المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الفقيه المحبّ!



سيد مرحوم
07-31-2004, 09:30 AM
الفقيه المحبّ!


جريدة الوطن القطرية 00عماد البليك:

http://www.alriyadh.com.sa/Contents/04-10-2003/Mainpage/images/P24.jpg

في برنامج «روافد» الثقافي، الذي تبثه قناة «العربية»، نرى الأبعاد الغير مرئية من حياة العديد من الشخصيات، التي تعودنا أن نراها على هيئة محددة.

ضيف هذا الأسبوع، كان السيد محمد حسين فضل الله، الذي يجسد شخصية مفعمة بالقيم الإنسانية والروحية، عندما يكون الإنسان قادرا على اختراق أزمات الحياة، نحو أن يخلق توازنه النفسي والمادي.

قرأ السيد فضل الله من أشعاره التي تمزج بين حساسية العابد المتصوف الناسك، وهو يناجي ربه، والمحب الصادق الذي يرى تجليات الله في أشياء العالم، عندما يتحول الشعر إلى عاطفة إنسانية، غارقة في دنيا المُلك والملكوت، وبها يخرج الكائن من ذروة انغلاقه الذاتي، وحصاره، نحو أن يكون قيمة بحجم هذا الوجود العبقري، ليكسب المغزى والضمير.

عاش السيد فضل الله في مجتمع شبه مغلق، محاصر بالتقاليد، لكنه استطاع أن يكتسب معنى حريته الذاتية، وان يبني تصوراته الصادقة للعالم والأشياء، بما يجعل حياته مشروعا كبيرا نحو تحقيق طموحات الإنسان، لهذا فهو يؤمن بان الحياة تهمه جدا، بقدر ما تمتد لكي يكون بإمكانه تحقيق كل طموحاته، التي تنطلق من الذات، لتكون عظيمة باحتضانها للآخر، والقفز نحو أحلام الإنسانية.

وللسيد فضل الله آراء جريئة في قضايا «ارتباط العلم بالدين»، ومسألة الاستنساخ، تختلف عن السائد والمدرج في تابوت الارتهان للماضي من موقفه الذي يؤمن بالتجربة والمعرفة، فالإسلام قدم عقيدة يمكن أن تكون مرتكزا لبناء الإنسان الحر الجميل، لكنه لا يندفع إلا بإيماننا بحريتنا الخالصة والملهمة من تبصرنا في قوانين الله في الوجود.

استطاع فضل الله أن يتعايش، كما ذكر، بتوازن تام، وهو يجمع في نفسه بين روح الفقيه وروح المحب العاشق، وروح المجاهد المناضل، والباحث العلمي المنقب، بخلاصة تقول لنا إن بإمكان الإنسان أن يرسم آفاق دربه في هذه الحياة بكل نجاح وبتوازن، إذا ما استطاع أن يحقق علاقة صادقة مع ذاته، أولاً، ومع العالم من حوله ثانيا، وقبل كل ذلك علاقته الخاصة مع الله، ذلك المطلق الجميل الذي لولاه ما كانت الحرية، ولا الجمال، ومن أمثال السيد فضل الله نتعلم، ونكتسب شهوة الحياة والمغامرة وصناعة الفرح من عالم المأساة، لنكون (نحن) في رحلة العالم.

جريدة الوطن القطرية:1 جماد الثاني 1425هـ الموافق 19 تموز - يوليو 2004م