المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : «السبايكي» والجينزات الممزقة تغزو خزائن الأكراد



جمال
06-16-2008, 11:53 PM
الشارع العام لا يزال غير مرحب ...

اربيل - لينا سياوش

الحياة - 16/06/08//

قفزت أمي مذعورة، والتصقت بي. لم أعرف سبباً لذعرها المفاجئ، فقبل قليل كنا نتحدث في باحة النادي الذي نرتاده نتحدث عن أمور عدة. بدت أمي هادئة لكن ما هي الا لحظات انشغلت عنها بصديقة حتى تغيرت أحوالها.

وجهت أمي سبابتها نحو شاب عشريني جلس قبالتنا مع مجموعة من اصدقائه. شعر رأسه مفرود خصلة خصلة للأعلى كمن ضربته موجة كهربائية فوقف، كما كنا نرى في مشاهد أفلام الكرتون «توم وجيري». لف الشاب حول عنقه مجموعة قلائد تداخلت بعضها ببعض لكثرتها، وعلى معصميه كان يشد شرائط سوداً واخرى خضرا، وبدت أزرار القميص الذي يرتديه والمسدول من أحد طرفيه على بنطلون الجينز الممزق منعتقة من بيوتها سوى زر أو اثنين حشرا حشراً في خانتهما.

المسكينة أمي تصورت ان الشاب الذي أثقل كاهله بأحدث طراز الموضة «مختل عقلياً»، وطلبت مني ان نغير طاولتنا الى مكان آخر نكون فيه بمأمن عن أية حركة فجائية قد تصدر عنه لا إرادياً. أمي لم و «لن» تستوعب ان هيئة الشاب وشكله «موضة» يسعى اليها الكثير من شباب اليوم حتى في كردستان.

فالموضة أخذت تكتسح خانات ثياب الشباب الكردي، الذي بدا أكثر تأثراً بها من أي وقت مضى. والحقيقة ان الزي الكردي الذي بقي الشباب يتغنون به حتى أمس قريب، غدا تراثاً وفولكلوراً يحتفظ به للمناسبات الوطنية غالباً وبعض اللقاءات الاجتماعية أحياناً.

قصة الشعر «سبايكي» والجينزات المخرمشة والممزقة عند الركبة وفي أماكن أخرى والأساور والقلائد الملفوفة حول الأعناق بدأت تهيمن على مظهر الشباب وتسلب عقولهم. وسابقاً كان مظهر الشعر الطويل المسدل على ظهر الشاب يثير السخط والضحكات ويترك في صاحبه أثراً نفسياً سيئاً. لم يعد الأمر كذلك الآن، فشعر الشباب المعقود الى الخلف يبدو أطول من شعر الصبايا اللواتي عمدن إلى تقصيره حتى مستوى الرقبة. تبدلت الادوار وراح الشباب من الجنسين يتبادلون الخبرات حول أفضل أنواع الكريمات و «الجيل» لترتيب الشعر وتصفيفه و «كهربته» بحسب المطلوب.

الصبايا من جهتهن لم تغير «الموضة» الكثير من أشكالهن، ولم يتحول نمط ملابسهن بالشكل الذي أصبح عليه الشباب، فلا يزال «الجينز» الضيق والـ «بودي» سائدين. أضيفت إليهما خلال الصيف الحالي قمصان «الساتان» بألوانها البراقة والتي لا تلائم صيف العراق نظراً الى حرارته الشديدة.

ولا يعني هذا أن الشارع الكردي بدا مرحباً بالتغيرات الطارئة على زي شبابه، غير أنه بدا «أكثر تقبلاً» للتغيير من قبل وأعتمد تفسير ذلك على «الحريات الشخصية» وهي من المفاهيم الجديدة التي تولدت حديثاً في الحياة الاجتماعية والثقافية الكردية. ولا يسع الساخطون على «اللوك» الجديد للشباب غير التنفيس عن غضبهم بمفردهم او بين دائرة أصدقاء ضيقة.

ولم تأت نوبة التغيير هذه من لا شيء. فهناك التوسع الكبير الذي تشهده مدن اقليم كردستان كأربيل ودهوك والسليمانية وارتفاع عدد الفضائيات عموماً وتلك المتخصصة بالموضة خصوصاً، إضافة إلى الصيغة «العلمانية» للحكومة الكردية ومحاولتها ترسيخ المجتمع المدني ووجود نسبة عالية من أكراد العراق في دول المهجر.

مع ذلك هناك مساحة محددة يمكن فيها للشباب في كردستان تجاوز الاعتبارات الاجتماعية والذائقة العامة، خصوصاً لبعض الأنواع من الملابس الشبابية «الغريبة» عن مجتمعاتنا والشائعة جداً في صفوف الشباب الأوروبي. فموضة الجينز «الهب هوب» النازل أسفل الورك للشباب والشعر المصبوغ بمختلف الألوان، الزهري والأخضر والأزرق والبنفسجي وغيرها بالنسبة الى الصبايا وثقب الحاجب والشفاه والأنف، وغيرها من العادات التي ينفر منها المجتمع لم تنجح في غزو خزانات الشباب في كردستان حتى الوقت الحاضر على الأقل.