yasmeen
05-27-2008, 09:57 AM
لديها (30) عاما في التعليم
عبد الجبار العتابي من بغداد
تعمل أم مصطفى (سائقة سيارة نقل عام !!) و يمكن ان ترتسم على محيا من يعرف ذلك ابتسامة مدهشة وربما غير مصدقة لما يراه ويسمعه، فالصورة المرسومة عن العراق هي التي سترسم امواج الدهشة والاستغراب، فهل يمكن لامرأة ان تمتهن مهنة ليست لها، بل.. مهنة صعبة، وسط ظروف معقدة ؟، وتتطاير العديد من الاسئلة التي تظل تحوم حول سيارة ام مصطفى اثناء سيرها في الشوارع وتوقفاتها لصعود ونزول الركاب ووصولها الى (الكراج) لتقف وسط عشرات السيارات التي يقودها رجال، ومن ثم تنظر قليلا كي يصعد الركاب في سيارتها، نوع (كيا) او ما تسمى (ميكروباص) ذات العشرة ركاب، وتنطلق بهم، لتصل بهم الى امكنتهم.
ربما.. يكون الكلام سهلا حين ارسمه على الورقة، ولكنني اجد من الصعوبة ان ازمجر استغرابا، لانها ما تقوم به ام مصطفى استثنائيا في ظرف استثنائي، اي انه علامة فارقة، ليس في المجتمع العراقي، لا.. بل للظروف غير الموضوعية التي تتحرك داخل هذا المجتمع حاليا وشوارع المدن المزدحمة تارة او الضاجة تارة اخرى بالاحداث، فقد راقبت ام مصطفى (التي تضع النظارة على عينيها دائما) وهي في (الكراج) الخاص لنقل الركاب الكائن في منطقة البياع (جنوب – غربي بغداد) حيث تعمل على خط (البياع – حي الجهاد)، وكيف انها لن تقف في طابور الانتظار (وان كان طويلا) الى ان يأتي دورها، بل ان السائقين الاخرين يتنازلون لها على الفور ويبادرون عوضا عنها بالمناداة حتى تمتليء سيارتها وتغادر ساحة (الكراج).
http://www.elaph.com/elaphweb/Resources/images/Reports/2008/5/thumbnails/T_f040a7e4-3189-4579-b4d7-4898712a16b2.jpg
ولم اجد الا ان اصعد معها لكي اتعرف عليها واحظى بلقائها والتحدث اليها بعد ان عرفتها بمهمتي، قالت ام مصطفى : في الاصل انا اعمل مدرسة في ثانوية للبنات ومازلت كذلك، ولي خدمة في التعليم (30) عاما، ولكن للاسف لي خدمة لمدة (11) سنة لم تحتسب والسبب انني خلال سنوات الحصار في التسعينيات التي شهدت ظروفا اجتماعية واقتصادية قاهرة، تركت التعليم، تركته عام 1994 وعدت اليه عام 2005، وكم حاولت ان استعيد هذه السنوات لتحتسب لي كخدمة ولكن لم استطع، كون من تعاد له هذه السنوات هم المفصولون السياسيون وليس (المفصولون) اقتصاديا، وانا زوجة شهيد استشهد خلال حرب الكويت عام 1991 واعيل عائلة من ثمانية افراد، والظرف الاقتصادي الصعب هو الذي جعلني اتخلى عنه.
http://www.elaph.com/elaphweb/Resources/images/Reports/2008/5/thumbnails/T_fa79b382-be4a-4bb9-8b11-7f510bd156cb.jpg
واضافت ام مصطفى حول عملها سائقة لسيارة نقل الركاب : بدأت الفكرة عندي عام 2003 من خلال (خط) لنقل طالبات الثانوية من بيوتهن الى المدرسة، وبعد ثلاث سنوات من هذا العمل ولكون الطالبات انتقلن الى الكليات وغير ذلك، لم يعد للخط وجود، وبقيت لمدة من الزمن عاطلة عن العمل الى ان اقترح بعض الاولاد من جيراننا ان اعمل على نقل الركاب، في ذات الخط الذي يعملون عليه، وفكرت بالامر جيدا، وعلى الرغم من الصعوبة التي شعرت بها الا انني وجدت من غير الممكن ان اظل بلا عمل وتظل السيارة التي تحتاج الى مصاريف بلا عمل ايضا، واقتنعت بالفكرة، ولان الكراجات مؤمنة حاليا بالدخول والخروج فكان لا بد لي ان احصل على شارة (باج) للسيارة من اجل تسهيل دخولها وخروجها، وبمساعدة جيراني حصلت عليها، وكذلك اصبحت داخل المنطقة اعمل لمن يحتاجون توصيلات الى اماكن معينة، وها انذا اعمل بشكل طبيعي واكسب رزقي من عملي في هذه السيارة.
وتستطرد ام مصطفى في حديثها : عندما بدأت العمل اكثر ما عانيت منه هو الخجل، وجدتني استحي عندما ادخل الكراج المليء بالسائقين من الرجال او حين يتحدث معي الركاب، كنت اعاني من هذه الحالة كثيرا ولكن بمرور الايام تغلبت على الكثير منها وتعودت على الناس وتعودوا على وجودي بينهم، واذا ما كان وجودي في البداية يثير الاستغراب عند الجميع فالان اصبحت الحالة اعتيادية وصار اهل المنطقة التي اعمل عليها يعرفونني، ونتبادل الاحترام فيما بيننا، والحمد لله ان (السواق) داخل الكراج يساعدونني كثيرا، فلن يضعونني ضمن قائمة الطابور (السره) فما ان ادخل الكراج حتى اجدهم يفتحون لي المجال واعطائي فرصة (التقبيطة)، والحمد لله رغم صعوبة العمل بهذه المهنة الشاقة الا انني استطعت تجاوز الصعوبات فيها ولكنني لم ازل اخجل كوني اعمل سائقا لسيارة لنقل الركاب وهي مهنة رجالية، ولكنني اجد فيها تحديا للظروف وتأكيدا على قدرة المرأة العراقية على العمل في المهن الصعبة، والحمد لله لم تصادفني اية صعوبات في الطريق، ويكفي انني اصبحت اجد احترام الناس وتقديرهم لي.
وقبل ان اودعها قالت لي ام مصطفى : اناشد من خلالكم وزارة التربية على ان تحتسب لي سنوات الانقطاع عن التعليم خدمة، لانني اعتبر نفسي مفصولة اقتصاديا وما اصعب الظروف الاقتصادية انذاك.
عبد الجبار العتابي من بغداد
تعمل أم مصطفى (سائقة سيارة نقل عام !!) و يمكن ان ترتسم على محيا من يعرف ذلك ابتسامة مدهشة وربما غير مصدقة لما يراه ويسمعه، فالصورة المرسومة عن العراق هي التي سترسم امواج الدهشة والاستغراب، فهل يمكن لامرأة ان تمتهن مهنة ليست لها، بل.. مهنة صعبة، وسط ظروف معقدة ؟، وتتطاير العديد من الاسئلة التي تظل تحوم حول سيارة ام مصطفى اثناء سيرها في الشوارع وتوقفاتها لصعود ونزول الركاب ووصولها الى (الكراج) لتقف وسط عشرات السيارات التي يقودها رجال، ومن ثم تنظر قليلا كي يصعد الركاب في سيارتها، نوع (كيا) او ما تسمى (ميكروباص) ذات العشرة ركاب، وتنطلق بهم، لتصل بهم الى امكنتهم.
ربما.. يكون الكلام سهلا حين ارسمه على الورقة، ولكنني اجد من الصعوبة ان ازمجر استغرابا، لانها ما تقوم به ام مصطفى استثنائيا في ظرف استثنائي، اي انه علامة فارقة، ليس في المجتمع العراقي، لا.. بل للظروف غير الموضوعية التي تتحرك داخل هذا المجتمع حاليا وشوارع المدن المزدحمة تارة او الضاجة تارة اخرى بالاحداث، فقد راقبت ام مصطفى (التي تضع النظارة على عينيها دائما) وهي في (الكراج) الخاص لنقل الركاب الكائن في منطقة البياع (جنوب – غربي بغداد) حيث تعمل على خط (البياع – حي الجهاد)، وكيف انها لن تقف في طابور الانتظار (وان كان طويلا) الى ان يأتي دورها، بل ان السائقين الاخرين يتنازلون لها على الفور ويبادرون عوضا عنها بالمناداة حتى تمتليء سيارتها وتغادر ساحة (الكراج).
http://www.elaph.com/elaphweb/Resources/images/Reports/2008/5/thumbnails/T_f040a7e4-3189-4579-b4d7-4898712a16b2.jpg
ولم اجد الا ان اصعد معها لكي اتعرف عليها واحظى بلقائها والتحدث اليها بعد ان عرفتها بمهمتي، قالت ام مصطفى : في الاصل انا اعمل مدرسة في ثانوية للبنات ومازلت كذلك، ولي خدمة في التعليم (30) عاما، ولكن للاسف لي خدمة لمدة (11) سنة لم تحتسب والسبب انني خلال سنوات الحصار في التسعينيات التي شهدت ظروفا اجتماعية واقتصادية قاهرة، تركت التعليم، تركته عام 1994 وعدت اليه عام 2005، وكم حاولت ان استعيد هذه السنوات لتحتسب لي كخدمة ولكن لم استطع، كون من تعاد له هذه السنوات هم المفصولون السياسيون وليس (المفصولون) اقتصاديا، وانا زوجة شهيد استشهد خلال حرب الكويت عام 1991 واعيل عائلة من ثمانية افراد، والظرف الاقتصادي الصعب هو الذي جعلني اتخلى عنه.
http://www.elaph.com/elaphweb/Resources/images/Reports/2008/5/thumbnails/T_fa79b382-be4a-4bb9-8b11-7f510bd156cb.jpg
واضافت ام مصطفى حول عملها سائقة لسيارة نقل الركاب : بدأت الفكرة عندي عام 2003 من خلال (خط) لنقل طالبات الثانوية من بيوتهن الى المدرسة، وبعد ثلاث سنوات من هذا العمل ولكون الطالبات انتقلن الى الكليات وغير ذلك، لم يعد للخط وجود، وبقيت لمدة من الزمن عاطلة عن العمل الى ان اقترح بعض الاولاد من جيراننا ان اعمل على نقل الركاب، في ذات الخط الذي يعملون عليه، وفكرت بالامر جيدا، وعلى الرغم من الصعوبة التي شعرت بها الا انني وجدت من غير الممكن ان اظل بلا عمل وتظل السيارة التي تحتاج الى مصاريف بلا عمل ايضا، واقتنعت بالفكرة، ولان الكراجات مؤمنة حاليا بالدخول والخروج فكان لا بد لي ان احصل على شارة (باج) للسيارة من اجل تسهيل دخولها وخروجها، وبمساعدة جيراني حصلت عليها، وكذلك اصبحت داخل المنطقة اعمل لمن يحتاجون توصيلات الى اماكن معينة، وها انذا اعمل بشكل طبيعي واكسب رزقي من عملي في هذه السيارة.
وتستطرد ام مصطفى في حديثها : عندما بدأت العمل اكثر ما عانيت منه هو الخجل، وجدتني استحي عندما ادخل الكراج المليء بالسائقين من الرجال او حين يتحدث معي الركاب، كنت اعاني من هذه الحالة كثيرا ولكن بمرور الايام تغلبت على الكثير منها وتعودت على الناس وتعودوا على وجودي بينهم، واذا ما كان وجودي في البداية يثير الاستغراب عند الجميع فالان اصبحت الحالة اعتيادية وصار اهل المنطقة التي اعمل عليها يعرفونني، ونتبادل الاحترام فيما بيننا، والحمد لله ان (السواق) داخل الكراج يساعدونني كثيرا، فلن يضعونني ضمن قائمة الطابور (السره) فما ان ادخل الكراج حتى اجدهم يفتحون لي المجال واعطائي فرصة (التقبيطة)، والحمد لله رغم صعوبة العمل بهذه المهنة الشاقة الا انني استطعت تجاوز الصعوبات فيها ولكنني لم ازل اخجل كوني اعمل سائقا لسيارة لنقل الركاب وهي مهنة رجالية، ولكنني اجد فيها تحديا للظروف وتأكيدا على قدرة المرأة العراقية على العمل في المهن الصعبة، والحمد لله لم تصادفني اية صعوبات في الطريق، ويكفي انني اصبحت اجد احترام الناس وتقديرهم لي.
وقبل ان اودعها قالت لي ام مصطفى : اناشد من خلالكم وزارة التربية على ان تحتسب لي سنوات الانقطاع عن التعليم خدمة، لانني اعتبر نفسي مفصولة اقتصاديا وما اصعب الظروف الاقتصادية انذاك.