الأمور شكلا أكبر من الوخامة".

حي "صادلمي ماية" الذي يعجّ بمئات العائلات و(الجرذان) أيضا، التقينا مجموعة من شبابه: فيصل-حميد-نبيل، ملأوا المكان بهتافات وصراخ وحمى ضحكاتهم الانفجارية التي هزت خمول بعض الكهول، أكدوا لـ"إيلاف" أنه بحكم تراكم المشاكل والخيبات المتصلة، فإنّهم بعفوية أبناء الأحياء المنسية وكبرياء أهل الجزائر العميقة، يثأرون على طريقتهم من واقع يرونه فجا، مطاردين لحظات الفرح الهاربة، طالما أنّ الشباب العشريني لم يعد لديه غير الصمت أو الانخراط في الفرح الفوضوي بعزة وأنفة الجزائري الذي يحتمي برجولة مجروحة عندما تطحنه الظروف، فيرفض الاعتراف بالسقوط، على الرغم من سطوة التفجيرات المتراكمة وسط الساحات العمومية، هؤلاء الشباب عبروا عن رفضهم لأوضاعهم المعيشية، بلغة سياسية جديدة يغلب عليها الإبهام والغموض، فأنت هنا بصدد اكتشاف الوجه الآخر لمدينة هي بالأساس ريف كبير.

انتهاء، يرى متابعون، أنّ الأزمة في الجزائر تظهر أعماقها، في عجز الساسة في إرساء دعائم هدوء اجتماعي دائم، فالحالة الحاضرة في الجزائر هي تأكيد حقيقي لطبقة مكدوحة تئن تحت وطأة القسوة والدونية والفساد، فالناس في بلدة عين الدفلى، لا يشعرون بأي شيء على أرض الواقع مقارنة بما تنتجه التصريحات الرسمية الرائعة، حيث تعاني هذه البلدة كما هو حال جاراتها من الحرمان والعزلة، لقد تضررت هذه المنطقة كثيرًا من الإرهاب أثناء ما حصل في التسعينيات، حيث هرب اشخاص كثيرون منذ ذلك الحين إلى المدينة، بيد أنّ العديد من المواطنين لا يريدون مغادرة بلادهم وهم لا يزالون يحاولون البقاء هناك، في وقت أصيب الشباب هناك بصدمة نفسية جراء الظلم الاجتماعي، لذا يحلم الكثير من الشباب بالهجرة الى الخارج ولو عبر (قوارب الموت) هربًا من الفقر المخيف، بعد استفحال أزمات السكن والنقل وتوابعهما.

"اللعنة" في الجزائر سرقت فرحة الفقراء الذين يلهثون ليلاً ونهاراً من أجل ضمان خبزة وكيس حليب، فتغطية الفراغ الحالي الذي يعاني منه الشعب ذو الدخل المتوسط ولا نتحدث عن الطبقة التي داستها الأقدام وهي تلهث ليلاً ونهاراً لتحلق من اجل خبز وعلبة من الحليب.

عاشقة الفردوس
07-09-2008, 02:12 PM
اللعنة تطارد العرب و المسلمين الانهم تخلو عن

منهج كتاب الله و سنة رسوله

فمهما كان حال الجزائريين فهوا اقل بكثير مما يعانوه الائيرانيون و المصريون

و غيرهم