المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : أربع أمبراطوريات انهارت في أول حرب عالمية اندلعت لإنهاء الحروب



جمال
07-27-2004, 11:57 PM
قبل تسعين عاما وتحديدا في الثامن والعشرين من يوليو من 1914، اندلعت الحرب العالمية الاولى التي شاركت في معاركها 35 دولة من كل بقاع المعمورة وانتهت بمقتل عشرة ملايين شخص، وجرح 20 مليونا اخرين.

وبدأت تلك الحرب التي شكلت ذروة خلافات القوى المتناحرة التي قسمت اوروبا لاكثر من نصف قرن، باعلان امبراطورية النمسا المجر، الحرب على صربيا في الثامن والعشرين من شهر يوليو, وجاء اعلان الحرب بعد نحو شهر من اغتيال ولي عهد النمسا في سراييفو على ايدي قومي صربي.

وجرت القوى الاوروبية واحدة تلو الاخرى الى المعارك اما بسبب منافسيها من القوى الاستعمارية او بسبب تحالفاتها.
وفي صف امبراطورية النمسا ـ المجر، وقفت كل من بلغاريا والمانيا والامبراطورية العثمانية، في مواجهة دول الحلف الثلاث ـ بريطانيا وفرنسا وروسيا ـ التي انضمت اليها ايطاليا في 1915 .
وأصبحت الحرب عالمية بانضمام اليابان في اقصى الشرق والولايات المتحدة في اقصى الغرب في 1917 الى لائحة الدول المتحاربة.
وتبددت التوقعات بقصر مدة الحرب مع فشل اولى العمليات الهجومية الكبيرة على الجبهتين الشرقية والغربية.

فقد شنت روسيا هجوما كبيرا ضد بروسيا الشرقية التابعة لألمانيا في اغسطس 1914 لكنها منيت بهزيمة ساحقة في تانينبرغ، تبعتها هزائم عسكرية اقل حجما في اول معركتين وقعتا عند بحيرات ماسوريان.
وكان ذلك بداية التراجع المنظم باتجاه الشرق الذي انتهى بقيام الثورة البلشفية وتوقيع اتفاقية بريست-ليتوفسك بين ألمانيا وروسيا.

وفيما بعد، امتدت الحرب على اربع جبهات في البلقان وفرنسا وروسيا وايطاليا.
ومنذ 1915 فتحت الجبهة الغربية التي امتدت من بحر الشمال الى الحدود السويسرية، وبدات حرب الخنادق الطاحنة الطويلة لتسحق معها معظم ابناء جيل كامل بفوهات البنادق والاسلحة الرشاشة.
وفي 1917 قتل اكثر من 700 الف رجل من الجانبين في معركة فردان بينما قتل مليون ومئتا الف شاب في المعارك التي استغرقت عشرين اسبوعا على نهر السوم.
كما قتل نحو 330 الف جندي في المعارك التي وقعت خلال ثلاث سنوات على طول الطريق الذي يعرف باسم «شيمان دي دام» ما دفع الى تمرد في الجيش الفرنسي ضد ازهاق ارواح البشر.

وفي مناطق اخرى، ارسلت قوات الحلفاء تعزيزات للسيطرة على مضيقي البوسفور والدردنيل المنفذين الرئيسيين الى الشواطىء الروسية على البحر الاسود, وانتهت بهزيمة كارثية على ايدي مقاتلي الامبراطورية العثمانية ومقتل وفقدان نحو 260 الف رجل.
غير ان الروس تمكنوا من اجبار العثمانيين على التراجع في القوقاز وارمينيا بينما تمكنت القوات البريطانية مستغلة امال العرب بالاستقلال، من احتلال بغداد والقدس من الامبراطورية العثمانية.

وفي 1918 ألحقت جيوش الحلفاء تعززها قوات عسكرية وامدادات اميركية، هزيمة بالالمان في معركة المارن.
ومنيت قوات امبراطورية النمسا-المجر والامبراطورية العثمانية والقوات البلغارية بهزيمة ساحقة ووقعت بعدها تلك الاطراف اتفاقات هدنة في سبتمبر واكتوبر.
ورسميا، سكتت اصوات مدافع الحرب في الساعة الحادية عشرة من اليوم الحادي عشر ، من الشهر الحادي عشر من 1918، بتوقيع ألمانيا اتفاق الهدنة في ريتوند في فرنسا.

وفيما اعادت الحرب رسم خارطة اوروبا بشكل كامل، فرضت معاهدات الصلح على الاطراف التي هزمت، وخصوصا اتفاق 28 يونيو 1919 الذي ابرم في الذكرى الخامسة لعملية الاغتيال التي وقعت في سراييفو، بنودا مشددة تتعلق بالاراضي والاقتصاد والجيش.
وخسرت بذلك المانيا نحو سبع اراضيها وعشرة بالمئة من سكانها.

وأدت الحرب العالمية الاولى الى انهيار اربع امبراطوريات هي النمسا ـ المجر والمانيا والسلطنة العثمانية وروسيا، وأدت الى ظهور دول جديدة الى حيز الوجود من بينها يوغسلافيا وتشيكوسلافيا.
وادت الحرب ايضا الى نهاية الهيمنة الاوروبية في المجالات السياسية والاقتصادية والعسكرية، واوجدت نظاما عالميا جديدا ظهرت فيه الولايات المتحدة واليابان كقوى عالمية.
وكانت تلك الحرب «العظمى» حربا لانهاء كل الحروب واثمرت عن ولادة عصبة الامم بهدف حفظ السلام العالمي.

غير ان الصدمة من الصراع الذي استخدمت فيه الغازات السامة والغواصات والدبابات والقصف الجوي لمدنيين، لم تكن كافية لمنع نشوب حرب عالمية ثانية بعد عشرين عاما من الحرب الاولى.
وقضت الحرب الثانية على حياة اعداد من البشر تفوق بخمسة اضعاف عدد الذين قتلوا في الحرب الاولى.