مشاهدة النسخة كاملة : السفير الإيراني السابق في دمشق.....هكذا أنشأنا حزب الله
السفير الإيراني السابق في دمشق: هكذا أنشأنا حزب الله
أختري «الأب الميداني» للتنظيم اللبناني يتحدث لـ«الشرق الاوسط» عن قصة نشأة الحزب والعلاقات الخاصة مع سورية
طهران: منال لطفي
بينما سيطر حزب الله اللبناني على الأخبار خلال الأسابيع الماضية بفعل الأزمة السياسية المحتقنة في لبنان، ما زال الكثير من خبايا إنشاء الحزب مجهولا، ولم ينشر الكثير عنه خصوصا من قبل أولئك الذين ساهموا في صنعه منذ الثمانينات وحتى الآن. ومن بين هؤلاء السفير الإيراني السابق لدى سورية، محمد حسن أختري «الأب الميداني» لحزب الله الذي أخذ الفكرة وليدة من «الأب الروحي» لحزب الله السفير الإيراني الأسبق لدى سورية، علي محتشمي، وحولها إلى حقيقة واقعة. وبدءا من اليوم تنشر «الشرق الأوسط» سلسلة حلقات حول السنوات الحاسمة في الثمانينات، والتي شهدت نشأة حزب الله، وبناء العلاقات «الخاصة» بين إيران وسورية، والعلاقات بين طهران والفصائل الفلسطينية. وتتضمن الحلقات شهادات من صانعي قرار في طهران ودمشق وبيروت وواشنطن، بعضها ينشر لأول مرة, تبدأ بشهادة السفير الإيراني في دمشق، محمد أختري، الذي عمل في سورية لمدة 14 عاما.
وقال أختري، في حوار مع «الشرق الأوسط»، هو الأول من نوعه لوسيلة إعلام عربية أو أجنبية، إن حزب الله وحركة المقاومة الإسلامية (حماس) والجهاد الإسلامي هم أبناء شرعيون للثورة الإيرانية، موضحا «الإمام الخميني والجمهورية الإسلامية اعتبرا القضية الفلسطينية قضيتهم.. وكما نعرف فإن حركة حماس وكذلك حركة الجهاد شكلتا بعد انتصار الثورة الإسلامية ومن وحي الإمام الخميني، ومن وحي المقاومة التي أسسها الإمام الخميني. كذلك تجسدت في لبنان هذه المقاومة، وبعد ذلك حصلت في فلسطين. لذلك المقاومة الفلسطينية واللبنانية أبناء شرعيون للجمهورية الإسلامية روحيا ومعنويا». وحول بناء حزب الله أكد أختري دور إيران في صنع الحزب ونشأته وقال: «باجتياح إسرائيل للبنان، شعر اللبنانيون بضرورة المقاومة.
في نفس الوقت الإمام الخميني، ومع أننا كنا في حرب مفروضة (الحرب العراقية ـ الإيرانية) وافق وأرسل وفودا من الحرس الثوري لدعم المقاومة. وقفنا الى جانبهم داعمين ومساعدين ومشجعين للمقاومة، لكن الأساس كان هم.. وبدعمهم ماديا ومعنويا وصلوا الى ما وصلوا إليه».
وتابع: «في البداية كان السيد علي محتشمي هو المسؤول، وبعد ذلك حينما أصبحت سفيرا كنت أقوم بنفس هذا الموقف الداعم لخط المواجهة.. لا أتذكر بدقة الفترة التي بقيتها قوات الحرس الثوري الإيراني في لبنان. لكن كما قلت إن الظروف كانت ظروف احتلال». وأوضح أختري أن مهمة الحرس الثوري الإيراني في لبنان تمحورت حول التدريب وإرسال التعليمات.
أختري: حزب الله وحماس والجهاد أبناء شرعيون للثورة الإيرانية
الأب الميداني لحزب الله ومهندس العلاقات الخاصة بين سورية وإيران يكشف لـ«الشرق الأوسط» في حوار نادر خبايا إنشاء الحزب والعلاقات المركبة مع دمشق (الحلقة الأولى)
طهران: منال لطفي
أبوان صنعا حزب الله اللبناني، «أب روحي» هو علي محتشمي السفير الإيراني الأسبق لدى سورية الذي خرجت «الفكرة» على يده للنور مطلع الثمانينات، و«أب ميداني» هو محمد حسن أختري السفير الإيراني السابق في سورية والذي ترك منصبه مطلع هذا العام بعد 14 عاما في دمشق. فأختري أخذ الفكرة الوليدة لحزب الله وحولها على مدار سنوات خدمته الى حقيقة واقعة غيرت الكثير من موازين القوى في المنطقة.
كان أختري خلال سنوات عمله، ( عمل سفيرا لدى دمشق على فترتين: الأولى من عام 1986 إلى عام 1997 والثانية منذ عام 2005 حتى يناير 2008)، الدبلوماسي الأكثر نفوذا في سورية. لكنه لم يكن مجرد سفير عادي فهو الى جانب كونه «الاب الميداني» لحزب الله، مهندس «العلاقات الخاصة بين سورية وإيران، ومنسق العلاقات بين طهران من ناحية وبين الفصائل الفلسطينية في دمشق من ناحية اخري، ومؤسس جمعية الصداقة الفلسطينية ـ الإيرانية والتي انضم اليها مندوبون من كل الفصائل الفلسطينية في دمشق بهدف «التقريب بين الشعبين الفلسطيني والإيراني»، كما قيل قبل أشهر قليلة، ورئيس جمعية «آل البيت» العالمية التي ترفع شعار «نشر الوعى الديني الشيعي»، والحوزات العلمية في العالم والتوجيه والتقريب بين المذاهب. ومنذ عودته الى طهران في يناير (كانون الثاني) الماضي يعمل اختري مستشارا للمرشد الاعلى لإيران آية الله خامنئي، وهو المنصب الذي كان يتولاه قبل عودته لطهران بنحو عامين. خلال سنوات عمل اختري في سورية باتت السفارة الإيرانية في دمشق أهم سفارة إيرانية في الخارج على الاطلاق، وتحولت الى ما يشبه «مركزا اقليميا» للنشاطات الدبلوماسية الإيرانية. فأنشطة السفارة امتدت من دمشق، الى بيروت، مرورا بالأراضي الفلسطينية، وانفتحت على ملفات عدة على رأسها علاقات سورية ـ إيران، وملف حزب الله، والفصائل الفلسطينية، والحوزات العلمية في العالم.
وإذا كان أهم ما قام به أختري خلال سنوات عمله هو بناء حزب الله وتحويله من مجرد فكرة الى مؤسسة ذات كيان سياسي واقتصادي وعسكري واجتماعي مستقل بذاته على الساحة الاقليمية، اذ اشرف بنفسه على البناء الميداني لحزب الله، خصوصا البناء العسكري والذي تم على يد عناصر من الحرس الثوري الإيراني ارسلوا خصيصا الى لبنان بناء على تعليمات الزعيم الإيراني الراحل آية الله الخميني، كما يقول أختري لـ«الشرق الأوسط»، فإن المهمة الأخرى لأختري والتي لا تقل أهمية هي «بناءه شبكة العلاقات الخاصة بين إيران وسورية»، فبدون هذه العلاقات الخاصة لم تكن طهران لتتحرك بالسلاسة نفسها وبشكل مباشر في لبنان أو مع الفصائل الفلسطينية. نجح اختري في «غزل» كل هذه الخيوط مع بعضها البعض، ايران بسورية بحزب الله بالفصائل الفلسطينية، حتى شكل ما أسماه البعض بـ«سجادة عجمي من العلاقات المركبة والمتداخلة».
وعندما يتحدث أختري حول سنوات عمله في دمشق وحول المهام التي قام بها خلال تلك السنوات، يتحدث بالصفتين، السفير ورجل الدين. فأختري لا يضع عمله في دمشق ولا المهام التي ألقيت على عاتقه منذ اليوم الأول، في اطار الانشطة السياسية المحضة، بل أيضا يضعها في اطار دوره كرجل دين، جاء من منصة امامة الصلاة في جامع سمنان بشمال إيران، الى العمل الدبلوماسي، بروح الدعوة الدينية. خطاب أختري الدبلوماسي تختلط فيه اللغة الفقهية والدينية مع اللغة السياسية، فهو، كما قال في حوار مطول مع «الشرق الأوسط» في طهران، هو الأول من نوعه لصحيفة عربية أو أجنبية، لم يدرس العلوم السياسية أو الدبلوماسية، بل درس الفقه في الحوزة العلمية بقم وعمل كرجل دين وامام جامع، ثم اختاره رئيس الجمهورية الإيرانية آنذاك علي خامنئي لمنصب سفير إيران في دمشق، وذلك في وقت حساس وعصيب كما يصفه أختري، إذ كانت إيران أيامها في سنوات «الحرب المفروضة من العراق»، كما يقول، وكانت سورية واحدة من ثلاث دول عربية وقفت إلى جانبها. تراجعت الاثنتان الاخريان لاحقا عن دعمهما وهما الجزائر وليبيا، وظلت سورية وحدها مع إيران. وكان على أختري أن يضمن أن هذا التحالف لن ينتهي كما انتهى التقارب مع الجزائر وليبيا. ولأن إيران لم يكن لها سفير في لبنان خلال ذلك الوقت بل قائم بالاعمال، كلف أختري بتولي مسؤولية الملف اللبناني، ولأن الفصائل الفلسطينية، حماس والجهاد الإسلامي، كانت تتخذ من دمشق مقرا لها، بات أختري مسؤولا أيضا عن ملف علاقات طهران مع الفصائل الفلسطينية.
«الشرق الأوسط» تنشر سلسلة حلقات حول هذه السنوات الحاسمة والمصيرية في الثمانينات، والتي شكلت طبيعة التفاعلات في المنطقة منذ ذلك الحين الى الآن، وشهدت نشأة حزب الله، وبناء العلاقات الخاصة بين إيران وسورية، والعلاقات بين طهران والفصائل الفلسطينية. وتتضمن الحلقات شهادات، بعضها ينشر لاول مرة، من مسؤولين حاليين وسابقين كانوا في دوائر صنع القرار آنذاك في سورية ولبنان وإيران، كما تتضمن شهادات شهود عيان مباشرين خلال هذه السنوات الحساسة، من بينهم مسؤولون حاليون وسابقون سوريون واميركيون ومسؤولون بالفصائل الفلسطينية في دمشق. تبدأ الحلقات بالحوار مع الأب الميداني لحزب الله السفير الإيراني السابق لدى سورية محمد حسن اختري، الذي تحدث عن الملفات الثلاثة الأساسية التي سيطرت على سنوات عمله الـ14، وهي بناء حزب الله ودور الحرس الثوري الإيراني، وعن اشتعال الحرب بين الفصائل الفلسطينية وحركة أمل، ثم اشتعالها مجددا بين أمل وحزب الله. كما تحدث عن بناء علاقات طهران مع الفصائل الفلسطينية، وعن العلاقات بين سورية وإيران، وعن المجمع العالمي لآل البيت، الذي يتولى رئاسته منذ 4 سنوات والذي قال إنه يقوم بأنشطة تبليغ ديني، وعن الفلسفة التي حركته في كل هذه القضايا والمستمدة كما قال من تعاليم آية الله الخميني، موضحا أنه شخصيا كلف بنشاطات تبليغية ودينية في حمص بحلب ولبنان منذ عام 1968 وحتى عام 1972، أي ان علاقته مع البلدين، كما يوضح تعود إلى نحو 40 عاما. وهنا نص الحوار:
* عدت إلى إيران بداية هذا العام بعد 14 عاما من العمل سفيرا في سورية.. هل يمكن أن تحدثنا حول تجربة الـ14 عاما في بناء العلاقات السورية ـ الإيرانية من خلال عملكم؟ ـ أولا أنا شاكر لكم تشريفكم وهذا اللقاء، ونتمني أن نستطيع، ومن خلال المنصة التي لديكم، أن نتواصل في توطيد العلاقات الاخوية بين المسلمين، وبين الدول العربية والإسلامية بصورة دائمة خاصة. إنني أحمل رغبة شديدة وقوية بالنسبة لهذه العلاقات، ايمانا وقناعة مني بضرورة توحيد الصف وتجميع القوى وتوفير الطاقات لتجسيد وترسيم الوحدة الإسلامية في الأمة. وكذلك إيجاد الصف المقاوم ضد المؤامرات الشيطانية التي تحاك ضد الأمة الاسلامية والأمة العربية. ولعله انطلاقا من مثل هذا الايمان، والشعور بمثل هذه المسؤولية، وفقت خلال عملي كسفير في سورية في ترسيخ وتوطيد العلاقات القوية والمستحكمة والمتينة بين إيران وسورية. مهمتي في سورية شملت دورتين: الدورة الأولى استغرقت اثني عشر عاما وشهرا، والدورة الثانية كانت بعد مضي 7 سنوات من الأولى، إذ عدت مرة أخرى لسنتين وشهر كسفير في سورية.
أن تكون سفيرا في بلد واحد لفترة تطول بهذا المقدار من الزمن شيء غير متعارف عليه وأمر غير معتاد. ليس متعارفا عليه في سورية أو في الجمهورية الإيرانية أن تطول مدة عمل سفير إلى هذا المقدار. ولعل قليلين من السفراء في العالم يتجاوزون عشر سنوات. سمعنا عن بعض السفراء، لكن قليلا جدا يمكثون 14 عاما.
طول الفترة والبقاء والاستمرارية دليل على توفيق العمل، خاصة أن مهمتي في سورية كانت في فترة شديدة وعويصة سياسيا، اقليميا ودوليا. كما تعرفون كانت أولى مهامي في عام 1986 وكانت تلك أيام الحرب المفروضة من صدام على إيران، كما كانت بعد اجتياح إسرائيل للبنان في عام 1982 وكانت هناك قضايا لبنانية مهمة. ويمكن لنا أن نقول إن الظرف كان ظرفا خاصا وساخنا في لبنان. في مثل هذه الظروف كلفت بهذه المهمة، وسلم لي هذا الملف. كذلك أنا لم أكن أعمل كموظف في دائرة من الدوائر الحكومية قبل تولي المنصب. كلنا كنا جددا بعد انتصار الثورة الإسلامية، جميع المسؤولين كانوا جددا في تسلم مهمتهم وملف الادارة الحكومية بصورة عامة.
* أين كنتم قبل تسلم منصب السفير الإيراني في سورية؟ ـ أنا كنت إمام جمعة. جئت من منصة إمامة الجمعة إلى منصة المسؤولية السياسية والعلاقات الدبلوماسية. وهذه الخلفية أيضا مؤشر لانجازات العمل. اضافة إلى ذلك، أنا وصلت الى سورية عام 1986 وكان شهر رمضان. الخامس والسادس من شهر رمضان وصلت إلى دمشق وبدأت العمل. وكان هذا مباركا لي في بداية عملي، ولكن في نفس الشهر، لعله في التاسع عشر أو في العشرين من شهر رمضان من ذلك العام حدثت مشكلة الفلسطينيين وحركة أمل في لبنان. في ذاك الوقت لم يكن للجمهورية الاسلامية سفير في لبنان، كان هناك قائم بالأعمال، حينذاك كلفت بمهمة الملف اللبناني.
ولأهمية الملف من جهة، ولأن سورية لها وجود عسكري وأمني في لبنان من جهة ثانية، ولأن جميع الفصائل الفلسطينية والقيادات المركزية للفصائل الفلسطينية كلهم في الشام من جهة ثالثة، كلفت بهذه المهمة في الأيام الأولى من عملي كسفير. ودخلت في الموضوع بكل معنى الكلمة. وبدأنا محاولاتنا لاخماد النار ولايجاد الهدوء والعمل لإيجاد الصلح بين الجهتين لأن الجهتين مسلمتان، الفلسطينيون وحركة أمل.
كانت هناك محاولة، وهذه نقطة مهمة، في ذلك الوقت في لبنان لإحداث فتنة طائفية، مثل الحرب المفروضة على إيران من قبل صدام، وابراز القضية في لبنان كقضية شيعيةـ سنية. منذ ذلك الوقت كانت المؤامرة قائمة، كما نشاهدها اليوم. كانت هناك أياد مسمومة ولئيمة تحاول أن تصير فتن طائفية بين المسلمين. كما قلت ايمانا مني بالوحدة الاسلامية والتقريب بين رؤي المسلمين بصورة عامة أعطيت الموضوع كل اهتمامي، وجاهدت لكي لا تنعكس هذه القضية لا في لبنان ولا في غير لبنان، وأن لا تصور على أنها قضية شيعة وسنة. الفلسطينيون مشردون وجاؤوا إلى لبنان، هناك جماعة لبنانيين عندهم قضايا، وحدثت المشكلة. اندلعت شعلة هذا الاقتتال الداخلي، وكان يهمنا أن نحاول أن نمنع اتساع هذه القضية، وثانيا عدم ابرازها كقضية طائفية شيعية سنية وقد وفقنا في هذا الموضوع.
كانت هناك مجموعة من الاخوة، تجمع علماء المسلمين في لبنان في ذاك الوقت، كان لهم دور كبير في هذا الموضوع. كنا دائما نجتمع وكانوا هم يصدرون بيانات لتهدئة الأمور، ولتبيين أن هذه الخلافات حزبية وليس لها أساسا جذور في العقائد والمذهب. والحمد الله كنا موفقين في هذا الموضوع. يمكن أن نقول إن لبنان رفض أن تحسب هذه القضية كقضية طائفية، ونحن من الأول بدأنا من موضوع النشاط الميداني لإخماد الفتنة ومواجهتها، وفي نفس الوقت تأسيس كيان العلاقات بين إيران وسورية، وبين إيران وفلسطين، وبين إيران ولبنان، بأواصر المودة والاخوة والاعتماد والاطمئنان والثقة.
* لا بد أن نستوقفك في بعض التفاصيل.. ماذا كان بالضبط نوع الخلافات بين حركة أمل والفصائل الفلسطينية؟ وماذا كانت مقترحاتكم التي أدت الى حل الخلافات؟ ـ كما أشرت هذا الخلاف كان مؤامرة. الفلسطينيون كانوا مشردين وقد جاؤوا إلى لبنان كضيوف، خاصة لدى حركة امل. كما أن مؤسس حركة أمل الامام موسى الصدر كان من أول مستقبلي الفلسطينيين. لم يكونوا في لبنان رافضين للفلسطينيين، وكانوا يعرفون قضية فلسطين، وكذلك كانوا يعتبرون أن قضية فلسطين من قضيتهم. فمن جهة استضاف لبنان الفلسطينيين، وإكرام الضيف ضروري على حسب مبادئنا الدينية. ومن جهة أخرى الإمام موسى الصدر كان ممن استقبل فلسطينيين، وكان يؤكد على مواجهة اسرائيل ودعم الفلسطينيين وهو له تاريخ كبير في هذا الموضوع. من جهة ثالثة، الجهتان لهما علاقة بسورية. فسورية حاضنة للطرفين، حركة أمل والفلسطينيين، هذا دليل أن القضية لم تكن قضية لبناني شيعي وفلسطيني سني. لم يكن الأمر هكذا. من جهة رابعة، الجهتان كانتا ترتبطان مع إيران بعلاقة قوية وجديدة لأن الامام الخميني، وبعد اعلان الجمهورية الاسلامية وانتصار الثورة استقبل الشهيد ياسر عرفات. وحولت الجمهورية الإسلامية سفارة اسرائيل إلى سفارة فلسطين. كذلك حركة أمل كانت لها علاقات مع الجمهورية الاسلامية. كلهم كانت لهم علاقات مع الجمهورية الإسلامية. وبالتالي يمكن أن نقول إن المشكلة وقعت في بيت واحد وفي ميدان واحد، وليس في بيتين ولا ميدانين، وسببها اسرائيل ولدينا شواهد على هذا الموضوع.
كنا نجتمع في دمشق لمتابعة الأمور في ذاك الوقت، معاون وزير الخارجية الإيراني الشيخ شيخ الاسلام، والذي تم تعيينه سفيرا بعدي في سورية، فهو ايضا كلف بالمجيء الى سورية وبقي فيها. وعبد السلام جلود (كان الرجل الثاني في النظام الليبي وابتعد عن العمل الرسمي بعد قضية لوكربي ثم اختفى عن الانشطة الرسمية في مايو 1993) الذي جاء في ذلك الوقت من ليبيا إلى سورية، بالاضافة إلى مسؤولين سوريين. كنا نعقد اجتماعات ثلاثية دائما بحضور ممثلين من قيادات حركة أمل والفصائل الفلسطينية. كنا مثلا نجتمع في الليل ونتفق ونصدر بيانا صباحا، لكن وقبل أن يعمم البيان أو القرار على جميع الاخوة في لبنان، كنا نسمع حدوث خروقات من نقطة في الجنوب أو في الشمال أو بيروت. وكنا نحاول أن نعرف ما هو السبب، فيتبين لنا أن هناك اشخاصا مدسوسين، وأن شخصا أطلق النار أو فعل شيئا لتخريب القضية. والمستفيد الوحيد كانت إسرائيل ومن يدعمها في هذه القضية. بعد المصالحة نحن نعرف أن الفلسطينيين بقوا في مكانهم، واخواننا في حركة أمل وباقي اللبنانيين ومن في مكانهم استمروا. هذه المشكلة كانت مشكلة لئيمة وبأيد مرتزقة من الخارج والمستفيد كان إسرائيل، وهي من كان وراء هذه القضايا. (»الشرق الأوسط»: موسى الصدر مؤسس حركة أمل اللبنانية إيراني المولد فقد ولد في مدينة قم بإيران في 15 أبريل عام 1928. ودرس العلوم الدينية بعد نيله شهادتين في علم الشريعة الاسلامية والعلوم السياسية في جامعة طهران عام 1956. ومن قم توجه الصدر إلى النجف لاكمال دراسته تحت اشراف آية الله محسن الحكيم الطباطبائي وآية الله أبو القاسم الخوئي. وفي عام 1960 توجه للاقامة في مدينة صور اللبنانية التي كان ايرانيون كثيرون توجهوا اليها بسبب المشاكل السياسية في إيران. في لبنان أسس الصدر أفواج المقاومة اللبنانية المعروفة باسم حركة أمل في عام 1974، كما أنشأ المجلس الاسلامي الشيعي الأعلى في عام 1969 وكانت هذه هي أول مرة يتم فيها رسميا فصل طائفي للمسلمين بين الشيعة والسنة. وقد صادف بداية ترؤسه للمجلس بداية التدخلات الإسرائيلية في جنوب لبنان. حصل الصدر على الجنسية اللبنانية لاحقا لدرجة أن الكثيرين لا يعرفون أنه ولد في إيران وليس في لبنان. اختفى موسى الصدر خلال زيارة لليبيا في 25 اغسطس 1978 في ظل تكتم ليبي على ملابسات الاختفاء. وحتى اليوم لا يعرف مصيره).
* تدخلت ثانية لاحتواء صراع آخر بين حزب الله من ناحية وحركة أمل من ناحية أخرى.. فهل يمكن أن تروي لنا تجربتك مع هذه القضية؟ ـ أولا يجب أن أقول إن قضية حركة أمل والفلسطينيين ظلت عاما كاملا حتى توصلنا لمصالحة بين جميع الأطراف. بعد ذلك حدثت مشكلة جديدة بين أمل وحزب الله. أمل وحزب الله كانوا مجموعة واحدة. يمكن أن نقول إنهم كلهم كانوا من أبناء الإمام موسى الصدر. فبعد انتصار الثورة الاسلامية الجميع تعاهدوا مع الجمهورية الاسلامية، وزاروا الامام الخميني آنذاك، وبدأوا علاقاتهم، مثل العلاقات بين جميع المسلمين.
حدثت المشكلة بين أمل وحزب الله بعد أن كانوا مجموعة واحدة. هم افترقوا، بعضهم بقى في أمل والآخرون شكلوا حزب الله. لكنهم بدأوا كجبهة موحدة في مواجهة اسرائيل حتى اخراج إسرائيل من لبنان، أو يمكن أن نقول من بيروت إلى الشريط الأمني الذي كان معروفا في ذلك الوقت. خلال عدة أشهر استطاع المقاومون اللبنانيون، خاصة أبناء الجنوب، وهم من حركة أمل وحزب الله محاربة اسرائيل. المواجهات بين أمل وحزب الله كانت سيئة جدا وكانت سلبياتها كثيرة، وكنا جميعا منزعجين جدا منها. ولذلك كنا نحاول بكل جهدنا أن ننهي هذه المشكلة.
* ما هو سببها بالضبط؟ هل كان آيديولوجيا أم سياسيا؟ ـ لا أعتقد ان السبب ايديولوجي، فجميعهم آيديولوجيتهم واحدة، بل هم أبناء طائفة واحدة. كما لم تكن هناك أسباب سياسية. فالطرفان كانت علاقاتهما مع إيران وسورية جيدة. كذلك في لبنان لم يكن عندهم مطامع خاصة لنقول إن هناك خلافات سياسية. فلم يكن لديهم أهداف متميزة عن بعضهم البعض، أو متعارضة مع بعضها البعض.
* لكن هل صحيح أن حركة امل كانت توجهاتها العلمانية أكبر.. فيما كان حزب الله دينيا أكثر ومن هنا نشبت الخلافات؟
ـ التدين، كما هو معروف، هو عمل الانسان. الالتزام العملي والسلوك. ربما يمكن أن نقول إن الاخوة من حزب الله كانوا مثلا أنشط وملتزمين أكثر. بينما في حركة أمل، يمكن أن نقول إن هناك شرائح مختلقة، فيهم من كان يقوم بواجباته الدينية تماما مثل الاخوة في حزب الله، لكن، هناك قسم شباب. هناك شاب يمكن ان يكون متدينا، وشاب آخر يمكن أن يكون أقل تدينا. هذا شيء عادي بين الشباب كما نعرف جميعا. لكن أساس الخلاف لم يكن دينيا ولا مذهبيا ولا عقائديا، حتى ولا سياسيا ولا ايديولوجيا لان كلاهما كان يعتقد بضرورة مواجهة اسرائيل. كلهم كانوا يعتقدون بالمقاومة. كلهم كانوا يعتقدون بالمواجهة. وكما قلت من بيت واحد. كما نعرف جميعا، أحيانا تحدث مشكلة داخلية من دون سبب أو لسبب ما، بعد انتهاء المشكلة لا يفهم الانسان ماهية هذا السبب الذي أوصل اخوين في عشيرة واحدة أو في طائفة واحدة للمواجهة. هذه المشكلة أخذت منا وقتا طويلا، وكنت مكلفا بمهمة المصالحة من قبل سماحة الامام خامنئي الذي كان رئيس الجمهورية الإيرانية ساعتها. كنت أنا ممثل الجمهورية الايرانية والمرحوم غازي كنعان (رئيس شعبة المخابرات السورية في لبنان في الفترة من 1982 حتى 2001. وعين وزيرا للداخلية من أكتوبر عام 2003 حتى انتحاره عام 2005) ممثل الرئيس المرحوم حافظ الأسد، بالاضافة إلى ممثلين من حزب الله وحركة أمل. عقدنا اجتماعات طويلة استغرقت شهورا حتى وصلنا الى المصالحة.
* ماذا كانت شروط المصالحة بين حزب الله وحركة أمل؟ ـ كانت الشروط هى إعادة الأمور إلى ما كانت عليه سابقا، والافراج عن المعتقلين من الطرفين، والالتزام بعدم اطلاق النار. هذه كانت النقاط الاساسية، والطرفان التزما بها. والجهات السياسية والدينية في لبنان كلها ساعدت على هذا الأمر ونجحنا والحمد لله. استمرت وتواصلت خطوة المصالحة بين أمل وحزب الله إلى أن وصلت الامور إلى ما كانت عليه سابقا. الطرفان يقيمان شعائرهما الدينية معا. كانا يجتمعان في الاحتفالات معا. يمكن ان نقول إنه يوما بعد يوم اقترب الطرفان حتى أصبحا شريحة واحدة مثل ما نشاهده اليوم في لبنان. هذه كانت قاعدة لحدوث مثل هذه الوحدة، وهذا الانسجام والتزامل الموجود اليوم بينهم في لبنان. السيد حسن نصر الله يقود القيادة الروحية والدينية، والسيد نبيه بري يقود الحركة السياسية في لبنان. وكانوا موفقين والحمد لله ونحن نعتبر أن المصالحة كانت موفقة. كما نعتبر أنها أساس إيجاد الثقة بين إيران وسورية أكثر مما كان عليه الأمر سابقا. سورية وقفت إلى جانب إيران منذ اليوم الأول وكان الرئيس المرحوم حافظ الأسد يثق بالامام الخميني، وكان يحترم الامام الخميني. وكان ممن يعتقد أن معارضة الجمهورية الاسلامية بأي عنوان أو تحت أي فصل من الفصول يعتبر خيانة للقضية العربية والاسلامية والفلسطينية. وهذه فيها شواهد كثيرة. إذا عدنا إلى خطابات الرئيس حافظ الأسد في مجالس الدول العربية والدول الاسلامية فكلها تشير إلى هذا، لأن وقوف المرحوم حافظ الأسد ضد صدام لم يكن بداع خاص، إذ أنه كان يعتبر أن الجمهورية الإسلامية أو الإمام الخميني أخرجا ايران من تحالف الغرب والتحالف مع أميركا واسرائيل، وأدخلاها إلى تحالف العرب والمسلمين.
كذلك الامام الخميني والجمهورية الاسلامية اعتبرا القضية الفلسطينية قضيتهم، ونادى بيوم القدس العالمي في شهر رمضان دعما للقضية الفلسطينية. وكما نعرف ان حركة حماس وكذلك حركة الجهاد شكلتا بعد انتصار الثورة الاسلامية ومن وحي الامام الخميني، ومن وحي المقاومة التي أسسها الامام الخميني. كذلك تجسدت في لبنان هذه المقاومة وبعد ذلك حصلت في فلسطين. لذلك فأبناء المقاومة الفلسطينية واللبنانية ابناء شرعيون للجمهورية الاسلامية روحيا ومعنويا.
* السيد عبد الحليم خدام النائب السابق للرئيس السوري ذكر أن إيران عملت على تقوية حزب الله على حساب حركة أمل بعد انتهاء المواجهات بينهما.. هل هذا صحيح؟
ـ لا هذا الكلام غير صحيح.. إيران عندما كانت علاقتها مع حزب الله، في نفس الوقت كانت علاقتها مع حركة أمل. كان هناك أشخاص أو بعض جهات كانوا يحاولون أن يصوروا للآخرين ان إيران تفضل أو تدعم حزب الله على حساب حركة أمل. ولكن في الحقيقة كانت علاقة إيران مع الجهتين، وكان رئيس حركة أمل وعناصر حركة أمل في نفس الوقت في علاقة جيدة مع إيران، وكانوا يزورون إيران وكان المسؤولون الإيرانيون حين يأتون يلتقون مع الرئيس ومع مساعديه في حركة أمل. وعندما اندلعت الفتنة والمشكلة بينهم، كانت إيران تحاول حلها، كانت هناك أياد تخرب هذه الحلول وهذه المحاولات، فأخذت وقتا حتى تصل القضية إلى الحل والعلاج. وما ذكرتم أن خدام قال هذا، فهذه تصوراته الشخصية، ليس لها حقيقة. إيران ساعدت في ايجاد علاقات وثيقة ومتينة بين إيران وسورية. وحدثت هناك ثقة كاملة واعتماد عظيم بين البلدين. كانت هناك مجموعات ومحللون يفكرون أن علاقات سورية وإيران تنحصر في سنوات الحرب المفروضة من العراق. لكن نحن شاهدنا أن العلاقات توسعت وتعمقت اكثر فأكثر. ولا زال هذا هو الحال والحمد الله.
* كان لك دور كبير في بناء حزب الله في لبنان.. فما هي أهم الصعوبات التي واجهتك في بناء حزب الله؟ وكم عام أخذ التأسيس؟ وكيف تم التخطيط له وكيف تمت مساعدتهم؟ ـ كان لي دور في دعم المقاومة وتوسيعها وتعميقها بصفتي ممثلا للجمهورية الإسلامية. لكن من الضروري أن نؤكد على أن المقاومة اندلعت من لبنان بروح لبنانية وبإيمان لبناني وشباب لبناني، هم الذين شعروا بضرورة ايجاد المقاومة، وتأسيس وتنظيم هذه القاعدة. كما قلت إن الإمام موسى الصدر كان هو مؤسس حركة أمل للمستضعفين. لكن وباجتياح إسرائيل للبنان، شعر اللبنانيون بضرورة المقاومة. في نفس الوقت الإمام الخميني، مع أننا كنا في حرب مفروضة، وافق وأرسل وفودا من الحرس الثوري لدعم المقاومة. وقفنا إلى جانبهم داعمين ومساعدين ومشجعين للمقاومة، لكن الأساس كان هم. الأرضية أرضية لبنانية، الكفاءات كفاءات لبنانية والإيمان إيمان لبنانيين، هم الذين أرادوا أن يؤسسوا مقاومة عميقة وواسعة ومتجذرة واستطاعوا. نحن كنا إلى جانبهم، ساعدناهم ودعمناهم في هذا الموضوع. والحمد لله بمتابعة الأمور، وبدعمهم ماديا ومعنويا وصلوا إلى ما وصلوا إليه.
* هل يمكن الرجوع للأيام الاولى لانشاء حزب الله، أنت وصفت مرارا بأنك «الأب الميداني» لحزب الله، فيما علي محتشمي «الأب الروحي» للحزب. فكيف كانت علاقتك مع محتشمي، وكيف جاءت فكرة دعم حزب الله لدى إيران؟ ـ طبعا في البداية كان السيد علي محتشمي هو المسؤول، وبعد ذلك حينما أصبحت سفيرا كنت أقوم بنفس هذا الموقف الداعم لخط المواجهة. وعلاقتي مع السيد محتشمي علاقة جيدة. لي صداقة معه منذ أكثر من أربعين عاما قبل انتصار الثورة الإسلامية، وعلاقتنا ما زالت قائمة. وسبب نشأة حزب الله وكذلك دخول إيران إلى ميدان لبنان كان احتلال إسرائيل للبنان. فحين احتلت إسرائيل لبنان رأت الجمهورية الإسلامية ضرورة دعم لبنان في مواجهته للاحتلال الاسرائيلي. فجاءت إيران إلى لبنان ووقفت إلى جانب المواجهة في عام 1982، وكانت هناك حركة أمل وسائر اللبنانيين بمن فيهم من المسيحيين، كانوا كلهم في خط مواجهة الاحتلال. ومن حينها مجموعة من حركة أمل بتعهدهم والتزامهم انشأوا حزب الله للمقاومة، والجمهورية الاسلامية وقفت إلى جانب كل خطوط المواجهة، ومع كل الجهات المقاومة، حتى الجماعات العلمانية في لبنان، من مسيحيين ومسلمين كلهم كانوا على علاقة مع الجمهورية الإسلامية. جماعات الأحزاب الاشتراكية والشيوعية وكذلك جماعات أخرى كلهم كانت لهم علاقات مع الجمهورية الإسلامية وما زالت. الجمهورية الإسلامية وقفت إلى جانب هذه القضية، هذه المجموعة وهؤلاء الشباب أرادوا أن يقاوموا، وشكلوا تنظيمهم، الجمهورية الإسلامية ساعدتهم في تنظيمهم. («الشرق الأوسط»: حول نشأة حزب الله قال السفير الإيراني الأسبق في سورية والأب الروحي لحزب الله علي أكبر محتشمي بور، والذي عمل سفيرا في دمشق بين 1982ـ1985 في مقابلة مع صحيفة «شرق الإيرانية» بتاريخ 3ـ8ـ2008 إن حزب الله «شارك جنبا إلى جنب مع الحرس الثوري الإيراني في الحرب الإيرانية ـ العراقية.. وقال محتشمي ما نصّه: «جزء من خبرة حزب الله يعود إلى التجارب المكتسبة في القتال وجزء آخر من التدريب.. إن حزب الله اكتسب خبرة قتالية عالية خلال الحرب الإيرانية ـ العراقية، بحيث كان رجال الحزب يقاتلون ضمن صفوف قواتنا أو بشكل مباشر». وقال في المقابلة أيضا: «بعد الاجتياح الإسرائيلي للبنان في عام 1982، تراجع الإمام الخميني عن فكرة إيفاد قوات ضخمة إلى لبنان وسورية، بعبارة أخرى بعد أن حطت الطائرة الإيرانية الخامسة في دمشق التي نقلت وحدات من الحرس والبسيج ولواء ذو الفقار الخاص (الخالدون في عهد الشاه)، عارض الإمام الخميني إرسال مزيد من القوات، وكنت وقتذاك سفيرا في سورية، وأعيش قلقا حقيقيا حيال مصير لبنان وسورية، ولهذا ذهبت إلى طهران وقابلت الإمام الخميني، فيما كنت متأثرا ومتحمسا لفكرة إرسال القوات إلى سورية ولبنان، بدأت بالحديث عن مسؤولياتنا وما يدور في لبنان، إلا أن الإمام هدأني، وقال إن القوات التي قد ترسلها إلى سورية ولبنان لا بد أن يكون لها دعم لوجيستي كبير، والمشكلة أن طرق الإسناد والدعم تم عبر العراق وتركيا، والأول في حرب شرسة معنا، والثاني عضو في الناتو ومتحالف مع أميركا.... إن الطريق الوحيد هو تدريب الشبّان الشيعة هناك، وهكذا ولد حزب الله». ووفقا لمحتشمي، فإن أكثر من 100 ألف شاب تلقوا تدريبات قتالية منذ تأسيس حزب الله في لبنان، بحيث كانت كل دورة تدريب تشمل 300 مقاتل).
* حول قرار الخميني إرسال قوات من الحرس الثوري الإيراني لدعم حزب الله في لبنان.. ماذا كانت مهمة هذه القوات بالضبط؟ وكم استمر بقاؤها في لبنان؟ ـ لا أتذكر بدقة الفترة التي بقتها قوات الحرس الثوري الإيراني في لبنان. لكن كما قلت إن الظروف كانت ظروف احتلال، وهذه المجموعات سافرت لدعم اللبنانيين في تلك الآونة بصورة خاصة، وبعدما انتهت، تقريبا بعد عام أو عامين وكانت المواجهة وصلت إلى نتائجها، بعد ذلك رجعوا وانتهى حضور الحرس في لبنان.
* وماذا كانت مهمة الحرس؟ هل كان يشارك في القتال مباشرة أم كان يقوم بتدريب القوات الخاصة بحزب الله؟ ـ كانوا يقومون بدعم حزب الله في موضوع التدريب وموضوع التعليمات الخاصة. ولا أتذكر أن أحدا منهم كان مشاركا في خط المقاومة.
* تحدثت حول دعم حزب الله وعن التنسيق مع حزب الله. فكيف كان يتم التنسيق مع حزب الله، هل كان مقاتلون وناشطون من حزب الله يأتون إلى دمشق أم كنت أنت تسافر إلى بيروت، ومع من كان يتم التنسيق داخل حزب الله؟ ـ كانت لنا لقاءات وكنا نطلع على ما عندهم. كانوا يخبروننا بما يقررون وبما يلتزمون وبما يعملون. كانوا يخبروننا ويقدمون بعض التقارير ونرسل التقارير للإخوة في الجمهورية الإسلامية، ولكن القرار كان بأيديهم. كما أن الفصائل الفلسطينية علاقاتهم معنا كانت على نفس النسق. كنا نلتقي المسؤولين الفلسطينين حين يأتون ويقدمون تقاريرهم ويطرحون قضايام. المسؤولون في الجمهورية الإسلامية كانوا يعطونهم نصحهم إذا كانت عندهم نصيحة خاصة. لكن في جميع هذه الأحوال القرار بأيديهم. كان عندهم مجلس شورى، والقرار كان بيد الشوري، بعد ذلك وصل الأمر إلى انتخاب الأمين العام. والأمين العام هو أيضا عضو في الشورى. القرارات التنفيذية أو القرارات الرئيسية كانت بيد الشوري والأمين العام. فكما هو معروف أهل البيت أدرى بالبيت. وما زال هذا هو الحال. كما تعرفون جميعا نحن اعلنا مرارا ان القضية اللبنانية لا تحل الا بالتوافق. ليس هناك حل للبنان من الخارج وبالفرض والالزام أو بالأوامر أو التعليمات من هنا وهناك. نحن في إيران لم نتعامل مع جميع الجهات المرتبطة بالجمهورية الإسلامية منذ اليوم الأول إلى يومنا هذا بالأوامر. نحن مع اخواننا في افغانستان هكذا. مع العراقيين، بشرائحهم المختلفة، الشيعة والسنة والعرب والأكراد وغيرهم، كلهم كانت علاقاتهم معنا بهذه الطريقة. واللبنانيون والفلسطينيون نفس الشيء. نحن نجتمع، نتحدث، وهم يقدمون لنا تقارير، يخبروننا بما عندهم، ويستشيروننا في بعض الأمور. نحن نقدم نصحنا فيما نعرف من الأمور، لكن الخيار والقرار بإيديهم. يتفقون، يقررون ويعملون على حسب اختيارهم. حاليا وكما أكدت معالجة الوضع في لبنان لا نراها إلا بالتوافق اللبناني، مع القيادات السياسية والروحية. ومن مميزات لبنان ان القيادات السياسية لا تستطيع ان تفرض رأيها على جميع اللبنانيين. من الضروري ان تكون القيادات السياسية والروحية متفقة على هذا الموضوع.
وكل من كان يعرف لبنان في ذلك الوقت وأحداث لبنان يذكر أن العلاقات اللبنانية ـ السورية كانت علاقات ممتازة، فجميع الجماعات كانت في تواصل معنا في سورية. وبالطبع حينما كنت أذهب الى لبنان كنت التقي مع أطراف مختلفة، مع حزب الله وحركة أمل وجهات إسلامية وعلمانية أخرى، وعلاقتنا كانت تواصل على حسب المقتضيات، وخاصة في أيام الفتن والمشاكل كان هناك تواصل مستمر بغية الوصول إلى الحل وبعدما استقرت أمور لبنان، طبعا تغيرت الموازين.
* كيف تغيرت الموازين؟ ـ حدث هناك استقرار في لبنان وأنا مثلا كجميع السفراء المقيمين في سورية، حينما كنا نذهب إلى لبنان كنا نذهب بصورة رسمية ولقاءاتنا كانت لقاءات رسمية على حسب ما هو متعارف عليه في السلك الدبلوماسي.
* هل حدث أن اختلف الإيرانيون وقيادات حزب الله في وجهات النظر بخصوص أي قضية طوال فترة العلاقات بينكم من خلال تجربتك وسنوات عملك في دمشق؟ ـ هل تقصدون اللبنانيين والجمهورية الإسلامية؟
* لا.. الإيرانيون وحزب الله. فخيارات المقاومة في هذا الوقت كانت خيارات صعبة. كانت هناك قرارات استراتيجية لابد أن تتخذ. هل حدثت خلافات بينكم وبين حزب الله؟ ـ هذه القضية صعبة التفسير. فموضوع اختلاف الرأي دائم في الجمهورية الاسلامية بين شرائح الجمهورية ورجالاتها. كانت ولا زالت تحدث اختلافات في وجهات النظر. حتى أنا مع مساعدي. حتى الرئيس الذي يعمل مع وزرائه، يمكن أن يكون هناك الرأي والرأي الآخر. ولكن دائما في التنظيمات وكذلك في الحكومات القرار شوري. اذا الاكثرية وافقت على أمر، يعمل به. ليس من الصحيح ان تكون وجهات النظر متطابقة مئة بالمئة. لكن اختلاف الرأي والنظر ليس معناه الاختلاف وليس معناه تعارضا في الرأي. نحن كما قلنا، أمر لبنان للبنانيين، هم يقررون ويتفقون. يمكن مثلا ان نقول إن التعامل في هذه القضية لم يكن صحيحا، وإن التعامل بتلك الطريقة يكون أفضل. لكننا جميعا بدين واحد وبايمان واحد. نحن وحزب الله نعتبر ان اميركا عدوة للاسلام وللمسلمين، واسرائيل غدة سرطانية في المنطقة وان خط المواجهة ضروري والمقاومة هي الأساس، اما أشكالها وتطبيقها، فيمكن ان يكون لديهم في حزب الله تطبيق خاص وتعبيرات بشكل آخر. هذا يمكن ان يحدث. لكن في الاساسيات والجذور والأهداف ليس هناك خلاف.
* غدا: تدخلنا لمساعدة حزب الله في إنشاء قناة المنار
مقاتل
05-15-2008, 06:23 PM
أختري: ثلاث حوزات شيعية في سوريا و حزب الله هو كل لبنان
الأب الميداني للتنظيم لـ«الشرق الأوسط»: تدخلنا لإنشاء «المنار»
طهران - منال لطفي
طريق إيران لبناء حزب الله وتعزيز دورها في لبنان وعلاقتها مع الكثير من القوى السياسية فيه، مر بدمشق. فبدون العلاقات الخاصة بين إيران وسورية، والتي بنيت على مدار ما يقرب من 30 عاما، سواء، أكان ذلك سياسيا أم عسكريا أم اقتصاديا أم ثقافيا، لم يكن من الممكن لإيران ان تتحرك بالسلاسة ذاتها في لبنان. وفي الحلقة الاولى التي نشرت أمس، كشف السفير الإيراني السابق في دمشق والأب الميداني لحزب الله محمد حسن اختري، في حواره مع «الشرق الأوسط» الذي أجري في طهران، عن أن قائد الثورة الإيرانية آية الله الخميني، أمر بإرسال عناصر من الحرس الثوري الإيراني الى لبنان، لبناء حزب الله عسكريا لمواجهة إسرائيل، بعد الهجوم الاسرائيلي على لبنان، وأن قوات الحرس الثوري بقيت في لبنان سنوات، وكانت مهمتها الاساسية هي التدريب واعطاء التعليمات الخاصة، نافيا أن يكون احد من الحرس الثوري، قد شارك الى جانب حزب الله اللبناني على جبهة المعركة. واوضح أختري أنه تدخل بشكل مباشر خلال المواجهات بين الفصائل الفلسطينية وحركة أمل في لبنان منتصف الثمانينات، مشيرا الى أن علاقته بالملف اللبناني، تعمقت إثر نشوب المواجهات بين حركة أمل وحزب الله، موضحا أنه كلف مهمة المصالحة من قبل آية الله خامنئي، الذي كان رئيس الجمهورية الإيرانية ساعتها، الى جانب غازي كنعان رئيس شعبة المخابرات السورية في لبنان في الفترة من 1982 حتى 2001، بالاضافة إلى ممثلين من حزب الله وحركة أمل. وقال أختري ان حزب الله والجهاد الاسلامي وحماس أبناء شرعيون للثورة الإيرانية، موضحا ان طهران دعمتهم ماليا وسياسيا ومعنويا، وكان هناك تنسيق بينهم، مشيرا في الوقت نفسه، الى أن القرار النهائي كان بيد مسؤولي حزب الله والجهاد وحماس على أساس أن «أهل البيت أدرى بالبيت». وشدد أختري على أنه على مدار السنوات تعمقت العلاقات الاستراتيجية بين طهران ودمشق، موضحا «حدثت هناك ثقة كاملة واعتماد عظيم بين البلدين. كانت هناك مجموعات ومحللون يفكرون أن علاقات سورية وإيران تنحصر في سنوات الحرب المفروضة من العراق. لكن نحن شاهدنا ان العلاقات توسعت وتعمقت اكثر فأكثر». توطيد العلاقات بين سورية وإيران بهذه «الطريقة المستحكمة» على حد وصف السفير أختري، خلق الكثير من المخاوف حول «تبعية سورية لإيران» و«انتشار التشيع» و«بناء العشرات من الحوزات العلمية الشيعية». وفي بقية حوار «الشرق الأوسط» مع السفير أختري، يقول ان هناك مبالغات في الحديث عن خطر التشيع في سورية، مشيرا إلى أن هناك 3 حوزات علمية شيعية كبيرة في سورية، والباقي «صفوف تابعة لهذه الحوزة أو تلك الحوزة تبعا لعدد الطلاب»، على حد تعبيره. كما يتحدث السفير الإيراني السابق في دمشق، عن تدخل إيران لمساعدة حزب الله في إنشاء قناة المنار، وذلك عندما ظهرت عقبات في لبنان تمنع هذا. وينفي أختري في حواره تورط إيران أو حزب الله او سورية في عملية اختطاف الطائرة «تي دبليو» عام 1985. كما تحدث أختري عن مشروعات قيد التخطيط والإنشاء بين إيران والعراق وسورية، لإنشاء خطوط لايصال انابيب النفط والغاز بين الدول الثلاث، وتوسيع الخطوط الحديدية من إيران للعراق الى سورية وهو ما سماه «طريق حرير» جديد يربط الشرق بالغرب. وهنا بقية الحوار:
* فيما يتعلق بمساعدة إيران لحزب الله.. هل كنتم تقدمون نصائح وتتدخلون للمساعدة. مثلا قيل إن إيران تدخلت لمساعدة حزب الله في تأسيس محطة المنار. فكيف ساعدتم في بناء مؤسسات حزب الله سواء بالمقترحات أو بالدعم المالي؟
كما قلت بالنسبة للدعم المالي كان موجودا. وبالنسبة للدعم المعنوي كان موجودا أيضا. ليس فقط في لبنان, بل مع الدول الاخرى. نحن دائما في لقاءاتنا مع الدول الاخرى حينما كانوا يتحدثون عن لبنان، كنا نقدم نصائحنا لهم. فتعامل كثير من هذه الدول مع حزب الله لم يكن صحيحا. كما أن بعض الدول كان يطلب منا أن نتوسط لعقد لقاءات بين مسؤولين من حزب الله ومسؤولين من هذه البلاد، وكنا نساعدهم على هذه الامور، وكنا نتوسط في هذه القضايا. كنا أيضا نقدم نصحنا لبعض الدول، مثلا مع فرنسا والكثير من الدول الاوروبية التي كانت علاقتنا معهم جيدة، دائما كنا نقول لهم إن نظرتهم الى حزب الله، سابقا، غير صحيحة، وأن حزب الله شريحة كبيرة في لبنان. فقبل عشر سنوات كثير منهم لم يكونوا يدركون هذا الشيء. كانوا يعتبرون، لأنهم كانوا يسمعون من تصورات أو أوهام اميركية، ان حزب الله شريحة صغيرة في لبنان. لكن بعد ذلك عرفوا أن حزب الله شريحة كبيرة في لبنان، بل يمكن أن نقول إن حزب الله هو كل لبنان لأن المسيحيين والسنة والشيعة كلهم مع حزب الله. ولا زالوا والحمد لله. بالنسبة لـ«المنار» كانت هناك صعوبات على حسب النظام اللبناني في تأسيس مثل هذه القناة. نحن تدخلنا في ذلك الوقت، ومع سورية، سورية لها اليد الطولي في هذا الموضوع، ثم أيد المرحوم رفيق الحريري هذه الفكرة وساعد على انشاء القناة. جميعنا ساعدهم وتأسست القناة والحمد الله.
* كيف ساعدتم حزب الله على انشاء القناة؟ ـ ساعدناهم ماليا ومعنويا، وسياسيا واقليما ودوليا بطرق مختلفة.
* النائب السابق للرئيس السوري عبد الحليم خدام، قال إن خلافات نشبت بين سورية من جهة وحزب الله وإيران من جهة أخرى خلال اختطاف الطائرة «تي دبليو»، وقال إن النظام السوري لم يكن يفضل اختطاف الطائرة او الاحتفاظ برهائن.. هل هذا صحيح؟
بالتأكيد ليس صحيحا, لأنه لا إيران ولا سورية ولا حزب الله لهم أي شأن في هذا الموضوع، لأن أساس هذا الموضوع كان قبل التأسيس والتنظيم، بمعناه الخاص، لحزب الله، فلم تكن هناك مجموعة خاصة وقوية بعنوان حزب الله في ذاك الوقت. وحتى أنا في ذلك الوقت لم أكن هناك، والاخوة في الحرس الثوري لم يكونوا حاضرين في ذلك الوقت، وكذلك الجمهورية الاسلامية في وقتها كانت تعلن، وتؤكد دائما معارضتها بكل قوة للافكار الارهابية، موضوع الطائرات وموضوع الرهائن. أساسا لم يكن لحزب الله شأن في هذا الموضوع، ولا للجمهورية الاسلامية ولا لسورية. لم يكن لهم شأن في هذا الموضوع. هذه كانت أمور خاصة عند بعض أشخاص أو جهات غير معروفة في ذلك الوقت، كانت تنشر المجلات والصحف كثيرا من هذه الاحاديث، وتبين أن في لبنان مجموعات صغيرة جدا غير معروفة. بعض المجموعات مدعومة من قبل بعض الجهات المعادية للسلام والمعادية لحزب الله، كانت تحاول أن تسيء لسمعة حزب الله وسمعة الجمهورية الاسلامية، وكانت تقوم بارتكاب بعض الاعمال الارهابية ليتهموا ايران وحزب الله وسورية. إلا أن الجمهورية الإسلامية ليس واردا لديها ولا في قناعتها بصورة مبدئية الدخول في الأمور الإرهابية والوقوف الى جانب مثل هذه القضايا. كانت هناك في وقتها جهات تتهم سورية وإيران، وهذا الرجل يؤيد نفس هذه التهم، ولو كانت هذه التهم صحيحة، فهذا الرجل كان مسؤولا في ذلك الوقت، فهو مسؤول كذلك عن هذه القضايا.
* تقول إن حزب الله غير متورط. لكن صورة مسؤول العمليات العسكرية في حزب الله عماد مغنية، أخذت الى جانب أحد رهائن الطائرة «تي دبليو» عام 1985.. أليس هذا دليلا على تورط حزب الله في اختطاف الطائرة؟
هذه تهمة ليس لها أي اثباتات، لأن الشهيد عماد مغنية ليس له أي دخل في هذا الموضوع. («الشرق الأوسط»: عملية اختطاف طائرة تي دبليو أي الرحلة رقم 847 تبنتها مجموعة أطلقت على نفسها «منظمة المضطهدين في الأرض»، التي تقول وكالة المخابرات الاميركية، إنها كانت على صلة بحزب الله. وقد تمت العملية في 14 يونيو (حزيران) 1985 يوم جمعة، واستهدفت الطائرة التي كان مقررا أن تقوم برحلة من أثينا الى روما، وكان على متنها 153 مسافرا. واستغرقت العملية اسبوعين، قتل خلالها مسافر من اميركا. واقلعت الطائرة الساعة 10.10 صباحا، وبعد فترة قصيرة من الاقلاع أصدر شخصان أوامرهما لقبطان الطائرة بتغيير وجهة الرحلة الى الشرق الأوسط، مهددين بمسدسات تمكنوا من تهريبها عبر نقاط تفتيش في المطار. وتوقفت الطائرة لعدة ساعات في مطار بيروت وتم تبديل 19 مسافرا مقابل التزود بالوقود للطائرة، وكانت نقطة التوقف الثانية هي مطار العاصمة الجزائرية، حيث تم اطلاق سراح 20 مسافرا، وتوجهت الطائرة بعدها الى بيروت مرة اخرى. وفي مطار بيروت، قام المختطفون بقتل راكب اميركي كان غواصا في القوات البحرية الاميركية، وقاموا برمي جثته في مدرج المطار. وفي مطار بيروت انضم مسلحون آخرون للجماعة المختطفة للطائرة، وأقلعت بعدها مرة اخرى الى الجزائر في 15 يونيو 1985، حيث تم اطلاق سراح 65 مسافرا آخر لتعود الطائرة بعدها للمرة الثالثة الى مطار بيروت. وقد تلخصت مطالب المختطفين في اطلاق سراح الأسرى اللبنانيين في اسرائيل، وشجب عالمي لاحتلال اسرائيل للجنوب اللبناني عقب غزو لبنان 1982، مع شجب مماثل لدور اميركا في شؤون لبنان. وتم توجيه أصابع الاتهام بتنفيذ عملية الاختطاف الى عماد مغنية وحسن عز الدين، وعلي عطوة ومحمد علي حمادي. وحسب الاستخبارات الاميركية، فإنهم كانوا اعضاء في حزب الله. وقد تمكنت الاستخبارات اليونانية من القبض على عطوة قبل ركوبه الطائرة، وتم تبادله واطلاق سراحه في صفقة مع المختطفين مقابل 8 مسافرين يونانيين كانوا على متن الطائرة. وفي 17 يونيو 1985، تمكن نبيه بري رئيس حركة افواج المقاومة اللبنانية (حركة أمل) من التوسط وإطلاق سراح 40 مسافرا، وبقي 39 مسافرا محتجزين الى يوم 30 يونيو 1985، الى أن تم اطلاق سراحهم ونقلهم الى المانيا).
* حول موضوع اغتيال عماد مغنية في دمشق. بعد الاغتيال، اعلنت ايران تشكيل لجنة مشتركة للتحقيق، لكن سورية نفت. ما هي ملابسات ذلك اللبس؟
اصلا ليس هناك لجنة تحقيق سورية ايرانية؟
* لكن أحد مساعدي وزير الخارجية الإيراني منوشهر متقي، أعلن عبر وكالة أنباء الجمهورية الايرانية (أرنا) تشكيل لجنة التحقيق المشتركة؟
انا لم أسمع هذا التصريح.. ولكن عمليا أرى اننا لسنا بحاجة لتشكيل لجنة مشتركة. ربما اعلنت الجمهورية الاسلامية اننا جاهزون للمساعدة اذا طلب منا. نحن نثق بسورية والاخوة في سورية بدأوا تحقيقاتهم في هذه القضية، وهذا يهمهم اكثر مما يهمنا، لأن مغنية كان في دمشق وضيفا عليهم. بالتأكيد وبسبب العلاقات الوثيقة بين حزب الله وسورية، فإن سورية لديها اهتمام خاص بهذا الموضوع ومصلحة مشتركة بين امل وحزب الله وسورية تتطلب ان تتابع هذه القضية بكل جدية. وبالتأكيد هذا هو ما أمر به الرئيس السوري الدكتور بشار الأسد. ونحن لا نشك في هذا الموضوع.
* قيل كثير من الأوصاف حول مغنية.. فكيف تصفه شخصيا.. وهل اغتياله في دمشق بهذه الطريقة يوحي باختراق أمني؟
أنا لا أستطيع أن أتحدث حول هذا الموضوع. هذه قضية أمنية يمكن أن يكون متورطا فيها اطراف مختلفة، وأنا ليس عندي أي دليل أو أي شيء واضح حتى أتحدث في هذا الموضوع. لكن الرجل أنا كنت أعرفه منذ البداية، وهو رجل مخلص مؤمن ملتزم. كان نشاطه في حزب الله، وكذلك كان رجلا قويا وشجاعا، وكان دوره فعالا في موضوع المقاومة ومواجهة ضد الاحتلال.
* هل هناك موعد محدد كي تعلن فيه سورية نتائج التحقيق في اغتيال مغنية؟
منذ ان رجعت من دمشق الى طهران وحتى الآن، لم أتطرق الى هذا الموضوع، وليس لدي أي معلومات حوله.
* قلتم إن حركة المقاومة الاسلامية حماس والجهاد الاسلامي، أبناء شرعيون للثورة وللجمهورية الاسلامية.. فكيف تم دعمهما فكريا وماليا واستراتيجيا؟ وهل هذا الدعم ما زال متواصلا؟
ـ بعد انتصار الثورة الاسلامية وانتشار الصحوة الاسلامية وروح مواجهة العدوان والظلم، والمؤامرات الامبريالية، هذه الافكار انتشرت. وكانت يوما بعد يوم تتوسع الفكرة (المقاومة) لدى المسلمين الفلسطينيين. بعد انتصار المقاومة الاسلامية في لبنان، الفلسطينيون توصلوا الى هذه القناعة، وهي أن أفضل طريق هي المقاومة. الفلسطينيون تغذوا على هذه الفكرة، وأصبحت فكرة عالمية. الجمهورية الاسلامية بحكم أنها تدعم فكرة مقاومة ومواجهة الاحتلال، كانت مؤيدة لفكرة مقاومة حركة حماس في فلسطين. وكذلك علاقات الجمهورية الاسلامية مع حركة حماس معروفة، والجمهورية الاسلامية دعمها لحكومة حماس الشرعية في فلسطين، معلن ومعروف. وطبعا الفلسطينيون، كما هو معروف، التواصل معهم بصور غير الفكر والدعم المالي، فإن الطريق مقطوع عنهم بصورة معلنة. الجميع يعرف هذا الشيء فلا تستطيع مجموعة او جهة أن تقدم دعما خاصا غير ما يعلن لحماس، لأن حركة حماس داخل فلسطين. والدعم لحكومة حماس واضح ومعروف، وليس وراء هذا أي شيء آخر.
مقاتل
05-15-2008, 06:24 PM
* بخلاف الدعم المالي.. ماذا عن الدعم السياسي، هل يتم التشاور والتنسيق خصوصا بعد أحداث الضفة وغزة، خاصة أن خالد مشعل رئيس المكتب السياسي لحماس يلتقي الكثير من المسؤولين الإيرانيين في دمشق؟
هنـاك تواصل قائم والزيارات كذلك متبادلة والدعم السياسي قائم، بمعنى الدعم السياسي للمواقف وتبادل وجهات النظر كذلك قائم، لكن أن نقول إن هناك تنسيقا، بمعنى التنسيق، فالإجابة لا. هم مختارون ويقررون كيفما يريدون ويخططون. في المواضيع التخطيطية أو العملية ان نقول ان هناك تنسيقا فلا، هذا غير وارد اصلا، هم يقررون ما يريدون.
* قبل مغادرتكم دمشق بأسابيع.. طرح عقد مؤتمر في طهران للفصائل الفلسطينية، ردا على مؤتمر انابوليس للسلام. لكن تعطل المؤتمر ولم يعقد وقيل ان الفصائل رفضت بسبب تعقد الوضع الاقليمي. هل سبب هذا أي خلافات بين طهران والفصائل؟
في الحقيقة لم يكن هناك قرار لعقد مؤتمر في طهران. ما حدث هو ان وزير الخارجية الدكتور متقي، وهو في سورية، أعلن وابدى استعداده للفصائل الفلسطينية اذا ارادت الحضور في طهران. قال: اذا اردتم عقد مؤتمر في طهران، نحن جاهزون. كانت هناك دعوة قائمة للفصائل منذ اكثر من عدة أشهر قبل شهر رمضان الماضي. فقبل شهر رمضان ابلغناهم بالدعوة، ولم تتسن الظروف لأن تتم هذه الزيارة، وأجلت لبعد رمضان. في ذلك الوقت ايضا قلنا لهم اننا جاهزون لاستقبالهم في طهران. وسائل الاعلام صورت ان هذه الزيارة لعقد مؤتمر. والحقيقة هي لا، لم تكن لاقامة مؤتمر. نحن نعتبر ان إيران هي البلد الثاني لكل أخواننا الفلسطينيين، وفي أي وقت يريدون زيارة إيران، فإن إيران ترحب بهم. وهم طبعا على حسب ظروفهم.
* عندما عينتم سفيرا في دمشق، لم تكن العلاقات بين طهران ودمشق وصلت للمستوى الذي وصلت اليه اليوم، ولم تكن العلاقات الاستراتيجية قد بنيت بعد. كيف بنيتم هذه العلاقات. هل في اول يوم عمل لكم في دمشق قلت ان هدفك هو بناء علاقات بهذا المستوى الاستراتيجي؟ ام ان الأمور تطورت تدريجيا خلال سنوات عملك خطوة خطوة؟
طبعا الأمور كلها تتقدم بصورة تدريجية وكذلك الانسان عندما يريد أن يصل الى القمة، عليه ان يتدرج على الدرج. ولا يمكن أن يصل الانسان بقفزة واحدة الى الاعلى. الاهداف الاستراتيجية لكل حكومة أو لكل دولة تتضمن تأسيس علاقتها مع دول مختلفة، في حقول مختلفة أو على أصعدة مختلفة، سياسية واقتصادية وثقافية، في كل المجالات. طبعا نحن مثل جميع الدول حرصنا على هذه الأهداف. في البدايات كانت هناك مشاكل لأن الجمهورية الاسلامية كانت فتية في ذلك الوقت، وبعد ذلك حوربنا بالحرب المفروضة من العراق، وكان عندنا مشاكل داخلية. جميع الدول ساعتها وقفت الى جانب صدام، دول عربية واسلامية وأوروبية، الشرق والغرب، كما كنا نقول دائما. 3 دول عربية وقفت الى جانبنا في ذلك الوقت، وعدة دول اسلامية كان موقفها جيدا أو محايدا. ولكن أكثرية الدول الأوروبية واميركا واسرائيل والاتحاد السوفياتي، كلها كانت تدعم صدام عسكريا وتقنيا وماديا بكل معنى الكلمة كما يعرف الجميع. كانت سورية وليبيا والجزائر هي التي وقفت الى جانب ايران. في الطريق، بعد مضي سنوات، ليبيا انسحبت الى حد ما، كذلك الجزائر انسحبت. لكن سورية بقيت. هذه العلاقات شيئا فشيئا تعمقت بين إيران وسورية, وتوسعت في المجال الثقافي والاقتصادي، وبنينا كذلك البني الاقتصادية القوية بين البلدين. بدأنا من النقطة الاولى وحتى اليوم والحمد الله تمتاز العلاقات الاقتصادية بالتعامل في مجالات الاستثمارات المشتركة، فهناك استثمارات ايرانية واستثمارات سورية مشتركة. وسقف التعاون الاقتصادي يصل من مليارين و500 مليون الى قرابة 3 مليارات دولار. وحاليا هناك مشروع لانشاء مصفاة مشتركة بين إيران وسورية وفنزويلا وماليزيا. طبعا هذه المصفاة ستكون تكاليفها كبيرة. وهناك مشاريع اخرى. فنحن لدينا مع اخواننا السوريين والعراقيين مشروع تواصل في العلاقات الثلاثية عبر انشاء خطوط لإيصال انابيب النفط والغاز من إيران الى العراق الى سورية. تحدثنا مع الحكومة العراقية وتحدثنا مع سورية. وننتظر تهدئة الأمور في العراق. وذلك اضافة الى توسيع الخطوط الحديدية من إيران للعراق الى سورية. فالخطوط أكثرها قائمة لكن بحاجة الى توصيلها. وهذا الخط سيكون مثل طريق الحرير القديم، وسيصل جميع الشرق بجميع الغرب، ويقرب بين البلدان الثلاثة كثيرا. حاليا مثلا السيارات والشاحنات والباصات او حتى القطارات، تكون من طهران الى اسطنبول، ومن اسطنبول الى سورية. اذا هدأت الأمور سيكون الخط عن طريق العراق، طريق الوسط، ويكون اقرب الطرق. وسيخدم هذا الطريق النقل بين الشرق والغرب. نيات طيبة لخدمة الأمة العربية والاسلامية.
* ماذا عن حجم التقارب الثقافي بين إيران وسورية خلال سنوات عملكم؟ ودور جمعية آل البيت التي تتولون مسؤولية الأشراف عليها؟ وهل صحيح أنكم كنتم ترأسون الجمعية بينما كنت سفيرا لسورية؟
في العامين الأخيرين من عملي في سورية كنت أتولى رئاسة المجمع العالمي لجمعية آل البيت.
* ما هي أهم انشطة جمعية آل البيت؟
جمعية آل البيت جمعية غير حكومية، ومؤسسة مستقلة وشعبية أسست منذ 17 عاما. فبعد اجتماع عام لمجموعة من النخب والمفكرين والعلماء في طهران أنذاك، اتفقوا على تأسيس هذه الجمعية، وعرضوا الموضوع على سماحة القائد الإمام خامنئي، وطلبوا منه ان تكون الجمعية تحت أشرافه العام. وقوبل الطلب بالموافقة، وشكلت الجمعية بركائز وأركان ثلاثة: الجمعية العامة، والهيئة العليا او المجلس الأعلى للجمعية، والأمين العام للجمعية. هذه الجمعية بدأت عملها بأهداف متعددة، تبين وتعريف الاسلام وشخصية النبي المكرم صلى الله عليه وسلم، وأهل البيت وآئمة أهل البيت، لأن كثيرا من الناس لا يعرفون الاسلام وحقيقة الاسلام، كذلك لم يتعرفوا على شخصية النبي المكرم وآئمة أهل البيت، وكذلك سائر الشخصيات الاسلامية من الصحابة والانصار. هذا طبعا يتم بطرق مختلفة منها التأليف وتصنيف الكتب، وترجمة الكتب، وكذلك بالمنشورات والمجلات وما يشبه ذلك. ايضا من أهدافنا الاهتمام بالوحدة الاسلامية وتوحيد الصف الاسلامي بين المسلمين باتجاه التقريب بين المذاهب الاسلامية. فكما قلت ان الكثير من المشاكل حتى بين المذاهب والطوائف تنشأ من عدم المعرفة. مثلا بعض اتباع مذاهبنا لا يعرفون عن مذاهب الآخرين. إذا عرفنا يتبين انه لا خلاف بيننا في الكثير من القضايا، وتكون المتفقات والمشتركات أكثر مما نختلف عليه، او لعل بعض المسائل، حينما تتبين نقطة الخلاف، يتضح ان هذه مسألة بسيطة جدا. فمثلا الفقيه الفلاني له رأي في هذه المسألة، والفقيه الآخر له رأي آخر، هذا شيء يوجد في جميع المذاهب، بل وحتى داخل المذهب الواحد، اذ قد توجد خلافات حول بعض وجهات النظر في الحلية (ما هو حلال) أو في الكراهة (ما هو مكروه) او في الحرمة (ما هو حرام)، وفي الجواز وعدم الجواز. كذلك هناك في كل المذاهب امور يمكن ان نقول إنها خارجة عن حقيقة الاسلام، وعن حقيقة المذاهب، ولكن بشكل من الاشكال وبدواع مختلفة، تم نسبها للاسلام، او اتهموا الاسلام وافتروا على الاسلام وعلى المذاهب. نحن مهمتنا تنقية وتصفية هذه القضايا، وتبيان الحقيقي من غير الحقيقي، والصحيح عن السقيم. كذلك من اعمالنا الاتصال مع باقي مجموعات آل البيت الموجودة في العالم والمؤسسات الاسلامية العامة.
* كم عدد مؤسسات آل البيت حول العالم اليوم؟
ليس لدينا احصاء بهذا الأمر، لكن ما دام أتباع آل البيت منتشرين في كل العالم، فبعددهم يوجد مؤسسات، حتى في كثير من الدول يوجد هناك اكثر من مؤسسة. بعض المؤسسات التي تحب ان تكون لها صلة معنا نتواصل معهم ونزودهم بالكتب الاسلامية، وبما ننشره نحن، وبما يحتاجونه أحيانا من كتب اسلامية أخرى من مذهب آل البيت أو من مذاهب أخرى. جمعية آل البيت ليست جمعية سياسية، ولا تنظيما سياسيا، هي فقط مؤسسة ثقافية دينية تربوية اجتماعية اخلاقية. ومن أهدافها كذلك توحيد الصف الاسلامي وتعميق العلاقات الأخوية، وعندنا منشور خاص في موضوع التعامل مع الفرق الاسلامية اسمه «كيفية التعامل مع الفرق الاسلامية» اي كل ما يلزم عليهم، ويلزم علينا وكيفية التعامل مع بعضنا البعض. كل اربع سنوات تعقد الجمعية العامة لآل البيت. في الصيف الماضي عقدنا الجمعية العامة الرابعة في طهران، وحضر أكثر من مائة بلد في العالم، واجتمع أكثر من 500 عضو عالمي. ونستهدف إن شاء الله مستقبلا أن نتحرك في المجالات الاقتصادية والتواصل الاقتصادي والتجاري بين إيران، وبين الدول الاسلامية الأخرى. الأمين العام لجمعية آل البيت، ينتخب من قبل الهيئة العليا، ويعرض على سماحة القائد، وهو يعطيه التكليف او يثبت الأمانة العامة. أنا تسلمت هذه المهمة منذ 4 سنوات. وهذه مهمتي منذ رجعت الى طهران.
* تخططون في جمعية آل البيت لإطلاق محطة تلفزيونية.. كيف تسير الخطوات؟
نعم من أهدافنا تأسيس قناة فضائية على نفس النسق والأهداف. وبدأنا بتنظيم البدايات الاولى لهذه القناة، ولعلنا خلال الأشهر القليلة المقبلة، نستطيع ان نبدأ العمل فيها.
* هل ستكون قناة آل البيت اخبارية سياسية ام قناة دينية وأين سيكون مقرها؟
حتى الآن لم تقرر ولم تحسم القضية بصورة نهائية، وكذلك المكان الذي ستكون مقرا لها لم يبت فيه بعد. والقناة ستكون قناة اخلاقية دينية تربوية اجتماعية وليست سياسية أو اخبارية.
* البعض يحذر من أن مثل هذه الأدوات قد تكون اداة لنشر التشيع وتصدير أفكار الجمهورية الاسلامية؟
ان شاء الله حين تنطلق قناة آل البيت، سيتبين ان كل ذلك أوهام في غير محلها.
* ايضا البعض في سورية يتخوف من زيادة الحوزات العلمية فيها، ما هو ردكم على الاتهامات بأن هناك مدا شيعيا إيرانيا في سورية؟
أنا في الحقيقة لا أرى أي سبب للتخوف من وجود الحوزات العلمية، أو المعاهد الدينية. هناك في سورية معاهد وحوزات دينية كثيرة. هناك حوزة تعمل منذ 25 عاما، وما زالت ولم يكن هناك اي تخوف. هناك علاقات عميقة ووطيدة بين المشرفين على الحوزة العلمية، مع سائر الحوزات والمعاهد الدينية السنية في سورية، حتى أنه تربطهم علاقات مع المفتي العام في سورية، سواء الدكتور أحمد حسون المفتي الحالي او المرحوم الشيخ كفتارو. كانت العلاقات دائما وطيدة. كذلك التواصل بين العلماء الدينيين موجود، واقامة احتفالات مشتركة، واقامة مؤتمرات الوحدة الاسلامية، واحتفالات قرآنية مشتركة في كل شهر رمضان بين الشيعة والسنة في سورية. وفي داخل إيران، هناك ايضا تواصل قائم بين العلماء والاساتذة في الحوزات العلمية مع السوريين وغيرهم، مع علماء مصريين وعلماء في السعودية ودول اسلامية اخرى. أنا ارى أن هناك توهما للتخوف من التشيع في سورية أكثر من وجود شيء حقيقي. ليس هناك سبب للتخوف لأن علاقتنا مع أبناء الشيعة والسنة في إيران، وفي خارج إيران قائمة. نحن في إيران في المناطق التي يوجد فيها أهل السنة توجد منشآت دينية كبيرة وواسعة. كذلك لدينا مجمع تقريب بين المذاهب الاسلامية في إيران بعضوية كثير من علماء الدين الشيعة والسنة من خارج البلاد، هناك أعضاء من سورية ومصر والجزائر والسودان. هناك أعضاء من كل الدول العربية والاسلامية وهذه الجمعية مثل مؤسسة المجمع العالمي لآل البيت، نتبادل فيها وجهات النظر ونتعاون في اقامة الكثير من المؤتمرات والحلقات العلمية والدينية في خارج البلاد.
* ما هو حجم زيادة الحوزات العلمية الإيرانية في دمشق.. وهل زادت للدرجة التي تثير قلق البعض؟
انا لا أرى أن هناك ازديادا في العدد. هناك حوزتان او ثلاث حوزات رئيسية كانت موجودة من 15 او 20 عاما وحتى الآن. طبعا يمكن ان تكون هناك مثلا صفوف تابعة لهذه الحوزة او تلك الحوزة تبعا لعدد الطلاب.
* تلقب بـ«الشيخ».. وتلقب بـ«السفير» فوق العادة.. أيهما اقرب اليك؟ وهل يمكن ان تعطينا نبذة عن نشأتك وتعليمك؟
بخصوص لقب «الشيخ» او «السفير» فوق العادة.. هذا يختلف، وكل على حسب ذوقه وعلى حسب ما يخطر بباله (يضحك). المهم هو المخاطب وليس عنوان الخطاب. حول نشأتي انا من مواليد عام 1945، ومن مدينة سمنان، ومن بلدة بها تدعى سرخة. عشت قرابة 13 عاما فيها. لكن ولادتي لم تكن في هذا البلد، ولادتي كانت في بلدة أخرى، لأن والدي ووالدتي رحمة الله عليهما كانا يعيشان في بلدة اسمها جرمسار. ولدت هناك وعشنا عاما ونصف العام في هذه البلدة، وبعد ذلك انتقلنا الى سرخة في سمنان. من سمنان ذهبت الى قم للدراسة.
* على يد من درست في قم؟
في دروس المقدمة، او البدايات، كان من استاذتنا آية الله الشهيد بهشتي، والمرحوم آية الله رباني شيرازي، والمرحوم آية الله مشكيني، والكثير من العلماء الآخرين. بعد ذلك ذهبت الى النجف الأشرف، وبقيت في النجف الأشرف 5 سنوات للدراسة، وحضرت دروس المرحوم آية الله تبريزي، والاستاذ آية الله رستي، وآية الله شاهبادي. كذلك حضرت لمدة 6 أشهر درس الشهيد المرحوم آية الله محمد باقر الصدر، وكذلك حضرت أكثر من عام درس آية الله العظمي السيستاني، وبعض العلماء الآخرين. وطبعا كانت علاقتي الرئيسية والقوية والعميقة مع الامام الخميني. كنت محسوبا من حواشي الامام الخميني واصحابه.
* كيف تعرفتم على آية الله الخميني؟
تعرفنا في قم في بداية عملنا للثورة، بعدما خرج الامام بحركته الاسلامية. كنت في الخامسة عشرة من عمري، والتحقت بالركب بسبب الظروف واهتمامنا بالشؤون الاسلامية. بعدما خرج الامام من السجن كنا نتردد على بيته في ذلك الوقت، ونتابع الحركة على قدر همتنا، وعلى قدر تكليفنا. كنا نقوم بأنشطة معارضة في ذلك الوقت. وفي عام 1964 سجنت لأول مرة في سمنان بسبب مشاركتي في حركة المعارضة الاسلامية. وبعدما افرج عني ذهبت الى النجف الاشرف، دخلت الى النجف الاشرف في نفس اليوم الذي دخل فيه الامام الخميني العراق. انا وصلت الى النجف الأشرف قبل العاشرة صباحا، والامام الخميني وصل الى بغداد في الرابعة بعد الظهر. طبعا هو وصل الى بغداد، ومن بغداد وصل الى الكاظمية، وبقي عدة ايام في الكاظمية، بعد ذلك التحقنا بالامام في الكاظمية، وكنا في صحبة وخدمة الامام من الكاظمية الى سامراء، ومن سامراء الى كربلاء، من كربلاء الى النجف. وفي النجف كنا في خدمة الامام وفي بيت الامام. وبعد ذلك وتقريبا في عام 1968، بعد حرب 1967، ذهبت الى سورية في شهر رمضان، حيث مكثت في قرية بحمص للتبليغ والقيام بالتوجيه الديني. وكذلك عام 1969 اتيت من النجف الى نفس القرية في حمص للتوجيه والتبليغ الديني. وفي نفس العام أتيت الى لبنان وبقيت في لبنان سنتين ونصف السنة حتى عام 1972 أقوم بنشاطات دينية وتبليغية داخل لبنان. علاقتي مع سورية ولبنان تعود تقريبا الى أكثر من 40 عاما. بعد ذلك عدت الى إيران، وواصلت الدراسة في قم لمدة 5 سنوات حتى انتصار الثورة الاسلامية. كنت أقوم بأنشطة معارضة بالخطاب والبيانات وغير ذلك، فسجنت في إيران للمرة الثانية عام 1972، ثم سجنت للمرة الثالثة في الاسبوع الأخير قبل الثورة وقبل وصول الامام الخميني الى طهران. وأفرج عني ليلة وصول الامام.
* ما هي الأنشطة التي قمت بها للتبيلغ في سورية ولبنان؟
كنت أقوم بالتبليغ بنفسي. كنت أدرس في ذلك الوقت، ولم تكن هناك أية جهة خاصة تتبنى موضوع الدعوة والتوجيه والإرشاد، وكنت بنفسي أقوم كمرشد لهذه القرى التي كنت أذهب اليها، وكذلك في لبنان كنت اقوم بدور أمام جماعة. كنت أقوم بإمامة الصلاة في الجامع، وكنت أقدم محاضرات وألقي خطابات بين الناس كحلقات وكحوارات مع جهات علمية مع اساتذة جامعيين وطلاب. كان تقريبا في هذا المدار، ولم يكن أكثر من هذا.
* وصفت خلال سنوات عملك بأنك السفير الأكثر أهمية في سورية على الاطلاق، ونشاطك كان يمتد من دمشق الى لبنان الى الفصائل الفلسطينية. قيل أنك سفير لثلاث او اربع قضايا بالغة الحساسية، والسفير الأكثر نفوذا في دمشق، والسفير الاكثر بروزا وحضورا. كثير من الاوصاف اطلقت عليك. بعد مغادرتك المنصب، هل ما زالت على صلة بأي من هذه الملفات، وهل ما زلت تتابع الأوضاع في دمشق عن طريق السفير الإيراني الحالي أحمد موسوي؟ وهل تتدخل احيانا بالمشورة أو النصح؟
لا.. أنا لا أتدخل في شيء من هذه الأمور. وطبعا السفير هو الشخص المكلف هذه المهمة. وبالتأكيد هو سيكون ناجحا لأن الظروف ممتازة وجيدة، والعلاقات بين إيران وسورية لا تعاني من اية مشكلة خاصة. فلذلك، على حسب نشاط السفير والسفارة، الأمور تتقدم وتتواصل وتستمر. أنا علاقاتي الآن كشخص وليس كسفير، مع مسؤولين ووزراء، حتى مع علماء وشخصيات دينية، مع النخب. حتى علاقاتي مع شرائح من الشعب. علاقاتي هذه كانت ولا زالت. أحيانا، كثير من الاخوة السوريين عندما يزورون الجمهورية الاسلامية، يزورونني في هذا المكتب (مكتبه في المجمع العالي لآل البيت بوسط طهران). كذلك الاخوة إذا طلبوا مني مساعدة خاصة او عملا خاصا، أنا جاهز إذ لم يتعارض مع عملي. أنا مؤمن ومقتنع بهذه العلاقة وسعيت لهذه العلاقة، وجاهدت في هذا الأمر، فأنا يهمني موضوع العلاقة السورية الايرانية، وما تتطلبه هذه العلاقة.
Powered by vBulletin® Version 4.2.5 Copyright © 2024 vBulletin Solutions, Inc. All rights reserved, TranZ by Almuhajir