المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الرد على اضاليل مركز الدراساتالتخصصية



البعيد
06-22-2008, 06:10 PM
رد على أضاليل
مركز الدراسات التخصصية
التابع للسيستاني
الجـزء الأول
أبو محمد الأنصاري






مقدمة
الحمد لله مالك الملك ، مجري الفلك ، ديان الدين ، رب العالمين ، وصلى الله على محمد وآله الأئمة والمهديين وسلم تسليماً.
نشر المركز المذكور أعلاه جملة مقالات على موقع الإنترنيت التابع لمكتب السيستاني يزعم فيها الرد على الدعوة المباركة التي رفع لواءها يماني آل محمد السيد أحمد الحسن (ع) ، ولعل أول ما يلاحظه قارئ هذه المقالات اعتمادها منهجية التضليل في الطرح ، وابتعادها كل البعد عن كل ما يمت للموضوعية والعلمية بصلة .
فبدلاً من مقاربة أدلة الدعوة اليمانية تلجأ هذه المقالات الى الإلتفاف والمصادرة ، وتلفيق النقوض دون أن تجشم نفسها عناء تقديم الدليل الشرعي المناسب ، ولعل المركز الذي لما يزل يلعق جراح الفضيحة العلمية التي ألحقها أنصار الإمام المهدي (ع) به وبسيده السيستاني ( أنظر كتاب الرد القاصم على منكري رؤية القائم ) أقول لعل هذا المركز قد أيقن بأن المواجهة العلمية الشريفة لا تجر عليه غير الخيبة فآثر اللجوء الى وسيلة الكذب والإستخفاف.
وعلى أية حال سيكتشف القارئ حجم المغالطات التي تصدر عنها هذه المقالات ، وسيتبين له بوضوح أساليب الإلتواء والإستحمار التي يبني عليها فقهاء الضلالة خطابهم .
ومن أجل أن تعم الفائدة من جهة ، ولكي يعرف القارئ القانون أو الضابطة الصحيحة لمعرفة حجة الله وضعت بين يدي هذا الرد مدخلاً مختصراً يبين القانون المشار إليه .
والحمد لله وحده وحده وحده .


قانون معرفة الحجة

خلق الله الإنسان لغاية سامية تتمثل بمعرفته سبحانه ، قال تعالى : (( وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون ))، أي ليعرفون كما ورد عن أهل البيت (ع) ، إذ لا عبادة حقيقية دون معرفة حقيقية . ولأجل تحقيق هذه الغاية الشريفة نصب الله قادة و أدلاء يرشدون الناس الى الطريق القويم الذي به بلوغ الغاية ، وأنزل معهم الكتاب والميزان ليقوم الناس بالقسط ، ويحيى من حيّ عن بيّنة ويهلك من هلك عن بيّنة .
وكان من ألطافه وحكمته جل وعلا أن وضع للناس قانوناً يعرفون به حجة الله على الخلق ، ويميزونه عن الطواغيت المدعين زوراً وبهتاناً ، والقانون المشار إليه يتشكل من ثلاث حلقات ؛ أولها النص الإلهي أوالوصية ، وثانيها العلم والحكمة ، وثالثها الدعوة الى حاكمية الله عز وجل ، أو راية البيعة لله .
ولعل هذا القانون واضح تماماً للفطرة السليمة والعقل السليم فلو إن إنساناً يملك مصنعاً أو مزرعة أو سفينة ، أو أي شئ فيه عمال يعملون له فيه فلابد أن يعيّن لهم شخصاً منهم يرأسهم .
ولابد أن ينص عليه بالإسم ( النص ) وإلا ستعم الفوضى ، كما لابد أن يكون هذا الشخص أعلمهم وأفضلهم ( العلم ) ، ولابد أن يأمرهم بطاعته( الحاكمية ) ليحقق ما يرجو وإلا فإن قصّر هذا الإنسان في أي من هذه الأمور الثلاثة فسيجانب الحكمة الى السفه .
فكيف يجوّز الناس على الله ترك أي من هذه الأمور الثلاثة وهو الحكيم المطلق ) ؟ وسأحاول فيما يلي من صفحات هذا الكتاب بسط الحديث في كل حلقة من هذه الحلقات الثلاث بما يتيسر راجياً من الله تعالى العون والتسديد .



النص الإلهي أو الوصية

منذ اليوم الأول الذي خلق الله فيه آدم (ع) بدأت الرحلة مع قانون الوصية والنص الإلهي ، قال تعالى : ((وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلاَئِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُواْ أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاء وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لاَ تَعْلَمُونَ ))البقرة الآية/30 . وقال تعالى : (( وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلاَئِكَةِ إِنِّي خَالِقٌ بَشَراً مِّن صَلْصَالٍ مِّنْ حَمَإٍ مَّسْنُونٍ* فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِن رُّوحِي فَقَعُواْ لَهُ سَاجِدِينَ* فَسَجَدَ الْمَلآئِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ* إِلاَّ إِبْلِيسَ أَبَى أَن يَكُونَ مَعَ السَّاجِدِينَ )) الحجرـ31) . في هذه الآيات الكريمة ينص الله تعالى على استخلاف آدم (ع) بمحضر من الملائكة (ع) وإبليس (لع) ، فيستجيب الملائكة للأمر الإلهي بالسجود لآدم (ع) وإطاعته فينجحوا في الإختبار الذي سيكون المحك في تحديد المؤمنين الى يوم القيامة ، بينما يفشل إبليس ( لعنه الله ) بسبب تكبره وشعوره الطاغي بأناه ( قال أنا خير منه ) . فمحك النجاح والفشل يتمثل بإطاعة حجة الله أو خليفته المنصوص عليه ، ومثلما كان القبول والتسليم بتنصيب الله سبب نجاح الملائكة سيكون سبب نجاح المؤمنين ، وكما كان الجحود والكفر سبب فشل إبليس (لع) واستحقاقه الطرد من رحمة الله ، سيكون كذلك بالنسبة لأتباعه من الإنس والجن (( سنة الله ولن تجد لسنة الله تبديلا )) واستمر قانون النص الإلهي بعد آدم (ع( بصورة وصية يوصي بها الحجة السابق الى من يليه ، وليست هذه الوصية سوى نص من الله على الحجة ، فعن أبي عبد الله (ع( قال : ((…ثم أوحى الله إلى آدم أن يضع ميراث النبوة والعلم ويدفعه إلى هابيل ، ففعل ذلك فلما علم قابيل غضب وقال لأبيه : ألست أكبر من أخي وأحق بما فعلت به ؟ فقال يا بني أن الأمر بيد الله وأن الله خصه بما فعلت فإن لم تصدقني فقربا قرباناً فأيكما قبل قربانه فهو أولى بالفضل وكان القربان في ذلك الوقت تنزل النار فتأكله . وكان قابيل صاحب زرع فقرّب قمحا ً رديئا ً وكان هابيل صاحب غنم فقرّب كبشا ً سمينا ً فأكلت النار قربان هابيل . فأتاه أبليس فقال : يا قابيل لو ولد لكما وكثر نسلكما افتخر نسله على نسلك بما خصه به أبوك ولقبول النار قربانه وتركها قربانك وأنك إن قتلته لم يجد أبوك بُدا ً من أن يخصك بما دفعه إليه فوثب قابيل إلى هابيل فقتله ... )) قصص الأنبياء 55. وعن أبي عبد الله (ع) في قول الله عز وجل : (( إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات الى أهلها وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل إن الله نعمّا يعظكم به )) قال : (( هي الوصية يدفعها الرجل منا إلى الرجل )) غيبة النعماني/60 .
وفي القرآن على لسان عيسى(ع) : (( ومبشراً برسول يأتي من بعدي اسمه أحمد)) . وهكذا ف (اللَّهُ يَصْطَفِي مِنْ الْمَلاَئِكَةِ رُسُلاً وَمِنْ النَّاسِ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ) (الحج/75).
وعن الحارث بن المغيرة النضري، قال : (( قلنا لأبي عبد الله (ع): بما يعرف صاحب هذا الأمر؟ قال: بالسكينة والوقار والعلم والوصية )) بحار الأنوار ج52/ 138.
العلم والحكمة
بعد أن نص الله تعالى على آدم (ع) خليفة له في الأرض بقوله تعالى : (( وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلاَئِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً )) اعترض الملائكة بأن (( قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لاَ تَعْلَمُونَ وَعَلَّمَ آدَمَ الأَسْمَاءَ كُلَّهَا ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلاَئِكَةِ فَقَالَ أَنْبِئُونِي بِأَسْمَاءِ هَؤُلاَء إِنْ كُنتُمْ صَادِقِينَ)) البقرة 30 -31. اعتراض الملائكة أجابه الله تعالى بأن آدم (ع) يملك من العلم ما لا تملكون ، فهو (ع) قد استحق خلافة الله في أرضه بسبب هذا المائز وهو العلم الذي منحه الله له ، فالعلم الذي يتميز به حجة الله دليل يُعرف من خلاله هذا الحجة بكل تأكيد . وقد وردت آيات كثيرة تدل على هذا المعنى منها قوله تعالى : (( وَقَالَ لَهُمْ نَبِيُّهُمْ إِنَّ اللَّهَ قَدْ بَعَثَ لَكُمْ طَالُوتَ مَلِكًا قَالُوا أَنَّى يَكُونُ لَهُ الْمُلْكُ عَلَيْنَا وَنَحْنُ أَحَقُّ بِالْمُلْكِ مِنْهُ وَلَمْ يُؤْتَ سَعَةً مِنْ الْمَالِ قَالَ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَاهُ عَلَيْكُمْ وَزَادَهُ بَسْطَةً فِي الْعِلْمِ وَالْجِسْمِ وَاللَّهُ يُؤْتِي مُلْكَهُ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ)( {البقرة.247} . إذن هؤلاء القوم الذين طلبوا من نبيهم أن يبعث لهم ملكاً و لكنهم بعد أن قال لهم نبيهم : إن الله قد بعث لكم طالوت ملكاً ، اعترضوا بأن طالوت لا يملك مالاً وفيراً ، وهنا أجابهم نبيهم ، بأن الأمر لا يتعلق بالمال بل بالعلم (( قال إن الله اصطفاه عليكم وزاده بسطة في العلم والجسم والله يؤتي ملكه من يشاء والله واسع عليم )) .
فالمسألة مسألة علم ، فالله جل وعلا يسلح حججه بالسلاح اللازم لرحلة العودة إليه تعالى ، و ليس هذا السلاح سوى العلم . وقال تعالى : (( وَلُوطًا آتَيْنَاهُ حُكْمًا وَعِلْمًا وَنَجَّيْنَاهُ مِنْ الْقَرْيَةِ الَّتِي كَانَتْ تَعْمَلُ الْخَبَائِثَ إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمَ سَوْءٍ فَاسِقِينَ ))( (الأنبياء74 ) ، (( وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ وَقَفَّيْنَا مِنْ بَعْدِهِ بِالرُّسُلِ وَآتَيْنَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ الْبَيِّنَاتِ وَأَيَّدْنَاهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ أَ فَكُلَّمَا جَاءَكُمْ رَسُولٌ بِمَا لاَ تَهْوَى أَنفُسُكُمْ اسْتَكْبَرْتُمْ فَفَرِيقًا كَذَّبْتُمْ وَفَرِيقًا تَقْتُلُون}(البقرة/ 89}. هذا وقد وردت أحاديث كثيرة عن المعصومين (ع) تبين هذه الحقيقة وتؤكدها ، ففي محاججة الإمام الرضا ( ع ) في مجلس المأمون ( لع ) ، إذ سأل أحدهم : (( يا ابن رسول الله بأي شيء تصح الإمامة لمدّعيها ؟ قال ( ع ) : بالنص والدليل ، قال له : فدلالة الإمام فيما هي ؟ قال (ع) :(( في العلم واستجابة الدّعوة )) عيون أخبار الرضا ( ع ) ج2 216 ومن يراجع أصول الكافي يجد المزيد.
حاكمية الله

الحلقة الثالثة في قانون معرفة الحجة هي الدعوة إلى حاكمية الله، وإطاعة وإتباع من نصبه الله تعالى دون غيره .
قال تعالى : (( وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلاَئِكَةِ إِنِّي خَالِقٌ بَشَراً مِّن صَلْصَالٍ مِّنْ حَمَإٍ مَّسْنُونٍ* فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِن رُّوحِي فَقَعُواْ لَهُ سَاجِدِينَ* فَسَجَدَ الْمَلآئِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ* إِلاَّ إِبْلِيسَ أَبَى أَن يَكُونَ مَعَ السَّاجِدِينَ)) الحجر (28ـ31) .
وقال تعالى : ((قل اللهم مالك الملك تؤتي الملك من تشاء وتنزع الملك ممن تشاء )) آل عمران/26 .
وقال تعالى : ((وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَيَخْتَارُ مَا كَانَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ سُبْحَانَ اللَّهِ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ)) (القصص:)68 .
هذه الآيات تؤكد على السجود لحجة الله تعالى ، أي إطاعته ولزومه ، فالملك بيد الله سبحانه يؤتيه من يشاء ، وينزعه ممن يشاء ، وليس للناس أن يختاروا الحاكم ، فاختيار الحاكم أو حاكمية الناس شرك ( سبحان الله وتعالى عما يُشركون ) .
ومن الأحاديث ما ورد عن سعد بن عبد الله القمي في حديث طويل إنه سأل الإمام المهدي (ع) وهو غلام صغير في حياة أبيه الحسن العسكري (ع) فقال : (( أخبرني يا مولاي عن العلّة التي تمنع القوم من إختيار الإمام لأنفسهم ؟ قال (ع) : مصلح أم مفسد ؟ قلت : مصلح . قال : فهل يجوز أن تقع خيرتهم على المفسد بعد أن لا يعلم أحد ما يخطر ببال غيره من صلاح أو فساد ؟
قلت : بلى .
قال : فهي العلّة التي أوردتها لك ببرهان يثق به عقلك .
أخبرني عن الرسل الذين اصطفاهم الله وأنزل الكتب عليهم وأيدهم بالوحي والعصمة ، إذ هم أعلام الأمم وأهدى إلى الإختيار منهم ، مثل موسى وعيسى عليهما السلام هل يجوز مع وفور عقلهما وكمال علمهما إذا همّا بالإختيار أن تقع خيرتهما على المنافق وهما يظنان أنه مؤمن ؟
قلت : لا .
قال : هذا موسى كليم الله مع وفور عقله وكمال علمه ونزول الوحي عليه اختار من أعيان قومه ووجوه عسكره لميقات ربه سبعين رجلاً ممن لا يشك في إيمانهم وإخلاصهم فوقعت خيرته على المنافقين ، قال الله عز وجل : وأختار موسى قومه سبعين رجلاً لميقاتنا ، إلى قوله : لن نؤمن لك حتى نرى الله جهرة فأخذتهم الصاعقة بظلمهم ، فلما وجدنا اختيار من اصطفاه الله للنبوة واقعا ً على الأفسد دون الأصلح وهو يظن أنه الأصلح دون الأفسد علمنا أن لا اختيار إلا ممن يعلم ما تخفي الصدور وما تكن الضمائر ... )) إثبات الهداة ج1 ص115ـ116.

رد على المقال الأول

يتمحور هذا المقال حول شخصية السيد أحمد الحسن (ع) وصي ورسول الإمام المهدي (ع) ، ويحاول كاتبه التقديم لتساؤلاته بجملة من المغالطات يبرر عبرها فكرته المغلوطة ، فيقول أن التحقق من صدق الدعوات الإلهية يعتمد على معرفة الشخوص فلابد أن نعرف الشخص لنعرف صدق الدعوة ، وهذه الفكرة في الحقيقة غير صحيحة على إطلاقها ، إذ إنها تستلزم القول بأن عدم معرفة المُرسل أو المدعي يستوجب تكذيبه دفعة واحدة ودون نظر في دليله ، بينما الصحيح هو التحقق من صدق المدعي لابد أن ينطلق من البحث في دليله .
وقد ورد عنهم سلام الله عليهم ما مضمونه ( إذا ادعى هذا الأمر مدع فاسألوه عن العظائم التي يجيب عنها مثله ) ، كما إن هذه المعرفة ما هي حدودها ؟ ولمن يفترض أن تتحصل لجميع الناس ، أم لبعضهم ، وما الدليل الشرعي على ذلك ؟ كل هذا لا يجيب عنه المقال .
وعلى أية حال فالرواية الواردة عن الإمام الصادق (ع) هي كالآتي : (( إن العلماء ورثة الأنبياء وذاك أن الأنبياء لم يورثوا درهما ولا دينارا ، وإنما أورثوا أحاديث من أحاديثهم فمن أخذ بشيء منها فقد أخذ حظا وافرا ، فانظروا علمكم هذا عمن تأخذونه فإن فينا أهل البيت في كل خلف عدولا ينفون عنه تحريف الغالين وانتحال المبطلين وتأويل الجاهلين )) . الكافي ج1 ص49.
أقول هذه الرواية واردة في حق أهل البيت (ع) خصوصاً ، بمعنى إنها تحض الناس على تحري أهل البيت (ع) المنصبين من الله تعالى والتسليم لهم . وأود في هذه المناسبة تذكير صاحب المقال بأن السيد المسيح (ع) لا أب له ، بل كان الجاهلون من علماء السوء يشنعون عليه ويتهمونه بأقسى التهم ، فهل معنى ذلك – كما يترتب على منطقكم – أن تكون حجة نبي الله عيسى داحضة ؟ وليت شعري ما الضير في أن يجهل السيد أحمد الحسن (ع) نسبه حتى يلتقي الإمام المهدي (ع) فيعرفه به ؟ أ ليس من المنطقي تماماً أن يكون الإمام المهدي (ع) متزوجاً وقد ورد عن رسول الله (ص) ما مضمونه : (( الزواج سنتي فمن أعرض عن سنتي فليس مني )) ، فمن أولى بإتباع سنة رسول الله (ص) ؟ أ ليس من المنطقي تماماً أن يكون الإمام قد أخفى شخصيته الحقيقية عن ، أو لم يصرح بها لزوجه أو لأهلها ، فنشأ الأبناء وهم يجهلون حقيقة نسبهم ؟
وعلى أية حال فإن معرفة السيد أحمد متيسرة للجميع ، بل إننا – أقصد أنصار الإمام المهدي (ع) – كثيراً ما نرشد المتسائلين عن شخص السيد الى بعض أقاربه ، وبعض عارفيه من طلبة الحوزة ليتحققوا من أمره ، فمن هذه الناحية لا غموض في شخصية السيد كما يقول كاتب المقال .
أما مراقبة العلماء – المقصود منهم غير الحجة المنصب من الله – فهي حق ، وليتكم علمتم الناس مثل هذه المراقبة ، وليتكم لم تستخفوهم بقول إن على العامي المقلد أخذ دينه من الفقهاء دون قيد أو شرط ، أقول ولكن هذه المراقبة لا تسري على الحجة صاحب الدليل ، إذ يكفي أن نعرف من دليله كونه حجة الله لنصدقه ونطيعه في كل ما يقول ، بل لابد من التسليم له حتى فيما لا ندري حقيقته بعد أن علمنا أنه الحجة .
والحق إن كاتب المقال وضع هذه المقدمة السقيمة ليوهم القارئ بأنه من أهل العلم والمعرفة ، وليمرر من ثَمَََّ تخرصاته الرخيصة ، فالمضمون الحقيقي لمقاله يتلخص بالمقولة الآتية : إن السيد أحمد كان يلقب بالشيخ من قبل جملة من طلبة الحوزة ، وهو من بيت السلمي واسم أبيه كما يقول صاحب المقال – وأنا هنا أنقل ما يقوله فقط – هو إسماعيل فكيف يدعي إذن إنه ابن الإمام المهدي (ع) وإنه سيد من ذرية رسول الله (ص) ؟
وللجواب على هذه الأسئلة أقول ببساطة إن السيد أحمد (ع) لم يقل لأحد يوماً إنه ليس بهاشمي ، وأما كون عمامته بيضاء فلأن البياض شعار أهل البيت (ع) أما السواد فإنه شعار بني العباس كما يعرف من له اطلاع على التأريخ .
وأما لقب السلمي المقترن باسمه (ع) فإنه ناشئ عن انتساب عشيرته لبيت السلمي بالولاء ( الجرش ) فالسيد مقطوع النسب ، وعلى طالب الحق العودة الى موسوعة السيد الصدر ليتضح له معنى إمكانية زواج الإمام (ع) وفق أطروحة خفاء العنوان .
أما لقبه ( الحسن ) فهو إشارة الى انتمائه الى الإمام الحسن العسكري .
وبرأيي هذا الجواب كاف لمن يطلب الحق . وأضيف هل سألتم أنفسكم يوماً ما نسب هذا المرجع أو ذاك ؟ وإذا كانت مسألة النسب ضرورية كما يزعم كاتب المقال فلماذا لا تشير لها رسائلكم العملية التي تقرر بأن معرفة المرجع تتم من خلال أهل الخبرة ، وهذا الوصف – أي أهل الخبرة – ناظر الى معرفتهم بعلمه لا بشخصه .

رد على المقال الثاني
بعد مقدمة يحاول الكاتب من خلالها استنهاض مكامن الخوف في نفس القارئ عبر التلويح له بوجود حركات ضالة عرفها التأريخ ، وكأنه يجهل أن دعوة الحق لابد أن ترافقها دعوات ضالة يؤجج نارها إبليس وفقهاء الضلالة من جنده – سنة الله ولن تجد لسنة الله تبديلا – ولذلك لكي يُعرف المؤمنون بالغيب ويُعرف المنافقون الذين يترددون في غيهم ، الذين يتخذون من وجود الحركات الضالة ذريعة يبررون بها سقطاتهم . أقول بعد هذه المقدمة يخلص إلى فكرته فيضعنا بإزاء جملة نقاط يظنها شبهات تعترض الدعوة اليمانية المباركة .
سأجيب عليها كما يأتي :-
1- لا دليل على أن اليماني يأتي من اليمن أو إنه من قاطني هذا البلد ، بل الدليل على خلافه ، ومن أراد التفصيل عليه العودة الى بيان اليماني للسيد أحمد الحسن (ع) وكتاب اليماني حجة الله وكتاب موجز عن دعوة السيد أحمد الحسن (ع) . والمهم إن النسبة في كلمة اليماني قد تكون الى اليمن ( البلد ) وقد تكون الى اليُمن ( بمعنى البركة ) أو اليمين ، كما إن الإنتساب إلى بلد لا يعني الإقامة فيه ، فالخوئي ينتسب الى مدينة خوء ولكنه يسكن في مدينة النجف ، والسيستاني ينتسب الى مدينة سيستان أو سجستان – وهي المدينة التي يأتي منها الدجال الأصغر فالدجال من سيستان أو سجستان فهو إذن سيستاني – ولكنه الآن يسكن مدينة النجف الأشرف . ومن جهة أخرى – وهو المهم – فإن مكة من تهامة وتهامة من اليمن فمكة إذن من اليمن وسكانها يمانيون وقد ورد عن رسول الله (ص) قوله : الإيمان يمان وأنا امرؤ يماني ، فأهل البيت كلهم يمانيون ومنهم الإمام المهدي (ع) وولده السيد أحمد الحسن (ع) . (انظر اليماني حجة الله).
2- أما إن السيد أحمد (ع) يلقب بالسيد أحمد الحسن فقد تقدم الجواب على أن الحسن نسبة الى الإمام الحسن العسكري (ع) . والسيد للعلم ليس الإبن المباشر للإمام المهدي ، فإن بينه وبين الإمام بعض الآباء .
أما دعوته للمقربين من الإمام بإطاعته ، وفي حال العدم يكونون معرضين لسخط الله فلأنه بعد إرساله من قبل أبيه (ع) أصبح الحجة عليهم فعليهم الطاعة ، ولعله واضح أن الجميع في حال الإختبار وإن علت بهم المراتب ، وتأريخ الأنبياء والأوصياء ينبئنا بأن الكثير من المقربين قد فشلوا في اختبار التسليم لحجة الله تعالى وهذا بلعم بن باعوراء والسامري وعلي بن ابي حمزة وقد كان من مقربي الامام الكاظم وبعض وكلاء الامام المهدي (ع) الذين طردوا من رحمة الله بعد انكارهم للسفراء المنصبين وغيرهم.
3- لم يقل السيد أحمد أن الإمام المهدي بحاجة الى أحد ، بل إنه يقول إن الجميع بحاجة الى توفيق الله وتسديد الإمام المهدي ، ونتحداهم إبراز الدليل ، قبح الله الكذب والكاذبين .
4- أقول هل يعلم كاتب المقال معنى الخروج ، فالخروج هو الحركة المسلحة ، والرواية التي يذكرها المقال تنصرف الى الخروج الأكبر للقائم ، وهذا الخروج يسبقه خروج أصغر إذا صحت التسمية ، والظهور يسبق الخروج المسلح فالظهور هو بدء الدعوة الى الله والإمام المهدي .
وقد تظافرت الروايات التي تدل على هذا المعنى ( انظر كتاب موجز عن دعوة السيد أحمد الحسن (ع) ). وأزيدك علماً إن السفياني والخراساني موجودان ، بل إن السفياني مفهوم ينطبق على عدة مصاديق ، ولكن هل تعتقد أن السفياني أو الخراساني يعرف كل منهما أنه هو المعني بالرواية ، كيف وليس لأحدهما اتصال بالإمام المهدي ؟ الحق إن اليماني هو وحده من يعرف حقيقته ويعرف الآخرين بسبب إتصاله بالإمام (ع) فعليك معرفة اليماني لتعرف من خلاله الآخرين ،وأما كلمات مقالك هذه فليست سوى محاولة لتعكير صفو المياه وإطفاء نور الله ، وهيهات لما تبتغون . أما عن الحركة المسلحة فأقول يبدو إن هذا الجاهل الشتام لم يقرأ روايات أهل البيت (ع) ليعرف أن القائم سيحقق العدل بالسيف بعد أن تستنفد الدعوة الفكرية أغراضها . وسبحان الله يتحدث الكاتب بأسف عن تسقيط مرجعياته – وهذا هو ما يهم بالنسبة له .
أما قضية الإمام المهدي (ع) فليست بالنسبة له سوى وسيلة يستغلها لتحقيق مآرب مرجعيته المتسلطة على رقاب الناس – أقول له وكيف لا نسقط هذه المرجعية التي باعت دين الناس الحق بدين أمريكا الرذيلة ؟ وكيف وهي تنصب العداء للإمام المهدي ورسوله ؟ هذا كل ما في المقال وما تبقى منه لا يعدو عن كونه شتائم رخيصة يعف اللسان عن جوابها ( وكل إناء بالذي فيه ينضح ) ، أو مقولات يسعى من خلالها الى استخفاف البسطاء من الناس .
رد على المقال الثالث

البعيد
06-22-2008, 06:13 PM
(يتبع)

رد على المقال الثالث
أقول إن كون السيد أحمد الحسن (ع) هو ابن الإمام المهدي وأول المهديين الإثني عشر الذين يحكمون بعد الإمام المهدي (ع) قد تكفلت وصية رسول الله (ص) ببيانه ، وأما كونه اليماني الموعود فما أحراك بالرجوع الى بيان اليماني لتتضح لك حقيقة شخصية اليماني فهذا خير لك من السفه وركوب الرأس ، فالسخرية من المؤمنين كانت دائماً ديدن الكفار والطواغيت .
أما الخبر المنقول عن سطيح الكاهن فهو واحد من عشرين دليلاً تضمنها كتاب ( الرد الحاسم على منكري ذرية القائم ) ، فعليك إذا ما أردت إبطال وجود الذرية تفنيد الأدلة العشرين جميعها ، لا أن تكتفي بانتقاء هذا الخبر لأنه مروي عن سطيح الكاهن لتضحك على ذقون السذج من مقلدي مراجعكم . علماً أن الشيخ ناظم مؤلف كتاب الرد الحاسم قد استشهد بهذا الخبر فقط لأن ثمة الكثير من الأخبار الواردة عن المعصومين – وهي مذكورة في كتابه – قد يعضد مضمونه . ولكنك لخبثك صورت الأمر وكأن هذا الخبر هو الدليل الوحيد على مطلب الشيخ ناظم .
أما قولك في ثالثاً : (3) قال تعالى ((انما يفتري الكذب الذين لا يؤمنون)) وقال الإمام العسكري عليه السلام جعلت الخبائث كلها في بيت وجعل مفتاحها الكذب . قد يستغرب مستغرب ويقول ما مناسبة الآية والرواية مع الحديث الذي انتم بصدده؟ فيأتي الجواب أن احمد بن الحسن الذي يدعي انه معصوم وأنه مكلف بهداية الناس وأنه صاحب أهدى الرايات وأنه رسول الإمام المهدي قد كذّب هنا!. فالمعصوم لا يغفل ولا يسهو ولا ينسى، فهل يعقل أن يكون هناك معصوم كاذب؟! نحن وحسب الأدلة الشرعية وروايات أهل البيت نقول ان المؤمن لا يكون كاذباً فكيف بالمعصوم . ولكن هذا الدعي الذي أنكر نسبه وادعى العصمة قد كذّب وحرّف ووضع حديثاً أوهم الناس أنه جاء عن أهل البيت وفي نفس الوقت كذّب في نقله حيث أن الحديث الذي رواه صاحب بشارة الإسلام نقلاً عن بحار الأنوار في ج51 ص163 عن سطيح الكاهن (... فعندها يظهر ابن النبي المهدي).
وليس الحديث كما رواه .... احمد بن الحسن (فعندها يظهر ابن المهدي). هذا هو احد أدلتهم التي يستدلون بها على عصمة احمد بن الحسن وعلى أنه اليماني ورسول الإمام المهدي .
فيرد عليه :
1- الكتاب من تأليف الشيخ ناظم لا السيد أحمد (ع) فلماذا تستعرض خلقك السيئ وتوجه الشتائم التي تربيت عليها للسيد أحمد الحسن وصي ورسول الإمام المهدي رغم أنفك وأنوف أصنام قريش ؟
بدلاً من انسياقك المخزي وراء الشيطان كان حري بك مراجعة الطبعات المختلفة من كتاب بشارة الإسلام لتجد فيها الرواية كما أثبتها الشيخ ناظم ، ففي أحد الطبعات وردت الرواية كما أثبتها الشيخ ناظم . وقد علق الشيخ ناظم بمايلي :-
لايمكن حمل اللفظ على الامام المهدي (ع) والدليل على ذلك ما يلي:
1 – في احد الطبعات عندنا الخبر بلفظ ( ابن المهدي ) وليس ( ابن النبي المهدي ).
2 – لا يمكن حمل اللفظ على الامام المهدي (ع) في ذلك الخبر أصلا، اذا لاحظنا تسلسل الأحداث في نفس الخبر، وهي:
أ – خروج السفياني بقوله : (فيخرج رجل من ولد صخر ، فيبدل الرايات السود بالحمر ، فيبيح المحرمات ، و يترك النساء بالثدايا معلقات ، وهو صاحب نهب الكوفة ، فرب بيضاء الساق مكشوفة على الطريق مردوفة ، بها الخيل محفوفة ، قتل زوجها ، وكثر عجزها ، واستحل فرجها ).
ب- ثم ذكر خروج ابن المهدي أو على الطبعة الأخرى ( ابن النبي المهدي ) فقال: ( فعندها يظهر ابن المهدي ) وهذا موافق للروايات التي تنص على ان خروج أو قيام اليماني والسفياني في وقت واحد.
ج – خروج ملك من صنعاء بقوله: ( ثم يخرج ملك من صنعاء اليمن ، أبيض كالقطن اسمه حسين أو حسن ، فيذهب بخروجه غمر الفتن ) وهذا الملك لا يمكن لأحد ان يقول انه يخرج بعد قيام الامام المهدي (ع)، وبذلك لا يمكن حمل قوله ( ابن المهدي ) على إنها تقصد الامام المهدي (ع)، فحتى لو تنزلنا وقلنا بان اللفظ هو ( ابن النبي المهدي ) فهو أيضا لا يصدق على الامام المهدي (ع) ولاسيما عند ملاحظة قوله ( ثم يخرج ملك من صنعاء اليمن ) وثم تدل على التراخي كما هو معلوم، لأن ملك صنعاء يخرج قبل قيام الامام المهدي (ع) وليس بعده.
د – وبعد ذلك ذكر قيام الامام المهدي (ع) بقوله: ( فهناك يظهر مباركا زكيا ، وهاديا مهديا ، وسيدا علويا فيفرج الناس إذا أتاهم بمن الله الذي هداهم ، فيكشف بنوره الظلماء ، ويظهر به الحق بعد الخفاء ، ويفرق الأموال في الناس بالسواء ، ويغمه السيف فلا يسفك الدماء ، ويعيش الناس في البشر والهناء ، ويغسل بماء عدله عين الدهر من القذاء ويرد الحق على أهل القرى ، ويكثر في الناس الضيافة والقرى ، ويرفع بعدله الغواية والعمى ، كأنه كان غبار فانجلى ، فيملا الأرض عدلا وقسطا والأيام حباء ، وهو علم للساعة بلا امتراء ) وهذا يدل على ان قوله السابق ( ابن المهدي ) أو حتى لو قلنا ( ابن النبي المهدي ) لا يصدق على الامام المهدي (ع)، فلا يكون له مصداق غير المهدي الأول من ذرية الامام المهدي (ع) وهو اليماني الموعود، وهو أيضا ابن النبي لأنه من ذرية الامام المهدي (ع).

2- أما استحييت من قولك (هذا هو احد أدلتهم التي يستدلون بها على عصمة احمد بن الحسن وعلى أنه اليماني ورسول الإمام المهدي) .
فالكتاب أيها البذيء اللسان في صدد الإستدلال الروائي على وجود ذرية للإمام المهدي (ع) ، وهو ما ينكره الأصنام الذين تعبدهم من دون الله ، وليس ما قلت ، أ هذه هي الموضوعية والعلمية التي ربتكم عليها حوزة السيستاني ؟ أ لست هنا تكذب قبحك الله من متفيهق يلهج بالكلمات دون تطبيق لها ؟!

رد على المقال الرابع
يبدأ المقال الرابع بمصادرة عجيبة غريبة يزعم فيها كاتبه بأن انقطاع السفارة في عصر الغيبة الكبرى قد ثبت لديه بالأدلة القطعية ، وأصبح من ضروريات المذهب دون أن يجشم نفسه عناء تقديم ما يثبت هذا الإدعاء الغريب ، وعلى أي حال نحن نتحداه بأن يقدم دليلاً شرعياً على زعمه هذا ، ونحن بالإنتظار .
والحق إني أجد شبهاً كبيراً يبلغ حد التطابق بين ما ورد في هذا المقال وما كتبه الشيخ محمد السند في بعض كتبه ، وحيث أن السيد أحمد في كتابه ( نصيحة إلى طلبة الحوزة ) قد تعرض لبعض تخرصات السند فيما يتعلق بهذا الموضوع ، وكذلك فعل بعض الأنصار ( انظر كتاب موجز عن دعوة السيد أحمد الحسن (ع) ) فعليه أحيل القارئ إلى هذه الكتب لتتضح له جلية الأمر فيما يخص مسألة السفارة في الغيبة الكبرى .
وبالعودة إلى المقال أقول إنه خليط عجيب من الأفكار التي لا علاقة لها أبداً بدعوة اليماني ، فالخوارق الموهومة التي يتحدث عنها والتوهمات والهلوسات كل ذلك لا علاقة له بدعوتنا ولم يقل به أحد منا ، وليس الحديث عنه في هذا المقال سوى محاولة لتشويه الدعوة المباركة وإثارة الشكوك حولها وهي محاولة ينقصها شرف الخصومة على أية حال .
أما الإطلاع على الغيب من قنواته الصافية ، فقد ثبت لنا بالدليل الشرعي الذي لا يرقى إليه شك بأن السيد أحمد الحسن (ع) وصي ورسول الإمام المهدي وهو من المعصومين ، وهذا المقدار ينقض كل التخرصات التي يحاول الكاتب إلصاقها بنا .
أما الرؤيا فنحن نؤكد على الرؤيا التي يحضر فيها المعصوم ، ونراعي تماماً مسألة الشروط التي يعرف منها صدق الرؤيا ، أما الشياطين فما أجدركم بالإحتراز منها فهي تؤزكم أزاً ، بل لقد صرتم مطية لها تسيركم يميناً أو شمالاً .
وعلى أي حال سأعود الى مسألة الرؤيا في الردود اللاحقة ، ولكن أقول فقط أن كاتب المقال يحاول بطريقة اللف والدوران أن يوحي للقارئ بعدم التصديق بالرؤى وهذه نتيجة خطيرة ترقى لمصاف الكفر بالغيب والعياذ بالله ، فهل يريد الكاتب هذه النتيجة ؟ أم إن له رأياً آخر ، ننتظر إذن أن يسمعنا إياه .





رد على المقال الخامس

على الرغم من عدم وجود مادة علمية حقيقية في هذا المقال الذي أرجح إنه مأخوذ من كتاب الشيخ السند المشار إليه فيما تقدم ، وعلى الرغم من عدم ورود شئ مما ينطوي عليه على دعوتنا ، إلا ما يتعلق منه بالإشارة الى الرؤيا التي سنخصص لها بحثاً عند الرد على المقال الثالث عشر ، أقول على الرغم من كل ذلك إلا أنه لا بأس من الإشارة الى بعض الأمور ، ومنها إن السيد أحمد الحسن معصوم بنص وصية رسول الله (ص) مما يعني أنه متصل بالغيب من طرقه الشرعية التي لا يخالطها ريب ، ومنها إن السيد (ع) يصر دائماً على الثقلين : القرآن و العترة ، ودليله هو نفسه دليل حجج الله الذي بيناه في ( قانون معرفة الحجة) .

وعليه لا يمكن لأحد أن يقول إن السيد (ع) يعتمد في دعوته على ما أسماه كاتب المقال بالخوارق والرياضات ، بل إن كل من له أدنى إطلاع على الدعوة يعرف جيداً إننا ما نجيب من يطالب السيد أحمد (ع) بالإتيان بمعجزة بالقول : إبحث في الدليل العلمي للدعوة ، ومنها إننا نتحدى كاتب المقال ومن يقف وراءه أن يأتينا بمثل واحد يدل على أن دعوتنا خالفت فيه الشرع ، فأحلت حراماً أو حرمت حلالاً ، بل إننا على أتم الإستعداد للإتيان بأمثلة كثيرة على مخالفة مرجعهم لشرع الله .

بل لقد فعلنا في البيان الصادر عن السيد أحمد الحسن (ع) بخصوص الربا الذي أحله فقهاء آخر الزمان (انظر موقع الأنصار ) سبحان الله رمتني بدائها وانسلت .

أما حديث المقال عن السفارة فكما سلف القول في مكان آخر هو حديث ينقصه الدليل ، بل هو تعنت واضح ومكابرة . وبعد فليس في المقال شئ يستحق الذكر ، باستثناء الدهاء الشيطاني الكبير والمكر . إذ ليس سرد الأقاصيص والأمثال سوى مكر يراد منه الإيحاء بأن دعوتنا تقوم على مثل هذه الأقاصيص وهي خلو من الدليل ، ولكن يمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين .




رد على المقال السادس

موضوع هذا المقال يدور حول حدود النيابة الخاصة ، وفي المقال خلط وأخطاء كثيرة ، منها قوله إن للفقيه حجية في ضمن غير الضروريات على حد تعبيره .
وأقول إن الحجية في الحقيقة مرجعها الى روايات أهل البيت التي يرويها الفقيه ، أما الفقيه بحد ذاته ، أي في حال فارق الروايات وحكّم عقله كما يفعل فقهاء آخر الزمان فلا حجية له على الإطلاق .
أما قوله : إن دائرة حجية الفقهاء والسفراء لا تتقاطع ولا تلغي أحدهما الأخرى ، فهو قول غريب ، فالمعلوم أن النائب الخاص لا يقدم ولا يؤخر إلا بأمر الإمام (ع) فحجيته فرع من حجية الإمام ، وطاعته مفترضة إذن على الفقيه وغير الفقيه ، فكيف يتساوى من ينقل عن الإمام مع غيره ؟ وأما ما يرمي له المقال من نبز لدعوتنا بأنها قد غيرت تشريعاً فهو إتهام لا دليل عليه بل هو محض افتراء ، قاتل الله الكذابين .








رد على المقال السابع
يناقش صاحب هذا المقال في رواية الوصية من حيث السند والدلالة فيقول عنها إنها عامية المذهب ، وهذا القول في الحقيقة أقرب الى النكتة السمجة ، فالرواية تنص على الأئمة الإثني عشر (ع) ، أي إنها تثبت مذهب أهل البيت (ع) وتنسف مذهب أبناء العامة من حيث الأساس ، فكيف تكون إذن عامية المذهب يا أولي الألباب ؟ فالشيخ الطوسي أولا نقل روايات العامة ( أي غير الشيعة ) التي تصرح بالائمة الاثني عشر ، حيث قال: ( ومما يدل على إمامة صاحب الزمان ابن الحسن بن علي بن محمد بن الرضا عليهم السلام وصحة غيبته ما رواه الطائفتان المختلفتان ، والفرقتان المتباينتان العامة والامامية أن الائمة عليهم السلام بعد النبي صلى الله عليه وآله وسلم إثنا عشر لا يزيدون ولا ينقصون ، وإذا ثبت ذلك فكل من قال بذلك قطع على الائمة الاثني عشر الذين نذهب إلى إمامتهم ، وعلى وجود ابن الحسن عليه السلام وصحة غيبته ، ....... الى ان يقول: فمما روي في ذلك من جهة مخالفي الشيعة ... ) الغيبة- الشيخ الطوسي ص 126.
ثم شرع بذكر الروايات التي عن طرق الخاصة ( أي الشيعة ) وذكر من ضمنها رواية الوصية التي هي محل النقاش الان، واليكم نص كلامه: ( فاما ما روي من جهة الخاصة فأكثر من أن يحصى، غير أنا نذكر طرفا منها .... ) غيبة الشيخ الطوسي ص137.
وشرع في سرد الروايات الى ان ذكر الوصية من ضمنها، وهذا دليل على أن كل رواة الوصية هم من الشيعة الامامية، وبهذا يتبين وهم كاتب السطور كعادته !!!
فلو اتعبتم انفسكم قليلا لكان احفظ لماء وجوهم الذي اريق بسبب جهلكم المخزي.
بل من الممكن ان ينقل الراوي ما يخالف عقيدته، فمن الممكن ان ينقل ابناء العامة رواية تنص على امامة الائمة (ع) بل هذا كثير جدا، وهو قرينة على صحة الرواية .
بل إن وصفه لها بأنها عامية المذهب ليس دقيقا، فالمفروض ان يقول عامية السند – حسب زعمه –
أما قولكم بان رواية الوصية مرسلة لان الشيخ الطوسي قال حدثنا جماعة . وان هذه الجماعة غير معروفة ، فهو دليل عدم المعرفة بطريقة الشيخ الطوسي ، فالشيخ الطوسي ينقل عن اصحاب الكتب والأصول بواسطة جماعة معروفة عنده ويبدأ السند بعد الجماعة بصاحب الكتاب أو الأصل المنقول عنه الحديث، وقد بين الشيخ الطوسي في مقام آخر أسماء رجاله الى أصحاب تلك الكتب أو الأصول،
ومن المعلوم ان بداية سند الوصية بعد الجماعة هو البزوفري وقد ذكر الشيخ الطوسي طريقه الى البزوفري كما سيأتي، وهذا يدل على قطعية صدور الوصية لأن البزوفري من اصحاب الكتب أو الأصول وهو من أوثق الأصحاب وجلالته معروفة بل هو وكيل عن الامام المهدي كما هو واضح من الخبر الذي ذكره صاحب البحار، وبذلك يثبت ان الوصية منقولة عن كتب أوثق الثقاة المعتبرة فلا حاجة الى إثبات وثاقة الرجال الذين بعد البزوفري، إضافة الى أنهم شيعة ونقلهم لرواية الوصية يدل على حسنهم وكمالهم كما نص عليه الشيخ علي النمازي أكثر من مرة في كتابه ( مستدركات علم رجال الحديث ).
وحول طريق الشيخ الطوسي الى البزوفري الثقة الجليل انقل لك ما ذكره صاحب كتاب
( دفاعاً عن الوصية ):
(( فبربكم هل يتوقع من هكذا رجل غاية في الوثاقة والعدالة ان ينقل رواية ضعيفة أو موضوعة أضف الى ذلك انه من أصحاب الكتب المعتمدة وقد نقل الشيخ الطوسي رواية الوصية من أحد كتبه وطريقه إليه هو : أحمد بن عبدون والحسين بن عبيد الله الغضائري . وهما من الثقات لأنهما من مشايخ النجاشي . ومن كتب البزوفري :كتاب الحج ،وكتاب ثواب الاعمال ،وكتاب أحكام العبيد ،وكتاب الرد على الواقفة ، وكتاب سيرة النبي والأيمة ...كما ذكرها النجاشي في رجاله ص34 وقال: اخبرنا بجميع كتبه احمد بن عبد الواحد ابو عبد الله البزاز عنه .
وبهذا تكون رواية الوصية منقولة من كتب الحديث المعتبرة التي ألفها ثقات الأئمة (ع) وبذلك تكون قطعية الصدور بغض النظر عن وثاقة رجال سندها .كما صرح بذلك كبار العلماء ...... الى ان قال: والدليل على أن الشيخ الطوسي ينقل عن كتاب الحسين بن علي بن سفيان البزوفري هو ما نقله عنه الحر العاملي من أنه يبتدأ في سند الروايات بذكر المصنف الذي أخذ الخبر من كتابه ،ومن المعلوم أنه ابتدأ في رواية الوصية بالحسين البزوفري فيدل على أنه أخذه من كتابه ، ثم ذكر طريقه إلى ذلك الكتاب حيث قال : (وما ذكرته عن أبي عبد الله الحسين بن سفيان البزوفري فقد أخبرني به أحمد أبن عبدون والحسين بن عبيد الله (الفضائري) عنه) خاتمة الوسائل ص30 .
واليك نص كلام الحر العاملي عن الشيخ الطوسي : (قال الشيخ الطوسي قدس سره في آخر (التهذيب) بعد ما ذكر أنه أقتصر من إيراد الأخبار على الابتداء بذكر المصنف الذي أخذ الخبر من كتابه ،أو صاحب الأصل الذي أخذ الحديث من أصله : ونحن نذكر الطرق التي يتوصل بها إلى رواية هذه الأصول والمصنفات ونذكرها على غاية ما يمكن من الاختصار ،لتخرج الأخبار بذلك عن حد المراسيل وتلحق بباب المسندات ...) خاتمة الوسائل ص2 (.

وأما عن سند الرواية فإليكم هذا البحث الذي كتبه أحد الأنصار :
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين ، وصلى الله على محمد وآله الأئمة والمهديين .
لا يختلف اثنان مستقيما الفكر على أن اختيار الخليفة في الأرض بيد الله تعالى ، وأنه أعلم حيث يجعل رسالته ولا يمكن أن يكل هذا الأمر إلى الناس لقصورهم عن الاختيار والإطلاع على بواطن البشر وحقائقهم ، فأول ما خلق الله تعالى آدم(ع) قال :- ((أني جاعل في الأرض خليفة )) ثم بعد آدم أصبحت الخلافة تنتقل عن طريق الوصية ،بتعيين من الله تعالى، فأوصى آدم(ع) الى ابنه هبة الله وهكذا حتى وصلت الوصية الى نبي الله نوح (ع) ثم من بعده ألى أبنه سام(ع) وهكذا هلم جراً الى نبي الله هود (ع) وإبراهيم(ع) والى موسى(ع) وعيسى(ع) حتى وصلت الوصية الى نبينا محمد (ص) .
ففي خبر عن أبي عبد الله(ع)قال: ((....إلى أن قال :- فلم تزل الوصية في عالم بعد عالم حتى دفعوها الى محمد ،فلما بعث الله محمد (ص) أسلم له العقب من المستحفظين وكذبه بنو أسرائيل ...))أثبات الهداة ج1 ص151.
وحين حضرت الوفاة الرسول محمد(ص) أوصى وصيته لعلي ابن أبي طالب وبين فيها خلفائه الى يوم القيامة و أصبحت هذه الوصية تنتقل من إمام إلى إمام حتى انتهت الى الإمام المهدي(ع) .
فعن أبي عبد الله في الحديث : أن رسول الله (ص) قال لعلي عليه السلام: وأنت تدفعها- يعني الوصية – إلى وصيك ويدفعها وصيك إلى أوصيائك من ولدك واحداً بعد واحد حتى تدفع إلى خير أهل الأرض بعدك...)) أثبات الهداةج1 ص259 .
فأصبحت الوصية التي أملاها الرسول (ص) وكتبها أمير المؤمنين (ع) تنتقل من أمام إلى أمام حتى سلمت للإمام المهدي(ع) ومن بعده إلى ذريته المهديين ،وأمست هي أوضح دليل لمعرفة الأوصياء (ع) فمن لا توجد عنده الوصية ولم تنص عليه فليس بوصي .
عن أبي عبد الله (ع) في خبر طويل قال : ((...يعرف صاحب هذا الأمر بثلاث لا تكون في غيره : هو أولى الناس بالذي هو قبله ، وهو وصية وعنده سلاح رسول الله و وصيته...))الكافي ج1 ص428 .
وأيضا عن أبي عبد الله(ع)في خبر طويل قال ((...وقال عز ذكره (وأعلموا أنما غنمتم من شئ فأن لله خمسه وللرسول ولذي القربى) ثم قال وآت ذي القربى حقه) وكان علي عليه السلام وكان حقه الوصية...)) إثبات الهداة ج1ص444.
وفي احد مناجات الإمام الصادق (ع) قال : ((يا من خصنا بالكرامة ووعدنا الشفاعة وحملنا الرسالة وجعلنا ورثة الأنبياء وختم بنا الأمم السالفة وخصنا بالوصية ...))مستدرك الوسائل ج1ص231//ثواب الأعمال ص95.
ورغم كل هذا التأكيد والأهمية لوصية الرسول (ص) ،جاء اليوم بعض من الذين لا يتورعون عن رد كلام الرسول(ص) وأهل بيته ، ليشككوا بتلك الوصية وأنها غير صحيحة وسندها غير معتمد ، و غيرها من الأباطيل التي ما أنزل الله بها من سلطان ،والتي لا دافع لها سوى الهوى والتعصب والعناد ضد الحق لا غير.
وهؤلاء بكلامهم هذا قد أعادوا سنة عمر بن الخطاب في التشكيك في نفس تلك الوصية عندما أراد الرسول (ص) كتابتها ،فقال عمر حسبنا كتاب الله أن محمداً يهجر) وحاشاه فهو الذي لا ينطق عن الهوى ،وكذلك يعتبرون من أصحاب سقيفة آخر الزمان الذين يرومون الى غصب الخلافة عن أهلها وجعلها شورى لمن غلب. فان عمر بن الخطاب عندما أدرك ان هذه الوصية ستنسف آماله في الخلافة حاول التشكيك في سندها الى الله تعالى ، فاتهم الرسول (ص) بالهذيان ليقطع اتصال الوصية بالله تعالى وان محمداً يتكلم بلا وعي ليرفع الحجية من كلام الرسول (ص) .
والتجأ عمر الى التشكيك بالسند لأنه الطريق الوحيد لسلب حجية وصية الرسول (ص) لأن الناس تعلم ان الرسول (ص) لا ينطق عن الهوى ان هو الا وحي يوحى من الله تعالى وعلى هذا فكلام الرسول (ص) نافذ وحجة لأنه صادر من الله تعالى وليس من رأي الرسول (ص) نفسه فطعن عمر في صحة اتصال هذه الوصية بالله تعالى ، وكما هو واضح إن عمر شكك في صحة سند الوصية الى الله تعالى ، وأتباعه اليوم يشككون في صحة سند الوصية الى رسول الله (ص) ليسلبوها الحجية لأنها خالفت أهوائهم ودنياهم ، سنة الله ولن تجد لسنته تبديلاً .
ومن أجل سد أفواه هؤلاء كتبت هذه الأسطر ،لأثبات صحة الوصية ،ولإثبات أن هؤلاء جهلاء حتى في قواعد الحديث التي يعتمدونها ،وتعمدت ذكر و تفاصيل بعض قواعد الدراية لإلزامهم بما ألزموا به أنفسهم ،و ليفتضحوا بجهلهم المخزي.
ومن الله أستمد العون والتوفيق وله الحمد في الأولى والآخرة ،والصلاة والسلام على محمد وأله الأئمة والمهديين .
الحديث الصحيح
أعترض البعض على رواية الرسول محمد(ص) في ليلة وفاته ،وحاولوا الطعن بصحتها من ناحية السند وزعموا أنها لا يجوز الأعتماد عليها لضعف سندها .
ولعمري أن هؤلاء لا يفقهون من قواعد الحديث شيئاً ،وأنهم يريدون أن يطفئوا نور الله بأفواههم ،فهيهات هيهات لما يهدفون.
وتوهموا أن صحة الحديث معتمدة على رجال السند فقط ،وهذه طامة كبرى وداهية عظمى ،أن يصدر هذا الجهل الفضيع من أناس يدعون العلم والدين ،ولو أنهم أتعبوا أنفسهم قليلاً في مراجعة قواعد الحديث أو الرجال لتداركوا فضيحتهم هذه، ولأغنونا عن الانشغال بردهم .
و قبل الاستدلال على صحة رواية الوصية وأعتبارها .يجب معرفة ما المقصود من ((صحة الحديث)) وبأي طريقة تثبت ،وسأتطرق الى بعض قواعد الدراية لألزامهم بما ألزموا به أنفسهم لا لأني أتبنى كل ما أستدل بهِ. فقد اختلف علماء الدراية أشد الاختلاف في قواعد ذلك العلم فمنهم من ينفي ومنهم من يثبت.
فأقول:-
تطلق صحة الحديث تارة ويراد منها أن الحديث معتبر ومعتمد عليه لتواتره أو لأقترانه بأحد القرائن الموجبة للعلم بصحته كوجوده في أحد الكتب المعتبرة التي شهد مؤلفوها بصحة ما فيها من أحاديث أو لموافقتة للقرآن و السنة الثابتة أو روايته من قبل الرواة الذين أجمع على أنهم لا يروون ولا يرسلون إلا عن ثقة ،الى غيرها من القرائن التي أوصلها الحر العاملي في خاتمة الوسائل الى (21)قرينة .
وعلى ذلك لا تنحصر صحة الخبر بوثاقة رجال السند فقط ،وهذا هو مبنى المتقدمين ومن تبعهم من المتأخرين ،كالشيخ الكليني صاحب كتاب الكافي والشيخ الصدوق صاحب كتاب من لا يحضره الفقيه و الشيخ الطوسي صاحب كتابي التهذيب والأستبصار و الشيخ المفيد و السيد مرتضى وغيرهم(رحمهم الله جميعاً) أضافة الى كثير من المتأخرين كالحر العاملي صاحب كتاب وسائل الشيعة والفيض الكاشاني والأمين الأسترآبادي و المحقق الكركي وغيرهم (رحمهم الله تعالى) .
وتارة تطلق صحة الحديث ويراد منها ما كان رواته كلهم شيعة امامية عدول، الذي هو أحد الأقسام الأربعة (الصحيح،الموثق الحسن،الضعيف) التي كانت من مباني ابناء العامة وتبناها بعض علماء الشيعة في القرن السابع للهجرة تقريباً أي بعد الغيبة الكبرى بخمسمائة سنة تقريباً. وهذا هو مبنى أكثر المتأخرين، وقد وقع اختلاف شديد بين العلماء حول هذا التقسيم للخبر لأنه يستلزم رد الحديث وان كان ثابتاً في الكتب المعتمدة بحجة ان أحد رواته ضعيف او مجهول،وقد صرح الكثير من العلماء ان كثيراً من الكتب التي عرضت على الائمة (ع) وجوزوا العمل بها، تحتوي على رواة ضعاف ومجاهيل، فهل يستلزم ذلك ردها وقد شهد الأئمة (ع) بصحتها؟، ولم يتحرر النزاع في هذا الموضوع الى يومنا هذا، ويعد هذا المبنى المتأخر (التقسيم الرباعي للخبر) من المستحدثات التي لم يتفق عليها.
قال الشيخ بهاء الدين في مشرق الشمسين بعد ذكر تقسيم الحديث الى الأقسام الأربعة المشهورة:( وهذا الاصطلاح لم يكن معروفاً بين قدمائنا كما هو ظاهر لمن مارس كلامهم بل المتعارف بينهم إطلاق الصحيح على ما أعتضد بما يقتضي اعتمادهم عليه او اقترن بما يوجب الوثوق به والركون إليه...) خاتمة الوسائل ص65.
ونقل الحر العاملي كلام الشيخ الطوسي في هذا الموضوع ملخصاً: (أن أحاديث كتب أصحابنا االمشهورة بينهم ثلاثة أقسام: منها ما يكون متواتراً و منها ما يكون مقترناً بقرينة موجبة للقطع بمضمون الخبر،ومنه ما لا يوجد فيه هذا ولا ذاك ولكن ودلت القرائن على وجوب العمل به،وأن القسم الثالث ينقسم الى أقسام: منها خبر أجمعوا على نقله ولم ينقلوا له معارضاً، ومنها ما انعقد إجماعهم على صحته وأن كل خبر عمل به في كتابي الأخبار وغيرها لا يخلو من الأقسام الأربعة) خاتمة وسائل الشيعة ص64-65.
ثم عقب الحر العاملي قائلاً:

البعيد
06-22-2008, 06:16 PM
(يتبع)

ثم عقب الحر العاملي قائلاً: (وذكر-الشيخ الطوسي- في مواضع من كلامه أيضاً أن كل حديث عمل به فهو مأخوذ من الأصول والكتب المعتمدة). نفس المصدر السابق .
وهذا الكلام يدل على أن الشيخ الطوسي(رحمه الله) لا يستدل بخبر ضعيف غير معتمد في كتبه الاستدلالية في الفقه والعقائد، ولايخفى أن كتابه (الغيبة) هو من أوثق كتبه الاستدلالية في العقائد، وقد استدل فيه برواية الوصية فيدل ذلك على انه قد أخذها من الكتب المعتمدة و المعول عليه وهذا وحده كافٍ في صحة الاعتماد وعلى (الوصية) بغض النظر عن سندها،مع العلم ان سندها لا يحتوي على راوٍ مجروح كما سيأتي بيانه انشاء الله تعالى.
وقد نقل هذ الكلام وارتضاه الشيخ جعفر السبحاني إذ قال هناك وجه ثالث في توثيقات المتأخرين، وهو أن الحجة هو الخبر الموثوق بصدوره عن المعصوم –عليه السلام- لا خصوص خبر الثقة،وبينهما فرق واضح، إذ لو قلنا بأن الحجة قول الثقة يكون المناط وثاقة الرجل وإن لم يكن نفس الخبر موثوقاً بالصدور.
ولا ملازمة بين وثاقة الراوي وكون الخبر موثوقاً بالصدور، بل ربما يكون الراوي ثقة، ولكن القرائن والأمارات تشهد على عدم صدور الخبر من الامام-عليه السلام- وأن الثقة قد التبس عليه الأمر، وهذا بخلاف مالو قلنا بأن المناط هو كون الخبر موثوق الصدور،اذ عندئذ تكون وثاقة الراوي من احدى الأمارات على كون الخبر موثوق الصدور، ولاتنحصر الحجية بخبر الثقة، بل لو لم يحرز وثاقه الراوي ودلت القرائن على صدق الخبر وصحتة يجوز الأخذ به.وهذا القول غير بعيد بالنظر الى سيرة العقلاء، فقد جرت سيرتهم على الأخذ بالخبر الموثوق الصدور، إن لم تحرز وثاقة المخبر، لأن وثاقة المخبر طريق الى إحراز صدق الخبر، وعلى ذلك فيجوز الأخذ بمطلق الموثوق بصدوره إذا شهدت القرائن عليه...) كليات في عالم الرجال ص155-156 للشيخ جعفر السبحاني.
والحق ان ما أفاده الشيخ جعفر السبحاني هنا رصين جداً ويدل على أن كثيراً من المتأخرين قد تبعوا المتقدمين في طريقة الأخذ بالأخبار ،وعلى هذا لا يبقى موضوع للتقسيم الرباعي المستحدث .
وفي الحقيقة أن الاعتماد في صحة الخبر على رجال السند فقط خطأ واضح ،إذ ربما يكون رجال السند كلهم ثقات ولا يمكن العمل بالخبر لكونه شاذاً أو معتلاً معارض بمتواتر أو مضطرب متناً أو مخالفاً للقرآن الى غيرها من الأمور التي توجب التوقف عن العمل بالخبر الصحيح السند ،حسب قواعد الدراية .
وربما يكون رجال السند فيهم المجروح أو المجهول ولكن يجب العمل بالخبر لكونه محفوفاً بقرينة موجبة للعلم بصدوره عن المعصوم (ع)ولا يلتفت حينئذ الى ضعف السند لعدم اعتباره في مثل تلك الموراد ،وقد أحتوت الكتب الاربعة في أسناد رواياتها على كثير من الرجال المجروحين والمجاهيل رغم ذلك أوجب مؤلفوها العمل بها وأنها حجة فيما بينهم وبين الله وأعتمد عليها كل من تأخر عنهم إلا من شذ بلا دليل ،حتى أن النائيني من أبرز علماء الاصوليين ورغم ذلك صرح بصحة كل روايات الكافي بقوله أن المناقشة في سند روايات الكافي حرفة العاجز وعكازة الاعرج ) معجم رجال الحديث ج1.
فلو كان أعتماد المحقق النائيني على وثاقة رجال السند فقط لما حكم بصحة كل روايات الكافي وفيها(9485) حديثاً ضعيفاً والصحيح منه على قاعدة المتأخرين(5072) حديثاً من مجموع (16199) حديثاً ، كما نقله الشيخ جعفر السبحاني ،وعلى هذا لا يبقى من الدين والشريعة أسم ولا رسم إلا شتات .!!! وهذا ما لا يقول به عاقل .
وهاك قول العلامة المجلسي في الاعتماد على الكتب المعتبرة بغض النظر عن السند إلا عند تعارض الأخبار وهو نادر إذ قال : ( أن الحق عندي ان وجد الخبر في أمثال تلك الاصول المعتبرة مما يورث جواز العمل به ولكن لا بد من الرجوع الى الأسانيد لترجيح بعضها على بعض عند التعارض) كليات في علم الرجال ص 372 .
وبهذا اتضح ان صحة الحديث لا تنحصر بصحة رجال سنده فقط ، بل ان صحة السند هي احد القرائن الكاشفة عن صحة الحديث والتي هي اكثر من عشرين قرينة.
وعلى هذا يكون الخبر المعتبر من خلال القرائن أقوى من الخبر المعتمد من خلال السند فقط ويصح القول إن:
كل خبر معتبر يجوز العمل به ،وليس كل خبر صحيح السند يجوز العمل به ،لجواز أبتلاءه بمعارض أقوى منه كالمتواتر أو لاضطراب متنه وغيرها من العوارض التي تستدعي التوقف في الخبر الصحيح الأسناد ، كما هو مقرر في علم الدراية .
وأما الخبر المعتبر فيجوز العمل به مطلقاً لأنه أذا كان له معارض أو مشوش متناً لما وصف بالاعتبار .
وسيأتي أن رواية الوصية معتبرة لأنها محفوفة بعدة قرائن توجب القطع بصدورها عن المعصوم ،ومعه فلا داع الى التنزل والمناقشة في سندها ،فسواء صح سندها أم لم يصح ،فهي من الاخبار الصحيحة ،المعتمد عليها في الاستدلال من قبل العلماء ومنهم رئيس الطائفة الشيخ الطوسي (رحمه الله) كما سيأتي بيانه أنشاء الله تعالى .
والأكثر من هذا أن الشيخ الطوسي قال بوجوب العمل بالخبر المنقول عن طرق أبناء العامة اذا لم يكن له معارض من طرق ثقات الشيعة ،حيث قال أما اذا كان مخالفاً في الاعتقاد لاصل المذهب ،و روى مع ذلك عن الأئمة -عليهم السلام – نظر فيما يرويه ،فإن كان هناك من طرق الموثوق بهم ما يخالفه ،وجب إطراح خبره .وأن لم يكن هناك ما يوجب إطراح خبره ويكون هناك ما يوافقه وجب العمل به ،وأن لم يكن هناك من الفرقة المحقة خبر يوافق ذلك ولا يخالفه ،ولا يعرف لهم قول فيه ،وجب أيضاً العمل به ) ص(223-224) الشيخ جعفر سبحاني .
أي أن الخبر حتى لو كان ضعيف السند ووجد ما يوافقه من أخبار الأئمة الصحيحة سنداً أو لم يوجد له معارض أو موافق وجب العمل به ،ورواية الوصية رغم أنها لاتتصف بضعف السند فهي موافقة لعدة روايات صحيحة السند ولا يوجد لها مخالف أصلاً ،فتكون بذلك ممن يجب العمل به حسب كلام الشيخ الطوسي ،ولا يجب تجشب العناء للفحص عن صحة سندها ،لعدم وجود معارض لها ،كما سيأتي بيانه أنشاء الله تعالى .
وأكثر من ذلك فقد ( أدعى الشيخ الطوسي عمل الطائفة بالمراسيل إذا لم يعارضها من المسانيد الصحيحة ،كعملها بالمسانيد . ومقتضاها حجية المرسل مطلقاً بشرط عدم معارضة المسند الصحيح ) قواعد الحديث ص73 لمحي الدين الموسوي الغريفي .
وقد قيل في حق الشيخ الطوسي (رحمه الله) ومثله لا يرسل إلا عن ثقة) قواعد الحديث ص71 . فكيف بما أسنده وأستدل به في أوثق كتبه كرواية الوصية ؟!!
ونقل لنا الشهيد الثاني في درايته جواز العمل حتى بالخبر الضعيف أذا أشتهر مضمونه ،إذ قال : ( أن جماعة كثير أجازوا العمل بالخبر الضعيف اذا أعتضد بشهرة الفتوى بمضمونه في كتب الفقه .بتعليل أن ذلك يوجب قوة الظن بصدق الرواية وان ضعف الطريق ،فإن الطريق الضعيف قد يثبت به الخبر مع أشتهار مضمونه ) الدراية ص 27.
وأختار ذلك المحقق الحلي أيضاً قائلاً : ( والتوسط أصوب .فما قبله الأصحاب أو دلت القرائن على صحته عمل به .وما أعرض الأصحاب عنه أو شذ يجب اطراحه الخ) وقال عند ذكر خبر رفعه محمد ابن أحمد ابن يحيى : (وهذا وان كان مرسلاً إلا ان فضلاء الأصحاب أفتوا بمضمونه). قواعد الدراية ص110.
ورواية الوصية حتى لو تنـزلنا وقلنا بضعف سندها إلا ان مضمونها مشتهر ،بل متواتر في روايات الرسول (ص) وأهل بيته ، وبذلك تكون متواترة معنىً ، ويجب قبولها بغض النظر عن سندها .
والمتتبع لأقوال العلماء في علم الدراية والرجال يجدها متضاربة ومختلفة لاتكاد تتفق على قاعدة واحدة إلا نادراً،ولكل منهم أدلة وعلى أدلته نقوض وهكذا هلم جراً الى يومنا هذا ،فكيف يمكن لأحد أن يجزم بصحة مبنى فلان دون فلان ،ولاسيما اذا لاحظنا أن أغلب آرائهم غير معتمدة على نص من معصوم ،فقد يكون مبنى واحد منها صحيح وقد تكون كلها خاطئة ولايمكن أن تكون كلها صحيحة لأنها متضادة .
وفي الحقيقة أن الاعتماد على كتب الرجال في الأخذ في الأخبار لايجدي نفعاً لوجود أشكالات محكمة عليها لايسعني الآن ذكرها ولتضاربها في الكثير من الرواة ،وأنجح سبيل للعمل بالروايات هو الاعتماد على ما ضبطه أوثق العلماء المتقدمين القريبين من عصر التشريع والذين نقلوا الأخبار من الاصول المعتبرة لتوفرها لديهم آنذاك كأصحاب الكتب الأربعة (الشيخ الكليني والشيخ الصدوق والشيخ الطوسي ) وغيرهم .
وقد توصل الى هذه النتيجة المحقق الهمداني بقوله ...فلا يكاد يوجد رواية يمكننا أثبات عدالة رواتها على سبيل التحقيق ،لولا البناء على المسامحة في طريقها ،والعمل بظنون غير ثابتة الحجية ،بل المدار على وثاقة الراوي أو الوثوق بصدور الرواية وإن كان بواسطة القرائن الخارجية التي عمدتها كونها مدونة في الكتب الاربعة ،أو مأخوذة من الاصول المعتبرة ،مع أعتناء الاصحاب بها ،وعدم أعراضهم عنها ...ولأجل ما تقدمت الإشارة اليه جرت سيرتي على ترك الفحص عن حال الرجال ،والاكتفاء في توصيف الرواية بالصحة كونها موصوفة بها في ألسنة مشايخنا المتقدمين الذين تفحصوا عن حالهم ) قواعد الحديث ص110.

وكلام المحقق الهمداني صريح في أنه لايمكن أثبات صحة رواية واحدة عن طريق كتب الرجال والفحص عن رجال السند ،وأنه ترك تتبع أحوال الرجال لعدم فائدته .

وبهذا يتضح مدى ضعف حجة هؤلاء الذين زعموا ضعف رواية الوصية ، وسأذكر بعض القرائن الدالة صحة رواية الوصية وأردفها بذكر رجال السند للاعلام فقط لا للاستدلال ،لأن القرائن التي سأذكرها كافية ووافية في أثبات صحتها .

قرائن صحة رواية الوصية

القرينة الأولى : - موافقة رواية الوصية للقرآن الكريم ، فقد اتفق الجميع على اختلاف مذاهبهم بوجوب الاعتماد على الرواية اذا كانت موافقة للقرآن الكريم حتى اذا احتوى سندها على ضعف ، بل حتى اذا لم يكن لها إسناد اصلاً ، وقد نصت الكثير من الروايات على ذلك منها ما ورد عن الرسول (ص) : (ايها الناس ما جاءكم عني يوافق كتاب الله فانا قلته ، وما جاءكم ( عني ) بخلاف كتاب الله فلم اقله) . تفسير البرهان ج1 ص73 .
ومنها ما رواه ابن ابي يعفور قال سألت ابا عبد الله (ع) عن اختلاف الحديث يرويه من نثق به ومنهم من لا نثق به ، قال : ( إذا ورد عليكم حديث فوجدتم له شاهداً من كتاب الله عز وجل او من قول رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم ) وإلا فالذي جاءكم به اولى به ) تفسير البرهان ج1 ص72 .

وشاهد الوصية من القرآن الكريم هو قوله تعالى كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِنْ تَرَكَ خَيْراً الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ بِالْمَعْرُوفِ حَقّاً عَلَى الْمُتَّقِينَ) (البقرة:180) .

فهذه الاية صريحة بوجوب الوصية عند الاحتضار ، واكرر ( عند الاحتضار ) اي عندما يحضر الناس الموت . ولا يوجد اي نص لوصية الرسول (ص) ليلة وفاته غير الرواية التي نقلها الشيخ الطوسي والتي تنص على الائمة والمهديين (ع) فمن رد هذه الوصية او شكك بها ، فقد حكم على الرسول (ص) بأنه خالف قوله تعالى (كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِنْ تَرَكَ خَيْراً الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ بِالْمَعْرُوفِ حَقّاً عَلَى الْمُتَّقِينَ) (البقرة:180) .
لان الرسول (ص) هو أول مطبق لشريعة الله تعالى ولا يقول ما لا يفعل فكيف يترك امر الله تعالى بالوصية عند الموت وهذا لا يقول به إلا كافر بما انزل على محمد (ص) .
وقد حصل نقاش طويل بين الشيعة وابناء العامة في هذه المسألة ، فالسنة يقولون بعدم وجود وصية للرسول (ص) عند وفاته والشيعة يقولون بوجود الوصية ، والعجب ان بعض الشيعة اليوم رجعوا الى مقالة ابناء العامة واخذوا يشككون بوصية رسول الله (ص) ليلة وفاته ، فاذا كذبوا هذه الرواية فليأتوا برواية اخرى تذكر نص وصية رسول الله (ص) ليلة وفاته ولن يأتوا بذلك لانها اليتيمة الوحيدة .
وبذلك يثبت باليقين صحة رواية وصية رسول الله (ص) لانها المصداق الوحيد للآية السابقة ، ومن ردها او شكك بصحتها فهو راد على الله تعالى وعلى رسوله (ص) بل يتهم الرسول (ص) بانه ختم عمله بمعصية ( وحاشاه ) لانه روي عنه (ص) بانه من مات ولم يوص فقد ختم عمله بمعصية ، وفي رواية اخرى مات ميتة جاهلية ، فانظروا الى اي نتيجة جركم الهوى والتعصب الاعمى ، وكفى بذلك فضيحة وعاراً على من يشكك برواية وصية رسول الله (ص) .
والشاهد الثاني لرواية الوصية من القرآن الكريم قوله تعالى : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا شَهَادَةُ بَيْنِكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ حِينَ الْوَصِيَّةِ اثْنَانِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ أَوْ آخَرَانِ مِنْ غَيْرِكُمْ )(المائدة: من الآية106) .

وهنا إضافة الى وجوب الوصية عند الموت اضيف شرط آخر وهو الاشهاد عليها بأثنين من العدول عند الامكان والا فمن غيرهما ، وهذا ما فعله الرسول (ص) عندما اوصى بوصيته لعلي ابن ابي طالب (ع) في ليلة وفاته ، فقد اشهد عليها سلمان الفارسي وابا ذر الغفاري والمقداد (ع) ، كما نص على ذلك امير المؤمنين (ع) في محاججته مع طلحة وقد روى ذلك سليم ابن قيس الهلالي في كتابه المشهور.

والشاهد الثالث قوله تعالى : ( مَا يَنْظُرُونَ إِلَّا صَيْحَةً وَاحِدَةً تَأْخُذُهُمْ وَهُمْ يَخِصِّمُونَ * فَلا يَسْتَطِيعُونَ تَوْصِيَةً وَلا إِلَى أَهْلِهِمْ يَرْجِعُونَ) (يّـس:49 – 50 ) .
حيث وصف الله تعالى اولئك الذين كذبوا الرسل وحاربوهم بانهم لا يستطيعون توصية ، اي لا يمهلهم الله تعالى وقتاً لكي يوصوا الى اهليهم ، ولا يخفى ان ذلك ذماً لهؤلاء وسوء عاقبة ، ولا يخفى ايضاً ان الوصية التي نفاها الله تعالى عن هؤلاء المعذبين هي الوصية عند الموت بدليل سياق الآية التي تتحدث عن هلاكهم بصيحة واحدة بغتة فجأة ، وما دام ان عدم التوفيق للوصية عند الموت يعتبر علامة من علامات المغضوب عليهم، فلا بد ان لايتصف بذلك المؤمنون اي ان المؤمنين يستطيعون التوصية عند الموت اي يمهلهم الله تعالى الى ان يوصوا الى اهليهم ثم يقبض ارواحهم .
وعلى ذلك لا بد ان يكون الرسول (ص) قد اوصى ليلة وفاته ، ولا يوجد اي نص لتلك الوصية غير رواية الوصية التي هي موضوع البحث ، فيتعين بالقطع واليقين صحة رواية الوصية بغض النظر عن رجال السند بل حتى لو ثبت ان رجال سندها كلهم فاسقون ( وحاشاهم ) ، بدليل قول الإمام الصادق (ع) لمحمد بن مسلم : ( يا محمد ما جائك في رواية من بر أو فاجر يوافق القرآن فخذ به ، وما جائك في رواية من بر أو فاجر يخالف القرآن فلا تأخذ به ) البرهان ج1 ص73 .
وموافقة رواية الوصية للقرآن الكريم قرينة قطعية على صحتها ولا حاجة الى اي قرينة أخرى ، وهذا ما نص عليه الرسول (ص) والائمة (ع) ولكن سأذكر بعض القرائن الاخرى لزيادة الحجة على هؤلاء المرتابين الذين كذبوا بما لم يحيطوا بعلمه ، كما ذمهم الله تعالى بقوله : ( بَلْ كَذَّبُوا بِمَا لَمْ يُحِيطُوا بِعِلْمِهِ وَلَمَّا يَأْتِهِمْ تَأْوِيلُهُ) (يونس: من الآية39) .
أضف الى كل هذا فان رواية الوصية موافقة للقرآن والسنة الصحيحة من جهات أخرى وكما يأتي :
موافقة الوصية للقران والسنة الثابتة ،حيث ثبت أن الإمامة في عقب الحسين (ع)الى يوم القيامة لا تجمع في أخوين بعد الحسن والحسين ،وإنما هي في الأعقاب وأعقاب الأعقاب من ذرية الحسين (ع)إلى يوم القيامة .
ومن المعلوم أن القيامة لا تقوم على الإمام المهدي (ع)وقد دلت الروايات على بقاء التكليف بعد الإمام المهدي لفترة طويلة ،فلا بد من وجود إمام لأن الأرض لا تخلو من إمام ولو خلت لساخت بأهلها كما تواتر عن أهل البيت (ع) .
عن المفضل في خبر عن الإمام الصادق (ع)قال قلت له يا ابن رسول الله فأخبرني عن قول الله عز وجل (وجعلها كلمة باقية في عقبه )) قال يعني بذلك الإمامة جعلها الله في عقب الحسين الى يوم القيامة ...) معاني الأخبار ص126.
وعن أمير المؤمنين (ع) قال :قال رسول الله (ص)(أني مخلف فيكم الثقلين كتاب الله، وعترتي أهل بيتي .وأنهما لن يفترقا حتى يردا عليَّ الحوض كهاتين - وضم بين سبابتيه- فقام اليه جابر ابن عبد الله الأنصاري ،فقال : يا رسول الله ومن عترتك ؟ قال :علي والحسن والحسين والأئمة من ولد الحسين الى يوم القيامة )) معاني الأخبار ص91.
وعن أبي عبد الله (ع) أنه قال (لا تعود الإمامة في أخوين بعد الحسن والحسين أبداً ،أنما جرت من علي بن الحسين كما قال الله تبارك وتعالى ( وأولوا الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله )) فلا تكون بعد علي بن الحسين عليه السلام إلا في الأعقاب وأعقاب الأعقاب )) الكافي ج1 ص316.
وبهذا تكون الوصية موافقة للقران والسنة ،فهي تتكفل ببيان تكليف الأئمة الى يوم القيامة تجاه الأوصياء ،وهذا وحده قرينة قطعية على صحتها فقد ورد عن أهل البيت (ع) في كيفية الأخذ بالأخبار ،ما معناه ((ماوجدتم له شاهداً في القران فخذوا به)) .

القرينة الثانية :- رويت هذه الرواية (الوصية) في أحد الكتب المعتمد عليها وهو كتاب الغيبة للشيخ الطوسي رئيس الطائفة العالم التحرير في الحديث وطرقه ورجاله ، وقد تقدم كلامه وشهادته بصحة روايات كتبه وأنه لايعمل ولايستدل برواية غير معتبرة ، وقد صرح الحر العاملي في خاتمة الوسائل بأن كتاب الغيبة للشيخ الطوسي من الكتب المعتمد عليها ،وبهذا تكون رواية الوصية مفروغ من صحتها لأن الشيخ الطوسي أستدل بها على إمامة الأئمة (ع) في كتابه (الغيبة) والكل تعترف بأنه من أوثق كتب الحديث ، وعليه المعول وأليه المرجع .
والظاهر أن الشيخ الطوسي روى الوصية من أحد كتب الشيخ البزوفري الثقة الجليل بواسطة أحمد بن عبدون والغضائري ، وكتب البزوفري تعتبر من الكتب المعتمدة كما سيأتي بيانه ة الوصية ،بل واحدة أو اثنان من القرائن كافية لذلك ،ومن الله التوفيق .

القرينة الثالثة:- نصت كثير من الروايات على مضمون رواية الوصية ،بلغت حد التواتر ،حيث وردت الكثير من الروايات الصحيحة التي تنص على ذرية الأمام المهدي (ع) وسأختصر على ذكر بعض الروايات لأنني قد ذكرت الكثير منها في كتاب ((الرد الحاسم))وكذلك سردها الأستاذ ضياء الزيدي في كتاب ((المهدي والمهديون))فمن أراد الأحاطة فليراجع .

1- عن أبي جعفر وأبي عبد الله (ع)في رواية صحيحة في ذكر الكوفة ،قال (...فيها مسجد سهيل الذي لم يبعث الله نبياً إلا وقد صلى فيه ،ومنها يظهر عدل الله ،وفيها يكون قائمه والقوام من بعده ،وهي منازل النبيين والأوصياء والصالحين ))كامل الزيارات ص76.
2- عن أبي بصير في رواية موثقة ،قال : قلت للصادق جعفر بن محمد (ع) يا أبن رسول الله إني سمعت من أبيك (ع)أنه قال : (يكون بعد القائم اثنا عشر إماماً ،فقال الصادق(ع) : قد قال : اثنا عشر مهدياً ولم يقل اثنا عشر إماماً ،ولكنهم قوم من شيعتنا يدعون الناس الى موالاتنا ومعرفة حقنا) كمال الدين ص358 .
3- عن الأمام الصادق (ع) : ((أن منا بعد القائم اثنا عشر مهدياً من ولد الحسين (ع) ) بحار الأنوار ج53 ص148.
4- الحديث الصحيح عن أبي حمزة عن الصادق (ع)في حديث طويل ،قال : ((...يا أبا حمزة أن منا بعد القائم أحد عشر مهدياً من ذرية الحسين (ع) ))غيبة الطوسي ص309/بحار الأنوار ج53 ص145 .
5- عن علي بن الحسين (ع) أنه قال : ((يقوم القائم منا ثم يكون بعده اثنا عشر مهدياً ) شرح الأخبار ج3 ص400.
6- الدعاء الوارد بسند صحيح عن الأمام الرضا (ع) : ((اللهم أدفع عن وليك ...اللهم أعطه في نفسه وأهله ووَلَدِه وذريته وامته وجميع رعيته ما تقر به عينه وتسر به نفسه ...اللهم صليََّ على ولاة عهده والأئمة من بعده ...) مفاتيح الجنان ص116 .
7- وذكر الميرزا النوري(رحمه الله) ان هذا الدعاء ورد بعدة أسانيد معتبرة صحيحة، حيث قال: ( روى جماعة كثيرة من العلماء منهم الشيخ الطوسي في المصباح والسيد ابن طاووس في جمال الأسبوع بأسانيد معتبرة صحيحة وغيرها عن يونس بن عبد الرحمن : ان الرضا (ع) كان يأمر بالدعاء لصاحب الأمر (ع) بهذا :....) النجم الثاقب ج2 ص456.
8- توقيع الضراب الوارد عن الإمام المهدي ،قال فيه : (...اللهم أعطه في نفسه وذريته وشيعته ورعيته وخاصته وعامته وعدوه وجميع أهل الدنيا ما تقر به عينه ،وتسر به نفسه ...الى قوله : وصلَّ على وليك وولاة عهده والأئمة من ولده...) غيبة الطوسي ص186/جمال الأسبوع لأبن طاووس ص301 .
وقد وصف الميرزا النوري هذا التوقيع قائلاً : ( وقد روي هذا الخبر الشريف في عدة كتب معتبرة للقدماء بأسانيد متعددة ... ولم يعين وقت لقراءة هذه الصلوات والدعاء في خبر من الأخبار إلا ما قاله السيد رضي الدين علي بن طاووس في جمال الأسبوع بعد ذكره التعقيبات المأثورة لصلاة العصر من يوم الجمعة قال : (...إذا تركت تعقيب عصر يوم الجمعة لعذر فلا تتركها ابداً لأمر أطلعنا الله جل جلاله عليه ). ويستفاد من هذا الكلام الشريف انه حصل له من صاحب الأمر صلوات الله عليه شيئ في هذا الباب ولا يستبعد منه ذلك كما صرح هو ان الباب اليه (ع) مفتوح ...) النجم الثاقب ج2 ص469.
وغيرها الكثير من الروايات التي تنص على ذرية الإمام المهدي (ع)وهذا هو مضمون الوصية حيث نصت على اثنا عشر أمام ،واثنا عشر مهدياً من ذرية الإمام المهدي (ع)وهذا المعنى فاق التواتر في الروايات ،وهذا قرينة قطعية على صحة رواية الوصية ،بل أن الخبر حتى لو كان ضعيفاً وعضده خبر صحيح السند بنفس مضمونه يحكم بصحته ،كما نص على ذلك الشيخ الطوسي وغيره من العلماء ،بل هو المشهور والمتفق عليه .
وبهذا تكون رواية الوصية صحيحة ومتواتر معنىً ، ولايمكن الألتفات الى نعيق البعض ،الذين أمتطتهم الشياطين وجعلتهم طريقاً وأداة لرد روايات أهل البيت ،وبذلك يكونون خارجين عن ولاية أهل البيت (ع).
كما ورد في الخبر الصحيح عن الإمام الباقر(ع)

البعيد
06-22-2008, 06:19 PM
(يتبع)

وبهذا تكون رواية الوصية صحيحة ومتواتر معنىً ، ولايمكن الألتفات الى نعيق البعض ،الذين أمتطتهم الشياطين وجعلتهم طريقاً وأداة لرد روايات أهل البيت ،وبذلك يكونون خارجين عن ولاية أهل البيت (ع).
كما ورد في الخبر الصحيح عن الإمام الباقر(ع)
عن الباقر (ع)أنه قال:- (والله أن أحب أصحابي إليَّ أورعهم وأفقههم وأكتمهم لحديثنا ، وإن أسوأهم عندي حالاً وأمقتهم الذي اذا سمع الحديث ينسب إلينا ويروى عنا فلم يعقله إشمأز منه وجحده وكفّر من دان به ، وهو لا يدري لعل الحديث من عندنا خرج وإلينا أسند ،فيكون بذلك خارجاً عن ولايتنا) الكافي ج2 ص223/السرائر ج2 ص591 .

القرينة الرابعة :- عدم وجود أي رواية معارضة لنص الوصية وهذه قرينة قطعية أيضاً بغض النظر عن أي شئ أخر ، وقد ذكر هذه القرينة الحر العاملي في خاتمة الوسائل ، عند تعداد القرائن فقال : (ومنها عدم وجود معارض ،فأن ذلك قرينة واضحة وقد ذكر الشيخ (الطوسي) أنه يكون مجمعاً عليه لأنه لولا ذلك لنقلوا له معارضاً ، صرح بذلك في مواضع : منها في أول الإستبصار ، وقد نقله الشهيد في (الذكرى عن الصدوق وارتضاه)) خاتمة الوسائل ص95.
وأتحدى كل شخص أن يأتي ولو برواية واحدة قطعية الدلالة تعارض رواية وصية الرسول (ص) في ليلة وفاته .

القرينة الخامسة :- عدم احتمالها للتقية ، فإن الرواية إذا كانت مخالفة لأصل المذهب وموافقة لغيره من المذاهب ،يحتمل أن الإمام قد قالها تقية من أعداءه ،وأما إذا كانت موافقة لأصل المذهب ومخالفة لغيره فينتفي هذا الاحتمال .
ومن الواضح أن رواية الوصية قد نصت على أن الإمامة والخلافة بعد رسول الله (ص) في آل بيته الأئمة والمهديين ،وقد سمى الرسول فيها الأئمة واحداً بعد الأخر الى الأمام المهدي ثم ذريته من بعده وسمى أولهم وهو أحمد ،وهذا غير موافق لأي مذهب من المذاهب المعاصرة للرسول (ص) أو الأئمة عليهم السلام فلا يحتمل أبداً صدورها للتقية ، وإذا بطل ذلك ثبت صدوروها حقاً وأنها موافقة للمذهب وقد نصت عشرات الروايات على مضمونهاوهذه القرينة أيضاً نص عليها الحر العاملي عند تعداده للقرائن ،فقال ومنها عدم أحتماله (الخبر) للتقية لما تقدم) خاتمة الوسائل .

القرينة السادسة :- مخالفة الوصية لعقائد أبناء العامة ،فإن دواعي الوضع والكذب والتزوير في الأحاديث ،هي اقصاء الخلافة عن الإمام علي (ع) وذريته ، وأضفاء الشرعية على حكومة بني أمية وبني العباس ،فإن كان مضمون الخبر مخالفاً لتلك الدواعي ، دل على أنه صحيح ولم تتدخل فيه أيدي الوضاعين والمزيفين للأحاديث لكي توافق مذاهبهم وأخفاء حق علي (ع) وذريته في خلافة رسول الله (ص) . ورواية الوصية مخالفة تماماً لعقائد أبناء العامة ،بل هي ثورة في وجه الأول والثاني وحكومة بني أمية وبني العباس ،حيث نص فيها رسول الله (ص) على أن الخلافة بعد وفاته لأمير المؤمنين (ع) ثم الى ولده واحداً بعد واحد الى يوم القيامة ونص على أسماء الأئمة (ع) وكناهم وأوصافهم .
فبربكم هل يعقل أن يضع أتباع بني أمية أو بني العباس حديثاً ينسف عقيدتهم من الأساس ،ويبين للناس أنهم قد غصبوا الخلافة من أهلها الذين نص عليهم رسول الله (ص) ،وما هذا إلا قول شطط لا يصدر إلا من سفه نفسه ووصل به العناد الى أنكار الشمس في رائعة النهار ، وهكذا شخص لا يرد عليه إلا بـ (سلاماً.. سلاماً) جواب الجاهلين .
وبعد أن تبين كما هو واضح مخالفة رواية الوصية لعقائد أبناء العامة ،ومع ملاحظة سائر القرائن تصبح من أصح الروايات وأثبتها .
وقد أمر الأئمة (ع) بالأخذ بما خالف العامة وأن الرشد في خلافهم حيث ورد عنهم (ع): ((دعوا ما وافق القوم فإن الرشد في خلافهم ) الكافي ج1 ص23 .
بل حتى لو كانت الرواية واردة عن طرق أبناء العامة ومخالفة لعقائدهم أومتضمنة لفضائل الأئمة (ع) وجب الأخذ بها ويكون ذلك قرينة على صدق الخبر كما ذكر ذلك الشيخ الطوسي - كما تقدم ذكره - وكذلك الحر العاملي في وسائل الشيعة ،حيث قال كون الراوي غير متهم في تلك الرواية ،لعدم موافقتها للأعتقاد أو غير ذلك ومن هذا الباب رواية العامة للنصوص على الأئمة ومعجزاتهم وفضائلهم فإنهم بالنسبة الى تلك الروايات ثقات وبالنسبة الى غيرها ضعفاء) خاتمة الوسائل ص95 .
فحتى لو كان رواة الوصية كلهم من أبناء العامة أو من أي مذهب آخر ،فيعتبرون في هذه الرواية ثقات ،لأن الرواية تضمنت النص على الأئمة واحداً بعد الآخر وهي مخالفة تماماً لكل مذاهب أبناء العامة ..وبعد هذا هل يبقى عذر لمن يريد أن يناقش في رجال سند الوصية فهذه هي قواعد الحديث عندكم وهذه آراء كبار العلماء ، تنص على أن الروايات المتضمنة للنص على حق أل محمد تكون صحيحة بغض النظر عن سندها .
وأعمى الله عين من لا يرى في المنخل .

القرينة السابعة : استدلال بعض كبار العلماء والمحدثين برواية الوصية يدل على اعتبارها وصحة الاعتماد عليها ،لأنها لو كانت ضعيفة فلا يمكن أن يستدل بها هؤلاء العلماء الكبار ،ومن هؤلاء الشيخ الطوسي في الغيبة كما تقدم بيانه .
والمحدث الميرزا النوري في النجم الثاقب ،عند الاستدلال على ذرية الأمام المهدي (ع) حيث استدل برواية الوصية ووصفها بأنها معتبرة السند ، إذ قال : (( روى الشيخ الطوسي بسند معتبر عن الإمام الصادق (ع) خبراً ذكرت فيه بعض وصايا رسول الله (ص) لأمير المؤمنين (ع) في الليلة التي فيها وفاته ومن فقراتها انه قال (فإذا حضرته الوفاة فليسلمها الى ابنه أول المقربين... الى آخره) النجم الثاقب ج2 ص72.
وكما تقدم بيانه ان الرواية المعتبرة من خلال القرآئن أقوى من صحيحة السند ، بل إذا تعارض المعتبر المحفوف بالقرائن مع صحيح السند يقدم المعتبر الذي دلت القرائن على صدقه ، لأحتمال كون صحيح السند قد أشتبه أو سهى بعض رجاله بدون قصد وهذا لا يخل بعدالتهم أو وثاقتهم ،فيكون الحديث صحيح السند غير معتبر المتن ،وهذا أمر واضح لا يحتاج الى مزيد من البيان ، وقد تقدم نقل كلام الشيخ جعفر سبحاني بهذا الصدد فراجع .


ومن الذين أستدلوا بهذه الرواية هو السيد الشهيد الصدر (رحمه الله) في كتاب تاريخ ما بعد الضهور ص640 ، وله كلام طويل في الاستدلال على ثبوت ذرية الأمام المهدي (ع) وأنهم هم الحاكِمونَ بعد أبيهم (ع) .. فمن أراد التفصيل فاليراجع المصدر المذكور .
ومن العلماء الذين قالوا بصحة مضمون رواية الوصية ،السيد المرتضى في تعليقه على الرواية القائلة عن الكوفة : ((...وفيها يكون قائمة والقوام من بعده )) فقال: (إنا لا نقطع بزوال التكليف عند موت المهدي عليه السلام بل يجوز أن يبقى بعده أئمة يقومون بحفظ الدين ومصالح أهله ، ولا يخرجنا ذلك عن التسميةبالاثني عشرية ،لأننا كلفنا أن نعلم إمامتهم وقد تبين ذلك بياناً شافياً ،فانفردنا بذلك عن غيرنا) البحار ج53 ص148.
وكذلك صاحب مستدرك سفينة البحار الشيخ علي النمازي ،معلقاً على رواية تذكر المهديين من ذرية القائم (ع) إذا قال : (هذا مبين للمراد من رواية أبي حمزة و رواية منتخب البصائر ولا أشكال فيه وغيرها مما دل على أن بعد الإمام القائم (عليه السلام) أثنى عشر مهدياً وأنهم المهديون من أوصياء القائم والقوام بأمره كي لا يخلو الزمان من حجة) مستدرك سفينة البحار ج10 ص517.
و كذلك الشهيد السيد محمد باقر الصدر في كتاب المجتمع الفرعوني وهو عبارة عن تقرير لمحاضرات ألقاها ،حيث قال : (...ثم بعده (أي المهدي(ع) ) يأتي اثنا عشر خليفة ،يسيرون في الناس وفق تلك المناهج التي وضعت تحت أشراف الحجة المهدي عليه السلام ،وخلال فترة ولاية الأثني عشر خليفة يكون المجتمع في سير حثيث نحو التكامل والرقي...) المجتمع الفرعوني ص175.
وهذه القرينة مع أخواتها تنتج القطع بصحة الوصية وأنها رواية معتبرة و لا يسوغ لأحد التشكيك بها إلا من قبل أتباع الأول والثاني الذين اعترضوا على كتابتها في ليلة وفاة الرسول (ص) وقال الثاني ((حسبنا كتاب الله أن محمداً يهجر ))وحاشاه بالأمس وحاشاه اليوم أن يهجر أو أن ينطبق كلامه على غير مصداقه الذي قصده قال تعالى : (( وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ رَمَى )) .

القرينة الثامنة :وهي من أقوى القرائن وأشرفها وهي شهادة الله تعالى في المنام على صحة رواية الوصية وانطباقها على السيد أحمد الحسن (ومن أعظم من الله شهادة ) .. (قُلْ أَيُّ شَيْءٍ أَكْبَرُ شَهَادَةً قُلِ اللَّهُ شَهِيدٌ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ…) حيث رأى الأنصار مئات الرؤى بالرسول (ص) و الإمام علي (ع) وفاطمة الزهراء وباقي الأئمة ،وكلها تؤكد على أن السيد أحمد الحسن رسول الإمام المهدي (ع) حقاً وأنه من ذريته وأنه اليماني الموعود .
وقد يستخف بهذه القرينة من سفه نفسه من الذين طردوا من ساحة الملكوت فهو جاهل به ومن جهل شيئاً عاداه ، وقد تواترت الروايات والقصص في اعتبار الرؤى وأنها طريق المعرفة والاهتداء إلى الحق عند اشتباه السبل و اختلاط الحق بالباطل ،وقد مدح الله تعالى المصدقين بالرؤيا في عدة مواطن في القران الكريم وذم المكذبين للرؤيا (بَلْ قَالُوا أَضْغَاثُ أَحْلامٍ) (الأنبياء:5) .
وما أكثرهم في عصرنا اليوم ،والداهية العظمى أنهم وصل بهم الانحراف إلى أن زعموا أن الشيطان يستطيع أن يتمثل بالنبي (ص) وأل بيته (ع) (مَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ وَلا لِآبَائِهِمْ كَبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ إِنْ يَقُولُونَ إِلَّا كَذِباً) (الكهف:5) .
وهؤلاء لا دليل لهم سوى الهوى الذي أهلك الذين من قبلهم وقولهم هذا يدل على استخفافهم بحقيقة الرسول(ص) وال بيته (ع) و أن قلوبهم انطوت على معاداة الرسول واله (ع) وان أظهروا حبهم وموالاتهم .
فدليل حجية الرؤيا هو القران والسنة وسيرة المتشرعة والواقع والوجدان ،والمنكرون لا برهان لهم .. عن سليم بن قيس قال في حديث ...فان رسول الله (ص) قال : (من رآني في المنام فقد رآني فأن الشيطان لا يتمثل بي في النوم ولا في اليقظة ولا بأحد من أوصيائي إلى يوم القيامة ...) دار السلام ج1 ص59.
وعن الإمام الرضا (ع) أنه قال : (حدثني أبي عن جدي عن أبيه عليه السلام أن رسول الله صلى الله عليه واله قال : من رآني في منامه فقد رآني لأن الشيطان لا يتمثل في صورتي ولا في صورة أحد من أوصيائي ولا في صورة أحد من شيعتهم وإن الرؤيا الصادقة جزء من سبعين جزءاً من النبوة ) من لا يحظره الفقيه ج2 ص585 .
وفي امالي الشيخ الطوسي عن المفيد ... عن أحمد بن يحيى عن مخول بن إبراهيم عن الربيع بن محمد المنذر عن أبيه عن الحسين بن علي (ع) قال : ( ما من عبد قطرت عيناه فينا قطرة أو دمعت عيناه فينا دمعة إلا بوأه الله بها في الجنة حقبا ) قال أحمد بن يحيى فرأيت الحسين (ع) في المنام ، فقلت : حدثني مخول بن إبراهيم ، عن الربيع بن المنذر عن أبيه ، عنك أنك قلت : ( ما من عبد قطرت عيناه فينا قطرة أو دمعت عيناه فينا دمعة إلا بوأه الله بها في الجنة حقباً ) قال : نعم . قلت : سقط الاسناد بيني وبينك ) دار السلام ج1 ص169.
وقول أحمد بن يحيى للإمام الحسين (ع) : (سقط الإسناد بيني وبينك ) أي أصبح الحديث مباشرة منك ولا حاجة الى رواة السند . وأعتقد ان هذه القصة لا تحتاج إلى تعليق أكثر ، فهل من مدكر.
وغيرها العشرات من الروايات والقصص التي تثبت حجية الرؤيا وقد عمل بها الكثير من العلماء الأجلاء ، منهم الشيخ الصدوق (رحمه الله) ونص على أنه ألف كتابه (كمال الدين) بسبب رؤيا رآها بالإمام المهدي (ع) ،وأن شئت التأكد راجع مقدمة (كمال الدين) .
وقد أكدت كثير من الروايات على علاقة الرؤيا بقيام الإمام المهدي (ع) وبآخر الزمان وأنها وحي ولا تكاد تكذب نترك ذكرها إلى مناسبة أخرى لضيق المقام ،ومن أراد المزيد فعليه بمراجعة كتاب (فصل الخطاب) للأستاذ أحمد حطاب وهو أحد إصدارات أنصار الأمام المهدي (ع) ، وكذلك كتاب دار السلام للميرزا النوري (رحمه الله ) ،وهل بعد الحق إلا الضلال المبين .
وبهذا المقدار أكتفي من ذكر القرائن على صحة رواية الوصية ،وقد ذكرتها باختصار وبدون مناقشة الاشكالات ، ومن أراد التفصيل فعليه بمراجعة كتاب (الوصية والوصي)- مخطوط - فأنتظر وأغتنم .
واجتماع هذه القرائن دليل قطعي على صحة رواية الوصية بغض النظر عن السند ،بل اجتماع قرينتين كاف لذلك ،كما نص على ذلك الحر العاملي في خاتمة الوسائل ،هذا لمن طلب الحق ،وأما المعاند ،فلا يكتفي بِشيء حتى تأتيه سنة المكذبين أما العذاب وأما سيف القائم (ع) وهذا هو العار والخزي في الدنيا والآخرة .





فوائد:
الفائدة الأولى

لا يمكن وصف رواية الوصية بالضعف حتى لو كان سندها ضعيفاً ، لأن موضوع تقسيم الخبر إلى ضعيف وغيره ( التقسيم الرباعي ) هو الرواية الخالية من القرينة ، وبما أن رواية الوصية محفوفة بعدة قرائن قطعية ، فتكون خارجة موضوعاً عن مورد التقسيم ووصفها بالضعف يعتبر ضحك على ذقون الناس الذين لم يطلعوا على قواعد الدراية المعتبرة عند العلماء .
فمتى كانت الوصية خالية عن أي قرينة تشهد بصحتها ، فيمكن حينئذ التنزل للمناقشة في السند ، وأما إذا كانت محفوفة بقرينة تفيد صحتها ،فيكون النقاش في السند تطويل بلا طائل ولا ترجى منه فائدة إلا لزيادة القرائن ، ويكفي رواية الوصية قرينة أو قرينتان مما سبق ولا حاجة لتتبع أحوال الرجال ،و لاسيما إذا لاحظنا الاشكالات التي طرحها بعض العلماء على حجية التوثيقات والطعون الواردة في كتب الرجال ،كما سبق أن صرح المحقق الهمداني بعدم كفايتها لاثبات رواية واحدة على نحو اليقين ،والمجال لا يسع لذكر آراء العلماء في ذلك الموضوع وربما نتطرق الى ذلك في مناسبة أخرى أنشاء الله تعالى .
وقد نقل الحر العاملي اتفاق الأصوليين على أن مورد تقسيم الخبر إلى ضعيف وغيره هو الخبر الخالي من القرينة ،وأن الرواية المؤيدة بقرينة فهي صحيحة بغض النظر عن رجال السند ،ولا يمكن إدخالها بالتقسيم الرباعي الحديث ، حيث قال : ( أنهم اتفقوا على أن مورد التقسيم هو خبر الواحد الخالي عن القرينة وقد عرفت أن أخبار كتبنا المشهورة محفوفة بالقرائن ،وقد أعترف بذلك أصحاب الاصطلاح الجديد في عدة مواضع قد نقلنا بعضها ،فظهر ضعف التقسيم المذكور وعدم وجود موضوعه في الكتب المعتمدة ،وقد ذكر صاحب المنتقى أن أكثر أنواع الحديث المذكورة في دراية الحديث بين المتأخرين من مستخرجات العامة بعد وقوع معانيها في أحاديثهم ، وأنه لا وجود لأكثرها في أحاديثنا وإذا تأملت وجدت التقسيم المذكور من هذا القبيل ) خاتمة الوسائل ص103 .
وقد نقل هذا المضمون و ارتضاه الشيخ جعفر السبحاني ، كما تقدم نقله وأعيده هنا للفائدة ،قال : (والوجه الثالث في توثيقات المتأخرين ،هو أن الحجة هو الخبر الموثوق بصدوره عن المعصوم - عليه السلام - لا خصوص خبر الثقة ، و بينهما فرق واضح ، إذ لو قلنا بأن الحجة قول الثقة يكون المناط وثاقة الرجال وان لم يكن نفس الخبر موثوقاً بالصدور ، ولا ملازمة بين وثاقة الراوي وكون الخبر موثوقاً ،بل ربما يكون الراوي ثقة ،ولكن القرائن والأمارات تشهد على عدم صدور الخبر من الأمام ـ عليه السلام ـ وأن الثقة قد ألتبس عليه الأمر ، وهذا بخلاف ما لو قلنا بأن المناط هو كون الخبر موثوق الصدور ، إذ عندئذ تكون وثاقة الراوي من إحدى الأمارات على كون الخبر موثوق الصدور ،ولا تنحصر الحجية بخبر الثقة ،بل لو لم يُحَرز وثاقة الراوي ودلت القرائن على صدق الخبر وصحته يجوز الأخذ به .
وهذا القول غير بعيد بالنظر إلى سيرة العقلاء ،فقد جرت سيرتهم على الأخذ بالخبر الموثوق الصدور ،وان لم تحرز وثاقة المخبر ،لأن وثاقة المخبر طريق إلى احراز صدق الخبر ،وعلى ذلك فيجوز الأخذ بمطلق الوثوق بصدوره إذا شهدت القرائن عليه ( كليات في علم الرجال ص155-156 ) للشيخ جعفر سبحاني .
و أشارة إلى هذا المعنى محي الدين الموسوي الغريفي في كتابه قواعد الحديث والكتاب من تقديم المحقق الخوئي ، حيث أستخلص محي الدين الغريفي نتيجة تنص على أن الكتب الأربعة و نضائرها خالية عن الدس والتزوير ، إذ قال : ( وخلاصة البحث أن وجود الأخبار الموضوعة في عصر المعصومين (ع) لا يمنع من العمل بالأخبار التي ضمتها مجاميع قدماء أصحابنا المعتبرة ،مثل كتبنا الأربعة و نضائرها فأنها خالية من ذلك) قواعد الحديث ص144 .
وهذا الكلام يستلزم الاعتماد على ما ورد في الكتب الأربعة و نضائرها بغض النظر عن رجال السند ،لأن مؤلفوها من العلماء الثقات الإثبات وقد أخذوها من الأصول المعتمد عليها والتي أغلبها قد عرض على الأئمة (ع) وأجازوا العمل به .
ومن المعلوم أن كتاب الغيبة للشيخ الطوسي من نظائر الكتب الأربعة ،كيف لا وأن مؤلفه الشيخ الطوسي زعيم الطائفة ورئيسها ،والذي شهد بأنه لا يعتمد على حديث ضعيف وهو صاحب كتابي التهذيب و الاستبصار من الكتب الأربعة المعتمدة .
والنتيجة أن رواية الوصية خارجة عن مورد تقسيم الخبر إلى صحيح وموثق و حسن وضعيف ، لأنها محفوفة بعدة قرائن تفيد صحتها بل الجزم بصحتها ،وحينئذ لا يجب أثبات وثاقة رجال سندها ، وهو من التطويل بلا طائل وهو حرفة العاجز و لجلجة المخصوم.

الفائدة الثانية

لا شك أن الرسول محمد (ص) أوصى في الليلة التي كانت فيها وفاته ،حيث طلب من القوم أن يأتوه بكتف ودواة ليكتب لهم كتاباً لن يضلوا بعده أبداً ،فحال دون ذلك عمر بن الخطاب بقوله ((حسبنا كتاب الله أن محمداً يهجر )) وحاشا رسول الله (ص) من ذلك ،ولأهمية تلك الوصية ولأنها تتكفل بهداية الأمة إلى يوم القيامة وبيان الخلافة وأصحابها وتسلسلها إلى يوم القيامة ،حرص رسول الله أشد الحرص على كتابة تلك الوصية ،وعندما منع عن كتابتها لعامة الأمة ، أضطر (ص) إلى كتابتها إلى خاصته وآل بيته (ع) ، فبعد أن تفرق القوم عن رسول الله (ص) دعا علياً وكتب له الوصية وأشهد عليها سلمان والمقداد وأبا ذر (ع) كما في الخبر التالي :
عن سليم بن قيس : قال الإمام علي (ع) لطلحة : ( يا طلحة ،ألست قد شهدت رسول الله صلى الله عليه وآله حين دعا بالكتف ليكتب فيها ما لا تضل به الأمة ولا تختلف ،فقال صاحبك ما قال أن النبي يهجر ) فغضب رسول الله (صلى الله عليه وآله) ثم تركها ؟ قال : بلى قد شهدت ذلك . قال فأنكم لما خرجتم أخبرني بذلك رسول الله صلى الله عليه وآله وبالذي أراد أن يكتب فيها وأن يشهد عليه العامة . فأخبره جبرائيل أن الله عز وجل قد علم من الأمة الاختلاف والفرقة ) ثم دعا بصحيفة فأملى علي ما أراد أن يكتب في الكتف وأشهد على ذلك ثلاث رهط سلمان وأبا ذر والمقداد ،و سمى من يكون من أمة الهدى الذين أمر الله بطاعتهم إلى يوم القيامة فسماني أولهم ثم أبني هذا - وأدنى الحسن - ثم الحسين ثم التسعة من ولد أبني هذا ـ يعني الحسين ـ كذلك كان يا أبا ذر وأنت يا مقداد ؟
فقاموا وقالوا : نشهد بذلك على رسول الله (صلى الله عليه وآله) ...) كتاب سليم بن قيس ص211 /غيبة النعماني ص81 .
ولنا أن نتسآئل ،بل يجب علينا أن نسأل ،أين هو نص الوصية التي أملاها رسول الله (ص) وخطها أمير المؤمنين (ع) بيده ؟ ،و أقصد بنص الوصية نفس كلام الرسول (ص) مباشرة وهو يملي على الإمام علي (ع) في ليلة الوفاة ، وهل يعقل أن يُضيَّع الأئمة (ع) هذا الكتاب الذي حرص على كتابته الرسول (ص) أشد الحرص ؟ ولم يحفظوه ويبلغوه إلى خلص شيعتهم ؟ ليكون أماناً لمن في أصلاب الرجال من الضلال والانحراف عن الطريق المستقيم وهم أوصياء الرسول (ص) إلى يوم القيامة .
و إذا كان لابد من حفظ هذه الوثيقة العظيمة وعدم التفريط بها ،فلا توجد رواية واحدة تذكر ما أوصى به الرسول (ص) من فمه مباشرة ليلة وفاته إلا رواية الوصية التي هي موضوع البحث ،وخصوصاً ما يتعلق بأمر الولاية والأوصياء إلى يوم القيامة ، نعم وردت روايات عن الأئمة (ع) تتحدث عن وصية الرسول (ص) ليلة وفاته كالرواية السابقة عن سليم بن قيس ،ولكنها وصفت الحادثة والوصية بصورة مجملة ولم تذكر نص ما أوصى به الرسول (ص) منه مباشرة ،بل أقتصر الأمام علي (ع) بذكر ما يتعلق بالاحتجاج على طلحة وإلزامه الحجة ، وبالمضمون لا نصاً .
فالرواية الوحيدة التي نصت على ما تلفظ به الرسول (ص) ليلة وفاته نصاً ،هي ما أخرجه الشيخ الطوسي في الغيبة و اليك ملخصها : (عن أبي عبد الله جعفر بن محمد ،عن أبيه الباقر ، عن ذي الثفنات الثفنات سيد العابدين ، عن أبيه الحسين الزكي الشهيد عن أبيه أمير المؤمنين (ع) (( قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله ـ في الليلة التي كانت فيها وفاته ـ لعلي عليه السلام يا أبا الحسن أحضر صحيفة و دواة ، فأملأ رسول الله صلى الله عليه وأله وصيته حتى انتهى إلى هذا الموضع فقال يا علي انه سيكون بعدي اثنا عشر إماماً ومن بعدهم اثنا عشر مهدياً ،فأنت يا علي أول الأثني عشر الأمام ...إلى أن قال : فإذا حضرته الوفاة فليسلمها الى ابنه الحسن الفاضل ، فإذا حضرته الوفاة فليسلمها إلى ابنه محمد المستحفظ من ال محمد ،فذلك اثنا عشر إماماً ،ثم يكون من بعده اثنا عشر مهدياً ،فإذا حضرته الوفاة فليسلمها إلى ابنه أول المقربين له ثلاثة أسامي أسم كأسمي وأسم أبي وهو عبد الله وأحمد ،والأسم الثالث المهدي وهو أول المؤمنين ) غيبة الطوسي107 ـ 108.
فإذا أنكر القوم هذه الرواية الشريفة العظيمة ، فلا يبقى نص لما أوصى به الرسول (ص) ، وسيحرمون آخر الأمة من هذه الوصية المباركة ،كما حرم عمر من كتابتها للعامة وأشهادهم عليها ، وهذه مصيبة عظمى قد وقع فيها البعض من حيث يعلمون أو لا يعلمون .
وتفصيل الكلام حول هذا الموضوع تجده في كتاب ((الوصية والوصي)) ـ مخطوط ـ ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم وسيعلم الذين ظلموا آل محمد أي منقلب ينقلبون والعاقبة للمهدي وذريته المهديين وأنصارهم الميامين (ع) .

الفائدة الثالثة

البعيد
06-22-2008, 06:21 PM
(يتبع)

الفائدة الثالثة
لقد صرح كثير من العلماء بأن الخبر الواحد المحفوف بالقرائن يفيد العلم والقطع ،وهذا يعني جواز الاعتماد عليه في أصول الدين وفروعه ،بخلاف خبر الآحاد الصحيح السند المجرد من القرائن فالمشهور الاعتماد عليه في الفقه فقط بل ذهب بعضهم إلى عدم الاعتماد عليه حتى في الفقه كالسيد المرتضى (رحمه الله) ، وذلك لأن خبر الآحاد وان كان صحيح السند ،فربما يعارض بما هو أقوى منه أو بما هو متواتر أو تدل القرائن على عدم صحته وان رواته قد أخطأوا في نقله من غير عمد إلى غيرها من الأمور التي يكون من أجلها الخبر الصحيح شاذاً ،ولا يعمل به رغم صحته ،وهذا أمر واضح لمن أطلع على قواعد الحديث وكيفية الأخذ به .راجع أصول الحديث و أحكامه للشيخ جعفر سبحاني ص58 /وقواعد الحديث للغريفي ص25 وما بعدها .
وعلى أحسن الأحوال يعتمد على خبر الآحاد الصحيح السند في الفقه فقط إذا كان مجرداً عن القرائن ،وأما خبر الآحاد المحفوف بالقرائن فأنه يعتمد عليه في الفقه والعقائد حتى لو كان في سنده ضعف ،لعدم انحصار الصحة بِوثاقة رجال السند كما تقدم بيانه .
وبهذا يتبن جهل هؤلاء الذين يعترضون على رواية الوصية ويزعمون ضعفها رغم كثرة القرائن التي تؤيدها ، ولعلهم لقلة إطلاعهم ظنوا أن طريق صحة الخبر هو وثاقة رجال السند فقط ، فوقعوا في حفرة الجهل لأنهم عميان ،لا يقدرون على أبصار طريقهم فكيف يتسنى لهم قيادة غيرهم ،وينطبق عليهم قول نبي الله عيسى (ع) ما معناه : ( اتركوهم أنهم عميان وإذا كان الأعمى يقوده أعمى وقع الاثنان في حفرة ) .
فكلما حاول أحد محاربة هذه القضية المنصورة بالله ، إلا وجعل الله هلاكه وفضيحته بنفس كلامه ، و أوقعه في الحفرة التي حفرها بيده ، وهذا أعجاز وتأييد واضح من الله تعالى لقضية السيد أحمد الحسن ، وهذه هي سنة الله تعالى في الدعوات الإلهية .
واليك أيها القارئ ما صرح به الحر العاملي في هذا الصدد ، حيث قال : ((...قد يقترن خبر الواحد بقرائن دالة على صحته بحيث يفيد العلم والقطع وهذا أيضاً لا يقدر عاقل على إنكاره ،أن أنكره فإنما ينكره بلسانه تعصباً وعناداً و إلا فإنه وجداني لا يقبل التشكيك ...) أثبات الهداة ج1 ص20 .
وقال الشيخ جعفر سبحاني : (تقسيم خبر الواحد إلى المحفوف بالقرينة وعدمه : الخبر الذي لم يبلغ حد التواتر تارة يكون مجرداً عن القرائن فلا يفيد العلم غالباً ،وأخرى يكون محفوفاً بها كما إذا أخبر شخص بموت زيد ،ثم أرتفع النياح من بيته وتقاطر الناس إلى منزله ، فهو يفيد القطع واليقين ...) أصول الحديث وأحكامه ص39 .
ونقل الشيخ محيي الدين الغريفي قول الشيخ حسن ابن الشهيد الثاني عند اعتذاره واعترافه بحدوث التقسيم الرباعي للخبر عند المتأخرين وعدم وجوده عند المتقدمين حيث قال : (فان القدماء لا علم لهم بهذا الإصلاح قطعاً لاستغنائهم عنه في الغالب بكثرة القرائن الدالة على صدق الخبر وان أشتمل طريقه على ضعف ... ) قواعد الحديث ص18 .
و أيضاً قال السيد محيي الدين الغريفي : (وخلاصة البحث أن حجية الخبر تثبت بأحد أمرين ، أما سلامة سنده من الضعف ، وأما احتفاظه بقرينة الصحة ،وقد عمل القدماء و المتأخرون بهذين القسمين معاً ، و ذكرهما الشيخ الطوسي بقوله : (أن خبر الواحد إذا كان وارداً عن طريق أصحابنا القائلين بالإمامة ،وكان ذلك مروياً عن النبي (ص) ، أو عن أحد الأئمة (ع) ، وكان ممن لا يطن في روايته ،ويكون سديداً في نقله ، ولم يكن هناك قرينة تدل على صحة ما تضمنه الخبر ـ لأنه إن كان هناك قرينة تدل على صحة ذلك كان الاعتبار بالقرينة ،وكان ذلك موجباً للعلم ـ جاز العمل به . والذي يدل على ذلك أجماع الفرقة المحقة ،فأني وجدتها مجتمعة على العمل بهذه الأخبار التي رووها في تصانيفهم ، ودونوها في أصولهم ، لا يتناكرون ذلك ولا يتدافعونه ...الخ) قواعد الحديث ص23 .
وقول الشيخ الطوسي : (...لأنه إن كان قرينة تدل على صحة ذلك كان الأعتبار بالقرينة ،وكان ذلك موجباً للعلم) يدل بصراحة على أن الخبر المحفوف بالقرينة يعتمد عليه وان كان في سنده ضعف ، وإنما يحتاج إلى وثاقة رجال السند إذا كان الخبر مجرداً عن القرينة . وقوله (وكان ذلك موجباً للعلم) يدل على أن الخبر المحفوف بقرينة الصحة يفيد القطعصحيح السند المجرد عن القرينة ،فقد قال عنه (جاز العمل به) أي العمل في الفقه دون العقائد التي يشترط فيها العلم أي اليقين .
ونقل في هامش خاتمة الوسائل قول الشيخ الطوسي في العدة ص27 وفي الاستبصار ج1 ص3-6 ، قال : (وأعلم أن الأخبار على ضربين : متواتر وغير متواتر ، فالمتواتر منها ما أوجب العلم فما هذا سبيله يجب العمل به من غير توقع شيء ينضاف أليه ولا أمر يقوى به ولا يرجح به على غيره وما يجري هذا المجرى لا يقع فيه التعارض ولا التضاد في أخبار النبي صلى الله عليه وآله والأئمة عليهم السلام ، وما ليس بمتواتر على ضربين : فضرب منه يوجب العلم أيضاً وهو كل خبر تقترن أليه قرينة توجب العلم وما يجري هذا المجرى يجب أيضاً العمل به وهو لاحق بالقسم الأول - إلى أخر مقالته ) خاتمة الوسائل ص64 هامش رقم 5 .
وأقوال العلماء الكبار كثيرة في هذا الموضوع يضيق المقام باستقصائها ،فمن أراد ذلك فعليه بمراجعة خاتمة الوسائل ص61 الفائدة السادسة .
وبعد كل ما تقدم يثبت أن رواية الوصية توجب العلم واليقين ،لاحتفافها بعدة قرائن قطعية وهي بذلك يعتمد عليها في العقائد ،و أضف إلى ذلك تواتر مضمون الوصية في كثير من الروايات الصحيحة .
فتكون رواية الوصية حجة من كل الوجوه

.
الفائدة الرابعة
حول كتاب الغيبة للشيخ الطوسي(رحمه الله) :
قد ثبت مما سبق وثاقة كتاب الغيبة للشيخ الطوسي وانه صرح بأنه لا يعتمد على حديث ضعيف ،وهنا أحب أن أركز أكثر على هذا مع نقل أقوال بعض العلماء حول هذا الكتاب المعتمد . ويحسن قبل ذلك أن أذكر بعض أقوال العلماء في حق الشيخ الطوسي مؤلف الكتاب .
قال العلامة الحلي في وصفه : (شيخ الأمامية ووجههم ،ورئيس الطائفة ، جليل القدير ، عظيم المنـزلة ،ثقة ، عين ، صدوق ، عارف بالأخبار والرجال والفقه والأصول والكلام والأدب ، وجميع الفضائل تنسب اليه ، حذق في كل فنون الإسلام ،هو المهذب للعقائد في الأصول والفروع ، الجامع لكمالات النفس في العلم والعمل ، وكان تلميذ الشيخ المفيد محمد بن محمد بن نعمان ) .
وقال السيد بحر العلوم الطباطبائي في حقه :
(إمام الفرقة بعد الأئمة المعصومين (ع) وعماد الشيعة الإمامية في كل ما يتعلق بالمذهب والدين ، محقق الأصول والفروع ، ومهذب فنون المعقول والمسموع ،شيخ الطائفة على الإطلاق ، ورئيسها الذي تلوى أليه الأعناق ،صنف في جميع علوم الإسلام ،وكان القدوة في كل ذلك والإمام ) .
وأما كتابه ((الغيبة)) فقد أتفق الكل على أنه من الكتب المعتمدة ومن نظائر الكتب الأربعة المشهورة المفروغ عن صحة كل رواياتها . وقد صرح كثير من العلماء بأن كل مصنفات الشيخ الطوسي معتبرة .
قال النجاشي في ترجمة الشيخ الطوسي : ((...له كتب منها كتاب تهذيب الأحكام وهو كتاب كبير ،وكتاب الاستبصار وغيرها من الكتب المعتبرة والمفيدة ...)) خاتمة الوسائل ص2 هامش رقم 1 .
وقال الحر العاملي عند ذكر الكتب المعتمدة ،التي نقل منها كتابه ((أثبات الهداة)) : (وأوثقها بعد كتاب الله عز وجل : مؤلفات الكليني ، وابن بابويه ، والشيخ الطوسي ،والشيخ المفيد ،والحميري ، والحسين بن سعيد ، والبرقي ...) خاتمة الوسائل ص46.
وقال أيضاً عند تعداد الكتب المعتمدة : (...كتاب الغيبة للشيخ الطوسي أيضاً...) أثبات الهداة ج1 ص26 .
وأيضاً نص على وثاقة الكتاب في خاتمة الوسائل ضمن الفائدة الرابعة عند تعداد الكتب المعتمدة التي نقل منها كتاب وسائل الشيعة فقال : (...كتاب الغيبة للشيخ أيضاً ،كتاب مصباح المتهجد له ، كتاب مختصر المصباح له...) خاتمة الوسائل ص46 .
وقد قال الحر العاملي في توثيق الكتب التي أعتمدها في كتابه ((أثبات الهداة)) العاشرة : في ذكر جملة من كتب أصحابنا الأمامية التي نقلنا منها في هذا الكتاب ومن عرف أصولها وأصول مؤلفيها علم أن كل حديث منها أو أكثرها محفوف بقرائن كثيرة توجب العلم ولا تقصر عن التواتر ،وان تنزلنا قلنا أنها تسهل حصول التواتر بأقل مراتب الجمع غالبا ًخصوصاً مع عدم المعارض كما هنا ...) أثبات الهداة ج1 ص26 .
وقد تقدم تصريح الحر العاملي بأن كتاب الغيبة للشيخ الطوسي من أهم الكتب المعتبرة التي أعتمد عليها في كتابيه ((أثبات الهداة ، ووسائل الشيعة)) فتكون روايات كتاب ((الغيبة)) أما متواترة أو محفوفة بقرائن تفيد صحتها ، وأنها مأخوذة عن الكتب المعتبرة والأصول المعتمدة التي كانت متوفرة لدى الشيخ الطوسي (رحمه الله) .
وقد صرح الشيخ الطوسي بصحة كل ما عمل به من الأخبار ،بعد أن قسم الأخبار الصحيحة إلى أربعة أقسام ، قال : (وأن كل خبر عمل به في كتابي الأخبار وغيرها لا يخلو من الأقسام الأربعة ) .
وبهذا لا يبقى شك بأن كتاب ((الغيبة)) للشيخ الطوسي من الكتب المعتبرة والمعتمد عليها ،وكل الأحاديث التي وردت فيه صحيحة وخصوصاً ما ساقه الشيخ الطوسي على نحو الاستدلال ،كما هو الحال في رواية الوصية فقد أستدل بها على إمامة الأئمة الأثني عشر (ع) .
فتكون رواية الوصية صحيحة بغض النظر عن رجال السند .

الفائدة الخامسة
والظاهر أن الشيخ الطوسي قد نقلها من كتاب الحسين بن علي بن سفيان البزوفري وهو من الثقات فيكون كتابه معتمد ،وقد ذكر الشيخ الطوسي طريقه إلى هذا الكتاب كما نقله عنه الحر العاملي فقال : (وما ذكرته عن أبي عبد الله الحسين بن سفيان البزوفري فقد أخبرني به أحمد ابن عبدون والحسين بن عبيد الله ،عنه) خاتمة الوسائل ص30 .
والبزوفري قال عنه العلامة : ( شيخ ،ثقة ،جليل ،من أصحابنا وزاد العلامة :خاص ) خاتمة الوسائل ص177 .وقال عنه النجاشي : (شيخ ثقة جليل من أصحابنا له كتب ـ ثم عد كتبه ـ روى عنه المفيد وأبو عبد الله الحسين بن عبيد الله الغضائري وغيرهم ...) هامش خاتمة الوسائل ص23 .وقد نقل السيد محمد الصدر في الموسوعة بأن البزوفري أحد وكلاء الإمام المهدي (ع) فقال : ( الحسين بن علي بن سفيان :بن خالد بن سفيان . أبو عبد الله البزوفري . شيخ جليل من أصحابنا . له كتب ، روى الشيخ في الغيبة عن بعض العلويين سماه . قال : كنت بمدينة قم فجرى بين اخواننا كلام في أمر رجل أنكر ولده . فأنفذوا الى الشيخ _صانه الله – وكنت حاظراً عنده _ أيده الله _ فدفع إليه الكتاب فلم يقرأه ، وأمره ان يذهب الى أبي عبد الله البزوفري _ أعزه الله _ ليجيب عن الكتاب . فصار إليه وأنا حاضر . فقال أبو عبد الله : الولد ولده وواقعها في يوم كذا وكذا في موضع كذا وكذا فقل له فليجعل اسمه محمداً. فرجع الرسول وعرفهم ، ووضح عندهم القول . وولد الولد وسمي محمداً ) وقد نقلنا مضمون هذا الخبر فيما سبق . وهو يدل بوضوح على استسقاء هذه المعلومات من الإمام المهدي (ع) ولو بالواسطة .فيدل على انه وكيلاً في الجملة .
ومن هنا وبذلك يصلح للاعتماد عليه في الأصول والفروع ، بخلاف قال المجلسي في البحار تعليقاً على هذا الخبر : يظهر منه ان البزوفري كان من السفراء ولم ينقل ...) الغيبة الصغرى ص524 .
فبربكم هل يتوقع من هكذا رجل غاية في الوثاقة والعدالة ان ينقل رواية ضعيفة أو موضوعة أضف الى ذلك انه من أصحاب الكتب المعتمدة وقد نقل الشيخ الطوسي رواية الوصية من أحد كتبه وطريقه إليه هو : أحمد بن عبدون والحسين بن عبيد الله الغضائري . وهما من الثقات لأنهما من مشايخ النجاشي . ومن كتب البزوفري :كتاب الحج ،وكتاب ثواب الاعمال ،وكتاب أحكام العبيد ،وكتاب الرد على الواقفة ، وكتاب سيرة النبي والأيمة ...كما ذكرها النجاشي في رجاله ص34 وقال: اخبرنا بجميع كتبه احمد بن عبد الواحد ابو عبد الله البزاز عنه .
وبهذا تكون رواية الوصية منقولة من كتب الحديث المعتبرة التي ألفها ثقات الأئمة (ع) وبذلك تكون قطعية الصدور بغض النظر عن وثاقة رجال سندها .كما صرح بذلك كبار العلماء .
أضف الى ذلك أيضاً ان الحسين بن علي المصري أحد رواة الوصية هو من أصحاب الكتب ، فلابد ان تكون رواية الوصية أيضاً منقولة من كتبه والتي أحدها كتاب الإمامة ، وهذا دليل آخر يضاف لصالح رواية الوصية ، وسيأتي ذكر ذلك انشاء الله تعالى .
اذن فالرجل من أصحاب الكتب والأصول المعتمدة لوثاقته وجلالته ورواية الثقات عنه كالشيخ المفيد وابن الغضائري وابن عبدون ،وهم أبرع من كتب في علم الرجال ولا يمكن بل لا يتوقع منهم أن يرووا عن كتاب أو أصل غير معتمد ، وهم الذين يعيبون ويشنعون على من يفعل ذلك ،بل يضعفون من يفعل ذلك من الرواة ،وما دام أن الشيخ الطوسي قد نقل رواية الوصية من كتاب البزوفري الثقة الجليل ، المعتمد ،فهذا وحده كاف في أثبات صحة رواية الوصية ،ولا حاجة إلى التطرق لرجال السند ،واثبات وثاقتهم ،زيادة قرينة إلى القرائن الأخرى ، ولا تتوقف عليه صحة الوصية ،كما كررت ذلك مراراً .
والدليل على أن الشيخ الطوسي ينقل عن كتاب الحسين بن علي بن سفيان البزوفري هو ما نقله عنه الحر العاملي من أنه يبتدأ في سند الروايات بذكر المصنف الذي أخذ الخبر من كتابه ،ومن المعلوم أنه ابتدأ في رواية الوصية بالحسين البزوفري فيدل على أنه أخذه من كتابه ، ثم ذكر طريقه إلى ذلك الكتاب حيث قال : (وما ذكرته عن أبي عبد الله الحسين بن سفيان البزوفري فقد أخبرني به أحمد أبن عبدون والحسين بن عبيد الله (الفضائري) عنه) خاتمة الوسائل ص30 .
واليك نص كلام الحر العاملي عن الشيخ الطوسي : (قال الشيخ الطوسي قدس سره في آخر (التهذيب) بعد ما ذكر أنه أقتصر من إيراد الأخبار على الابتداء بذكر المصنف الذي أخذ الخبر من كتابه ،أو صاحب الأصل الذي أخذ الحديث من أصله : ونحن نذكر الطرق التي يتوصل بها إلى رواية هذه الأصول والمصنفات ونذكرها على غاية ما يمكن من الاختصار ،لتخرج الأخبار بذلك عن حد المراسيل وتلحق بباب المسندات ...) خاتمة الوسائل ص2 .
والقول الفصل : في أثبات صحة رواية الوصية ،هو ما صرح به الشيخ الطوسي في الغيبة بعد ذكره لرواية الوصية وغيرها ،حيث ذكر أشكالاً وأجاب عنه فقال : (فإن قيل : دلوا أولاً على صحة هذه الأخبار ،فإنها آحاد لا يعوَّل عليها فيما طريقه العلم ، وهذه مسألة علمية ...
قلنا : أما الذي يدل على صحتها فإن الشيعة الأمامية يروونها على وجه التواتر خلفاً عن سلف ،وطريقة تصحيح ذلك موجودة في كتب الإمامية في النصوص على أمير المؤمنين عليه السلام ، والطريقة واحدة...) الغيبة ص111 .
وهذه شهادة صريحة من الشيخ الطوسي تدل على صحة رواية الوصية ، وهذا وحده كاف في ألجام المعاندين وسد أفواه الجاهلين ، انتهى أفواه الجاهلين ، انتهى .
ويقول صاحب المقال : (( ان نفس صاحب كتيب الرد الحاسم لم يستدل بها على المقصود (أي ان هذه الرواية مع عدهم لها دليلاً إلا أنهم يرون حسب ما ينقله العقيلي هذا أنها غير تامة الدلالة) راجع صفحة 19 من الكتيب الانف الذكر )) .
أقول كيف لم يستدل بها على المقصود ، وكتابه كله استدلال على وجود الذرية للإمام المهدي (ع) والرواية تنص نصاً على هذا المطلب ؟
ويقول : (( ثانياً:- من جهة دلالتها:- ان في الروايات اضطراب إذ تذكر أن لهذا المهدي الأول ثلاث أسماء ثم تُعد له أربعاً إذ قالت ((ثم يكون من بعده اثنا عشر مهديا، (فإذا حضرته الوفاة) فليسلمها إلى ابنه أول المقربين له ثلاثة أسامي: اسم كإسمي واسم أبي وهو عبد الله وأحمد، والاسم الثالث: المهدي، هو أول المؤمنين)) وأنت ترى ان الرواية تصرح بان الأسماء الموجودة أربعة هي:
اسم كإسمي (أي محمد) صلى الله عليه وآله وسلم.
وإسم كاسم أبيه صلى الله عليه وآله وسلم (عبد الله) .
واسم احمد.
والاسم الرابع المهدي
فهذه أسماء أربعة ذكرت في الرواية مع ان الرواية تصرح بان له أسماء ثلاثة فقط (فليسلمها إلى ابنه أول المقربين له ثلاثة أسامي) .
أقول الإضطراب في عقولكم لا في الرواية فالمقصود من قوله (ص): (( ... له ثلاثة أسامي أسم كإسمي واسم أبي وهو عبدالله وأحمد والأسم الثالث المهدي وهو أول المؤمنين )) . فأحمد ومحمد هما اسم واحد والاسم الثاني عبدالله والاسم الثالث المهدي أو بعبارة أخرى: ان قوله (ص) :
( وهو عبد الله وأحمد ) شرح وتفصيل لقوله قبل ذلك : ( اسم كاسمي واسم أبي ) .
فهل ألجأكم العجز في محاربة هذه الدعوة حتى تجرأتم على الرسول ص لتتهموه بأنه لا يعرف يتكلم وان كلامه مشكل!!! وكشرتم عن نواياكم بأنكم أهم شيء عندكم هو محاربة هذه الدعوة حتى لو كلفكم ذلك إهانة الرسول ص والتعدي على شخصه العظيم.

البعيد
06-22-2008, 06:24 PM
(يتبع)

فهل ألجأكم العجز في محاربة هذه الدعوة حتى تجرأتم على الرسول ص لتتهموه بأنه لا يعرف يتكلم وان كلامه مشكل!!! وكشرتم عن نواياكم بأنكم أهم شيء عندكم هو محاربة هذه الدعوة حتى لو كلفكم ذلك إهانة الرسول ص والتعدي على شخصه العظيم.
ويقول : (( إن الرواية ليس فيها تصريح بان يسلّم الإمامة وقيادة الأرض إلى ابنه ، كيف ذلك وان الروايات الأخرى الكثيرة والمعتبرة تصرح بان هؤلاء ليسوا بأئمة وهم من ذرية الحسين عليه السلام بل وأن من يستلم الإمامة بعد المهدي عليه السلام هو الإمام الحسين فلا بد أن يكون الضمير في فليسلمها عائداً إلى بعض المسؤوليات والوظائف التي يقوم بها هؤلاء المهديون في ضل إمامة الأئمة عليهم السلام ومما يؤيد أنها غير عائدة على الإمامة ان النبي صلى الله عليه وآله وسلم يصرّح في نفس الحديث بقوله (فذلك اثنا عشر إماماً) وهذا قرينة سياقية على أن المراد بفليسلمها ليس الإمامة وإلا للزم التنافي بين هذا الحمل وبين المقطع المتقدم من النبي الأكرم بل وبين الوضوح القائم على تشخيص الأئمة وتحديدهم بالإثني عشر )) .
أقول إن الرواية : إنه سيكون بعدي الخ ، فالحديث منصب على مسألة قيادة الأمة ، ثم إن المهديين أئمة بعد الامام المهدي (ع) ولكن إمامتهم ليس بمرتبة إمامة الأئمة الاثني عشر (ع) ولذلك تجد التفريق في ذكرهم بالمهديين ، والقدر المتيقن من إمامتهم هو كونهم حجة على الخلق بعد الامام المهدي (ع) وهو الاستمرار لاوصياء الرسول محمد (ص) لكي لا تخلو الارض من حجة لله تعالى ولذلك نجد وصفهم بالائمة بالدعاء المشهور ( والائمة من ولده ).... الخ.
أما تسلم الحسين زمام القيادة الذي تشير له بعض الروايات فهو في الرجعة التي تحدث بعد المهدي الأخير من المهديين الإثني عشر ( انظر الرد الحاسم ) . أما قوله : (( إن الأدوار المناطة لهؤلاء المهديين لا تكون إلا بعد ظهور الإمام المهدي عليه السلام ولا توجد رواية تصرح بان لهم دوراً معيناً قبل ظهوره )) .
فهو صحيح باستثناء واحد ، فإن المهدي الأول ( أحمد ) يأخذ على عاتقه دور جمع أنصار أبيه وقيادتهم ( أنظر كتب الأنصار في هذا الصدد ) وهذا ما يدل عليه قوله (ص) : ( هو أول المؤمنين ) أي أول الأصحاب ال313.
وأما عن قوله أن الخبر الواحد لا يعتمد عليه في إثبات العقائد ، فجوابه إننا لم نعتمد على خبر واحد ، كما إن الخبر الواحد المحفوف بالقرائن يفيد القطع فهو بقوة الحديث المتواتر .
















رد على المقال الثامن

يصدر كاتب هذا المقال مقاله بما يأتي : (( يذكر الشيخ الطوسي في كتاب الغيبة وفي كتب الشيعة الروائية الأخرى التي تحفل بذكر أحداث الغيبة الصغرى وبداية الغيبة الكبرى يذكرون فتوى لابن قولويه وهي (من ادعى النيابة الخاصة والسفارة بعد السمري فهو كافر مُنمس (محتال) ضال) . وهذه الفتوى لم يتبناها ابن قولويه فقط وإنما الكثير من المتقدمين من فقهاء الغيبة الصغرى والكبرى تبنوها كالشيخ الطوسي إذ يتضح ذلك من كلامه في الفرق البابية أو التي ادعت النيابة في الغيبة الصغرى.
والسؤال في المقام أن أولئك الفقهاء لِمَ حكموا بكفر المُدّعي للسفارة أو النيابة الخاصة, وهل هناك تخريج صناعي لهذه الفتوى ولِمَ لم يقل الفقهاء عن المدعين إنهم أهل ضلال وما داموا على الشهادتين فهم مسلمون, اذ لا مانع أن تكون بعض الفرق داخلة في الاسلام ولكنها ضالة أي ضلت عن إصابة الايمان أي زاغوا ولم يهتدوا للايمان؟
يتبين ويتجلى التخريج الصناعي لحكم الفقهاء بالكفر بناءً على ما ذكرناه ووضحناه من منظومة الحجج ، إذ أن أولئك الذين اعتقدوا بنيابة هؤلاء النواب المدعين زيفاً حكّموا حجية هؤلاء المدعين على ضرورات الدين, وهذا بغض النظر عن زيف دعواهم لأنه قد يحكم عليهم بالضلال والافتراء والكذب كما ورد في التوقيع المبارك )) .
أقول إن فتوى ابن قولويه يقصد بها نفر من الضالين الذين ادعوا النيابة زوراً وبهتاناً في فترة ما بعد وفاة السمري رحمه الله ، من قبيل أبو دلف الكاتب وفتوى ابن قولويه ناظرة إليه وإليك نص الفتوى :
(( الطوسي : أخبرني الشيخ أبو عبد الله محمد بن محمد بن النعمان ، عن أبي الحسن علي بن بلال المهلبي قال : سمعت أبا القاسم جعفر بن محمد بن قولويه يقول : أما أبو دلف الكاتب - لا حاطه الله - فكنا نعرفه ملحدا ثم أظهر الغلو ، ثم جن وسلسل ، ثم صار مفوضا وما عرفناه قط إذا حضر في مشهد إلا استخف به ، ولا عرفته الشيعة إلا مدة يسيرة ، والجماعة تتبرأ منه وممن يومي إليه وينمس به . وقد كنا وجهنا إلى أبي بكر البغدادي لما ادعى له هذا ما ادعاه ، فأنكر ذلك وحلف عليه ، فقبلنا ذلك منه ، فلما دخل بغداد مال إليه وعدل عن الطائفة وأوصى إليه ، لم نشك أنه على مذهبه ، فلعناه وبرئنا منه ، لان عندنا أن كل من ادعى الأمر بعد السمري رحمه الله فهو كافر منمس ضال مضل ، وبالله التوفيق )) - الغيبة- الشيخ الطوسي ص 412. ثم ان الزوبعة التي أثاروها حول كثرة دعوات السفارة في الغيبة الكبرى لا أساس لها ، فلم نجد لها اثرا في الدعوات التي أرخها الشيخ الطوسي من المتقدمين ولا في الدعوات التي أرخها الشهيد السيد الصدر من المتأخرين المعاصرين، غير دعوى ابي دلف وهي كانت معاصرة للسفير الرابع واستمرت بعد وفاته.
وبهذا يتبين هدفهم من إثارة هذه الزوبعة ، وهو التقليل من شأن قضية السيد احمد الحسن ، ومحاولة استخفاف الناس بأن امثال هذه الدعوة كثير وقد تبين بطلانها، وحتى زعمهم هذا على فرض التسليم فهو مردود بداهة، فوجود الباطل لا يدل على عدم وجود الحق، وقولهم لا يعدو الحماقة.
فهي إذن ناظرة الى واقع تأريخي محدد وليست حكماً عقدياً مطلقاً كما يريد كاتب المقال أن يفهم ، بل إن ابن قولويه لا يسعه إطلاق فتوى بالمستوى الذي يريده كاتب المقال لأننا عندئذ نطالبه بالدليل ولا دليل ، ولو كان يوجد دليل لما اضطر كاتب المقال وأضرابه من عبدة فقهاء السوء الخونة الى التصيد في الماء العكر ، وتلفيق أدلة من كلمات فقهاء لا حجية لأقوالهم ما لم تسندها أحاديث أهل البيت (ع) ، وعلى أي حال يستطيع من شاء العودة الى كتاب الغيبة للشيخ الطوسي ليتأكد مما قلته ، ويكتشف بنفسه الدجل والفذلكات اللغوية الفارغة التي يلجأ إليها أولياء الدجال الأصغر .
ويقول : (( وهذا لا ينافي القيام بحركات تحررية حتى لو كانت بعنوان نصرة المذهب أو نصرة الإمام المهدي عليه السلام لكن بشرط عدم ادعاء أي نحو من الحجية ، فإنّ مفاد الروايات نفي حجية الاتصال أو النيابة الخاصة عن الإمام بل حتى مثل شخصيات الظهور كاليماني والخراساني وغيرهم فإنّ مفاد الروايات ليس فيه إعطاءهم أي نحو من الحجية ، نعم غاية ما تثبته الروايات لمثل هذه الشخصيات أنهم على الحق وأنهم يدعون لنصرة الإمام المهدي عليه السلام أو لرفع الظلم أو نحو ذلك من دون أي منصب ومقام خاص إلا أنهم على الحق )) .
أقول أين هي الروايات التي تنفي الإتصال والنيابة الخاصة هلا أطلعتمونا ولو على واحدة منها بدلاً من هذا الهراء الذي تقذفه أقلامكم ؟ ثم كيف لا تكون لنفس شخصية اليماني حجية وهو المعصوم الذي يستحق الملتوي عليه دخول النار بنص الرواية الواردة عن الإمام الباقر (ع) ، أي إن من يخالف له أمراً أو يتمرد على أمر من أؤامره بأي حجة كانت يكون مصيره النار وإن كان من المصلين الصائمين ، فأي حجية تريدون أكثر من هذا ؟ ومن الواضح ان الكاتب يريد وبأي صورة ان ينفي أي حجية للممهديين ويدفعه الى ذلك الحفاظ على نفوذ مراجعه بأي ثمن حتى لو كلف ذلك محاربة اليماني، فلو سألناه مثلاً لو تزاحم امر اليماني مع امر احد المراجع او كلهم فلمن الحجية ؟؟ فعندها سيبهت ، وهذا مؤشر خطير يدل على انهم سيجرهم التعصب الى التمرد حتى على امر الامام المهدي (ع) بحجة الاصل يقتضي انه ليس الامام المهدي (ع) والفقهاء قدر متيقن !!! أو الاصل هو الغيبة حتى يثبت القيام بدليل ولا دليل على قيامك !!! وهكذا من التفاهات التي يتفوهون بها لاجل الحفاظ على كيانهم المزعوم بأي ثمن، فالمسألة ليست الحفاظ على الدين والشريعة والمذهب، بل الحفاظ على مراكزهم ونفوذهم المنحرف !!!!
ومن الغريب ان يقول انهم على الحق ولكن لا حجية لهم !! وهل بعد الحق إلا الضلال المبين، وخصوصا اليماني فالروايات تصفه بأنه اهدى الرايات أي احق الرايات واقربها الى الهدى، فهل من عاقل يترك الفاضل ويتبع المفضول، قال تعالى: ( ... أَفَمَن يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ أَحَقُّ أَن يُتَّبَعَ أَمَّن لاَّ يَهِدِّيَ إِلاَّ أَن يُهْدَى فَمَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ ) يونس35 .
نعم هذا هو العناد والتعصب الذي يجر صاحبه الى مخالفة البديهيات ويتبع الهوى والسفسطة ليضحك على عقول الناس البسطاء !!! والحق إنهم يستعملون المغالطات وان الكاتب هنا قد ارتبك قلمه بصورة عجيبة فهو يتأرجح بين نفي حجية اليماني وبين عدم نفوذ قوله لان الروايات تنص على وجوب طاعته، فأسعفه الشيطان بفكرة بائسة وهي ان الطاعة ليس لذات اليماني بل للحق الذي يحملونه ...، وليت شعري فقد فاته ان ذلك سار حتى في حق الأنبياء والأئمة (ع)، فالطاعة ليست لذواتهم بقطع النظر عن الحق الذي يحملونه والمنصب الذي منحه الله تعالى لهم، فالرسول محمد (ص) لا تجب طاعته لولا الحق الذي يحمله والعنوان الذي منحه الله تعالى له وهو الرسالة الى الخلق كافة وهكذا الأئمة (ع).
وهنا أوجه سؤالاً الى الكاتب من هو الأولى بالإتباع الأمر الذي يحمله اليماني المنصوص على طاعته أم الأمر الذي يحمله مراجعك المنصوص على ضلالهم في آخر الزمان ؟؟
فإن قلت أمر مراجعك فقد كفرت، وان قلت أمر اليماني ، فهو المطلوب.
ويقول : (( نعم الدعوة لنصرتهم ومؤازرتهم إنما هو باعتبار حقانية دعوتهم وحجية الثوابت والموازين التي يرفعونها ويطالبون بها، إذ الحق بما هو حق يجب أن يتبع بغض النظر عمن طلبه وكيف طلب, وهذه الشخصيات هناك دعوى لنصرتهم لا لشخصهم بل لأنهم يدعون للرضا من آل محمد صلى الله عليه وآله, وإلا فالموجود في الروايات من المدح والثناء وكَيل الصفات على اليماني مثلاً لم يبلغ ما مذكور في حق زيد بن علي بن الحسين رضوان الله عليه, ومع كل ذلك لم تكن له أي نحو من الحجية، وإنما ذلك المدح له باعتبار انه كان يدعو للرضا من آل محمد وهي دعوة حق، فالمدح والثناء كان باعتبار دعوته )) .
أقول هذا الحديث يراد منه الإلتفاف على صريح رواية اليماني التي تؤكد على نفس شخصية اليماني بقصد لفت الإنتباه له والدعوة الى نصرته ومؤازرته ، وكانت الإشارة الى هداية رايته والمضامين الأخرى التي تنطوي عليها الرواية من باب تعيين حدود شخصيته .
ويقول:(( ثم لابد من الالتفات إلى أن بعض الروايات وخصوصاً روايات الملاحم إنما تبين أحوال الرجعة وليس أحوال ما قبل الظهور، فمثلاً المهديون الاثنا عشر فإنّ الروايات تعطيهم بعض الأدوار ولكن ليس قبل الظهور بل ولا بعده وإنما في فترة الرجعة فلابد من التمييز بين هذه المراحل وإلا وقعنا في خلط بين بعض العناوين التي لا حجية لها وبين البعض الآخر الذي له نحو من الحجية وبعض الأدوار لكن في مراحل أخرى )) .
أقول : هزلت واستامها كل مفلس ، فرواية الوصية أوضح من الشمس في رابعة النهار في الدلالة على أن المهديين يحكمون بعد الإمام المهدي (ع) وأولهم ( أحمد ) له دور قبل الظهور ( انظر ما تقدم ) ، أما الرجعة فهي بعد نهاية حكم المهديين (ع) ، فالخلط في عقولكم ، ولا أدري هل قوله : إن الملاحم تجري في الرجعة من باب النكتة القبيحة أم إن هوساً استولى على عقله .


رد على المقال التاسع


على الرغم من عدم وجود علاقة بين هذا المقال ودعوة السيد أحمد الحسن وصي ورسول الإمام المهدي (ع) غير أن وجود بعض الأفكار الغريبة فيها حتم النعليق الموجز ، يقول صاحب المقال : (( قد يتوهم البعض أن السفارة والنيابة الخاصة هي مجرد تمثيل وتنويب عن الإمام عليه السلام فينقل السفير عنه ما يسمعه من حديث سماعاً حسياً وينقل الأسئلة والأجوبة الخطية من وإلى الإمام عليه السلام وهكذا المعنى والتصور.
وليس كذلك فإنّ حقيقة السفارة ليس ارتباطاً حسياً وإنما السفارة في الروايات ذكرت باصطلاح ومفهوم خاص وهي النقل بتوسط عالم الملكوت فهي ارتباط ملكوتي روحي غيبي.
وقد ورد في الروايات أن الرسول صلى الله عليه وآله سفير الله تعالى, ونقرأ في بعض الزيارات أن الإمام عليه السلام سفير الله تعالى مثلاً ماورد في زيارة ليلة ويوم المبعث لأمير المؤمنين عليه السلام ( السلام عليك يا خاصة الله وخالصته و... وعيبة علم الله وخازن وسفير الله في خلقه...) .
فالرسول عندما ينقل عن الله تعالى لم يكن ينقل نقلاً حسياً عنه تعالى وإنما بتوسط الملكوت ، فعندما يقول الرسول صلى الله عليه وآله قال جبرائيل عليه السلام عن الله تعالى فليس هو عن سماع بدني وإنما عن طريق الوحي بارتباط روحي ملكوتي غيبي, وهكذا نقل الائمة عليهم السلام عندما يقال إنهم عليهم السلام محدثون ... وهكذا عندما يقال نائب خاص أو سفير عن الإمام المهدي فإنّ ذلك يعني أنه ينقل بتوسط قناة ملكوتية روحية غيبية عن الإمام المهدي عليه السلام, فهذا هو المراد بالسفارة والنيابة الخاصة إذ نجد في زيارة النواب الأربعة هذه العبارة التي رواها الشيخ الطوسي في التهذيب (أشهد أن الله أختصك بنوره حتى عاينت الشخص فأديت عنه وأديت إليه) فهذه المعاينة ليست معاينة بالحس وإنما عاين نور المعصوم بتوسط القلب والروح )) .
أقول:
هذا الكلام ينقصه الدليل وهو أقرب الى التخرصات العقلية ودين الله لا يُصاب بعقول الرجال الناقصة كما ورد عن أهل البيت (ع) .
وأما قياس السفارة عن الإمام المهدي بالنبوة وتلقي الوحي فهو قياس غير صحيح فالفارق بينهما واضح فالله تعالى لا يمكن مشاهدته أو معاينته بالبصر بخلاف الامام المهدي (ع). . وأما قوله : عاينت الشخص فهو ظاهر في الرؤية البصرية الحسية والعدول عن هذا الفهم يحتاج الى الدليل ، فأين الدليل ؟
وأخيراً أقول يبدو أن المركز التخصصي لا يلتفت الى تناقضات المرتزقة الذين يستكتبهم ، فصاحب هذا المقال يقول بالإتصال الملكوتي ويعده حجة وإن صدر من غير المعصوم بزعمهم ، والسفير بالنسبة لهم لا يملك العصمة ، بينما مقالات أخرى ترفض هذا المعنى !! وعلى أية حال فإن الدليل على ان السفارة بالمباشرة هو: هو التواقيع والتوجيهات الصادرة عن الامام المهدي (ع) على أيدي السفراء، فهي كتب بخط الامام المهدي (ع) وبعض الأجوبة كانت تتأخر شهر أو أكثر حتى يتم الجواب عنها، ولم ينقل لنا تاريخ السفراء ما زعمه الكاتب.
نعم لا ننفي وجود اتصال ملكوتي بين السفير والإمام المهدي (ع) والتسديد الغير مباشر أي عن طريق الملكوت وحسب الضرورة، بل ان مطلق الاتصال الملكوتي حاصل حتى لعامة الشيعة المخلصين كالفرح والحزن بدون سبب ظاهر تبعا لفرح وحزن الامام المعصوم (ع) وكالتسديد عن طريق الرؤى الصادقة أو الكشف وما شابه.
ولكن بالنسبة للسفراء فالتوجيهات والأوامر كانوا يتلقونها عن الامام المهدي (ع) بالمباشرة، اللهم إلا نوادر.








رد على المقال العاشر


هذا المقال في حقيقته خطبة للمدعو القبانجي ، يقول فيه : ((عن الهوية من حقنا ان نسأل أيها الإنسان يا -أحمد الحسن- أنت تقول أنا رسول ووصي من الإمام المهدي(ع) وكل الكتب تقول أنت ابن الإمام المهدي ونحن نريد إن نعرفك حتى نسمع لك ونطيعك فأنت مبعوث من إمامنا الأعظم (ع) وأنت أبنه فلا نعصيك ، فتعال لنعرفك ، والآن الناس لا يعرفون إلا شيء الموجود في هذه الكتب ان هناك شخص يقول: إني أنا الوصي والابن والرسول واسمي(احمد الحسن) وأنا اليماني وسعد النجوم وكتاب الله المنزل والوصي والحجة بن الحسن والصراط المستقيم والهادي إلى سواء السبيل، ولكن نريد ان نعرفك ونلتقي بك فهل نستطيع الوصول إليك؟ أو شخص يبلغنا رسالتك هذا غموض وظلام، والإسلام يحذرنا من الظلام ويقول أعملوا بالوضوح فلماذا تعمل أنت بالوضوح وهذا أصل القضية، والناس من حقهم ان يسألوا فلا يستطيعوا ان يطيعوا شخصاً لا يعرفون أبوه أو عشيرته ولم يروه ولا وكالة لديه ...الخ.
ثم لنسمع أولئك الذين آمنوا به أيضاً لم يروه وسمعت بعض الردود وأتضح لي شيء من خلال كتبهم ان هذا الرجل ان في النجف الأشرف أيام نظام صدام ودرس في النجف سنة أو سنتين وكان اسمه (الشيخ أحمد بن إسماعيل السلمي) البصراوي وأصدقائه الذين آمنوا برسالته وكان أحد أصحابه يعتبر نفسه وزيراً له وهو الشيخ حيدر المشتت وكتب رسالة على أدلة ان أحمد هو وصي الإمام صاحب الزمان ويعطي(12) دليل ولو قرأتها لاستأنست لأن جميعها رؤى ومنامات وهذا الإنسان الذي يضع نفسه وزيراً لأحد الحسن ورسالتهم نشروها، وبعد سنة ونصف خرج عليه وكتب ان اسمه الشيح أحمد أبوك إسماعيل ومن بيت السلمي وهذه المعلومات لنقل إنها صحيحة أو غير صحيحة أعطنا المعلومة الصحيحة، وأنك الابن الأول أو من أحفاده وبعدئذ قلت إنني من أحفاده إذن أين آبائك نريد معرفتهم ونراجعهم ونسألهم ونتوسط بهم إليك من هم أعمامك وأخوالك وإذا كنت ابن صاحب الزمان أين البقية ولا أريد التشكيك وإنما بصدد النقد العلمي ، القرآن يقول(( وَلاَ تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ)) هذه القضية بالنسبة لنا غير معلومة إذا كانت ظنون لا يحق لنا إتباعك وإذا كانت علماً أعطنا هذا العلم، ثم أنت في النجف الأشرف شيخ ولست سيداً من ذرية رسول الله(ص) والكل طلاب علوم دينية ونقدرهم ولكن أنت تسمى الشيخ أحمد وأصدقاؤك يعرفونك باسم الشيخ أحمد بن إسماعيل فمن أين جاءت تسمية (الحسن) هل هو لقبك أو اسم والدك ولا ترضى ان نقول (ابن الحسن) لأنه يكون هناك خلاف عددي والآيات القرآنية لا تدل عليه والقضية إنها الآمن لا تزال في المجاهيل))
وكما تلاحظون الخطبة مكتوبة بنفس ساخر ، كما هو شأن المستكبرين الذين ديدنهم السخرية من عباد الله الصالحين ( سخر الله منهم ) ، ولعل أكثر ما فيه قد تم الجواب عليه في الردود المتقدمة ، ولكن المركز التخصصي على ما يبدو يتبع منهج ( أكثروا من الكتابة حتى وإن تشابهت ، فالكثرة تأتي بالأصوات الكثيرة ، وكأن الأمر انتخابات ) .
أقول وعلى القبانجي أن يتقي الله فالسيد أحمد الحسن وصي ورسول الإمام المهدي لم يقل يوماً إنه كتاب الله المنزل ، بل قالها أصنامكم حين رفضوا القرآن وشرعوا لأنفسهم ولكم بدعة الإنتخابات .
أقول والحمد لله ها أنتم تقرون بأنكم تعرفون السيد وقد كان في الحوزة ، ولم يكن في الهند يتعلم السحر بأمر من صدام ، أخزاكم الله من كاذبين لا تتورعون .
أما عن قراءة القبانجي لكتب الدعوة فلا دليل عليه لأن أكثر ما يظنها إشكالات جوابها موجود في كتب الدعوة ، فليقرأ الكتب جيداً إن كان قد قرأها أصلاً . وأما استهزاؤه بالرؤيا فهو استهزاء بالغيب وبملكوت الله ، وليعلم أن بعض الأنبياء كانت كل نبواتهم رؤى ، أ بآيات الله يستهزأ القبانجي ، ولا يهزأ بالدستور الذي وضعته لهم أمريكا ؟
ويقول : ((
1- دعوة الناس للارتباط به فقط وقطع الارتباط من كل الفقهاء الآخرين لأنهم منحرفون فسقة خونة، نحن نقول لو كانت المسألة فيزيائية، أو كيميائية ممكن يقول قائل ماذا تفعلون بالأشخاص وخذوا فكراً، لا بل لو كانت القضية فكراً ليست مشكلة وقد وزعوا كتباً ورأيناها وغير ممنوعة، بل القضية الارتباط بشخص يقول أنا إمام وواجب الطاعة وجميع من لا يطيعني يدخل جهنم إذن الارتباط بك ليست مسألة ارتباط بنظرية وتقول أتبعوا هذه النظرية الفلسفية كي نعرف هذا الفيلسوف أو لا نعرفه، بل هنا مسألة ميدانية قيادية تقول محورها الارتباط به وقطع العلاقة مع جميع الفقهاء في الإسلام السنة والشيعة بل والقول ان أولئك خونة وفسقة وعلماء سوء وعلماء شيطان .

أقول: مر جوابه فيما تقدم ، أما قوله إن الفقهاء ( أي فقهاء آخر الزمان ) فسقة وخونة فهذا هو قول رسول الله فيهم ، والواقع يشهد عليه ، وحري بك أن تراجع أحاديث أهل البيت بهذا الشأن قبل أن تتنطع بكلمات لا تؤمن بها أكيداً . ويقول : (( هذه المقولة جميع الكتب التي لديهم لا تحارب شيئاً لا يهودية ولا نصرانية ولا صدام ولا أمريكا بمقدار ما تركز على قضية العلماء ان الخطر من هؤلاء الكل بدون استثناء، وفي بعض النصوص يقول العلماء الغير عاملين وفي البعض يقول الكل)) .

أقول أولاً نحن لم نأتي لحرب أحد ولذلك كانت دعوتنا على الدوام تقوم على الدليل والحجة ، وكان تركيزنا على الشيعة لأن المشتركات بيننا أكثر ، على الرغم من إننا لا نهمل الديانات والمذاهب المختلفة فدعوة الإمام المهدي (ع) دعوة عالمية ، أما فضحنا لفقهاء السوء فلأنهم – كما تفعل الآن – استخفوا الناس وأخرجوهم من دين الحق باتباعهم الدجال الأكبر ، فلأجل دين الناس نحاول فضح من يغش الناس . أما قولك إننا لم نحارب أمريكا فنحن وحدنا لم نرتض دين أمريكا ، بينما فقهاء السوء الخونة مثلك ومثل أسيادك السيستاني والحكيم قد وضعوا أيديهما بيد بوش وبريمر ، وارتضوا دين الديمقراطية الجديد . أما صدام فالسيد أحمد هو الوحيد الذي انتفض على تنجيسه للقرآن بدمه بينما لاذ الخونة الجبناء من فقهاء السوء بالصمت المخجل وارتضوا الذل والمهانة كما هي عادتهم، قبحك الله أ نحن من لم يحارب صدام أم سيستانيكم ؟
ويقول : (( والمقولة الثانية: ضلال الشيعة وعموم المسلمين، وان كلهم من أهل جهنم إلا مجموعة ارتبطت به فقط يقول: إلا تعتقدون ان الإمام هو الصراط المستقيم وان من لا يطيعه يدخل جهنم صحيح يقول إذن كل الشيعة يدخلون جهنم، لماذا لأنه هو الإمام ولا نطيعه، ولكن أثبت لنا إنك الإمام كي نعرفك وهو يستشهد عن ذلك بآيات وروايات وهي عامة ولكنه يطبقها على نفسه وهي نازلة في رسول الله(ص) أو الإمام علي(ع)، وفي كتابه(أنصار المهدي العدد 43 صفحة15) ان الناس بصورة عامة والشيعة بصورة خاصة استحقوا النار فارقوا منهج أهل البيت(ع)، ثم يقول فمعشر الشيعة سوف يمحصوا بإمام زمانهم-ويقصد نفسه- ويفارقوا المسير ويستبدلوا بقوم آخرين )) .
وجوابه: إن السيد أحمد يقول: إن الإمام هو الإمام المهدي محمد بن الحسن (ع) وإنه مرسل منه ومن ينكر الرسول ينكر المرسل حتماً ، والمنكر للإمام خارج من رحمة الله بالتأكيد ويستحق جهنم وبئس المصير هذا هو ديننا أما دين السيستاني والحكيم وأمريكا فلا شأن لنا به . وأنت لو كنت تملك ذرة من التقوى لاستعرضت أدلتنا على مستمعيك عسى أن يميزوا الناقة من الجمل .
ويقول : (( المقولة الثالثة: وكذلك بطلان وكفر العملية الانتخابية في نظرهم والتي قادتها المرجعية الدينية والشعب العراقي وان هذا هو الضلال بعينه وممكن ان نقول ان هذا خطأ ونناقشه سياسياً، ولكنه يقول إنها عملية ضالة وليست من منهج أهل البيت(ع) وان هذا خلاف القرآن الكريم وهو منهج مذاهب أخرى وليس منهجنا وهو يقول إن المنهج هو حاكمية الله على الأرض، وكيف نرتبط بالله يقول ارتبطوا بي أنا رسول رسول الله ، وهذا يعني نصب الناس وهذا خلاف منهج أهل البيت(ع) وان الانتخابات طريقة غربية. والجواب على ذلك قد الإنسان البسيط يقول هذا كلام صحيح حاكمية الله وهؤلاء حاكمية الناس يا أخوة نحن حينما دعونا إلى انتخابات أيضاً دعونا إلى حاكمية الله والقرآن والسنة والذي ننتخبه هو عضو برلمان ولم ننتخب إماماً معصوما ولا حجة الله على الأرض، وانتخبنا مجلس محافظة نقول له عمر لنا المدينة فقط كما تنتخب أنت مقاول من المقاولين هل هذا ضلال عن دين الله تعالى ثم أنت تقول ان هؤلاء المراجع هم دعوا إلى هذا السلك الشيطاني، وأنت في كتابك تقدر الإمام الخميني وتعتبره مرجع عامل وإيران أول دولة إسلامية في الانتخابات ولديهم ثمانية انتخابات رئاسة جمهورية ولديهم مئات الانتخابات لمجالس البلدية وأربع انتخابات لمجلس الخبراء، وأنت تعتقد بالإمام الخميني فهل سار هو على منهج السنة والإمام الخميني لم يدع إلى انتخاب إمام بل رئيس جمهورية وأعضاء برلمان، هذا خلط وضحك على الناس، نحن نعتقد ان الإمام بالنص وليس بالانتخابات ولا نعتقد ان الوزير بالنص ولا عندما ننتخب إننا ننتخب معصوما )) .

هذا الكلام فيه الكثير من المغالطة والتضليل ، فالإنتخابات تعني تحكيم آراء الناس وهي بخلاف حاكمية الله و

البعيد
06-22-2008, 06:32 PM
(يتبع)

هذا الكلام فيه الكثير من المغالطة والتضليل ، فالإنتخابات تعني تحكيم آراء الناس وهي بخلاف حاكمية الله وحاكمية الله تعني الإرتباط بمن نصبه الله ، أي الأوصياء المنصوص عليهم والسيد أحمد الحسن منصوص عليه في وصية رسول الله (ص) فإذا أردت مناقشة قضيته عليك قبول وصية رسول الله ، أو رفضها كما فعل عمر لعنه الله لا أن تنشر الأكاذيب فمتى قال السيد أحمد (ع) إنه رسول رسول الله ؟
أما قولك إنكم دعوتم الى حاكمية الله فهو قول يضحك الثكلى فهل دعوتم الى الإمام المهدي وهل دعوتم الى تطبيق القرآن وشريعة سيد المرسلين أم اخترتم دستوراً أمريكاً ؟؟؟يؤمن بمبادئ الليبرالية والعلمانية ؟ والله لا أدري أيها الناس حتى متى يستحمركم أمثال هذا المفتري ؟
قال رسول الله (ص) محذراً من الإنتخابات التي دعاكم لها السيستاني وإضرابه من فقهاء السوء الخونة : (( الويل الويل لأمتي من الشورى الكبرى والصغرى ، فسئل عنهما فقال : أما الشورى الكبرى فتنعقد في بلدتي بعد وفاتي لغصب حق أخي وابن عمي ... وأما الشورى الصغرى فتنعقد في مدينة الزوراء في الغيبة الكبرى لتغيير سنتي وتبديل أحكامي )) [مئتان وخمسون علامة : للطبطبائي ] وهاهم فقهاء السوء قد عقدوا شورى الزوراء وبدلوا أحكام الله ورسوله ، بينما يقول هذا المعتوه إنهم دعوا الى حاكمية الله . أما الوزراء وغيرهم فينصبهم الحاكم ، ثم إنهم قد انتخبوا الحاكم والرئيس وليس الوزير والمحتفظ كما يكذب جهاراً نهاراً .
أما قوله : (( وأنت تعتقد بالإمام الخميني )) فهذا الكلام غامض والسيد (ع) يقول عن الخميني والصدرين إنهم لديهم شئ من الحق فقط ، فليس كل ما يصدر عنهم صحيحاً .
ويقول : (( أما المنهج الطريف الذي يستدل به هؤلاء يقول أيها الناس أن جميع ما تستدلون به على ولاية علي(ع) هو يدل عليّ!! كيف يقول القرآن الناطق تحاججوا به يدل علي، يقول في أحد كتبه قوله تعالى : (( وَلَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنَا لِعِبَادِنَا الْمُرْسَلِينَ ))171(( إِنَّهُمْ لَهُمُ الْمَنصُورُونَ ))172(( وَإِنَّ جُندَنَا لَهُمُ الْغَالِبُونَ)) كيف ان المقصود بها هو أحمد الحسن يقول أحسب احمد الحسن ستجده يساوي ((وَإِنَّ جُندَنَا لَهُمُ الْغَالِبُونَ)) وكلاهما يساوي رقم(40) بحساب الجمل والأرقام إذن جندنا الغالبون هم احمد الحسن أي ان نصر الله ونصر الإمام المهدي لا يتحقق إلا بمجيء هذا الشخص إلى العالم الجسماني...ألخ
ويقول كذلك في الآية الثانية (( أَنَّى لَهُمُ الذِّكْرَى وَقَدْ جَاءهُمْ رَسُولٌ مُّبِينٌ)) يقول أنه أنا كيف؟ يقول إلا تقرأوا القرآن فأنه يدل علي، كيف تدل عليك مجرد آية قرآنية يقول فمن هو هذا الرسول الذي يرسل بين يدي العذاب؟ ثم يقول إلا ترون هذا العذاب القتال والفيضانات والزلازل والحروب هذا عذاب والقرآن يقول عذاب بلا رسول لا يحدث إذن أنا الرسول لأن العذاب ينزل بسبب تكذيب الناس لهذا الرسول وكلمة رسول مبين لم تأت في القرآن إلا مرة واحدة وأحسب أحمد الحسن ستجده رسول مبين بحساب الأرقام والجمل فتبين لك ان أحمد الحسن هو الرسول المبين المذكور في سورة الدخان.
وهكذا فهو يستدل بأدلة كنت أرفع نفسي عن قراءتها مثلا يقول علاماتي الشخصية الواردة في الروايات والعلامات المحددة للشخصية من جملة تلك العلامات ان الإمام المهدي يناقش بالقرآن وأنا أناقش بالقرآن والعلامة الأخرى ان اليماني يخرج من البصرة وأنا بصراوي وهكذا يذكر خمسة علامات لليماني، ويستعرض بعد ذلك(11) دليل ومنها يقول الرؤى التي أراها في المنام وفلان امرأة رأت فلان عالم هكذا قال لها والثالث إنني أشعر ان عندي علوم لا توجد عند غيري وغيرها الكثير وقس على هذا، فهل تريد ان تربط جمهور الأمة بك بهذه الإدعاءات والرؤى والمنامات وعدم معرفة الشخصية والناس اليوم غير مستعدين ان يتعاملوا مع طبيب وهم لا يعرفوه أو مقاول، ونحن على ثقة بأن أمتنا تملك وضوحا كافيا وأهل البيت أعطونا منهجاً في الأرتباط بعلمائنا وفقهاءاً (من كان من الفقهاء صائنا لنفسه حافظا لدينه مخالفا لهواه مطيعاً لأمر مولاه) هذا الذي نرتبط به فللعوام ان يقلدوه والحمد لله هذه زوبعة انتهت وهي بالمجمل بخيرنا إنشاء الله ولابد من ظهور هذه الفقاعات اليوم يوم انتصار أهل البيت وشيعة العراق استغفر الله ربي وأتوب إليه )) .

أقول: السيد أحمد (ع) يقول دائماً هناك قانون عام يُعرف به حجة الله في كل زمان وهذا القانون بينته روايات أهل البيت (ع) ، وقد وضعناه للقارئ في مقدمة هذا الرد ، وبهذا القانون يُعرف رسول الله (ص) ويُعرف علي (ع) وبه أيضاً حاولوا معرفة وصي ورسول الإمام المهدي ، هذا ما يقوله وقد أنصفكم تماماً فلماذا هذا الإفتراء عليه وتوزيع النكات السمجة ، أما الأدلة التي عرضها السيد أحمد (ع) فكانت الموضوعية تقتضي من القبانجي أن يستعرضها كما هي دون تحريف ، ولكن أنى له ذلك وهو المرتزق المعتاش على أموال الخمس المسروقة . أما فقهاؤكم فمن منهم صائناً لنفسه مطيعاً لأمر مولاه ؟ بل كلهم خونة بالدليل الشرعي والواقعي ، ثم إن الفقيه الورع أيضاً تنتفي زعامته - أنتم جعلتموها زعامة – عند حضور النائب الخاص فكيف إذا حضر القائم نفسه ؟ أما حديثك عن الفقاعات فكأنك تتحدث عن نفسك وعن أسيادك ( موعدهم الصبح أ ليس الصبح بقريب ) .









رد على المقال الحادي عشر

يقول صاحب المقال : (( رغم وجود افراد و مسارات منحرفة وخطوط تدعو إلى الانحراف من بداية المسيرة الإسلامية في طريق هداية البشرية جمعاء إلى صراط الله المستقيم إلا أن خط الهداية النير والواضح شق هذه الظلمة وبددها على طول الخط فملاحظة سريعة لمجريات الأحداث سواء ما كان في زمن الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) أو في زمن الأئمة (عليهم السلام) يجد المتتبع أن هناك خطوطاً تخرج لتحرف الأمة عن مسارها بين الفينة والأخرى وهذه الخطوط الانحرافية تتقمص عادة لباس الدين وتتدرع بهدف حماية الدين والحفاظ عليه بل اننا نجد في بعض الاحيان أن هؤلاء الذين يمثلون النموذج الانحرافي هم أصحاب مكانة علمية مرموقة كأحد ابن هلال العبرتائي أو الشلمغاني أو غيرهم ممن شهدت لهم المسيرة التاريخية بالانحراف حتى مع كونهم أصحاب مرتبة علمية كبيرة، وهذا ليس بمستغرب على من يعيش الاجواء القرآنية التي تعكس لنا صوراً من انحراف أشخاصٍ كانت لديهم آيات الله كما عبر القرآن الكريم عن ابن باعورا بقوله تعالى: ((وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِيَ آتَيْنَاهُ آيَاتِنَا فَانسَلَخَ مِنْهَا فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطَانُ فَكَانَ مِنَ الْغَاوِينَ، وَلَوْ شِئْنَا لَرَفَعْنَاهُ بِهَا وَلَـكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى الأَرْضِ وَاتَّبَعَ هَوَاهُ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ إِن تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَث ذَّلِكَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا فَاقْصُصِ الْقَصَصَ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ)) فان هذا النموذج الانحرافي الذي شهد له القرآن بانه كان ممن أوتي آيات الله أيام استقامته إلا انه انسلخ من هذه الآيات وكان من الغاوين، وذلك لأنه اتبع هواه فصار مثله كمثل الكلب ))
أقول: هذه نصيحة جيدة لمقلدي فقهاء آخر الزمان فاعرضوا تصرفات وسلوك مراجعكم على القرآن وحديث أهل البيت (ع) لتكتشفوا إنحرافاتهم الخطيرة .
ويقول : (( إلا اننا نريد أن نؤكد أنه على الرغم من وجود فئات منحرفة على طول خط الهداية سواء كانت هذه الفئات التي تمثل هذا الخط المنحرف تتشكل بأفراد أو جماعات إلا أن خط الاستقامة وخط الهداية والنور بيّن وواضح، لذلك نجد أن وجدان الانسان بشكل عام يتجه صوب هذا الطريق المستقيم ويكون طالباً له ويرغب في أن يكون سالكاً ويرغب أن يكون ممن يسلكه إلا أن المنافع والمصالح الآنية التي بتوهمه أنها أهم تدعوه إلى الانحراف والانحياد عن طريق الهداية، هذا ما تؤكده وجدانيات الانسان بشكل عام، ولنا في قول الله تعالى: ((وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنفُسُهُمْ ظُلْمًا وَعُلُوًّا فَانظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ)) شاهد على أن المعتقدات الحقة التي تمثل ركائز طريق الهداية والاستقامة حتى وإن استيقن بها الانسان إلا أنه في بعض الاحيان يجحد بها ويكون ظالماً لنفسه بسبب هذا الجحود وخروجه عن طريق الهداية إلى طريق الانحراف وأكدت جملة من الروايات التي رويت عن أهل البيت (عليهم السلام) هذا المعنى فمما جاء في كتاب الكافي للشيخ الكليني عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: إياكم والتنويه أما والله ليغيبنّ إمامكم سنيناً من دهركم ولتمحصن حتى يقال مات, قتل, هلك, بأي وادٍ سلك، ولتدمعنّ عليه عيون المؤمنين، ولتكفأن كما تكفأ السفن في أمواج البحر فلا ينجو إلا من أخذ الله ميثاقه وكتب في قلبه الايمان وأيده بروح منه، ولترفع اثنتا عشرة رايةً مشتبهةً, لا يدرى أي من أي, قال: فبكيت ثم قلت: فكيف نصنع؟ قال: فنظر إلى شمس داخلة في الصفة فقال: يا أبا عبد الله ترى هذه الشمس قلت: نعم, فقال: والله لأمرنا أبين من هذه الشمس.
هذا الحديث الذي يجسد لنا الواقع الذي نعيشه في أيامنا المعاصرة يؤكد على أنه رغم وجود رايات كثيرة مشتبهةً ومتشابه وكل هذه الرايات رايات ضلال وانحراف وتمثل طريق الظلام إلا ان هناك راية واحدة مستقيمة تمثل خط الهداية والوضوح، وهذه الراية في ضمن هذا المعترك والتشابه حالها أبين من الشمس، فكيف مع هذا الوضوح الذي يفوق وضوح الشمس وبيانها يدعى أن أمر أهل البيت (عليهم السلام) امراً خافياً وأمراً ضبابياً وغير واضح المعالم مع ان رواياتهم عليهم السلام تؤكد وضوحه بل إنه أوضح من الشمس كما في النص )) .
أقول: ونحن نشاركه هذا القول ونضيف على الناس فقط أن يعرفوا صاحب راية الحق من خلال دليله الشرعي ، وهذه دعوة نوجهها للجميع للإطلاع على إصدارات أنصار الإمام المهدي (ع) لمعرفة حجتهم ودليلهم وعدم الإكتفاء بسماعها من المغرضين . بقي أن أنبه على الروايات التي تنص على ان أمر الامام يظهر في شبهة لكي يستبين وغيرها وروايات الغربلة والتمحيص والتي لا تبقي من الشيعة إلا كالكحل في العين أو الملح في الطعام والروايات التي تنص على ان راية الامام المهدي (ع) يلعنها من في المشرق والمغرب، لا تستقيم مع قول ان أمر الامام المهدي (ع) أوضح من الشمس لكل الناس ؟؟!! بل المقصود انه كذلك لمن يؤمن بالغيب ويتبع الثقلين القران والسنة، وأما غير هؤلاء فما أشبهه عليهم .
ويقول : (( اذن رغم وجود خطوط وتيارات وجهات تدعو الى الانحراف على مر الازمنة إلا أن خط الاستقامة وطريق الهداية طريق الصراط المستقيم طريق واضح بيّن وبيانه أبين من الشمس, لذلك عندما نقول إن الإمام المهدي (عجل الله تعالى فرجه الشريف) عندما يظهر يكون ظهوره مقروناً بالحجة البالغة والمحجة الواضحة والأدلة الظاهرة محفوفاً بعناية الله سبحانه وتعالى مؤيداً بنصره حتى يكون أمره غير خاف على مؤمن وحتى تكون حجته واضحةً لا يضل معها طالب للحق عن سبيله, فان قولنا هذا لم يأتِ عن فراغ ولم يأتِ لحسابات شخصية، وإنما جاء عن وضوح شكلته جملة من الأدلة التي شكلتها روايات أهل البيت عليهم السلام فلا يتصور البعض إننا ندعي دعاوى عارية عن الدليل والصحة، لذلك فمن استعجل في أمر الإمام المهدي فلا يضلّن إلا نفسه لان الله سبحانه وتعالى لا يعجل بعجلة عباده كما أكدت هذا المعنى نصوص وردت عن أهل البيت عليهم السلام.
فالنتيجة التي نتوخاها مما تقدم من حديث أن لا نستكثر ولا نتهيب وجود أشخاص ينحرفون عن مسير الهداية والاستقامة لان هذه سنة قد جرت في الامم التي سبقتنا بل فيمن هم على ملتنا من اسلافنا الذين سبقونا وقد أكد القرآن الكريم وتبعاً له ما روي عن أهل البيت عليهم السلام ان الكثير من الناس سينقلبون على أعقابهم وسيتبعون سنن المنحرفين إلا من أخذ الله ميثاقه وكتب في قلبه الايمان وأيده بروح منه، فخط الاستقامة والهداية شاخص واضح بين على طول الخط، وهذا ما يؤكده القرآن الكريم في أن حجة الله سبحانه وتعالى بالغة على عباده وانه تعالى يقطع حجة من يدعي التباس الامر عليه لانه كما ذكرنا طريق الهداية والاستقامة والصراط المستقيم طريق واضح بين بل هو اوضح من الشمس )).
وهذا الكلام لا بأس به على الجملة شرط أن يحذر القارئ مما فيه من إيحاء باطن بترك البحث وإنتظار ما تجود به أفواه الفقهاء التي لم تألف النطق ، بل لا بد من البحث في أدلة الدعوات لتمييز الحق من الباطل ، فقد ورد عنهم (ع) : إن أمرنا بغتة .








رد على المقال الثاني عشر

يقول صاحب المقال : (( قيام الضرورة عند الطائفة الحقة على انقطاع النيابة والسفارة والتمثيل في نقل الأحكام الشرعية عن الإمام المهدي مباشرة إلى الناس مما لاشك فيه , وهذه الضرورة تصاغ في كثير من الأحيان كدليل مستقل على انقطاع النيابة وتصاغ في أحيان أخرى كشاهد يقوي الأدلة التي ذكرت في مقام الاستدلال على انقطاع النيابة ومنها توقيع السمري )) .
ويقول :
(( فالتفصيل في ذكر أن للإمام المهدي عليه السلام غيبتين يستدعي أن تكون هناك خصوصية, وليست هي إلا انعدام التمثيل المباشر عن الإمام المهدي عجل الله تعالى فرجه الشريف .
وجوابه :
ومن الادلة الاخرى التي تصاغ على لسان العلماء في إبطال ادعاء النيابة الخاصة عنه عجل الله تعالى فرجه الشريف عدم انعكاس (فيما لو كانت النيابة الخاصة في الغيبة الكبرى ممكنة) ذلك إلينا بأدلة عن أهل البيت عليهم السلام وهو بحد ذاته يشكل دليلاً على انقطاع النيابة والسفارة الخاصة عنه عجل الله تعالى فرجه الشريف.
ونحن سوف نحاول في جولات لاحقة أن نسلط الضوء ونتحدث في الادلة التي ذكرت سواءً على لسان روايات اهل البيت عليهم السلام مباشرةً أو على لسان العلماء فيما استفادوه من سيرة اهل البيت وألسنة رواياتهم عليهم السلام.
إلا إننا وفي هذا القول نريد أن نتحدث عن دليل الضرورة القائم على انقطاع النيابة عن الإمام عجل الله تعالى فرجه الشريف وهذا الدليل له صياغات متعددة ونحاول أن نصيغ هذا الدليل بصياغة تتناسب واذواق جمهور الشيعة حتى نستفيد من هذا الدليل في دحض دعوى من يدعي الارتباط المباشر بالإمام المهدي عجل الله تعالى فرجه الشريف من ثم التمثيل عنه للناس.
لابد لنا أن نذكر ابتداءً أن فقهائنا المتقدمين قد كفروا من ادعى السفارة والنيابة الخاصة كما ذكر ذلك الشيخ الطوسي حاكياً فتوى بن قولويه في صفحة 421 تحت الرقم 385 وهذا نص ابن قولويه صاحب كتاب كامل الزيارات المتوفى سنة 368 هـ اخذنا منه محل الشاهد (قال: لان عندنا إن كل من ادعى الامر بعد السمري رحمه الله فهو كافر منمس ضال مضل) وينبغي الاشارة هنا إلى ان الكفر المراد به في كلام بن قولويه رحمه الله هو المقابل للإيمان لا المقابل للاسلام لدخوله في مطويات بحث الإمامة.
نعود إلى تقرير دليل الضرورة القائم عند الطائفة الحقة على انقطاع النيابة الخاصة عن الإمام المهدي عجل الله تعالى فرجه الشريف.
إن اتفاق الفقهاء المأمونين على الدين يشكل بحد ذاته وضوحاً على موضوع الاتفاق وهو انقطاع النيابة الخاصة عن الإمام المهدي عجل الله تعالى فرجه الشريف فان هؤلاء الفقهاء سواء من كان منهم عاصر اواخر الغيبة الصغرى أو من كان في بدايات الغيبة الكبرى والذين لا نشك في تدينهم بل ان اغلب ما ورد الينا عن اهل البيت عليهم السلام هو عن طريق مجموعة محدودة من هؤلاء الفقهاء فالتشكيك في وثاقة هؤلاء ينعكس سلباً على موروثنا الديني وهذا مما لا يمكن التمسك به فضلاً عن أن وثاقتهم وتدينهم وعدالتهم وتورعهم قد وصل الينا على مستويات عدة سواء منها ما كان على نحو التوثيق في كتب التراجم أو ما كان منها على نحو الوضوح الذي يعد بحد ذاته دليلاً على موضوع بل ان دليليته تشكل عنصراً أوسع من أي دليل آخر يقام على اثبات الموضوع وهو توثيق هؤلاء الثلة من العلماء والذين نقصد بهم من عاصروا أواخر الغيبة الصغرى ومن كانوا في أوائل وبدايات الغيبة الكبرى.
إن اتفاق هؤلاء العلماء وانعكاس هذا الاتفاق سواءً على مستوى الفتوى أو على مستوى تقرير من أفتى, اتفاقهم على انقطاع الغيبة الصغرى وذلك بانقطاع النيابة الخاصة والتمثيل المباشر للإمام المهدي عجل الله تعالى فرجه الشريف يشكل وضوحاً على بطلان من يدعي السفارة والنيابة الخاصة عن الإمام المهدي عجل الله تعالى فرجه الشريف فضلاً عن من يدعي اطاراً اوسع من ذلك.
ويمكن ان نقرب هذا الدليل بصياغات اخرى كما اشرنا ولنأخذ تقريباً من هذه التقريبات.
فانه ينبغي منا ان نسأل ممن يدعي التمثيل المباشر والنيابة الخاصة عن الإمام المهدي عجل الله تعالى فرجه الشريف فنقول:
إما أن من يدعي السفارة والنيابة الخاصة ، يقول بانقطاعها (أي السفارة الخاصة) أو لا يقول بانقطاعه ا، فان كان ممن لا يقول بانقطاعها فيجب عليه أن يذكر لنا أسماء السفراء عن الإمام المهدي من السفير الرابع إلى أن تمثلت السفارة بشخصه.
وإما إن كان يقول بانقطاعها بعد السفير الرابع ثم ابتدأت السفارة به مباشرةً فان هذا الشخص يبطل مضمون دعواه بنفسه إذ يدعي أن السفارة قد انقطعت بعد السفير الرابع وهذا ما نريد أن نثبته نحن فانه بمجرد أن يعترف هذا القائل بان السفارة الخاصة عن الإمام المهدي قد انقطعت نلزمه بهذا الاعتراف ثم نبتدئ الكلام معه مجدداً في أن يثبت لنا سفارته الخاصة عن الإمام المهدي بعد اعترافه مسبقاً بانقطاعها وحيث انه قد اعترف بانقطاعها وهذا يشكل دليلاً بحد ذاته عليه فلابد عليه أن يقدم لنا عندما يريد أن يدعي انه سفير عن الإمام المهدي دليلاً بأحد وجوه ثلاثة على نيابته الخاصة عن الإمام المهدي وهو:
إما أن يأتي لنا بنص صريح يعين فيه الإمام المهدي بهذا الشخص باسمه نائباً عنه, وحيث انه لم يرد في كتب أتباع أهل البيت التي رووا فيها ما ورد عن اهل البيت عليهم السلام ومنهم الإمام المهدي عجل الله تعالى فرجه الشريف من قبيل هذا النص فانه لا سبيل لصاحب هذه الدعوى أن يقيم دليلاً عليها من هذه الجهة.
وإما أن ينص عليه أحد السفراء المتقدمين والذين كانت سفارتهم الخاصة في زمن الغيبة الصغرى كما هو المتعارف بين السفراء ان ينص كل سفير سابق على السفير اللاحق بأمر من الإمام كما هو حال هذا النص الذي روي عن جعفر بن أحمد بن متيل إذ قال (لما حضرت أبا جعفر بن عثمان العمري رضي الله عنه الوفاة كنت جالساً عند رأسه, اسأله وأحدثه, وأبو القاسم بن روح عند رجليه، فالتفت الي ثم قال:
أمرت أن اوصي إلى أبي القاسم الحسين بن روح) فان هذا النص قد روي عن السفراء وهو يبين كيفية تعيين السفير اللاحق من قبل السفير السابق, وحيث أنه لا سبيل إلى من يدعي السفارة الخاصة والتمثيل المباشر عن الإمام المهدي عجل الله تعالى فرجه الشريف بدليل من هذا القبيل فلابد له أن يأتينا بدليل على النحو الثالث وهو:
أن يقيم لنا معجزة (ولا نقصد بالمعجزة ها هنا المعجزة بمعناها الاصطلاحي) يثبت من خلالها انه ممثل تمثيلاً مباشراً عن الإمام المهدي وهذا ما لم نجده عن كل من ادعى السفارة أو التمثيل المباشر عن الإمام المهدي .
بل ان الذي وجدناه من خلال تتبعنا لما يعرضه أدعياء السفارة والمهدوية انهم يدعون هذه الدعوى دون أن يقيموا عليها دليلاً واضحاً بيناً حتى يذعن لهم الآخرون ويصدقوا به.
هذا كله اذا قلنا إن هناك إمكانية لقبول دعوى من يدعي السفارة قبل الصيحة, وهذا محل كلام طويل سوف نأتي عليه لاحقاً إن شاء الله سبحانه وتعالى في بيان دليل آخر من أدلة انقطاع النيابة والسفارة الخاصة عن الإمام المهدي عجل الله تعالى فرجه الشريف.
نهيب بإخوتنا المؤمنين حفظهم الله تعالى أن لا يكونوا ممن يصدق عليهم عنوان سرعة الاسترسال فان سرعة الاسترسال عثرة لا تقال فأي شخص يدعي دعوى كبيرة لابد أن تقرن هذه الدعوى بدليل يناسب حجمها من حيث دليلية الدليل على الدعوة ومن حيث وضوح الدليل في اثبات ما يدعيه هذا المدعي, فيجب على الاخوة المؤمنين أن يتأنوا وأن يتعاملوا بحذر وتثبت شديدين فيما يخص قضية ادعاء السفارة التي كثرت في الآونة الاخيرة ادعيائها وسوف نتناول بمن الله وقوته ان شاء الله ما هي بواعث إيجاد أفراد من هذا القبيل وما هي البيئة التي ينمو فيها أمثال هؤلاء )) .

أقول :
- اين هي اراء العلماء في ذلك حتى تدعي قيام الضرورة، نعم قامت الضرورة على أن آخر سفير منصب في الغيبة الصغرى هو علي بن محمد السمري، ولكن انقطاع السفارة للابد لا يوجد عليه دليل ولا ضرورة في ثبوته، بل حتى آراء العلماء في ذلك تكاد تكون معدومة ان لم تكن معدومة فعلا، فالى متى تبقون تضحكون على الناس بكلام فارغ عن الدليل ؟؟؟!!!
2- لايمكن لأحد الاستدلال بتوقيع السمري لعدم دلالته على ذلك وقد فصل الانصار القول فيه في كتاب ( الرد القاصم على منكري رؤية القائم )، واليكم اختلاف اراء العلماء فيه ليتضح انهم لم يتفقوا على رأي واحد:
قال الميرزا النوري في جنة المأوى ما يلي:
( روى الشيخ الطوسي في كتاب الغيبة عن الحسن بن أحمد المكتب والطبرسي في الاحتجاج مرسلا أنه خرج التوقيع إلى أبي الحسن السمري : يا علي بن محمد السمري اسمع أعظم الله أجر إخوانك فيك ، فانك ميت ما بينك وما بين ستة أيام ، فاجمع أمرك ، ولا توص إلى أحد يقوم مقامك بعد وفاتك ، فقد وقعت الغيبة التامة ، فلا ظهور إلا بعد إذن الله تعالى ذكره ، وذلك بعد الأمد ، وقسوة القلوب وامتلاء الأرض جورا ، وسيأتي من شيعتي من يدعي المشاهدة ألا فمن ادعى المشاهدة قبل خروج السفياني والصيحة ، فهو كذاب مفتر ، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم .
وهذا الخبر بظاهره ينافي الحكايات السابقة وغيرها مما هو مذكور في البحار والجواب عنه من وجوه :
الاول : أنه خبر واحد مرسل ، غير موجب علما ، فلا يعارض تلك الوقائع والقصص التي يحصل القطع عن مجموعها بل ومن بعضها المتضمن لكرامات ومفاخر لا يمكن صدورها من غيره عليه السلام ، فكيف يجوز الاعراض عنها لوجود خبر ضعيف لم يعمل به ناقله ، وهو الشيخ في الكتاب المذكور كما يأتي كلامه فيه ، فكيف بغيره والعلماء الأعلام تلقوها بالقبول ، وذكروها في زبرهم وتصانيفهم ، معولين عليها معتنين بها .
الثاني : ما ذكره في البحار بعد ذكر الخبر المزبور ما لفظه : لعله محمول على من يدعي المشاهدة مع النيابة ، وإيصال الأخبار من جانبه إلى الشيعة على مثال السفراء لئلا ينافي الأخبار التي مضت وسيأتي فيمن رآه عليه السلام والله يعلم .
الثالث : ما يظهر من قصة الجزيرة الخضراء ، قال الشيخ الفاضل علي بن فاضل المازندراني : فقلت للسيد شمس الدين محمد وهو العقب السادس من أولاده عليه السلام : يا سيدي قد روينا عن مشايخنا أحاديث رويت عن صاحب الأمر عليه السلام أنه قال : لما امر بالغيبة الكبرى : من رآني بعد غيبتي فقد كذب ، فكيف فيكم من يراه ؟ فقال : صدقت إنه عليه السلام إنما قال ذلك في ذلك الزمان لكثرة أعدائه من أهل بيته ، وغيرهم من فراعنة بني العباس ، حتى أن الشيعة يمنع بعضها بعضا عن التحدث بذكره ، وفي هذا الزمان تطاولت المدة وأيس منه الأعداء ، وبلادنا نائية عنهم ، وعن ظلمهم وعنائهم ، الحكاية . وهذا الوجه كما ترى يجري في كثير من بلاد أوليائه عليهم السلام .
الرابع : ما ذكره العلامة الطباطبائي في رجاله في ترجمة الشيخ المفيد بعد ذكر التوقيعات المشهورة الصادرة منه عليه السلام في حقه ما لفظه : وقد يشكل أمر هذا التوقيع بوقوعه في الغيبة الكبرى ، مع جهالة المبلغ ، ودعواه المشاهدة المنافية بعد الغيبة الصغرى ، ويمكن دفعه باحتمال حصول العلم بمقتضى القرائن ، واشتمال التوقيع على الملاحم والإخبار عن الغيب الذي لا يطلع عليه إلا الله وأولياؤه باظهاره لهم ، وأن المشاهدة المنفية أن يشاهد الامام عليه السلام ويعلم أنه الحجة عليه السلام حال مشاهدته له ، ولم يعلم من المبلغ ادعاؤه لذلك . وقال رحمه الله في فوائده في مسألة الاجماع بعد اشتراط دخول كل من لا نعرفه : وربما يحصل لبعض حفظة الأسرار من العلماء الأبرار العلم بقول الامام عليه السلام بعينه على وجه لا ينافي امتناع الرؤية في مدة الغيبة ، فلا يسعه التصريح بنسبة القول إليه عليه السلام فيبرزه في صورة الاجماع ، جمعا بين الأمر باظهار الحق والنهي عن إذاعة مثله بقول مطلق ، انتهى .
ويمكن أن يكون نظره في هذا الكلام إلى الوجه الآتي .
الخامس : م

البعيد
06-22-2008, 06:36 PM
(يتبع)

فلا يسعه التصريح بنسبة القول إليه عليه السلام فيبرزه في صورة الاجماع ، جمعا بين الأمر باظهار الحق والنهي عن إذاعة مثله بقول مطلق ، انتهى .
ويمكن أن يكون نظره في هذا الكلام إلى الوجه الآتي .
الخامس : ما ذكره رحمه الله فيه أيضا بقوله : وقد يمنع أيضا امتناعه في شأن الخواص وإن اقتضاه ظاهر النصوص بشهادة الاعتبار ، ودلالة بعض الآثار . ولعل مراده بالآثار الوقائع المذكورة هنا وفي البحار أو خصوص ما رواه الكليني في الكافي والنعماني في غيبته والشيخ في غيبته بأسانيدهم المعتبرة عن أبي عبد الله عليه السلام أنه قال : لا بد لصاحب هذا الأمر من غيبة ، ولا بد له في غيبته من عزلة ، وما بثلاثين من وحشة .
وظاهر الخبر كما صرح به شراح الأحاديث أنه عليه السلام يستأنس بثلاثين من أوليائه في غيبته ، وقيل : إن المراد أنه على هيئة من سنه ثلاثون أبدا وما في هذا السن وحشة وهذا المعنى بمكان من البعد والغرابة ، وهذه الثلاثون الذين يستأنس بهم الامام عليه السلام في غيبته لا بد أن يتبادلوا في كل قرن إذ لم يقدر لهم من العمر ما قدر لسيدهم عليه السلام ففي كل عصر يوجد ثلاثون مؤمنا وليا يتشرفون بلقائه .
- بحار الأنوار - العلامة المجلسي ج 53 ص 321 :
وفي خبر علي بن إبراهيم بن مهزيار الأهوازي المروي في إكمال الدين وغيبة الشيخ ومسند فاطمة عليها السلام لأبي جعفر محمد بن جرير الطبري وفي لفظ الأخير أنه قال له الفتى الذي لقيه عند باب الكعبة ، وأوصله إلى الامام عليه السلام : ما الذي تريد يا أبا الحسن ؟ قال : الامام المحجوب عن العالم ، قال : ما هو محجوب عنكم ولكن حجبه سوء أعمالكم . الخبر .
وفيه إشارة إلى أن من ليس له عمل سوء فلا شئ يحجبه عن إمامه عليه السلام وهو من الأوتاد أو من الأبدال ، في الكلام المتقدم عن الكفعمي ، رحمه الله .
وقال المحقق الكاظمي في أقسام الاجماع الذي استخرجه من مطاوي كلمات العلماء ، وفحاوي عباراتهم ، غير الاجماع المصطلح المعروف : وثالثها أن يحصل لأحد من سفراء الامام الغائب عجل الله فرجه ، وصلى عليه ، العلم بقوله إما بنقل مثله له سرا ، أو بتوقيع أو مكاتبة ، أو بالسماع منه شفاها ، على وجه لا ينافي امتناع الرؤية في زمن الغيبة ، ويحصل ذلك لبعض حملة أسرارهم ، ولا يمكنهم التصريح بما اطلع عليه ، والاعلان بنسبة القول إليه ، والاتكال في إبراز المدعى على غير الاجماع من الأدلة الشرعية ، لفقدها . وحينئذ فيجوز له إذا لم يكن مأمورا بالاخفاء ، أو كان مأمورا بالاظهار لا على وجه الافشاء أن يبرزه لغيره في مقام الاحتجاج ، بصورة الاجماع ، خوفا من الضياع وجمعا بين امتثال لأمر باظهار الحق بقدر الامكان ، وامتثال النهي عن إذاعة مثله لغير أهله من أبناء الزمان ، ولا ريب في كونه حجة أما لنفسه فلعلمه بقول الامام عليه السلام ، وأما لغيره فلكشفه عن قول الامام عليه السلام أيضا غاية ما هناك أنه يستكشف قول الإمام عليه السلام بطريق غير ثابت ، ولا ضير فيه ، بعد حصول الوصول إلى ما انيط به حجية الإجماع ، ولصحة هذا الوجه وإمكانه شواهد تدل عليه : منها كثير من الزيارات والآداب والأعمال المعروفة التي تداولت بين الإمامية ولا مستند لها ظاهرا من أخبارهم ، ولا من كتب قدمائهم الواقفين على آثار الأئمة عليهم السلام وأسرارهم ، ولا أمارة تشهد بأن منشأها أخبار مطلقة ، أو وجوه اعتبارية مستحسنة ، هي التي دعتهم إلى إنشائها وترتيبها ، والاعتناء لجمعها وتدوينها كما هو الظاهر في جملة منها ، نعم لا نضائق في ورود الأخبار في بعضها . ومنها ما رواه والد العلامة وابن طاووس عن السيد الكبير العابد رضي الدين محمد بن محمد الآوي - إلى آخر ما مر في الحكاية السادسة والثلاثين. ومنها قصة الجزيرة الخضراء المعروفة المذكورة في البحار ، وتفسير الأئمة عليهم السلام وغيرها . ومنها ما سمعه منه علي بن طاووس في السرداب الشريف . ومنها ما علم محمد بن علي العلوي الحسيني المصري في الحائر الحسيني وهو بين النوم واليقظة ، وقد أتاه الامام عليه السلام مكررا وعلمه إلى أن تعلمه في خمس ليال وحفظه ثم دعا به واستجيب دعاؤه ، وهو الدعاء المعروف بالعلوي المصري وغير ذلك . ولعل هذا هو الأصل أيضا في كثير من الأقوال المجهولة القائل ، فيكون المطلع على قول الامام عليه السلام لما وجده مخالفا لما عليه الامامية أو معظمهم ، ولم يتمكن من إظهاره على وجهه ، وخشي أن يضيع الحق ويذهب عن أهله ، جعله قولا من أقوالهم ، وربما اعتمد عليه وأفتى به من غير تصريح بدليله لعدم قيام الأدلة الظاهرة باثباته ، ولعله الوجه أيضا فيما عن بعض المشايخ من اعتبار تلك الأقوال أو تقويتها بحسب الامكان ، نظرا إلى احتمال كونها قول الإمام عليه السلام ألقاها بين العلماء ، كيلا يجمعوا على الخطاء ، ولا طريق لا لقائها حينئذ إلا بالوجه المذكور .
وقال السيد المرتضى في كتاب تنزيه الأنبياء في جواب من قال : " فإذا كان الإمام عليه السلام غائبا بحيث لا يصل إليه أحد من الخلق ولا ينتفع به ، فما الفرق بين وجوده وعدمه الخ " : قلنا الجواب أول ما نقوله : إنا غير قاطعين على أن الامام لا يصل إليه أحد ، ولا يلقاه بشر ، فهذا أمر غير معلوم ، ولا سبيل إلى القطع عليه الخ .
وقال أيضا في جواب من قال : إذا كانت العلة في استتار الإمام ، خوفه من الظالمين ، واتقاءه من المعاندين ، فهذه العلة زائلة في أوليائه وشيعته ، فيجب أن يكون ظاهرا لهم : بعد كلام له - وقلنا أيضا إنه غير ممتنع أن يكون الامام يظهر لبعض أوليائه ممن لا يخشى من جهته شيئا من أسباب الخوف ، وإن هذا مما لا يمكن القطع على ارتفاعه وامتناعه ، وإنما يعلم كل واحد من شيعته حال نفسه ، ولا سبيل له إلى العلم بحال غيره . وله في كتاب المقنع في الغيبة كلام يقرب مما ذكره هناك .
وقال الشيخ الطوسي رضوان الله عليه في كتاب الغيبة في الجواب عن هذا السؤال بعد كلام له : والذي ينبغي أن يجاب عن هذا السؤال الذي ذكرناه عن المخالف أن نقول : إنا أولا لانقطع على استتاره عن جميع أوليائه بل يجوز أن يبرز لأكثرهم ولا يعلم كل إنسان إلا حال نفسه ، فإن كان ظاهرا له فعلته مزاحة ، وإن لم يكن ظاهرا علم أنه إنما لم يظهر له لأمر يرجع إليه ، وإن لم يعلمه مفصلا لتقصير من جهته الخ .
وتقدم كلمات للسيد علي بن طاووس تناسب المقام خصوصا قوله مع أنه عليه السلام حاضر مع الله جل جلاله على اليقين وإنما غاب من لم يلقه عنهم ، لغيبته عن حضرة المتابعة له ، ولرب العالمين. وفيما نقلنا من كلماتهم وغيرها مما يطول بنقله الكتاب كفاية لرفع الاستبعاد وعدم حملهم الخبر على ظاهره ، وصرفه إلى أحد الوجوه التي ذكرناها .
السادس أن يكون المخفي على الأنام ، والمحجوب عنهم ، مكانه عليه السلام ومستقره الذي يقيم فيه ، فلا يصل إليه أحد ، ولا يعرفه غيره حتى ولده ، فلا ينافي لقاءه ومشاهدته في الأماكن والمقامات التي قد مر ذكر بعضها ، وظهوره عند المضطر المستغيث به ، الملتجئ إليه التي انقطعت عنه الأسباب واغلقت دونه الأبواب .
وفي دعوات السيد الراوندي ومجموع الدعوات للتلعكبري وقبس المصباح للصهر شتي في خبر أبي الوفاء الشيرازي أنه قال له رسول الله صلى الله عليه وآله في النوم : وأما الحجة ، فإذا بلغ منك السيف للذبح ، وأومأ بيده إلى الحلق ، فاستغث به فانه يغيثك ، وهو غياث وكهف لمن استغاث ، فقل : يا مولاي يا صاحب الزمان أنا مستغيث بك ، وفي لفظ : وأما صاحب الزمان فإذا بلغ منك السيف هنا ، ووضع يده على حلقه ، فاستعن به فانه يعينك .
ومما يؤيد هذا الاحتمال ما رواه الشيخ والنعماني في كتابي الغيبة عن المفضل بن عمر قال : سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول : إن لصاحب هذا الأمر غيبتين إحداهما يطول ، حتى يقول بعضهم مات ، ويقول بعضهم قتل ، ويقول بعضهم ذهب حتى لا يبقى على أمره من أصحابه إلا نفر يسير ، لا يطلع على موضعه أحد من ولده ، ولا غيره إلا الذي [ يلي ] أمره .
وروى الكليني عن إسحاق بن عمار قال أبو عبد الله عليه السلام : للقائم غيبتان إحداهما قصيرة والاخرى طويلة : الغيبة الاولى لا يعلم بمكانه فيها إلا خاصة شيعته ، والاخرى لا يعلم بمكانه فيها إلا خاصة مواليه .
ورواه النعماني وفي لفظه بدون الاستثناء في الثاني ، ورواه بسند آخر عنه عليه السلام قال : للقائم غيبتان إحداهما قصيرة والاخرى طويلة الاولى لا يعلم بمكانه إلا خاصة [ شيعته ، والاخرى لا يعلم بمكانه إلا خاصة ] مواليه في دينه وليس في تلك القصص ما يدل على أن أحدا لقيه عليه السلام في مقر سلطنته ومحل إقامته . ثم لا يخفى على الجائس في خلال ديار الأخبار أنه عليه السلام ظهر في الغيبة الصغرى لغير خاصته ومواليه أيضا ، فالذي انفرد به الخواص في الصغرى هو العلم بمستقره ، وعرض حوائجهم عليه عليه السلام فيه ، فهو المنفي عنهم في الكبرى ، فحالهم وحال غيرهم فيها كغير الخواص في الصغرى ، والله العالم .
وقال الميرزا النوري ايضاً:
أنه قد علم من تضاعيف تلك الحكايات أن المداومة على العبادة ، والمواظبة على التضرع والانابة ، في أربعين ليلة الأربعاء في مسجد السهلة أو ليلة الجمعة فيها أو في مسجد الكوفة أو الحائر الحسيني على مشرفه السلام أو أربعين ليلة من أي الليالي في أي محل ومكان ، كما في قصة الرمان المنقولة في البحار طريق إلى الفوز بلقائه عليه السلام ومشاهدة جماله ، وهذا عمل شائع ، معروف في المشهدين الشريفين ، ولهم في ذلك حكايات كثيرة ، ولم نتعرض لذكر أكثرها لعدم وصول كل واحد منها إلينا بطريق يعتمد عليه ، إلا أن الظاهر أن العمل من الأعمال المجربة .... )
بحار الأنوار ج 53 ص 318 – 325.
ثم قد عبر عن المشاهدة في ارادة الظهور في بعض الروايات:
عن أبي خالد الكابلي، عن علي بن الحسين عليهما السلام قال : ( تمتد الغيبة بولي الله الثاني عشر من أوصياء رسول الله صلى الله عليه وآله والائمة بعده ، يا أبا خالد إن أهل زمان غيبته ، القائلون بامامته ، المنتظرون لظهوره أفضل أهل كل زمان ، لان الله تعالى ذكره أعطاهم من العقول والافهام والمعرفة ما صارت به الغيبة عندهم بمنزلة المشاهدة ، وجعلهم في ذلك الزمان بمنزلة المجاهدين بين يدي رسول الله صلى الله عليه وآله بالسيف اولئك المخلصون حقا ، وشيعتنا صدقا والدعاة إلى دين الله سرا وجهرا ، وقال عليه السلام : انتظار الفرج من أعظم الفرج ) بحار الأنوار ج 52 ص 122.
أي تكون عندهم غيبة الإمام (ع) بمنزلة ظهوره ووجوده بين الناس كباقي أجداده (ع).
3 - قد تقدم ذكر كلام بن بابويه كملا وتبين انه لا يرنو الى نفي السفارة ، وانه كان تعليقا على تكذيب ابي دلف، والكاتب هنا حذف بداية الكلام في محاولة لايهام البسطاء بان الكلام عام ويشمل الغيبة الكبرى الى القيام المقدس!!
4 - هنا مصادرة ارجو الانتباه اليها، فهو يريد ان يثبت سبب تقسيم الغيبة الى صغرى وكبرى هو وجود السفراء الخاصين فقط، ليخلص الى نتيجة ان السفارة قطعت بانتهاء الغيبة الصغرى.
بيد ان نتيجته محلولة لفساد مقدمته الاولى فنحن لا نسلم ان الفارق الوحيد بين الغيبة الصغرى وبين الغيبة الكبرى هو وجود السفراء فقط ، بل هناك فروق كثيرة ذكرت في كتاب الموجز، ومنه يتبين ان الاجماع على انتهاء الغيبة الصغرى لا يعني قطع السفارة للابد.
5 - نحن نقول بانتهاء الغيبة الصغرى ولكن لا نقول بانقطاع النيابة الخاصة الى تمام الغيبة الكبرى، فانتهاء الغيبة الصغرى غير مستلزم لانقطاع السفارة في تمام الغيبة الكبرى.
6 – وتبيين هل هناك سفراء للامام المهدي (ع) في ما سبق من الغيبة الكبرى او لا ؟ فهذا مما لا يتوقف عليه تكليف الامة الان، والسفير غير ملزم ببيانه، وهذه عبارة عن محاولة هروب عن الموضوع، فالكلام هو في قطع السفارة او عدمه، فان ثبت عدم الانقطاع، فبيان ما طلبت موكول الى اهله ان شاءوا بينوه وان شاءوا اجلوه وحسب المصلحة، ولا تسألوا عن اشياء ان تبد لكم تسؤكم.
7 - هذا افتراء ، اين هو اعتراف السيد احمد الحسن بانقطاع السفارة ؟؟!! ام ان الكاتب قد راقه تسفيط الكلام الفارغ فتوهم انه انتصر ، فنازعته نفسه على الافتراء فأطاعها ملوما مخذولا ؟!!
8 - ومن اين لك حصر صدق الدعوة بالمعجزة ؟؟ وهل هناك دليل واحد في روايات أهل البيت يدل على ان اليماني يأتي بمعجزة، أم انك تلزمنا بقاعدة عامة بان كل دعوة لا تثبت إلا بمعجزة ؟ وعندها ما أسهل نقض قاعدتك بمصاديق كثيرة.

رد على المقال الثالث عشر

المسألة الجوهرية في الرؤيا هي مسألة التصديق والإيمان بالغيب (وَنَادَيْنَاهُ أَنْ يَا إِبْرَاهِيمُ * قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيَا إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ)، فمعنى أن تصدق بالرؤيا هو أن تصدق بالغيب . فالرؤيا إذن امتحان لإيماننا بالغيب ، وفي الإمتحان يكرم المرء أو يهان . وأود الآن أن أشير الى حقيقة تتعلق بدعوة السيد أحمد الحسن (ع) ، هي أن عشرات ، بل مئات الأشخاص شاهدوا رؤى بأهل البيت خصوصاً، كلها تخبرهم بأن السيد أحمد الحسن صادق في ما يدعيه ، علماً إن بعض هؤلاء الأشخاص ممن لم يدخلوا في الدعوة المباركة أصلاً ، أي إنهم فشلوا في الاختبار ، على الرغم من أن الدليل قد أخذ بأعناقهم ؟! ولكن لا غرابة فقد ورد إن هذا الأمر لا يثبت عليه إلا من أخذ الله ميثاقه في الذر الأول .
علماً إن الأشخاص المشار إليهم من مناطق مختلفة، ومدن متعددة، فلم يسبق أن التقوا أو تعارفوا بأية صورة من الصور. بل إن الكثير منهم كانت الرؤيا سبباً في دخوله الى الدعوة المباركة ، ومعرفته بالآخرين. وبشأن الأدلة على حجية الرؤيا، أقول قد وردت بهذا الخصوص الكثير من الآيات القرآنية الكريمة، والكثير من الأحاديث عن أهل البيت (ع).
فمن الآيات رؤيا إبراهيم (ع) بشأن ذبح ولده إسماعيل(ع) (( قَالَ يَا بُنَيَّ إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ ))، هذه الرؤيا لم يتردد إبراهيم (ع) قيد أنملة في النظر إليها على أنها حجة ملزمة له، بل بادر الى شحذ سكينه وعزم على مباشرة الفعل ((فَلَمَّا أَسْلَمَا وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ))، فإبراهيم (ع) نظر الى الرؤيا على أنها أمر إلهي واجب التنفيذ، ومن هنا استحق ثناء الله عز وجل (( فَلَمَّا أَسْلَمَا وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ * وَنَادَيْنَاهُ أَنْ يَا إِبْرَاهِيمُ * قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيَا إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ * إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْبَلَاء الْمُبِينُ )). بل إن إسماعيل (ع) وهو يواجه مصير الذبح ، ويرى سكين أبيه تقترب من رقبته لم يصدر منه سوى قوله : ((قَالَ يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِن شَاء اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ)) فالرؤيا أمر إلهي واجب التنفيذ، وحجة على رائيها (إبراهيم) و غيره (إسماعيل).
وعلى الرغم من وضوح الدلالة في هذه الآيات على حجية الرؤيا، إلا إننا لا نعدم من المعاندين من يعترض على هذه الدلالة الواضحة، ويحاول الإلتفاف عليها زاعماً إن الرؤيا حجة على الأنبياء دون سواهم! وليت أنه يبرز دليلاً على مدعاه ولكنه يتبجح بما يزعمه تبجح المستكبرين!
ولمناقشة هذا الإعتراض ، أقول: لو إن الرؤيا بحد ذاتها، أي بصرف النظر عن رائيها؛ نبياً كان أو غير نبي، كانت فاقدة الحجية، هل كان يمكن لإبراهيم (ع) أن يجد فيها حجة؟ الجواب طبعاً لا يمكنه ذلك، لأن فاقد الشيء لا يُعطيه، إذن طالما وجد فيها إبراهيم حجة، فلابد أن تكون هي بحد ذاتها حجة. وعلى سبيل المثال لو أن حجراً لا ماء فيه فهل يمكن لأحد أن يعثر فيه على ماء؟
طبعاً لا يمكنه، لأن الحجر بحد ذاته لا ماء فيه، ولو افترضنا أن شخصاً سلط قوة ضغط كبيرة على هذا الحجر، وأخرج منه ماء، ألا نفهم من ذلك أن الحجر هو بحد ذاته فيه ماء؟
أما الأحاديث فقد ورد منها الكثير، وحسبك أن تراجع كتاب (دار السلام) للميرزا النوري، لتجد الكثير من الروايات الواردة عن أهل البيت (ع). ويمكن للقارئ أيضاً مراجعة كتاب الأخ أحمد حطاب (فصل الخطاب في حجية رؤيا أولي الألباب)، وهو من إصدارات أنصار الإمام المهدي (ع). ولا يسعني في هذه العُجالة سوى الاكتفاء بإيراد جملة من الأحاديث كما يأتي:
عن الرضا (ع) قال: (( حدثني أبي عن جدي عن أبيه، إن رسول الله (ص) قال: من رآني في منامه فقد رآني، لأن الشيطان لا يتمثل في صورتي، ولا صورة أحد من أوصيائي، ولا في صورة أحد من شيعتهم. وإن الرؤيا الصادقة جزء من سبعين جزء من النبوة)) (دار السلام / ج4: 272 ) .
ينص هذا الحديث على أن الشيطان لا يتمثل بصورة أحد من أهل البيت (ع)، الأمر الذي يُسقط اعتراض المعاندين ، إذ إن القول بعدم حجية الرؤيا يقتضي بالضرورة القول بقدرة الشيطان على التمثل بصورهم. ومع عدم قدرته على التمثل بصورهم، يتضح إن الرؤيا من الله تعالى، وهذا ما دلت عليه كثير من الروايات الواردة عن أهل البيت (ع). فعن رسول الله (ص ): (( لا نبوة بعدي إلا المبشرات، قيل يارسول الله، وما المبشرات؟ قال: الرؤيا الصالحة)) (بحار الأنوار / ج58: 193) .
فالرؤيا بحسب هذه الرواية نبوة، والنبوة لا أظن أحداً لا يقول بحجيتها .
وعن الصادق (ع) (رأي ورؤيا المؤمن في آخر الزمان على سبعين جزء من أجزاء النبوة)) (دار السلام ج 1 ص 18 ) .
ومعنى هذا أن الرؤيا وحي من الله (عز وجل). وفي كتاب الغايات لجعفر بن أحمد القمي، قال رسول الله (ص ) : (( خياركم أولوا النهى. قيل: يارسول الله، ومن هم أولوا النهى؟ فقال (ص): أولوا النهى أولوا الأحلام الصادقة)) (انظر: فصل الخطاب في حجية رؤيا أولي الألباب: 15).
سبحان الله، أصحاب الرؤى هم خيار المسلمين، ومع ذلك يسخر المنكوسون منا قائلين: بسبب رؤيا تؤمنون بأحمد الحسن؟ نقول: نعم ونحمد الله على نعمة الإيمان. وما قولكم بالأخبار الواردة عن أهل البيت، التي يعلّمون بها شيعتهم أعمالاً معينة ليُرزقوا برؤيا، هل هذه التعاليم لغو وعبث لا سمح الله؟ نعم هي تكون عبثاً لو أن الرؤيا لا حجية لها، كما تزعمون. وأسألكم بالله إذا لم تكن الرؤيا حجة، فبأي شئ تبشر المؤمن؟ إن عدم كونها حجة يعني إنها لا تكشف عن واقع خارجي، أو حقيقة خارجية، وإذا لم يكن ثمة واقع خارجي تكشف عنه الرؤيا، أو تبشر به، فهي وهم لا طائل وراءه.
وعن عبدالله بن عجلان ، قال: (( ذكرنا خروج القائم (ع) عند أبي عبدالله (ع)، فقلت: كيف لنا نعلم ذلك ؟ فقال (ع): يصبح أحدكم وتحت رأسه صحيفة عليها مكتوب: طاعة معروفة، اسمعوا وأطيعوا)) (كمال الدين: 654).
من هذه الرواية يتضح أن من أهم الطرق للعلم بخروج القائم هو الرؤيا، وهذا معنى الصحيفة التي يجدها الإنسان تحت رأسه.
وعن البيزنطي ، قال : (( سألت الرضا (ع) عن مسألة الرؤيا، فأمسك ، ثم قال: إنا لو أعطيناكم ما تريدون لكان شراً لكم، وأُخذ برقبة صاحب هذا الأمر)) (بحار الأنوار / ج25: 110).
في هذا الحديث يربط الإمام الرضا (ع) بين الرؤيا وصاحب الأمر، و ينص صراحة على أن معرفة كل أسرار الرؤيا ينتج عنها الأخذ برقبة صاحب الأمر. فكيف لا تكون حجة؟
وأود تذكير القارئ بأن السيدة نرجس (ع) أم الإمام المهدي (ع) قد جاءت الى العراق، بعد أن عرضت نفسها للأسر، بسبب رؤى، فما لكم أنى تؤفكون؟ وكلكم تعلمون بأن وهب النصراني قد نصر الإمام الحسين (ع) بسبب رؤيا رأى فيها عيسى (ع) يأمره فيها بنصرة الحسين (ع)، وكانت سبباً في نيله أرفع الدرجات، فيا لبؤس منكوسي هذا الزمان.
وهل أشهر من الرؤيا التي رآها أبو عبدالله الحسين (ع) وحاجج بها ابن عباس، حين أراد أن يُثنيه عن الذهاب الى الكوفة بحجة أن أهلها قد خذلوا أباه علياً (ع)، وأخاه الحسن (ع)، فأجابه من بين ما أجابه به، إنه رأى رسول الله (ص) في المنام، وقد أمره بالمسير الى العراق، وإنه سيقتل. أليست هذه الرؤى قد كشفت للمؤمنين الحقيقة والواقع الخارجي ، فماذا تريدون أكثر من هذا دليلاً على حجيتها ؟
وسأُجيب فيما يلي من سطور عن الإشكالات، والإعتراضات التي أثارها المعاندون على دليل الرؤيا، وكما يأتي : -
1- نسمع بعض الأشخاص يقولون إننا طلبنا رؤيا من الله، ولكننا لم نرزق بها، ويستشف من كلامهم إنهم يرمون الى القول: أنتم تقولون إن الرؤيا دليل على الدعوة، ولكننا لم نر رؤيا فأي شئ يبقى من دليلكم؟!

وعلى الرغم من سذاجة هذا الإعتراض، إلا أننا نجيب عنه قائلين: إن الرؤيا دليل و حجة بكل تأكيد، والدليل مرتكز هنا على الرؤى الحاصلة فعلاً، ونحن لا نقول إن كل من يطلب رؤيا فنحن نضمن له الحصول عليها، هذا أولاً، أما ثانياً فقد ورد عن أهل البيت (ع): (الرؤيا بمنزلة كلام يكلم به الرب عبده) وعلى هذا إذا لم تروا رؤيا، أو لم يكلمكم الرب فعليكم أن تسألوا أنفسكم عن السبب.
2- يقول البعض إن الرؤيا حجة على صاحبها فقط.
أقول: وهذا القول مغالطة واضحة، فالرؤيا - بحسب الواقع الذي تخبر عنه - قسمان؛ فإذا كان واقعها ذاتيا أي متعلقاً بالشخص الرائي فقط ، مثل أن يرى شخص رؤيا تحذره من السفر بسيارته لأن سيارته ستحترق ، فالرؤيا في هذه الحالة لا تخص أحداً غيره، وهي حجة عليه دون سواه. أما إن كان واقعها موضوعياً، أي غير محدد بشخص الرائي فإنها حجة على الجميع. فعلى سبيل المثال لو رأى شخص رؤيا تُنبأه بوقوع حريق في سوق المدينة، فلاشك أنه هو و أي شخص آخر غيره مشمول بهذه الرؤيا. وبخصوص دعوة السيد أحمد الحسن (ع)، فمن الواضح إنها دعوة تشمل الجميع، والرؤيا المتعلقة بها إذن رسالة تخص الجميع، وإن كان رائيها شخص واحد، أو عدة أشخاص.
3- قال بعضهم: إن إدامة التفكير في أهل البيت (ع) ينتج عنه أن يرى الإنسان رؤى بهم (ع)، فالقضية إذن قضية نفسية، ولا علاقة لها بعالم الغيب!
سبحان الله أعدوا لكل حق باطلا ً، ولكل عدل مائلاً، لقد كان على المستشكل أن يسأل نفسه؛ هل إن صورة المعصوم الذي نراه (النبي أو الإمام) هي نفس صورته أم إن شيطاناً قد تمثل بصورته؟ فإن قال إن الشيطان تمثل بصورة المعصوم، نقول له: إن رسول الله (ص) يقول: إن الشيطان لا يتمثل بصورتي، ولا بصورة أحد من أوصيائي، ولا بصورة أحد من شيعتنا. وإن قال: هي نفس صورة المعصوم، نقول له : إذن إدامة التفكير في المعصوم لا تقدح في الرؤيا ، ولا في حجيتها، بل يحسُن بكم أن تديموا التفكير بهم عسى الله أن يرحمكم .
هذا وقد روي عن الإمام الكاظم (ع)، قوله: (( من كانت له الى الله حاجة، وأراد أن يرانا، وأن يعرف موضعه من الله، فليغتسل ثلاث ليال يناجي بنا، فإنه يرانا، ويُغفر له بنا، ولا يخفى عليه موضعه...)) (الإختصاص : 90 / الشيخ المفيد) .
وقد علق المجلسي على هذا الحديث، قائلاً : (( قوله (ع): يناجي بنا، أي يناجي الله تعالى بنا ، ويعزم عليه، ويتوسل إليه بنا أن يرينا إياه، ويعرف موضعه عندنا.
وقيل: أي يهتم برؤيتنا، ويُحدث نفسه بنا ورؤيتنا ومحبتنا، فإنه يراهم )) (بحار الأنوار / ج 53: 328) .

4- ورد في بعض الروايات ، عن حماد بن عثمان بن زرارة قال : قال أبو عبدالله (ع) : (( أخبرني عن حمزة أ يزعم أن أبي آتيه ؟ قلت : نعم . قال : كذب والله ما يأتيه إلا المتكون ، إن إبليس سلط شيطاناً يقال له المتكون يأتي الناس في أي صورة شاء ، إن شاء في صورة صغيرة وإن شاء في صورة كبيرة ولا والله ما يستطيع أن يجئ في صورة أبي (ع) )) (رجال الكشي) .
هذه الرواية استدل بها البعض على أن الرؤى التي يراها الأنصار يمكن أن تكون من الشيطان ، ويرد عليه أن الأنصار يستدلون بالرؤى التي يشاهدون فيها المعصومين (ع) حصراً ، والرواية واضحة في أن الشيطان ( المتكون أو غيره ) لا يستطيع التمثل بصورهم (ع) ، والإمام الصادق (ع) يُقسم على هذا . أما بأي صورة كان الشيطان المتكون يأتي حمزة المشار إليه في الرواية فهذا ما لا تنص عليه الرواية ، وهو على أي حال لا أهمية له بعد أن علمنا أنه لا يتمثل بصور المعصومين . وعن بريد بن معاوية العجلي ، قال : (( كان حمزة بن عمارة الزبيدي (البربري) لعنه الله يقول لأصحابه أن أبا جعفر (ع) يأتيني في كل ليلة ولا يزال إنسان يزعم أنه قد رآه فقدر لي أني لقيت أبا جعفر (ع) فحدثته بما يقول حمزة فقال : كذب عليه لعنة الله ما يقدر الشيطان أن يتمثل في صورة نبي ولا وصي نبي )) (نفسه) .
5- يعترض البعض – ومنهم الشيخ بشير النجفي – قائلاً :

البعيد
06-22-2008, 06:38 PM
(يتبع)

5- يعترض البعض – ومنهم الشيخ بشير النجفي – قائلاً : من منكم رأى النبي أو الإمام حتى يتأكد أن من يراه هو المعصوم نفسه ! أقول هذا الكلام غريب ومنكر ، فمن من أصحاب الإمام الصادق (ع) قد رأى النبي (ص) حتى يقول لهم افعلوا كذا وكذا من أعمال عبادية وسترون النبي في منامكم ؟ ثم هل يعتقد المعترض إننا إذا لم نكن قد رأينا المعصوم فإن الشيطان سيتمكن من التمثل بصورته ! ؟ وهل برأيه إن السبب في عدم تمثل الشيطان بصورهم هو معرفتنا أو مشاهدتنا لصورهم ، أم إنه نفس صورهم المقدسة )) ما قدروا الله حق قدره )) .
وسأختم برواية تنص على حجية الرؤيا ، ومن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر ، والرواية واردة عن الإمام الرضا (ع) وهي طويلة سأختصرها ، عن أبي الحسن (ع) قال : (( إن الأحلام لم تكن فيما مضى في أول الخلق ... فأحدث الله بينهم الأحلام فأتوه فأخبروه بما رأوا أو ما أنكروا من ذلك فقال : إن الله أراد أن يحتج عليكم بهذا ...))(بحار الأنوار/ج6ص243) .
فالرؤى إنما أحدثها الله لتكون حجة على الخلق ، والحمد لله وحده .












رد على المقال الرابع عشر


هذا المقال بكل ما فيه مجاب عنه في إصدارات أنصار الإمام المهدي ، وبإمكان الجميع الرجوع إلى الموقع الخاص بأنصار الإمام المهدي للإطلاع عليها ، ولكن الملفت فيه إنه لا يعتبر الروايات ولا الإتيان بالمعجزة في حال طلبها ولا الرؤى ولا العلم ولا المناداة بحاكمية الله ولا ولا ... كل ذلك لا يعتبره دليلاً فما هو الدليل وكيف يكون برأيه .. ليسمعنا رده ، ونحن بالإنتظار . كما يلاحظ على المقال لجوئه الى تحريف الأدلة ، والكذب في تلفيق بعض ما يصوره هو على أنه دليل نقول به من قبيل علم الحروف ، والحق إن مسألة علم الحروف تتلخص في أن رجلاً يدعى ماجد المهدي يهتم بهذا العلم راسل السيد أحمد (ع) معترضاً على أدلة الدعوة وحيث إنه يؤمن بعلم الحروف الذي يعرفه ويرى فيه حجية أراد السيد (ع) أن يبين له إنه لا يطلب الحق وإنه معاند فقط ، وذلك عبر إلزامه بما ألزم نفسه به ، أي أن يقيم عليه الحجة من علم الحروف الذي يؤمن به ، ليكشف له حقيقة نفسه المتمردة التي لا تؤمن حتى لو جاءها الدليل الذي تريد . وليكن معلوماً إن الأدلة الى الله بعدد أنفاس الخلائق .
وأخيراً أريد هنا وضع هذا البحث الذي كتبه أحد الأنصار عسى أن يكون مفيداً لبعض من لم تتلوث نفسه بعد :

من هو القائم

يقوم هذا البحث على فرضية مؤداها إن القائم هو أحمد ابن الإمام المهدي المذكور في وصية رسول الله (ص) ، والذي سنعرف في بحث لاحق – إن شاء الله – بأنه هو نفسه اليماني الموعود . ولأجل إقامة البرهان على مطلوبه سيعتمد البحث بالدرجة الأولى على الدليل الروائي ، مع الإكتفاء بالإشارة الى الأدلة الأخرى برجاء توفر فرصة مناسبة لاستيفاء القول بشأنها ، علماً بأن البحث يعي تماماً أن لفظي القائم وصاحب الأمر ينصرفان الى شخصيتين هما الإمام المهدي محمد بن الحسن (ع) و ولده أحمد ، ولكن حيث أن الأمر مسلم بالنسبة للأول والنزاع يدور حول صدق انطباقهما على الثاني تحدد البحث بالبرهنة على صدق انطباقها على الثاني .
ولعل أول ما يحسن البدء به هو عرض وصية رسول الله (ص) المشار إليها ، لغرض تعريف القارئ بشخصية أحمد ، وإليكم هذه الوصية ملخصة ؛ عن أبي عبد الله (ع)عن آبائه عن أمير المؤمنين (ع) قال : (( قال رسول الله (ص) في الليلة التي كانت فيها وفاته لعلي (ع) يا أبا الحسن أحضر صحيفة ودواة فأملى رسول الله (ص) وصيته حتى انتهى إلى هذا الموضع فقال يا علي إنه سيكون بعدي إثنا عشر إماما ومن بعدهم إثنا عشر مهدياً فأنت يا علي أول الإثني عشر إماماً ... وساق الحديث إلى أن قال : وليسلمها الحسن (ع)إلى ابنه م ح م د المستحفظ من آل محمد (ص) فذلك إثنا عشر إماماً ، ثم يكون من بعده إثنا عشر مهدياً ، فإذا حضرته الوفاة فليسلمها إلى ابنه أول المهديين له ثلاثة أسامي اسم كاسمي واسم أبي وهو عبد الله و أحمد ، والاسم الثالث المهدي وهو أول المؤمنين )) ( بحار الأنوار ج 53 ص 147 و الغيبة للطوسي ص150) .
يتضح من هذا النص لوصية رسول الله (ص) الذي تجدونه مفصلاً في غيبة الطوسي أن الإمامة تؤول بعد الإمام المهدي الى ولده أحمد أول المهديين الإثني عشر ، وأول المؤمنين ؛ أي الأصحاب ال (313) ، ولأجل معرفة المزيد عن شخصية أحمد يمكنكم مراجعة إصدارات أنصار الإمام المهدي (ع) على موقع الإنترنيت الخاص بهم .
قبل الإنتقال الى الروايات التي تنص على أن القائم هو أحمد ، أود التعرض الى بعض الشبهات التي أثيرت بخصوص مضمون وصية رسول الله (ص) ؛ وأول هذه الشبهات ما ذهب إليه البعض من القول بأن الوصية تنص على أن الإمامة تذهب الى أحمد بعد وفاة أبيه لا قبل ذلك الأمر الذي يمثل قرينة بزعمهم على أن وجود أحمد يتأخر زمنياً على عصر الظهور . وفي الجواب أقول إن تسلم أحمد زمام الإمامة بعد أبيه لا يصلح قرينة على مدعاكم ، بل إن استقراء التأريخ يثبت حقيقة كون الوصي كان دائماً موجوداً في حياة أبيه ، أو الإمام السابق له ، ثم إن قوله ( وهو أول المؤمنين ) واضح في أن أحمد هو أول الأصحاب ال (313) .



الروايات التي تنص على أن القائم هو أحمــد

روى الشيخ الصدوق في كمال الدين عن أبي الجارود زياد بن المنذر عن أبي جعفر محمد بن علي (ع) عن أبيه، عن جده ، في حديث له عن القائم ، قال : ((... له اسمان؛ اسم يخفى، واسم يعلن؛ فأما الذي يخفى فأحمد، وأما الذي يعلن فمحمد)) (كمال الدين وتمام النعمة / ج2: الشيخ الصدوق 653) .
وعن حذيفة، قال:((سمعت رسول الله (ص) _ وذكر المهدي _ فقال: إنه يبايع بين الركن والمقام، اسمه أحمد وعبدالله والمهدي، فهذه أسماؤه ثلاثتها)) (غيبة الطوسي: 299 و 305) .


روايات أخرى تبين شخص القائم

عن محمد بن الحنفية، قال: قال أمير المؤمنين (ع):((سمعت رسول الله (ص) يقول، في حديث طويل في فضل أهل البيت (ع): وسيكون بعدي فتنة صماء صيلم يسقط فيها كل وليجة وبطانة، وذلك عند فقدان شيعتك الخامس من السابع من ولدك)) (المعجم الموضوعي لأحاديث الإمام المهدي / الكوراني :162 ) .
وعن عبدالرحمن بن أبي ليلى، قال علي (ع):((كنت عند النبي (ص) في بيت أم سلمة... الى أن قال (ع): ثم التفت إلينا رسول الله (ص) فقال رافعاً صوته: الحذر إذا فقد الخامس من ولد السابع من ولدي. قال علي: فقلت: يارسول الله، فما تكون هذه الغيبة؟ قال: الصمت حتى يأذن الله له بالخروج...)) (نفسه: 163 – 164) .
أقول : الخامس من ولد السابع من ولد أمير المؤمنين هو أحمد الذي تذكره وصية رسول الله (ص) آنفة الذكر . أما غيبته فقد أوضحها الحديث بأنها الصمت، وورد عن الكافي، قال إن الإمام الكاظم (ع) قال لأولاده وأرحامه: (( إذا فقد الخامس من ولد السابع فالله الله في أديانكم، لا يزيلنكم عنها أحد. يا بني إنه لابد لصاحب هذا الأمر من غيبة حتى يرجع عن هذا الأمر من كان يقول به!؟ إنما هي محنة من الله عز وجل امتحن بها خلقه، لو علم أباؤكم وأجدادكم ديناً أصح من هذا لاتبعوه. قال، فقلت: يا سيدي من الخامس من ولد السابع؟ فقال: يا بني عقولكم تصغر عن هذا، وأحلامكم تضيق عن حمله، ولكن إن تعيشوا فسوف تدركونه)) (الكافي / ج1: 336) .
أتساءل : أي شئ تصغر عنه عقول أبناء الكاظم وأرحامه وتضيق عنه أحلامهم ؛ هل هو معرفة اسم الإمام المهدي محمد بن الحسن (ع) الذي يعرفه القاصي والداني ؟
عن الأصبغ بن نباتة قال: أتيت أمير المؤمنين (ع) فوجدته متفكراً ينكت في الأرض، فقلت: ما لي أراك متفكراً تنكت في الأرض، أرغبة منك فيها؟ فقال:((لا والله ما رغبت فيها ولا في الدنيا يوماً قط، ولكني فكرت في مولود يكون من ظهر الحادي عشر من ولدي هو المهدي الذي يملأ الأرض عدلاً وقسطاً، كما ملئت جوراً وظلماً، تكون له غيبة وحيرة، يضل فيها أقوام ويهتدي فيها آخرون. فقلت: وكم تكون الحيرة والغيبة؟ قال: ستة أيام أو ستة أشهر أو ست سنين! فقلت: وإن هذا لكائن؟ فقال: نعم، كما أنه مخلوق، وأنى لك بهذا الأمر ياأصبغ، أولئك خيار هذه الأمة مع أبرار هذه العترة. فقلت: ثم ما يكون بعد ذلك؟ فقال: ثم يفعل الله ما يشاء، فإن له بداءات وإرادات وغايات ونهايات)) الغيبة للشيخ الطوسي: ص 165 + ص336.الهداية الكبرى للخصيبي ص362.
الاختصاص للمفيد ص209. وغيرها من المصادر.
المولود من ظهر الحادي عشر من ولد أمير المؤمنين هو أحمد ، نعم ورد الحديث في بعض نسخ الكافي بعبارة من ظهري والمظنون أن زيادة الياء على كلمة ظهر من عمل النساخ الذين لم يستطيعوا فهم الحديث ، ولكن هؤلاء نسوا أن غيبة الإمام المهدي أكثر من ستة أيام أو ستة أشهر أو ست سنين ، وإنه (ع) له غيبتان لا غيبة واحدة ، وأن غيبته ليست حيرة أو صمت كما نصت الرواية المتقدمة .
وعن جابر بن عبدالله الأنصاري، قال: دخلت على فاطمة (ع) وبين يديها لوح فيه أسماء الأوصياء من ولدها، فعددت أثني عشر آخرهم القائم (ع)؛ ثلاثة منهم محمد، وثلاثة منهم علي)) (من لايحضره الفقيه / ج 4: 180 ) .
وعن أبي جعفر (ع)، قال : ((قال رسول الله (ص): إني وإثني عشر من ولدي و أنت يا علي زر الأرض، يعني أوتادها وجبالها، بنا أوتد الأرض ان تسيخ بأهلها فإذا ذهب الإثنا عشر من ولدي ساخت بأهلها ولم ينظروا)) (الكافي / ج1: 534) .

أقول إن القائم في رواية جابر هو أحمد بن الإمام المهدي (ع) بعد استثناء اسم علي (ع) إذ إن المعدودين هم ولده (ع) وولد فاطمة (ع) ، ومثله يقال في الرواية الثانية التي استثنت علياً (ع) بقوله (ص) : ( وأنت يا علي) .
وعن أبي بصير قال: سمعت أبا جعفر (ع) يقول:((في صاحب هذا الأمر سنن من أربعة أنبياء؛ سنة من موسى، وسنة من عيسى، وسنة من يوسف، وسنة من محمد صلوات الله عليهم أجمعين.
فقلت: ما سنة موسى؟ قال: خائف يترقب. قلت وما سنة عيسى؟ فقال: يقال فيه ما يقال في عيسى. قلت: وما سنة يوسف؟ قال: السجن والغيبة... الخ)) (المعجم الموضوعي لأحاديث الإمام المهدي: 777) .
أقول معلوم أن الإمام المهدي محمد بن الحسن (ع) لا تطاله أيدي الأعداء ، فالمقصود من صاحب الأمر غيره . هذا وقد ورد عن يزيد الكناسي عن أبي جعفر الباقر (ع):(( إن صاحب هذا الامر فيه شبه من يوسف؛ ابن أمة سوداء )) (غيبة النعماني: 166) .
والإمام المهدي محمد بن الحسن ابن السيدة نرجس (ع) إبنة ملك الروم وليست هي أمة سوداء ، علماً إنه حتى أم يوسف (ع) ربما لم تكن أمة سوداء فيكون مدلول الحديث : إن فيه سنة من يوسف يسكت عنها الحديث ثم ينص على معلومة تميز القائم وهو كونه ابن أمة سوداء .
و عن الإمام الرضا (ع)، قال:((كأني برايات، من مصر مقبلات، خضر مصبغات، حتى تأتي الشامات، فتؤدى الى ابن صاحب الوصيات)) (المعجم الموضوعي: 451).
وصاحب الوصيات هو الإمام المهدي (ع) وابنه هو أحمد المذكور في وصية رسول الله (ص) .
والحمد لله رب العالمين وصلى الله على محمد وآله الأئمة والمهديين وسلم تسليما .