المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : معسكرات الصيف الدينية... مشروع غسل أدمغة بدلاً من الترفيه



2005ليلى
06-13-2008, 12:07 PM
فاطمة دشتي - الجريدة

«معسكر الشباب الصالح، معسكر الهمة العالية، معسكر البواسل، نادي البراعم الصغيرة، معسكر النشء»...

كل هذه وسواها مسميات أطلقت على «معسكرات صيفية» اتخذت من زوايا صفحات الجرائد اليومية مكانا لها لتعلن عن برامجها، وبشكل تنافسي لافت، وعادة ما تذيّل بعبارات كتلك التي تستعجل الجمهور مثل « الأماكن محدودة» أو بعبارة «صيف على كيفك» أو تداعب مشاعر الملتزمين فتؤكد أن «المخيم غير مختلط»، وتوفر على من يشعر بالكسل في الذهاب لتسجيل ابنه أو ابنته لتؤكد «وجود مندوب خاص للتسجيل في المنازل»!

وتبذل محاولات مستميتة لأصحاب فكرة هذه المعسكرات لجلب أكبر عدد ممكن من الأطفال والشباب لمعسكراتها الصيفية، التي تصاغ ظاهريا بأنها تشمل «فصولا لتعليم الإنجليزية أو لحفظ القرآن» لكنها في واقع الحال تُخضع من يسجل فيها إلى دروس دينية مكثفة، يقدمونها بشكل قصص وروايات غير واقعية ولا تستند لشواهد تاريخية، بل هدفها ترهيب الصغار أو «حمايتهم من الثقافة الغربية» كما يدعون، وكما يؤكد أحد أولياء الأمور لـ «الجريدة».

يقول بو عبدالوهاب أنه في العام الماضي ، ولأسباب تتعلق بانشغاله، لم يستطع تأمين سفر الأولاد في العطلة الصيفية، وارتأى تسجيل إثنين من أولاده في معسكر صيفي أعلن عنه في إحدى الصحف، وكان رسم التسجيل زهيدا بواقع عشرة دنانير لمدة شهر كامل، ويوضح كيف صعق عندما وجه إليه إبنه، ذو التسعة أعوام، سؤالاً عن أفغانستان وكم تبعد عن الكويت؟، وعندما استفسر منه عن سبب سؤاله رد عليه « أستاذ المعسكر يقول أن من يذهب إلى أفغانستان ويحارب من يقف ضد الإسلام سيبنى الله له بيتا في الجنة»!

تجربة بو عبدالوهاب واقعية جدا ، فلم يع أن ما سمعه من إبنه سيكون درسا من الدروس التي سيتلقاها ابنه في المعسكر، لكنه يؤكد أنه على الرغم من نفي ما حصل من الأستاذ المعني، ويحمل جنسية عربية، أصر على أن يخرج أبناءه من المعسكر، وتجنب تسجيلهم مجددا في أي نواد أو معسكرات مشابهة.

يقول هربرت . أ . شيللر في كتابه «المتلاعبون بالعقول» إن «طرق غسل الدماغ تنجح بسهولة عندما تطبق على الشبان الصغار، فالكبار غالباً يصعب غسل دماغهم لأنه يحتاج إلى وقت. ويمكن استعمال أساليب ثبتت صلاحيتها، كالأحاسيس النفسية والجسمانية والمشاعر والعواطف القوية، إن كانت مؤلمة أو مفرحة، واستعمال الإقناع الفكري، والترغيب والترهيب ولفترة طويلة، بشكل يجبر معظم الأشخاص على تغيير أفكارهم ومبادئهم وعقائدهم».

ما ذكره شيللر ينطبق حرفيا على هدف بعض المعسكرات الصيفية ذات الصبغة الدينية، فهي إلى جانب أهدافها المبطنة، تنظم داخل أسوار مغلقة وبعيداً عن أعين السلطة وأولياء الأمور. فغسيل الدماغ، هو تغيير أفكار ومبادئ وعقائد وقيم الشخص، ووضع أفكار وقيم جديدة مختلفة عن التي كانت موجودة لديه في الأساس، وفي الوقت الذي يتشدق فيه اصحاب تلك المعسكرات بمبادئهم التي تحارب الثقافة الغربية وتهاجمها ، فالمثير حقا أن فكرة المعسكرات هي في الأصل تقليد أميركي معروف، حيث يتجمع الصبية من الطلاب في الإجازة الصيفية في مناخ من الحرية المنظمة لممارسة كل هواياتهم واستغلال مواهبهم وطاقاتهم.

«الجريدة» حرصت على الاتصال بأحد المعسكرات من خلال أرقامهم المذيلة في الإعلانات المنشورة في بعض الصحف، وعندما سألنا عن ملامح المعسكر، كان المسؤول على الجانب الآخر سعيدا بشرح كل شيء، وقال إن الهدف الأساسي من إقامة المعسكر هو استثمار أوقات الفراغ لدى الشباب والناشئين وإبعادهم عن «المزالق السلبية»... ولم يحاول شرح عبارته الأخيرة، بل حاول التهرب بالدعوة إلى الحضور شخصيا للحصول على معلومات إضافية.

ما يحدث في كواليس هذه المعسكرات ما هو إلا مجرد جرس إنذار لتستعيد مؤسسات الدولة أدوارها التى تركتها عمدا أو سهوا لهذا التيار المتطرف، مع أمنيات الأهالي بعودة الأندية الصيفية لمدارس وزارة التربية، حتى لا نستيقظ يوما على السيناريو الأسوأ.