محمد الجصاني
05-16-2008, 07:49 AM
اطلقت المخابرات العالمية بالونا جديدا في سماء العراق عندما بدأت معركة جديدة يخوضها
مجندوها تحت لافتة مقدسة هي لافتة الظهور المهدوي ، ذاكرة العالم مثقوبة لذا لم يتذكر
احد تجارب وقصص مخابراتية سابقة كانت شيقة وتصلح كسيناريوهات لافلام نجحت المخابرات من
خلالها في لعبة اختلاق علماء وتشكيل مذاهب جديدة ونشر شعارات دينية ، وكان الشرق الاوسط
ساحة خصبة لمثل هذه الجولات التي تتحول الى قصص في مذكرات شيوخ المخابرات بعد تقاعدهم
ليحصدوا منها الملايين . بعد سقوط نظام صدام ، اصبح العراق ساحة تجريبية فريدة لعمل
المخابرات التابعة لدول عديدة ، وكان متوقعا ان تتصارع في هذه الساحة المفتوحة مخابرات
تابعة لدول كبيرة وصغيرة مجاورة وغير مجاورة . ولا شرط ان يكون لجميع تلك المخابرات
اهداف قريبة المدى بل تعمل احيانا بطريقة تجريبية تتعلق ببرنامج بعيد المدى اكثر خطورة
وابطأ حركة ، وتعد الالاعيب العقيدية من اكثر برامج المخابرات تعقيدا وتجريبا واستهلاكا
للوقت ، وقد اكدت الوقائع والمعلومات السرية التي يجري الكشف عنها ان احد اهم ميادين
السباق بين دوائر المخابرات المتنافسة هو ميدان تصنيع المناهج والعقائد والمذاهب
المبتكرة ووضع اطار فكري لها ثم اطار سياسي ثم ابراز قادة لها هم بالاصل من كبار ضباط
المخابرات او من المتعاونين الذين يتم استقطابهم ، وتفاخر مخابرات الدول المتنافسة في
تصنيع الثورات المزيفة او المذاهب الدينية وتقدمه على انه انجاز كبير ، وفي هذا السياق
نتذكر جيدا ان المخابرات البريطانية باعترافها صنعت الوهابية مستندة على الاراء الفقهية
المتشددة لعالم يقال له ابن تيمية ، ومن باب التنافس نجحت المخابرات الروسية في صناعة
البهائية التي تطورت الى البابية وذلك بتطوير احد نماذج التيار الاخباري الذي كان شائعا
في ايران ، ولم تتخل المخابرات الامريكية عن حصتها في هذا السباق فصنعت القاعدة التي هي
نموذج عسكري مطور لنموذج الوهابية بعد ان تبنت احد تيارات مجموعة الافغان العرب الذين
لم يكونوا بالاصل وهابيين او متطرفين ، فاستبعدت المجاهدين المعتدلين الذين قاتلوا
الاتحاد السوفيتي لتحرير افغانستان واستدرجتهم لمذابح ختامية مزقت صفوفهم ثم تبنت
مجموعة اسامة بن لادن ، هذا الرجل الذي لم يكن بالاصل متطرفا ولا هو ولا اسرته لهم
علاقة بالمذاهب المتطرفة ولكن تحولات معينة في الساحتين السعودية والافغانية اسقطت ابن
لادن في احضان التطرف بالتوريط المخطط ثم قرر مختارا ان يتبنى هذا التيار الذي هو مفخرة
للمخابرات الامريكية لكنه في الوقت نفسه وبال عليها ، ومن المتوقع ان تجرب المخابرات
الاسرائيلية مهاراتها لتصنع لنا في العراق تيار جند السماء ولكن جهد هذه المخابرات لم
يكن متقنا بدرجة كافية فقد ظهر مشروعها الذي يشبه البابية في ايران مبعثرا تحت اكثر من
اسم فهناك جماعة اسمها (جند السماء) واخرى اسمها ( جماعة اليماني ) واخرى اسمها ( انصار
المهدي ) ، ولكن في المحصلة استخدمت تل ابيب عقيدة الظهور لتطوير تيارها المبتكر الذي
ينشأ بحيث تباهي به من صنعوا الوهابية او البابية ، ولان تاريخ هذه المخابرات اقترن
بتاريخ اسرائيل وكفاءة اليهود التاريخية في ادارة الاموال والاستثمارات والسيطرة على
المصارف ، فقد نجحت هذه المخابرات في الانفاق على مشروعها المهدوي العراقي من جيوب
الاخرين ، واختارت الخليجيين كممولين للمشروع ، حيث تتوفر مقومات رائعة لدى بعض
الخليجيين ليكونوا جزء من هذا المشروع ، فهناك الخوف من التجربة العراقية الجديدة اما
لانها تجربة تهدد انظمة المنطقة واما بوحي من الصراع مع ايران والخوف من ارتباطها
مذهبيا وجغرافيا بالعراق وما قد ينتجه هذا الارتباط من خلل في التوازن المذهبي والسياسي
في المنطقة ، الخليجيون مولعون بفكرة اعادة البعثيين الى السلطة لانهم حراس البوابة
الشرقية امام المد الايراني ، وقد ابتزهم صدام ذات يوم بالمليارات لدعم حربه مع ايران ،
المخابرات الاسرائيلية الطموحة تعمل على اقناع المنطقة بخطورة ايران ومشروعها النووي
وخطورة الجوار الجغرافي الايراني للعراق ، وهنا تجتمع وسائل اللعبة ، التحقيقات كشفت ان
قادة جند السماء وجماعة اليماني وانصار المهدي اغلبهم من ضباط مخابرات وامن نظام صدام
السابق ورجال حزبه ، وان كان لابد لكل حركة تصنعها المخابرات من مرتكز عقائدي فقد
اختارت المخابرات الاسرائيلية تيارا مغمورا كان سائدا في العراق خلال عقد التسعينيات
يتراوح في عقائده بين السلوكية والحجتية وكلاهما من بقايا التيار الاخباري الذي اعتمد
تعاليم امين الاستربادي الذي ازدهر سابقا في ايران ايضا ، ولكن ما الذي يجمع بين ضباط
امن صدام والتيار الاخباري ، الجواب هو ان صدام ارسل اذكى ضباط مخابراته المتحدرين من
اصل شيعي ليخترقوا الحوزة العلمية ويدرسوا ويتغلغلوا في الاوساط العلمية بعد الانتفاضة
الشعبانية مباشرة وقد برع اؤلئك الطلبة في دراساتهم الحوزوية والعقيدية ولبسوا العمائم
وكانوا مكلفين بالوصول الى زوايا حساسة في الحوزات ومكاتب المراجع ومنهم من استطاع ان
يحضى بثقة مراجع مرموقين وان يكونوا ضمن حواشيهم ، وحين سقط صدام تعرفت المخابرات
الاسرائيلية على تلك الالغام الحوزوية العراقية التي كانت ترتجف هلعا خوف الانتقام ،
ولان المخابرات تعمل دائما بالنيابة وعبر الاستار وتحت اللافتات الوهمية ، فقد قررت تلك
المخابرات استخدام اختراقها القديم والناجح لمناطق الخليج فهي تحصل على المليارات عبر
وسطاء سريين بعنوان : ( دعم معركة السنة المساكين الذين يقودهم الصداميون في مواجهة
الشيعة المجرمين المدعومين من ايران ) ولكن حين تدخل تلك الاموال في الكيس الاسرائيلي
تتحول الى عنوان جديد هو : ( دعم الحركة المهدوية التي يقودها شيعة بعثيون لاسقاط
عقيدة الظهور الحقيقية التي يخشاها الاسرائيليون لاسباب توراتية معروفة ) هناك مشاعر
اسرائيلية حافلة بالرعب من فلسفة ظهور المهدي وما تعنيه تلك النبوءة التوراتية من نهاية
مفزعة للاسطورة الاسرائيلية ، يكفي ان نوستر اداموس نصف اليهودي في نبوءاته الشهيرة
سمى المهدي ( الملك الاشوري ) الذي يظهر لاحقا اشارة منه الى قائد مستقبلي يدمر اسرائيل
على نهج الاشوريين وسبيهم الاول لبني اسرائيل ، الا ان نبوءة نوستر اداموس تتجاوب كثيرا
في مضمونها الغامض والمرعب مع عقيدة اساسية ومقدسة هي عقيدة المهدي المنتظر التي يؤمن
بها كافة المسلمين لانها عقيدة معروفة وطبيعية وهي جزء من اصل الامامة لدى الشيعة ، لذا
ليس غريبا ان ينادي المهدويون الجدد بتقديس النجمة البلشفية السداسية بدعوى انها تعود
للنبي داود ، وهذه الفكرة تستبطن حسب الاجندة المخابراتية تهيئة ضد نوعي مهدوي تحت
عباءة اسرائيلية ليواجه العقيدة الاصلية القائمة ويضعفها ويربكها ويطوقها بالتشكيك كأحد
اهم وسائل المخابرات ، ويبدو انهم استخدموا اكثر من بند من بنود عمل المخابرات في هذه
النقلة المهمة واهم البنود التي استخدموها : مبدأ ركوب الموجة ، مبدأ الضد النوعي ،
مبدأ تحويل الاضواء ، مبدأ العمل بالنيابة ، مبدأ التشكيك بالاصل وتلقين النموذج البديل
، مبدأ نشر الشائعات ، شائعة الاسقاط او شائعة الاحباط او شائعة الخوف ، وغير ذلك مما
لم نكتشفه بعد ، وفي الختام على متتبعي الاخبار ان يربطوا بين الاخبار الاتية بذكاء
لتأسيس قاعدة نظرية اوسع لفهم المشروع المهدوي الاسرائيلي :
- مثنى حارث الضاري يزور اسرائيل طالبا الدعم المالي لاعادة البعثيين الى السلطة في
العراق ، ويخرج من تل ابيب متوجها الى رومانيا لشراء صفقة اسلحة لعصابات الجريمة
المنظمة في العراق ، وحين يكشف النقاب عن الصفقة يتضح ان قطر هي التي دفعت المبلغ الذي
يزيد عن 100 مليون دولار!
- كلما تصاعدت الهجمات الكلامية بين ايران وامريكا حول المشروع النووي الايراني تصدر
فتوى جديدة لعلماء سعوديين يهدرون بها دم الشيعة العراقيين ويرمونهم بالردة ويحرضون على
قتلهم ، ومعها تصريحات لحارث الضاري يجدد فيها دفاعه عن عصابات القاعدة وجرائمها في
العراق .
- التحقيقات الجنائية العراقية اثبتت ان مليارات الدولارات ارسلت من البحرين وقطر
والسعودية لتمويل الحركات المهدوية الجديدة الثلاث او الخمس التي تعمل في مدن الجنوب
وتكفر المرجعية وتقدس النجمة السداسية وهناك وثائق تضم اسماء ضباط مخابرات صداميين
عقدوا اتفاقات مع جهات رسمية خليجية لتقويض الامن وتخريب العملية السياسية مقابل
مليارات الدولارات .
- اطراف سياسية في داخل العراق تحرص على اعاقة عمل الحكومة وتأخير الاعمار والتنمية
ونشر الفساد لابقاء الاغلبية السكانية في الوسط والجنوب في حالة فقر وبطالة لكي ينخرط
شبابها الغاضب والجائع واليائس والمحبط في هذه التجمعات التي تغدق الاموال الهائلة على
العاملين في صفوفها . هذه تعليقة مختصرة فقط حول ابعاد المأمورية المخابراتية المهدوية
لاسرائيل في العراق ، اسرائيل تعرف تماما المعاني الخطيرة الكامنة في عراق سيصدر 10
ملايين برميل نفط يوميا ، في ظل اسعار جنونية للنفط ، وينفذ خطط تنمية واعمار سريعة و
متلاحقة وبشعب متعطش للحرية والعمل والابداع موحدا كله يؤمن بظهور المهدي يبغض صدام
وبقاياه ، وتربطه بايران النووية المجاورة علاقات مذهبية مهدوية حوزوية عريقة .
__________________
مجندوها تحت لافتة مقدسة هي لافتة الظهور المهدوي ، ذاكرة العالم مثقوبة لذا لم يتذكر
احد تجارب وقصص مخابراتية سابقة كانت شيقة وتصلح كسيناريوهات لافلام نجحت المخابرات من
خلالها في لعبة اختلاق علماء وتشكيل مذاهب جديدة ونشر شعارات دينية ، وكان الشرق الاوسط
ساحة خصبة لمثل هذه الجولات التي تتحول الى قصص في مذكرات شيوخ المخابرات بعد تقاعدهم
ليحصدوا منها الملايين . بعد سقوط نظام صدام ، اصبح العراق ساحة تجريبية فريدة لعمل
المخابرات التابعة لدول عديدة ، وكان متوقعا ان تتصارع في هذه الساحة المفتوحة مخابرات
تابعة لدول كبيرة وصغيرة مجاورة وغير مجاورة . ولا شرط ان يكون لجميع تلك المخابرات
اهداف قريبة المدى بل تعمل احيانا بطريقة تجريبية تتعلق ببرنامج بعيد المدى اكثر خطورة
وابطأ حركة ، وتعد الالاعيب العقيدية من اكثر برامج المخابرات تعقيدا وتجريبا واستهلاكا
للوقت ، وقد اكدت الوقائع والمعلومات السرية التي يجري الكشف عنها ان احد اهم ميادين
السباق بين دوائر المخابرات المتنافسة هو ميدان تصنيع المناهج والعقائد والمذاهب
المبتكرة ووضع اطار فكري لها ثم اطار سياسي ثم ابراز قادة لها هم بالاصل من كبار ضباط
المخابرات او من المتعاونين الذين يتم استقطابهم ، وتفاخر مخابرات الدول المتنافسة في
تصنيع الثورات المزيفة او المذاهب الدينية وتقدمه على انه انجاز كبير ، وفي هذا السياق
نتذكر جيدا ان المخابرات البريطانية باعترافها صنعت الوهابية مستندة على الاراء الفقهية
المتشددة لعالم يقال له ابن تيمية ، ومن باب التنافس نجحت المخابرات الروسية في صناعة
البهائية التي تطورت الى البابية وذلك بتطوير احد نماذج التيار الاخباري الذي كان شائعا
في ايران ، ولم تتخل المخابرات الامريكية عن حصتها في هذا السباق فصنعت القاعدة التي هي
نموذج عسكري مطور لنموذج الوهابية بعد ان تبنت احد تيارات مجموعة الافغان العرب الذين
لم يكونوا بالاصل وهابيين او متطرفين ، فاستبعدت المجاهدين المعتدلين الذين قاتلوا
الاتحاد السوفيتي لتحرير افغانستان واستدرجتهم لمذابح ختامية مزقت صفوفهم ثم تبنت
مجموعة اسامة بن لادن ، هذا الرجل الذي لم يكن بالاصل متطرفا ولا هو ولا اسرته لهم
علاقة بالمذاهب المتطرفة ولكن تحولات معينة في الساحتين السعودية والافغانية اسقطت ابن
لادن في احضان التطرف بالتوريط المخطط ثم قرر مختارا ان يتبنى هذا التيار الذي هو مفخرة
للمخابرات الامريكية لكنه في الوقت نفسه وبال عليها ، ومن المتوقع ان تجرب المخابرات
الاسرائيلية مهاراتها لتصنع لنا في العراق تيار جند السماء ولكن جهد هذه المخابرات لم
يكن متقنا بدرجة كافية فقد ظهر مشروعها الذي يشبه البابية في ايران مبعثرا تحت اكثر من
اسم فهناك جماعة اسمها (جند السماء) واخرى اسمها ( جماعة اليماني ) واخرى اسمها ( انصار
المهدي ) ، ولكن في المحصلة استخدمت تل ابيب عقيدة الظهور لتطوير تيارها المبتكر الذي
ينشأ بحيث تباهي به من صنعوا الوهابية او البابية ، ولان تاريخ هذه المخابرات اقترن
بتاريخ اسرائيل وكفاءة اليهود التاريخية في ادارة الاموال والاستثمارات والسيطرة على
المصارف ، فقد نجحت هذه المخابرات في الانفاق على مشروعها المهدوي العراقي من جيوب
الاخرين ، واختارت الخليجيين كممولين للمشروع ، حيث تتوفر مقومات رائعة لدى بعض
الخليجيين ليكونوا جزء من هذا المشروع ، فهناك الخوف من التجربة العراقية الجديدة اما
لانها تجربة تهدد انظمة المنطقة واما بوحي من الصراع مع ايران والخوف من ارتباطها
مذهبيا وجغرافيا بالعراق وما قد ينتجه هذا الارتباط من خلل في التوازن المذهبي والسياسي
في المنطقة ، الخليجيون مولعون بفكرة اعادة البعثيين الى السلطة لانهم حراس البوابة
الشرقية امام المد الايراني ، وقد ابتزهم صدام ذات يوم بالمليارات لدعم حربه مع ايران ،
المخابرات الاسرائيلية الطموحة تعمل على اقناع المنطقة بخطورة ايران ومشروعها النووي
وخطورة الجوار الجغرافي الايراني للعراق ، وهنا تجتمع وسائل اللعبة ، التحقيقات كشفت ان
قادة جند السماء وجماعة اليماني وانصار المهدي اغلبهم من ضباط مخابرات وامن نظام صدام
السابق ورجال حزبه ، وان كان لابد لكل حركة تصنعها المخابرات من مرتكز عقائدي فقد
اختارت المخابرات الاسرائيلية تيارا مغمورا كان سائدا في العراق خلال عقد التسعينيات
يتراوح في عقائده بين السلوكية والحجتية وكلاهما من بقايا التيار الاخباري الذي اعتمد
تعاليم امين الاستربادي الذي ازدهر سابقا في ايران ايضا ، ولكن ما الذي يجمع بين ضباط
امن صدام والتيار الاخباري ، الجواب هو ان صدام ارسل اذكى ضباط مخابراته المتحدرين من
اصل شيعي ليخترقوا الحوزة العلمية ويدرسوا ويتغلغلوا في الاوساط العلمية بعد الانتفاضة
الشعبانية مباشرة وقد برع اؤلئك الطلبة في دراساتهم الحوزوية والعقيدية ولبسوا العمائم
وكانوا مكلفين بالوصول الى زوايا حساسة في الحوزات ومكاتب المراجع ومنهم من استطاع ان
يحضى بثقة مراجع مرموقين وان يكونوا ضمن حواشيهم ، وحين سقط صدام تعرفت المخابرات
الاسرائيلية على تلك الالغام الحوزوية العراقية التي كانت ترتجف هلعا خوف الانتقام ،
ولان المخابرات تعمل دائما بالنيابة وعبر الاستار وتحت اللافتات الوهمية ، فقد قررت تلك
المخابرات استخدام اختراقها القديم والناجح لمناطق الخليج فهي تحصل على المليارات عبر
وسطاء سريين بعنوان : ( دعم معركة السنة المساكين الذين يقودهم الصداميون في مواجهة
الشيعة المجرمين المدعومين من ايران ) ولكن حين تدخل تلك الاموال في الكيس الاسرائيلي
تتحول الى عنوان جديد هو : ( دعم الحركة المهدوية التي يقودها شيعة بعثيون لاسقاط
عقيدة الظهور الحقيقية التي يخشاها الاسرائيليون لاسباب توراتية معروفة ) هناك مشاعر
اسرائيلية حافلة بالرعب من فلسفة ظهور المهدي وما تعنيه تلك النبوءة التوراتية من نهاية
مفزعة للاسطورة الاسرائيلية ، يكفي ان نوستر اداموس نصف اليهودي في نبوءاته الشهيرة
سمى المهدي ( الملك الاشوري ) الذي يظهر لاحقا اشارة منه الى قائد مستقبلي يدمر اسرائيل
على نهج الاشوريين وسبيهم الاول لبني اسرائيل ، الا ان نبوءة نوستر اداموس تتجاوب كثيرا
في مضمونها الغامض والمرعب مع عقيدة اساسية ومقدسة هي عقيدة المهدي المنتظر التي يؤمن
بها كافة المسلمين لانها عقيدة معروفة وطبيعية وهي جزء من اصل الامامة لدى الشيعة ، لذا
ليس غريبا ان ينادي المهدويون الجدد بتقديس النجمة البلشفية السداسية بدعوى انها تعود
للنبي داود ، وهذه الفكرة تستبطن حسب الاجندة المخابراتية تهيئة ضد نوعي مهدوي تحت
عباءة اسرائيلية ليواجه العقيدة الاصلية القائمة ويضعفها ويربكها ويطوقها بالتشكيك كأحد
اهم وسائل المخابرات ، ويبدو انهم استخدموا اكثر من بند من بنود عمل المخابرات في هذه
النقلة المهمة واهم البنود التي استخدموها : مبدأ ركوب الموجة ، مبدأ الضد النوعي ،
مبدأ تحويل الاضواء ، مبدأ العمل بالنيابة ، مبدأ التشكيك بالاصل وتلقين النموذج البديل
، مبدأ نشر الشائعات ، شائعة الاسقاط او شائعة الاحباط او شائعة الخوف ، وغير ذلك مما
لم نكتشفه بعد ، وفي الختام على متتبعي الاخبار ان يربطوا بين الاخبار الاتية بذكاء
لتأسيس قاعدة نظرية اوسع لفهم المشروع المهدوي الاسرائيلي :
- مثنى حارث الضاري يزور اسرائيل طالبا الدعم المالي لاعادة البعثيين الى السلطة في
العراق ، ويخرج من تل ابيب متوجها الى رومانيا لشراء صفقة اسلحة لعصابات الجريمة
المنظمة في العراق ، وحين يكشف النقاب عن الصفقة يتضح ان قطر هي التي دفعت المبلغ الذي
يزيد عن 100 مليون دولار!
- كلما تصاعدت الهجمات الكلامية بين ايران وامريكا حول المشروع النووي الايراني تصدر
فتوى جديدة لعلماء سعوديين يهدرون بها دم الشيعة العراقيين ويرمونهم بالردة ويحرضون على
قتلهم ، ومعها تصريحات لحارث الضاري يجدد فيها دفاعه عن عصابات القاعدة وجرائمها في
العراق .
- التحقيقات الجنائية العراقية اثبتت ان مليارات الدولارات ارسلت من البحرين وقطر
والسعودية لتمويل الحركات المهدوية الجديدة الثلاث او الخمس التي تعمل في مدن الجنوب
وتكفر المرجعية وتقدس النجمة السداسية وهناك وثائق تضم اسماء ضباط مخابرات صداميين
عقدوا اتفاقات مع جهات رسمية خليجية لتقويض الامن وتخريب العملية السياسية مقابل
مليارات الدولارات .
- اطراف سياسية في داخل العراق تحرص على اعاقة عمل الحكومة وتأخير الاعمار والتنمية
ونشر الفساد لابقاء الاغلبية السكانية في الوسط والجنوب في حالة فقر وبطالة لكي ينخرط
شبابها الغاضب والجائع واليائس والمحبط في هذه التجمعات التي تغدق الاموال الهائلة على
العاملين في صفوفها . هذه تعليقة مختصرة فقط حول ابعاد المأمورية المخابراتية المهدوية
لاسرائيل في العراق ، اسرائيل تعرف تماما المعاني الخطيرة الكامنة في عراق سيصدر 10
ملايين برميل نفط يوميا ، في ظل اسعار جنونية للنفط ، وينفذ خطط تنمية واعمار سريعة و
متلاحقة وبشعب متعطش للحرية والعمل والابداع موحدا كله يؤمن بظهور المهدي يبغض صدام
وبقاياه ، وتربطه بايران النووية المجاورة علاقات مذهبية مهدوية حوزوية عريقة .
__________________