المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : نغمة الفرس المجوس!!



الجمري البحراني
07-31-2004, 06:13 PM
بعد سنة وشهور على إسكات أصوات الفتنة التي تتحدث عن الفرس المجوس يحاول بعض المسؤولين أن يثير من جديد تلك النغمة النشاز التي كلّفت العراقيين والإيرانيين ملايين القتلى والجرحى والمفقودين فضلاً عما كلّفته الحرب الطويلة والقطيعة الأطول من خراب ودمار لاقتصادي البلدين!

لا جديد في القول إن إيران جارة وسكانها مسلمون وهي عنصر قوي في معادلة صراعات الشرق الأوسط كما أن قوّتها لن تكون في يوم من الأيام مصدر إضعاف للعراق إلا إذا شعرت إيران أن هناك من يريد ان يستخدم الأراضي العراقية لتهديد كيانها وسياساتها المستقلة الرافضة لكل مشاريع الأمركة في المنطقة باسم الشرق الأوسط الجديد أو بأسماء اخرى قديمة أو ستختلق في المستقبل.

إن نغمة الفرس المجوس أو ( العدو القديم ) بتعبير احد المسؤولين لا يمكن أن تمثل إلا سياسات الضعف والوهن واليأس من القدرة على محاورة الآخر ببحث كل تفاصيل المشاكل والأزمات ومحاولة وضع تصورات عادلة ومشروعة لا تضحّي بمصالح العراق ولا تـُبنى على حساب المصالح الإيرانية.. وإذا كنا ننكر على صدام حماقاته السياسية التي جرّت البلاد الى مصائب كبيرة فالأولى أن نتصرف بما يبقى مناخ العلاقات مع إيران نظيفاً وبدون تهديدات مسفّة تمارس لمصحلة هذا الطرف أو ذاك .. وليتذكّر الجميع أن الهيمنة الأميركية راحلة من العراق عاجلاً أو آجلاً لكن إيران كدولة جارة باقية ما بقي الليل والنهار وكذا هو الأمر بالنسبة للكويت وسوريا والأردن وتركيا والسعودية.

إن خيارنا السياسي كشعب بدون الرجوع إلى أي من أفكار الأحزاب والحركات الحاكمة-المحكومة وسياساتها العلنية والسرية هو أن نعالج جراح الماضي لا أن ننكأها بتصعيد حملة الكره المقصودة ضد الشعب الإيراني المسلم, بصرف النظر عن تقييمنا لسياسات الحكومة الإيرانية وعلاقاتها الخارجية مع الدول الأخرى كبيرة كانت أو صغيرة.. ولا مجال أمامنا إلا ان نمارس الشيء ذاته مع بقية الدول سواء أكنّا كارهين أم راغبين ...

وتكفي الناس الآلام التي خلفتها شعوذات سلطة صدام وخباثاتها باتهام فئات من الشيعة أنها امتداد طائفي للوجود الأيراني تحت اسم ( التبعية الفارسية ) من جهة.. ومن جهة أخرى التغني بـ ( التبعية العثمانية ) مع أن العراق تعرّض في تاريخه الطويل لاستعماري هاتين الدولتين بيد أن ( حالة التطيّف القذرة) هي التي كانت تتحكم بسلطة صدام وبعدد محدود من ( رجال الدين ) الذين كانوا يحضّون على شيوع هذه الأفكار الطائفية المسمومة!

وأياً كانت أسباب أو دوافع بعض المسؤولين لإعادة نغمة الفرس المجوس لن يسمح الشعب أن يخدع ثانية بأن يستخدم بلده – كما استخدم في حرب الثماني سنوات – وسيلة من وسائل الدول التي تحرص أن تجد لها دولاً بأسرها تحارب عنها بالنيابة ... وليحترم المسؤولون ذاكرة الشعب العراقي بالإبتعاد عمّا يكون سبباً لنزاع مع شعب إيران.. شعبنا يرفض ذلك وسينبذ من يعيد نغمة الفرس المجوس لأمر ما في نفسه أو في نفوس أسياده.. والعاقبة للمتقين.


منقول من شبكة اخبار العراق http://www.aliraqnews.com/