جون
05-29-2008, 07:28 PM
إطلاق أسماء الأوبئة على رسوم الخدمات
الخرطوم: شذى مصطفى
أن يطرق أحدهم باب بيتك، وعندما تفتح له وتسأله عن مقصده، لا تستغرب إجابته عندما يقول: «نحن من إدارة الكهرباء نريد أن نراجع الجمرة الخبيثة». فهو ليس معتوها أو يحاول تقليد مشهد في فيلم كوميدي، بل كل ما في الأمر انك في الخرطوم. المجتمع السوداني يبرع فى اختراع المسميات الطريفة، التي يطلقها على كل جديد يلمس حياته فيبدأ فى استعمالها، وسرعان ما تتداول بين الناس فى وقت وجيز. والجمرة الخبيثة لا تعني إلا عدادات الدفع المقدم للكهرباء، التي أدخلت الى البيوت السكنية والتجارية منذ حوالي خمس سنوات، أما سبب التسمية فيعود إلى ان دخولها للمنازل تزامن مع انتشار مرض الجمرة الخبيثة حول العالم، كما أنها أثارت مخاوف المستهلكين من أنها زادت من سعر الكهرباء، ودفعت الكل للاقتصاد فى استهلاكه اليومي من المدّ الكهربائي. وهكذا اطلق اسم الجمرة الخبيثة على تلك العدادات، وشاع عند تقنيي الكهرباء والمستهلك على حد سواء، بل حتى عندما تقرأ الإعلانات التجارية بالصحف المختلفة، سيطالعك إعلان عن مكيفات هواء تقاوم «الجمرة الخبيثة»، أو ثلاجات لا تتأثر بالجمرة الخبيثة..
والطريف أنه عندما برز مشروع آخر لعدادات دفع المياه المقدم، واكب ذلك المشروع، الذي لم ينفذ، مرض إنفلونزا الطيور، فما كان من الناس إلا ان اطلقوا على العدادات الجديدة للمياه، حتى وهي في طور التخطيط اسم «إنفلونزا الطيور».
ومن التسميات الشائعة ما يخص عقارا جديدا للملاريا أطلق عليه اسم «الراجمات» لسرعته فى علاج الملاريا، وهو عبارة عن جرعة مكونة من عدة حبات في اليوم الأول، وأخرى في اليوم الثاني يشفى المريض على أثرها، وربما تصورها وهي تدخل المعدة بتلك الكمية وقضاؤها على فيروس الملاريا أوحى للبعض أن يطلق عليها اسم «الراجمات» وهى الآلات الحربية الشهيرة، ولن تندهش أبدا أن يدخل أحدهم الى صيدلية ويطلب من الصيدلي راجمات فيستجيب الصيدلي بكل هدوء ويناولها له من على الرف وتمضي عملية الشراء، أو أن طبيبا يقدم برنامجا صحيا توعويا بالتلفزيون ويتحدث بصورة علمية عن مفعول الراجمات هذه، واختفي الاسم العلمي لها..
من الألقاب الأخرى الشائعة التى تطلق هو «رضا الوالدين» ويطلق على سيارات كورولا موديل 2007، وذلك لما أشيع عن جودتها من كل النواحي وان من يقدر على شرائها فإنه بلا شك شخص أبر بوالديه ونال رضاهما وكان جزاؤه الدنيوي امتلاك هذه السيارة، وقد تستمع لأحدهم يسأل سمسار سيارات «رضا الوالدين بكم هسع؟» فيجيب السمسار «انها بـ55 مليون جنيه بالأقساط، و45 مليون كاش».. وهناك وسيلة مواصلات شعبية قديمة، حيث يجلس الزبائن مقابلين بعضهم البعض أطلق على تلك المركبات اسم «عزيزي المشاهد» أي جلوس الشخص شبيه بجلوس المذيعين على شاشة التلفاز..
أما الألقاب التى جاءت بعد سيطرة الجبهة الإسلامية على مقاليد الحكم منذ عقدين من الزمان وصارت الأدبيات الإعلامية اليومية مليئة بعبارات مثل «الشهيد، وعرس الشهيد وحور العين»، وأطرف ما أطلق من ألقاب هو لقب لمقعد سيارات كورية «ميني باص» دخلت السوق السوداني حديثا وتسببت في وقوع العديد من الحوادث، فكان أن أطلق على المقعد الأمامي القريب من السائق، الذي عادة ما يتجنب الزبائن الجلوس عليه اسم «كرسي الشهيد»، وكانت الأفضلية فى الوظائف والاستثمارات تذهب الى منتمي الجبهة الإسلامية، الذين يتميزون باللحى، فأطلقت ألقاب على اللحى للذين قاموا بتربيتها، من دون أن يكون لهم توجه سياسي إسلاموي ليحظوا بوظائف مثل «دعوني أعيش» و«من أجل أبنائي».
وهناك نوع آخر من الأزياء الصيفية المنزلية للسيدات المصنوعة من القطن، وتجد الباعة يتجولون فى السوق يحملونها بين أيديهم وهم يصيحون «كندشة ـ كندشة»، وذلك لأن هذه الأزياء باردة فى الصيف تمتص العرق أشبه بمكيفات الهواء «الكوندشن».
أما فى مجال المشروبات فبعد أن ظهرت العبوات البلاستيكية الصغيرة التى يمكن شراؤها والذهاب بها أطلق عليها اسم موبايل «أريد بيبسي موبايل أو فانتا موبايل لو سمحت!»..
وفى تحقيق صحافي لمنطقة نائية عن العاصمة، حيث ينتشر الفقر وجدت مطاعم شعبية تقدم وجبات من مكونات غير مألوفة، ومنها وجبة مصنوعة من آذان الحيوانات، أما اسم هذه الوجبة المتداول في قوائم الطعام فهو «سماعات»، ووجبة أخرى مصنوعة من أرجل الدجاج والطيور، أما اسم تلك الوجبة فهو «أصبر»، لأن شكل تلك الأرجل بأصابعها الملتصقة مع بعضها البعض أشبه بالتعبير اليدوي لكلمة طول بالك أو أصبر!»..
الخرطوم: شذى مصطفى
أن يطرق أحدهم باب بيتك، وعندما تفتح له وتسأله عن مقصده، لا تستغرب إجابته عندما يقول: «نحن من إدارة الكهرباء نريد أن نراجع الجمرة الخبيثة». فهو ليس معتوها أو يحاول تقليد مشهد في فيلم كوميدي، بل كل ما في الأمر انك في الخرطوم. المجتمع السوداني يبرع فى اختراع المسميات الطريفة، التي يطلقها على كل جديد يلمس حياته فيبدأ فى استعمالها، وسرعان ما تتداول بين الناس فى وقت وجيز. والجمرة الخبيثة لا تعني إلا عدادات الدفع المقدم للكهرباء، التي أدخلت الى البيوت السكنية والتجارية منذ حوالي خمس سنوات، أما سبب التسمية فيعود إلى ان دخولها للمنازل تزامن مع انتشار مرض الجمرة الخبيثة حول العالم، كما أنها أثارت مخاوف المستهلكين من أنها زادت من سعر الكهرباء، ودفعت الكل للاقتصاد فى استهلاكه اليومي من المدّ الكهربائي. وهكذا اطلق اسم الجمرة الخبيثة على تلك العدادات، وشاع عند تقنيي الكهرباء والمستهلك على حد سواء، بل حتى عندما تقرأ الإعلانات التجارية بالصحف المختلفة، سيطالعك إعلان عن مكيفات هواء تقاوم «الجمرة الخبيثة»، أو ثلاجات لا تتأثر بالجمرة الخبيثة..
والطريف أنه عندما برز مشروع آخر لعدادات دفع المياه المقدم، واكب ذلك المشروع، الذي لم ينفذ، مرض إنفلونزا الطيور، فما كان من الناس إلا ان اطلقوا على العدادات الجديدة للمياه، حتى وهي في طور التخطيط اسم «إنفلونزا الطيور».
ومن التسميات الشائعة ما يخص عقارا جديدا للملاريا أطلق عليه اسم «الراجمات» لسرعته فى علاج الملاريا، وهو عبارة عن جرعة مكونة من عدة حبات في اليوم الأول، وأخرى في اليوم الثاني يشفى المريض على أثرها، وربما تصورها وهي تدخل المعدة بتلك الكمية وقضاؤها على فيروس الملاريا أوحى للبعض أن يطلق عليها اسم «الراجمات» وهى الآلات الحربية الشهيرة، ولن تندهش أبدا أن يدخل أحدهم الى صيدلية ويطلب من الصيدلي راجمات فيستجيب الصيدلي بكل هدوء ويناولها له من على الرف وتمضي عملية الشراء، أو أن طبيبا يقدم برنامجا صحيا توعويا بالتلفزيون ويتحدث بصورة علمية عن مفعول الراجمات هذه، واختفي الاسم العلمي لها..
من الألقاب الأخرى الشائعة التى تطلق هو «رضا الوالدين» ويطلق على سيارات كورولا موديل 2007، وذلك لما أشيع عن جودتها من كل النواحي وان من يقدر على شرائها فإنه بلا شك شخص أبر بوالديه ونال رضاهما وكان جزاؤه الدنيوي امتلاك هذه السيارة، وقد تستمع لأحدهم يسأل سمسار سيارات «رضا الوالدين بكم هسع؟» فيجيب السمسار «انها بـ55 مليون جنيه بالأقساط، و45 مليون كاش».. وهناك وسيلة مواصلات شعبية قديمة، حيث يجلس الزبائن مقابلين بعضهم البعض أطلق على تلك المركبات اسم «عزيزي المشاهد» أي جلوس الشخص شبيه بجلوس المذيعين على شاشة التلفاز..
أما الألقاب التى جاءت بعد سيطرة الجبهة الإسلامية على مقاليد الحكم منذ عقدين من الزمان وصارت الأدبيات الإعلامية اليومية مليئة بعبارات مثل «الشهيد، وعرس الشهيد وحور العين»، وأطرف ما أطلق من ألقاب هو لقب لمقعد سيارات كورية «ميني باص» دخلت السوق السوداني حديثا وتسببت في وقوع العديد من الحوادث، فكان أن أطلق على المقعد الأمامي القريب من السائق، الذي عادة ما يتجنب الزبائن الجلوس عليه اسم «كرسي الشهيد»، وكانت الأفضلية فى الوظائف والاستثمارات تذهب الى منتمي الجبهة الإسلامية، الذين يتميزون باللحى، فأطلقت ألقاب على اللحى للذين قاموا بتربيتها، من دون أن يكون لهم توجه سياسي إسلاموي ليحظوا بوظائف مثل «دعوني أعيش» و«من أجل أبنائي».
وهناك نوع آخر من الأزياء الصيفية المنزلية للسيدات المصنوعة من القطن، وتجد الباعة يتجولون فى السوق يحملونها بين أيديهم وهم يصيحون «كندشة ـ كندشة»، وذلك لأن هذه الأزياء باردة فى الصيف تمتص العرق أشبه بمكيفات الهواء «الكوندشن».
أما فى مجال المشروبات فبعد أن ظهرت العبوات البلاستيكية الصغيرة التى يمكن شراؤها والذهاب بها أطلق عليها اسم موبايل «أريد بيبسي موبايل أو فانتا موبايل لو سمحت!»..
وفى تحقيق صحافي لمنطقة نائية عن العاصمة، حيث ينتشر الفقر وجدت مطاعم شعبية تقدم وجبات من مكونات غير مألوفة، ومنها وجبة مصنوعة من آذان الحيوانات، أما اسم هذه الوجبة المتداول في قوائم الطعام فهو «سماعات»، ووجبة أخرى مصنوعة من أرجل الدجاج والطيور، أما اسم تلك الوجبة فهو «أصبر»، لأن شكل تلك الأرجل بأصابعها الملتصقة مع بعضها البعض أشبه بالتعبير اليدوي لكلمة طول بالك أو أصبر!»..