سلسبيل
05-26-2008, 10:30 PM
خبراء عرب: دعم الحكومات العربية أمر حيوي لتطوير طرقات المستقبل الرقمية
انهيار الانترنت.. هل سيحدث قريبا؟
جدّة: خلدون غسّان سعيد
مع ازدياد أعداد المستخدمين الذين يشاهدون مواقع الفيديو، مثل «يو توب» و«بي بي سي آي بلاير» BBC iPlayer، فإنّ سرعة تدفق البيانات بشكل دائم عبر الكابلات النحاسيّة وصلت الى اقصاها، ولذا يحذر الخبراء بضرورة إنفاق مليارات الدولارات الأميركيّة لتطوير البنى التحتيّة للإنترنت، وإلا فإنّ السرعات ستصبح بطيئة جدّا، وقد تنهار الإنترنت تحت وطأة كثرة استخدامها، الأمر الذي سيدمّر اقتصاد دول كاملة تعتمد على الإنترنت في تعاملاتها الماليّة والحكوميّة. ويمكن تشبيه هذه المشكلة بشوارع المدن القديمة التي صُمّمت منذ عقود بعيدة لتستوعب عدّدا معيّنا من السيّارات والمشاة، ولكن عدد السيّارات التي تسير فيها في وقت الذروة يفوق قدرتها، الأمر الذي نشهده على شكل ازدحامات خانقة. ويواجه العالم كلّه، والعالم العربيّ خصوصا، تحديات كبيرة في مواكبة الطلب المتزايد على الإنترنت، حيث انّ البنى التحتيّة الحاليّة لا توفر السرعات المرجوّة، كما ان تمديد شبكات ألياف ضوئيّة جديدة هو أمر مكلف جدّا، وخصوصا في العالم العربيّ.
* تدفق هائل للمعلومات
* لكابلات بمعدل 40%، أي أنّ الطلب يفوق ما تستطيع الكابلات توفيره، والأمر نفسه موجود في بريطانيا. وازداد عدد مشاهدي مواقع الفيديو في بريطانيا بمعدل 178%، ووصل حجم استخدام موقع «يوتوب» في العام الماضي إلى الحجم نفسه المستخدم للإنترنت كلها في عام 2000. وتعتزم شركة الاتصالات البريطانيّة إنفاق 10 مليارات جنيه استرلينيّ لتحديث البنى التحتيّة، ولكن توجد مخاوف من انّ هذا المبلغ لا يكفي لإشباع الطلب الكبير على الإنترنت.
ويتوقع جيم كيتشوني، نائب المدير العام للعلاقات التشريعيّة لشركة الاتصالات الأميركيّة AT&T أنّ النظم الحاليّة للإنترنت لن تستطيع مواكبة السيل الكبير للمعلومات الذي ينتجه الفرد، وكمّ المعلومات الذي يحملّه في كلّ ثانية، مع وصول حجم المعلومات إلى 50 ضعفا عما هو عليه اليوم بحلول عام 2015. وهو يتوقع أنّ 55 مليار دولار أميركيّ هو المبلغ المطلوب لتحديث البنى التحتيّة في الولايات المتحدة الأميركيّة، مع وصول المبلغ إلى 130 مليار دولار لتحديث بنى العالم كله.
ويرى تقرير أعدته منظمة التعاون والتطوير الاقتصاديّ Organization for Economic Cooperation and Development أنّ الشخص العاديّ سيحتاج إلى اتصال بالإنترنت في العقد المقبل تصل سرعته إلى 50 ميغابت في الثانية. وتستطيع تقنية «دي إس إل» الحاليّة الوصول إلى سرعة 25 ميغابت في الثانية، ولكنّ تقنية جديدة اسمها «في دي إس إل» VDSL تسمح بالوصول إلى 50 ميغابت، إلا أنّ الجودة تنخفض مع ازدياد المسافة بين نقاط الاتصال (تنخفض السرعة من 50 إلى 30 ميغابت عند الابتعاد عن مركز الاتصالات لمسافة 1 كيلومتر فقط).
* استخدام واسع للانترنت
* هذا وازداد عدد مستخدمي الإنترنت بشكل كبير بسبب دخول أجهزة الألعاب الإلكترونيّة إلى الإنترنت والسماح للاعبين بالتنافس ضدّ بعضهم، بالإضافة إلى وجود ألعاب كومبيبوتر دائمة الاتصال بالإنترنت، مثل لعبة «وورلد أوف ووركرافت» World Of Warcraft وغيرها من الألعاب الجماعيّة (ازدادت نسبة اللاعبين عبر الإنترنت من العام الماضي بنسبة 42%، 80% منهم من مستخدمي الكومبيوتر، و19% من مستخدمي أجهزة الألعاب). هذا وازداد عدد مشاهدي التلفزيون عبر الإنترنت IPTV بشكل ملحوظ، بالإضافة إلى ازدياد طرح هواتف ذكيّة تستطيع الاتصال بالإنترنت. وأخذت بعض شركات تزويد الإنترنت على عاتقها منع اللاعبين من اللعب عبر الإنترنت، وفرض أجور إضافيّة، ولكنّ هذه القيود تؤخر حدوث الكارثة، ولا تحلّ المشكلة من أساسها.
ويمكن مقارنة كلفة الاشتراك بسرعة 3 ميغابت في الثانية عبر خطوط «دي إس إل» في مدينة «نيويورك» الذي يبلغ 30 دولارا أميركيّا في الشهر بـ35 دولارا في اليابان، لسرعة 100 ميغابت. وعند البحث في الأسباب نجد بأنّ التنافس ليس كافيا لخفض التكاليف (تستحوذ شركة «كومكاست» الأميركيّة على النسبة الأعظم بين مزودي خدمات الإنترنت عبر الكابلات التلفزيونيّة)، بالإضافة إلى أنّ المسافات بين المنازل في الولايات المتحدة الأميركيّة كبيرة بالمقارنة بدول شرق آسيا، حيث الكثافة السكانيّة مرتفعة، وبالتالي فإنّ شركات الاتصالات في شرق آسيا لن تدفع أجور تمديد الألياف في المناطق الخالية من السكان.
وتحتسب حاليّا عدة شركات لتزويد الإنترنت في الولايات المتحدة الأميركيّة وكندا أجورا إضافيّة على مشتركيها حسب استخدامهم للإنترنت عوضا عن مبلغ ثابت بغض النظر عن حجم المعلومات الذي استخدموه. ويعود السبب في ذلك إلى زيادة استخدام المشتركين للإنترنت عالي السرعة، وتحميلهم شبه الدائم للملفات الضخمة واستخدامهم لخدمات التحادث عبر الإنترنت ومشاهدة عروض الفيديو المدفوعة، الأمر الذي يكلف الشركات المزوّدة للإنترنت مبالغ كبيرة. وأدى هذا الأمر إلى اتخاذ الشركات المزوّدة للإنترنت سياسات جديدة في التسويق لخدماتها، حيث انّ الشركة تسوّق لسرعة ما، ليكتشف بعدها المستخدم بأنّه يحصل على سرعات أقلّ. وفي دراسة بريطانيّة شملت 41 ألف مشترك بسرعة 8 ميغابت في الثانية، اتضح أنّ معدل السرعة القصوى هي 3,4 ميغابت، أي أقل من نصف السرعة المعلن عنها، بينما وصل معدل السرعة للمشتركين بسرعة 16 ميغابت إلى 10,4 ميغابت فقط. وتدّعي هذه الشركات بأنّ السرعات المعلن عنها هي السرعات التي يمكن الوصول إليها في أفضل الظروف، وليس بشكل دائم، وتشمل هذه الظروف المسافة بين المشترك وشركة الاتصالات والضغط على الشبكة ونوع القطع الإلكترونيّة المستخدمة.
* العالم العربي
* ويرى سانتينو ساغوتو، الشريك في مجموعة شركاء «فاليو» Value الإيطاليّة والمسؤول عن قطاع الاتصالات في المنطقة العربيّة، في لقاء هاتفيّ خاصّ بـ «الشرق الأوسط» أنّ نسبة استخدام الإنترنت وصلت إلى 82% في الكثير من الشبكات الدوليّة في عام 2006، مما اضطرّ شركات البنى التحتيّة للإنترنت إلى رفع قدرات أجهزتها لمواجهة الطلب الكبير على الإنترنت، ورفعها بنسبة 68% في عام 2007. وبالنسبة للعالم العربيّ، فقد أضافت شركات البنى التحتيّة للإنترنت خطوط إنترنت جديدة بقدرة 45 غيغابت (5,6 غيغابايت) ما بين عامي 2006 و2007، الأمر الذي رفع قدرة الإنترنت في المنطقة بنسبة 71% لتصل إلى 109 غيغابت (13,6 غيغابايت).
ولكن بمقارنة قدرة تركيا وحدها من هذه الناحية، فإنّها تستخدم أكثر من نصف ما يستخدمه العالم العربيّ ككلّ، وقد رفعت قدرتها بنسبة 70% في عام 2006. وفي الفترة الممتدة بين عامي 2004 و2007، تضاعفت قدرات الاتصال بالإنترنت بمقدار 10 أضعاف في الإمارات العربيّة المتحدة، و7 أضعاف في المملكة العربيّة السعوديّة. ويتصل العالم العربيّ بنسبة 90% بمواقع موجودة في الولايات المتحدة الأميركيّة والاتحاد الأوروبيّ (وفق آخر إحصائيّة جرت في عام 2007). ولكن وعلى الرغم من النمو المتزايد في عدد مستخدمي الإنترنت ورفع السرعات، إلا أنّ نسبة المستخدمين في العالم الذين يطلبون مواقع موجودة في المنطقة العربيّة لا تتجاوز 3% من مستخدمي الإنترنت في العالم الرقميّ. ويشير ساغوتو الى ازدياد شهرة موقع «آي بلاير» التابع لهيئة الإذاعة البريطانيّة والذي يشكل تحديا كبيرا، ذلك أنّه يقدّم عروض فيديو تصل مدتها إلى ساعتين وتستهدف جميع الفئات العمريّة من المستخدمين، على خلاف موقع «يوتوب» الذي يقدّم أفلاما بمعدل دقيقتين فقط وتستهدف الشباب في الغالب، الأمر الذي سيزيد من ضغط المستخدمين على الشبكة، وازدياد شكاواهم من البطء.
* بث العروض المرئية
* وسيشكل الفيديو (العروض المرئية) تحديا كبيرا أمام شركات تزويد الإنترنت، ذلك أنّ أفلام الوضوح العالي تحتاج إلى 10 أضعاف السرعات الحاليّة، ومن المتوقع أن تصل نسبة معلومات الفيديو التي تمرّ عبر الإنترنت في عام 2010 إلى 80% من إجمالي الاستخدام، مقارنة بـ 30% الآن، ومن المتوقع أن يصل معدّل استخدام المنزل العاديّ إلى 1,1 تيرابايت من المعلومات في الشهر الواحد في العام نفسه. ويمكن إدراك حجم المشكلة عندما نعلم بأنّ موقع «يوتوب» يحمّل 100 مليون عرض على كومبيوترات المستخدمين في كلّ يوم، و65 مليون عرض من كومبيوتراتهم، وستزداد المشكلة عند تقديم الموقع خدمة العروض عالية الوضوح التي يتمّ التحضير لها الآن.
ولا ننسى أنّ التلاميذ في الكثير من المدارس والجامعات يستخدمون الإنترنت لإجراء الأبحاث وتحميل المعلومات من وإلى الأجهزة الخادمة، وأنّ الكثير من المستخدمين غير التقنيين أصبحوا يتبادلون الصور الرقميّة التي يلتقطونها. هذا ومن الصعب على شركات الاتصالات في العالم تقديم خدمات التلفزيون عبر الإنترنت بسبب عدم توفر سرعات كافية لجميع المستخدمين، إلا أنّ بعض الجهود العربيّة في هذا المجال قد بدأت بالفعل، حيث انّ شركات «أورانج» في الأردن و«الاتصالات» في الإمارات العربيّة المتحدة و«كيو تيل» في قطر قد باشرت في تجهيز هذه الخدمة، بالإضافة إلى أنّ الكثير من الحكومات العربيّة لا تزال متحفظة على توفير خدمات الهاتف عبر الإنترنت بشكل رسميّ عوضا عن استخدام الاتصالات العاديّة.
وينصح ساغوتو الشركات المزوّدة لخدمات الإنترنت باعتماد نظام المشاركة في تحميل أجزاء الملفات بين مستخدميها بشكل داخليّ (بشكل يشابه تقنية «بت تورينت» BitTorrent)، حيث يحمّل مستخدم ما أجزاء من ملف يريده من شخص آخر موجود في نفس الشبكة يحمل الملف نفسه، عوضا عن تحميله من الموقع مباشرة، لتنخفض نسبة استهلاك الإنترنت بحوالي 60%، ولتزداد سرعة التحميل بنسبة 30% (اسم هذه التقنية هو «بي4بي» P4P، وهي تقنية مبنيّة على تقنية «بي2 بي» P2P الحاليّة).
أمّا أيمن سعيد، المدير التنفيذيّ لشركة «إمباكتا» ImpaQta لاستشارات قطاع الاتصالات في المملكة العربيّة السعوديّة والإمارات العربيّة المتحدة، فهو يرى في لقاء هاتفيّ مع «الشرق الأوسط»، أنّ قطاع الاتصالات في العالم العربيّ يتجه حاليّا نحو خفض تكاليف المكالمات المحليّة عبر اندماجه مع شركات تربط المدن المحليّة ببعضها البعض باستخدام شبكات ألياف ضوئيّة لتوفير مكالمات محليّة بأسعار منخفضة جدّا.
وبتطبيق هذا النموذج على خدمات الإنترنت في العالم العربيّ، فإنّه من الممكن توفير خدمات عالية السرعة بين المواقع العربيّة من دون التأثير على الشبكة العالميّة، حيث انّه ليس من المنطقيّ أن يطلب المستخدم ملفا موجودا على جهاز آخر في نفس مدينة المستخدم عبر أجهزة خادمة موجودة في بدل آخر، لتكون الرحلة طويلة والسرعة بطيئة، ومن دون أيّ سبب مقنع لذلك.
ويعتبر خبير الاتصالات يعقوب صنوبر الذي يعمل حاليّا كمدير تطوير عمل شركة «عذيب» للاتصالات في المملكة العربيّة السعوديّة والذي عمل سابقا كمدير عام لشركة «نسمة» لخدمات الإنترنت ونائب المدير لشركة الاتصالات المتكاملة في المملكة العربيّة السعوديّة، في لقاء خاصّ بـ «الشرق الأوسط» عبر الهاتف أنّ المشكلة الكبيرة لسرعات الإنترنت في العالم العربي تكمن في الاتصال النهائيّ بين شركات تزويد خدمات الإنترنت والمستخدم، حيث انّ الشبكة تتكوّن من أسلاك نحاسيّة قليلة السرعة بالمقارنة مع شبكات أخرى في دول شرق آسيا والاتحاد الأوروبيّ والولايات المتحدة الأميركيّة، وأنّ تمديد خطوط ألياف ضوئيّة هو أمر مكلف جدّا، وأنّ مشاريع التلفزيون عبر الإنترنت والهاتف عبر الإنترنت VoIP هي أمور من الصعب تحقيقها على نطاق واسع في العالم العربيّ، حيث انّ أدنى سرعة مقبولة لخدمة التلفزيون عبر الإنترنت هي 25 ميغابت في الثانية (حوالي 3,1 ميغابايت)، ولكنّ تكاليف الاشتراك بهذه السرعة مرتفعة جدّا في العالم العربي. ويرى صنوبر أنّ دعم الحكومات العربيّة لهذا القطاع هو أمر حيويّ وضروريّ لتطوير طرقات المستقبل الرقميّة.
* بدائل وآفاق جديدة
* ويطوّر العلماء الذين صمّموا الإنترنت الحاليّة بديلا جديدا يسمح بتحميل الملفات بسرعات فائقة تصل إلى 10 آلاف ضعف السرعات الحاليّة للإنترنت عالي السرعة، ومن المتوقع تسميتها «الشبكة» The Grid، وستستطيع نقل آلاف الميغابايت في بضع ثوان فقط. وستستطيع هذه الشبكة الجديدة الاستغناء عن الصور العادية في الصفحات واستخدام صور هولوغرافيّة مجسّمة، بالإضافة إلى القدرة على اللعب مع آلاف اللاعبين عبر الإنترنت، والتحادث بالصوت والصورة عالية الوضوح بسعر المكالمات المحليّة. وتستخدم الشبكة الجديدة أليافا ضوئيّة خاصّة ومراكز تمرير للمعلومات مهيّئة لهذا الكمّ الكبير والسرعة الخارقة في النقل. ويستخدم الباحثون حاليّا 55 ألف جهاز لتمرير المعلومات (من المتوقع أن يرتفع العدد إلى 200 ألف خلال عامين فقط) موجودة في 11 مركزا في دول مختلفة في العالم، مثل الولايات المتحدة الأميركيّة وكندا والاتحاد الأوروبيّ والشرق الأقصى. وستُطلق هذه الشبكة الجديدة في صيف العام الحاليّ، ولكن سيستطيع طلاب بعض الجامعات البريطانيّة والباحثون فيها استخدم الشبكة في خريف هذا العام، نظرا لأنّ بريطانيا تحتوي على 8 آلاف جهاز خادم خاصّ بهذه الشبكة.
وإن نجحت هذه الشبكة في استبدال الإنترنت الحاليّة، فإنّ من المتوقع أن لا يخزن المستخدمون ملفاتهم على أجهزتهم الشخصيّة، بل سيصبح تخزينها على الإنترنت أفضل وأسرع، خصوصا أنّ غالبيّة الأجهزة الإلكترونيّة الحديثة تستطيع الاتصال بالإنترنت بشكل لاسلكيّ. ومن التطبيقات الأخرى توزيع العمل على مجموعة من الأجهزة عبر الشبكة، مثل محاكيات الطقس وغيرها من البرامج الطبيّة التي تحاكي تكوّن السرطان والتفاعلات الدوائيّة المتوقعة، خصوصا أنّ هذه العمليّات تحتاج إلى ساعات وأيّام من العمليات الحسابيّة، لتصبح مجرّد ثوان قليلة بعد توزيع العمل على الأجهزة المتصلة بالشبكة الجديدة. واستُخدمت هذه الشبكة في تصميم أدوية جديدة ضدّ الملاريا، نظرا لأنّ تحليل المعلومات المتطلبة (140 مليون مركب مختلف) يحتاج من الكومبيوترات المتصلة بالإنترنت الحاليّة حوالي 420 عاما. وتقوم شركات مزوّدة لخدمات الإنترنت حاليّا بتجهيز أجهزتها لتستخدم هذه الشبكة الجديدة، ولكن ليس بشكل مباشر، إذ ستحوّل الأجهزة طلبات تحميل الملفات الضخمة إلى الشبكة، وتُبقي طلبات تحميل الملفات الصغيرة والمتوسطة عبر الإنترنت الحاليّة، وسيُصبح بالإمكان تحميل الفيلم العاديّ في خلال 5 ثوان، عوضا عن بضع ساعات.
ويرى الكثير من الخبراء أنّ الألياف الضوئيّة هي الحل الأمثل لرفع سرعة الإنترنت في المنازل إلى أيّ حدّ تريده الشركة، حيث يكفي إرسال حزم ضوئيّة بتردد جديد عبر الألياف لتصبح السرعة الجديدة فعالة، على خلاف الكابلات النحاسيّة التي تحدّها الخواص الفيزيائيّة للمعادن. ويذكر أنّ الألياف الضوئيّة ابتدأت عملها في عام 1977 بسرعة 6 ميغابت في الثانية، ويمكن الآن إرسال حزم بسرعة 3,2 تيرابت في الثانية (التيرابت الواحد هو 1024 غيغابت)، أي بفارق 10 ملايين ضعف، مع إمكانيّة الوصول إلى سرعة 25 تيرابت باستخدام 160 ترددا مختلفا للموجات الضوئيّة. وتكون تكلفة عمليّة تمديد الألياف الضوئيّة أقلّ من كلفة تمديد الكابلات العاديّة بـ 16 ضعفا، وكلفة تصنيعها هي نفسها للكابلات النحاسيّة. والألياف الضوئيّة لا تتأثر بتسريب المياه أو المجالات الكهرومغناطيسيّة التي تؤثر في الكابلات النحاسيّة وقد تتسبّب في توقفها عن العمل. وتجدر الإشارة إلى أنّ تمديد الألياف الضوئيّة هي عمليّة مكلفة جدّا، وتتوقع شركة «فيرايزون» Verizon الأميركيّة أن كلفة تمديد الألياف الضوئيّة لمشتركيها الحاليين تتراوح بين 10 إلى 20 مليار دولار أميركي.
* سرعات عالية
* وطرحت شركة «كومكاست» Comcast الأميركيّة سرعات إنترنت مرتفعة لمستخدميها تصل إلى 50 ميغابت في الثانية (حوالي 6,25 ميغابايت في الثانية)، أي أنّه يمكن تحميل فيلم عالي الوضوح في حوالي 10 دقائق فقط، وتتوقع الشركة أن ترفع السرعة لتصل إلى 160 ميغابت (حوالي 20 ميغابايت في الثانية). وسترتفع سرعة تحميل الملفات إلى (وليس من) الإنترنت من 384 كيلوبت في الثانية إلى 1 ميغابت، ومن 1 ميغابت إلى 2 ميغابت بشكل مجانيّ. ولكنّ سرعة 50 ميغابت في الثانية ستكون عالية التكلفة بالنسبة لسكان الولايات المتحدة الأميركيّة، حيث تصل كلفة الشهر الواحد إلى 150 دولارا أميركيّا.
ومن الأخبار الطريفة في عالم الإنترنت السريع قيام امرأة عجوز يوجد لديها أسرع اتصال في العالم (40 غيغابت في الثانية، أي حوالي 5 غيغابايت في الثانية) في منزلها بتجفيف ملابسها بعد غسلها بالقرب من الاجهزة المسؤولة عن توفير هذه السرعة بسبب الحرارة الناتجة عن عملها. وتستخدم العجوز الاتصال السريع في تجربة يقوم بها ابنها بيتر لوثبيرغ، لبرهنة انّه يمكن استخدام ألياف ضوئيّة لمسافات تفوق ألفي كيلومتر بين أيّ نقطتين وبأسعار تناسب المستخدم العاديّ. وتستطيع المرأة تصفح 1500 محطة تلفزيون عالية الوضوح عبر الإنترنت في وقت واحد وتحميل فيلم «دي في دي» في ثانيتين فقط. ومن المتوقع أن يرفع بيتر هذه السرعة إلى 100 غيغابت (12,5 غيغابايت في الثانية) في صيف هذا العام.
انهيار الانترنت.. هل سيحدث قريبا؟
جدّة: خلدون غسّان سعيد
مع ازدياد أعداد المستخدمين الذين يشاهدون مواقع الفيديو، مثل «يو توب» و«بي بي سي آي بلاير» BBC iPlayer، فإنّ سرعة تدفق البيانات بشكل دائم عبر الكابلات النحاسيّة وصلت الى اقصاها، ولذا يحذر الخبراء بضرورة إنفاق مليارات الدولارات الأميركيّة لتطوير البنى التحتيّة للإنترنت، وإلا فإنّ السرعات ستصبح بطيئة جدّا، وقد تنهار الإنترنت تحت وطأة كثرة استخدامها، الأمر الذي سيدمّر اقتصاد دول كاملة تعتمد على الإنترنت في تعاملاتها الماليّة والحكوميّة. ويمكن تشبيه هذه المشكلة بشوارع المدن القديمة التي صُمّمت منذ عقود بعيدة لتستوعب عدّدا معيّنا من السيّارات والمشاة، ولكن عدد السيّارات التي تسير فيها في وقت الذروة يفوق قدرتها، الأمر الذي نشهده على شكل ازدحامات خانقة. ويواجه العالم كلّه، والعالم العربيّ خصوصا، تحديات كبيرة في مواكبة الطلب المتزايد على الإنترنت، حيث انّ البنى التحتيّة الحاليّة لا توفر السرعات المرجوّة، كما ان تمديد شبكات ألياف ضوئيّة جديدة هو أمر مكلف جدّا، وخصوصا في العالم العربيّ.
* تدفق هائل للمعلومات
* لكابلات بمعدل 40%، أي أنّ الطلب يفوق ما تستطيع الكابلات توفيره، والأمر نفسه موجود في بريطانيا. وازداد عدد مشاهدي مواقع الفيديو في بريطانيا بمعدل 178%، ووصل حجم استخدام موقع «يوتوب» في العام الماضي إلى الحجم نفسه المستخدم للإنترنت كلها في عام 2000. وتعتزم شركة الاتصالات البريطانيّة إنفاق 10 مليارات جنيه استرلينيّ لتحديث البنى التحتيّة، ولكن توجد مخاوف من انّ هذا المبلغ لا يكفي لإشباع الطلب الكبير على الإنترنت.
ويتوقع جيم كيتشوني، نائب المدير العام للعلاقات التشريعيّة لشركة الاتصالات الأميركيّة AT&T أنّ النظم الحاليّة للإنترنت لن تستطيع مواكبة السيل الكبير للمعلومات الذي ينتجه الفرد، وكمّ المعلومات الذي يحملّه في كلّ ثانية، مع وصول حجم المعلومات إلى 50 ضعفا عما هو عليه اليوم بحلول عام 2015. وهو يتوقع أنّ 55 مليار دولار أميركيّ هو المبلغ المطلوب لتحديث البنى التحتيّة في الولايات المتحدة الأميركيّة، مع وصول المبلغ إلى 130 مليار دولار لتحديث بنى العالم كله.
ويرى تقرير أعدته منظمة التعاون والتطوير الاقتصاديّ Organization for Economic Cooperation and Development أنّ الشخص العاديّ سيحتاج إلى اتصال بالإنترنت في العقد المقبل تصل سرعته إلى 50 ميغابت في الثانية. وتستطيع تقنية «دي إس إل» الحاليّة الوصول إلى سرعة 25 ميغابت في الثانية، ولكنّ تقنية جديدة اسمها «في دي إس إل» VDSL تسمح بالوصول إلى 50 ميغابت، إلا أنّ الجودة تنخفض مع ازدياد المسافة بين نقاط الاتصال (تنخفض السرعة من 50 إلى 30 ميغابت عند الابتعاد عن مركز الاتصالات لمسافة 1 كيلومتر فقط).
* استخدام واسع للانترنت
* هذا وازداد عدد مستخدمي الإنترنت بشكل كبير بسبب دخول أجهزة الألعاب الإلكترونيّة إلى الإنترنت والسماح للاعبين بالتنافس ضدّ بعضهم، بالإضافة إلى وجود ألعاب كومبيبوتر دائمة الاتصال بالإنترنت، مثل لعبة «وورلد أوف ووركرافت» World Of Warcraft وغيرها من الألعاب الجماعيّة (ازدادت نسبة اللاعبين عبر الإنترنت من العام الماضي بنسبة 42%، 80% منهم من مستخدمي الكومبيوتر، و19% من مستخدمي أجهزة الألعاب). هذا وازداد عدد مشاهدي التلفزيون عبر الإنترنت IPTV بشكل ملحوظ، بالإضافة إلى ازدياد طرح هواتف ذكيّة تستطيع الاتصال بالإنترنت. وأخذت بعض شركات تزويد الإنترنت على عاتقها منع اللاعبين من اللعب عبر الإنترنت، وفرض أجور إضافيّة، ولكنّ هذه القيود تؤخر حدوث الكارثة، ولا تحلّ المشكلة من أساسها.
ويمكن مقارنة كلفة الاشتراك بسرعة 3 ميغابت في الثانية عبر خطوط «دي إس إل» في مدينة «نيويورك» الذي يبلغ 30 دولارا أميركيّا في الشهر بـ35 دولارا في اليابان، لسرعة 100 ميغابت. وعند البحث في الأسباب نجد بأنّ التنافس ليس كافيا لخفض التكاليف (تستحوذ شركة «كومكاست» الأميركيّة على النسبة الأعظم بين مزودي خدمات الإنترنت عبر الكابلات التلفزيونيّة)، بالإضافة إلى أنّ المسافات بين المنازل في الولايات المتحدة الأميركيّة كبيرة بالمقارنة بدول شرق آسيا، حيث الكثافة السكانيّة مرتفعة، وبالتالي فإنّ شركات الاتصالات في شرق آسيا لن تدفع أجور تمديد الألياف في المناطق الخالية من السكان.
وتحتسب حاليّا عدة شركات لتزويد الإنترنت في الولايات المتحدة الأميركيّة وكندا أجورا إضافيّة على مشتركيها حسب استخدامهم للإنترنت عوضا عن مبلغ ثابت بغض النظر عن حجم المعلومات الذي استخدموه. ويعود السبب في ذلك إلى زيادة استخدام المشتركين للإنترنت عالي السرعة، وتحميلهم شبه الدائم للملفات الضخمة واستخدامهم لخدمات التحادث عبر الإنترنت ومشاهدة عروض الفيديو المدفوعة، الأمر الذي يكلف الشركات المزوّدة للإنترنت مبالغ كبيرة. وأدى هذا الأمر إلى اتخاذ الشركات المزوّدة للإنترنت سياسات جديدة في التسويق لخدماتها، حيث انّ الشركة تسوّق لسرعة ما، ليكتشف بعدها المستخدم بأنّه يحصل على سرعات أقلّ. وفي دراسة بريطانيّة شملت 41 ألف مشترك بسرعة 8 ميغابت في الثانية، اتضح أنّ معدل السرعة القصوى هي 3,4 ميغابت، أي أقل من نصف السرعة المعلن عنها، بينما وصل معدل السرعة للمشتركين بسرعة 16 ميغابت إلى 10,4 ميغابت فقط. وتدّعي هذه الشركات بأنّ السرعات المعلن عنها هي السرعات التي يمكن الوصول إليها في أفضل الظروف، وليس بشكل دائم، وتشمل هذه الظروف المسافة بين المشترك وشركة الاتصالات والضغط على الشبكة ونوع القطع الإلكترونيّة المستخدمة.
* العالم العربي
* ويرى سانتينو ساغوتو، الشريك في مجموعة شركاء «فاليو» Value الإيطاليّة والمسؤول عن قطاع الاتصالات في المنطقة العربيّة، في لقاء هاتفيّ خاصّ بـ «الشرق الأوسط» أنّ نسبة استخدام الإنترنت وصلت إلى 82% في الكثير من الشبكات الدوليّة في عام 2006، مما اضطرّ شركات البنى التحتيّة للإنترنت إلى رفع قدرات أجهزتها لمواجهة الطلب الكبير على الإنترنت، ورفعها بنسبة 68% في عام 2007. وبالنسبة للعالم العربيّ، فقد أضافت شركات البنى التحتيّة للإنترنت خطوط إنترنت جديدة بقدرة 45 غيغابت (5,6 غيغابايت) ما بين عامي 2006 و2007، الأمر الذي رفع قدرة الإنترنت في المنطقة بنسبة 71% لتصل إلى 109 غيغابت (13,6 غيغابايت).
ولكن بمقارنة قدرة تركيا وحدها من هذه الناحية، فإنّها تستخدم أكثر من نصف ما يستخدمه العالم العربيّ ككلّ، وقد رفعت قدرتها بنسبة 70% في عام 2006. وفي الفترة الممتدة بين عامي 2004 و2007، تضاعفت قدرات الاتصال بالإنترنت بمقدار 10 أضعاف في الإمارات العربيّة المتحدة، و7 أضعاف في المملكة العربيّة السعوديّة. ويتصل العالم العربيّ بنسبة 90% بمواقع موجودة في الولايات المتحدة الأميركيّة والاتحاد الأوروبيّ (وفق آخر إحصائيّة جرت في عام 2007). ولكن وعلى الرغم من النمو المتزايد في عدد مستخدمي الإنترنت ورفع السرعات، إلا أنّ نسبة المستخدمين في العالم الذين يطلبون مواقع موجودة في المنطقة العربيّة لا تتجاوز 3% من مستخدمي الإنترنت في العالم الرقميّ. ويشير ساغوتو الى ازدياد شهرة موقع «آي بلاير» التابع لهيئة الإذاعة البريطانيّة والذي يشكل تحديا كبيرا، ذلك أنّه يقدّم عروض فيديو تصل مدتها إلى ساعتين وتستهدف جميع الفئات العمريّة من المستخدمين، على خلاف موقع «يوتوب» الذي يقدّم أفلاما بمعدل دقيقتين فقط وتستهدف الشباب في الغالب، الأمر الذي سيزيد من ضغط المستخدمين على الشبكة، وازدياد شكاواهم من البطء.
* بث العروض المرئية
* وسيشكل الفيديو (العروض المرئية) تحديا كبيرا أمام شركات تزويد الإنترنت، ذلك أنّ أفلام الوضوح العالي تحتاج إلى 10 أضعاف السرعات الحاليّة، ومن المتوقع أن تصل نسبة معلومات الفيديو التي تمرّ عبر الإنترنت في عام 2010 إلى 80% من إجمالي الاستخدام، مقارنة بـ 30% الآن، ومن المتوقع أن يصل معدّل استخدام المنزل العاديّ إلى 1,1 تيرابايت من المعلومات في الشهر الواحد في العام نفسه. ويمكن إدراك حجم المشكلة عندما نعلم بأنّ موقع «يوتوب» يحمّل 100 مليون عرض على كومبيوترات المستخدمين في كلّ يوم، و65 مليون عرض من كومبيوتراتهم، وستزداد المشكلة عند تقديم الموقع خدمة العروض عالية الوضوح التي يتمّ التحضير لها الآن.
ولا ننسى أنّ التلاميذ في الكثير من المدارس والجامعات يستخدمون الإنترنت لإجراء الأبحاث وتحميل المعلومات من وإلى الأجهزة الخادمة، وأنّ الكثير من المستخدمين غير التقنيين أصبحوا يتبادلون الصور الرقميّة التي يلتقطونها. هذا ومن الصعب على شركات الاتصالات في العالم تقديم خدمات التلفزيون عبر الإنترنت بسبب عدم توفر سرعات كافية لجميع المستخدمين، إلا أنّ بعض الجهود العربيّة في هذا المجال قد بدأت بالفعل، حيث انّ شركات «أورانج» في الأردن و«الاتصالات» في الإمارات العربيّة المتحدة و«كيو تيل» في قطر قد باشرت في تجهيز هذه الخدمة، بالإضافة إلى أنّ الكثير من الحكومات العربيّة لا تزال متحفظة على توفير خدمات الهاتف عبر الإنترنت بشكل رسميّ عوضا عن استخدام الاتصالات العاديّة.
وينصح ساغوتو الشركات المزوّدة لخدمات الإنترنت باعتماد نظام المشاركة في تحميل أجزاء الملفات بين مستخدميها بشكل داخليّ (بشكل يشابه تقنية «بت تورينت» BitTorrent)، حيث يحمّل مستخدم ما أجزاء من ملف يريده من شخص آخر موجود في نفس الشبكة يحمل الملف نفسه، عوضا عن تحميله من الموقع مباشرة، لتنخفض نسبة استهلاك الإنترنت بحوالي 60%، ولتزداد سرعة التحميل بنسبة 30% (اسم هذه التقنية هو «بي4بي» P4P، وهي تقنية مبنيّة على تقنية «بي2 بي» P2P الحاليّة).
أمّا أيمن سعيد، المدير التنفيذيّ لشركة «إمباكتا» ImpaQta لاستشارات قطاع الاتصالات في المملكة العربيّة السعوديّة والإمارات العربيّة المتحدة، فهو يرى في لقاء هاتفيّ مع «الشرق الأوسط»، أنّ قطاع الاتصالات في العالم العربيّ يتجه حاليّا نحو خفض تكاليف المكالمات المحليّة عبر اندماجه مع شركات تربط المدن المحليّة ببعضها البعض باستخدام شبكات ألياف ضوئيّة لتوفير مكالمات محليّة بأسعار منخفضة جدّا.
وبتطبيق هذا النموذج على خدمات الإنترنت في العالم العربيّ، فإنّه من الممكن توفير خدمات عالية السرعة بين المواقع العربيّة من دون التأثير على الشبكة العالميّة، حيث انّه ليس من المنطقيّ أن يطلب المستخدم ملفا موجودا على جهاز آخر في نفس مدينة المستخدم عبر أجهزة خادمة موجودة في بدل آخر، لتكون الرحلة طويلة والسرعة بطيئة، ومن دون أيّ سبب مقنع لذلك.
ويعتبر خبير الاتصالات يعقوب صنوبر الذي يعمل حاليّا كمدير تطوير عمل شركة «عذيب» للاتصالات في المملكة العربيّة السعوديّة والذي عمل سابقا كمدير عام لشركة «نسمة» لخدمات الإنترنت ونائب المدير لشركة الاتصالات المتكاملة في المملكة العربيّة السعوديّة، في لقاء خاصّ بـ «الشرق الأوسط» عبر الهاتف أنّ المشكلة الكبيرة لسرعات الإنترنت في العالم العربي تكمن في الاتصال النهائيّ بين شركات تزويد خدمات الإنترنت والمستخدم، حيث انّ الشبكة تتكوّن من أسلاك نحاسيّة قليلة السرعة بالمقارنة مع شبكات أخرى في دول شرق آسيا والاتحاد الأوروبيّ والولايات المتحدة الأميركيّة، وأنّ تمديد خطوط ألياف ضوئيّة هو أمر مكلف جدّا، وأنّ مشاريع التلفزيون عبر الإنترنت والهاتف عبر الإنترنت VoIP هي أمور من الصعب تحقيقها على نطاق واسع في العالم العربيّ، حيث انّ أدنى سرعة مقبولة لخدمة التلفزيون عبر الإنترنت هي 25 ميغابت في الثانية (حوالي 3,1 ميغابايت)، ولكنّ تكاليف الاشتراك بهذه السرعة مرتفعة جدّا في العالم العربي. ويرى صنوبر أنّ دعم الحكومات العربيّة لهذا القطاع هو أمر حيويّ وضروريّ لتطوير طرقات المستقبل الرقميّة.
* بدائل وآفاق جديدة
* ويطوّر العلماء الذين صمّموا الإنترنت الحاليّة بديلا جديدا يسمح بتحميل الملفات بسرعات فائقة تصل إلى 10 آلاف ضعف السرعات الحاليّة للإنترنت عالي السرعة، ومن المتوقع تسميتها «الشبكة» The Grid، وستستطيع نقل آلاف الميغابايت في بضع ثوان فقط. وستستطيع هذه الشبكة الجديدة الاستغناء عن الصور العادية في الصفحات واستخدام صور هولوغرافيّة مجسّمة، بالإضافة إلى القدرة على اللعب مع آلاف اللاعبين عبر الإنترنت، والتحادث بالصوت والصورة عالية الوضوح بسعر المكالمات المحليّة. وتستخدم الشبكة الجديدة أليافا ضوئيّة خاصّة ومراكز تمرير للمعلومات مهيّئة لهذا الكمّ الكبير والسرعة الخارقة في النقل. ويستخدم الباحثون حاليّا 55 ألف جهاز لتمرير المعلومات (من المتوقع أن يرتفع العدد إلى 200 ألف خلال عامين فقط) موجودة في 11 مركزا في دول مختلفة في العالم، مثل الولايات المتحدة الأميركيّة وكندا والاتحاد الأوروبيّ والشرق الأقصى. وستُطلق هذه الشبكة الجديدة في صيف العام الحاليّ، ولكن سيستطيع طلاب بعض الجامعات البريطانيّة والباحثون فيها استخدم الشبكة في خريف هذا العام، نظرا لأنّ بريطانيا تحتوي على 8 آلاف جهاز خادم خاصّ بهذه الشبكة.
وإن نجحت هذه الشبكة في استبدال الإنترنت الحاليّة، فإنّ من المتوقع أن لا يخزن المستخدمون ملفاتهم على أجهزتهم الشخصيّة، بل سيصبح تخزينها على الإنترنت أفضل وأسرع، خصوصا أنّ غالبيّة الأجهزة الإلكترونيّة الحديثة تستطيع الاتصال بالإنترنت بشكل لاسلكيّ. ومن التطبيقات الأخرى توزيع العمل على مجموعة من الأجهزة عبر الشبكة، مثل محاكيات الطقس وغيرها من البرامج الطبيّة التي تحاكي تكوّن السرطان والتفاعلات الدوائيّة المتوقعة، خصوصا أنّ هذه العمليّات تحتاج إلى ساعات وأيّام من العمليات الحسابيّة، لتصبح مجرّد ثوان قليلة بعد توزيع العمل على الأجهزة المتصلة بالشبكة الجديدة. واستُخدمت هذه الشبكة في تصميم أدوية جديدة ضدّ الملاريا، نظرا لأنّ تحليل المعلومات المتطلبة (140 مليون مركب مختلف) يحتاج من الكومبيوترات المتصلة بالإنترنت الحاليّة حوالي 420 عاما. وتقوم شركات مزوّدة لخدمات الإنترنت حاليّا بتجهيز أجهزتها لتستخدم هذه الشبكة الجديدة، ولكن ليس بشكل مباشر، إذ ستحوّل الأجهزة طلبات تحميل الملفات الضخمة إلى الشبكة، وتُبقي طلبات تحميل الملفات الصغيرة والمتوسطة عبر الإنترنت الحاليّة، وسيُصبح بالإمكان تحميل الفيلم العاديّ في خلال 5 ثوان، عوضا عن بضع ساعات.
ويرى الكثير من الخبراء أنّ الألياف الضوئيّة هي الحل الأمثل لرفع سرعة الإنترنت في المنازل إلى أيّ حدّ تريده الشركة، حيث يكفي إرسال حزم ضوئيّة بتردد جديد عبر الألياف لتصبح السرعة الجديدة فعالة، على خلاف الكابلات النحاسيّة التي تحدّها الخواص الفيزيائيّة للمعادن. ويذكر أنّ الألياف الضوئيّة ابتدأت عملها في عام 1977 بسرعة 6 ميغابت في الثانية، ويمكن الآن إرسال حزم بسرعة 3,2 تيرابت في الثانية (التيرابت الواحد هو 1024 غيغابت)، أي بفارق 10 ملايين ضعف، مع إمكانيّة الوصول إلى سرعة 25 تيرابت باستخدام 160 ترددا مختلفا للموجات الضوئيّة. وتكون تكلفة عمليّة تمديد الألياف الضوئيّة أقلّ من كلفة تمديد الكابلات العاديّة بـ 16 ضعفا، وكلفة تصنيعها هي نفسها للكابلات النحاسيّة. والألياف الضوئيّة لا تتأثر بتسريب المياه أو المجالات الكهرومغناطيسيّة التي تؤثر في الكابلات النحاسيّة وقد تتسبّب في توقفها عن العمل. وتجدر الإشارة إلى أنّ تمديد الألياف الضوئيّة هي عمليّة مكلفة جدّا، وتتوقع شركة «فيرايزون» Verizon الأميركيّة أن كلفة تمديد الألياف الضوئيّة لمشتركيها الحاليين تتراوح بين 10 إلى 20 مليار دولار أميركي.
* سرعات عالية
* وطرحت شركة «كومكاست» Comcast الأميركيّة سرعات إنترنت مرتفعة لمستخدميها تصل إلى 50 ميغابت في الثانية (حوالي 6,25 ميغابايت في الثانية)، أي أنّه يمكن تحميل فيلم عالي الوضوح في حوالي 10 دقائق فقط، وتتوقع الشركة أن ترفع السرعة لتصل إلى 160 ميغابت (حوالي 20 ميغابايت في الثانية). وسترتفع سرعة تحميل الملفات إلى (وليس من) الإنترنت من 384 كيلوبت في الثانية إلى 1 ميغابت، ومن 1 ميغابت إلى 2 ميغابت بشكل مجانيّ. ولكنّ سرعة 50 ميغابت في الثانية ستكون عالية التكلفة بالنسبة لسكان الولايات المتحدة الأميركيّة، حيث تصل كلفة الشهر الواحد إلى 150 دولارا أميركيّا.
ومن الأخبار الطريفة في عالم الإنترنت السريع قيام امرأة عجوز يوجد لديها أسرع اتصال في العالم (40 غيغابت في الثانية، أي حوالي 5 غيغابايت في الثانية) في منزلها بتجفيف ملابسها بعد غسلها بالقرب من الاجهزة المسؤولة عن توفير هذه السرعة بسبب الحرارة الناتجة عن عملها. وتستخدم العجوز الاتصال السريع في تجربة يقوم بها ابنها بيتر لوثبيرغ، لبرهنة انّه يمكن استخدام ألياف ضوئيّة لمسافات تفوق ألفي كيلومتر بين أيّ نقطتين وبأسعار تناسب المستخدم العاديّ. وتستطيع المرأة تصفح 1500 محطة تلفزيون عالية الوضوح عبر الإنترنت في وقت واحد وتحميل فيلم «دي في دي» في ثانيتين فقط. ومن المتوقع أن يرفع بيتر هذه السرعة إلى 100 غيغابت (12,5 غيغابايت في الثانية) في صيف هذا العام.