الفرزدق
06-23-2008, 01:59 AM
[COLOR="DarkGreen"][SIZE="5"][FONT="Arial Black"][B]رد على كتاب سهم الأنصار لكاتبه المدعو ناصر المهدي
قبل الشروع في مناقشة ما ورد في هذا الكتاب لابد من بيان أن كاتبه أراد له أن يكون رداً على كتاب (موجز عن دعوة السيد أحمد الحسن (ع) ) والملاحظ أن الكاتب كان بعيداً كل البعد عن تبين المراد الحقيقي الذي استهدفه كتاب ( موجز عن دعوة السيد احمد الحسن (ع)) الأمر الذي أربك قلمه أيما إرباك فكان كأنه في واد والكتاب المردود عليه ( بحسب زعم الكاتب ) في واد آخر .
ولكي يتضح هذا المعنى للقارئ سأضع بين يديه مختصراً يكشف الفكرة الأساس لكتاب ( موجز ...) .
يسعى الكتاب (موجز...) لتقديم البراهين والدلائل التي تؤيد طرحه المتمحور حول فكرة إن وصف القائم أو المهدي الذي يملأ الأرض قسطاً وعدلاً ينصرف إلى شخصين إثنين هما الإمام المهدي محمد بن الحسن (ع) و ولده المذكور في وصية رسول الله (ص) وهو ( أحمد ) ، هذا أولاً ، أما ثانياً فإنه يحاول التدليل على أن القائم الفعلي هو ( أحمد ) فهو الذي يباشر الملاحم وهو الذي يُنادى باسمه في السماء ( الصيحة ) وهو الذي يقف محتجاً بين الركن والمقام ، وبكلمة واحدة هو صاحب الأمر ( فلقب صاحب الأمر وإن كان قد أطلق على الإمام المهدي محمد بن الحسن (ع) ولكنه ليس خاصاً به (ع) ، بل إن هذا المعنى هو ما حاول كتاب : موجز عن دعوة السيد أحمد الحسن إثباته )، أما الإمام المهدي محمد بن الحسن (ع) فهو الإمام والموجه لكامل الحركة ، فلا يقدم ( أحمد ) قدماً ولا يؤخر أخرى إلا بأمر منه (ع) .
هذه الفكرة ( الحقيقة ) يقدم كتاب (موجز...) أدلة روائية كثيرة لتأكيدها ، وعليه فمن أراد دحضها (كذا) ينبغي له مناقشة مداليل الروايات المؤكدة لها ، لا أن يشيح بوجهه عنها غير ملتفت لها ، كما يفعل صاحب الكتاب قيد المناقشة .
لننظر الآن في كتابه :
يقول في التعليق الأول : -
(( من اين لك بان للإمام ابن يمهد له قبل ظهوره وسميته القائم وكانك تفصل بين المهدي والقائم وتجعلهما شخصان احدهما الإمام المهدي المعصوم (عليه السلام) والثاني صاحب الامر القائم وهو احمد الحسن علمأ ان المهدي(عليه السلام )هو القائم وصاحب الامروهو شخص واحد لا شخصان واليك مايشير الى ذلك:
1- عن ابي سعيد الخراساني: قال قلت لابي عبد الله ( عليه السلام ) المهدي والقائم واحد ؟ فقال نعم فقلت لاي شيء سمي المهدي قال لانه يهدي الى امر خفي وسمي بالقائم لانه يقوم بعد مايموت انه يقوم بامر عظيم .
2- عن ابن فضال، عن الريان بن الصلت قال: سمعت أبا الحسن الرضا عليه السلام يقول - وسئل عن القائم - فقال: (لا يرى جسمه، ولا يسمى اسمه) . وها انت تسمى باسمك ويرى شخصك فاى انحراف وافتراء على المعصوم (عليه السلام ) )) .
أقول لو أنه فهم ما يرمي إليه كتاب (موجز...) لما جازف بمثل هذا الكلام الفاضح ، ولكان عليه أن يناقش أدلة الكتاب بدلاً من مصادرتها تماماً ، فقد قدم كتاب (موجز...) كما أسلفت الكثير من الأدلة الروائية على وجود الولد للإمام المهدي (ع) ، وقدم كذلك دلائل روائية كثيرة على أن القائم ينصرف أيضاً إلى ( أحمد ) ابن الإمام المهدي (ع) . على صاحب الكتاب إذن أن يعيد قراءة نفس الكتاب الذي يزعم أنه يناقشه ليجد جواب سؤاله !!
أما بشأن الروايتين اللتين يستدل بهما (كذا) ، فأقول : إن المهدي أو القائم في الرواية الأولى التي تقول إن القائم والمهدي واحد فهي لا تحصر هاتين الصفتين بالإمام المهدي (ع) وإنما هي إشارة الى أن هاتين الصفتين مجتمعتان في شخص واحد ولا مانع من اجتماعهما في شخص آخر، والدليل أن ( المهدي ) على فهم الصرخية من الرواية يجب أن يكون محصورا بالإمام المهدي (ع) أيضا، بينما نجد الروايات متواترة في تسمية غير الإمام المهدي (ع) بـ ( المهدي ).ومنها روايات المهديين ، والروايات التي تصف الأئمة بأنهم كلهم مهديين. بل حتى صفة القائم قد أطلقت على غير الإمام المهدي (ع) فقد أطلقت على أجداده الأئمة (ع) وكذلك على ذريته المهديين (ع):
بحار الأنوار ج 10 ص 244 :
روي أن قوما من اليهود قالوا للصادق ( عليه السلام ) : أي معجز يدل على نبوة محمد ( صلى الله عليه وآله ) ؟ قال : كتابه المهيمن الباهر لعقول الناظرين مع ما اعطي من الحلال والحرام وغيرهما مما لو ذكرناه لطال شرحه ، فقال اليهود : كيف لنا أن نعلم أن هذا كما وصفت ؟ فقال لهم موسى بن جعفر ( عليهما السلام ) - وهو صبي وكان حاضرا - : وكيف لنا بأن نعلم ما تذكرون من آيات موسى أنها على ما تصفون ؟ قالوا : علمنا ذلك بنقل الصادقين ، قال لهم موسى بن جعفر ( عليهما السلام ) : فاعلموا صدق ما أنبأتكم به بخبر طفل لقنه الله تعالى من غير تعليم ولا معرفة عن الناقلين ، فقالوا : نشهد أن لا إله إلا الله ، وأن محمدا رسول الله ، وأنكم الائمة الهادية والحجج من عند الله على خلقه . فوثب أبو عبد الله ( عليه السلام ) فقبل بين عيني موسى بن جعفر ( عليهما السلام ) ثم قال : أنت القائم من بعدي .
بحار الأنوار ج 23 ص 189 :
عن محمد البرقي عن على بن أسباط قال : سأل رجل أبا عبد الله عليه السلام عن قوله عز وجل " بل هو آيات بينات في صدور الذين أوتوا العلم " قال : نحن هم ، فقال الرجل : جعلت فداك حتى يقوم القائم عليه السلام ؟ قال : كلنا قائم بأمر الله واحد بعد واحد حتى يجئ صاحب السيف ، فإذا جاء صاحب السيف جاء أمر غير هذا .
وعن أبي جعفر وأبي عبد الله (ع) في ذكر الكوفة قال: (...فيها مسجد سهيل الذي لم يبعث الله نبياً إلا وصلى فيه ومنها يظهر عدل الله وفيها يكون قائمه والقوام من بعده وهي منازل النبيين والأوصياء والصالحين )) وسائل الشيعة الإسلامية 3 /524.
وعن أمير المؤمنين (ع) قال في حديث طويل : (( ... إذا قام القائم بخراسان وغلب على أرض كوفان ... إلى أن قال : وقام منا قائم بجيلان ... إلى أن قال : ثم يقوم القائم المأمول والإمام المجهول له الشرف والفضل وهو من ولدك يا حسين لا ابن مثله ...)) غيبة النعماني ص283 .
وبعد ما تقدم يكون زعمكم بانحصار (القائم) بالإمام المهدي الحجة بن الحسن (ع) كرماد اشتدت به الريح في يوم عاصف، وبه يتبين مدى جهلكم ووهمكم الفضيع بأبسط الأمور !!!
فالرواية التي ذكرتموها لم تنص أصلا على نفي هاتين الصفتين ( القائم والمهدي ) عن غير الإمام المهدي (ع). وغاية ما تفيده هو اجتماع هاتين الصفتين بالإمام المهدي (ع) دون التعرض إلى نفيهما عن غيره من الأئمة والمهديين (ع).
ومثلها الرواية الثانية ، ويكفي إن أقول له : إن الإمام المهدي محمد بن الحسن (ع) يسمى باسمه ويُرى جسمه (انظر الأخبار الكثيرة التي فاقت حد التواتر – على حد تعبير السيد الصدر – التي تؤكد لقاء الإمام (ع) بكثير من الناس ) ، إذن من هو الذي لا يُرى جسمه ولا يُسمى اسمه ؟
عن المفضل عن أبي عبد الله (ع) : ( ... على أنه قد قصصنا ودللنا عليه ونسبناه وسميناه وكنيناه وقلنا سمي جده رسول الله (ص) وكنيه لئلا يقول الناس ما عرفنا له إسماً ولا كنيه ولا نسب . والله ليتحقق الإيضاح به وباسمه وكنيته على ألسنتهم حتى يسميه بعضهم لبعض كل ذلك للزوم الحجة عليهم ثم يظهره الله كما وعد به جده (ص) ... ) )بحار الأنوار ج53 ص3( .
أقول: لعلك ترى في هذه الرواية ما يناقض الرواية التي استدللت بها ؟ ولكن لا تناقض لو أنك فهمت المراد من الروايتين بأنه (أحمد) فأحمد سُمي ولكن ذكره مع ذلك بقي خاملاً لحكمة يريدها الله (لعلها حفظه ولعلها اختبار الناس به ).
وقوله (ع) : (( والله ليتحقق الإيضاح باسمه )) إشارة الى المستقبل كما يفهم من الفعل المضارع ( يتحقق ) .
ويقول في التعليق الثاني :-
(( لوسلمنا بفرض ماتقول بانك ابن الإمام ووصيه الم يكن في هذا كشف لغيبته وتعريف الاعداء بشخصه وقواعده وانصاره وهم مهتمون بذلك لاجل القضاء عليه وأستئصال دعوته في مهدها فاذا كانت الدعوة ظاهرة ومعلنة للقيام بامره فما هو الداعي لارسال ابنه للتعريف بشخصه المقدس فاذا كان الاصيل ظاهر بالحجة البالغة فهل هناك ضروره لطرح النائب البديل الذي هو ابنه لاظهار معاجزه ودليل احقية دعوته فانه ابلغ للحجه على الناس من ابنه .
وفي المقام لابد ان اسالك هل ان الإمام (عليه السلام) ظاهر بشخصه وحقيقته ام انه محتجب في غيبته وارسل ابنه قبله فان كان ظاهرا بشخصه كما تدعي فان ذلك مخالف لنصوص الروايات التي نصت على ظهوره والاجهار بدعوته من جانب الحجر الاسود في مكة المكرمة فانه يظهر والسفياني خصمه وطالبه ومطارده في العراق فاين الإمام وقد اذن الله له بالخروج ليتشرف المؤمنون بنصرته وان قلت انه محتجب بغيبته الشريفة وأرسل ابنه ليبلغ الناس بدعوته فان الابن ليس من عامة الناس حتى يتعذر على العدو كشف الإمام والوصول الى مكانه وسكناه بل ان ابنه من اهل خاصته وهو اسهل الطرق للدلالة عليه وكشف شخصه المقدس وهذا الكشف يخالف الغيبة بل هو سبب لتفويت مراده وغرضه )) .
أقول :
أولاً : إن صاحب كتاب (موجز...) لم يدع أنه هو ابن الإمام المهدي ووصيه فلا معنى لمخاطبته!!!
قائلاً : ((لوسلمنا بفرض ماتقول بانك ابن الإمام ووصيه )) .
ثانياً : إن عليك أن تتبين هل إن السيد أحمد الحسن (ع) هو مرسل من قبل الإمام المهدي (ع) حقاً ، وهذه على أية حال هي فكرة كتاب (موجز...) الذي تزعم الرد عليه ، فإذا تبين لك ذلك يتبين لك أن وجوده ودعوته جزء من تخطيط الإمام المهدي (ع) لعملية الظهور ، والإمام المهدي أدرى بما يفعل فهو صاحب الفكر المتين حقاً ، أ ليس كذلك ؟ حاول أن تركز على بحثك المزعوم ولا تخلط الحابل بالنابل ، بل لا تدع الحابل والنابل يختلطان في رأسك !! إذن ركز على مسألة هل إن السيد أحمد الحسن (ع) مرسل من قبل الإمام المهدي محمد بن الحسن (ع) وابحث فيها جيداً .
ويقول :
(( المورد الثاني قال (بل واكثر من ذلك سيترتب عليه انكار الغالبية العظمى لقائم آل محمد (عليه السلام ) ومحاربتهم له كما عرفت)..
التعليق الثالث
نعم ستكون الغالبية العظمى من الناس ممن تقف لحربه اما بسبب الجهل لحقيقه دعوته المقدسة ومنهجه المقدس اوبسبب الشبهات التي تظهر قبله وهي متلبسه بالمهدوية كدعوتك وفي حقيقتها هي حرب للإمام وإنكار لدعوته الحقة لأنها سلبا(كذا) لاحقية النهج الذي رسمه اهل البيت (عليهم السلام )وسار عليه العلماء الصالحون وقد خالفتهم في ذلك )) .
أقول مرة أخرى إن صاحب كتاب (موجز...) ليس هو صاحب الدعوة بل صاحبها هو الإمام المهدي محمد بن الحسن (ع) و ولده (أحمد) ، ثم سبحان الله لماذا هذا الإجتزاء المتعمد لكلام صاحب كتاب (موجز...) أ ليس ذلك خيانة علمية ؟ وعلى أية حال يكفي أن أقول للقارئ إن عبارة ( كما عرفت ) تشير إلى وجود الدليل على الكلام المتقدم عليها ، وهذا الدليل هو كل الأدلة الروائية التي ساقها مؤلف كتاب (موجز...) وأوضح من خلالها خروج المتشيعة من نظام التشيع ، على حد تعبير الشيخ النعماني صاحب كتاب الغيبة ، ولا بأس هنا من إدراج البحث الآتي لتتضح الصورة للقارئ :-
شيعتنا الأندر فالأندر
في مقدمة هذا البحث تقدمت بدعوى مضمونها خروج الغالبية العظمى ممن يدعون التشيع من ولاية أهل البيت (ع)، واستدللت هناك بمقابلة الواقع الذي يعيشه الشيعة بالحديث الوارد عن الإمام المهدي (ع) في الرسالة التي بعثها الى الشيخ المفيد، وسأحاول هنا تعزيز استدلالي بأحاديث أخرى وردت عن أهل البيت (ع).
عن الإمام الباقر (ع)، إنه قال: (إن حديثكم هذا لتشمئز منه قلوب الرجال، فانبذوه إليهم نبذاً، فمن أقرّ به فزيدوه، ومن أنكر فذروه، إنه لابد من أن تكون فتنة يسقط فيها كل بطانة و وليجة حتى يسقط فيها من يشق الشعرة بشعرتين، حتى لا يبقى إلا نحن وشيعتنا) (غيبة النعماني 210) .
هذا الحديث ينص على وجود فتنة أو اختبار قبل قيام القائم (ع) تكون نتيجتها سقوط أكثر الناس، حتى من يشق الشعرة بشعرتين (وهذا التعبير كناية عن الدقة والمعرفة بمجاري الأمور)، ولا يبقى بالنتيجة إلا أهل البيت وشيعتهم. السؤال الآن: كم هم شيعة أهل البيت (ع)، أ هم حقاً عشرات الملايين، بل مئات الملايين الذين يدعون أنهم شيعة لأهل البيت (ع)؟ لنقرأ الحديث الآتي، عن أبي عبدالله (ع) إنه قال: (والله لتُكسرنّ تكسر الزجاج، وإن الزجاج ليعاد فيعود كما كان، والله لتُكسرنّ تكسر الفخار، وإن الفخار ليتكسر فلا يعود كما كان، ووالله لتُغربلنّ، ووالله لتُميزنّ، والله لتُمحصنّ حتى لا يبقى منكم إلا الأقل، وصعّر كفه) (غيبة النعماني 215). ولنقرأ كذلك هذا الحديث الوارد عن الإمام الرضا (ع): (والله لا يكون ما تمدون إليه أعينكم حتى تُمحّصوا وتُميّزوا، وحتى لا يبقى منكم إلا الأندر فالأندر) (غيبة النعماني 216) .
أقول واضح إن الأقل، والأندر فالأندر ليسوا ملايين، وليسوا آلافاً، وإذا شئتم الدقة فانظروا في هذا الحديث الوارد عن الصادق (ع)، حين سأله بعض أصحابه قائلاً: (جعلت فداك، إني والله أحبك، وأحب من يحبك، يا سيدي ما أكثر شيعتكم. فقال له: اذكرهم. فقال: كثير, فقال: تُحصيهم؟ فقال: هم أكثر من ذلك. فقال أبو عبدالله (ع): أما لو كملت العدة الموصوفة ثلاثمائة وبضعة عشر كان الذي تريدون... فقلت: فكيف أصنع بهذه الشيعة المختلفة الذين يقولون إنهم يتشيعون؟ فقال (ع): فيهم التمييز، وفيهم التمحيص، وفيهم التبديل، يأتي عليهم سنون تفنيهم، وسيف يقتلهم، واختلاف يبددهم... الخ) (غيبة النعماني 210- 211) .
يُفهم من هذا الحديث إنه إذا اكتمل من الشيعة ثلاثمائة وبضعة عشر يتحقق خروج القائم (ع)، وأما الأعداد الغفيرة التي تدّعي التشيع فإن الغربال سيُسقطهم حتماً. وفي حديث آخر يرويه أبو بصير عن الإمام الصادق (ع): (قال أبو عبدالله (ع): لا يخرج القائم حتى يكون تكملة الحلقة. قلت: وكم تكملة الحلقة؟ قال: عشرة آلاف...) (غيبة النعماني320) . إذن جيش القائم هم هؤلاء الـ(313+10000) .
قد تقول إن هؤلاء هم صفوة الشيعة وليسوا كل الشيعة، أقول إن الراوي في حديث (لو كملت العدة الموصوفة ... الخ) يسأل الإمام (ع) قائلاً: (فكيف أصنع بهذه الشيعة المختلفة الذين يقولون إنهم يتشيعون) ومعنى ذلك إنه فهم من العدد الذي ذكره الإمام (ع) إن هؤلاء هم كل الشيعة ومن هنا سأله عن الموقف من الأعداد الكبيرة التي تدعي التشيع، ولو عدت الى سياق الحديث يتأكد لك هذا الفهم. فالراوي يبدأ كلامه بإخبار الإمام (ع) بأن شيعته كثيرون، وأن عددهم أكثر من أن يُحصى، وهنا يأتي قول الإمام (ع): (تُحصيهم) والإستفهام هنا استنكاري، أي إنه (ع) يستنكر أن يكون شيعته كثيرون، ويؤكد هذا قوله (ع): (أما لو كملت العدة... الخ) ومعنى كلام الإمام إنه لو وجد في الشيعة هذا العدد، أي الـ(313) لتحقق الفرج لهم، ثم إن الإمام (ع) يخبره أن الأعداد الكبيرة سيجري عليها التمييز والتمحيص والتبديل، وغيرها، وبنتيجة هذه الأمور سينكشف زيف ادعائهم، وسيخرجون من دائرة التشيع، فالإمام (ع) في كلمته هذه يبين المصير السيئ للمتشيعة، ولو كان مطلبه الإشارة الى صفوة الشيعة، وإنهم أفضل من الآخرين فقط لا إنهم هم الشيعة والآخرون مدعون لاكتفى بمدح هذه الصفوة دون بيان الموقف النهائي (أؤكد على كلمة النهائي) من الآخرين، لأن بيان الموقف النهائي يوجد مقابلة نوعية بين الفريقين، لا مجرد فرق في الدرجة. ولو كان الأمر مجرد فرق في درجة الإيمان، وأن الآخرين هم بالنتيجة شيعة ولكنهم أضعف إيمانا، لكان – وهذا هو المظنون – توجّه بالنصح لهم، ودعوتهم الى مزيد العمل والتكامل، والله أعلم وأحكم.
ولكي أزيدك ثقة بهذه النتيجة أقترح عليك قراءة هذه الأحاديث الشريفة .
عن أبي عبد الله (ع)، إنه قال: (مع القائم (ع) من العرب شئ يسير. فقيل له: إن من يصف هذا الأمر منهم لكثير. قال: لابد للناس من أن يُميّزوا ويغربلوا، وسيخرج من الغربال خلق كثير) (غيبة النعماني212) .
وعن أبي جعفر (ع): (لتُمحصنّ يا شيعة آل محمد تمحيص الكحل في العين، وإن صاحب العين يدري متى يقع الكحل في عينه ولا يعلم متى يخرج منها، وكذلك يصبح الرجل على شريعة من أمرنا، ويمسي وقد خرج منها، ويمسي على شريعة من أمرنا، ويصبح وقد خرج منها) (غيبة النعماني214) .
الحديث الأول يُشبّه التمحيص بالغربال، ونتيجة التمحيص هي بقاء الإنسان على حد الإيمان أو خروجه منه، فالخارجون من الغربال خارجون من حد الإيمان كما هو واضح. ثم أ ليس هذا هو ما ينص عليه الحديث الثاني، اسمع إذن تعليق الشيخ النعماني على الحديث، يقول الشيخ: (أليس هذا دليل الخروج من نظام الإمامة، وترك ما كان يعتقد منها) (الغيبة215). وهذا ينبغي أن يكون واضحاً، فأمرهم (ع) هو الولاية، والخروج من أمرهم خروج منها.
وما ظنك بقوم يتفل بعضهم في وجوه بعض، ويلعن بعضهم بعضاً، ويُكفّر الأخ أخاه.. و.. و.. الى آخر ما ستسمعه الآن، أ ترى هؤلاء أمة مرحومة، يجمعها مبدأ التشيع لآل محمد (ع)؟
عن عميرة بنت نفيل، قالت: سمعت الحسين بن علي (ع) يقول: (لا يكون الأمر الذي تنتظرونه حتى يبرأ بعضكم من بعض، ويتفل بعضكم في وجوه بعض، ويشهد بعضكم على بعض بالكفر، ويلعن بعضكم بعضاً. فقلت له: ما في ذلك الزمان من خير. فقال الحسين (ع): الخير كله في ذلك الزمان، يقوم قائمنا ويدفع ذلك كله) (غيبة النعماني213) .
وعن أبي عبدالله (ع): (لا يكون ذلك الأمر حتى يتفل يعضكم في وجوه بعض، وحتى يلعن بعضكم بعضاً، وحتى يُسمي بعضكم بعضأ كذابين) (غيبة النعماني214). وعن مالك بن ضمرة، قال: قال أمير المؤمنين (ع): (يا مالك بن ضمرة، كيف أنت إذا اختلفت الشيعة هكذا – وشبك أصابعه وأدخل بعضها في بعض -؟ فقلت: يا أمير المؤمنين، ما عند ذلك من خير. قال: الخير كله عند ذلك يا مالك، عند ذلك يقوم قائمنا فيقدم سبعين رجلاً يكذبون على الله وعلى رسوله (ص) فيقتلهم، ثم يجمعهم الله على أمر واحد) (غيبة النعماني214).
وعن أمير المؤمنين (ع) : (كونوا كالنحل في الطير... الى قوله (ع): فوالذي نفسي بيده ما ترون ما تحبون حتى يتفل بعضكم في وجوه بعض، وحتى يُسمي بعضكم بعضاً كذابين، وحتى لا يبقى منكم – أو قال من شيعتي – إلا كالكحل في العين، والملح في الطعام...) (غيبة النعماني217-218). أقول لعل هذا الحديث الأخير الوارد عن أمير المؤمنين يكفينا مؤونة توضيح المراد من الأحاديث المتقدمة، إذ يتضح منه بجلاء أن الخلاف بين الشيعة الذي يصل حد اللعن والتكفير جزء من عملية الغربلة التي تسفر كما عرفت قبل قليل عن خروج أكثر الشيعة عن ولاية أهل البيت (ع)، فقوله (ع): (وحتى لا يبقى منكم أومن شيعتي... الخ ) مرتبط بما تقدم – أي الحديث عن الخلاف – بل هو النتيجة التي ترشح عن الخلاف. فمعنى الحديث إنكم يا شيعة لا تزالون في خلافكم حتى لا يبقى منكم إلا كالكحل في العين، والملح في الطعام. أي إن أكثركم يخرج من ولاية أهل البيت (ع)، ويبقى القليل.
وأود هنا التعقيب بكلمات عسى أن تكون مفيدة، فأقول: هذا الخلاف بين الشيعة من عسى يثيره أو يتسبب به؟
هل أنا وأنت من البشر العاديين الذين لا نملك سلطاناً على غير أنفسنا؟ بالتأكيد لا، فأنا وأنت لا نملك تأثيراً في الغالبية العظمى من الشيعة، ومن يفعل هذا لابد له من سلطان عليهم ، فمن يكون غير فقهاء آخر الزمان ممن يتبعهم الناس باسم التقليد الأعمى؟ قد تقول: ربما كان هذا بسبب بعض المغرضين؟
فأقول لك إن الواقع الشيعي يشهد بما لا يقبل لبساً أن الناس تبع لمراجعهم، فلا يمكن لمغرض أن يحقق مآربه على هذا المستوى الواسع الذي تنص عليه الأحاديث، ثم إن قولك هذا يلقي باللوم على فقهاء آخر الزمان من حيث لا تريد، فلو أن ما تقوله صحيح فأين المراجع الذين يرفعون شعار: نحن حصن الأمة، وأين دورهم في إرشاد الأمة، أم إنها كلمات تقال لخداع الأتباع لا غير؟!
الحق إن هذه الأحاديث الشريفة من الخطورة بحيث توجب على كل شيعي أن يعيد التساؤل مراراً وتكراراً، وينظر إلى أية هاوية سحيقة يقوده فقهاء آخر الزمان، (أم على قلوب أقفالها)؟
أختم هذا المبحث بروايتين تعززان الفكرة التي يتمحور حولها، فعن أبي جعفر (ع): (إن قائمنا إذا قام دعا الناس الى أمر جديد كما دعا إليه رسول الله (ص)، وإن الإسلام بدأ غريباً وسيعود غريباً كما بدأ، فطوبى للغرباء) (غيبة النعماني336). وعن أبي عبدالله (ع): (الإسلام بدأ غريباً و سيعود غريباً كما بدأ، فطوبى للغرباء. فقلت: إشرح لي ذلك هذا أصلحك الله. فقال: مما يستأنف الداعي منا دعاء جديداً كما دعا رسول الله (ص)) (غبية النعماني336- 337) .
أقول إن عودة الإسلام غريب كما بدأ تشير بوضوح الى خروج أكثر أهله، أو قل منتحليه عن حوزته حتى لا يبقى إلا الأقل، أو الأندر فالأندر كما عبرت الروايات الشريفة .
وليت شعري أين هم حصون الأمة؟ أم لعلهم السبب في خروج الناس من دين الله أفواجاً؟ فإذا كان الإنسان يمسي على شريعة من أمر أهل البيت (ع) ويصبح وقد خرج منها، أو يصبح على شريعة من أمرهم (ع) ويمسي وقد خرج منها، فلابد أن يكون هذا التحول المفاجئ الذي يشبه خروج الكحل من العين، لا يدري صاحبه به، ناتجاً عن فتنة جماعية أوقعهُ بها الكبراء والسادات الذين أسلم لهم قياده. إذن السؤال الآن: ما الذي أخرج الأمة عن دينها، حتى عاد غريباً كما بدأ؟
وعلى أية حال فإن كلماتك التي كتبتها أقرب الى السباب منها الى الكلام العلمي !! بل إنها كذلك بالتأكيد !!
يتبـــــــــــــــــــــــــع
قبل الشروع في مناقشة ما ورد في هذا الكتاب لابد من بيان أن كاتبه أراد له أن يكون رداً على كتاب (موجز عن دعوة السيد أحمد الحسن (ع) ) والملاحظ أن الكاتب كان بعيداً كل البعد عن تبين المراد الحقيقي الذي استهدفه كتاب ( موجز عن دعوة السيد احمد الحسن (ع)) الأمر الذي أربك قلمه أيما إرباك فكان كأنه في واد والكتاب المردود عليه ( بحسب زعم الكاتب ) في واد آخر .
ولكي يتضح هذا المعنى للقارئ سأضع بين يديه مختصراً يكشف الفكرة الأساس لكتاب ( موجز ...) .
يسعى الكتاب (موجز...) لتقديم البراهين والدلائل التي تؤيد طرحه المتمحور حول فكرة إن وصف القائم أو المهدي الذي يملأ الأرض قسطاً وعدلاً ينصرف إلى شخصين إثنين هما الإمام المهدي محمد بن الحسن (ع) و ولده المذكور في وصية رسول الله (ص) وهو ( أحمد ) ، هذا أولاً ، أما ثانياً فإنه يحاول التدليل على أن القائم الفعلي هو ( أحمد ) فهو الذي يباشر الملاحم وهو الذي يُنادى باسمه في السماء ( الصيحة ) وهو الذي يقف محتجاً بين الركن والمقام ، وبكلمة واحدة هو صاحب الأمر ( فلقب صاحب الأمر وإن كان قد أطلق على الإمام المهدي محمد بن الحسن (ع) ولكنه ليس خاصاً به (ع) ، بل إن هذا المعنى هو ما حاول كتاب : موجز عن دعوة السيد أحمد الحسن إثباته )، أما الإمام المهدي محمد بن الحسن (ع) فهو الإمام والموجه لكامل الحركة ، فلا يقدم ( أحمد ) قدماً ولا يؤخر أخرى إلا بأمر منه (ع) .
هذه الفكرة ( الحقيقة ) يقدم كتاب (موجز...) أدلة روائية كثيرة لتأكيدها ، وعليه فمن أراد دحضها (كذا) ينبغي له مناقشة مداليل الروايات المؤكدة لها ، لا أن يشيح بوجهه عنها غير ملتفت لها ، كما يفعل صاحب الكتاب قيد المناقشة .
لننظر الآن في كتابه :
يقول في التعليق الأول : -
(( من اين لك بان للإمام ابن يمهد له قبل ظهوره وسميته القائم وكانك تفصل بين المهدي والقائم وتجعلهما شخصان احدهما الإمام المهدي المعصوم (عليه السلام) والثاني صاحب الامر القائم وهو احمد الحسن علمأ ان المهدي(عليه السلام )هو القائم وصاحب الامروهو شخص واحد لا شخصان واليك مايشير الى ذلك:
1- عن ابي سعيد الخراساني: قال قلت لابي عبد الله ( عليه السلام ) المهدي والقائم واحد ؟ فقال نعم فقلت لاي شيء سمي المهدي قال لانه يهدي الى امر خفي وسمي بالقائم لانه يقوم بعد مايموت انه يقوم بامر عظيم .
2- عن ابن فضال، عن الريان بن الصلت قال: سمعت أبا الحسن الرضا عليه السلام يقول - وسئل عن القائم - فقال: (لا يرى جسمه، ولا يسمى اسمه) . وها انت تسمى باسمك ويرى شخصك فاى انحراف وافتراء على المعصوم (عليه السلام ) )) .
أقول لو أنه فهم ما يرمي إليه كتاب (موجز...) لما جازف بمثل هذا الكلام الفاضح ، ولكان عليه أن يناقش أدلة الكتاب بدلاً من مصادرتها تماماً ، فقد قدم كتاب (موجز...) كما أسلفت الكثير من الأدلة الروائية على وجود الولد للإمام المهدي (ع) ، وقدم كذلك دلائل روائية كثيرة على أن القائم ينصرف أيضاً إلى ( أحمد ) ابن الإمام المهدي (ع) . على صاحب الكتاب إذن أن يعيد قراءة نفس الكتاب الذي يزعم أنه يناقشه ليجد جواب سؤاله !!
أما بشأن الروايتين اللتين يستدل بهما (كذا) ، فأقول : إن المهدي أو القائم في الرواية الأولى التي تقول إن القائم والمهدي واحد فهي لا تحصر هاتين الصفتين بالإمام المهدي (ع) وإنما هي إشارة الى أن هاتين الصفتين مجتمعتان في شخص واحد ولا مانع من اجتماعهما في شخص آخر، والدليل أن ( المهدي ) على فهم الصرخية من الرواية يجب أن يكون محصورا بالإمام المهدي (ع) أيضا، بينما نجد الروايات متواترة في تسمية غير الإمام المهدي (ع) بـ ( المهدي ).ومنها روايات المهديين ، والروايات التي تصف الأئمة بأنهم كلهم مهديين. بل حتى صفة القائم قد أطلقت على غير الإمام المهدي (ع) فقد أطلقت على أجداده الأئمة (ع) وكذلك على ذريته المهديين (ع):
بحار الأنوار ج 10 ص 244 :
روي أن قوما من اليهود قالوا للصادق ( عليه السلام ) : أي معجز يدل على نبوة محمد ( صلى الله عليه وآله ) ؟ قال : كتابه المهيمن الباهر لعقول الناظرين مع ما اعطي من الحلال والحرام وغيرهما مما لو ذكرناه لطال شرحه ، فقال اليهود : كيف لنا أن نعلم أن هذا كما وصفت ؟ فقال لهم موسى بن جعفر ( عليهما السلام ) - وهو صبي وكان حاضرا - : وكيف لنا بأن نعلم ما تذكرون من آيات موسى أنها على ما تصفون ؟ قالوا : علمنا ذلك بنقل الصادقين ، قال لهم موسى بن جعفر ( عليهما السلام ) : فاعلموا صدق ما أنبأتكم به بخبر طفل لقنه الله تعالى من غير تعليم ولا معرفة عن الناقلين ، فقالوا : نشهد أن لا إله إلا الله ، وأن محمدا رسول الله ، وأنكم الائمة الهادية والحجج من عند الله على خلقه . فوثب أبو عبد الله ( عليه السلام ) فقبل بين عيني موسى بن جعفر ( عليهما السلام ) ثم قال : أنت القائم من بعدي .
بحار الأنوار ج 23 ص 189 :
عن محمد البرقي عن على بن أسباط قال : سأل رجل أبا عبد الله عليه السلام عن قوله عز وجل " بل هو آيات بينات في صدور الذين أوتوا العلم " قال : نحن هم ، فقال الرجل : جعلت فداك حتى يقوم القائم عليه السلام ؟ قال : كلنا قائم بأمر الله واحد بعد واحد حتى يجئ صاحب السيف ، فإذا جاء صاحب السيف جاء أمر غير هذا .
وعن أبي جعفر وأبي عبد الله (ع) في ذكر الكوفة قال: (...فيها مسجد سهيل الذي لم يبعث الله نبياً إلا وصلى فيه ومنها يظهر عدل الله وفيها يكون قائمه والقوام من بعده وهي منازل النبيين والأوصياء والصالحين )) وسائل الشيعة الإسلامية 3 /524.
وعن أمير المؤمنين (ع) قال في حديث طويل : (( ... إذا قام القائم بخراسان وغلب على أرض كوفان ... إلى أن قال : وقام منا قائم بجيلان ... إلى أن قال : ثم يقوم القائم المأمول والإمام المجهول له الشرف والفضل وهو من ولدك يا حسين لا ابن مثله ...)) غيبة النعماني ص283 .
وبعد ما تقدم يكون زعمكم بانحصار (القائم) بالإمام المهدي الحجة بن الحسن (ع) كرماد اشتدت به الريح في يوم عاصف، وبه يتبين مدى جهلكم ووهمكم الفضيع بأبسط الأمور !!!
فالرواية التي ذكرتموها لم تنص أصلا على نفي هاتين الصفتين ( القائم والمهدي ) عن غير الإمام المهدي (ع). وغاية ما تفيده هو اجتماع هاتين الصفتين بالإمام المهدي (ع) دون التعرض إلى نفيهما عن غيره من الأئمة والمهديين (ع).
ومثلها الرواية الثانية ، ويكفي إن أقول له : إن الإمام المهدي محمد بن الحسن (ع) يسمى باسمه ويُرى جسمه (انظر الأخبار الكثيرة التي فاقت حد التواتر – على حد تعبير السيد الصدر – التي تؤكد لقاء الإمام (ع) بكثير من الناس ) ، إذن من هو الذي لا يُرى جسمه ولا يُسمى اسمه ؟
عن المفضل عن أبي عبد الله (ع) : ( ... على أنه قد قصصنا ودللنا عليه ونسبناه وسميناه وكنيناه وقلنا سمي جده رسول الله (ص) وكنيه لئلا يقول الناس ما عرفنا له إسماً ولا كنيه ولا نسب . والله ليتحقق الإيضاح به وباسمه وكنيته على ألسنتهم حتى يسميه بعضهم لبعض كل ذلك للزوم الحجة عليهم ثم يظهره الله كما وعد به جده (ص) ... ) )بحار الأنوار ج53 ص3( .
أقول: لعلك ترى في هذه الرواية ما يناقض الرواية التي استدللت بها ؟ ولكن لا تناقض لو أنك فهمت المراد من الروايتين بأنه (أحمد) فأحمد سُمي ولكن ذكره مع ذلك بقي خاملاً لحكمة يريدها الله (لعلها حفظه ولعلها اختبار الناس به ).
وقوله (ع) : (( والله ليتحقق الإيضاح باسمه )) إشارة الى المستقبل كما يفهم من الفعل المضارع ( يتحقق ) .
ويقول في التعليق الثاني :-
(( لوسلمنا بفرض ماتقول بانك ابن الإمام ووصيه الم يكن في هذا كشف لغيبته وتعريف الاعداء بشخصه وقواعده وانصاره وهم مهتمون بذلك لاجل القضاء عليه وأستئصال دعوته في مهدها فاذا كانت الدعوة ظاهرة ومعلنة للقيام بامره فما هو الداعي لارسال ابنه للتعريف بشخصه المقدس فاذا كان الاصيل ظاهر بالحجة البالغة فهل هناك ضروره لطرح النائب البديل الذي هو ابنه لاظهار معاجزه ودليل احقية دعوته فانه ابلغ للحجه على الناس من ابنه .
وفي المقام لابد ان اسالك هل ان الإمام (عليه السلام) ظاهر بشخصه وحقيقته ام انه محتجب في غيبته وارسل ابنه قبله فان كان ظاهرا بشخصه كما تدعي فان ذلك مخالف لنصوص الروايات التي نصت على ظهوره والاجهار بدعوته من جانب الحجر الاسود في مكة المكرمة فانه يظهر والسفياني خصمه وطالبه ومطارده في العراق فاين الإمام وقد اذن الله له بالخروج ليتشرف المؤمنون بنصرته وان قلت انه محتجب بغيبته الشريفة وأرسل ابنه ليبلغ الناس بدعوته فان الابن ليس من عامة الناس حتى يتعذر على العدو كشف الإمام والوصول الى مكانه وسكناه بل ان ابنه من اهل خاصته وهو اسهل الطرق للدلالة عليه وكشف شخصه المقدس وهذا الكشف يخالف الغيبة بل هو سبب لتفويت مراده وغرضه )) .
أقول :
أولاً : إن صاحب كتاب (موجز...) لم يدع أنه هو ابن الإمام المهدي ووصيه فلا معنى لمخاطبته!!!
قائلاً : ((لوسلمنا بفرض ماتقول بانك ابن الإمام ووصيه )) .
ثانياً : إن عليك أن تتبين هل إن السيد أحمد الحسن (ع) هو مرسل من قبل الإمام المهدي (ع) حقاً ، وهذه على أية حال هي فكرة كتاب (موجز...) الذي تزعم الرد عليه ، فإذا تبين لك ذلك يتبين لك أن وجوده ودعوته جزء من تخطيط الإمام المهدي (ع) لعملية الظهور ، والإمام المهدي أدرى بما يفعل فهو صاحب الفكر المتين حقاً ، أ ليس كذلك ؟ حاول أن تركز على بحثك المزعوم ولا تخلط الحابل بالنابل ، بل لا تدع الحابل والنابل يختلطان في رأسك !! إذن ركز على مسألة هل إن السيد أحمد الحسن (ع) مرسل من قبل الإمام المهدي محمد بن الحسن (ع) وابحث فيها جيداً .
ويقول :
(( المورد الثاني قال (بل واكثر من ذلك سيترتب عليه انكار الغالبية العظمى لقائم آل محمد (عليه السلام ) ومحاربتهم له كما عرفت)..
التعليق الثالث
نعم ستكون الغالبية العظمى من الناس ممن تقف لحربه اما بسبب الجهل لحقيقه دعوته المقدسة ومنهجه المقدس اوبسبب الشبهات التي تظهر قبله وهي متلبسه بالمهدوية كدعوتك وفي حقيقتها هي حرب للإمام وإنكار لدعوته الحقة لأنها سلبا(كذا) لاحقية النهج الذي رسمه اهل البيت (عليهم السلام )وسار عليه العلماء الصالحون وقد خالفتهم في ذلك )) .
أقول مرة أخرى إن صاحب كتاب (موجز...) ليس هو صاحب الدعوة بل صاحبها هو الإمام المهدي محمد بن الحسن (ع) و ولده (أحمد) ، ثم سبحان الله لماذا هذا الإجتزاء المتعمد لكلام صاحب كتاب (موجز...) أ ليس ذلك خيانة علمية ؟ وعلى أية حال يكفي أن أقول للقارئ إن عبارة ( كما عرفت ) تشير إلى وجود الدليل على الكلام المتقدم عليها ، وهذا الدليل هو كل الأدلة الروائية التي ساقها مؤلف كتاب (موجز...) وأوضح من خلالها خروج المتشيعة من نظام التشيع ، على حد تعبير الشيخ النعماني صاحب كتاب الغيبة ، ولا بأس هنا من إدراج البحث الآتي لتتضح الصورة للقارئ :-
شيعتنا الأندر فالأندر
في مقدمة هذا البحث تقدمت بدعوى مضمونها خروج الغالبية العظمى ممن يدعون التشيع من ولاية أهل البيت (ع)، واستدللت هناك بمقابلة الواقع الذي يعيشه الشيعة بالحديث الوارد عن الإمام المهدي (ع) في الرسالة التي بعثها الى الشيخ المفيد، وسأحاول هنا تعزيز استدلالي بأحاديث أخرى وردت عن أهل البيت (ع).
عن الإمام الباقر (ع)، إنه قال: (إن حديثكم هذا لتشمئز منه قلوب الرجال، فانبذوه إليهم نبذاً، فمن أقرّ به فزيدوه، ومن أنكر فذروه، إنه لابد من أن تكون فتنة يسقط فيها كل بطانة و وليجة حتى يسقط فيها من يشق الشعرة بشعرتين، حتى لا يبقى إلا نحن وشيعتنا) (غيبة النعماني 210) .
هذا الحديث ينص على وجود فتنة أو اختبار قبل قيام القائم (ع) تكون نتيجتها سقوط أكثر الناس، حتى من يشق الشعرة بشعرتين (وهذا التعبير كناية عن الدقة والمعرفة بمجاري الأمور)، ولا يبقى بالنتيجة إلا أهل البيت وشيعتهم. السؤال الآن: كم هم شيعة أهل البيت (ع)، أ هم حقاً عشرات الملايين، بل مئات الملايين الذين يدعون أنهم شيعة لأهل البيت (ع)؟ لنقرأ الحديث الآتي، عن أبي عبدالله (ع) إنه قال: (والله لتُكسرنّ تكسر الزجاج، وإن الزجاج ليعاد فيعود كما كان، والله لتُكسرنّ تكسر الفخار، وإن الفخار ليتكسر فلا يعود كما كان، ووالله لتُغربلنّ، ووالله لتُميزنّ، والله لتُمحصنّ حتى لا يبقى منكم إلا الأقل، وصعّر كفه) (غيبة النعماني 215). ولنقرأ كذلك هذا الحديث الوارد عن الإمام الرضا (ع): (والله لا يكون ما تمدون إليه أعينكم حتى تُمحّصوا وتُميّزوا، وحتى لا يبقى منكم إلا الأندر فالأندر) (غيبة النعماني 216) .
أقول واضح إن الأقل، والأندر فالأندر ليسوا ملايين، وليسوا آلافاً، وإذا شئتم الدقة فانظروا في هذا الحديث الوارد عن الصادق (ع)، حين سأله بعض أصحابه قائلاً: (جعلت فداك، إني والله أحبك، وأحب من يحبك، يا سيدي ما أكثر شيعتكم. فقال له: اذكرهم. فقال: كثير, فقال: تُحصيهم؟ فقال: هم أكثر من ذلك. فقال أبو عبدالله (ع): أما لو كملت العدة الموصوفة ثلاثمائة وبضعة عشر كان الذي تريدون... فقلت: فكيف أصنع بهذه الشيعة المختلفة الذين يقولون إنهم يتشيعون؟ فقال (ع): فيهم التمييز، وفيهم التمحيص، وفيهم التبديل، يأتي عليهم سنون تفنيهم، وسيف يقتلهم، واختلاف يبددهم... الخ) (غيبة النعماني 210- 211) .
يُفهم من هذا الحديث إنه إذا اكتمل من الشيعة ثلاثمائة وبضعة عشر يتحقق خروج القائم (ع)، وأما الأعداد الغفيرة التي تدّعي التشيع فإن الغربال سيُسقطهم حتماً. وفي حديث آخر يرويه أبو بصير عن الإمام الصادق (ع): (قال أبو عبدالله (ع): لا يخرج القائم حتى يكون تكملة الحلقة. قلت: وكم تكملة الحلقة؟ قال: عشرة آلاف...) (غيبة النعماني320) . إذن جيش القائم هم هؤلاء الـ(313+10000) .
قد تقول إن هؤلاء هم صفوة الشيعة وليسوا كل الشيعة، أقول إن الراوي في حديث (لو كملت العدة الموصوفة ... الخ) يسأل الإمام (ع) قائلاً: (فكيف أصنع بهذه الشيعة المختلفة الذين يقولون إنهم يتشيعون) ومعنى ذلك إنه فهم من العدد الذي ذكره الإمام (ع) إن هؤلاء هم كل الشيعة ومن هنا سأله عن الموقف من الأعداد الكبيرة التي تدعي التشيع، ولو عدت الى سياق الحديث يتأكد لك هذا الفهم. فالراوي يبدأ كلامه بإخبار الإمام (ع) بأن شيعته كثيرون، وأن عددهم أكثر من أن يُحصى، وهنا يأتي قول الإمام (ع): (تُحصيهم) والإستفهام هنا استنكاري، أي إنه (ع) يستنكر أن يكون شيعته كثيرون، ويؤكد هذا قوله (ع): (أما لو كملت العدة... الخ) ومعنى كلام الإمام إنه لو وجد في الشيعة هذا العدد، أي الـ(313) لتحقق الفرج لهم، ثم إن الإمام (ع) يخبره أن الأعداد الكبيرة سيجري عليها التمييز والتمحيص والتبديل، وغيرها، وبنتيجة هذه الأمور سينكشف زيف ادعائهم، وسيخرجون من دائرة التشيع، فالإمام (ع) في كلمته هذه يبين المصير السيئ للمتشيعة، ولو كان مطلبه الإشارة الى صفوة الشيعة، وإنهم أفضل من الآخرين فقط لا إنهم هم الشيعة والآخرون مدعون لاكتفى بمدح هذه الصفوة دون بيان الموقف النهائي (أؤكد على كلمة النهائي) من الآخرين، لأن بيان الموقف النهائي يوجد مقابلة نوعية بين الفريقين، لا مجرد فرق في الدرجة. ولو كان الأمر مجرد فرق في درجة الإيمان، وأن الآخرين هم بالنتيجة شيعة ولكنهم أضعف إيمانا، لكان – وهذا هو المظنون – توجّه بالنصح لهم، ودعوتهم الى مزيد العمل والتكامل، والله أعلم وأحكم.
ولكي أزيدك ثقة بهذه النتيجة أقترح عليك قراءة هذه الأحاديث الشريفة .
عن أبي عبد الله (ع)، إنه قال: (مع القائم (ع) من العرب شئ يسير. فقيل له: إن من يصف هذا الأمر منهم لكثير. قال: لابد للناس من أن يُميّزوا ويغربلوا، وسيخرج من الغربال خلق كثير) (غيبة النعماني212) .
وعن أبي جعفر (ع): (لتُمحصنّ يا شيعة آل محمد تمحيص الكحل في العين، وإن صاحب العين يدري متى يقع الكحل في عينه ولا يعلم متى يخرج منها، وكذلك يصبح الرجل على شريعة من أمرنا، ويمسي وقد خرج منها، ويمسي على شريعة من أمرنا، ويصبح وقد خرج منها) (غيبة النعماني214) .
الحديث الأول يُشبّه التمحيص بالغربال، ونتيجة التمحيص هي بقاء الإنسان على حد الإيمان أو خروجه منه، فالخارجون من الغربال خارجون من حد الإيمان كما هو واضح. ثم أ ليس هذا هو ما ينص عليه الحديث الثاني، اسمع إذن تعليق الشيخ النعماني على الحديث، يقول الشيخ: (أليس هذا دليل الخروج من نظام الإمامة، وترك ما كان يعتقد منها) (الغيبة215). وهذا ينبغي أن يكون واضحاً، فأمرهم (ع) هو الولاية، والخروج من أمرهم خروج منها.
وما ظنك بقوم يتفل بعضهم في وجوه بعض، ويلعن بعضهم بعضاً، ويُكفّر الأخ أخاه.. و.. و.. الى آخر ما ستسمعه الآن، أ ترى هؤلاء أمة مرحومة، يجمعها مبدأ التشيع لآل محمد (ع)؟
عن عميرة بنت نفيل، قالت: سمعت الحسين بن علي (ع) يقول: (لا يكون الأمر الذي تنتظرونه حتى يبرأ بعضكم من بعض، ويتفل بعضكم في وجوه بعض، ويشهد بعضكم على بعض بالكفر، ويلعن بعضكم بعضاً. فقلت له: ما في ذلك الزمان من خير. فقال الحسين (ع): الخير كله في ذلك الزمان، يقوم قائمنا ويدفع ذلك كله) (غيبة النعماني213) .
وعن أبي عبدالله (ع): (لا يكون ذلك الأمر حتى يتفل يعضكم في وجوه بعض، وحتى يلعن بعضكم بعضاً، وحتى يُسمي بعضكم بعضأ كذابين) (غيبة النعماني214). وعن مالك بن ضمرة، قال: قال أمير المؤمنين (ع): (يا مالك بن ضمرة، كيف أنت إذا اختلفت الشيعة هكذا – وشبك أصابعه وأدخل بعضها في بعض -؟ فقلت: يا أمير المؤمنين، ما عند ذلك من خير. قال: الخير كله عند ذلك يا مالك، عند ذلك يقوم قائمنا فيقدم سبعين رجلاً يكذبون على الله وعلى رسوله (ص) فيقتلهم، ثم يجمعهم الله على أمر واحد) (غيبة النعماني214).
وعن أمير المؤمنين (ع) : (كونوا كالنحل في الطير... الى قوله (ع): فوالذي نفسي بيده ما ترون ما تحبون حتى يتفل بعضكم في وجوه بعض، وحتى يُسمي بعضكم بعضاً كذابين، وحتى لا يبقى منكم – أو قال من شيعتي – إلا كالكحل في العين، والملح في الطعام...) (غيبة النعماني217-218). أقول لعل هذا الحديث الأخير الوارد عن أمير المؤمنين يكفينا مؤونة توضيح المراد من الأحاديث المتقدمة، إذ يتضح منه بجلاء أن الخلاف بين الشيعة الذي يصل حد اللعن والتكفير جزء من عملية الغربلة التي تسفر كما عرفت قبل قليل عن خروج أكثر الشيعة عن ولاية أهل البيت (ع)، فقوله (ع): (وحتى لا يبقى منكم أومن شيعتي... الخ ) مرتبط بما تقدم – أي الحديث عن الخلاف – بل هو النتيجة التي ترشح عن الخلاف. فمعنى الحديث إنكم يا شيعة لا تزالون في خلافكم حتى لا يبقى منكم إلا كالكحل في العين، والملح في الطعام. أي إن أكثركم يخرج من ولاية أهل البيت (ع)، ويبقى القليل.
وأود هنا التعقيب بكلمات عسى أن تكون مفيدة، فأقول: هذا الخلاف بين الشيعة من عسى يثيره أو يتسبب به؟
هل أنا وأنت من البشر العاديين الذين لا نملك سلطاناً على غير أنفسنا؟ بالتأكيد لا، فأنا وأنت لا نملك تأثيراً في الغالبية العظمى من الشيعة، ومن يفعل هذا لابد له من سلطان عليهم ، فمن يكون غير فقهاء آخر الزمان ممن يتبعهم الناس باسم التقليد الأعمى؟ قد تقول: ربما كان هذا بسبب بعض المغرضين؟
فأقول لك إن الواقع الشيعي يشهد بما لا يقبل لبساً أن الناس تبع لمراجعهم، فلا يمكن لمغرض أن يحقق مآربه على هذا المستوى الواسع الذي تنص عليه الأحاديث، ثم إن قولك هذا يلقي باللوم على فقهاء آخر الزمان من حيث لا تريد، فلو أن ما تقوله صحيح فأين المراجع الذين يرفعون شعار: نحن حصن الأمة، وأين دورهم في إرشاد الأمة، أم إنها كلمات تقال لخداع الأتباع لا غير؟!
الحق إن هذه الأحاديث الشريفة من الخطورة بحيث توجب على كل شيعي أن يعيد التساؤل مراراً وتكراراً، وينظر إلى أية هاوية سحيقة يقوده فقهاء آخر الزمان، (أم على قلوب أقفالها)؟
أختم هذا المبحث بروايتين تعززان الفكرة التي يتمحور حولها، فعن أبي جعفر (ع): (إن قائمنا إذا قام دعا الناس الى أمر جديد كما دعا إليه رسول الله (ص)، وإن الإسلام بدأ غريباً وسيعود غريباً كما بدأ، فطوبى للغرباء) (غيبة النعماني336). وعن أبي عبدالله (ع): (الإسلام بدأ غريباً و سيعود غريباً كما بدأ، فطوبى للغرباء. فقلت: إشرح لي ذلك هذا أصلحك الله. فقال: مما يستأنف الداعي منا دعاء جديداً كما دعا رسول الله (ص)) (غبية النعماني336- 337) .
أقول إن عودة الإسلام غريب كما بدأ تشير بوضوح الى خروج أكثر أهله، أو قل منتحليه عن حوزته حتى لا يبقى إلا الأقل، أو الأندر فالأندر كما عبرت الروايات الشريفة .
وليت شعري أين هم حصون الأمة؟ أم لعلهم السبب في خروج الناس من دين الله أفواجاً؟ فإذا كان الإنسان يمسي على شريعة من أمر أهل البيت (ع) ويصبح وقد خرج منها، أو يصبح على شريعة من أمرهم (ع) ويمسي وقد خرج منها، فلابد أن يكون هذا التحول المفاجئ الذي يشبه خروج الكحل من العين، لا يدري صاحبه به، ناتجاً عن فتنة جماعية أوقعهُ بها الكبراء والسادات الذين أسلم لهم قياده. إذن السؤال الآن: ما الذي أخرج الأمة عن دينها، حتى عاد غريباً كما بدأ؟
وعلى أية حال فإن كلماتك التي كتبتها أقرب الى السباب منها الى الكلام العلمي !! بل إنها كذلك بالتأكيد !!
يتبـــــــــــــــــــــــــع