المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : من أشعل فتيل الفتنة.. ولماذا؟



بهلول
06-20-2008, 12:00 PM
الإمام علي بن أبي طالب «ع» وصراع الخلافة مع طلاب الملك

علي عباس - النهار


في محاولة لاعادة قراءة أحداثه المؤسفة.. نطل معا من نافذة التاريخ. انها معادلة ثابتة على مر الزمن. أحداث الأمس تصنع اليوم، وأحداث اليوم تحدد ملامح الغد، فالحياة نهر متصل لا يتوقف عن التدفق. تتفاعل فيه رواسب الماضي مع الحاضر، فتنتج عن تفاعلها ملامح المستقبل.
كعرب.. نحن نعشق أمجاد الماضي، ونتغنى بها في كل الأحوال، لذلك فان المفارقة ان تظل كبيرة بين ما كنا وما أصبحنا، وعلامات التعجب تبقى قائمة بشأن هذه الأمجاد التي سجلها التاريخ، التي لم تتبق منها أي رواسب.

هل هناك خلل ما؟ هل أخطأنا في قراءة التاريخ؟ هل علينا اعادة قراءته؟ تساؤلات تتزاحم في خاطر كل من وقف ذات يوم ليطل على الدنيا من نافذة التاريخ.
تساؤلات حول حقيقة ما سجله الرواة عن هذه الفترة - فترة خير القرون - من روايات ترتبط بأحداث مؤكدة أو مختلفة، وشخصيات منها من هم سادة الدنيا وملوك الآخرة، ومنها من هم مجرد طلاب دنيا.
وحتى نستطيع تفهم ما حدث من صراع طويل بين أهل الدنيا وأهل الآخرة، وما واجهه رابع الخلفاء الراشدين الامام علي بن أبي طالب - على نبينا وآله أفضل الصلاة والسلام - من أحداث وحروب افتعلها أصحاب شعار «قميص عثمان» كان لابد من التوقف عند الخليفة الثالث لتوضيح أن أيدي خفية بدأت في نهاية عصره اثارة فتنة حصاره وقتله حتى يخلو لها وجه الحكم لولا مبايعة أهل الحل والعقد للإمام التي سرعان ما اكتشف الكثيرون أنها تقف حائلا دونهم وما يبتغون من عرض الدنيا.
هل كان تمسك الخليفة الرابع بالخلافة عن رغبة شخصية في الأمر، أم أن مواجهته للمعسكر الآخر كان مبعثها اعادة الأمور الى نصابها حفاظاً على الاسلام والمسلمين؟
الإمام نفسه يجيب على ذلك في معرض رده على المطالبين بدم عثمان: «انها مقولة حق أريد بها باطل».
هذا الخط الفاصل الذي قسم المجتمع المسلم الى معسكرين لا تخطئهما العين لأول مرة، ازداد وضوحا بعد ذلك من خلال الملامح السلبية التي أضفاها رواة التاريخ على كل شخصية بارزة حاولت اعادة الأمور الى نصابها، والا فهل من الصحيح أن سيد شباب أهل الجنة الامام الحسن بن علي كان لا همة له في السياسة والحكم لما شغل به من كثرة الزواج والطلاق وتفضيله حياة الدعة واللين؟
وهل من الصحيح أن سيد الشهداء الامام الحسين بن علي ما خرج الا رغبة في الحكم؟ وهل صحيح أن الصوام القوام عبدالله بن الزبير الذي كبر عند مولده كل من كانوا في مدينة رسول الله من مهاجرين وأنصار كان طامعا في ملك بني أمية؟
في كل مرة وقفت فيها لأنظر من نافذة التاريخ كنت أصاب بالغثيان لما تحويه الروايات التاريخية من افتراءات لا تتناسب والملامح الشخصية المعروفة عن هذه الكواكب اللامعة في سماء البشرية، ولا تتفق وما ورد عن أصحابها من أحاديث شريفة أو روايات لا يرقى لقائليها شك.
ان استعراض ملامح الشخصية من واقع الأحاديث الشريفة والروايات الموثقة، واستقراء الأحداث بعيداً عن الميول والتوجهات بمثابة خط الأساس في تقديم قراءة ثانية لصفحات التاريخ يتم خلالها التخلص من شوائب الاجتهادات والآراء الشخصية والانتماءات السياسية التي سادت خلال القرن الأول، وما تناقله الرواة عن هذه الفترة بعد ذلك دون تمحيص، ودون تدخل من أي نوع اكتفاء بفلسفة شيخ المؤرخين محمد بن جرير الطبري أول من سجل وقائع التاريخ خلال العصر العباسي، بالاشارة الى أن الرواية منكرة أو أن الراوي مجهول أو ضعيف، موضحاً أن أمانة المؤرخ هي في حرصه على تقديم كل ما لديه من روايات وأن مسؤولية اكتشاف الحقائق ليست عمل كاتب التاريخ وانما مسؤولية الراوي وذلك بقوله: «أما ان وجدت خبراً تستشنعه فاعلم أنك لم تؤت من قبلنا، وانما قد أوتيت من قبل راوية»، وهو منطق له وجاهته وان كان لا يعفي المؤرخ تماما من مسؤوليته عن الروايات المخالفة للعقل التي لا تتفق مع طبيعة ما تتعلق به من شخصيات وأحداث خاصة في الحالات الوارد فيها أحاديث شريفة أو أقوال ثقات.

بدأنا الملامح الشخصية لأبرز مناوئي الامام بالوليد بن عقبة، وهو أخو عثمان بن عفان لأمه، وقلنا ان سلوكه الشخصي خلال توليه امارة الكوفة وما أخذ عليه من شرب للخمر ولا مبالاة باحكام الشريعة كان احد الاسباب التي اثارت الناس على الخليفة الثالث وادت الى حصاره وما اسفر عنه هذا الحصار من تداعيات انتهت بمقتله.
وان توجهه ومروان بن الحكم الى الشام بعد مبايعة الامام كان لاثارة فتنة المطالبة بدم عثمان قطعاً لطريق الخلافة، واستعجالا لتحويل نظام الحكم الى ملك.
وحتى لا نستبق الاحداث، نستكمل الملامح الشخصية للوليد بن عقبة كما اوردها رواة التاريخ.
أوردنا قصة ارتداده عن الاسلام، وكيف انه ادعى لكفار قريش تصرفه في كتابة الوحي على هواه، وما رغب فيه الرسول الكريم حين جاء به عثمان بن عفان بعد الفتح من ان يقوم احد الحاضرين الى هذا المنافق فيقتله.
يذكر رواة التاريخ اسلام الوليد هذا كان يوم الفتح، ولعل ذلك خلال المرحلة الثانية التي رافقه فيها عثمان، وان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كان قد بعثه على صدقات بني المصطلق فخرجوا يتلقونه فظن انهم خرجوا لقتاله فرجع فاخبر الرسول بذلك، فأراد ان يجهز اليهم جيشاً، فبلغهم ذلك فجاء منهم من يعتذر ويوضح حقيقة ما حدث، وأنزل الله في الوليد قوله تعالى: «يا أيها الذين أمنوا ان جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا ان تصيبوا قوماً بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين». الحجرات - 6.
وأبوه عقبة بن ابي معيط كان من الاسرى الذين امر رسول الله بقتلهم بعد بدر ولم يقبل فيهم الفدية، وقد قال محاولاً النجاة بنفسه: يا محمد من للصبية، فقال صلى الله عليه وآله وسلم: «لهم النار».
ويلاحظ ان رواة التاريخ يوردون احياناً اسم الوليد بن عقبة «الوليد بن عتبة» ولعله خطأ طباعي في بعض كتب التاريخ.

ملامح شخصية مروان بن الحكم

مروان بن الحكم، هو الشخصية المحورية الثانية في صناعة أحداث الفتنة الكبرى.
حين انتقل سيد الخلق الى الرفيق الاعلى كان لايزال في الثامنة من عمره، يقيم مع أبيه في مدينة الطائف بعد ان طرد الرسول الكريم أباه من المدينة، ولذلك يسمى طريد المدينة.
ليست له صحبة ويعتبره اغلب رواة التاريخ من كبار التابعين، وذكره ابن سعد في الطبقة الاولى من التابعين.
كانت افعاله بعد ان اسند اليه الخليفة الثالث ختم الخلافة وكتابة رسائل الخليفة السبب المباشر في تصاعد احداث الحصار، فقد استغل ثقة عثمان فيه وتصرف وفق رغبته الشخصية في تحويل امر الخلافة الى ملك يستأثر به بنو أمية.
وكان أبرز معالم ممارسته للحكم دون علم الخليفة كتابته لرسالة مهرها بختم الخلافة وارسلها مع حامل بريد شهيد الدار الى والي مصر عبدالله بن أبي سرح يطلب منه فيها قتل محمد بن أبي بكر وجماعته فور وصولهم.
في حين كان عثمان قد زود محمد بن أبي بكر برسالة الى والي مصر يخبره فيها انه ولّى حكم مصر لمحمد بن ابي بكر بدلا منه وانه عليه السمع والطاعة.
وهو اتفاق عقده الخليفة مع من جاءوا من مصر وتجمعوا حول الدار يشكون اليه ابن أبي سرح.
الأزمة انفرجت، وتم علاجها بعزل الوالي مصدر الشكوى وتعيين من اختاره المصريون مكانه.. لولا رسالة مروان التي اكتشفها محمد بن أبي بكر والعائدون معه في مرحلة من مراحل الطريق، فعادوا غاضبين يطالبون الخليفة بتوضيح هذه الازدواجية في الأوامر، والتناقض في المواقف.
اقسم عثمان انه لم يكتب ولم يمل ولم يختم الرسالة الأخرى، فعرف الجميع ان مروان هو صاحب هذه الخديعة وطالبوا بتسليمه اليهم.
ومع رفض الخليفة تسليمه اليهم بعد ان علم عن يقين انه ان سلّمة قتلوه، ولا يريد ان يتحمل دومه امام الله، اصبحت المواجهة سافرة بين اهل الأمصار، والخليفة الاعزل، حتى قض الله ما شاء من قضاء.
المهم ان أباه «الحكم بن ابي العاصي» كان من اكبر اعداء النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وقد اسلم يوم الفتح فيمن اسلم من طلقاء بني امية، وقدم المدينة، ثم طرده الرسول الى الطائف ومات بها.
ولما أصبح مروان واليا على المدينة في عهد معاوية كان يسب الامام علي المنبر كل جمعة، فقال له الامام الحسن على نبينا وآله أفضل الصلاة والسلام: لقد لعن الله اباك الحكم وأنت في صلبه على لسان نبيه فقال: «لعن الله الحكم وما ولد».. والله أعلم.
يروي ابن كثير ان عثمان اطل على المحاصرين لداره فتحدث اليهم فيما نقموا عليه موضحا انه لم يكن يقصد ان يحمل بني أمية على رقاب الناس وانه لن يعود الى ذلك، ونزل فصلى بهم، ودخل منزله، فلم يمنع من يريد الدخول عليه لحاجة او مسأله، وانتهت المشكلة وتوسم الناس ان الخليفة سيصلح ما جاءوا يشكون اليه منه.
وجاء مروان بن الحكم فدخل عليه وقال: يا أميرالمؤمنين، أتكلم ام اصمت؟ فقالت السيدة نائلة زوجة عثمان من وراء حجاب: بل اصمت، فوالله انهم لقاتلوه، وقد قال مقالة لا ينبغي النزوح عنها، فقال مروان: وما أنت وذاك؟ فوالله لقد مات أبوك وهو لا يحسن ان يتوضأ، فقالت له: دع ذكر الأباء، ونالت من ابيه الحكم، فأعرض وقال: يا أمير المؤمنين اتكلم ام أصمت؟ فقال عثمان: بل تكلم، فقال مروان: بأبي انت وأمي، لوددت ان مقالتك هذه كانت وانت منع منيع، فكنت أول من رضى بها واعان عليها، ولكنك قلت ما قلت حين جاوز الحزام الطبيين، وبلغ السيل الزبى، وحين اعطى الخطة الذليلة الذليل، والله لاقامة على خطيئة يستغفر منها، خير من توبة خوف عليها، وانك لو شئت لعزمت التوبة، ولم تقر لنا بالخطيئة، وقد اجتمع اليك على الباب مثل الجبال من الناس، فقال عثمان: قم فاخرج اليهم فكلمهم فاني استحي ان اكلمهم، فخرج مروان الى الباب والناس يركب بعضهم بعضاً فقال: ما شأنكم كأنكم قد جئتم لنهب، شاهت الوجوه، كلي انسان آخذ باذن صاحبه الا من اريد، جئتم تريدون ان تنزعوا ملكنا من ايدينا، اخرجوا عنا، اما والله لئن رميتمونا ليمرنّ عليكم امر يسوءكم ولا تحمدوا غبه، ارجعوا الى منازلكم، فوالله ما نحن بمغلوبين على ما بأيدينا.
لم يكتف مروان بذلك بعد ان انكشف امر كتابه الى عبدالله بن أبي السرح، وما فيه من اوامر قتل وصلب وتقطيع لايدي وأرجل الوفد الاول للمصربين اذا وصلو الى مصر، واعتبار كتاب الخليفة بتعيين محمد بن أبي بكر واليا بدلاً من ابن ابي السرح كأن لم يكن.
لم يكتف بذلك، بل أرسل كتبا اخرى بأسماء كبار الصحابة الى الامصار يطلبون فيها النصرة على عثمان وبطانته.
وقد فعلت هذه الكتب فعلها فجاءت وفود من البصرة والكوفة ومصر لتبدأ الحصار الثاني للخليفة الذي انتهى باستشهاده.
تهيئة المسرح لدولة الملك، والانعتاق من دولة الخلافة حتى ولو كان الثمن هو دم عثمان كان كل ما اراده مروان بن الحكم، وقد نجح في مسعاه بتأليب الناس على الخليفة الثالث، وبدأت الخلافة الرابعة وهي في وضع لا تحسد عليه من انقسام العالم الاسلامي بين اتباع الخلافة وطلاب الملك.
وكان مروان مدركا ان والي الشام سيكون في طليعة مناوئي الخلافة، ولذلك بادر بالرحيل اليها، وقد حقق حلمه في «ملك بن أمية» اذ اصبح الخليفة الثالث للبيت الاموي.
عندما أحس أن معاوية سيحاول أن يستفيد من الحدث في تعزيز ملكه وسيترقب ما تصير اليه الأمور قبل أن يقدم على خطوة عملية عاد الى مكة ليلعب دور ولي أمر دم الشهيد وخرج مع طلحة والزبير وأم المؤمنين السيدة عائشة فيمن خرجوا الى العراق مطالبين بدم عثمان.
ويسرد الرواة أن مسيرهم قد سبق خروج الإمام علي الى الكوفة، وأنهم أرادوا الاستقواء بأنصار طلحة والزبير في الكوفة والبصرة لاعداد جيش يتعقب قتلة عثمان هناك.
وكيف ان واقعة الجمل شهدت فصلا من تآمره لاذكار الحرب بين الجانبين ومحاولة التخلص واجلاء الصحابة حتى لا يكون على الساحة بعد المعركة من هو جدير ان يبايع بالخلافة، على غرار ما فعله حين انتهز فرصة انشغال الجميع بالقتال ليرمي طلحة بسهم أودى بحياته، عندما رأى الزبير يحادث طلحة ثم ينصرف من أرض المعركة، وطلحة بأن يترك بدوره القتال.

ملامح .. وفضائل

تروي كتب التاريخ عن فضل معاوية بن أبي سفيان انه أسلم هو وأبوه وأمه - هند بنت عتبه - يوم الفتح - وأن أباه كان من سادات قريش في الجاهلية وآلت اليه رياسة قريش بعد يوم بدر فكان على رأس الجيوش التي حاربت المسلمين في غزوة أحد وغزوة الخندق وغيرهما من الحروب.
وتضيف الروايات أن أبا سفيان كان رئيسا مطاعاً ذا مال جزيل، ولما اسلم قال: يارسول الله مرني حتى اقاتل الكفار كما كنت أقاتل المسلمين، قال «نعم».
قال: ومعاوية تجعله كاتبا بين يديك، قال: «نعم». ثم سأل ان يزوج رسول الله بابنته عزة بنت أبي سفيان، واستعان على ذلك بأختها السيدة أم حبيبة فلم يقع ذلك، وبين رسول الله ان ذلك لا يحل له (الجمع بين الاختين).
يضيف ابن كثير: المقصود ان معاوية بعد الفتح كان ضمن من يكتبون الوحي وقد تولى دمشق في عهد عمر وأقره على ذلك عثمان وزاده بلادا أخرى.
هذا هو كل ما يسجله الرواة من فضائل معاوية، أما عن ملامحه الشخصية فقد تواتر في رواياتهم انه كان سياسيا بارعا، وداهية يجيد التخطيط للأمور، وقد قال عن نفسه في ذلك، لو كان بيني وبين الناس شعرة ما انقطعت، إن أرخوها شددتها، وان شدوها أرخيتها.
ويقال أنه كان وراء فكرة رفع المصاحف على اسنة الرماح طلبا لتحكيم كتاب الله بعد ان رأى انهزام جند الشام، وهي خدعة شقت جيش الإمام بين مؤيد ومعارض، وترتب عليها الكثير من التداعيات التي أدت لطول أمد الحرب وعدم استطاعة جند الخلافة حسمها في الوقت المناسب بسبب ظهور الخوارج والمعارك الجانبية معهم. وقد بلغ الإمام ما يقال عن دهاء معاوية فقال: «والله ما معاوية بأدهى مني، ولكنه يغدر..». كما ينسب الى معاوية أنه لما أراد أن يستخلف ابنه يزيد رجوعاً عن اتفاقه مع الإمام الحسن أن يستلم الخلافة من بعده.. أوعز الى جعدة بنت الاشعث- وكانت احدى زوجات الإمام الحسن- أن تضع له السم في العسل على ان يزوجها بعده بابنه يزيد.
ولما بلغه أن الأمر قد تم على نحو ما أراد كان يتغنى قائلاً: ان لله جنودا من عسل!
وقد استطاع بعد قتل الخوارج للإمام على (ع) ان يحقق وصية أبيه إذا وصلت اليكم فتلقفوها تلقف الكرة، فعهدة بالخلافة من بعده لابنه يزيد في سابقة خرجت بالاخلافة من صورتها الإسلامية الى صورة الملك الوراثي.
أما من شارك من الصحابة في المطالبة بدم عثمان، فالدليل على أنهم فعلوا ذلك بحسن نية، ومن منظور تطبيق العدالة ان ما انتهت اليه مواقف طلحة والزبير يوم موقعة الجمل خير دليل على ذلك، وهذا ما سيأتي في حينه.
لم يتناول شخصيات أخرى كان لها دورها في اشعال فتيل الفتنة الكبرى سواء من ولاة الامصار في عهد عثمان أو عقب مبايعة الامام بالخلافة على اعتبار ان ادوارهم ستأتي وبوضوح شديد خلال الاحداث الدامية التي تلت ذلك.
وقد التقينا باستعراض ملامح ابرز المناوئين ممن ظلوا ينتظرون سنوح الفرصة حتى جاءت اليهم على طبق من ذهب في حادثة الدار.
فوجد الوليد بن عقبة بعد رحيله الى الشام انه اصبح كالايتام في مأدبة اللئام، ولهذا اعتزل في ضيعة اشتراها وظل بها باقي حياته، في حين وجد مروان بن الحكم ان فرصته في ولاية دم عثمان ستضيع، وستؤول الى معاوية «صاحب السلطة الزمنية هناك» ولذا عاد الى مكة ليخرج مع الخارجين الى العراق ومن المطالبين بدم عثمان على امل ان يتحقق حلمه في تولي سدة الحكم من هذا الباب. أما والي الشام فقد كان له نصيب الاسد من هذه الفرصة السانحة للوثوب على الخلافة تحت غطاء المطالبة بتسليم القتلة رغم علمه عن يقين استحالة تحقيق الخلافة لذلك في بضعة اشهر ودون اية امكانيات حقيقية او قدرات فعلية، فكيف يمكن ملاحقة من عادوا الى مصر ممن حاصروا الدار ووثبوا عليها، وكيف يمكن ملاحقة من جاءوا من العراق، ومن امصار اخرى يديرها جميعاً ولاة، عينهم الخليفة الثالث وكان الاولى بهم تعقب العائدين من الحصار والقضاء عليهم بدلا من تركهم في أمان ثم مطالبه الخليفة الجديد بالقصاص.

لا خزائن بيت مال الخلافة فيها ما يغطى نفقات الجند، ولا جند هناك من الاساس سواء توفر المال أو لم يتوفر، ومع ذلك فالجميع يطالبون بتسليم قتلة عثمان كشرط لمبايعة الامام، وهو موقف معكوس لا اعرف كيف لم يقف امامه الرواة ليستخلصوا حقيقة ان قميص عثمان او دم عثمان لم يكن سوى مشجب علق عليه الامويون أحلام استيلائهم على السلطة، والكل مطمئن انه صاحب حق في دعواه.. حق اريد به باطل كما فهمه الامام منذ البداية.

معسكر الخلافة

يقف قارئو التاريخ طويلاً أمام سؤالين يترددان في النفس باحثين عن اجابة شافية.

الأول: لماذا قبل الامام على بيعة الخلافة وهو زاهد فيها؟

والثاني: لماذا قاتل المطالبين بدم عثمان؟

للاجابة على السؤال الثاني نعود الى حديث سيد الخلق: «لا يؤدي عني الا أنا أو احد أهل بيتي».

واذا كانت الخلافة قد تحددت ملامحها وضوابطها في ضوء ما أقره رسول الله قبل انتقاله الى الرفيق الأعلى، فإن الحفاظ على هذه الخلافة كنظام للحكم الاسلامي يصبح أمراً ملزماً للجميع يجب ان يقوم به من يحق له ان يؤدي عن رسول الله.

لذلك فإن تشرذم المسلمين بفعل كلمة الحق التي أريد بها باطل حين نادى البعض بالقصاص من قتلة عثمان اولا كانت كوضع العصا في عجلة لمنعها من السير، اذا ان الخليفة الذي تمت بيعته من اهل العقد والحل في المدينة لم يكن وقتها يحتكم على اي مقومات للسلطة غير هذا التكليف، فالبيعة لم تأت بعد من ولاة الامصار. وهم من لديهم الجند والمال. ادرك معاوية هذه الحقيقة فلم يرد على ثلاثة رسائل للامام يطالبه فيها بالبيعة، ليرد اخيرا ان مبايعته لن تكون قبل القصاص من قتلة عثمان. عذر ظاهر يستطيع من ورائه ان يمتنع عن البيعة حتى اذا ما تم اسناد الشام لوال اخر كان له الحق في مقاتلته للاحتفاظ بما تحت يديه من ملك، هذا «النموذج» المنطقي وجد صداه لدى ولاة البصرة والكوفة ومصر ومناطق اخرى وان لم يكن بدرجة وضوح موقف الشام، والمحصلة ان بعضة اشهر قد مرت منذ البيعة، والخليفة بلا سلطة فعلية على ما تحت ايدي الخلافة من امصار، وفضلا عن ذلك، فإن قائمة التطلعات بدأت تنال اخرين حتى من اهل الشورى «اهل الحل والعقد» الذين بايعوا الامام. منهم طلحة والزبير وهما من العشرة المبشرين بالجنة، ومن اهل بدر واصحاب بيعة الرضوان، يخرجان الى العراق مطالبين بالثأر لعثمان، ويعتبان على الخليفة الذي بايعاه عدم الانتقام من هؤلاء القتلة برغم انهما يدركان أن امور الحكم ومقدراته لم تنتظم له بعد. الفتنة تتطور وتتسع وليس لها ا لا ان يواجهها الامام حفاظا على الخلافة الاسلامية التي يعلم عن يقين انها ان خرجت فلن تعود، وان دوره كمؤد عن سيد الخلق يستوجب الدفاع عنها، حتى لو كان الثمن هو خوض الحرب ضد مناوئي هذه الخلافة والطامعين في الملك. اما السؤال الاول هو لماذا قبل الامام البيعة رغم زهده فيها؟، فهو لانه لم يكن ليحجم عن مهمة يرى فيها الخير للاسلام واهله حتى ولو كان ثمنها حياته، فهو جندي من جنود الله، ورجل يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله». ثم ان من بايعوه هم انفسهم اجلاء الصحابة الذين انعقدت ببيعتهم خلافة من سبقه من خلفاء فما الذي استجد حتى تكون بيعتهم هذه المرة بلا فاعلية ودون اثر؟

الحقيقة ان ما حدث هذه المرة هو ان الزمن قد دار دورته، وان الدنيا قد اقبلت فتطلعت اليها القلوب مصداقا لقول من لا ينطق عن الهوى «والله ما الفقر اخشى عليكم، وإنما اخشى ان تفتح عليكم الدنيا فتنافسوها كما تنافسها من قبلكم فتهلكم كما اهلكتهم» او كما قال صلى الله عليه وآله وسلم. هذا هو التغيير الذي بدأت ملامحه تتضح في نهاية عهد عثمان، الذي قاد الى ما شهده المسلمون من تداعيات ادت الى فتنة حقيقية بين اهل الدين واهل الدنيا، ومن الطبيعي ان تكون حركة التاريخ باتجاه هذا التيار الجديد الذي ظل اصحابه يدارون انفسهم طوال ثلاثة عقود، ليظهروا على حقيقتهم مع اول فرصة سانحة اتاحتها كف القدر.

زكي
06-20-2008, 12:12 PM
تلك امه خلت

والفتنه بين الصحابه رضوان الله عليهم

لا تعطي الحق لاتباع ابن السوداء اليهودي عبدالله بن سبأ

لتغيير دين الله وسب اصحاب رسول الله وشتم زوجاته رضوان الله عليهم

وعباده القبور وضرب الصدور وشق الجيوب وتعذيب النفس كما يفعل

الهندوس واليهود والمسيحيين وتقديس اهل البيت رضوان الله عليهم

وكأنهم الهه تعبد واعطائهم صفات تتجاوز قدرهم كبشر

لدرجه ان الشيعه يعتقدون ان علي يجلب المطر ويزيح السحاب

ويخرج الحي من الميت ويخرج الشمس من المغرب

ومن هذه الضلالات التي ما انزل الله بها من سلطان

لا حول ولا قوه الا بالله

بهلول
06-20-2008, 12:19 PM
نقلت الموضوع ليعلق عليه الاسوياء
واذا لم يعجبك الموضوع لا تعلق عليه واضرب راسك بالطوفة

XXXXXXXXXXXXXXXXXXXX

زكي
06-20-2008, 04:40 PM
Xxxxxxxxxxxxxxxx

Xxxxxxxxxxxxxxxxxxxxxxxxxxxx

جمال
06-22-2008, 06:08 AM
دعا «الإعلام» لإحالة من يتعرض لهم بالتعدي إلى النيابة
«ثوابت الأمة» محذراً من المساس بالصحابة: على وسائل الإعلام عدم استنبات الأحقاد


استنكر تجمع ثوابت الأمة ما أسماه سقوط إحدى الصحف في مستنقع سب الصحابة رضي الله عنهم، وجرأتها على نشر مقال يطعن في الصحابي الجليل معاوية رضي الله عنه، موضحاً أن الطعن فى أحد كتبة الوحي طعن في الإسلام، وانتقاص من القرآن الكريم، وتشكيك فيمن ارتضاهم الله تعالى لصحبة نبيه.
وقال التجمع في بيان له إن الله سبحانه قد وصف أصحاب النبي (صلى الله عليه وسلم) بأنهم (أشداء على الكفار رحماء بينهم، تراهم ركّعاً سجّداً، يبتغون فضلاً من الله ورضواناً)... وهذا الوصف لجميع الصحابة عند جمهور العلماء، وذكر ذلك ابن الجوزي في «زاد المسير» ويروى أن مالكاً رحمه الله ذكر عنده رجل ينتقص من قدر الصحابة، فقرأ هذه الآية ثم قال: من أصبح وفي قلبه غيظ على أصحاب محمد (صلى الله عليه وسلم) فقد أصابته الآية (ليغيظ بهم الكفار).
وأشار التجمع إلى أن الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله خصص في مسنده مسنداً خاصاً بمعاوية رضي الله عنه، وأخرج له أصحاب الكتب الستة ستين حديثاً كما اتفق البخاري ومسلم على أربعة أحاديث، وانفرد البخاري بأربعة ومسلم بخمسة عن معاوية رضي الله عنه، فضلاً عن أن الإمام البخاري قد بوب له في كتاب المناقب في صحيحه.
وأضاف بيان التجمع بقوله أما عن أقوال العلماء في حقه رضي الله عنه فنسوق منها: قال ابن عساكر: خال المؤمنين وكاتب وحي رب العالمين، كما قال عنه الذهبي: «أمير المؤمنين، ملك الإسلام»، في حين قال عنه ابن خلدون: «وقد كان ينبغي أن ألحق دولة معاوية وأخباره بدولة الخلفاء وأخبارهم، فهو تاليهم في الفضل والعدالة والصحبة».
وأضاف البيان أن أبا العز شارح الطحاوي قال عن معاوية رضي الله عنه «أول ملوك المسلمين معاوية، وهو خير ملوك المسلمين».
وزاد التجمع إلى ذلك أن النبي (صلى الله عليه وسلم) قال: «أول جيش يغزو مدينة هرقل مغفور له»، رواه البخاري مشيراً إلى أن معاوية رضي الله عنه هو الذي قاد هذا الجيش.
ولذا شدد التجمع بأنه ينبغي على وسائل الإعلام أن تكون بعيدة كل البعد عن استنبات الأحقاد واستخراج المآسي وإلهاب مشاعر العامة والخاصة، تأجيجاً للصراع وتحريكاً للأحقاد، وقال إن العاقل الفطن والمؤمن التقي يحرص على ما ينجيه عند الله، وما يكون سبباً في صلاح حال أمة الإسلام ولم شملها وتوحيد جهودها.
وأضاف التجمع أنه يجب على وزارة الإعلام إحالة كل من يتعدى على الثوابت الإسلامية من خلال وسائل الإعلام إلى النيابة دون تردد، موضحاً أن التجمع سوف يحرك دعوى قضائية ضد الجريدة لتجاوزها وتحديها مشاعر المسلمين.

تاريخ النشر: الاحد 22/6/2008

fadel
06-22-2008, 10:55 PM
اقترح على المحامين المتصدين لجماعة ثوابت السلف ان يتوسعوا في طرح الادلة التارخية لخيانة بعض الصحابة امام المحكمة حتى نحصل على حكم قضائي وبالادلة على انه ليس كل الصحابة جيديين