جمال
06-22-2008, 06:03 AM
كتب:د. عصام عبداللطيف الفليج
تمتلئ المحاكم بالقضايا بين الأرحام لخلافات مالية بحتة، وللأسف يرفض الكثير منهم التحكيم ويتجه إلى القضاء لرسوخ سوء النوايا في غالب المعاملات.
ولعل أغرب قضية رفعها أخ ضد أخيه ما وصلني من الأخ محمد القلاف نشرتها صحيفة »الرياض« عن شاب اسمه »حيزان« فما حكايته؟
»حيزان« رجل مسن من قرية صغيرة بكى في المحكمة حتى ابتلت لحيته، فما الذي ابكاه؟ هل هو عقوق ابنائه، أم خسارته في قضية أرض متنازع عليها، أم هي زوجة رفعت عليه قضية خلع؟
في الواقع ليس هذا ولا ذاك، فما أبكى حيزان هو خسارته قضية غريبة من نوعها فقد خسر القضية امام أخيه لرعاية أمه العجوز التي لا تملك سوى خاتم من نحاس.
فقد كانت الام العجوز في رعاية ابنها الاكبر حيزان ذي الدخل المحدود ولم يتزوج وعاش وحيداً حتى يتفرغ لرعايتها وعندما تقدمت به السن جاء أخوه الاصغر والافضل دخلاً من مدينة اخرى ليأخذ والدته لتعيش مع أسرته، لكن حيزان رفض محتجاً بقدرته على رعايتها، وكان ان وصل بهما النزاع إلى المحكمة ليحكم القاضي بينهما، لكن الخلاف احتدم وتكررت الجسات وكلا الأخوين مصر على احقيته برعاية والدته، وعندها طلب القاضي حضور الأم العجوز لسؤالها، فاحضرها الأخوان يتناوبان حملها في كرتون لصغر حجمها وقلة وزنها.
وبسؤالها عمن تفضل العيش معه، قالت وهي مدركة لما تقول: هذا عيني مشيرة إلى حيزان، وهذا عيني الأخرى مشيرة إلى أخيه الأصغر، وعندها اضطر القاضي أن يحكم بما يراه مناسباً وهو أن تعيش مع اسرة الاخ الأصغر لأنه الاقدر على رعايتها، وهذا ما أبكى حيزان.
ما أغلى الدموع التي سكبها حيزان.. دموع الحسرة على عدم قدرته على رعاية والدته بعد أن أصبح شيخاً مسناً، وما أكبر حظ هذه الأم على هذا التنافس.
ليتنا نعلم كيف ربت ولديها للوصول الى مرحلة التنافس على رعايتها، وهي لا تملك من الدنيا شيئا تورثه، إنه درس نادر في البر في زمن شح فيه البر.
هكذا هو البر الصافي الذي لا طمع فيه ولا دنيا، فالمحاكم لم يفترض فيها ان تحل التنازع بين اخوين لأجل قطعة ارض او سلة نقود ولكنها الدنيا والنفوس المريضة التي لم تترك مجالاً لحسن الظن.
إنه الطمع والجشع، إنه الكبر والغرور فيا لها من صفات يفخر بها حاملها!
لقد آن الأوان لأن نصلح ما في النفوس ونضع النقاط على الحروف وعلى كل شخص أن يكون أميناً في ما هو مؤتمن عليه دون تدخل في الرأي، فالدنيا دار ممر وليست دار مستقر.
تحابوا في الله وتجاوزوا عما في النفوس فما اجمل التنازل والتضحية لأجل الاخوان والأرحام.
***
»من ملك التغافل، ملك زمام الأمور«
تاريخ النشر: الاحد 22/6/2008
تمتلئ المحاكم بالقضايا بين الأرحام لخلافات مالية بحتة، وللأسف يرفض الكثير منهم التحكيم ويتجه إلى القضاء لرسوخ سوء النوايا في غالب المعاملات.
ولعل أغرب قضية رفعها أخ ضد أخيه ما وصلني من الأخ محمد القلاف نشرتها صحيفة »الرياض« عن شاب اسمه »حيزان« فما حكايته؟
»حيزان« رجل مسن من قرية صغيرة بكى في المحكمة حتى ابتلت لحيته، فما الذي ابكاه؟ هل هو عقوق ابنائه، أم خسارته في قضية أرض متنازع عليها، أم هي زوجة رفعت عليه قضية خلع؟
في الواقع ليس هذا ولا ذاك، فما أبكى حيزان هو خسارته قضية غريبة من نوعها فقد خسر القضية امام أخيه لرعاية أمه العجوز التي لا تملك سوى خاتم من نحاس.
فقد كانت الام العجوز في رعاية ابنها الاكبر حيزان ذي الدخل المحدود ولم يتزوج وعاش وحيداً حتى يتفرغ لرعايتها وعندما تقدمت به السن جاء أخوه الاصغر والافضل دخلاً من مدينة اخرى ليأخذ والدته لتعيش مع أسرته، لكن حيزان رفض محتجاً بقدرته على رعايتها، وكان ان وصل بهما النزاع إلى المحكمة ليحكم القاضي بينهما، لكن الخلاف احتدم وتكررت الجسات وكلا الأخوين مصر على احقيته برعاية والدته، وعندها طلب القاضي حضور الأم العجوز لسؤالها، فاحضرها الأخوان يتناوبان حملها في كرتون لصغر حجمها وقلة وزنها.
وبسؤالها عمن تفضل العيش معه، قالت وهي مدركة لما تقول: هذا عيني مشيرة إلى حيزان، وهذا عيني الأخرى مشيرة إلى أخيه الأصغر، وعندها اضطر القاضي أن يحكم بما يراه مناسباً وهو أن تعيش مع اسرة الاخ الأصغر لأنه الاقدر على رعايتها، وهذا ما أبكى حيزان.
ما أغلى الدموع التي سكبها حيزان.. دموع الحسرة على عدم قدرته على رعاية والدته بعد أن أصبح شيخاً مسناً، وما أكبر حظ هذه الأم على هذا التنافس.
ليتنا نعلم كيف ربت ولديها للوصول الى مرحلة التنافس على رعايتها، وهي لا تملك من الدنيا شيئا تورثه، إنه درس نادر في البر في زمن شح فيه البر.
هكذا هو البر الصافي الذي لا طمع فيه ولا دنيا، فالمحاكم لم يفترض فيها ان تحل التنازع بين اخوين لأجل قطعة ارض او سلة نقود ولكنها الدنيا والنفوس المريضة التي لم تترك مجالاً لحسن الظن.
إنه الطمع والجشع، إنه الكبر والغرور فيا لها من صفات يفخر بها حاملها!
لقد آن الأوان لأن نصلح ما في النفوس ونضع النقاط على الحروف وعلى كل شخص أن يكون أميناً في ما هو مؤتمن عليه دون تدخل في الرأي، فالدنيا دار ممر وليست دار مستقر.
تحابوا في الله وتجاوزوا عما في النفوس فما اجمل التنازل والتضحية لأجل الاخوان والأرحام.
***
»من ملك التغافل، ملك زمام الأمور«
تاريخ النشر: الاحد 22/6/2008