الفرزدق
06-24-2008, 03:53 PM
كلمة بخصوص الإجتهاد والتقليد
سأبدأ كلمتي هذه ببيان حقيقة موقف من يذهبون الى رفض التقليد والإجتهاد بالمفهوم الذي تتبعه مؤسسة المرجعية الدينية الأصولية ، فالحق إن من يرفض التقليد والإجتهاد بمفهومه المتداول في المؤسسة المذكورة لا يرفض هذا المبدأ جملة وتفصيلاً ، وبمعنى آخر لا يوجد حقيقة من يرفض الإجتهاد والتقليد ، ولكن توجد مفهومات أو تصورات مختلفة لهذا المبدأ نفسه ، ومن يقول بوجود رافضين لنفس المبدأ يقولها من باب التحكم والحرب الإعلامية القذرة لا أكثر .
فعلى سبيل المثال لا يرفض أنصار الإمام المهدي (ع) هذا المبدأ وحملات التشهير القذرة التي يتعرضون لها في هذا الصدد تنم عن خصومة غير شريفة يواجههم بها خصومهم أو أعداؤهم ، فالأنصار يقبلون الإجتهاد ، ولكنهم يفهمونه فهما يغاير ما هو معروف لدى أتباع المدرسة الأصولية ، والإجتهاد بحسب ما يفهمه أنصار الإمام المهدي (ع) هو بذل الوسع في معرفة روايات أهل البيت (ع) وتحصيل المعارف منها دون إعتماد على العقل البشري الناقص في التشريع ، وأؤكد على مسألة التشريع ، فالأنصار لا يرفضون العقل كما يشيع عنهم خصومهم الذين تنقصهم شرف الخصومة كما أسلفت ، وكيف وبالعقل يعرف الله ، ولكنهم يرفضون ادخال العقل طرفاً في التشريع ، ومن يرجع لروايات أهل البيت (ع) يعرف جيداً إن موقف الأنصار هذا ينطلق من تسليمهم لما ورد في نصوص أهل البيت (ع) . وكذلك هم لا يرفضون التقليد ولكنهم يعرفون التقليد بأنه التقليد بقبول الرواية والحكم الذي تنص عليه أو يظهر منها ، ويرفضون التقليد بمعنى قبول آراء الناس غير المعصومين وتخرصاتهم العقلية .
وإليكم سبب رفضهم مفهوم التقليد والإجتهاد المتبع في المدرسة الأصولية ، كما ورد في كتاب ( العجل ) للسيد أحمد الحسن (ع) : -
(( التشريع بدليل العقل :
بعد وفاة النبي (ص) كان على المسلمين الرجوع إلى أوصيائه (ع) ، لمعرفة الأحكام الشرعية المشتبهة عليهم ، أو التي تستجد مع مرور الزمن ، ولكن بما أن جماعة من المسلمين انحرفوا عن الأوصياء (ع) ، وتركوا الأخذ عنهم ، وهم : أهل السنة . فقد أدى مرور الزمن بهم إلى تأليف قواعد عقلية مستندة إلى القواعد المنطقية ، اعتمدوا عليها في إصدار بعض الأحكام الشرعية ، وسموها بـ(أصول الفقه) ، واعرض بعض علمائهم عنها ، والتزم بالقرآن وما صح عندهم أنه صدر عن النبي (ص) .
أما الشيعة فكانوا دائما يرجعون إلى الإمام المعصوم (ع) بعد النبي (ص) ، ولما وقعت الغيبة الصغرى كانوا يرجعون إلى سفير الإمام (ع) ، فلما وقعت الغيبة التامة كانوا يرجعون إلى الفقهاء الذين كانوا يروون عن المعصومين (ع) ، ومع مرور الزمن رجع بعض علماء الشيعة إلى القواعد العقلية التي بدا بكتابتها علماء السنة ، وقيل إن أول من كتب في القواعد العقلية من الشيعة هو العلامة الحلي (رحمه الله) حيث قام باختصار أحد كتب السنة في أصول الفقه ، وقع بعد ذلك خلاف كبير بين علماء الشيعة ، حول التوقف عند محكمات القران والروايات الواردة عن المعصومين (ع) في تحصيل الحكم الشرعي ، أو تجاوز الأمر إلى دليل العقل ، وزاد آخرون الإجماع .
وكل استدل
على صحة طريقه بأدلة هي :-
1- الأدلة على أن دليل العقل من أدلة التشريع :-
وانـه لا يجب التـوقف عند مـحكمات الكـتاب والـروايات ومـنها :-
أ- إن المشرع سبحانه من جملة العقلاء (حسب ما قاله بعض الأصوليين) . فما اتفق عليه العقلاء اقره المشرع سبحانه .
ب- إن الشريعة موافقة للعقل ، فكل ما حسنه العقل حثت عليه الشريعة ، وكل ما قبحه العقل نهت عنه الشريعة .
ج-إن التوقف عن الفتوى عند الشبهات يلزم العسر ، لأن العمل بالاحتياط قد يكون فيه عسر على المكلفين ، كصلاة القصر والتمام أو الصيام اليوم وقضاءه .
د- إن التوقف عن الفتوى عند عدم وجود رواية أو آية محكمة ، يلزم جمود الشريعة وعدم مواكبتها للتطور . والمستحدثات أصبحت كثيرة خصوصا في المعاملات ، كأطفال الأنابيب والتلقيح الصناعي ، والمعاملات المصرفية والمالية المتنوعة وتقنية الاستنساخ البشري والحيواني وغيرها .
2- الأدلة على وجوب التوقف عند الروايات والآيات المحكمة:-
والتوقف عن الفتوى عند الشبهات والمستحدثات التي لا يوجد دليل نقلي عليها والعمل فيها بالاحتياط ومنها :-
أ- إن العقل حجة باطنة ، وهذا ورد في الروايات عنهم (ع) ، فبالعقل يستدل على وجود الخالق ، ثم بالعقل تعارض الروايات وتعرف دلالة كل منها ، وبالعقل تفهم الآيات ويعرف المتشابه والمحكم ، وهذا لا اعتراض عليه . إنما الاعتراض على وضع قاعدة عقلية غير مروية ، يستـنبط بواسطتها حكم شرعي ، فهذه هي عبادة العباد للعباد . وهكذا نعود إلى الحام والبحيرة والسائبة ، وعدنا إلى تحريم علماء اليهود بأهوائهم وتخرصاتهم العقلية وتحليلهم المحرمات ، وهكذا نقر للطواغيت تشريعاتهم الوضعية الباطلة .
ب- اتفاق العقلاء المدعى غير موجود ، ثم إن بعض القواعد العقلية لم يتحرر النـزاع فيها في الأصول بين الأصوليين أنفسهم ، فكيف يعتمد عليها في استنباط الأحكام الشرعية ، هذا فضلا عن إن اعتبار المشرع سبحانه من جملة العقلاء غير صحيح .
ج- إن بعض الأشياء التي نهى عنها الشارع قبحها بيّن ، فالعقل يحكم بقبحها ، ولكن هناك كثير من الأشياء غير بيّنة القبح والحسن في الظاهر ، فلابد من الاطلاع على حقائق الأشياء لمعرفة الحَسِن من القبيح . ولا يعرف حقائق الأشياء إلا خالقها ، أو من شاء الله اطلاعه عليها ، ثم لعل بعض الأشياء نعتقد نحن بقبحها لعدم اطلاعنا على حقائقها وبواطنها ، واكتفائنا بمنافاة ظاهرها لطباعنا وأحوالنا وتقاليدنا الاجتماعية التي عادة يعتبرها الناس نواميس إلهية يحرم خرقها . قال تعالى { فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْراً كَثِيراً }(النساء :19). وقال تعالى {كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئاً وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ} (البقرة :216) . وبعض الأشياء فيها حسن وقبح وملائمة ومنافاة ولكن أحدهما أرجح من الآخر . قال تعالى { يَسْأَلونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُمَا أَكْبَرُ مِنْ نَفْعِهِمَا} (البقرة:219) . فنحن وان قلنا بان الحسن والقبح مفهومان عقليان ، ولكن تطبيق هذين المفهومين على الموجودات في الخارج (أي المصاديق ) أمر متعسر ، لان بعض الموجودات متشابهة .
د- إن في الشبهات حكمة إلهية ، فالذي نزل القرآن قادر على أن يجعل جميع آياته محكمة (أي بينة المعنى) ، ولكنه سبحانه جعل فيه آيات متشابهات (أي مشتبهة على جاهلها وتحتمل أكثر من وجه في التفسير والتأويل) لحكمة . ولعلها والله العالم بيان الحاجة إلى المعصوم (ع) الذي يعلم تفسير وتأويل المتشابه . فعن رسول الله (ص) ما معناه (( أمر بيّن رشده فيتبع وأمر بيّن غيه فيجتنب ومتشابهات بين ذلك يرد حكمها إلى الله والى الراسخين في العلم العالمين بتأويله )) .
أذن ففي الشبهات إشارة إلى حاجة الأمة إلى الراسخين في العلم ، وهم الأئمة (ع) بعد النبي (ص) ، وفي زماننا صاحب الأمر (ع) ، ولعل الذي يفتي في الشبهات يلغي هذه الإشارة ، بل لعله يشير إلى الاستغناء عن المعصوم عندما يفتي فلا حاجة لنا بك ، فقد أصبحنا بفضل القواعد العقلية نفتي في كل مسألة ، وما عدنا نتوقف ، وما عاد لدينا شبهات ، ومع أننا فقدناك فأننا اليوم لا نواجه عسراً في تحصيل الحكم الشرعي .
هـ-ربما يكون الفساد الذي يحصل من فتوى غير صحيحة مستندة إلى دليل العقل اكبر بكثير مما نعتقده جمود في الشريعة عند الاحتياط ، والتوقف عن الفتوى . ثم إن الدين لله فمتى أصبح هناك عسر في الدين والشريعة ، فانه سبحانه سيفرج هذا العسر حتما ، وفق حكمته وعلمه بما يصلح البلاد والعباد . ثم انه سبحانه وتعالى لم يكلفنا أمر التشريع ، فما الذي يدفعنا للتصدي لهذا الأمر الخطير ، المحصور به سبحانه ، ولم يتصدَ له الأنبياء والمرسلين والأئمة (ع) مع تمام عقولهم ، وانكشاف كثير من الحقائق لهم .
عندما يفتي في أي مسالة وان لم يكن عليها دليل نقلي بل لعله يقول بلسان الحال للإمام المهدي (ع) : ارجع يا ابن فاطمة فلا حاجة لنا بك .
و- الروايات الدالة على وجوب التوقف عند الأدلة النقلية ومنها :-
قال أمير المؤمنين (ع) (( واعلموا عباد الله : أن المؤمن يستحل العام ما استحل عاماً أول ، ويحرم العام ما حرم عاما أول ، وان ما احدث الناس لا يحل لكم شيئاً مما حرم عليكم ، ولكن الحلال ما احل الله والحرام ما حرم الله . فقد جربتم الأمور وضرستموها ، ووعظتم بمن كان قبلكم . وضربت الأمثال لكم ، ودعيتم إلى الأمر الواضح فلا يصم عن ذلك إلا أصم ولا يعمى عن ذلك إلا أعمى . ومن لم ينفعه الله بالبلاء والتجارب ، لم ينتفع بشيء من العضة . وأتاه التقصير من أمامه حتى يعرف ما أنكر ، وينكر ما عرف . وإنما الناس رجلان : متبع شرعة ومبتدع بدعة ، ليس معه من الله سبحانه برهان سنة ، ولا ضياء حجة ، وان الله سبحانه لم يعظ أحد بمثل هذا القرآن ، فانه حبل الله المتين ، وسببه الأمين ، وفيه ربيع القلب ، وينابيع العلم . وما للقلب جلاء غيره ، مع انه قد ذهب المتذكرون ، وبقي الناسون والمتناسون . فإذا رأيتم خيرا فأعينوا عليه ، وإذا رأيتم شراً فاذهبوا عنه . فان رسول الله (ص) كان يقول ( يابن آدم اعمل الخير ودع الشر فإذا أنت جواد قاصد )
وعن النبي (ص) (( إن المؤمن اخذ دينه عن الله ، وأن المنافق نصب رأيا واتخذ دينه منه )) .
وعن أمير المؤمنين (ع) انه قال
((إن من أبغض الخلق إلى الله عز وجل لرجلين : رجل وكله الله إلى نفسه فهو جائر عن قصد السبيل ، مشغوف بكلام بدعة ، قد لهج بالصوم والصلاة فهو فتنة لمن افتتن به ، ضال عن هدي من كان قبله ، مضل لمن اقتدى به في حياته وبعد موته ، حمال خطايا غيره ، رهن بخطيئته .
ورجلاً قمش جهلا في جهال الناس ، عان بأغباش الفتنة ، قد سماه أشباه الناس عالما ولم يغن فيه يوما سالما ، بكر فاستكثر ، ما قل منه خير مما كثر ، حتى إذا ارتوى من آجن ، واكتنز من غير طائل جلس بين الناس قاضيا ضامنا لتخليص ما التبس على غيره ، وإن خالف قاضيا سبقه ، لم يأمن أن ينقض حكمه من يأتي بعده ، كفعله بمن كان قبله ، وإن نزلت به إحدى المبهمات المعضلات هيأ لها حشوا من رأيه ، ثم قطع به ، فهو من لبس الشبهات في مثل غزل العنكبوت لا يدري أصاب أم أخطأ ، لا يحسب العلم في شيء مما أنكر ، ولا يرى أن وراء ما بلغ فيه مذهبا ، إن قاس شيئا بشيء لم يكذب نظره وإن أظلم عليه أمر اكتتم به ، لما يعلم من جهل نفسه ، لكيلا يقال له : لا يعلم ، ثم جسر فقضى ، فهو مفتاح عشوات ، ركاب شبهات ، خباط جهالات ، لا يعتذر مما لا يعلم فيسلم ، ولا يعض في العلم بضرس قاطع فيغنم ، يذري الروايات ذرو الريح الهشيم ، تبكي منه المواريث ، وتصرخ منه الدماء ، يستحل بقضائه الفرج الحرام ، ويحرم بقضائه الفرج الحلال ، لا ملئ بإصدار ما عليه ورد ، ولا هو أهل لما منه فرط ، من ادعائه علم الحق)) .
وروى انه ذكر عند عمر بن الخطاب : في أيامه ، حلي الكعبة وكثرته . فقال قوم لو أخذته فجهزت به جيوش المسلمين كان أعظم للأجر ، وما تصنع الكعبة بالحلي ؟ فهم من عمر بذلك وسأل أمير المؤمنين (ع) . فقال (ع)
( أن القرآن أنزل على النبي (ص) والأموال أربعة : أموال المسلمين فقسمها بين الورثة في الفرائض ، والفيء فقسمه على مستحقيه ، والخمس فوضعه الله حيث وضعه ، والصدقات فجعلها الله حيث جعلها ، وكان حلي الكعبة فيها يومئذ فتركه الله على حاله . ولم يتركه نسياناً ، ولم يخف عليه مكاناً فاقره ، حيث اقره الله ورسوله . فقال عمر لولاك لافتضحنا وترك الحلي بحاله )) .
وعن أبي بصير قال قلت لأبي عبد الله (ع) ترد علينا أشياء ليس نعرفها في كتاب الله ولا سنّة فننظر فيها ؟ قال
(لا ، أما إنك إن أصبت لم تؤجر وان أخطأت كذبت على الله عز وجل)
عن الصادق(ع) عن أبيه (ع) عن علي (ع) قال:-
(( من نصب نفسه للقياس لم يزل دهره في التباس ، ومن دان الله بالرأي لم يزل دهره في أرتماس . قال : وقال أبو جعفر (ع) من أفتى الناس برأيه فقد دان الله بما لا يعلم ، ومن دان الله بما لا يعلم فقد ضاد الله حيث احل وحرم فيما لا يعلم )) .
وعن أبي عبد الله (ع) في محاججته لأبي حنيفة في حديث طويل قال
(( يا أبا حنيفة تعرف كتاب الله حق معرفته ، وتعرف الناسخ والمنسوخ . قال نعم . قال : يا أبا حنيفة لقد ادعيت علما ، ويلك ما جعل الله ذلك إلا عند أهل الكتاب الذين انزل عليهم ، ويلك ولا هو إلا عند الخاص من ذرية نبينا (ص) . ما ورثك الله من كتابه حرفا فان كنت كما نقول ولست كما تقول ……)) .
وعن عبد الله بن شبرمة قال ما اذكر حديثا سمعته من جعفر بن محمد (ع) إلا كاد أن يتصدع قلبي قال أبي عن جدي عن رسول الله (ص) قال ابن شبرمة واقسم بالله ما كذب أبوه على جده ولا جده على رسول الله (ص) فقال قال رسول الله (ص)
(من عمل بالمقاييس فقد هلك واهلك ومن أفتى الناس وهو لا يعلم الناسخ من المنسوخ والمحكم من المتشابه فقد هلك واهلك )) .
وعن الصادق (ع) (( إياك وخصلتين : ففيهما هلك من هلك ، إياك أن تفتي الناس برأيك ، وان تدين بما لا تعلم )) .
وعن الباقر (ع) من أفتى الناس بغير علم ولا هدى من الله لعنته ملائكة الرحمة وملائكة العذاب ، ولحقه وزر من عمل بفتياه )) .
وعن النبي (ص) (( من عمل بغير علم كان ما يفسد أكثر مما يصلح )) .
وعن الصادق (ع) (( العامل على غير بصيرة كالسائر على غير الطريق لا يزيده سرعة السير إلا بعداً ))
وعن الصادق (ع) (( إن أصحاب المقاييس طلبوا العلم بالمقاييس ، فلم يزدهم المقاييس عن الحق إلا بعدا وان دين الله لا يصاب بالمقاييس) .
وعن الكاظم (ع) : (من نظر برأيه هلك ومن تـرك كتاب الله وقول نبيه كفر)
وعن أمير المؤمنين (ع) ((يا معشر شيعتنا والمنتحلين ولايتنا إياكم وأصحاب الرأي فأنهم أعداء السنن . تفلتت منهم الأحاديث أن يحفظوها ، وأعيتهم السنة أن يعوها ، فاتخذوا عباد الله خولا ، وماله دولا . فذلت لهم الرقاب وأطاعهم الخلق أشباه الكلاب ، ونازعوا الحق وأهله فتمثلوا بالأئمة المعصومين الصالحين (الصادقين) وهم من الجهال الملاعين . فسألوا عن ما لا يعلمون ، فأنفوا أن يعترفوا بأنهم لا يعلمون ، فعارضوا الدين بآرائهم ، وضلوا فاضلوا . أما لو كان الدين بالقياس لكان باطن الرجلين أولى بالمسح من ظاهرهما )) .
وقال الصادق (ع): (( أيتها العصابة المرحومة المفلحة إن الله أتم لكم ما أتاكم من الخير، واعلموا انه ليس من علم الله ولا من أمره أن يأخذ أحد من خلق الله في دينه بهوى، ولا رأي، ولا مقاييس. قد انزل الله القران، وجعل فيه تبيان كل شيء. وجعل للقران، ولتعلم القران أهلا، لا يسع أهل علم القران (أي آل محمد (ع)) الذين آتاهم الله علمه أن يأخذوا فيه بهوى، ولا رأي، ولا مقاييس. أغناهم الله عن ذلك بما آتاهم من علمه، وخصهم به ، ووضعه عندهم كرامة من الله أكرمهم بها وهم أهل الذكر )) )) .
سأبدأ كلمتي هذه ببيان حقيقة موقف من يذهبون الى رفض التقليد والإجتهاد بالمفهوم الذي تتبعه مؤسسة المرجعية الدينية الأصولية ، فالحق إن من يرفض التقليد والإجتهاد بمفهومه المتداول في المؤسسة المذكورة لا يرفض هذا المبدأ جملة وتفصيلاً ، وبمعنى آخر لا يوجد حقيقة من يرفض الإجتهاد والتقليد ، ولكن توجد مفهومات أو تصورات مختلفة لهذا المبدأ نفسه ، ومن يقول بوجود رافضين لنفس المبدأ يقولها من باب التحكم والحرب الإعلامية القذرة لا أكثر .
فعلى سبيل المثال لا يرفض أنصار الإمام المهدي (ع) هذا المبدأ وحملات التشهير القذرة التي يتعرضون لها في هذا الصدد تنم عن خصومة غير شريفة يواجههم بها خصومهم أو أعداؤهم ، فالأنصار يقبلون الإجتهاد ، ولكنهم يفهمونه فهما يغاير ما هو معروف لدى أتباع المدرسة الأصولية ، والإجتهاد بحسب ما يفهمه أنصار الإمام المهدي (ع) هو بذل الوسع في معرفة روايات أهل البيت (ع) وتحصيل المعارف منها دون إعتماد على العقل البشري الناقص في التشريع ، وأؤكد على مسألة التشريع ، فالأنصار لا يرفضون العقل كما يشيع عنهم خصومهم الذين تنقصهم شرف الخصومة كما أسلفت ، وكيف وبالعقل يعرف الله ، ولكنهم يرفضون ادخال العقل طرفاً في التشريع ، ومن يرجع لروايات أهل البيت (ع) يعرف جيداً إن موقف الأنصار هذا ينطلق من تسليمهم لما ورد في نصوص أهل البيت (ع) . وكذلك هم لا يرفضون التقليد ولكنهم يعرفون التقليد بأنه التقليد بقبول الرواية والحكم الذي تنص عليه أو يظهر منها ، ويرفضون التقليد بمعنى قبول آراء الناس غير المعصومين وتخرصاتهم العقلية .
وإليكم سبب رفضهم مفهوم التقليد والإجتهاد المتبع في المدرسة الأصولية ، كما ورد في كتاب ( العجل ) للسيد أحمد الحسن (ع) : -
(( التشريع بدليل العقل :
بعد وفاة النبي (ص) كان على المسلمين الرجوع إلى أوصيائه (ع) ، لمعرفة الأحكام الشرعية المشتبهة عليهم ، أو التي تستجد مع مرور الزمن ، ولكن بما أن جماعة من المسلمين انحرفوا عن الأوصياء (ع) ، وتركوا الأخذ عنهم ، وهم : أهل السنة . فقد أدى مرور الزمن بهم إلى تأليف قواعد عقلية مستندة إلى القواعد المنطقية ، اعتمدوا عليها في إصدار بعض الأحكام الشرعية ، وسموها بـ(أصول الفقه) ، واعرض بعض علمائهم عنها ، والتزم بالقرآن وما صح عندهم أنه صدر عن النبي (ص) .
أما الشيعة فكانوا دائما يرجعون إلى الإمام المعصوم (ع) بعد النبي (ص) ، ولما وقعت الغيبة الصغرى كانوا يرجعون إلى سفير الإمام (ع) ، فلما وقعت الغيبة التامة كانوا يرجعون إلى الفقهاء الذين كانوا يروون عن المعصومين (ع) ، ومع مرور الزمن رجع بعض علماء الشيعة إلى القواعد العقلية التي بدا بكتابتها علماء السنة ، وقيل إن أول من كتب في القواعد العقلية من الشيعة هو العلامة الحلي (رحمه الله) حيث قام باختصار أحد كتب السنة في أصول الفقه ، وقع بعد ذلك خلاف كبير بين علماء الشيعة ، حول التوقف عند محكمات القران والروايات الواردة عن المعصومين (ع) في تحصيل الحكم الشرعي ، أو تجاوز الأمر إلى دليل العقل ، وزاد آخرون الإجماع .
وكل استدل
على صحة طريقه بأدلة هي :-
1- الأدلة على أن دليل العقل من أدلة التشريع :-
وانـه لا يجب التـوقف عند مـحكمات الكـتاب والـروايات ومـنها :-
أ- إن المشرع سبحانه من جملة العقلاء (حسب ما قاله بعض الأصوليين) . فما اتفق عليه العقلاء اقره المشرع سبحانه .
ب- إن الشريعة موافقة للعقل ، فكل ما حسنه العقل حثت عليه الشريعة ، وكل ما قبحه العقل نهت عنه الشريعة .
ج-إن التوقف عن الفتوى عند الشبهات يلزم العسر ، لأن العمل بالاحتياط قد يكون فيه عسر على المكلفين ، كصلاة القصر والتمام أو الصيام اليوم وقضاءه .
د- إن التوقف عن الفتوى عند عدم وجود رواية أو آية محكمة ، يلزم جمود الشريعة وعدم مواكبتها للتطور . والمستحدثات أصبحت كثيرة خصوصا في المعاملات ، كأطفال الأنابيب والتلقيح الصناعي ، والمعاملات المصرفية والمالية المتنوعة وتقنية الاستنساخ البشري والحيواني وغيرها .
2- الأدلة على وجوب التوقف عند الروايات والآيات المحكمة:-
والتوقف عن الفتوى عند الشبهات والمستحدثات التي لا يوجد دليل نقلي عليها والعمل فيها بالاحتياط ومنها :-
أ- إن العقل حجة باطنة ، وهذا ورد في الروايات عنهم (ع) ، فبالعقل يستدل على وجود الخالق ، ثم بالعقل تعارض الروايات وتعرف دلالة كل منها ، وبالعقل تفهم الآيات ويعرف المتشابه والمحكم ، وهذا لا اعتراض عليه . إنما الاعتراض على وضع قاعدة عقلية غير مروية ، يستـنبط بواسطتها حكم شرعي ، فهذه هي عبادة العباد للعباد . وهكذا نعود إلى الحام والبحيرة والسائبة ، وعدنا إلى تحريم علماء اليهود بأهوائهم وتخرصاتهم العقلية وتحليلهم المحرمات ، وهكذا نقر للطواغيت تشريعاتهم الوضعية الباطلة .
ب- اتفاق العقلاء المدعى غير موجود ، ثم إن بعض القواعد العقلية لم يتحرر النـزاع فيها في الأصول بين الأصوليين أنفسهم ، فكيف يعتمد عليها في استنباط الأحكام الشرعية ، هذا فضلا عن إن اعتبار المشرع سبحانه من جملة العقلاء غير صحيح .
ج- إن بعض الأشياء التي نهى عنها الشارع قبحها بيّن ، فالعقل يحكم بقبحها ، ولكن هناك كثير من الأشياء غير بيّنة القبح والحسن في الظاهر ، فلابد من الاطلاع على حقائق الأشياء لمعرفة الحَسِن من القبيح . ولا يعرف حقائق الأشياء إلا خالقها ، أو من شاء الله اطلاعه عليها ، ثم لعل بعض الأشياء نعتقد نحن بقبحها لعدم اطلاعنا على حقائقها وبواطنها ، واكتفائنا بمنافاة ظاهرها لطباعنا وأحوالنا وتقاليدنا الاجتماعية التي عادة يعتبرها الناس نواميس إلهية يحرم خرقها . قال تعالى { فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْراً كَثِيراً }(النساء :19). وقال تعالى {كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئاً وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ} (البقرة :216) . وبعض الأشياء فيها حسن وقبح وملائمة ومنافاة ولكن أحدهما أرجح من الآخر . قال تعالى { يَسْأَلونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُمَا أَكْبَرُ مِنْ نَفْعِهِمَا} (البقرة:219) . فنحن وان قلنا بان الحسن والقبح مفهومان عقليان ، ولكن تطبيق هذين المفهومين على الموجودات في الخارج (أي المصاديق ) أمر متعسر ، لان بعض الموجودات متشابهة .
د- إن في الشبهات حكمة إلهية ، فالذي نزل القرآن قادر على أن يجعل جميع آياته محكمة (أي بينة المعنى) ، ولكنه سبحانه جعل فيه آيات متشابهات (أي مشتبهة على جاهلها وتحتمل أكثر من وجه في التفسير والتأويل) لحكمة . ولعلها والله العالم بيان الحاجة إلى المعصوم (ع) الذي يعلم تفسير وتأويل المتشابه . فعن رسول الله (ص) ما معناه (( أمر بيّن رشده فيتبع وأمر بيّن غيه فيجتنب ومتشابهات بين ذلك يرد حكمها إلى الله والى الراسخين في العلم العالمين بتأويله )) .
أذن ففي الشبهات إشارة إلى حاجة الأمة إلى الراسخين في العلم ، وهم الأئمة (ع) بعد النبي (ص) ، وفي زماننا صاحب الأمر (ع) ، ولعل الذي يفتي في الشبهات يلغي هذه الإشارة ، بل لعله يشير إلى الاستغناء عن المعصوم عندما يفتي فلا حاجة لنا بك ، فقد أصبحنا بفضل القواعد العقلية نفتي في كل مسألة ، وما عدنا نتوقف ، وما عاد لدينا شبهات ، ومع أننا فقدناك فأننا اليوم لا نواجه عسراً في تحصيل الحكم الشرعي .
هـ-ربما يكون الفساد الذي يحصل من فتوى غير صحيحة مستندة إلى دليل العقل اكبر بكثير مما نعتقده جمود في الشريعة عند الاحتياط ، والتوقف عن الفتوى . ثم إن الدين لله فمتى أصبح هناك عسر في الدين والشريعة ، فانه سبحانه سيفرج هذا العسر حتما ، وفق حكمته وعلمه بما يصلح البلاد والعباد . ثم انه سبحانه وتعالى لم يكلفنا أمر التشريع ، فما الذي يدفعنا للتصدي لهذا الأمر الخطير ، المحصور به سبحانه ، ولم يتصدَ له الأنبياء والمرسلين والأئمة (ع) مع تمام عقولهم ، وانكشاف كثير من الحقائق لهم .
عندما يفتي في أي مسالة وان لم يكن عليها دليل نقلي بل لعله يقول بلسان الحال للإمام المهدي (ع) : ارجع يا ابن فاطمة فلا حاجة لنا بك .
و- الروايات الدالة على وجوب التوقف عند الأدلة النقلية ومنها :-
قال أمير المؤمنين (ع) (( واعلموا عباد الله : أن المؤمن يستحل العام ما استحل عاماً أول ، ويحرم العام ما حرم عاما أول ، وان ما احدث الناس لا يحل لكم شيئاً مما حرم عليكم ، ولكن الحلال ما احل الله والحرام ما حرم الله . فقد جربتم الأمور وضرستموها ، ووعظتم بمن كان قبلكم . وضربت الأمثال لكم ، ودعيتم إلى الأمر الواضح فلا يصم عن ذلك إلا أصم ولا يعمى عن ذلك إلا أعمى . ومن لم ينفعه الله بالبلاء والتجارب ، لم ينتفع بشيء من العضة . وأتاه التقصير من أمامه حتى يعرف ما أنكر ، وينكر ما عرف . وإنما الناس رجلان : متبع شرعة ومبتدع بدعة ، ليس معه من الله سبحانه برهان سنة ، ولا ضياء حجة ، وان الله سبحانه لم يعظ أحد بمثل هذا القرآن ، فانه حبل الله المتين ، وسببه الأمين ، وفيه ربيع القلب ، وينابيع العلم . وما للقلب جلاء غيره ، مع انه قد ذهب المتذكرون ، وبقي الناسون والمتناسون . فإذا رأيتم خيرا فأعينوا عليه ، وإذا رأيتم شراً فاذهبوا عنه . فان رسول الله (ص) كان يقول ( يابن آدم اعمل الخير ودع الشر فإذا أنت جواد قاصد )
وعن النبي (ص) (( إن المؤمن اخذ دينه عن الله ، وأن المنافق نصب رأيا واتخذ دينه منه )) .
وعن أمير المؤمنين (ع) انه قال
((إن من أبغض الخلق إلى الله عز وجل لرجلين : رجل وكله الله إلى نفسه فهو جائر عن قصد السبيل ، مشغوف بكلام بدعة ، قد لهج بالصوم والصلاة فهو فتنة لمن افتتن به ، ضال عن هدي من كان قبله ، مضل لمن اقتدى به في حياته وبعد موته ، حمال خطايا غيره ، رهن بخطيئته .
ورجلاً قمش جهلا في جهال الناس ، عان بأغباش الفتنة ، قد سماه أشباه الناس عالما ولم يغن فيه يوما سالما ، بكر فاستكثر ، ما قل منه خير مما كثر ، حتى إذا ارتوى من آجن ، واكتنز من غير طائل جلس بين الناس قاضيا ضامنا لتخليص ما التبس على غيره ، وإن خالف قاضيا سبقه ، لم يأمن أن ينقض حكمه من يأتي بعده ، كفعله بمن كان قبله ، وإن نزلت به إحدى المبهمات المعضلات هيأ لها حشوا من رأيه ، ثم قطع به ، فهو من لبس الشبهات في مثل غزل العنكبوت لا يدري أصاب أم أخطأ ، لا يحسب العلم في شيء مما أنكر ، ولا يرى أن وراء ما بلغ فيه مذهبا ، إن قاس شيئا بشيء لم يكذب نظره وإن أظلم عليه أمر اكتتم به ، لما يعلم من جهل نفسه ، لكيلا يقال له : لا يعلم ، ثم جسر فقضى ، فهو مفتاح عشوات ، ركاب شبهات ، خباط جهالات ، لا يعتذر مما لا يعلم فيسلم ، ولا يعض في العلم بضرس قاطع فيغنم ، يذري الروايات ذرو الريح الهشيم ، تبكي منه المواريث ، وتصرخ منه الدماء ، يستحل بقضائه الفرج الحرام ، ويحرم بقضائه الفرج الحلال ، لا ملئ بإصدار ما عليه ورد ، ولا هو أهل لما منه فرط ، من ادعائه علم الحق)) .
وروى انه ذكر عند عمر بن الخطاب : في أيامه ، حلي الكعبة وكثرته . فقال قوم لو أخذته فجهزت به جيوش المسلمين كان أعظم للأجر ، وما تصنع الكعبة بالحلي ؟ فهم من عمر بذلك وسأل أمير المؤمنين (ع) . فقال (ع)
( أن القرآن أنزل على النبي (ص) والأموال أربعة : أموال المسلمين فقسمها بين الورثة في الفرائض ، والفيء فقسمه على مستحقيه ، والخمس فوضعه الله حيث وضعه ، والصدقات فجعلها الله حيث جعلها ، وكان حلي الكعبة فيها يومئذ فتركه الله على حاله . ولم يتركه نسياناً ، ولم يخف عليه مكاناً فاقره ، حيث اقره الله ورسوله . فقال عمر لولاك لافتضحنا وترك الحلي بحاله )) .
وعن أبي بصير قال قلت لأبي عبد الله (ع) ترد علينا أشياء ليس نعرفها في كتاب الله ولا سنّة فننظر فيها ؟ قال
(لا ، أما إنك إن أصبت لم تؤجر وان أخطأت كذبت على الله عز وجل)
عن الصادق(ع) عن أبيه (ع) عن علي (ع) قال:-
(( من نصب نفسه للقياس لم يزل دهره في التباس ، ومن دان الله بالرأي لم يزل دهره في أرتماس . قال : وقال أبو جعفر (ع) من أفتى الناس برأيه فقد دان الله بما لا يعلم ، ومن دان الله بما لا يعلم فقد ضاد الله حيث احل وحرم فيما لا يعلم )) .
وعن أبي عبد الله (ع) في محاججته لأبي حنيفة في حديث طويل قال
(( يا أبا حنيفة تعرف كتاب الله حق معرفته ، وتعرف الناسخ والمنسوخ . قال نعم . قال : يا أبا حنيفة لقد ادعيت علما ، ويلك ما جعل الله ذلك إلا عند أهل الكتاب الذين انزل عليهم ، ويلك ولا هو إلا عند الخاص من ذرية نبينا (ص) . ما ورثك الله من كتابه حرفا فان كنت كما نقول ولست كما تقول ……)) .
وعن عبد الله بن شبرمة قال ما اذكر حديثا سمعته من جعفر بن محمد (ع) إلا كاد أن يتصدع قلبي قال أبي عن جدي عن رسول الله (ص) قال ابن شبرمة واقسم بالله ما كذب أبوه على جده ولا جده على رسول الله (ص) فقال قال رسول الله (ص)
(من عمل بالمقاييس فقد هلك واهلك ومن أفتى الناس وهو لا يعلم الناسخ من المنسوخ والمحكم من المتشابه فقد هلك واهلك )) .
وعن الصادق (ع) (( إياك وخصلتين : ففيهما هلك من هلك ، إياك أن تفتي الناس برأيك ، وان تدين بما لا تعلم )) .
وعن الباقر (ع) من أفتى الناس بغير علم ولا هدى من الله لعنته ملائكة الرحمة وملائكة العذاب ، ولحقه وزر من عمل بفتياه )) .
وعن النبي (ص) (( من عمل بغير علم كان ما يفسد أكثر مما يصلح )) .
وعن الصادق (ع) (( العامل على غير بصيرة كالسائر على غير الطريق لا يزيده سرعة السير إلا بعداً ))
وعن الصادق (ع) (( إن أصحاب المقاييس طلبوا العلم بالمقاييس ، فلم يزدهم المقاييس عن الحق إلا بعدا وان دين الله لا يصاب بالمقاييس) .
وعن الكاظم (ع) : (من نظر برأيه هلك ومن تـرك كتاب الله وقول نبيه كفر)
وعن أمير المؤمنين (ع) ((يا معشر شيعتنا والمنتحلين ولايتنا إياكم وأصحاب الرأي فأنهم أعداء السنن . تفلتت منهم الأحاديث أن يحفظوها ، وأعيتهم السنة أن يعوها ، فاتخذوا عباد الله خولا ، وماله دولا . فذلت لهم الرقاب وأطاعهم الخلق أشباه الكلاب ، ونازعوا الحق وأهله فتمثلوا بالأئمة المعصومين الصالحين (الصادقين) وهم من الجهال الملاعين . فسألوا عن ما لا يعلمون ، فأنفوا أن يعترفوا بأنهم لا يعلمون ، فعارضوا الدين بآرائهم ، وضلوا فاضلوا . أما لو كان الدين بالقياس لكان باطن الرجلين أولى بالمسح من ظاهرهما )) .
وقال الصادق (ع): (( أيتها العصابة المرحومة المفلحة إن الله أتم لكم ما أتاكم من الخير، واعلموا انه ليس من علم الله ولا من أمره أن يأخذ أحد من خلق الله في دينه بهوى، ولا رأي، ولا مقاييس. قد انزل الله القران، وجعل فيه تبيان كل شيء. وجعل للقران، ولتعلم القران أهلا، لا يسع أهل علم القران (أي آل محمد (ع)) الذين آتاهم الله علمه أن يأخذوا فيه بهوى، ولا رأي، ولا مقاييس. أغناهم الله عن ذلك بما آتاهم من علمه، وخصهم به ، ووضعه عندهم كرامة من الله أكرمهم بها وهم أهل الذكر )) )) .