سعد الزيداوي
06-19-2008, 10:46 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صلي على محمد وآل محمد وعجل فرج قائم آل محمد
الأعلمية
الأعلمية في مرجع التقليد هي حصول أقوى ملكة لإستنباط الأحكام الشرعية من أصولها الأربعة (القرآن ، السنة ، الإجماع ، العقل ) .
ومن المسلّم به أن العلم هو نور يقذفه الله سبحانه وتعالى في القلب مع وجود الاستعداد العالي لتقبل العلوم الإلهية العالية وهذا يأتي بالدرجة الأولى بتوفيق من الله سبحانه وتعالى حيث يقول (جل وعلى) في محكم كتابه { يؤتي الحكمة من يشاء ومن يؤتي الحكمة فقد أوتي خيراً كثيراً} وكذلك يقول سبحانه { ما تشاءون إلا أن يشاء الله } فأن المشيئة الإلهية لإعطاء الفيوضات والعلوم لبعض الأفراد تأتي من مشيئة الشخص واستعداده وترويضه العالي للنفس من حيث التقوى والطاعة والتسليم لله سبحانه وتعالى.
فكثير من الأشخاص ممن يجد ويجتهد فيحصل على قسط معين من العلوم أي يحصل على مرتبة الاجتهاد في الأحكام الشرعية وأن الوصول إلى هذه المرتبة شرف وحظ عظيم لأن الاجتهاد هو موقع شريف وعظيم يحل محل النبوة والإمامة بمسؤولية القيادة الروحية للبشر ، ولكن الله سبحانه وتعالى أرشد الأنبياء والأئمة بأن تكون مسؤولية القيادة الروحية للبشر ، ولكن الله سبحانه وتعالى أرشد الأنبياء والأئمة بأن تكون مسؤولية القيادة إلى من هو أفضل وأكمل وأعلم حيث ابتدأ ذلك بالنبوة التي هي أعلى المراتب وأشرفها كما تحظى به من التسديد الإلهي المباشر للأنبياء باعتبارهم المصطفين الأخيار الذين يؤهلون من الصغر حتى تكليفهم الشرعي بتعاليم الرسالات الإلهية وأحكامها وهذا التسديد يبدأ بالتعليم لفضائل الأخلاق وسموها ورفعتها وحتى ينتهي بصواب الرأي وسلامة الفكر والعقل وصفاء النفوس وطهارتها من الأدران والشوائب والنقائض لجعل تلك الشخصيات متكاملة وكاملة بكل أفعالها وأقوالها وأعمالها حتى تصبح القدوة الحسنة الذي يقتدي بها الناس نحو تطبيق التعاليم الربانية السامية للوصول بالناس إلى درجات الكمال العالي وكل حسب إستحقاقة واستعداده وتقبله .
وقد جرت هذه السنة على الأوصياء(سلام الله عليهم) لإحلالهم محل النبوة من حيث القيادة ووهب لهم علوماً لدنية منه سبحانه وسدد كما فعل بإخوانهم الأنبياء الذين هم أعلى شرفاً وجعلهم على استعداد لوراثة علوم أنبيائه وتمتعهم بكامل صفات الكمال العالي والخلق السامي والشريف الرفيع حتى لا يكون هناك شك في مواقعهم من قبل عوام الناس .
وكذلك انتقلت هذه الحالة إلى المجتهدين الذين ينوبون عن الأنبياء والأوصياء بهذه المواقع الشريفة لقيادة الناس وتعليمهم وتوجيهم بتهيئة أولئك الأشخاص العالمين العاملين المخلصين باحتلال المواقع الرفيعة وجعل استحقاق تلك المواقع الرفيعة وجعل استحقاق تلك المواقع للأعلم منهم لأن الله سبحانه وتعالى له سنن في خلقه وأنه قال لا تخلو الأرض من حجة له فيها لأن سبحانه لا يعذب قوماً أو يبتليهم ببعض البلاء دون أن تكون هنالك حجة تسد أبواب العذر أمام الناس بأن تنهاهم عن المنكر وتأمرهم بالمعروف وتوضح لهم أفضل السبل وأرقاها وأن العلم كثير من النفوس تتوق إلى شرف الحصول عليه فتجد وتجتهد فتحصل على قدر منه ولكن ليس كل من حصل على قسط منه يتولى مركز القيادة الشرعية لعموم الناس .
مركز القيادة
إن الله سبحانه قال { لَوْ كانَ فِيهِما آلِهَةٌ إِلاَّ اللَّهُ لَفَسَدَتا } فتعين أن تكون القيادة واحدة ومركز القرار واحد وأن تعدد المراكز يؤدي إلى إفساد النظام ووجود الخلل الذي تترتب عليه آثار سلبية في حركة الحياة ونظام الكون .
وكذلك أشار سبحانه في موقع آخر من كتابه العزيز فقال :{ أطيعوا الله ورسوله ومن يطع الله ورسوله ...} أي قرن طاعة الله سبحانه بطاعة رسوله أي أن طاعة رسول الله إقرار لطاعته سبحانه ولم يجعل طاعة رسوله مستقلة عن طاعته فيكون هنالك خلل في النظام الذي يؤدي إلى الشرك ولكن جعلها دليلاً لطاعته وأمراً منه وإرشاداً لمن آذنه واختياراً لعباده .
وكذلك جعل الإمامة التي هي استمرارية الطاعة لله وللرسول وقرنها بطاعته كما قرن طاعة الرسول بطاعته سبحانه حيث قال:{ أطيعوا الله ورسوله وأولي الأمر ...} فجعل طاعة الرسول وطاعة أولي الأمر الذين هم الأئمة(عليهم السلام) طاعة له ودليلاً لإمتثال أوامره المركزية .
وأن الإمامة التي أصبحت من المسلمات العقائدية عندنا فتكون طاعة الإمام كقائد شرعي في الدنيا والآخرة لمن نص عليه من قبله ، ومع هذا فأن وجود أمير المؤمنين(عليه السلام) وصدور النص عليه بالعصمة والإمامة ولما يتمتع به من طاقات وإمكانات علمية تضاهي إمكانية الرسول(صلى الله عليه وآله وسلم) لم يعطه المبرر للقيادة في حياة النبي(صلى الله عليه وآله وسلم) بل كانت القيادة المركزية للرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) ومن بعده للإمام أمير ألمؤمنين(عليه السلام) مع وجود إمامين معصومين مسددين من الله وهم الحسن والحسين(عليهما السلام) وكذلك للإمام الحسن مع وجود الحسين فإن القيادة للحسن ووجود الطاعة للإمام الحسن بما فيه طاعة الحسين(عليه السلام) له امتثاله لإمامته .
الزهراء(عليها السلام) والإمامة
إن سلسلة الإمامة منصوصة بالتعين من الله تعالى ، ورسوله(صلى الله عليه وآله وسلم) والقيادة متسلسلة حتى قيام الساعة وإن وجود هذا النظام أكدته سيدة نساء العالمين بضعة الرسول الأكرم وزوجة وصيه الأعظم في خطبتها أمام المسلمين عندما تمت البيعة للخليفة الأول واغتصاب حقها في فدك .
أشارت(سلام الله عليها) إلى الإمامة فقالت: { وجعل الله إمامتنا نظاماً للملة } أي أن الإمامة هي القيادة المركزية للناس والتي تضمن وحدة المجتمع وسلامته وسلامة دينه من الانحراف والضلال وسلامة الأحكام الشرعية من التأويل والانحراف وأوضحت سلام الله عليها في هذه الفقرة بأن النظام المركزي للأمة من حيث وحدة القيادة الذي يضمن وحدة المجتمع وسلامته من أي خلل هو الإقرار بالإمامة والطاعة الكاملة للأئمة(عليهم السلام) وإن دون ذلك يحدث الخلل الكبير في حياة الأمة الإسلامية وكما بان ذلك عندما تركت الأمة هذا النظام فانقلبت على عقبيها وأستحوذ عليها الشيطان وأستطمع بثرواتها كل طامع ومستعمر فتأولت كتاب الله واجتهدت بأحكام الله وخرجت عن الدين وخرج الناس عن خط الإسلام الصحيح فلو كانت ملتزمة بخط القيادة المركزية الذي رسمه الله سبحانه وتعالى لعباده دليلاً لطاعته واستحقاقاً لجزيل ثوابه لسلمت من الخلل وآمنت من الزلل والإنحراف .
الإمامة والأعلمية
إن نظام الإمامة نظام متكامل للحياة فلو كان هنالك إمامين متعاصرين في وقت واحد ومكان واحد لكانت طاعة الإمام المنصوص عليه بالأسبقية فرضاً على الإمام الأخر كما كان ذلك في زمن الحسن والحسين فطاعت الحسن على الحسين واجبة والامتثال له واجب وذلك للحفاظ على وحدة القرار ووحدة القيادة والتي تضمن وحدة الأمة وسلامة أمرها ودينها وحياتها المستقرة .
فكذلك تكون القاعدة على الأشخاص الذين حصلوا على قدرٍ من العلم ممن يستحق تبوء مركز القيادة الشرعية النائبة عن مركز أولي الأمر حتى تكون طاعته دليلاً لطاعة أولي الأمر ودليل طاعة النبي(صلى الله عليه وآله وسلم) المنتهية بالنتيجة إلى طاعة الله سبحانه وتعالى وكما وصفها الإمام الصادق(عليه السلام) : { الراد عليهم راد علينا والراد علينا راد على رسول الله والراد على رسول الله راد على الله سبحانه وتعالى } فكما نص الرسول على الأئمة(عليهم السلام) بنص من الله واحد بعد الآخر كذلك نص أهل البيت(عليهم السلام) بتوفر الدليل العلمي لهؤلاء الأشخاص ممن ينوب عنهم(عليهم السلام) وقد أرشد المعصومون(عليهم السلام) إلى حكم العقل والسيرة العقلانية التي أمضوها من الرجوع إلى الأعلم والأمهر إضافة إلى باقي الشروط فتخصيص الأعلم من العلماء باعتباره المتمكن بالرؤية الصحيحة لصالح الأمة وحتى تكون هناك مركزية في القيادة والتوجيه وهذه المركزية تضمن وحدة المجتمع وسلامة نظام الله .
وكما أوجبت طاعة الحسين للحسن(عليهما السلام) أوجبت طاعة غير الأعلم من المجتهدين للأعلم وبالتالي ضمان طاعة الملة له جميعاً وبالتالي سلامة سير المجتمع بطريق صحيح وسليم نحو الكمال والطاعة لله سبحانه وتعالى .
أئمة الضلالة
لقد حذر المعصومون(عليهم السلام) من أمر مهم وهو طموح بعض الأفراد ممن حصلوا على قسط من العلم أن يمنى نفسه بالمناصب الرفيعة الشرعية لأمور المسلمين وما ورد عنهم(عليهم السلام) { إذا دعا عالم الناس إلى نفسه وفي الأمة من هو أعلم منه فهو مدعٍ ضال } أي أن دعوة هذا العالم إلى نفسه لكي تطيعه الناس ويتصرف بأمور الناس لأنه حصل على مرتبة من العلم في أحكام الشريعة وفي الأئمة من هو أعلم منه فهو مبتدعٍ وضال . وأن البدعة والضلالة مصيرها إلى النار ، أي أن علمه لم يكن دليلاً لطاعة الأئمة والأئمة(صلوات الله عليهم أجمعين) التي تنتهي بالنتيجة لطاعة الله سبحانه وتعالى ، ولكن علمه الذي يأمر بطاعة نفسه هي دعوة ضلالة وبدعة تؤدي بالأمة إلى التفكك والتشرد والتشرذم دون أن تؤدي إلى الوحدة والانسجام والطريق الصحيح . فيكون هذا الأمر إشارة حمراء إلى من يدعو إلى نفسه وهو غير مؤهل لإدارة أمور الأمة فتكون القيادة متعددة والأمة متفرقة دون أن تكون القيادة مركزية والأمة موحدة .
وحدة الأمة وسلامة الدين
إن الذي يضمن استتمام النظام ووحدة الأمة هو طاعة الأعلم الذي يتوفر عنده الدليل العلمي الأقوى فتصبح طاعته واجبة وأتباعه واجباً وهذا هو السبيل الذي يضمن وحدة الأئمة وسلامة دينها من الإنحراف والضلال ولذلك أرشد وأكد عليها الأئمة(عليهم السلام) وهو نظام ولاية الفقيه الولاية النائبة عن ولاية المعصوم في عصر الغيبة فعلى جميع المكلفين الذين يبتغون الفضل من الله ويطلبون منه الجزاء الأوفى والذين يرومون أن يكون دينهم في سلامة من الإنحراف والتحريف أن يبحثوا عن الأعلم فيتبعوه وأن معرفة الأعلم في زماننا هذا هو بتوفر الدليل العلمي ووجود الآثار العلمية الراجحة ووجود الدليل الذي لا يقوى عليه دليل أخر لأن الدعوات الكاذبة والعناصر المبتدعة والضالة كثرت في زماننا وأن معرفة الدليل وأثار العالم هو الدليل الوحيد لمعرفة العالم ، وهو طريق طاعة الله ورسوله وأولي الأمر(سلام الله عليهم) .
اللهم صلي على محمد وآل محمد وعجل فرج قائم آل محمد
الأعلمية
الأعلمية في مرجع التقليد هي حصول أقوى ملكة لإستنباط الأحكام الشرعية من أصولها الأربعة (القرآن ، السنة ، الإجماع ، العقل ) .
ومن المسلّم به أن العلم هو نور يقذفه الله سبحانه وتعالى في القلب مع وجود الاستعداد العالي لتقبل العلوم الإلهية العالية وهذا يأتي بالدرجة الأولى بتوفيق من الله سبحانه وتعالى حيث يقول (جل وعلى) في محكم كتابه { يؤتي الحكمة من يشاء ومن يؤتي الحكمة فقد أوتي خيراً كثيراً} وكذلك يقول سبحانه { ما تشاءون إلا أن يشاء الله } فأن المشيئة الإلهية لإعطاء الفيوضات والعلوم لبعض الأفراد تأتي من مشيئة الشخص واستعداده وترويضه العالي للنفس من حيث التقوى والطاعة والتسليم لله سبحانه وتعالى.
فكثير من الأشخاص ممن يجد ويجتهد فيحصل على قسط معين من العلوم أي يحصل على مرتبة الاجتهاد في الأحكام الشرعية وأن الوصول إلى هذه المرتبة شرف وحظ عظيم لأن الاجتهاد هو موقع شريف وعظيم يحل محل النبوة والإمامة بمسؤولية القيادة الروحية للبشر ، ولكن الله سبحانه وتعالى أرشد الأنبياء والأئمة بأن تكون مسؤولية القيادة الروحية للبشر ، ولكن الله سبحانه وتعالى أرشد الأنبياء والأئمة بأن تكون مسؤولية القيادة إلى من هو أفضل وأكمل وأعلم حيث ابتدأ ذلك بالنبوة التي هي أعلى المراتب وأشرفها كما تحظى به من التسديد الإلهي المباشر للأنبياء باعتبارهم المصطفين الأخيار الذين يؤهلون من الصغر حتى تكليفهم الشرعي بتعاليم الرسالات الإلهية وأحكامها وهذا التسديد يبدأ بالتعليم لفضائل الأخلاق وسموها ورفعتها وحتى ينتهي بصواب الرأي وسلامة الفكر والعقل وصفاء النفوس وطهارتها من الأدران والشوائب والنقائض لجعل تلك الشخصيات متكاملة وكاملة بكل أفعالها وأقوالها وأعمالها حتى تصبح القدوة الحسنة الذي يقتدي بها الناس نحو تطبيق التعاليم الربانية السامية للوصول بالناس إلى درجات الكمال العالي وكل حسب إستحقاقة واستعداده وتقبله .
وقد جرت هذه السنة على الأوصياء(سلام الله عليهم) لإحلالهم محل النبوة من حيث القيادة ووهب لهم علوماً لدنية منه سبحانه وسدد كما فعل بإخوانهم الأنبياء الذين هم أعلى شرفاً وجعلهم على استعداد لوراثة علوم أنبيائه وتمتعهم بكامل صفات الكمال العالي والخلق السامي والشريف الرفيع حتى لا يكون هناك شك في مواقعهم من قبل عوام الناس .
وكذلك انتقلت هذه الحالة إلى المجتهدين الذين ينوبون عن الأنبياء والأوصياء بهذه المواقع الشريفة لقيادة الناس وتعليمهم وتوجيهم بتهيئة أولئك الأشخاص العالمين العاملين المخلصين باحتلال المواقع الرفيعة وجعل استحقاق تلك المواقع الرفيعة وجعل استحقاق تلك المواقع للأعلم منهم لأن الله سبحانه وتعالى له سنن في خلقه وأنه قال لا تخلو الأرض من حجة له فيها لأن سبحانه لا يعذب قوماً أو يبتليهم ببعض البلاء دون أن تكون هنالك حجة تسد أبواب العذر أمام الناس بأن تنهاهم عن المنكر وتأمرهم بالمعروف وتوضح لهم أفضل السبل وأرقاها وأن العلم كثير من النفوس تتوق إلى شرف الحصول عليه فتجد وتجتهد فتحصل على قدر منه ولكن ليس كل من حصل على قسط منه يتولى مركز القيادة الشرعية لعموم الناس .
مركز القيادة
إن الله سبحانه قال { لَوْ كانَ فِيهِما آلِهَةٌ إِلاَّ اللَّهُ لَفَسَدَتا } فتعين أن تكون القيادة واحدة ومركز القرار واحد وأن تعدد المراكز يؤدي إلى إفساد النظام ووجود الخلل الذي تترتب عليه آثار سلبية في حركة الحياة ونظام الكون .
وكذلك أشار سبحانه في موقع آخر من كتابه العزيز فقال :{ أطيعوا الله ورسوله ومن يطع الله ورسوله ...} أي قرن طاعة الله سبحانه بطاعة رسوله أي أن طاعة رسول الله إقرار لطاعته سبحانه ولم يجعل طاعة رسوله مستقلة عن طاعته فيكون هنالك خلل في النظام الذي يؤدي إلى الشرك ولكن جعلها دليلاً لطاعته وأمراً منه وإرشاداً لمن آذنه واختياراً لعباده .
وكذلك جعل الإمامة التي هي استمرارية الطاعة لله وللرسول وقرنها بطاعته كما قرن طاعة الرسول بطاعته سبحانه حيث قال:{ أطيعوا الله ورسوله وأولي الأمر ...} فجعل طاعة الرسول وطاعة أولي الأمر الذين هم الأئمة(عليهم السلام) طاعة له ودليلاً لإمتثال أوامره المركزية .
وأن الإمامة التي أصبحت من المسلمات العقائدية عندنا فتكون طاعة الإمام كقائد شرعي في الدنيا والآخرة لمن نص عليه من قبله ، ومع هذا فأن وجود أمير المؤمنين(عليه السلام) وصدور النص عليه بالعصمة والإمامة ولما يتمتع به من طاقات وإمكانات علمية تضاهي إمكانية الرسول(صلى الله عليه وآله وسلم) لم يعطه المبرر للقيادة في حياة النبي(صلى الله عليه وآله وسلم) بل كانت القيادة المركزية للرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) ومن بعده للإمام أمير ألمؤمنين(عليه السلام) مع وجود إمامين معصومين مسددين من الله وهم الحسن والحسين(عليهما السلام) وكذلك للإمام الحسن مع وجود الحسين فإن القيادة للحسن ووجود الطاعة للإمام الحسن بما فيه طاعة الحسين(عليه السلام) له امتثاله لإمامته .
الزهراء(عليها السلام) والإمامة
إن سلسلة الإمامة منصوصة بالتعين من الله تعالى ، ورسوله(صلى الله عليه وآله وسلم) والقيادة متسلسلة حتى قيام الساعة وإن وجود هذا النظام أكدته سيدة نساء العالمين بضعة الرسول الأكرم وزوجة وصيه الأعظم في خطبتها أمام المسلمين عندما تمت البيعة للخليفة الأول واغتصاب حقها في فدك .
أشارت(سلام الله عليها) إلى الإمامة فقالت: { وجعل الله إمامتنا نظاماً للملة } أي أن الإمامة هي القيادة المركزية للناس والتي تضمن وحدة المجتمع وسلامته وسلامة دينه من الانحراف والضلال وسلامة الأحكام الشرعية من التأويل والانحراف وأوضحت سلام الله عليها في هذه الفقرة بأن النظام المركزي للأمة من حيث وحدة القيادة الذي يضمن وحدة المجتمع وسلامته من أي خلل هو الإقرار بالإمامة والطاعة الكاملة للأئمة(عليهم السلام) وإن دون ذلك يحدث الخلل الكبير في حياة الأمة الإسلامية وكما بان ذلك عندما تركت الأمة هذا النظام فانقلبت على عقبيها وأستحوذ عليها الشيطان وأستطمع بثرواتها كل طامع ومستعمر فتأولت كتاب الله واجتهدت بأحكام الله وخرجت عن الدين وخرج الناس عن خط الإسلام الصحيح فلو كانت ملتزمة بخط القيادة المركزية الذي رسمه الله سبحانه وتعالى لعباده دليلاً لطاعته واستحقاقاً لجزيل ثوابه لسلمت من الخلل وآمنت من الزلل والإنحراف .
الإمامة والأعلمية
إن نظام الإمامة نظام متكامل للحياة فلو كان هنالك إمامين متعاصرين في وقت واحد ومكان واحد لكانت طاعة الإمام المنصوص عليه بالأسبقية فرضاً على الإمام الأخر كما كان ذلك في زمن الحسن والحسين فطاعت الحسن على الحسين واجبة والامتثال له واجب وذلك للحفاظ على وحدة القرار ووحدة القيادة والتي تضمن وحدة الأمة وسلامة أمرها ودينها وحياتها المستقرة .
فكذلك تكون القاعدة على الأشخاص الذين حصلوا على قدرٍ من العلم ممن يستحق تبوء مركز القيادة الشرعية النائبة عن مركز أولي الأمر حتى تكون طاعته دليلاً لطاعة أولي الأمر ودليل طاعة النبي(صلى الله عليه وآله وسلم) المنتهية بالنتيجة إلى طاعة الله سبحانه وتعالى وكما وصفها الإمام الصادق(عليه السلام) : { الراد عليهم راد علينا والراد علينا راد على رسول الله والراد على رسول الله راد على الله سبحانه وتعالى } فكما نص الرسول على الأئمة(عليهم السلام) بنص من الله واحد بعد الآخر كذلك نص أهل البيت(عليهم السلام) بتوفر الدليل العلمي لهؤلاء الأشخاص ممن ينوب عنهم(عليهم السلام) وقد أرشد المعصومون(عليهم السلام) إلى حكم العقل والسيرة العقلانية التي أمضوها من الرجوع إلى الأعلم والأمهر إضافة إلى باقي الشروط فتخصيص الأعلم من العلماء باعتباره المتمكن بالرؤية الصحيحة لصالح الأمة وحتى تكون هناك مركزية في القيادة والتوجيه وهذه المركزية تضمن وحدة المجتمع وسلامة نظام الله .
وكما أوجبت طاعة الحسين للحسن(عليهما السلام) أوجبت طاعة غير الأعلم من المجتهدين للأعلم وبالتالي ضمان طاعة الملة له جميعاً وبالتالي سلامة سير المجتمع بطريق صحيح وسليم نحو الكمال والطاعة لله سبحانه وتعالى .
أئمة الضلالة
لقد حذر المعصومون(عليهم السلام) من أمر مهم وهو طموح بعض الأفراد ممن حصلوا على قسط من العلم أن يمنى نفسه بالمناصب الرفيعة الشرعية لأمور المسلمين وما ورد عنهم(عليهم السلام) { إذا دعا عالم الناس إلى نفسه وفي الأمة من هو أعلم منه فهو مدعٍ ضال } أي أن دعوة هذا العالم إلى نفسه لكي تطيعه الناس ويتصرف بأمور الناس لأنه حصل على مرتبة من العلم في أحكام الشريعة وفي الأئمة من هو أعلم منه فهو مبتدعٍ وضال . وأن البدعة والضلالة مصيرها إلى النار ، أي أن علمه لم يكن دليلاً لطاعة الأئمة والأئمة(صلوات الله عليهم أجمعين) التي تنتهي بالنتيجة لطاعة الله سبحانه وتعالى ، ولكن علمه الذي يأمر بطاعة نفسه هي دعوة ضلالة وبدعة تؤدي بالأمة إلى التفكك والتشرد والتشرذم دون أن تؤدي إلى الوحدة والانسجام والطريق الصحيح . فيكون هذا الأمر إشارة حمراء إلى من يدعو إلى نفسه وهو غير مؤهل لإدارة أمور الأمة فتكون القيادة متعددة والأمة متفرقة دون أن تكون القيادة مركزية والأمة موحدة .
وحدة الأمة وسلامة الدين
إن الذي يضمن استتمام النظام ووحدة الأمة هو طاعة الأعلم الذي يتوفر عنده الدليل العلمي الأقوى فتصبح طاعته واجبة وأتباعه واجباً وهذا هو السبيل الذي يضمن وحدة الأئمة وسلامة دينها من الإنحراف والضلال ولذلك أرشد وأكد عليها الأئمة(عليهم السلام) وهو نظام ولاية الفقيه الولاية النائبة عن ولاية المعصوم في عصر الغيبة فعلى جميع المكلفين الذين يبتغون الفضل من الله ويطلبون منه الجزاء الأوفى والذين يرومون أن يكون دينهم في سلامة من الإنحراف والتحريف أن يبحثوا عن الأعلم فيتبعوه وأن معرفة الأعلم في زماننا هذا هو بتوفر الدليل العلمي ووجود الآثار العلمية الراجحة ووجود الدليل الذي لا يقوى عليه دليل أخر لأن الدعوات الكاذبة والعناصر المبتدعة والضالة كثرت في زماننا وأن معرفة الدليل وأثار العالم هو الدليل الوحيد لمعرفة العالم ، وهو طريق طاعة الله ورسوله وأولي الأمر(سلام الله عليهم) .